زائر العاصمة (باللهجة المحلية: دْزَايرْ)؛باللغة الفينيقية: إكوزيوم (𐤀𐤊𐤆𐤉𐤅𐤌) هي عاصمة الجمهورية الجزائرية وأكبر مُدنها من حيث عدد السكان.
كانت مدينة الجزائر تُدعى إكوزيوم في زمن الفينيقيين حيث كان أول من أسس المدينة ، ومن مُسمّياتها الحالية البهجة، المحروسة والجزائر البيضاء،وهي أيضا عاصمة ولاية الجزائر.
تقع المدينة في شمال وسط البلاد مُطلّة على الجانب الغربي لخليج البحر الأبيض المتوسط والمدينة من جزئين: جزءٌ قديم يتمثل في القصبة التي توجد على حافة تلة شديدة الانحدار (122 متراً فوق سطح البحر) خلف المدينة الحديثة، وجزءٌ حديث يوجد على مستوى الساحل القريب من البحر.
وفقًا لمعجم العالم الجغرافي فلقد بلغ عدد سكان المدينة 3.335.418 نسمة، في حين أن التجمعات الحضرية تبلغ حوالي 6.727.806 نسمة في عام 2010 وفقًا لتصنيف أكبر 100 مدينة في العالم، وبذلك تصبح مدينة الجزائر العاصمة أكبر مدينة في المغرب العربي من حيث عدد السكان، كما تعدُّ مدينة الجزائر المركز الاقتصادي والاجتماعي الرئيسي في البلاد.
التسمية
تغيرت و تعدد تسميات المدينة عبر العصور والسكان و حسب اللغات، سميت إكوزيوم في زمن الفينيقيين حيث كان أول من أسس المدينة ، سماها الفرنسيون ألجي و سكان المدينة يدعونها دزاير يلقبونها مزغنة، البهجة، المحروسة والجزائر البيضاء وذلك لبياض ولمعان عماراتها ومبانيها والتي يُخيّل للناظر أنها ترتفع عن سطح البحر،
يُقال ان التسمية العربية أُخِذت من مجموعة الجزر التي كانت موجودةً قُبالة ساحل المدينة إذ أن جمع جزيرة هو جزائر، وجاء في لسان العرب:
الجزائر (مدينة) الجزِيرةُ أَرضٌ يَنْجَزِرُ عنها المدُّ. التهذيب: الجزِيرةُ أَرض في البحر يَنُفَرِجُ منها ماء البحر فتبدو، وكذلك الأَرض التي لا يعلوها السيل ويُحْدقُ بها، فهي جزيرة. الجوهري: الجزيرة واحدة جزائر البحر، سميت بذلك لانقطاعها عن معظم الأَرض الجزائر (مدينة)
إسمها (بالفرنسية: Alger) والذي يُنطق "ألجي" كما جاء في مذكرة صغيرة لـ ألبرت فرحات مشتق من الكتالانية Alguère وهو بدوره مشتق من «الجزائر» وهو الاسم الذي أطلقه عليها بولوغين ابن زيري مؤسس الدولة الزيرية عند بنائها سنة 960 ميلادية وذلك على أنقاض المدينة الفينيقية القديمة التي كانت تحمل اسم إكوزيوم (بالفرنسية: Icosium)، ويشير الاسم إلى الجزر التي كانت قُبالة ميناء الجزائر في تلك الحُقبة والتي تم دمجها فيما بعد بالرصيف الحالي للميناء.
كما أنه يمكن لمصطلح جزيرة وفقًا لجغرافيي العصور الوسطى المسلمين أن يُشير إلى الساحل الخصب للجزائر الحالية الواقع بين الصحراء الكبرى والبحر الأبيض المتوسط.
ويعتبر الجغرافي المسلم أبو القاسم إبراهيم محمد الكرخي أول من أشار إليها باسم جزائر بني مزغنة، وذلك في أوائل القرن الرابع الهجري، حيث قال: «وجزائر بني مزغنة مدينة عامرة يحف بها طوائف من البربر، وهي من الخصب والسعة على غاية ما تكون المدن».
ووصفها أبو القاسم محمد بن حوقل حوالي سنة 337 هـ عندما زارها في عهد بلكين فقال: «وجزائر بني مزغنة مدينة عليها سور في نحو البحر، وفيها أسواق كثيرة ولها عيون على البحر طيبة، وشربهم منها، ولها بادية كبيرة، وجبال فيها قبائل من البربر كبيرة، وأكثر المواشي من البقر والغنم سائمة في الجبال ولهم من العسل ما يجهز عنهم والسمن والتين ما يقع به وبغيره، من هذه الأسباب الجهاز إلى القيروان وغيرها، ولهم جزيرة تحاذيها في البحر إذا نزل بهم عدو لجأوا إليها، فكانوا بها في منعة وأمن».
