الجمعة، 23 أغسطس 2019

البخاري "أمير المؤمنين في الحديث "

قامت الأم من نومها ، تقول في فرح : يا لها من رؤية طيبة !! نبي الله "إبراهيم" – عليه السلام- يأتيني في منامي ويقول لي :

"يا هذه ، قد رد الله على ابنك بصره لكثرة دعائك " . اللهم اجعلها بشرى خير ، اللهم استجب دعائي ، ورد على ولدى الصغير بصره .

وسارت الأسم الصالحة إلى حجرة ولدها ، وهى تحرك قدميها بصعوبة بالغة ، وعندما وصلت إلى فراشه همت أن توقظه لكنها ترددت كثيرًا ، فقد كان قلبها المكلوم يرتجف بشدة ، فأخذت تمسح بيديها المرتعشتين على رأسه بحنان وعطف، وهى ما زالت تدعو الله أن يستجيب لها ويشفى ولدها ، فاستيقظ الصغير من نومه ، وأخذ ينظر في دهشة وهو يحرك جفونه باضطراب ، ويقول بصوت متقطع :

 أمي !!إنني أراك يا أمي !! أرى وجهك الجميل !! أرى حجرتي ولعبي !!

الحمد لله .. الحمد لله .. لقد رد الله إلىَّ بصري !!!

أحست الأم من فرحتها أنها في حلم جميل ، لكنها ما لبثت أن عادت إلى وعيها بعد أن رأت ولدها الحبيب يجرى ويلعب كما كان يفعل من قبل ، فقالت في إيمان وفرحة :

الحمد لله .. الحمد لله القادرعلى كل شيء .

وذات صباح كانت الأم ترتب منزلها فوقعت يدها على بعض الأوراق المدونة عليها أحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فتذكرت زوجها الحبيب "إسماعيل" وقالت في حزن وألم ، وهى تمسح دمعة حارة قد انحدرت على وجنتيها : يرحمك الله يا أبا "محمد" لقد كنت رجلاً تقيًّا ورعًا ، وكم كنت تتمنى أن يكون ولدك "محمد" من رجال العلم ، وإنني أعاهدك أن أبذل كل ما في وسعى لكي أحقق لك أمنيتك الغالية إن شاء الله ،ثم نادت على ولدها في حب ، فأقبل الصغيرمسرعًا في أدب فقالت له : لقد آن لك يا بنى أن تطلب العلم وتنفع نفسك وتنفع الناس من حولك ، وسوف أرسلك غدًا إلى الكتاب لكي تحفظ القرآن ، وتتعلم الحديث النبوي الشريف ، وتدرس اللغة العربية لتصبح عالمًا جليلاً كما كان أبوك "إسماعيل" – يرحمه الله .

فقال الصغير "محمد" في ذكاء : أو كان أبى عالمًا كبيرًا يا أمي ؟

فقالت الأم : نعم يا بنى ؛ فقال "محمد" في أدب : أعدك يا أمي أن أسير على نهجه وأسلك طريقه بجد واجتهاد بإذن الله .

كانت مدينة "بخارى" (تقع الآن في دولة أوزبكستان الإسلامية ) من أعظم مدن بلاد "ما وراء النهر" حينئذ ، وكانت الكتاتيب التي تعلم اللغة العربية والقرآن الكريم والتاريخ والفقه منتشرة بصورة واسعة في أرجاء المدينة ، فانطلق الصغير "محمد بن إسماعيل البخاري" ينهل العلم من تلك الموارد العذبة ، فظهر عليه نبوغ مبكر أذهل كل من حوله ، فقد كان يملك ذهنًا وقَّادًا ، وقلبًا واعيًا ، وذاكرة مدهشة، وقدرة فائقة على الحفظ ، حتى إنه أتم حفظ القرآن الكريم ، وأتقن اللغة العربية ، وألم بكثير من الفقه وحفظ الحديث النبوي ، ولم يكن قد جاوز العاشرة من عمره ، وكانت الأم الصالحة دائمًا ما تشجع ولدها ، وتهيئ له البيئة الصالحة لطلب العلم ، وبعد أن أتم "البخاري" دراسته في الكتاب رأت أمه الواعية أن ترسله إلى حلقات العلم المعروفة في "بخارى" "سمرقند" و"بيكند" و"مرو" و"نيسابور" ، وذاعت شهرته بين العلماء حتى صار يناقش أساتذته، بل ويصحح لهم في بعض الأحيان !!

ولم يقف التفوق والنبوغ بالبخاري عند هذا الحد بل إن شيخه "محمد بن سلام البيكندى" عالم "بخارى" ومحدث بلاد "ما وراء النهر" كان يطلب منه أن يراجع له بعض كتبه فإذا وجد فيها خطأ صوبه ، فكان العلماء يتساءلون متعجبين : من يكون ذلك الغلام الذي يصحح كتب أستاذه ؟!

فكان الإمام "البيكندى" يقول في فخر واعتزاز بتلميذه النجيب : هذا الذي ليس له مثيل !!

وكثيرًا ما كان الإمام "البيكندى" يحدث زملاءه عن تلميذه "البخاري" الذي يحفظ سبعين ألف حديث ، وليس ذلك فحسب بل إنه لا يحدث بحديث عن الصحابة أو التابعين إلا وكان يعرف متى وأين ولدوا ؟ وأين عاشوا ؟ ومتى كانت وفاتهم؟!!

