السبت، 24 أغسطس 2019

الحافظ العلامة المحدث زين الدين عبد الرحمن بن أحمد ابن رجب

هو: الحافظ العلامة المحدث زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن رجب البغداديّ, ثم الدمشقيّ الحنبلي, ولد ببغداد سنة ست وثلاثين وسبعمائة.

مَهَرَ في فنون الحديث: أسماءً ورجالاً وعللاً وطُرُقاً واطِّلاعاً على معانيه.

ونُقمَ عليه إفتاؤه بمقالات شيخ الإسلام ابن تيميّة, وكان قد ترك الإفتاء بأخرة.

وكان صاحب عبادة وتهجّد, وكان لا يخالط أحداً, ولا يتردّد إلى أحد.

مشايخه:

شيخ الإسلام ابن تيمية, وسمع بالقاهرة من ابن الملوك, وبدمشق من محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن الخباز, وإبراهيم بن داود العطار, وغيرهما وبمصر من أبي الفتح الميدومي, وأبي الحرم القلانسي, وجمعٍ جمّ.

تلاميذه:

قال الحافظ ابن حجر: تخرَّج به غالب أصحابنا الحنابلة بدمشق.

ومنهم: محمد بن علي بن عبد الرحمن المقدسي الدمشقي الصالحي الحنبلي.

مصنّفاته:

له العديد من المصنّفات, منها:

"شرح حديث لبيك اللهم لبيك" .

"شرح حديث بعثت بالسيف بين يدي الساعة"، "شرح حديث عمار بن ياسر اللهم بعلمك الغيب"، "شرح حديث إن أغبط أوليائي عندي"، " التخويف من النار", "الاستخراج لأحكام الخراج"، "الاستغناء بالقرآن"، "استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس"، "أهوال القبور"، "التخويف من النار والتعريف بحال دار البوار"،  "تقرير القواعد وتحرير الفوائد"، "جامع العلوم والحكم في شرح أربعين حديثا من جوامع الكلم والحكم"، "الذيل على طبقات الحنابلة" "شرح الجامع الصحيح للترمذي" . "فتح الباري في شرح الجامع الصحيح للبخاري"  "الإلمام في فضائل بيت الله الحرام"، وغير ذلك.

ثناء العلماء عليه:

قال الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة: المحدّث الحافظ ".

وقال في ذيل تذكرة الحفاظ: الإمام الحافظ الحجة والفقيه العمدة أحد العلماء الزهاد والأئمة العباد مفيد المحدِّثين واعظ المسلمين".

وقال الشهاب ابن حجّي: أتقن في الحديث وصار أعرف أهل عصره بالعلل وتتبع الطرق، تخرّج به غالب اصحابنا الحنابلة ".

وقال السيوطي: هو الإمام الحافظ المحدث الفقيه ".

وفاته:

قال الحافظ في الدرر الكامنة:

" ومات في شهر رجب سنة 795، ويقال أنه جاء إلى شخص حفار فقال له احفر لي هنا لحداً وأشار إلى بقعة قال الحفار فحفرتُ له فنزل فيه فأعجبه واضطجع وقال: هذا جيد فمات بعد أيام فدفن فيه ". اهـ

ودفن بالباب الصغير جوار قبر الشيخ أبي الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي المقدسي.

مراجع الترجمة:

الدرر الكامنة لابن حجر, ذيل طبقات الحفاظ, إنباء الغمر بأبناء العمر لابن حجر.

هند بنت عتبة بطلة في الجاهلية والإسلام

- إنها هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس العبشمية القرشية .
- إحدى نساء العرب اللاتي كان لهم شهر عالية قبل الإسلام وبعده ، وهي أم الخليفة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما.
- كانت هند ذات صفات ترفع قدرها بين النساء من العرب ، ففيها فصاحة ، وجرأة ، وثقة ، وحزم ، ورأي. تقول الشعر وترسل الحكمة ، وكانت امرأة لها نفس وأنفة.
زوجها أبوها من الفاكهة بن المغيرة المخزومي ، فولدت له أباناً ، ثم تركته.
- وقالت لأبيها ذات يوم: إني امرأة قد ملكت أمري فلا تزوجني رجلاً حتى تعرضه علي. فقال لها: ذلك لك. ثم قال لها يوماً: إنه قد خطبك رجلان من قومك ، ولست مسمياً لك واحداً منهما حتى أصفه لك ، أما الأول : ففي الشرف والصميم ، والحسب الكريم ، تخالين به هوجاً من غفلته ، وذلك إسجاح من شيمته ، حسن الصحابة ، حسن الإجابة ، إن تابعته تابعك ، وإن ملت كان معك ، تقضين عليه في ماله ، وتكتفين برأيك في ضعفه ، وأما الآخر ففي الحسب الحسيب ، والرأي الأريب ، بدر أرومته ، وعز عشيرته ، يؤدب أهله ولا يؤدبونه ، إن اتبعوه أسهل بهم ، وإن جانبوه توعر بهم ، شديد الغيرة ، سريع الطيرة ، وشديد حجاب القبة ، إن جاع فغير منزور ، وإن نوزع فغير مقهور ، قد بينت لك حالهما.
قالت: أما الأول فسيد مضياع لكريمته، مؤات لها فيما عسى إن لم تعصم أن تلين بعد إبائها ، وتضيع تحت جفائها ، إن جاءت له بولد أحمقت ، وإن أنجبت فعن خطأ ما أنجبت. اطو ذكر هذا عني فلا تسمه لي ، وأما الآخر فبعل الحرة الكريمة : إني لأخلاق هذا لوامقة ، وإني له لموافقة ، وإني آخذة بأدب البعل مع لزومي قبتي ، وقلة تلفتي ، وإن السليل بيني وبينه لحري أن يكون المدافع عن حريم عشيرته ، والذائد عن كتيبتها ، المحامي عن حقيقتها ، الزائن لأرومتها ، غير مواكل ولا زميّل عند ضعضعة الحوادث ، فمن هو ؟ قال : ذاك أبو سفيان بن حرب ، قالت : فزوجه ولا تلقني إليه إلقاء المتسلس السلس ، ولا تمسه سوم المواطس الضرس ، استخر الله في السماء يخر لك بعلمه في القضاء.
- وتزوجت هند من أبي سفيان بن حرب ، وكانت تحرص دوماً على محامد الفعال ، كما كانت ذات طموح واسع ، ففي ذات يوم رآها بعض الناس ومعها ابنها معاوية ، فتوسموا فيه النبوغ ، فقالوا لها عنه : إن عاش ساد قومه. فلم يعجبها هذا المديح فقالت في إباء وتطلع واسع : ثكلته إن لم يسد إلا قومه.
- ولما كانت موقعة بدر الكبرى قتل في هذه العركة والد هند وعمها شيبة ، وأخوها الوليد بن عتبة ، فراحت ترثيهم مر الرثاء ، وفي عكاظ التقت مع الخنساء ، فسألتها من تبكين يا هند فأجابت :
أبكي عميد الأبطحين كليهما................... وحاميهما من كل باغ يريدها
أبي عتبة الخيرات ويحك فاعلمي.............. وشيبة والحامي الذمار وليدها
أولئك آل المجد من آل طالب ............. وفي العز منها حين ينمى عديدها
- وفي يوم أحد كان لهند بنت عتبة دورها العسكري البارز، فقد خرجت مع المشركين من قريش ، وكان يقودهم زوجها أبو سفيان ، وراحت هند تحرض القرشيين على القتال ، وتزعمت فئة من النساء ، فرحن يضر بن الدفوف ، وهي ترتجز :
نحن بنات طارق ........................................نمشي على النمارق
إن تقبلوا نعانق ...................................وإن تدبروا نفـــارق
وتردد قولها:
أيها بني عبد الدار....................................ويها حماة الأدبار
ضرباً بكل بتار
- وفي هذه المعركة كانت هند بنت عتبة قد حرضت وحشي بن حرب على قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ، حيث وعدته بالحرية وكان عبداً لها إن هو قتل حمزة ، فكانت تؤجج في صدره نيران العدوان ، وتقول له : إيه أبا دسمة ، اشف واشتف.
ولما قتل وحشي حمزة رضي الله عنه جاءت هند إلى حمزة وقد فارق الحياة ، فشقت بطنه ونزعت كبده ، ومضغتها ثم لفظتها وعلت صخرة مشرفة فصرخت بأعلى صوتها :
نحن جزيناكم بيوم بدر..........................والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لي من صبر..................... ولا أخــي وعـمــه وبكــري
شفيت نفسي وقضيت نذري...............................شفيت وحشي غليل صدري
فشكر وحشي على عمري ..............................حتى ترم أعظمي في قبري
- وبقيت هند على الشرك حتى شرح الله تعالى صدرها للإسلام يوم فتح مكة ، حيث شاءت إرادة الله تعالى أن تنقلب بطلة الجاهلية إلى بطلة في ظل الإسلام ، ففي عشية ليلة الفتح ، فتح مكة ، عاد أبو سفيان بن حرب من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلماً وهو يصيح : يا معشر قريش ألا إني قد أسلمت فأسلموا ، إن محمداً صلى الله عليه وسلم قد أتاكم بما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. فقامت إليه هند فأخذت بشاربه وهي تردد: بئس طليعة القوم أنت يا أهل مكة اقتلوا الحميت الدسم الأحمس ، قبح من طليعة قوم ، فقال أبو سفيان : ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم ، فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به ، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن. فقالوا: قاتلك الله ، وما تغني عنا دارك. قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.
- وفي اليوم الثاني لفتح مكة قالت هند لزوجها أبي سفيان: إنما أريد أن أتابع محمداً فخذني إليه. فقالت لها: قد رأيتك تكرهين هذا الحديث بالأمس. فقالت: إني والله لم أر أن الله قد عبد حق عبادته في هذا المسجد إلا في هذه الليلة ، والله إن باتوا إلا مصلين قياماً وركوعاً وسجوداً. فقال لها: فإنك قد فعلت ما فعلت ، فاذهبي برجل من قومك معك ، فذهبت إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه فذهب بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت وبايعت.
- وتمضي الأيام ، وتزداد هند المسلمة ثقافة إيمانية ، حيث اشتركت في الجهاد مع زوجها أبي سفيان في غزوة اليرموك الشهيرة ، وأبلت فيها بلاء حسناً ، وكانت تحرض المسلمين على قتال الروم فتقول : عاجلوهم بسيوفكم يا معشر المسلمين.
- وظلت هند بقية حياتها مسلمة مؤمنة مجاهدة حتى توفيت سنة أربع عشرة للهجرة. فرضي الله عنها وأرضاها ، وغفر لها ورحمها ، إنه على كل شيء قدير