وقد ذكر الجغرافي الأندلسي الشهير أبو عبيد البكري في وصفه لشمال أفريقيا (كتاب المسالك والممالك) في الفصل الذي يتحدّث فيه عن الطريق بين آشير وجزاير بني مزغنة حوالي 1068 م (أي حوالي ستة قرون قبل وصول الأتراك): «....وهي مدينة جليلة قديمة البُنيان، فيها آثار للأول وأزاج محكمة تدل على أنها كانت دار ملك لسالف الأمم».
كما يوجد بعض النظريات يجدر الإشارة إليها:
فوفقًا لاسماعيل مجبر أطلق بولوغين بن زيري اسم "زيري" على الجزائر تخليدًا لاسم أبيه. وبذلك حسب الدراسة الاسمية يكون اسم جزاير مشتقا منه.
وقد يدعم ذلك تأكيد البكري على أن سكان الجزائر وضواحيها كانوا من البربر (بنو مزغنة)، والذين عاشوا بمُحاذاة مملكة الحماديين الأمازيغ، ومنه يصعب احتمال أن يكون أصل التسمية هو الجزائر بمعنى مجموعة الجزر لا سيما وأن مؤسِّسِي المدينة هم الزيريون الذين احتلوا المدينة في عهد بولوغين بن زيري ليُصبح اسم سُكّانها «الزيريون بنو مزغنة».دزيري
تُلفظ الجزائر باللهجة المحلية دْزَأيَرْ، والتي يُقال أنها مُشتقّة من دزيري من الكلمة البربرية تيزيري التي تعني «ضوء القمر»، فالواحد من سكان العاصمة يُسمّي نفسه دْزِيرِي واللهجة العامية تحتفظ بكلمة دزاير التي يعنون بها الجزائر البلد أو الجزائر العاصمة.
التاريخ
وفقًا للأسطورة اليونانية، أسّس "الجزائر" 20 من مرافقي هرقل ، واسمها الأصلي بالـفينيقية هو إيكوسيم، يُقال إن الاسم اليوناني إكوزيون (باليونانية: Ικοσιον)) مستمدٌ من الكلمة ("εικοσι") اليونانية التي تعني عشرين.
ويعتبر جون هاردوين (بالفرنسية: Jean Hardouin) أول من اقترح تحديد إكوسيوم بالجزائر العاصمة، وأكد ذلك، العثور على حُطام مزهريات أصلية تعود للقرن الثالث قبل الميلاد في بئر عمقها عشرون مترا في ديسمبر 1952، كما أكدت الحفريات أن تاريخ تأسيس إكوسيم يعود إلى ماقبل القرن الرابع قبل الميلاد من قبل الفنيقيين
وفي القرن الثالث قبل الميلاد استوطن البونيقيون الموقعَ إكوسيم، وأطلقوا عليها اسم يكسم (Yksm). ويُعتقد أن المقصود منه جزيرة البوم والتي تُرجمت إلى اللاتينية (إكوسيوم)، (Icosium) وبقيت إكوسيم موقعًا تجاريًا صغيرًا في الفترات الفينيقية والقرطاجية.
العصور القديمة
ي عام 202 قبل الميلاد، خضعت المدينة للهيمنة الرومانية، وذلك بعد حلفٍ تم بين سكيبيو الإفريقي وماسينيسا ضد قرطاج، وغير اسمها من ايكوسيم بالفينيقية إلى اللاتينية ليصبح إكوزيوم ( جزيرة النورس ) تحت حكم يوبا الأول وبطليموس.
وقد حاول بطليموس الموريطني أن يُسيطر على قبائل مغراوة الأمازيغية، المُتواجدة بكثرة في محيط إكوسيوم فقام بنقل جزء منهم إلى الشلف، وحارب المُقاومين البربر الذين أثارهم تاكفاريناس في نفس الوقت، وبعد تيبريوس أرسل فسبازيان مستعمرة لوقف أعمال الشغب في إكوسيوم.
وبعد وفاة تاكفاريناس قام فيرموس بتحطيم إكوزيوم بمُساعدة جميع القبائل البربرية التي تعيش في الجبال المحيطة وذلك في القرن الرابع الميلادي، وفي بداية القرن الخامس الميلادي تم إدخال المسيحية إلى إكوزيوم. وفي عام 429 سقطت المدينة تحت سيطرة الوندال أثناء غزوهم لشمال أفريقيا وظلوا فيها حتى عام 442، ثم عقدت مُعاهدة سمحت لروما باسترجاع اِيكوسيوم.
وفي سنة 533 حاول البيزنطيون السيطرة عليها لكنهم واجهو مقاومة من قِبَل قبائل البربر.