ومرت السنون ، وأصبح "محمد بن إسماعيل" في السادسة عشرة من عمره فأحس أنه في حاجة ماسة إلى أن يطلب العلم في ربوع الدنيا ؛ حتى يشبع نهمه ويروى ظمأه ، فتوجه إلى "مكة المكرمة" في صحبة أمه وأخيه الكبير "أحمد" سنة

 (210 ه) للحج وطلب العلم ، وبعد انقضاء موسم الحج عادت الأم وولدها "أحمد" إلى "بخارى" ، وبقى "البخاري" بمكة يتنقل بين مناراتها العلمية شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا ، فلم تمرعليه سنتان في تلك البلدة الطاهرة حتى بدأ في تأليف كتاب "قضايا الصحابة والتابعين " الذي يعد أول مؤلفاته الخالدة .

وكان دائمًا ما يحلو للبخاري أن يذهب إلى "المدينة المنورة" ، وكان من ثمار هذا المكان وبركته أن ألف "البخاري" كتاب "التاريخ الكبير" الذي يعد أول كتاب جامع لأسماء رواة الحديث النبوي الشريف وأحوالهم.



ومن "المدينة المنورة" تلك البقعة العطرة الطاهرة انطلق "البخاري" في نشاط لا يعرف الكسل يطوف بلدان العالم الإسلامي حبًّا في حديث النبي – صلى الله عليه وسلم- ، فسافر إلى "الحجاز" و"الشام" و"مصر" و "خراسان" (وهى منطقة واسعة تقع اليوم في الشمال الشرقي من "إيران" وجنوب "روسيا" وغرب "أفغانستان" )

وزار "البصرة" ونزل ببغداد ، وكانت حينئذ عاصمة للخلافة العباسية . وقد استفاد "البخاري" من تلك الرحلات العلمية أعظم استفادة ، وقرت عينه بمقابلة معظم رجال الحديث في زمانه فجلس إليهم واستمع منهم وحفظ عنهم العلم



وذات مساء رأى "البخاري" رؤية عجيبة كانت لها أثرًا عظيمًا جدًّا في حياته كلها!!

فقد رأى نفسه وهو واقف أمام رسول الله – صلى الله عليه وسلم- وهو يمسك في يده مروحة يدفع بها الأذى عن النبي – صلى الله عليه وسلم – فأصابته الحيرة وأخذته الدهشة فذهب إلى شيوخه ليسألهم عن تفسيرهذه الرؤية فقالوا له في فرحة: إنك إن شاء الله سوف تدفع الكذب والافتراء عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم

– وهنا تذكر "البخاري" شيخه "إسحاق بن راهويه" عالم "خراسان" الكبير عندما قال لتلاميذه : "لو أنكم جمعتم كتاباً مختصراً في الصحيح من سنة رسول الله- صلى الله عليه وسلم" .

فوقع ذلك القول في قلب "البخاري" ، وتذكر ذلك الحلم الذي كان يلح عليه منذ بدأ يطلب الحديث النبوي الشريف ، فشمر من فوره عن ساعد الجد ، وخاض غمار رحلته الطويلة في تأليف ذلك الكتاب العظيم سنة (217 ه) ، وكان عمره حينئذٍ ثلاثة وعشرين عامًا.

وبسبب ذلك الحلم قطع "البخاري" آلاف الأميال متنقلاً بين أقطار العالم الإسلامي متعرضًا للمتاعب والأهوال ، متكبدًا المشاق الكبيرة ، ربما من أجل حديث واحدٍ من أحاديث رسول الله – صلى الله عليه وسلم ، وقد وصل به الأمر في بعض الأحيان أن أكل الحشائش لكي يسد جوعه بعد ما أنفق كل ما معه من مال ، حتى الساعات القليلة التي كان يقتنصها لينال قسطًا قليلاً من الراحة والنوم ، لم يكن يترك نفسه تهنأ بها ؛ فقد كان يقوم في الليلة الواحدة من خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة يوقد السراج ، ثم يجلس يصنف ويرتب ما جمعه من أحاديث .

وقد أخذ "البخاري" شرطًا على نفسه ألا يكتب حديثًا عن راوٍ من رواة الحديث إلا بعد أن يلتقي به بنفسه ، ويسمع منه الحديث بأذنه ، وكان لا يأخذ حديثًا إلا ممن يتصفون بالأمانة والإتقان والدقة والورع وقوة الحفظ ، وبعد كل ذلك كان يغتسل ويصلى ركعتين لله- عز وجل – ثم يضع الحديث الذي تكتمل كل شروطه في كتابه .

وبعد ستة عشرعامًا من الجهد والعمل المتواصل أتم "البخاري" كتابه الجليل ، جامعًا بين دفتيه ما يقرب من (7000) حديث صحيح ، اختارها من بين

(600.000) حديث من الصحيح وغير الصحيح ، وقد ترك "البخاري" كثيرًا من الأحاديث الصحيحة حتى لا يطول الكتاب ، واختار الإمام اسم "الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وسننه وأيامه" ليكون عنوانًا لأصح كتاب بعد كتاب الله – عز وجل المعروف (بصحيح البخارى)

وقد نال الكتاب شهرة كبيرة ، وحظى "البخاري" بسببه بمكانة عظيمة ، كان جدير بمثله أن يتبوءها ، فقد كان – رضى الله عنه – واسع المعرفة غزير العلم ، عظيم الخلق ، سمح الطبع ، عزيز النفس ، عفيف اللسان ، زاهدًا في الدنيا ، قوى الإيمان ، شديد المراقبة لله ، وبعد أن ذاعت شهرة الإمام "البخاري" في ربوع الدنيا أقبل ألوف الدارسين يتتلمذون على إمام الحفاظ والمحدثين حتى وصل عدد من كان يحضر مجلسه ببغداد إلى عشرين ألف إنسان ، وكان من أعلام تلامذته : "الترمذى" و"النسائي" و"مسلم"وغيرهم .