القاضي عياض الإمام العلامة الحافظ الأوحد , شيخ الإسلام عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن مو

هو الإمام العلامة الحافظ الأوحد , شيخ الإسلام عياض بن موسى بن عياض بن عمرو بن موسى بن عياض اليحصبي الأندلسي، ثم السبتي المالكي.

ولد في سنة ست وسبعين وأربع مائة.

تحوَّل جدُّهم  من الأندلس إلى فاس، ثم سكن سبتة. رحل القاضي إلى الأندلس سنة بضع وخمس مائة, وأخذ عن بعض مشايخها, واستبحر من العلوم، وجمع وألف، وسارت بتصانيفه الركبان، واشتهر اسمه في الآفاق.

شيوخه:

لم يحمل القاضي العلم في الحداثة، وأول شيءٍ أخذ عن الحافظ أبي علي الغساني إجازة مجردة، وكان يمكنه السماع منه، فإنه لحق من حياته اثنين وعشرين عاماً.

أخذ الحديث عن القاضي أبي علي بن سكرة الصدفي، ولازمه، وعن أبي بحر بن العاص، ومحمد بن حمدين، وأبي الحسين سراج الصغير، وأبي محمد بن عتاب، وهشام بن أحمد، وعِدَّة. وتفقَّه بأبي عبد الله محمد بن عيسى التميمي، والقاضي محمد بن عبد الله المسيلي.

قال القاضي ابن خلكان: شيوخ القاضي يقاربون المئة.

تلاميذه:

الإمام عبد الله بن محمد الأشيري، وأبو جعفر بن القصير الغرناطي، والحافظ خلف بن بشكوال، وأبو محمد بن عبيد الله الحجري، ومحمد بن الحسن الجابري، وولدُهُ القاضي محمد بن عياض قاضي دانية.

ثناء العلماء عليه:

قال خلف بن بشكوال: هو من أهل العلم والتفنن والذكاء والفهم، استقضي بسبتة مدة طويلة حُمِدت سيرته فيها، ثم نقل عنها إلى قضاء غرناطة، فلم يطول بها، وقدم علينا قرطبة، فأخذنا عنه.

وقال الفقيه محمد بن حماده السبتي: جلس القاضي للمناظرة وله نحو من ثمان وعشرين سنة، وولي القضاء وله خمس وثلاثون سنة، كان هيِّناً من غير ضعف، صليباً في الحق، ولم يكن أحد بسبتة في عصرٍ أكثر تواليف من تواليفه.

وقال ابن خلّكان: إمام الحديث في وقته, وأعرف الناس بعلومه, وبالنحو , واللغة, وكلام العرب وأيامهم وأنسابهم.

مصنفاته:

الشفا في شرف المصطفى.

ترتيب المدارك وتقريب المسالك في ذكر فقهاء مذهب مالك.

كتاب " شرح حديث أم زرع ".

كتاب " جامع التاريخ " الذي أربى على جميع المؤلفات، جمع فيه أخبار ملوك الأندلس والمغرب، استوعب فيه أخبار سبتة وعلماءها.

كتاب "مشارق الأنوار في اقتفاء صحيح الآثار": "الموطأ" و "الصحيحين".

قال: ومن تصانيفه كتاب "إكمال المعلم بفوائد مسلم".

كتاب "التنبيهات" فيه فوائد وغرائب.

وله شعر حسن.

وفاته:

توفي القاضي مغرّباً عن وطنه -رحمه الله- في سنة أربع وأربعين وخمس مائة في رمضانها، وقيل: في جمادى الآخرة منها بمراكش.

وقال ولده القاضي محمد: توفي في ليلة الجمعة نصف الليلة التاسعة من جمادى الآخرة، ودفن بمراكش سنة أربع.

قال الذهبي: بلغني أنه قتل بالرماح لكونه أنكر عصمة ابن تومرت.

الخنساء

- (الخنساء) تماضر بنت عمرو بن الشريد بن رباح السلمية ، صحابية جليلة ، وشاعرة مشهورة ، قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم مع قومها بني سليم ، فأسلمت معهم.
- كانت الخنساء تقول البيتين أو الثلاثة حتى قتل أخوها شقيقها معاوية بن عمرو ، وقتل أخوها لأبيها صخر ، وكان أحبهما إليها لأنه كان حليماً جوداً محبوباً في العشيرة ، كان غزا بني أسد ، فطعنه أبو ثور الأسدي طعنه مرض منها حولاً ثم مات ، فلما قتل أخوها صخر قال ترثيه :
أعيني جودا ولا تجمدا.............................. ألا تبكيان لصخر الندى
ألا تبكيان الجريء الجميل .......................ألا تبكيان الفتى السيدا
طويل النجاد رفيع العماد ........................ ســاد عشيرتــه أمردا
إذا القوم مدوا بأيديهم .........................إلى المجد مد إليه يدا
فنال الذي فوق بأيديهم ......................... من المجد ثم مضى مصعدا
يحمله القوم ما عالهم............................ وإن كان أصغرهم مولدا
ترى المجد يهوي إلى بيته .................... يرى أفضل المجد أن يحمدا
وإن ذكر المجد ألفيته............................ تأزر بالمجد ثم ارتدى
وقالت في رثاء معاوية:
ألا لا أرى في الناس مثل معاوية............ إذا طرقت إحدى الليالي بداهية
بداهية يصغى الكلاب حسيسها..................... وتخرج من سر النجي علانية
وكان لزاز الحرب عند نشويها................إذا سمرت عن ساقها وهي ذاكية
وقواد خيل نحو أخرى كأنها.................... سعال وعقبان عليها زبانية
بلينا وما تبلى تعار وما ترى ................ على حدث الأيام إلا كما هيه
فأقسمت لا ينفعك دمعي وعولتي .................عليك بحزن ما دعا الله داعية
- لقد كانت شهرة الخنساء رضي الله عنها قد ذاعت وطار صيتها في كل مكان ، وخاصة من خلال مراثيها التي سارت بها الركبان .
- وهي إلى شاعريتها صاحبة شخصية قوية ، تتمتع بالفضائل والأخلاق العالية ، والرأي الحصيف ، والصبر والشجاعة .
- وإن موقفها يوم القادسية لدليل واضح على صبرها وشجاعتها ، فقد خرجت في هذه المعركة مع المسلمين ومعها أبناؤها الأربعة ، وهناك ، وقبل بدء القتال أوصتهم فقالت : يا بني لقد أسلمتم طائعين ، وهاجرتم مختارين ، ووالله الذي لا إله إلا هو إنكم بنو امرأة واحدة ، ما خنت أباكم ، ولا فضحت خالكم ..
إلى أن قالت : فإذا أصبحتم غداً إن شاء الله سالمين ، فاغدوا إلى قتال عدوكم مستبصرين ، وبالله على أعدائه مستنصرين ، فإذا رأيتم الحرب قد شمرت عن ساقها ، وجعلت ناراً على أوراقها ، فتيمموا وطيسها ، وجالدوا رئيسها عند احتدام خميسها ، تظفروا بالغنم والكرامة في دار الخلد والمقامة.
فلما أصبح أولادها الأربعة باشروا القتال واحداً بعد واحد حتى قتلوا ، وكل منهم أنشد قبل أن يستشهد رجزاً ، فأنشد الأول :
يا إخوتي إن العجوز الناصحة................ قد نصحتنا إذ دعتنا البارحة
بمقالة ذات بيان واضحة........................ وإنما تلقون عند الصابحة
من آل ساسان كلاباً نابحة
وأنشد الثاني :
إن العجوز ذات حزم وجلد...................... قد أمرتنا بالسداد والرشد
نصيحة منها وبراً بالولد................... فباكروا الحرب حماة في العدد
وأنشد الثالث :
والله لا نعصي العجوز حرفاً......................... نصحاً وبراً صادقاً ولطفاً
فبادروا الحرب الضروس زحفاً.......................حتى تلقوا آل كسرى لفا
وأنشد الرابع :
لست لخنساء ولا للأقرم......................... ولا لعمرو ذي النساء الأقدم
إن لم أراه في الجيش خنس الأعجمي................ ماض على الحول خضم خضرم
وبلغ الخنساء خير مقتل أبنائها الأربعة فقالت : (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم ، وأرجو من ربي أن يجمعني بهم في مستقر رحمته).
- وقفلت الخنساء عن ميدان القادسية وقد فتح الله تعالى على المسلمين. عادت إلى المدينة ، وعلم بها عمر رضي الله عنه فعزاها في أبنائها ، وكان يعطيها أرزاق أولادها الأربعة حتى قبض.
- ثم انصرفت إلى البادية ، إلى مضارب قومها بني سليم ، وقد أنهكتها الأيام والأعوام ، وما لبثت أن فارقت الحياة مع مطلع خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه.