العصر الوسيط
جاءت الفتوحات الإسلامية الإسلام إلى شمال أفريقيا عام 710م، وفي ذلك الوقت كانت مدينة الجزائر خاضعة لحكم سلالة المغراويون الزناتية، الذين هُزموا على يد زيري بن مناد الصنهاجي الذي كان مواليًا للفاطميين وقد أثبت شجاعته لهم عندما فاز على بربر الزناتة الخوارج (مغراوة، بنو يفرن...إلخ)، وبعد وفاة أبو يزيد قائد بنو يفرن، استولى زيري بن مناد على المنطقة الوسطى وأسس آشير عاصمةً للزيريين.
وبحسب ابن خلدون، كانت قبائل صنهاجة تسكن منطقة الجزائر مع حكم سلالة الزيريين (أوائل الصنهاجيين احتلوا مناطق المسيلة، المدية والجزائر)، بولوغين بن زيري وبتصريح من أبيه زيري بن مناد أسَّس ثلاث مدن هي جزاير بني مزغنة والمدية ومليانة وذلك بعد طرد الزناتة.
وفي عام 960م، أعاد بولوغين بن زيري بناء إكوسيوم في منتصف القرن العاشر، وذلك من خلال تحصين وتوسيع الموقع الذي كانت تحتله قبائل بني مزغنة وسماها جزاير بني مزغنة.
واستمرت الحرب بين الزناتيين وصنهاجة، وفي إحدى المعارك ضد المغراويين عام 971 م قُتِل زيري بن مناد وحُمِل رأسه إلى قرطبة من أجل الحصول على المساعدة في مواجهة جيش الزيريين الموالي للفاطميين وانتقاماً لموت أبي يزيد، وفي هذه الأثناء عيّن الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بولوغين بن زيري خليفة على بلاد المغرب.
وواصل بولوغين حربه ضد الزناتة الذين طلبوا الدعم من أمويي قرطبة من أجل استعادة مناطقهم ومدنهم ومن بينها الجزائر، لكن بولوغين في ذلك الوقت كان قد بسط سيطرته على أرجاء بلاد المغرب كلها، من خلال اتّباع تعليمات المعز لدين الله، وقد سيطر بولوغين على مدن المغرب العربي كاملةً، وأصدر أوامره بالقضاء على جميع الزناتة، وأمر كذلك بجمع الضرائب من البربر بقوة السيف، وهو الأمر الذي تسبب في سخط واحتجاج القبائل الأخرى، فأعلنوا الحرب ضد الزيريين الذين قاموا بدحر مدينتي ميلة وسطيف، قَبِلَ الأمويون أخيرًا دعم الزناتة من أجل استعادة مناطقهم بالخصوص من مغراوة، ما دفع بولوغين للتراجع خاصة عند رؤية جيش زناتة كاملًا يقدم عن طريق البحر من الأندلس وهو يستقر في سبتة.
تلت وفاة بولوغين ابن زيري عام 983 فترة طويلة من الهزائم للزيريين، واسترجعت مغراوة أراضيها وهيبتها في المغرب الأوسط وفي الغرب بفضل زيري بن عطية فبسطت بذلك سيطرتها على كامل مدن الوسط حتى طنجة غربًا
في ذلك الوقت تخلّى الفاطميون عن مخططهم باحتلال الأندلس من أجل حماية مصر وباقي الأقاليم التابعة لهم، وبقي للزيريين سيادة على أراضيهم في شرق الجزائر إلى جانب الحماديين (قبائل صنهاجة).
واستولى المرابطون على مدينة الجزائر بفضل يوسف بن تاشفين الذي هزم جميع قبائل الزناتة وبنى أول مسجد يتبع المذهب المالكي بالمدينة وهو الجامع الكبير سنة 1097. ولم تنشب أي حرب بين المرابطين والزيريين فكلاهما من قبائل صنهاجة، وعلى الرغم من قوة السلالة الزيرية فقد أُطيح بهم من قبل روجر الثاني ملك صقلية في عام 1148.
وفي سنة 1151 انتزع أمير الموحدين عبد المؤمن بن علي الكومي مدينة الجزائر من المرابطين ليُوّحد فيما بعد بلاد المغرب والأندلس تحت حكمه، وفي القرن الثالث عشر، استولى سلاطين بني زيان من تلمسان على مدينة الجزائر، وأصبحت اسميًا جزءًا من سلطنة تلمسان.
وفي عام 1302م، سيطر الإسبان على جزيرة بينون (بالإسبانية: Peñón) القريبة من ميناء الجزائر العاصمة، وبعد ذلك، نشأت علاقات تجارية بين الجزائر وإسبانيا ومع ذلك، ظلت الجزائر ذات أهمية ضئيلة نسبيا حتى بعد طرد مورسكيون من إسبانيا عام 1492م، وقد التمس الكثير منهم اللجوء إلى مدينة الجزائر. وفي سنة 1510 وبعد احتلال الإسبان وهران وغيرها من المدن على الساحل الأفريقي، حاصر الإسبان مدينة الجزائر وبنوا حصنا على جزيرة صغيرة في خليجها (جزيرة بينون) لقصف المدينة ومنع الامدادات عنها وقاموا بفرض ضريبة لوقف نشاط القرصنة. وفي أواخر عام 1510 استولى فرناندو الكاثوليكي على مدينة الجزائر. وفي عام 1516م، قام سالم التومي قائد بني مزغنة بطلب الحصول على المساعدة من الأتراك.