وفى عام (250 ه) رحل "البخاري" إلى مدينة "نيسابور" من مدن "خراسان" ، وأقام فيها مدة يعلم أهلها ، ثم قرر أن يعود إلى بلده الحبيب " بخارى" فتسابق أهلها إلى الخروج لاستقباله في احتفال عظيم نصبت فيه الخيام ، وعلقت الزينات ونثرت على الإمام الورود والدراهم والدنانير ، وكانت فرحة عظيمة عمت "بخاري" كلها .

وتشاء رحمة الله بالإمام ألا يقبضه إليه قبل أن تطمئن نفسه ، وتعود الفرحة إلى قلبه ، فى أحد الأيام أرسل إليه أهل "سمرقند" يطلبونه ، فأجابهم الإمام إلى طلبهم ، واستعد للرحيل إليهم في سعادة بالغة ، فلما مشى إلى دابته قليلاً قال : "أعيدوني فقد ضعفت واشتد على المرض"  فلما أعادوه إلى بيته دعا بدعوات ، ثم اضطجع على سريره ، وسال منه عرق غزير ، ثم صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها ، وكانت وفاته – رضى الله عنه – ليلة السبت ، أول شهر شوال سنة (256 ه = 870 م) ، وكان عمره حينئذ اثنين وستين عامًا ، ودفن الإمام بقرية "خرتنك" ، وهى تعرف الآن بقرية "خواجة صاحب" ، فرضى الله عنه، وأسكنه فسيح جناته آمين

نبذة مختصرة عن السيرة الذاتية للعلامة الشيخ صالح الفوزان

نسبه :
هو فضيلة الشيخ الدكتور: صالح بن فوزان بن عبد الله, من آل فوزان من أهل الشماسية, الوداعين من قبيلة الدواسر.

نشأته ودراسته :
ولد عام 1354 هـ, وتوفي والده وهو صغير, فتربى في أسرته, وتعلم القرآن الكريم, وتعلم مبادىء القراءة والكتابة على يد إمام مسجد البلد, وكان قارئا متقنا وهو فضيلة الشيخ: حمود بن سليمان التلال, الذي تولى القضاء أخيرا في بلدة ضرية في منطقة القصيم.

ثم التحق بمدرسة الحكومة حين افتتاحها في الشماسية عام 1369 هـ, وأكمل دراسته الابتدائية في المدرسة الفيصلية ببريدة عام 1371 هـ, وتعين مدرسا في الابتدائي, ثم التحق بالمعهد العلمي ببريدة عند افتتاحه عام 1373 هـ, وتخرج منه عام 1377 هـ, والتحق بكلية الشريعة بالرياض, وتخرج منها عام 1381 هـ, ثم نال درجة الماجستير في الفقه, ثم درجة الدكتوراه من هذه الكلية في تخصص الفقه أيضا.

أعماله الوظيفية :
بعد تخرجه من كلية الشريعة عين مدرسا في المعهد العلمي في الرياض, ثم نقل للتدريس في كلية الشريعة, ثم نقل للتدريس في الدراسات العليا بكلية أصول الدين, ثم في المعهد العالي للقضاء, ثم عين مديرا للمعهد العالي للقضاء, ثم عاد للتدريس فيه بعد انتهاء مدة الإدارة, ثم نقل عضوا في اللجنة الدائمة للإفتاء والبحوث العلمية, ولا يزال على رأس العمل.

أعماله الأخرى :
فضيلة الشيخ عضو في هيئة كبار العلماء, وعضو في المجمع الفقهي بمكة المكرمة التابع للرابطة, وعضو في لجنة الإشراف على الدعاة في الحج, إلى جانب عمله عضوا في اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء, وإمام وخطيب ومدرس في جامع الأمير متعب بن عبد العزيزآل سعود في الملز, ويشارك في الإجابة في برنامج (نور على الدرب) في الإذاعة, كما أن لفضيلته مشاركات منتظمة في المجلات العلمية على هيئة بحوث ودراسات ورسائل وفتاوى, جمع وطبع بعضها, كما أن فضيلته يشرف على الكثير من الرسائل العلمية في درجتي الماجستير والدكتوراه, وتتلمذ على يديه العديد من طلبة العلم الذين يرتادون مجالسه ودروسه العلمية المستمرة.

مشايخه :
تتلمذ فضيلة الشيخ على أيدي عدد من العلماء والفقهاء البارزين, ومن أشهرهم سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز, وسماحة الشيخ عبد الله بن حميد, حيث كان يحضر دروسه في جامع بريدة, وفضيلة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي, وفضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي, وفضيلة الشيخ صالح بن عبد الرحمن السكيتي, وفضيلة الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي, وفضيلة الشيخ محمد بن سبيل, وفضيلة الشيخ عبد الله بن صالح الخليفي, وفضيلة الشيخ إبراهيم بن عبيد العبد المحسن, وفضيلة الشيخ حمود بن عقلا, والشيخ صالح العلي الناصر. وتتلمذ على غيرهم من شيوخ الأزهر المنتدبين في الحديث والتفسير واللغة العربية.

مؤلفاته :
لفضيلة الشيخ مؤلفات كثيرة, من أبرزها:
1- (التحقيقات المرضية في المباحث الفرضية) في المواريث, وهو رسالته في الماجستير, مجلد.
2- (أحكام الأطعمة في الشريعة الإسلامية) , وهو رسالته في الدكتوراه ; مجلد.
3- (الإرشاد إلى صحيح الاعتقاد) مجلد صغير.
4- (شرح العقيدة الواسطية) مجلد صغير.
5- (البيان فيما أخطأ فيه بعض الكتاب) مجلد كبير.
6- ( مجموع محاضرات في العقيدة والدعوة) مجلدان.
7- (الخطب المنبرية في المناسبات العصرية) في أربع مجلدات.
8- (من أعلام المجددين في الإسلام).
9- (رسائل في مواضيع مختلفة).
10- (مجموع فتاوى في العقيدة والفقه) مفرغة من نور على الدرب, وقد أنجز منه أربعة أجزاء.
11- (نقد كتاب الحلال والحرام في الإسلام).
12- (شرح كتاب التوحيد- للشيخ محمد بن عبد الوهاب), شرح مدرسي.
13- ( التعقيب على ما ذكره الخطيب في حق الشيخ محمد بن عبد الوهاب ).
14- (الملخص الفقهي) مجلدان.
15- (إتحاف أهل الإيمان بدروس شهر رمضان).
16- ( الضياء اللامع من الأحاديث القدسية الجوامع) .
17- (بيان ما يفعله الحاج والمعتمر).
18- (كتاب التوحيد) جزءان مقرران في المرحلة الثانوية بوزارة المعارف.
19- (فتاوى ومقالات نشرت في مجلة الدعوة), وهو هذا الذي نشر ضمن (كتاب الدعوة).