خلافة هارون الرشيد

تولىهارون الرشيد الحكم من ربيع الأول 170هـ حتى جمادى الآخرة 194هـ، وعمره 25 سنة.

من مناقب هارون الرشيد
- كان هارون الرشيد كثير الصلاة.

- حج تسع مرات خلال فترة حكمه سنة 170هـ، 173هـ، 174هـ، 175هـ، 177هـ، 180هـ، 181هـ، 186هـ، 188هـ.

- وكان إذا حج حج معه من الفقهاء وأبنائهم جمع كبير، وإذا لم يحج يحج عنه ثلاثمائة رجل بالنفقة السابغة والكسوة الباهرة.

- ومما اشتهر عنه أنه كان يحج عامًا ويغزو عامًا.

قالالطبري: غزا سبع مرات، وجهز عشرين حملة للجهاد في البر والبحر.

أمير المؤمنين .. هارون الرشيدوفضائل الرشيد ومكارمه كثيرة جدًّا، وقدكان الفضيل بن عياض يقول: ليس موت أحد أعز علينا من موت الرشيد، لما أتخوف بعده من الحوادث، وإني لأدعو الله أن يزيد في عمره من عمري.

قالوا: فلما مات الرشيد وظهرت تلك الفتن والحوادث والاختلافات وظهر القول بخلق القرآن، فعرفنا ما كان تخوفه الفضيل من ذلك.

محنة البرامكة في عهد هارون الرشيد
لما جاءت الدعوة العباسية إلىخراسان، كانخالد بن برمك من أكبر دعاتها فاستوزرهأبو العباس السفاح..فما زال خالد بن برمك يتقلب في المناصب بحسن السيرة وكان ممدوح الولاية حتى مات سنة 163هـ.

وكان ابنهيحيى بن خالد بن برمك من أرفع الناس أدبًا وفضلاً ونبلاً، تولى المناصب منذ عام 158هـ، وكان محبوبًا وهو الذي ربى هارون الرشيد، الذي بدوره كان لا يناديه إلا بـ (يا أبي)، ويحيى هو الذي مكّن هارون من الخلافة على غير رغبة الهادي.

فلما تولى الرشيد الخلافة أمّر يحيى وزارته فكانت وزارة تفويض وقال له: (قلدتك أمر الرعية وأخرجته من حقي إليك، فاحكم في ذلك بما ترى من الصواب، واستعمل من رأيت، وأعزل من رأيت..).

في سنة 184هـ بايع الرشيد لابنهعبد الله المأمون بولاية العهد بعد أخيهمحمد الأمين وضمه إلىجعفر بن يحيى.

لقد كانت هذه الأسرة مقربة إلى الرشيد، تساعده في القيام بمهام الدولة خير قيام.

سماهم المؤرخون (زهرةالدولة العباسية كلها).. قادوا الجيوش، وسدوا الثغور، ودافعوا عن حياض الدولة.

ولكن لماذا أوقع بهم الرشيد، وما الذي غير قلبه عليهم؟!

الحقيقة في هذه المسألة غير أكيدة واختلف فيها المؤرخون، والأرجح أن هذه الأسرة الفاضلة قد بلغت من العز مبلغًا عظيمًا.. وهناك دائمًا الحاقدون وأصحاب القلوب المريضة الذين لا يحبون أن يروا الأمة مجتمعة إلى حين، ويغيظهم أن يصل غيرهم إلى تلك المنازل بجهد وبذل وتضحية وهم متفرجون، فيلجئون إلى الوشاية والوقيعة بحيلة ومكر.. لقد تغير قلب الرشيد تجاههم بفعل فاعل.

ولعل أرجح ما قيل في ذلك ما ذكره بعض المؤرخين أن سبب ذلك قيام جعفر بن يحيى بتهريب يحي بنعبد الله بن الحسن (أخوإدريس)[1] من سجن الرشيد سرًّا؛ لأنه تعاطف معه لأنه من نسلآل البيت. وقد اتهم البرامكة بالتشيع من قبل بعض المؤرخين، وبلغ الخبرالفضل بن الربيع[2] من عين كانت له حيث كان يتحين فرصة يؤلب بها الرشيد على البرامكة، فأخبر الرشيد فقال له الرشيد: (ما لك وهذا لا أم لك، فلعل ذلك عن أمري). فانكسر الفضل، فلما جاء جعفر (حبيب الرشيد) دعا بالغداء فأكلا وتحادثا إلى أن كان آخر ما دار بينهما أن قال الرشيد: ما فعل يحيى بن عبد الله؟

قال جعفر: بحاله يا أمير المؤمنين في الحبس والأكبال.

قال الرشيد: بحياتي؟

فأحجم جعفر وهجس في نفسه أنه قد علم بشيء من أمره.

فقال: لا وحياتك يا سيدي، ولكن أطلقته وعلمت أنه لا حياة به ولا مكروه عنده. فقال الرشيد: نعمّا فعلت ما عدوت ما كان في نفسي فلما خرج اتبعه بصره ثم قال: قتلني الله بسيف الهدى على عمل الضلالة إن لم أقتلك فكان من أمره ما كان.

كانت هذه الحادثة سببًا للوشاية بالبرامكة في أخص صفات الوزراء وهي الإخلاص لملوكهم، وذلك طعن مؤثر... ووقر في نفس الرشيد شيء من ذلك أن البرامكة يؤثرون مصلحة العلويين على مصلحته، وهذه التهمة أشد من تهمة الزندقة عندالمهدي وانفرط عقد الثقة بين الخليفة الرشيد والبرامكة وهم أحباؤه وخلصاؤه، فتحمست أمامه عيوبهم وجعلته يستريب فيهم لأدنى شبهة.

حتى كانت سنة 187هـ وفيها كان مهلك البرامكة على يدي الرشيد قتل جعفر بن يحيى بن خالد البرمكي بطريقة بشعة، ودمر ديارهم وذهب صغارهم وكبارهم.

ويبدو أن الرشيد قد ندم بعدها؛ فقد كان يقول: لعن الله من أغراني بالبرامكة، فما وجدت بعدهم لذة ولا رجاء، وددت والله أني شطرت نصف عمري وملكي، وأني تركتهم على حالهم.

حاله مع الروم
وفي عهد هارون الرشيد حكمالرومنقفور وقد بعث نقفور برسالة إلى الرشيد:

حدود حكم الروم من نقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب، أما بعد: فإن الملكة التي كانت قبلي[3] أقامتك مقام الرخ، وأقامت نفسها مكان البيدق، فحملت إليك من أموالها ما كنت حقيقيًّا بحمل أمثاله إليها، لكن ذلك ضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فاردد إلى ما حملته إليك من الأموال وافتد نفسك بما يقع به المصادرة لك، وإلا فالسيف بيننا وبينك.

فلما قرأ الرشيد الكتاب استفزه الغضب، فكتب على ظهر الكتاب الذي جاءه:

بسم الله الرحمن الرحيم من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون ما تسمعه.

فاجتاحت جيوش المسلمين بلاد الروم فاضطر نقفور إلى المسالمة علىخراج يؤديه، فمكث نقفور يؤدي جزية قدرها 300 ألف دينار سنويًّا إلى بيت مال المسلمين.

وعلى الجملة كانت قوة المسلمين في عهد الرشيد ظاهرة ظهورًا بينًا على الروم؛ لأن الرشيد كان يغزو ومعه عظماء القواد.

دولة الأدارسة وأثرها على هارون الرشيد
دولة الأدارسة وأثرها على الرشيدوفي عهده قامتدولة الأدارسة سنة 172هـ بالمغرب ومؤسسها هو: إدريس بن عبد الله بن الحسن الذي فر منوقعة الفخ أيام الهادي فأقام دولته فيبلاد المغرب الأقصى، وهي أول دولةللعلويين.. وكان هارون في بداية خلافته يحسن إلى العلويين ولكنه بعد هذه الحادثة خافهم، وعاقب من مال إليهم أشد العقوبات.