الحُكم العثماني
في عام 1516 قام الأمير سالم التومي بطلب النجدة من الأخوين عروج وخير الدين بربروس لطرد الإسبان، فقاموا بتلبية طلبه واستقر عروج بربروس أول الأمر بجيجل، ثم استولى على المدينة بعد طرد الإسبان منها في معركة الجزائر (1516)، على رأس 1.300 رجل تركيا وأسطول مُكوّن من 16 سفينة شراعية، ليصبح سيد المدينة بعد أن ضيق الخناق على سالم التومي، الذي لجأ إلى مسقط رأس عائلته كوكو (إيفيغاء).
وخلف خير الدين أخاه عروج، بعد اغتياله في معركة سقوط تلمسان سنة 1517 ضد الإسبان، وأسس خير الدين باشليك التي أصبحت فيما بعد بيليك الجزائر، وشنت القوات الإسبانية حملة جديدة على مدينة الجزائر سنة 1519م للقضاء على خير الدين ورفاقه لكنها باءت بالفشل. وبعد الحملات الإسبانية المُتكرّرة على مدينة الجزائر قام أهل الجزائر بطلب الحماية من السلطان العثماني سليمان القانوني مقابل الانطواء تحت لواء الإمبراطورية العثمانية، وهو ما لقي القبول عند السلطان العثماني، وقام بمساعدة الجزائر بألفي جندي انكشاري وبمثلها من المُتطوّعين، وقام سليمان القانوني بتعيين خير الدين بايلرباي (أمير الأمراء) على الجزائر وذلك أواخر 1519م. وفي عام 1524 فقد خير الدين الجزائر، لكنه استعادها في معركة الجزائر (1529).
سعى كارلوس الخامس ملك إسبانيا والإمبراطورية الرومانية المقدسة، للاستيلاء على المدينة في معركة الجزائر (أكتوبر 1541) ولكن عاصفة بحرية دمّرت عددًا كبيرًا من سفنه وجيشه المكون من 30.000 رجل من الإسبان أساسًا فهزمه الجزائريون تحت راية الباشا حسن.
وكانت الجزائر رسميًا جزءًا من الإمبراطورية العثمانية ولكنها في الواقع خارجة عن سيطرتها، بمعنى أنها كانت تتمتع بحكم ذاتي. بدءًا من القرن 17 تحولت الجزائر إلى أعمال القرصنة والافتداء (أصبح الجهاد البحري النشاط الاقتصادي الرئيسي) نظرًا لموقعها الحدودي على هامش المجالات الاقتصادية العثمانية والأوروبية، وتبعًا للسيطرة المتزايدة لسفن الشحن الأوروبية بدعم من القوات البحرية الأوروبية. جرت محاولات متكررة من جانب دول مختلفة لإخضاع القراصنة الذين أضروا بالملاحة في غرب البحر الأبيض المتوسط واشتركوا في غارات الرق إلى أقصى الشمال حتى آيسلندا. حيث خاضت الولايات المتحدة حربين وهما: (حرب البربر الأولى والثانية) ضد هجمات الجزائر على سفن الشحن البحري.
وعندما كانت المدينة تحت السيطرة العثمانية كانت محاطة بسور من جميع الأطراف وحتى على طول الواجهة البحرية، جيث كانت لهذا السور خمسة أبواب تسمح بولوج المدينة وخمسة طرق، واحد من كل باب تعبر المدينة حتى تلتقي أمام مسجد كتشاوة. الطريق الرئيسي بالمدينة يمتد من الشمال إلى الجنوب ليقسمها إلى قسمين:
المدينة العليا (آل-جبل، أو 'الجبل'): تتألف من حوالي خمسين حارة صغيرة من الأندلسيين، اليهود، المور والقبائل.
المدينة المُنخفضة (الوطاء، أو 'الأرض المنبسطة'): وهي المركز الإداري والعسكري والتجاري للمدينة، يسكنها غالبية من الشخصيات التركية وغيرها من أسر الطبقة العليا. عام 1556 شيدت قلعة في أعلى مكان من السور. وفي القرن الثامن عشر استقل داي الجزائر بها عن تركيا.
وفي عام 1817، تم قصف المدينة من طرف أسطول بريطاني تحت قيادة اللورد اكسماوث بمساعدة من رجال الحرب الهولنديين وقاموا بتدمير أسطول القراصنة الذين يأويهم ميناء مدينة الجزائر.