علاوة على العديد من الكتب والبحوث والرسائل العلمية, منها ما هو مطبوع, ومنها ما هو في طريقه للطبع.

نسأل الله تعالى أن ينفع به, وأن يجعله في موازين حسنات شيخنا الجليل, إنه سميع مجيب. 

الشيخ عز الدين القسَّام

لحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

الشيخ عز الدين القسَّام:

من أعلام الدعوة الإسلامية بفلسطين، وأوائل الداعين للجهاد بها، ولد بقرية جبلة السورية "جنوب اللاذقية"، في أواخر القرن التاسع عشر ولا يعلم عام مولده على وجه اليقين، لكن المشهور أنه كان عام 1882 م، نشأ في بيت متدين ودرس بالأزهر والأستانة، ولما رجع إلى قريته عمل مدرساً بمسجد السلطان إبراهيم.

شارك في العمليات الجهادية عام 1919م ضد القوات الفرنسية التي دخلت سوريا 1918م عقب إعلان الدولة العثمانية سحب قواتها منها بعد فشل الثورة المسلحة ضد القوات الفرنسية التي أحكمت سيطرتها على البلاد، حاول الفرنسيين استمالة الشيخ عز الدين القسام وتوليته القضاء، فرفض، فحكموا عليه غيابياً بالإعدام فهرب إلى حيفا بفلسطين عام 1921م والتي كانت تحت الاحتلال الانجليزي منذ عام 1917م.

استقر القسام بحيفا وعمل بها مدرساً فخطيباً ومأذوناً شرعياً، ونشط في دعوة الناس للالتزام بالدين والاستعداد للجهاد.

بدأ عملياته الجهادية في فلسطين هو ورفاقه عام 1929م إثر حادث البراق الذي حاول فيه اليهود استقطاع جزء من حائط البراق لصالحهم فحدث اشتباك عنيف بينهم وبين المسلمين بالقدس، قتل وجرح فيه عدد كبير من الفريقين.

كان الهدف الأساسي لعمليات القسام إلقاء الرعب في قلوب اليهود لوقف الهجرة الجماعية لفلسطين، والتي كانت تجري وفق مخطط صهيوني إنجليزي ماكر لإيجاد الفرصة المناسبة بعد ذلك لقيام الدولة اليهودية بفلسطين، والتي وعدهم بها بلفور -وزير خارجية بريطانيا عام         1917م- في بداية الاحتلال الانجليزي لفلسطين.

استطاع القسام وأصحابه بعملياتهم الجهادية أن ينشروا الرعب والذعر في قلوب اليهود والانجليز، فقامت القوات الانجليزية بشن حملة اعتقالات واسعة والتحقيق مع المعتقلين واستطاعوا التعرف على سر تلك العمليات، وتتبعوا الشيخ عز الدين وأصحابه حتى حاصروهم، ودارت بينهم وبين المجاهدين معركة عنيفة انتهت بمقتل أكثر المجاهدين بما فيهم قائدهم عز الدين القسام وذلك عام 1935م.

لم يعرف المسلمون الشيخ عز الدين القسام في حياته مثلما عرفوه بعد موته بعد ما ذاع نشاطه الدعوي والجهادي على ألسنة تلامذته وأصحابه، وبعد قيام حركة حماس 1987م، أطلقت على الجناح العسكري لها اسم "كتائب عز الدين القسام"، اعترافاً له بفضله في حركة الجهاد الفلسطينية.

رحم الله الشيخ القسام الذي عاش داعياً ومجاهداً ومعلماً وخطيباً وواعظاً، وجعل له مثل أجر تلامذته المجاهدين والمتأسين به من بعده. اللهم آمين.

تواريخ مهمة في حياة أمهات المؤمنين

تواريخ مهمة في حياة أمهات المؤمنين





اسم (أم المؤمنين)