وفاة هارون الرشيد
وقد رأى رؤيا فيها موته وصدقها الواقع.. رأى كفًّا به تربة حمراء وقائل يقول: هذه تربة أمير المؤمنين، فلما سار يريدخراسان مَرّ بـ (طوس) فمرض بها، فقال لخادمه: ائتني بشيء من تربة هذه الأرض. فجاءه بتربة حمراء في يده، فلما رآها قال: والله هذه الكف التي رأيت، والتربة التي كانت فيها! فأمر بحفر قبره في حياته، وأن تُقرأ فيه ختمة للقرآن تامة، وحُمِل حتى نظر إلى قبره فجعل يقول: إلى هنا تصير يا ابن آدم! وبكى، ثم قبض بعد ثلاث ليال.

الرخاء في عهد هارون الرشيد
كان هارون الرشيد ينظر إلى السحابة المارة ويقول: (أمطري حيث شئت؛ فسيأتيني خراجك). وقد بلغت إيرادات الدولة العباسية في عهده (70 مليون و150 ألف دينار)، وقد زادت في عصر المأمون عن ذلك بكثير.

وفي عهده قامتدولة الأغالبة سنة 184هـ.

[1] مؤسس دولة الأدارسة.
[2] الفضل بن الربيع: أبوه الربيع بن يونس كان الرشيد مقتنعًا بقدراته ولكن أمه واسمها الخيزران كانت تمنعه أن يوليه شيئًا حتى ماتت سنة 174هـ، فجعل له الرشيد ولاية وكان يكره يحيى بن عبد الله بن الحسن، وكان دائمًا ما يعمل على تحذير الرشيد من أنه سيدعو إلى نفسه إذا سنحت له الفرصة.

 [3] ملكة الروم هي أغسطه، وقد عزلها الروم واختاروا مكانها نقفور.

ام حبيبة أم المؤمنين رضي الله عنها

ام حبيبة أم المؤمنين
السيدة المحجبة رملة بنت أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بنعبد شمس بن عبد مناف بن قصي .

مسندها خمسة وستون حديثا . واتفق لها البخاري ومسلم على حديثين ، وتفرد مسلم بحديثين .

وهي من بنات عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، ليس في أزواجه من هي أقرب نسبا إليه منها ، ولا في نسائه من هي أكثر صداقا منها ، ولا من تزوج بها وهي نائية الدار أبعد منها .

عقد له صلى الله عليه وسلم عليها بالحبشة ، وأصدقها عنه صاحب الحبشة أربع مائة دينار ، وجهزها بأشياء .

روت عدة أحاديث .

حدث عنها ، أخواها : الخليفة معاوية ، وعنبسة ، وابن أخيها عبد الله بن عتبة بن أبي سفيان ، وعروة بن الزبير ، وأبو صالح السمان ، وصفية بنت شيبة ، وزينب بنت أبي سلمة ، وشتير بن شكل ، وأبو المليح عامر الهذلي . وآخرون .وقدمت دمشق زائرة أخاها .

ويقال : قبرها بدمشق . وهذا لا شيء ، بل قبرها بالمدينة . وإنما التي بمقبرة باب الصغير : أم سلمة أسماء بنت يزيد الأنصارية .

قال ابن سعد : ولد أبو سفيان : حنظلة ، المقتول يوم بدر ؛ وأم حبيبة ، توفي عنها زوجها الذي هاجر بها إلى الحبشة : عبيد الله بن جحش بن رياب الأسدي ، مرتدا متنصرا .

عقد عليها للنبي صلى الله عليه وسلم بالحبشة سنة ست ، وكان الولي عثمان بن عفان . كذا قال .

وعن عثمان الأخنسي : أن أم حبيبة ولدت حبيبة بمكة ، قبل هجرة الحبشة .

وعن أبي جعفر الباقر : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن أمية إلى النجاشي يخطب عليه أم حبيبة ، فأصدقها من عنده أربعمائة دينار.

وعن عبد الله بن أبي بكر بن حزم ، وآخر ، قالا : كان الذي زوجها ، وخطب إليه النجاشي : خالد بن سعيد بن العاص بن أمية ، فكان لها يوم قدم بها المدينة بضع وثلاثون سنة .

معمر ، عن الزهري ، عن عروة ، عن أم حبيبة : أنها كانت تحت عبيد  الله ، وأن رسول الله تزوجها بالحبشة ، زوجها إياهالنجاشي ، ومهرها أربعة آلاف درهم ؛ وبعث بها مع شرحبيل بن حسنة ، وجهازها كله من عند النجاشي .

ابن لهيعة ، عن الأسود ، عن عروة ، قال : أنكحه إياها بالحبشة عثمان .

ابن سعد : أخبرنا الواقدي : أخبرنا عبد الله بن عمرو بن زهير ، عن إسماعيل بن عمرو بن سعيد ، قال : قالت أم حبيبة : رأيت في النوم عبيد اللهزوجي بأسوأ صورة وأشوهها ؛ ففزعت وقلت : تغيرت والله حاله ! فإذا هو يقول حيث أصبح : إني نظرت في الدين ، فلم أر دينا خيرا من النصرانية ، وكنت قد دنت بها ، ثم دخلت في دين محمد ، وقد رجعت ، فأخبرته بالرؤيا ، فلم يحفل بها ؛ وأكب على الخمر ، قالت : فأريت قائلا يقول : يا أم المؤمنين ، ففزعت ؛ فأولتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتزوجني . وذكرت القصة بطولها ، وهي منكرة . حسين بن واقد ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت قال : نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة .

إسناده صالح ، وسياق الآيات دال عليه .

وقيل : إن أم حبيبة لما جاء أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليؤكد عقد الهدنة ، دخل عليها ، فمنعته أن يجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لمكان الشرك .

وأما ما ورد من طلب أبي سفيان من النبي صلى الله عليه وسلم أن يزوجه بأم حبيبة ، فما صح . ولكن الحديث في مسلم . وحمله الشارحون على التماس تجديد العقد .

وقيل : بل طلب منه أن يزوجه بابنته الأخرى ، واسمها عزة فوهم راوي الحديث ، وقال : أم حبيبة .

وقد كان لأم حبيبة حرمة وجلالة ، ولا سيما في دولة أخيها ؛ ولمكانه منها قيل له : خال المؤمنين .

قال الواقدي ، وأبو عبيد ، والفسوي : ماتت أم حبيبة سنة أربع وأربعين وقال المفضل الغلابي : سنة اثنتين وأربعين .

وشذ أحمد بن زهير ، فقال : توفيت قبل معاوية بسنة .

الواقدي : أخبرنا عبد الله بن جعفر ، عن عبد الواحد بن أبي عون ، قال : لما بلغ أبا سفيان نكاح النبي صلى الله عليه وسلم ابنته ، قال : ذاك الفحل ، لا يقرع أنفه

الواقدي : حدثنا محمد بن عبد الله ، عن الزهري ، قال : لما قدم أبو سفيان المدينة ، والنبي صلى الله عليه وسلم يريد غزو مكة ، فكلمه في أن يزيد في الهدنة ، فلم يقبل عليه ، فقام فدخل على ابنته أم حبيبة ، فلما ذهب ليجلس على فراش النبي صلى الله عليه وسلم ، طوته دونه ، فقال : يا بنية ، أرغبت بهذا الفراش عني ، أم بي عنه ؟ قالت : بل هو فراش رسول الله ، وأنت امرؤ نجس مشرك ، فقال : يا بنية ، لقد أصابك بعدي شر .

قال عطاء : أخبرني ابن شوال : أن أم حبيبة أخبرته : أن رسول الله أمرها أن تنفر من جمع بليل .

الواقدي : حدثني أبو بكر بن أبي سبرة ، عن عبد المجيد بن سهيل ، عن عوف بن الحارث : سمعت عائشة تقول : دعتني أم حبيبة عند موتها ، فقالت : قد كان يكون بيننا ما يكون بين الضرائر ، فغفر الله لي ولك ما كان من ذلك ، فقلت : غفر الله لك ذلك كله وحللك من ذلك ، فقالت : سررتني سرك الله ، وأرسلت إلى أم سلمة ، فقالت لها مثل ذلك .

الحسن البصري


لحسن البصري ( 4 )

هو الحسن بن أبي الحسن يسار ، أبو سعيد ، مولى زيد بن ثابت الأنصاري ، ويقال مولى أبي اليسر كعب بن عمرو السلمي ، قالهعبد السلام أبى مطهر ، عن غاضرة بن قرهد العوفي ، ثم قال : وكانت أم الحسن مولاة لأم سلمة أم المؤمنين المخزومية ، ويقال : كان مولىجميل بن قطبة .

ويسار أبوه من سبي ميسان سكن المدينة وأعتق ، وتزوج بها في خلافة عمر ، فولد له بها الحسن - رحمة الله عليه - لسنتين بقيتا من خلافةعمر واسم أمه خيرة ، ثم نشأ الحسن بوادي القرى ، وحضر الجمعة مع عثمان ، وسمعه يخطب ، وشهد يوم الدار وله يومئذ أربع عشرة سنة .

قال حجاج بن نصير : سبيت أم الحسن البصري من ميسان وهي حامل به ، وولدته بالمدينة .

وقال سويد بن سعيد : حدثني أبو كرب ، قال : كان الحسن وابن سيرين موليين لعبد الله بن رواحة ، وقدما البصرة مع أنس .

قلت : القولان شاذان .