كانت مدينة الجزائر تُدعى إكوزيوم في زمن الفينيقيين حيث كان أول من أسس المدينة ، ومن مُسمّياتها الحالية البهجة، المحروسة والجزائر البيضاء،وهي أيضا عاصمة ولاية الجزائر.
تقع المدينة في شمال وسط البلاد مُطلّة على الجانب الغربي لخليج البحر الأبيض المتوسط والمدينة من جزئين: جزءٌ قديم يتمثل في القصبة التي توجد على حافة تلة شديدة الانحدار (122 متراً فوق سطح البحر) خلف المدينة الحديثة، وجزءٌ حديث يوجد على مستوى الساحل القريب من البحر.
وفقًا لمعجم العالم الجغرافي فلقد بلغ عدد سكان المدينة 3.335.418 نسمة، في حين أن التجمعات الحضرية تبلغ حوالي 6.727.806 نسمة في عام 2010 وفقًا لتصنيف أكبر 100 مدينة في العالم، وبذلك تصبح مدينة الجزائر العاصمة أكبر مدينة في المغرب العربي من حيث عدد السكان، كما تعدُّ مدينة الجزائر المركز الاقتصادي والاجتماعي الرئيسي في البلاد.
التسمية
تغيرت و تعدد تسميات المدينة عبر العصور والسكان و حسب اللغات، سميت إكوزيوم في زمن الفينيقيين حيث كان أول من أسس المدينة ، سماها الفرنسيون ألجي و سكان المدينة يدعونها دزاير يلقبونها مزغنة، البهجة، المحروسة والجزائر البيضاء وذلك لبياض ولمعان عماراتها ومبانيها والتي يُخيّل للناظر أنها ترتفع عن سطح البحر،
يُقال ان التسمية العربية أُخِذت من مجموعة الجزر التي كانت موجودةً قُبالة ساحل المدينة إذ أن جمع جزيرة هو جزائر، وجاء في لسان العرب:
الجزائر (مدينة) الجزِيرةُ أَرضٌ يَنْجَزِرُ عنها المدُّ. التهذيب: الجزِيرةُ أَرض في البحر يَنُفَرِجُ منها ماء البحر فتبدو، وكذلك الأَرض التي لا يعلوها السيل ويُحْدقُ بها، فهي جزيرة. الجوهري: الجزيرة واحدة جزائر البحر، سميت بذلك لانقطاعها عن معظم الأَرض الجزائر (مدينة)
إسمها (بالفرنسية: Alger) والذي يُنطق "ألجي" كما جاء في مذكرة صغيرة لـ ألبرت فرحات مشتق من الكتالانية Alguère وهو بدوره مشتق من «الجزائر» وهو الاسم الذي أطلقه عليها بولوغين ابن زيري مؤسس الدولة الزيرية عند بنائها سنة 960 ميلادية وذلك على أنقاض المدينة الفينيقية القديمة التي كانت تحمل اسم إكوزيوم (بالفرنسية: Icosium)، ويشير الاسم إلى الجزر التي كانت قُبالة ميناء الجزائر في تلك الحُقبة والتي تم دمجها فيما بعد بالرصيف الحالي للميناء.
كما أنه يمكن لمصطلح جزيرة وفقًا لجغرافيي العصور الوسطى المسلمين أن يُشير إلى الساحل الخصب للجزائر الحالية الواقع بين الصحراء الكبرى والبحر الأبيض المتوسط.
ويعتبر الجغرافي المسلم أبو القاسم إبراهيم محمد الكرخي أول من أشار إليها باسم جزائر بني مزغنة، وذلك في أوائل القرن الرابع الهجري، حيث قال: «وجزائر بني مزغنة مدينة عامرة يحف بها طوائف من البربر، وهي من الخصب والسعة على غاية ما تكون المدن».
ووصفها أبو القاسم محمد بن حوقل حوالي سنة 337 هـ عندما زارها في عهد بلكين فقال: «وجزائر بني مزغنة مدينة عليها سور في نحو البحر، وفيها أسواق كثيرة ولها عيون على البحر طيبة، وشربهم منها، ولها بادية كبيرة، وجبال فيها قبائل من البربر كبيرة، وأكثر المواشي من البقر والغنم سائمة في الجبال ولهم من العسل ما يجهز عنهم والسمن والتين ما يقع به وبغيره، من هذه الأسباب الجهاز إلى القيروان وغيرها، ولهم جزيرة تحاذيها في البحر إذا نزل بهم عدو لجأوا إليها، فكانوا بها في منعة وأمن».