المولد

الزواج من النبي

الوفاة

عمرها عند زواج النبي بها

عمرها عند وفاة النبي

المدة التي عاشتها مع النبي

عمرها عند الوفاة

1

السيدة خديجة

68 ق.هـ/ 554م

28 ق.هـ/ 594م

3 ق.هـ/ 619م

40 سنة

توفيت قبله

25 سنة منها عشرة بعد البعثة

65 سنة

2

السيدة سودة

؟؟

3 ق.هـ/ 619م

54هـ/ 674م

؟؟

؟؟

14 سنة

؟؟

3

السيدة عائشة

7 ق.هـ/ 615م

1 ق.هـ/ 621م وبنى بها سنة 2هـ/ 624م

58هـ/ 678م

6 عند العقد و9 عند البناء

18 سنة

9 سنين

65 سنة

4

السيدة حفصة

18 ق.هـ/ 604م

3هـ/ 625م

45 هـ / 665 م

21 سنة

29 سنة

8 سنين

63 سنة

5

زينب بنت خزيمة

26 ق.هـ/ 596م

3 هـ/ 625م

4هـ/ 625م

29 سنة

توفيت قبله

8 أشهر

30 سنة

6

السيدة أم سلمة

24 ق.هـ/ 598م

4هـ/ 626م

61هـ/ 680م

28 سنة

35 سنة

7 سنين

85 سنة

7

زينب بنت جحش

32 ق.هـ/ 590م

5هـ/ 627م

21هـ/ 642م

37 سنة

43 سنة

6 سنين

53 سنة

8

السيدة جويرية

14 ق.هـ/ 608م

5هـ/ 628م

56هـ/ 676م

19 سنة

25 سنة

6 سنين

70 سنة

9

السيدة صفية

9 ق.هـ/ 613م

7هـ/ 628م

50هـ/ 670م

16 سنة

20 سنة

4 سنين

59 سنة

10

السيدة أم حبيبة

25 ق.هـ/ 596م

7هـ/ 628م

44هـ/ 664م

32 سنة

36 سنة

4 سنين

69 سنة

11

السيدة ميمونة

29 ق.هـ/ 593م

7هـ/ 629م

51هـ/ 671م

36 سنة

40 سنة

4 سنين

80 سنة



نتائج مهمة:
- لم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بنساء جدد خلال الأربع سنوات الأخيرة من حياته.

- مجموع السنوات التي عاشتها أمهات المؤمنين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مجتمعة تصل إلى ثمانين سنة، ينهلن فيها من فيض النبوة، ويجتمعن على مائدة الرسالة.

- لم تذكر كتبُ التاريخِ والتراجمِ العامَ الذي وُلِدَتْ فيه السيدة سودة بنت زمعة رضي الله عنها؛ ممَّا ترتَّب عليه عدم معرفة عمرها عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا معرفة كم عاشت من السنين.

الأسد الشجاع أبو شجاع ألب أرسلان

كتبه/ محمد سرحان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد،

فهو السلطان الكبير الملك العادل عضد الدولة أبو شجاع ألب أرسلان، محمد بن السلطان جغري بك داود بن ميكائيل بن سلجوق بن تُقاق بن سلجوق التركماني الغزي، من عظماء ملوك الإسلام وأبطالهم. (الذهبي - سير أعلام النبلاء)

وهو أحد ملوك دولة السلاجقة التي قامت فترة الخلافة العباسية، ولكنها كانت خاضعة لها، لم تخرج على دولة الخلافة وتنفرد بالملك دونها، وكانت تدين بالمذهب السني.

توليه الملك:

توفي طغرل بك (أحد أكبر ملوك دولة السلاجقة) سنة 445هـ دون أن يترك ولداً يخلفه على سدة الحكم، فشب صراع على الحكم حسمه ابن أخيه ألب أرسلان لصالحه بمعاونة وزيره النابِه نظام الملك المعروف بالذكاء وقوة النفوذ وسعة الحيلة وتنوع الثقافة.

وكانت سوابقُ ألب أرسلان تزكي اختياره للحكم، فهو قائد ماهر وفارس شجاع.

نشأ في خراسان، حيث كان والده "جغري بك" حاكماً عليها، وأسندت إليه قيادة الجيوش في سن مبكرة، فأظهر شجاعة نادرة في كل المعارك التي خاض غمارها، وبعد وفاة أبيه تولى هو إمارة خراسان خلفاً له.

بداية عهده:

لم تسلم الفترة الأولى من عهده من الفتن والثورات سواء من ولاته أو من بعض أمراء البيت الحاكم، فقضى على فتنة ابن عم أبيه "شهاب الدولة قتلمش" سنة 456هـ، وكانت فتنة هائلة كادت تقضي على ألب أرسلان، بعد أن استولى "قتلمش" على "الري" عاصمة الدولة، وأعلن نفسه سلطاناً، فجمع له ألب أرسلان، فقال له وزيره: أيها الملك لا تخف فإني قد استخدمت لك جنداً ليلياً يدعون لك، وينصرونك بالتوجه في صلواتهم وخلواتهم، وهم العلماء والصلحاء، فطابت نفسه.

وأحبط محاولة عمه "بيغو" للاستقلال بإقليم هراه سنة 457هـ.

وبعد سنوات من العمل الجاد نجح ألب أرسلان في المحافظة على ممتلكات دولته وتوسيع حدودها، ودانت كل الأقاليم بالطاعة والولاء، وأخمدت الفتن والثورات.

سياسته في حكمه وأهدافه:

كان ألب أرسلان قائداً ماهراً مقداماً محباً للجهاد في سبيل الله ونشر الإسلام، اتخذ سياسة خاصة تعتمد على:

أولاً: تثبيت أركان حكمه في البلاد الخاضعة لنفوذ السلاجقة قبل التطلع إلى إخضاع أقاليم جديدة إلى دولته.

ثانياً: نشر الإسلام في الدول المجاورة له الخاضعة لسلطان الدولة البيزنطية "الرومية".

ثالثاً: إسقاط الدولة العبيدية الشيعية المسماة بالدولة الفاطمية.

رابعاً: توحيد العالم الإسلامي تحت راية الخلافة العباسية السنية ونفوذ السلاجقة.

جهاده في سبيل الله:

ظل ألب أرسلان سبع سنوات تقريباً يتفقد أجزاء دولته المترامية الأطراف، ويسعى إلى تأمين الجبهة الداخلية لدولته، ولما اطمأن إلى استتباب الأمن، وتمكن السلاجقة من البلاد الخاضعة لهم؛ بدأ في نشر الإسلام في البلاد المجاورة له، حين أصبح دولته أكبر قوة في العالم الإسلامي سنة 463هـ.