قال محمد بن سلام : حدثنا أبو عمرو الشعاب بإسناد له ، قال : كانت أم سلمة تبعث أم الحسن في الحاجة ، فيبكي وهو طفل ، فتسكته أم سلمةبثديها وتخرجه إلى أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو صغير ، وكانت أمه منقطعة إليها ، فكانوا يدعون له ، فأخرجته إلى عمر فدعا له ، وقال : اللهم فقهه في الدين وحببه إلى الناس .

قلت : إسنادها مرسل .

يونس ، عن الحسن ، عن أمه ، أنها كانت ترضع لأم سلمة .

قال المدائني : قال الحسن : كان أبي وأمي لرجل من بني النجار ، فتزوج امرأة من بني سلمة ، فساق أبي وأمي في مهرها فأعتقتنا السلمية .

يونس ، عن الحسن ، قال لي الحجاج : ما أمدك يا حسن ؟ قلت : سنتان من خلافة عمر

وكان سيد أهل زمانه علما وعملا . قال معتمر بن سليمان : كان أبي يقول : الحسن شيخ أهل البصرة .

وروي أن ثدي أم سلمة در عليه ورضعها غير مرة .

رأى عثمان ، وطلحة ، والكبار .

وروى عن عمران بن حصين ، والمغيرة بن شعبة ، وعبد الرحمن بن سمرة ، وسمرة بن جندب ، وأبي بكرة الثقفي ، والنعمان بن بشير ، وجابر، وجندب البجلي ، وابن عباس ، وعمرو بن تغلب ، ومعقل بن يسار ، والأسود بن سريع ، وأنس ، وخلق من الصحابة .

وقرأ القرآن على حطان بن عبد الله الرقاشي ، وروى عن خلق من التابعين .

وعنه أيوب وشيبان النحوي ، ويونس بن عبيد ، وابن عون ، وحميد الطويل ، وثابت البناني ، ومالك بن دينار ، وهشام بن حسان، وجرير بن حازم ، والربيع بن صبيح ، ويزيد بن إبراهيم التستري ، ومبارك بن فضالة ، وأبان بن يزيد العطار ، وقرة بن خالد ، وحزم القطعي ،وسلام بن مسكين ، وشميط بن عجلان ، وصالح أبو عامر الخزاز ، وعباد بن راشد ، وأبو حريز عبد الله بن حسين قاضي سجستان ، ومعاوية بن عبد الكريم الضال وواصل أبو حرة الرقاشي ، وهشام بن زياد ، وشبيب بن شيبة ، وأشعث بن براز ، وأشعث بن جابر الحداني ، وأشعث بن عبد الملك الحمراني ، وأشعث بن سوار ، وأبو الأشهب ، وأمم سواهم .

وقد روى بالإرسال عن طائفة : كعلي ، وأم سلمة ولم يسمع منهما ، ولا من أبي موسى ، ولا من ابن سريع ، ولا من عبد الله بن عمرو ، ولا من عمرو بن تغلب ، ولا من عمران ، ولا من أبي برزة ، ولا من أسامة بن زيد ، ولا من ابن عباس ، ولا من عقبة بن عامر ولا من أبي ثعلبة، ولا من أبي بكرة ، ولا من أبي هريرة ، ولا من جابر ، ولا من أبي سعيد . قاله يحيى بن معين .

وقال البخاري : لم يعرف للحسن سماع من دغفل .

وقال غيره : لم يسمع من سلمة بن المحبق ، ولا من العباس ، ولا من أبي .

قال يعقوب بن شيبة : قلت لابن المديني : يقال عن الحسن : أخذت  بحجزة سبعين بدريا ، فقال : هذا باطل ، أحصيت أهل بدر الذين يروى عنهم فلم يبلغوا خمسين ، منهم من المهاجرين أربعة وعشرون .

وقال شعيب بن الحبحاب ، عنه : رأيت عثمان يصب عليه من إبريق .

وقال يحيى القطان : أحاديثه عن سمرة ، سمعنا أنها كتاب .

قلت : قد صح سماعه في حديث العقيقة وفي حديث النهي عن المثلة من سمرة .

وقال قتادة : ما شافه الحسن بدريا بحديث .

قال يحيى القطان في أحاديث سمرة رواية الحسن : سمعنا أنها من كتاب معن القزاز .

حدثنا محمد بن عمرو : سمعت الحسن يقول : سمعت أبا هريرة يقول : الوضوء مما غيرت النار . فقال الحسن : لا أدعه أبدا .

مسلم : حدثنا أبو هلال ، سمعت الحسن يقول : كان موسى نبي الله - عليه السلام - لا يغتسل إلا مستترا . فقال له ابن بريدة :ممن سمعت هذا ؟ قال : من أبي هريرة .

قال يونس وعلي بن جدعان : لم يسمع الحسن من أبي هريرة .

همام ، عن قتادة ، عن الحسن : سمعت عثمان - رضي الله عنه - يقول في خطبته ، أراه قال : اقتلوا الكلاب والحمام .

شعيب بن الحبحاب ، عن الحسن : شهدت عثمان جمعا تباعا يأمر بذبح الحمام وقتل الكلاب .

عفان : حدثنا مبارك بن فضالة ، وآخر عن الحسن بمثله .

بهز بن أسد : حدثنا عبد الواحد بن زياد ، عن يونس ، عن الحسن ، قال : رأيت عثمان نائما في المسجد ، حتى جاءه المؤذن فقام ، فرأيت أثر الحصى على جنبه .

حماد بن زيد ، عن أيوب : سمعت الحسن يقول : خرج علينا عثمان ، فكان بينهم تخليط ، فتراموا بالحصباء .

وعن أبي موسى ، عن الحسن ، قال : شهدت عثمان يوم الجمعة قام يخطب ، فقام إليه رجل فقال : أنشدك كتاب الله . فقال عثمان : اجلس ، أما لكتاب الله منشد غيرك ! قال : فجلس ثم قام ، أو قام رجل غيره فقال مثل مقالته ، فقال له : اجلس ، أما لكتاب الله منشد غيرك ، فأبى أن يجلس ، فبعث إليه الشرط ليجلسوه ، فقام الناس فحالوا بينهم وبينه ، ثم تراموا بالبطحاء حتى يقول القائل : ما أكاد أرى السماء من البطحاء ، [ ص: 569 ] فنزل عن منبره ودخل داره ، ولم يصل الجمعة يومئذ .

مسلم : حدثنا أبو عقيل ، حدثنا الحسن ، قال : خرج عثمان فقام يخطب ، فذكر بعض حديث أبي موسى .

سليم بن أخضر ، عن ابن عون : أنبأنا الحسن ، قال : كان عثمان يوما يخطب ، فقام رجل فقال : إنا نسألك كتاب الله . ثم ذكر نحوه ، فحصبوه ، فحصبوا الذين حصبوه ، ثم تحاصب القوم والله ، فأنزل الشيخ يهادى بين رجلين ، ما كاد أن يقيم عنقه حتى أدخل الدار ، فقال : لو جئتم بأم المؤمنين عسى أن يكفوا عنه . قال : فجاءوا بأم حبيبة بنت أبي سفيان ، فنظرت إليها وهي على بغلة بيضاء في محفة فلما جاءوا بها إلى الدار ، صرفوا وجه البغلة حتى ردوها .

حريث بن السائب : حدثنا الحسن ، قال : كنت أدخل بيوت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خلافة عثمان أتناول سقفها بيدي وأنا غلام محتلم يومئذ .

ضمرة ، عن ابن شوذب ، قال : قال الحسن : كنت يوم قتل عثمان ابن أربع عشرة سنة ، ثم قال الحسن : لولا النسيان كان العلم كثيرا .

حماد بن زيد ، عن أيوب ، عن الحسن ، قال : دخلت على عثمان بن أبي العاص .

جرير بن حازم : حدثنا الحسن ، حدثنا عمرو بن تغلب مرفوعا : تقاتلون قوما ينتعلون الشعر .

أخبرنا عبد الحافظ بن بدران ، ويوسف بن أحمد ، قالا : أنبأنا  موسى بن عبد القادر ، أنبأنا سعيد بن البناء ، أنبأنا أبو القاسم بن البسري ، أنبأنا أبو طاهر المخلص حدثنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا مبارك بن فضالة ، حدثنا الحسن ، عن أنس بن مالك ، قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخطب يوم الجمعة إلى جنب خشبة ، يسند ظهره إليها ; فلما كثر الناس ، قال : ابنوا لي منبرا له عتبتان . فلما قام على المنبر يخطب حنت الخشبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : وأنا في المسجد ، فسمعت الخشبة تحن حنين الواله ، فما زالت تحن حتى نزل إليها ، فاحتضنها فسكنت .

وكان الحسن إذا حدث بهذا الحديث بكى ، ثم قال : يا عباد الله ، الخشبة تحن إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شوقا إليه ، فأنتم أحق أن تشتاقوا إلى لقائه .

هذا حديث حسن غريب ما وقع لي من رواية الحسن أعلى منه سوى حديث آخر سأسوقه .