وقد ذكر الجغرافي الأندلسي الشهير أبو عبيد البكري في وصفه لشمال أفريقيا (كتاب المسالك والممالك) في الفصل الذي يتحدّث فيه عن الطريق بين آشير وجزاير بني مزغنة حوالي 1068 م (أي حوالي ستة قرون قبل وصول الأتراك): «....وهي مدينة جليلة قديمة البُنيان، فيها آثار للأول وأزاج محكمة تدل على أنها كانت دار ملك لسالف الأمم».
كما يوجد بعض النظريات يجدر الإشارة إليها:
فوفقًا لاسماعيل مجبر أطلق بولوغين بن زيري اسم "زيري" على الجزائر تخليدًا لاسم أبيه. وبذلك حسب الدراسة الاسمية يكون اسم جزاير مشتقا منه.
وقد يدعم ذلك تأكيد البكري على أن سكان الجزائر وضواحيها كانوا من البربر (بنو مزغنة)، والذين عاشوا بمُحاذاة مملكة الحماديين الأمازيغ، ومنه يصعب احتمال أن يكون أصل التسمية هو الجزائر بمعنى مجموعة الجزر لا سيما وأن مؤسِّسِي المدينة هم الزيريون الذين احتلوا المدينة في عهد بولوغين بن زيري ليُصبح اسم سُكّانها «الزيريون بنو مزغنة».دزيري
تُلفظ الجزائر باللهجة المحلية دْزَأيَرْ، والتي يُقال أنها مُشتقّة من دزيري من الكلمة البربرية تيزيري التي تعني «ضوء القمر»، فالواحد من سكان العاصمة يُسمّي نفسه دْزِيرِي واللهجة العامية تحتفظ بكلمة دزاير التي يعنون بها الجزائر البلد أو الجزائر العاصمة.
التاريخ
وفقًا للأسطورة اليونانية، أسّس "الجزائر" 20 من مرافقي هرقل ، واسمها الأصلي بالـفينيقية هو إيكوسيم، يُقال إن الاسم اليوناني إكوزيون (باليونانية: Ικοσιον)) مستمدٌ من الكلمة ("εικοσι") اليونانية التي تعني عشرين.
ويعتبر جون هاردوين (بالفرنسية: Jean Hardouin) أول من اقترح تحديد إكوسيوم بالجزائر العاصمة، وأكد ذلك، العثور على حُطام مزهريات أصلية تعود للقرن الثالث قبل الميلاد في بئر عمقها عشرون مترا في ديسمبر 1952، كما أكدت الحفريات أن تاريخ تأسيس إكوسيم يعود إلى ماقبل القرن الرابع قبل الميلاد من قبل الفنيقيين
وفي القرن الثالث قبل الميلاد استوطن البونيقيون الموقعَ إكوسيم، وأطلقوا عليها اسم يكسم (Yksm). ويُعتقد أن المقصود منه جزيرة البوم والتي تُرجمت إلى اللاتينية (إكوسيوم)، (Icosium) وبقيت إكوسيم موقعًا تجاريًا صغيرًا في الفترات الفينيقية والقرطاجية.
العصور القديمة
ي عام 202 قبل الميلاد، خضعت المدينة للهيمنة الرومانية، وذلك بعد حلفٍ تم بين سكيبيو الإفريقي وماسينيسا ضد قرطاج، وغير اسمها من ايكوسيم بالفينيقية إلى اللاتينية ليصبح إكوزيوم ( جزيرة النورس ) تحت حكم يوبا الأول وبطليموس.
وقد حاول بطليموس الموريطني أن يُسيطر على قبائل مغراوة الأمازيغية، المُتواجدة بكثرة في محيط إكوسيوم فقام بنقل جزء منهم إلى الشلف، وحارب المُقاومين البربر الذين أثارهم تاكفاريناس في نفس الوقت، وبعد تيبريوس أرسل فسبازيان مستعمرة لوقف أعمال الشغب في إكوسيوم.
وبعد وفاة تاكفاريناس قام فيرموس بتحطيم إكوزيوم بمُساعدة جميع القبائل البربرية التي تعيش في الجبال المحيطة وذلك في القرن الرابع الميلادي، وفي بداية القرن الخامس الميلادي تم إدخال المسيحية إلى إكوزيوم. وفي عام 429 سقطت المدينة تحت سيطرة الوندال أثناء غزوهم لشمال أفريقيا وظلوا فيها حتى عام 442، ثم عقدت مُعاهدة سمحت لروما باسترجاع اِيكوسيوم.
وفي سنة 533 حاول البيزنطيون السيطرة عليها لكنهم واجهو مقاومة من قِبَل قبائل البربر.