فأعد جيشاً كبيراً واتجه نحو بلاد الأرمن وجورجيا فافتتحها، وضمها إلى مملكته وعمل على نشر الإسلام فيها، وأغار على شمال الشام، وحاصر الدولة المرداسية الشيعية في حلب، وأجبر أميرها محمود بن صالح بن مرداس على إقامة الدعوة للخليفة العباسي بدلاً من الخلفية الفاطمي العبيدي سنة 462هـ.

ثم أرسل قائده إلى جنوب الشام فانتزع الرملة وبيت المقدس من العبيديين "المسمَيْنَ الفاطميين".

وحاصر الرها، وكانت وقاعة تحت الحكم البيزنطي سنة 463هـ، وحاول فتحها بشتى الطرق فاستعصت عليه، فعقد مع أهلها صلحاً، وسار إلى حلب حتى يمنع أي محاولة التفاف من جانب الروم من جهة الجنوب، وعبر نهر الفرات سنة 463هـ (قال المأمون المؤرخ: لم يعبر الفرات في قديم الزمان ولا حديثه في الإسلام ملك تركي قبل ألب أرسلان)، وقدم له جميع أمراء الجزيرة الولاء بالإضافة إلى أمراء الترك والديلم.

موقعة "ملاذ كرد" أعظم أعمال ألب أرسلان:

قام ألب أرسلان بحملة كبيرة ضد الأقاليم النصرانية المجاورة لحدود دولته، فاتجه إلى أذربيجان جنوباً وغرباً لفتح بلاد الكرج والمنطلق المطلة على بلاد البيزنطيين، فهادن ملك الكرج ألب أرسلان، وصالحه على دفع الجزية، وصار بذلك الطريق مفتوحاً أمامه للعبور إلى الأناضول بعد أن سيطر على قلب أرمينية، فتوغل في عمق الأناضول فوصل إلى نيكسار (شمال شرق تركيا) وعمورية ثم قونيه، ثم خونيه القريبة من بحر إيجه سنة 463هـ.

وكان لهذه الانتصارات أثر، فتحرك ملك الروم "رومانوس" في جمع كبير من الروم والروس  والكرج والفرنجة وغيرهم من الشعوب النصرانية، حتى قدر ذلك بثلاثمائة ألف جندي أعدهم لملاقاة ألب أرسلان الذي ما إن علم باقتراب الروم ومن معهم حتى استعد للأمر واحتسب نفسه ومن معه، وكان في قلة من أصحابه لا تقارن بعدد الروم، قيل إنهم قرابة خمسة عشر ألفاً، ولم يكن لديه وقت لاستدعاء المدد، وقال قولته المشهورة: "أنا أحتسب عند الله نفسي، وإن سعدت بالشهادة ففي حواصل الطيور الخضر من حواصل النسور الغبر رمسي، وإن نصرت فما أسعدني وأنا أمسي ويومي خير من أمسي".

ثم أرسل وفداً إلى ملك الروم يعرض عليه الصلح، ولكنه تكبر وطغى ولم يقبل العرض، واجتمع الجيشان يوم الخميس الخامس والعشرين من ذي القعدة سنة 463هـ.

فلما كان وقت الصلاة من يوم الجمعة صلى بالعسكر، ودعا الله وابتهل وبكى وتضرع، وقال: أريد أن أطرح نفسي عليهم في هذه الساعة التي يُدعى فيها لنا وللمسلمين على المنابر.

وقال لجنوده: من أحب أن يتبعني منكم فليتبعني، ومن أحب أن ينصرف فليمض مصاحباً، فما هاهنا سلطان يأمر ولا عسكر يؤمر، فأنا اليوم واحد منم وغاز معكم، فقالوا: مهما فعلت تبعناك فيه، وأعناك عليه.

فبادر ولبس البياض وتحنط استعداداً للموت، وقال: إن قتلت فهذا كفني.

ثم وقع الزحف بين الفريقين ونزل السلطان ألب أرسلان عن فرسه ومرغ وجهه في التراب، وأظهر الخضوع والبكاء لله، وأكثر من الدعاء، ثم ركب وحمل على الأعداء، وصدق المسلمون القتال، وصبروا وصابروا حتى زلزل الله الأعداء، وقذف الرعب في قلوبهم، ونصر الله المسلمين عليهم، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وأسروا منهم جموعاً كبيرة، كان على رأسهم ملك الروم نفسه، أسره أحد غلمان المسلمين، فأحضره ذليلاً أمام السلطان؛ فعفى عنه، وقبل منه الفدية، وعلى أن يطلق كل أسير للمسلمين في بلاده، وكان هذا أول ملك للروم يأسره المسلمون.

وكانت هزيمة الروم في "ملاذ كرد" نقطة تحول في التاريخ البيزنطي، وكان من نتائجها القضاء على التحالف البيزنطي الفاطمي إلى غير ذلك من النتائج.

من صفاته -رحمه الله-:

قال ابن كثير في البداية والنهاية "كان عادلاً، سار في الناس سيرة حسنة كريماً رحيماً، شفوقاً على الرعية، رفيقاً على الفقراء، باراً بأهله وأصحابه ومماليكه، كثير الدعاء بدوام ما أنعم الله عليه، كثير الصدقات، يتصدق في كل رمضان بخمس عشر ألف دينار، ولا يعرف في زمانه جناية ولا مصادرة."

وزاد في الكامل: "وكان رحيم القلب، مقراً بأنعم الله عليه، وكان حريصاً على إقامة العدل في رعاياه وحفظ أموالهم وأعراضهم، بلغه أن غلاماً من غلمانه أخذ إزاراً لبعض التجار فصلبه، فارتدع سائر المماليك، وكتب إليه بعض السعاة في نظام الملك فاستدعاه وقال له: إن كان هذا صحيحاً فهذب أخلاقك وأصلح أحوالك، وإن لم يكن صحيحاً فاغفر لهم زلتهم بمُهمٍ يشغلهم عن السعاية في الناس، وكان كثيراً ما يقرأ عليه تواريخ الملوك وآدابهم وأحكام الشريعة".