أخبرنا أحمد بن إسحاق الهمذاني ، أنبأنا الفتح بن عبد الله بن محمد الكاتب ، أنبأنا الأرموي ومحمد الطرائفي ، وأبو غالب بن الداية ، قالوا : أنبأناأبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري ، أنبأنا جعفر بن محمد الفريابي ، حدثنا شيبان بن فروخ ، حدثنا مبارك بن فضالة ، حدثنا الحسن في هذه الآية : أفرأيت من اتخذ إلهه هواه .  قال : هو المنافق لا يهوى شيئا إلا ركبه .

أخبرنا محمد بن عبد الوهاب بن الحباب الكاتب ، أنبأنا علي بن مختار ، أنبأنا أبو طاهر السلفي ، أنبأنا القاسم بن الفضل ، وأنبأنا إسماعيل بن الفراء ، أنبأنا أبو محمد بن قدامة ، أخبرتنا شهدة الإبرية وتجني الوهبانية قالتا : أخبرنا طراد الزينبي قال : حدثنا هلال بن محمد الحفار ، أنبأناالحسين بن يحيى القطان ، حدثنا أبو الأشعث ، حدثنا حزم القطعي ، سمعت الحسن يقول : بلغنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : رحم الله عبدا تكلم فغنم ، أو سكت فسلم .

وبه ، حدثنا حزم ، قال : رأيت الحسن قدم مكة فقام خلف المقام فصلى ، فجاء عطاء وطاوس ومجاهد ، وعمرو بن شعيب ، فجلسوا إليه .

هذا أعلى ما يقع لنا عن الحسن البصري رحمه الله .

قال أحمد بن أبي خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول : لم يسمع الحسن من أبي هريرة . قيل له : ففي بعض الحديث : حدثنا أبو هريرة . قال : ليس بشيء .

موسى بن إسماعيل : حدثنا ربيعة بن كلثوم ، عن الحسن ، قال : نبأنا أبو هريرة ، قال : عهد إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا : الغسل يوم الجمعة ، والوتر قبل أن أنام ، وصيام ثلاثة من كل شهر ربيعة صدوق ، خرج له مسلم .

 الوليد بن مسلم ، عن سالم الخياط : سمعت الحسن وابن سيرين يقولان : سمعنا أبا هريرة ، فذكر حديثا .

سالم واه ، والحسن مع جلالته فهو مدلس ، ومراسيله ليست بذاك ، ولم يطلب الحديث في صباه ، وكان كثير الجهاد ، وصار كاتبا لأمير خراسانالربيع بن زياد .

وقال سليمان التيمي : كان الحسن يغزو ، وكان مفتي البصرة جابر بن زيد أبو الشعثاء ، ثم جاء الحسن فكان يفتي .

قال محمد بن سعد كان الحسن - رحمه الله - جامعا ، عالما ، رفيعا ، فقيها ، ثقة ، حجة ، مأمونا ، عابدا ، ناسكا ، كثير العلم ، فصيحا ، جميلا ، وسيما . وما أرسله فليس بحجة .

الأصمعي عن أبيه ، قال : ما رأيت زندا أعرض من زند الحسن البصري ، كان عرضه شبرا .

قلت : كان رجلا تام الشكل ، مليح الصورة بهيا ، وكان من الشجعان الموصوفين .

ضمرة بن ربيعة ، عن الأصبغ بن زيد : سمع العوام بن حوشب ، قال : ما أشبه الحسن إلا بنبي .

وعن أبي بردة ، قال : ما رأيت أحدا أشبه بأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - منه .

 حميد بن هلال : قال لنا أبو قتادة : الزموا هذا الشيخ ; فما رأيت أحدا أشبه رأيا بعمر منه - يعني الحسن .

وعن أنس بن مالك ، قال : سلوا الحسن ; فإنه حفظ ونسينا .

وقال مطر الوراق : لما ظهر الحسن جاء كأنما كان في الآخرة ، فهو يخبر عما عاين .

مجالد ، عن الشعبي قال : ما رأيت الذي كان أسود من الحسن .

عن أمة الحكم ، قالت : كان الحسن يجيء إلى حطان الرقاشي ، فما رأيت شابا قط كان أحسن وجها منه .

وعن جرثومة قال : رأيت الحسن يصفر لحيته في كل جمعة .

أبو هلال : رأيت الحسن يغير بالصفرة .

وقال عارم : حدثنا حماد بن سلمة ، قال : رأيت الحسن يصفر لحيته .

وقال قتادة : ما جمعت علم الحسن إلى أحد من العلماء إلا وجدت له فضلا عليه ، غير أنه إذا أشكل عليه شيء ، كتب فيه إلى سعيد بن المسيبيسأله ، وما جالست فقيها قط إلا رأيت فضل الحسن .

قال أيوب السختياني : كان الرجل يجلس إلى الحسن ثلاث حجج ما يسأله عن المسألة هيبة له .

وقال معاذ بن معاذ : قلت للأشعث : قد لقيت عطاء وعندك مسائل ، أفلا سألته ؟ ! قال : ما لقيت أحدا بعد الحسن إلا صغر في عيني .

وقال أبو هلال : كنت عند قتادة ، فجاء الخبر . بموت الحسن ، فقلت :لقد كان غمس في العلم غمسة . قال قتادة : بل نبت فيه وتحقبه وتشربه ، والله لا يبغضه إلا حروري .

محمد بن سلام الجمحي ، عن همام ، عن قتادة ، قال : يقال : ما خلت الأرض قط من سبعة رهط ، بهم يسقون ، وبهم يدفع عنهم ، وإني لأرجو أن يكون الحسن أحد السبعة .

قال قتادة : ما كان أحد أكمل مروءة من الحسن .

وقال حميد ويونس : ما رأينا أحدا أكمل مروءة من الحسن .

وعن علي بن زيد ، قال : سمعت من ابن المسيب ، وعروة ، والقاسم وغيرهم ، ما رأيت مثل الحسن ، ولو أدرك الصحابة وله مثل أسنانهم ما تقدموه .

حماد بن زيد ، عن حجاج بن أرطاة : سألت عطاء . عن القراءة على الجنازة ; قال : ما سمعنا ولا علمنا أنه يقرأ عليها . قلت : إن الحسن يقول : يقرأ عليها . قال عطاء : عليك بذاك ، ذاك إمام ضخم يقتدى به .

وقال يونس بن عبيد : أما أنا فإني لم أر أحدا أقرب قولا من فعل من الحسن .

أبو جعفر الرازي ، عن الربيع بن أنس ، قال : اختلفت إلى الحسن  عشر سنين أو ما شاء الله ، فليس من يوم إلا أسمع منه ما لم أسمع قبل ذلك .

مسلم بن إبراهيم : حدثنا سلام بن مسكين : رأيت على الحسن قباء مثل الذهب يتألق .

وقال ابن علية : عن يونس : كان الحسن يلبس في الشتاء قباء حبرة ، وطيلسانا كرديا ، وعمامة سوداء ، وفي الصيف إزار كتان ، وقميصا وبردا حبرة .

وروى حوشب ، عن الحسن ، قال : المؤمن يداري دينه بالثياب .

يونس ، عن الحسن ، أنه كان من رءوس العلماء في الفتن والدماء والفروج .

وقال عوف : ما رأيت رجلا أعلم بطريق الجنة من الحسن .

حماد بن زيد ، عن يزيد بن حازم ، قال : قام الحسن من الجامع ، فاتبعه ناس ، فالتفت إليهم وقال : إن خفق النعال حول الرجال قلما يلبث الحمقى .

وروى حوشب عن الحسن ، قال : يا ابن آدم ، والله إن قرأت القرآن ثم آمنت به ، ليطولن في الدنيا حزنك ، وليشتدن في الدنيا خوفك ، وليكثرن في الدنيا بكاؤك .

وقال إبراهيم بن عيسى اليشكري : ما رأيت أحدا أطول حزنا من الحسن ; ما رأيته إلا حسبته حديث عهد بمصيبة .

 الثوري ، عن عمران القصير ، قال : سألت الحسن عن شيء قلت : إن الفقهاء يقولون كذا وكذا . فقال : وهل رأيت فقيها بعينك ؟ ! إنما الفقيه الزاهد في الدنيا ، البصير بدينه ، المداوم على عبادة ربه .

عبد الصمد بن عبد الوارث : حدثنا محمد بن ذكوان ، حدثنا خالد بن صفوان ، قال : لقيت مسلمة بن عبد الملك فقال : يا خالد ، أخبرني عن حسنأهل البصرة ؟ قلت : أصلحك الله ، أخبرك عنه بعلم ، أنا جاره إلى جنبه ، وجليسه في مجلسه ، وأعلم من قبلي به : أشبه الناس سريرة بعلانية ، وأشبهه قولا بفعل ، إن قعد على أمر قام به ، وإن قام على أمر قعد عليه ، وإن أمر بأمر كان أعمل الناس به ، وإن نهى عن شيء كان أترك الناس له ، رأيته مستغنيا عن الناس ، ورأيت الناس محتاجين إليه ، قال : حسبك ، كيف يضل قوم هذا فيهم .

هشام بن حسان : سمعت الحسن يحلف بالله ، ما أعز أحد الدرهم إلا أذله الله .

وقال حزم بن أبي حزم : سمعت الحسن يقول : بئس الرفيقان ، الدينار والدرهم ; لا ينفعانك حتى يفارقاك .