العصر الوسيط
جاءت الفتوحات الإسلامية الإسلام إلى شمال أفريقيا عام 710م، وفي ذلك الوقت كانت مدينة الجزائر خاضعة لحكم سلالة المغراويون الزناتية، الذين هُزموا على يد زيري بن مناد الصنهاجي الذي كان مواليًا للفاطميين وقد أثبت شجاعته لهم عندما فاز على بربر الزناتة الخوارج (مغراوة، بنو يفرن...إلخ)، وبعد وفاة أبو يزيد قائد بنو يفرن، استولى زيري بن مناد على المنطقة الوسطى وأسس آشير عاصمةً للزيريين.
وبحسب ابن خلدون، كانت قبائل صنهاجة تسكن منطقة الجزائر مع حكم سلالة الزيريين (أوائل الصنهاجيين احتلوا مناطق المسيلة، المدية والجزائر)، بولوغين بن زيري وبتصريح من أبيه زيري بن مناد أسَّس ثلاث مدن هي جزاير بني مزغنة والمدية ومليانة وذلك بعد طرد الزناتة.
وفي عام 960م، أعاد بولوغين بن زيري بناء إكوسيوم في منتصف القرن العاشر، وذلك من خلال تحصين وتوسيع الموقع الذي كانت تحتله قبائل بني مزغنة وسماها جزاير بني مزغنة.
واستمرت الحرب بين الزناتيين وصنهاجة، وفي إحدى المعارك ضد المغراويين عام 971 م قُتِل زيري بن مناد وحُمِل رأسه إلى قرطبة من أجل الحصول على المساعدة في مواجهة جيش الزيريين الموالي للفاطميين وانتقاماً لموت أبي يزيد، وفي هذه الأثناء عيّن الخليفة الفاطمي المعز لدين الله بولوغين بن زيري خليفة على بلاد المغرب.
وواصل بولوغين حربه ضد الزناتة الذين طلبوا الدعم من أمويي قرطبة من أجل استعادة مناطقهم ومدنهم ومن بينها الجزائر، لكن بولوغين في ذلك الوقت كان قد بسط سيطرته على أرجاء بلاد المغرب كلها، من خلال اتّباع تعليمات المعز لدين الله، وقد سيطر بولوغين على مدن المغرب العربي كاملةً، وأصدر أوامره بالقضاء على جميع الزناتة، وأمر كذلك بجمع الضرائب من البربر بقوة السيف، وهو الأمر الذي تسبب في سخط واحتجاج القبائل الأخرى، فأعلنوا الحرب ضد الزيريين الذين قاموا بدحر مدينتي ميلة وسطيف، قَبِلَ الأمويون أخيرًا دعم الزناتة من أجل استعادة مناطقهم بالخصوص من مغراوة، ما دفع بولوغين للتراجع خاصة عند رؤية جيش زناتة كاملًا يقدم عن طريق البحر من الأندلس وهو يستقر في سبتة.
تلت وفاة بولوغين ابن زيري عام 983 فترة طويلة من الهزائم للزيريين، واسترجعت مغراوة أراضيها وهيبتها في المغرب الأوسط وفي الغرب بفضل زيري بن عطية فبسطت بذلك سيطرتها على كامل مدن الوسط حتى طنجة غربًا
في ذلك الوقت تخلّى الفاطميون عن مخططهم باحتلال الأندلس من أجل حماية مصر وباقي الأقاليم التابعة لهم، وبقي للزيريين سيادة على أراضيهم في شرق الجزائر إلى جانب الحماديين (قبائل صنهاجة).
واستولى المرابطون على مدينة الجزائر بفضل يوسف بن تاشفين الذي هزم جميع قبائل الزناتة وبنى أول مسجد يتبع المذهب المالكي بالمدينة وهو الجامع الكبير سنة 1097. ولم تنشب أي حرب بين المرابطين والزيريين فكلاهما من قبائل صنهاجة، وعلى الرغم من قوة السلالة الزيرية فقد أُطيح بهم من قبل روجر الثاني ملك صقلية في عام 1148.
وفي سنة 1151 انتزع أمير الموحدين عبد المؤمن بن علي الكومي مدينة الجزائر من المرابطين ليُوّحد فيما بعد بلاد المغرب والأندلس تحت حكمه، وفي القرن الثالث عشر، استولى سلاطين بني زيان من تلمسان على مدينة الجزائر، وأصبحت اسميًا جزءًا من سلطنة تلمسان.
وفي عام 1302م، سيطر الإسبان على جزيرة بينون (بالإسبانية: Peñón) القريبة من ميناء الجزائر العاصمة، وبعد ذلك، نشأت علاقات تجارية بين الجزائر وإسبانيا ومع ذلك، ظلت الجزائر ذات أهمية ضئيلة نسبيا حتى بعد طرد مورسكيون من إسبانيا عام 1492م، وقد التمس الكثير منهم اللجوء إلى مدينة الجزائر. وفي سنة 1510 وبعد احتلال الإسبان وهران وغيرها من المدن على الساحل الأفريقي، حاصر الإسبان مدينة الجزائر وبنوا حصنا على جزيرة صغيرة في خليجها (جزيرة بينون) لقصف المدينة ومنع الامدادات عنها وقاموا بفرض ضريبة لوقف نشاط القرصنة. وفي أواخر عام 1510 استولى فرناندو الكاثوليكي على مدينة الجزائر. وفي عام 1516م، قام سالم التومي قائد بني مزغنة بطلب الحصول على المساعدة من الأتراك.