وفاته -رحمه الله-:

توفي السلطان ألب أرسلان -رحمه الله- سنة 465هـ في جمادى الآخرة وله أربعون سنة، قتله نصراني يقال له يوسف الخوارزمي.

السلطان الكبير فاتح الهند "محمود بن سبكتكين"

كتبه/ محمد سرحان

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

السلطان الكبير يمين الدولة فاتح الهند أبو القاسم "محمود بن سبكتكين" الغزنوي:

قال عنه شيخ الإسلام -رحمه الله-: "ولما كانت مملكة محمود بن سبكتكين من أحسن ممالك بني جنسه؛ كان الإسلام والسنة في مملكته أعز؛ فإنه غزا المشركين من أهل الهند، ونشر مِن العدل ما لم ينشره مثله، فكانت السنة في أيامه ظاهرة، والبدع في أيامه مقموعة".

وقال عنه ابن كثير -رحمه الله-: "يمين الدولة، وأمين الملة، وصاحب بلاد غزنة وما والاها، سار فيهم وفي سائر رعاياه سيرة عادلة، وقام في نصر الإسلام قيامًا تامًا، وفتح فتوحات كثيرة في بلاد الهند وغيرها، وعظُم شأنه، واتسعت مملكته وامتدت رعاياها، وطالت أيامه؛ لعدله وجهاده وما أعطاه الله إياه".

وقال عنه الذهبي -رحمه الله- في السير: "خافته الملوك، واستولى على إقليم خراسان، ونَفَّذ إليه القادر بالله خلع السلطنة، ففرض على نفسه كل سنة غزو الهند، فافتتح بلادًا شاسعة، وكسر الصنم "سومنات" الذي كان يعتقد كفرة الهند أنه يحيي ويميت ويحجونه ويقربون له النفائس".

وقال السبكي -رحمه الله- في طبقات الشافعية: "أحد أئمة العدل ومن دانت له البلاد والعباد وظهرت محاسن آثاره، كان إمامًا عادلاً شجاعًا مفرطـًا، فقيهًا فهمًا، سمحًا جوادًا، وهو أحد أربعة لا خامس لهم في العدل بعد عمر بن عبد العزيز، ونور الدين محمود زنكي، وصلاح الدين، ونظام الملك.

كان -رحمه الله- مائلاً إلى الأثر إلْبًا على القرامطة والإسماعيلية وعلى المتكلمين على بدعة فيه فيما قيل؛ فقد كان من الكرَّامية ويغضب لهم -والكرامية إحدى فرق المرجئة-؛ فيغفر الله له هذه البدعة(1).

ورد إليه كتاب من "الحاكم" -الخليفة الفاطمي- يدعوه إلى طاعته، فخرق كتابه وبصق عليه.

قدم عليه "التاهرتي" الداعي من مصر يدعوه سرًا إلى مذهب الباطنية، وكان "التاهرتي" يركب بغلاً يتلون كل ساعة من كل لون، ففهم السلطان سر دعوتهم، فغضب وقتل "التاهرتي" الخبيث، وأهدى بغله إلى القاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزدي شيخ هراة، وقال: كان يركبه رأس الملحدين، فليركبه رأس الموحدين.

دخل عليه ابن فورك(2)، فقال للسلطان: لا يجوز أن يوصف الله بالفوقية؛ لأن لازم ذلك وصفه بالتحتية، فمن جاز أن يكون له فوق جاز أن يكون له تحت، فقال السلطان: ما أنا وصفته حتى يلزمني، بل هو وصف نفسه؛ فبهت ابن فورك، فلما خرج مِن عنده مات.

وكان مع ما هو فيه من الملك والسلطان جمَّ التواضع خاضعًا لخليفة المسلمين "القادر بالله"، فممَّا يدل على ذلك ما كتبه إلى أمير المؤمنين القادر بالله كتابه القائل فيه: "لقد كان العبد -يقصد نفسه- يتمنى قلع هذا الصنم "سومنات" ويتعرف الأحوال، فوصف له المفاوز إليه وقلة الماء وكثرة الرمال، فاستخار العبد اللهَ في الانتداب لهذا الواجب طلبًا للأجر".

نشر العلم في مملكته، وقرَّب العلماء والتقاة الصالحين، قال عبد الغافر الفارسي في ترجمته: "كان صادق النية في إعلاء الدين، مظفرًا كثير الغزو، وكان ذكيًا بعيد الغور صائب الرأي، وكان مجلسه مورد العلماء".

قال ابن كثير -رحمه الله-: "وكان في غاية الديانة والصيانة وكراهة المعاصي وأهلها، لا يحب منها شيئًا ولا يألفه ولا أن يسمع به، ولا يجسر أحد أن يظهر معصية ولا خمرًا في مملكته ولا غير ذلك، ولا يحب الملاهي ولا أهلها، وكان يحب العلماء والمحدثين ويكرمهم ويجالسهم، ويحب أهل الخير والدين والصلاح ويحسن إليهم".

وقال ابن كثير أيضًا: "وكان عادلاً جيدًا، اشتكى إليه رجل أن ابن أخت الملك يهجم عليه في داره وعلى أهله في كل وقت فيخرجه من البيت ويختلي بامرأته، وقد حار في أمره، وكلما اشتكاه لأحد من أولي الأمر لا يجسر أحد عليه؛ خوفـًا وهيبة للملك، فلما سمع الملك ذلك غضب غضبًا شديدًا، وقال للرجل: ويحك متى جاءك فأتني فأعلمني، ثم تقدم إلى الحجبة وقال لهم: إن هذا الرجل متى جاءني لا يمنعه أحد من الوصول إليَّ من ليل أو نهار، فذهب الرجل مسرورًا داعيًا.