وقال أبو زرعة الرازي : كل شيء قال الحسن : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجدت له أصلا ثابتا ما خلا أربعة أحاديث .

 روح بن عبادة : حدثنا حجاج الأسود ، قال : تمنى رجل فقال : ليتني بزهد الحسن ، وورع ابن سيرين ، وعبادة عامر بن عبد قيس، وفقه سعيد بن المسيب ، وذكر مطرف بن الشخير بشيء . قال : فنظروا في ذلك ، فوجدوه كله كاملا في الحسن .

عيسى بن يونس ، عن الفضيل أبي محمد : سمعت الحسن يقول : أنا يوم الدار ابن أربع عشرة سنة ، جمعت القرآن ، أنظر إلى طلحة بن عبيد الله . الفضيل : لا يعرف .

يعقوب الفسوي : سمعت أبا سلمة التبوذكي يقول : حفظت عن الحسن ثمانية آلاف مسألة .

وقال حماد بن سلمة : أنبأنا علي بن زيد ، قال : رأيت سعيد بن المسيب ، وعروة ، والقاسم في آخرين ; ما رأيت مثل الحسن .

وقال جرير بن حازم ، عن حميد بن هلال ، قال لنا أبو قتادة : ما رأيت أحدا أشبه رأيا بعمر بن الخطاب منه - يعني الحسن .

ابن المبارك ، عن معمر ، عن قتادة ، قال : دخلنا على الحسن وهو نائم ، وعند رأسه سلة ، فجذبناها فإذا خبز وفاكهة ، فجعلنا نأكل ، فانتبه فرآنا ، فسره ، فتبسم وهو يقرأ : أو صديقكم لا جناح عليكم .

حماد بن زيد : سمعت أيوب يقول : كان الحسن يتكلم بكلام كأنه الدر ، فتكلم قوم من بعده بكلام يخرج من أفواههم كأنه القيء .

وقال السري بن يحيى : كان الحسن يصوم البيض ، وأشهر الحرم ، والاثنين والخميس .

يونس بن عبيد ، عن الحسن ، قال : كنا نعاري أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

غالب القطان ، عن بكر بن عبد الله المزني ، قال : من سره أن ينظر إلى أفقه من رأينا ، فلينظر إلى الحسن .

وقال قتادة : كان الحسن من أعلم الناس بالحلال والحرام .

روى أبو عبيد الآجري ، عن أبي داود ، قال : لم يحج الحسن إلا حجتين ، وكان يكون بخراسان ! وكان يرافق مثل قطري بن الفجاءة ، والمهلب بن أبي صفرة ، وكان من الشجعان .

قال هشام بن حسان : كان الحسن أشجع أهل زمانه .

وقال أبو عمرو بن العلاء : ما رأيت أفصح من الحسن والحجاج .

فضيل بن عياض ، عن رجل ، عن الحسن ، قال : ما حليت الجنة لأمة ما حليت لهذه الأمة ، ثم لا ترى لها عاشقا .

أبو عبيدة الناجي ، عن الحسن ، قال : ابن آدم ، ترك الخطيئة أهون عليك من معالجة التوبة ; ما يؤمنك أن تكون أصبت كبيرة أغلق دونها باب التوبة فأنت في غير معمل .

 سلام بن مسكين ، عن الحسن ، قال : أهينوا الدنيا ; فوالله لأهنأ ما تكون إذا أهنتها .

وقال جعفر بن سليمان : كان الحسن من أشد الناس ، وكان المهلب إذا قاتل المشركين يقدمه .

وقال أبو سعيد بن الأعرابي في " طبقات النساك " : كان عامة من ذكرنا من النساك يأتون الحسن ، ويسمعون كلامه ، ويذعنون له بالفقه ، في هذه المعاني خاصة .

وكان عمرو بن عبيد ، وعبد الواحد بن زيد من الملازمين له ، وكان له مجلس خاص في منزله ، لا يكاد يتكلم فيه إلا في معاني الزهد والنسك وعلوم الباطن ، فإن سأله إنسان غيرها ، تبرم به وقال : إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر .

فأما حلقته في المسجد فكان يمر فيها الحديث ، والفقه ، وعلم القرآن ، واللغة ، وسائر العلوم ; وكان ربما يسأل عن التصوف فيجيب ، وكان منهم من يصحبه للحديث ، ومنهم من يصحبه للقرآن والبيان ، ومنهم من يصحبه للبلاغة ، ومنهم من يصحبه للإخلاص وعلم الخصوص ، كعمرو بن عبيد وأبي جهير ، وعبد الواحد بن زيد ، وصالح المري ، وشميط ، وأبي عبيدة الناجي ; وكل واحد من هؤلاء اشتهر بحال - يعني في العبادة .

حماد بن زيد ، عن أيوب ، قال : كذب على الحسن ضربان من الناس : قوم القدر رأيهم لينفقوه في الناس بالحسن ، وقوم في صدورهم شنآن وبغض للحسن . وأنا نازلته غير مرة في القدر حتى خوفته بالسلطان ، فقال : لا أعود فيه بعد اليوم . فلا أعلم أحدا يستطيع أن يعيب الحسن إلا به ، وقد أدركت الحسن - والله - وما يقوله .

قال الحمادان ، عن يونس قال : ما استخف الحسن شيء ما استخفه القدر .

حماد بن زيد ، أن أيوب وحميدا خوفا الحسن بالسلطان ، فقال لهما : ولا تريان ذاك ؟ قالا : لا . قال : لا أعود .

قال حماد : لا أعلم أحدا يستطيع أن يعيب الحسن إلا به .

وروى أبو معشر ، عن إبراهيم ، أن الحسن تكلم في القدر . رواه مغيرة بن مقسم ، عنه .

وقال سليمان التيمي : رجع الحسن عن قوله في القدر .

حماد بن سلمة ، عن حميد ، سمعت الحسن يقول : خلق الله الشيطان ، وخلق الخير ، وخلق الشر . فقال رجل : قاتلهم الله ، يكذبون على هذا الشيخ .

أبو الأشهب : سمعت الحسن يقول في قوله : وحيل بينهم وبين ما يشتهون قال : حيل بينهم وبين الإيمان .

وقال حماد ، عن حميد ، قال : قرأت القرآن كله على الحسن ، ففسره  لي أجمع على الإثبات ، فسألته عن قوله : كذلك سلكناه في قلوب المجرمين قال : الشرك سلكه الله في قلوبهم .

حماد بن زيد ، عن خالد الحذاء ، قال : سأل الرجل الحسن فقال : ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ؟ قال : أهل رحمته لا يختلفون ، ولذلك خلقهم ، خلق هؤلاء لجنته ، وخلق هؤلاء لناره . فقلت : يا أبا سعيد ، آدم خلق للسماء أم للأرض ؟ قال : للأرض خلق . قلت : أرأيت لو اعتصم فلم يأكل من الشجرة ؟ قال : لم يكن بد من أن يأكل منها ; لأنه خلق للأرض . فقلت : ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم ؟ قال : نعم ، الشياطين لا يضلون إلا من أحب الله له أن يصلى الجحيم .

أبو هلال محمد بن سليم : دخلت على الحسن يوم الجمعة ولم يكن جمع ، فقلت : يا أبا سعيد ، أما جمعت ؟ قال : أردت ذلك ، ولكن منعني قضاء الله .

منصور بن زاذان : سألنا الحسن عن القرآن ، ففسره كله على الإثبات .

ضمرة بن ربيعة ، عن رجاء ، عن ابن عون ، عن الحسن ، قال : من كذب بالقدر فقد كفر .

حماد بن زيد ، عن ابن عون ، قال : لما ولي الحسن القضاء كلمني رجل أن أكلمه في مال يتيم يدفع إليه ويضمه ، فكلمته فقال : أتعرف الرجل ؟ قلت : نعم . قال : فدفعه إليه .

رجاء بن سلمة ، عن ابن عون ، عن ابن سيرين - وقيل له في الحسن : وما كان ينحل إليه أهل القدر ؟ قال : كانوا يأتون الشيخ بكلام مجمل ، لو فسروه لهم لساءهم .

ابن أبي عروبة : كلمت مطرا الوراق في بيع المصاحف ، فقال : قد كان حبرا الأمة - أو فقيها الأمة - لا يريان به بأسا : الحسن والشعبي .

ابن شوذب ، عن مطر ، قال : دخلنا على الحسن نعوده ، فما كان في البيت شيء ; لا فراش ولا بساط ولا وسادة ولا حصير إلا سرير مرمول هو عليه .

عبد الرزاق بن همام ، عن أبيه ، قال : ولي وهب القضاء زمن عمر بن عبد العزيز فلم يحمد فهمه ، فحدثت به معمرا ، فتبسم وقال : وليالحسن القضاء زمن عمر بن عبد العزيز فلم يحمد فهمه .

وقال أبو سعيد بن الأعرابي : كان يجلس إلى الحسن طائفة من هؤلاء ، فيتكلم في الخصوص ، حتى نسبته القدرية إلى الجبر ، وتكلم في الاكتساب حتى نسبته السنة إلى القدر ; كل ذلك لافتنانه وتفاوت الناس [ ص: 583 ] عنده ، وتفاوتهم في الأخذ عنه ، وهو بريء من القدر ومن كل بدعة .