الحُكم العثماني
في عام 1516 قام الأمير سالم التومي بطلب النجدة من الأخوين عروج وخير الدين بربروس لطرد الإسبان، فقاموا بتلبية طلبه واستقر عروج بربروس أول الأمر بجيجل، ثم استولى على المدينة بعد طرد الإسبان منها في معركة الجزائر (1516)، على رأس 1.300 رجل تركيا وأسطول مُكوّن من 16 سفينة شراعية، ليصبح سيد المدينة بعد أن ضيق الخناق على سالم التومي، الذي لجأ إلى مسقط رأس عائلته كوكو (إيفيغاء).
وخلف خير الدين أخاه عروج، بعد اغتياله في معركة سقوط تلمسان سنة 1517 ضد الإسبان، وأسس خير الدين باشليك التي أصبحت فيما بعد بيليك الجزائر، وشنت القوات الإسبانية حملة جديدة على مدينة الجزائر سنة 1519م للقضاء على خير الدين ورفاقه لكنها باءت بالفشل. وبعد الحملات الإسبانية المُتكرّرة على مدينة الجزائر قام أهل الجزائر بطلب الحماية من السلطان العثماني سليمان القانوني مقابل الانطواء تحت لواء الإمبراطورية العثمانية، وهو ما لقي القبول عند السلطان العثماني، وقام بمساعدة الجزائر بألفي جندي انكشاري وبمثلها من المُتطوّعين، وقام سليمان القانوني بتعيين خير الدين بايلرباي (أمير الأمراء) على الجزائر وذلك أواخر 1519م. وفي عام 1524 فقد خير الدين الجزائر، لكنه استعادها في معركة الجزائر (1529).
سعى كارلوس الخامس ملك إسبانيا والإمبراطورية الرومانية المقدسة، للاستيلاء على المدينة في معركة الجزائر (أكتوبر 1541) ولكن عاصفة بحرية دمّرت عددًا كبيرًا من سفنه وجيشه المكون من 30.000 رجل من الإسبان أساسًا فهزمه الجزائريون تحت راية الباشا حسن.
وكانت الجزائر رسميًا جزءًا من الإمبراطورية العثمانية ولكنها في الواقع خارجة عن سيطرتها، بمعنى أنها كانت تتمتع بحكم ذاتي. بدءًا من القرن 17 تحولت الجزائر إلى أعمال القرصنة والافتداء (أصبح الجهاد البحري النشاط الاقتصادي الرئيسي) نظرًا لموقعها الحدودي على هامش المجالات الاقتصادية العثمانية والأوروبية، وتبعًا للسيطرة المتزايدة لسفن الشحن الأوروبية بدعم من القوات البحرية الأوروبية. جرت محاولات متكررة من جانب دول مختلفة لإخضاع القراصنة الذين أضروا بالملاحة في غرب البحر الأبيض المتوسط واشتركوا في غارات الرق إلى أقصى الشمال حتى آيسلندا. حيث خاضت الولايات المتحدة حربين وهما: (حرب البربر الأولى والثانية) ضد هجمات الجزائر على سفن الشحن البحري.
وعندما كانت المدينة تحت السيطرة العثمانية كانت محاطة بسور من جميع الأطراف وحتى على طول الواجهة البحرية، جيث كانت لهذا السور خمسة أبواب تسمح بولوج المدينة وخمسة طرق، واحد من كل باب تعبر المدينة حتى تلتقي أمام مسجد كتشاوة. الطريق الرئيسي بالمدينة يمتد من الشمال إلى الجنوب ليقسمها إلى قسمين:
المدينة العليا (آل-جبل، أو 'الجبل'): تتألف من حوالي خمسين حارة صغيرة من الأندلسيين، اليهود، المور والقبائل.
المدينة المُنخفضة (الوطاء، أو 'الأرض المنبسطة'): وهي المركز الإداري والعسكري والتجاري للمدينة، يسكنها غالبية من الشخصيات التركية وغيرها من أسر الطبقة العليا. عام 1556 شيدت قلعة في أعلى مكان من السور. وفي القرن الثامن عشر استقل داي الجزائر بها عن تركيا.
وفي عام 1817، تم قصف المدينة من طرف أسطول بريطاني تحت قيادة اللورد اكسماوث بمساعدة من رجال الحرب الهولنديين وقاموا بتدمير أسطول القراصنة الذين يأويهم ميناء مدينة الجزائر.