قلت : وقد مر إثبات الحسن للأقدار من غير وجه عنه سوى حكاية أيوب عنه ، فلعلها هفوة منه ورجع عنها ولله الحمد .

كما نقل أحمد الأبار في " تاريخه " : حدثنا مؤمل بن إهاب ، حدثنا عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، قال : الخير بقدر ، والشر ليس بقدر .

قلت : قد رمي قتادة بالقدر .

قال غندر ، عن شعبة : رأيت على الحسن عمامة سوداء .

وقال سلام بن مسكين : رأيت على الحسن طيلسانا كأنما يجري فيه الماء ، وخميصة كأنها خز .

وقال ابن عون : كان الحسن يروي بالمعنى .

أيوب : قيل لابن الأشعث : إن سرك أن يقتلوا حولك كما قتلوا حول جمل عائشة ، فأخرج الحسن . فأرسل إليه ، فأكرهه .

قال سليم بن أخضر : حدثنا ابن عون : قالوا لابن الأشعث : أخرج الحسن ، قال ابن عون : فنظرت إليه بين الجسرين وعليه عمامة سوداء ، فغفلوا عنه ، فألقى نفسه في نهر حتى نجا منهم ، وكاد يهلك يومئذ .

وقال القاسم الحداني : رأيت الحسن قاعدا في أصل منبر ابن الأشعث .

هشام ، عن الحسن ، قال : كان الرجل يطلب العلم فلا يلبث أن يرى ذلك في تخشعه وزهده ولسانه وبصره .

 حماد : سمعت ثابتا يقول : لولا أن تصنعوا بى ما صنعتم بالحسن حدثتكم أحاديث مونقة . ثم قال : منعوه القائلة ، منعوه النوم .

حميد الطويل : كان الحسن يقول : اصحب الناس بما شئت أن تصحبهم ; فإنهم سيصحبونك بمثله .

قال أيوب : ما وجدت ريح مرقة طبخت أطيب من ريح قدر الحسن .

وقال أبو هلال : قلما دخلنا على الحسن إلا وقد رأينا قدرا يفوح منها ريح طيبة .

مسلم بن إبراهيم : حدثنا إياس بن أبي تميمة : شهدت الحسن في جنازة أبي رجاء على بغلة ، والفرزدق إلى جنبه على بعير ، فقال له الفرزدق :قد استشرفنا الناس ، يقولون : خير الناس وشر الناس ; قال : يا أبا فراس ، كم من أشعث أغبر ، ذي طمرين ، خير مني ، وكم من شيخ مشرك أنت خير منه ، ما أعددت للموت ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله . قال : إن معها شروطا ، فإياك وقذف المحصنة . قال : هل من توبة ؟ قال : نعم .

ضمرة ، عن أصبغ بن زيد ، قال : مات الحسن وترك كتبا فيها علم .

موسى بن إسماعيل : حدثنا سهل بن الحصين الباهلي ، قال : بعثت إلى عبد الله بن الحسن البصري : ابعث إلي بكتب أبيك ، فبعث إلي أنه لما ثقل قال لي : اجمعها لي ، فجمعتها له وما أدري ما يصنع بها ، فأتيت بها فقال للخادم : اسجر التنور ، ثم أمر بها فأحرقت غير صحيفة واحدة فبعث بها إلي وأخبرني أنه كان يقول : ارو ما في هذه الصحيفة . ثم لقيته بعد فأخبرني به مشافهة بمثل ما أدى الرسول .

وعن علقمة بن مرثد في ذكر الثمانية من التابعين ، قال : وأما الحسن فما رأينا أحدا أطول حزنا منه ; ما كنا نراه إلا حديث عهد بمصيبة . ثم قال : نضحك ولا ندري لعل الله قد اطلع على بعض أعمالنا . وقال : لا أقبل منكم شيئا ; ويحك يا ابن آدم ، هل لك بمحاربة الله - يعني قوة - والله لقد رأيت أقواما كانت الدنيا أهون على أحدهم من التراب تحت قدميه ، ولقد رأيت أقواما يمسي أحدهم ولا يجد عنده إلا قوتا ، فيقول : لا أجعل هذا كله في بطني ، فيتصدق ببعضه ولعله أجوع إليه ممن يتصدق به عليه . .

قال أيوب السختياني : لو رأيت الحسن لقلت : إنك لم تجالس فقيها قط .

وعن الأعمش ، قال : ما زال الحسن يعي الحكمة حتى نطق بها ، وكان إذا ذكر الحسن عند أبي جعفر الباقر قال : ذاك الذي يشبه كلامه كلام الأنبياء .

صالح المري ، عن الحسن قال : ابن آدم ، إنما أنت أيام ، كلما ذهب يوم ، ذهب بعضك .

مبارك بن فضالة : سمعت الحسن يقول : فضح الموت الدنيا ، فلم يترك فيها لذي لب فرحا .

وروى ثابت عنه ، قال : ضحك المؤمن غفلة من قلبه .
أبو نعيم في " الحلية " حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن الفضل ، حدثنا محمد بن عبد الله بن سعيد ، حدثنا أحمد بن زياد ، حدثناعصمة بن سليمان الخزاز حدثنا فضيل بن جعفر ، قال : خرج الحسن من عند ابن هبيرة فإذا هو بالقراء على الباب فقال : ما يجلسكم هاهنا ؟ تريدون الدخول على هؤلاء الخبثاء ، أما والله ما مجالستهم مجالسة الأبرار ; تفرقوا فرق الله بين أرواحكم وأجسادكم ، قد فرطحتم نعالكم ، وشمرتم ثيابكم ، وجززتم شعوركم ; فضحتم القراء فضحكم الله ، والله لو زهدتم فيما عندهم ، لرغبوا فيما عندكم ، ولكنكم رغبتم فيما عندهم ، فزهدوا فيكم ، أبعد الله من أبعد .

وعن الحسن ، قال : ابن آدم ، السكين تحد ، والكبش يعلف ، والتنور يسجر .

ابن المبارك : حدثنا طلحة بن صبيح ، عن الحسن ، قال : المؤمن من علم أن ما قال الله كما قال ، والمؤمن أحسن الناس عملا ، وأشد الناس وجلا ، فلو أنفق جبلا من مال ما أمن دون أن يعاين ، لا يزداد صلاحا وبرا إلا ازداد فرقا ، والمنافق يقول : سواد الناس كثير وسيغفر لي ولا بأس علي ، فيسيء العمل ويتمنى على الله .

الطيالسي في " المسند " الذي سمعناه : حدثنا جسر أبو جعفر ، عن الحسن ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : من قرأ " يس " في ليلة التماس وجه الله غفر له .

 رواه يونس بن عبيد وغيره عن الحسن .

خالد بن خداش : حدثنا صالح المري ، عن يونس ، قال : لما حضرت الحسن الوفاة جعل يسترجع ، فقام إليه ابنه فقال : يا أبت قد غممتنا ، فهل رأيت شيئا ؟ قال : هي نفسي لم أصب بمثلها .

قال هشام بن حسان : كنا عند محمد عشية يوم الخميس ، فدخل عليه رجل بعد العصر ، فقال : مات الحسن . فترحم عليه محمد وتغير لونه وأمسك عن الكلام ، فما تكلم حتى غربت الشمس ، وأمسك القوم عنه مما رأوا من وجده عليه .

قلت : وما عاش محمد بن سيرين بعد الحسن إلا مائة يوم .

قال ابن علية : مات الحسن في رجب سنة عشر ومائة .

وقال عبد الله بن الحسن : إن أباه عاش نحوا من ثمان وثمانين سنة .

قلت : مات في أول رجب ، وكانت جنازته مشهودة ، صلوا عليه عقيب الجمعة بالبصرة ، فشيعه الخلق ، وازدحموا عليه ، حتى إن صلاة العصر لم تقم في الجامع .

ويروى أنه أغمي عليه ثم أفاق إفاقة ، فقال : لقد نبهتموني من جنات وعيون ، ومقام كريم .

قلت : اختلف النقاد في الاحتجاج بنسخة الحسن ، عن سمرة ، وهي نحو من خمسين حديثا ، فقد ثبت سماعه من سمرة ، فذكر أنه سمع منه حديث العقيقة .

وقال عفان : حدثنا همام ، عن قتادة ، حدثني الحسن ، عن هياج بنعمران البرجمي ، أن غلاما له أبق ، فجعل عليه إن قدر عليه أن يقطع يده فلما قدر عليه بعثنى إلى عمران فسألته ، فقال : أخبره أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة فليكفر عن يمينه ، ويتجاوز عن غلامه . قال : وبعثني إلى سمرة ، فقال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة ليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه .

قال قائل : إنما أعرض أهل الصحيح عن كثير مما يقول فيه الحسن : عن فلان ، وإن كان مما قد ثبت لقيه فيه لفلان المعين ; لأن الحسن معروف بالتدليس ، ويدلس عن الضعفاء ، فيبقى في النفس من ذلك ; فإننا وإن ثبتنا سماعه من سمرة ، يجوز أن يكون لم يسمع فيه غالب النسخة التي عن سمرة . والله أعلم .



المصدر:http://library.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?bk_no=60&ID=600&idfrom=673&idto=674&bookid=60&startno=1



زياد علي

زياد علي محمد