فما كان إلا ليلة أو ليلتين حتى هجم عليه ذلك الشاب فأخرجه من البيت واختلى بأهله، فذهب باكيًا إلى دار الملك، فقيل له: إن الملك نائم، فقال: قد تقدم إليكم أن لا أُمنع منه ليلاً أو نهارًا، فنبَّهوا الملك، فخرج معه بنفسه وليس معه أحد حتى جاء إلى منزل الرجل، فنظر إلى الغلام وهو معه المرأة في فراش واحد، وعندهما شمعة تَقد.

فتقدم الملك، فأطفأ الضوء، ثم جاء فاحتز رأس الغلام، وقال للرجل: ويحك ألحقني بشربة ماء، فأتاه بها فشرب ثم انطلق الملك ليذهب.

فقال له الرجل: بالله لمَ أطفأت الشمعة؟ قال: ويحك إنه ابن أختي، وإني كرهت أن أشاهده حالة الذبح.

قال: ولم طلبت الماء سريعًا؟ فقال: إني آليت -حلفت- على نفسي منذ أخبرتني أن لا أطعم طعامًا ولا أشرب شرابًا حتى أنصرك وأقوم بحقك، فكنت عطشان هذه الأيام كلها حتى كان ما كان مما رأيت!

فدعا له الرجل، وانصرف الملك راجعًا إلى منزله، ولم يشعر بذلك أحد.

جهاده -رحمه الله-:

قال ابن كثير -رحمه الله-: "وفتح في بلاد الكفار من الهند فتوحات هائلة لم تتفق لغيره من الملوك لا قبله ولا بعده، وغنم مغانم كثيرة لا تنحصر ولا تنضبط من الذهب واللآلئ والسبي، وكسر من أصنامه شيئًا كثيرًا، وأخذ من حليها، ومن جملة ما كسر من أصنامهم صنم يقال له: "سومنات"، وهو صنمهم الأعظم، وقد كانوا يفدون إليه من كل فج عميق كما يفد الناس إلى الكعبة وأعظم، وينفقون عنده النفقات والأموال الكثيرة التي لا توصف ولا تُعَدُّ، وكان عليه من الأوقاف عشرة آلاف قرية ومدينة مشهورة، وعنده ألف رجل يخدمونه وثلاثمائة رجل يحلقون رؤوس حجيجه، وثلاثمائة رجل يغنون ويرقصون على بابه، وكان عنده من المجاورين ألوف يأكلون من أوقافه، وقد كان البعيد من الهنود يتمنى لو بلغ هذا الصنم، وقد تم له ذلك سنة 418 هجرية.

بلغ ما تحصل من حليته من الذهب عشرين ألف ألف دينار، وكسر ملك الهند الأكبر الذي يقال "حينان"، وقهر ملك الترك الأعظم الذي يقال له: "إيلك خان"، وأباد مُلك "السامانية" وقد ملكوا العالم في بلاد سمرقند وما حولها ثم هلكوا.

وبنى على "جيحون" جسرًا تعجز الملوك والخلفاء عنه غرم عليه ألفي ألف دينار، وهذا شيء لم يتفق لغيره، وكان في جيشه أربعمائة فيل تقاتل، وهذا شيء عظيم هائل" اهـ.

وقال ابن كثير -رحمه الله-: "وقد ذكر غير واحد أن الهنود بذلوا للسلطان محمود أموالاً جزيلة ليترك لهم هذا الصنم الأعظم، فأشار مَن أشار مِن الأمراء على السلطان محمود بأخذ الأموال وإبقاء هذا الصنم لهم، فقال: حتى أستخير الله -عز وجل-، فلما أصبح قال: إني فكرت في الأمر الذي ذكر فرأيت أنه إذا نوديت يوم القيامة: أين محمود الذي كسر الصنم؟ أحب إليَّ من أن يقال: ترك الصنم لأجل ما يناله من المال".

قال الدكتور عدنان النحوي في كتابه "ملحمة الإسلام في الهند": "لما جاء السلطان محمود الغزنوي كان همه الأول نشر الإسلام وإزاحة الشرك والوثنية، واستمر جهاده في الهند خمسًا وعشرين سنة؛ فهزم الملك "جيبال"، وفتح السلطان قلعة "كواكير"، وحطم أصنامهم التي بلغت ستمائة صنم، وهزم الملك "أنندبال" في صحراء "بيشاور"، وأبلت النساء المسلمات في الحرب بلاءً عظيمًا، وفتح قلعة "نكركوت"، وحطم صنمهم الأعظم هناك، وكذلك اتجه إلى "تهانسير" ليحطم الصنم الذي كانوا يعظمونه كثيرًا، وحاول أحد ملوك الهندوس ثنيه عن عزمه هذا بإغرائه بالمال الوفير، فأجابه السلطان محمود: إننا مسلمون نعمل لنشر الإسلام وهدم الأصنام ومعابدها، وبذلك نجد أضعافًا مضاعفة من الأجر والثواب عند الله، ولا حاجة لنا بهذا المال.

وعندما توجه إلى كشمير أسلم ملكها على يديه، ثم توجه إلى "كجرات"، وقصد معبد "سومنات" فيها، وحاول الوثنيون إقناعه بالعدول عن عزمه ذلك وعرضوا عليه الأموال، فأبى وقال: ما خرجت إلا لتحطيم الأصنام وإعلاء كلمة الله.

وفتح أماكن عدة في الهند، وينتقل من نصر يمن الله به عليه إلى نصر، ويدعو إلى الإسلام ويحطم الوثنية بكل صورها".

وقال أيضًا: "لقد قام السلطان محمود الغزنوي من "غزنة" عاصمة ملكه في أفغانستان، فتابع حملاته إلى داخل الهند، وقاد سبع عشرة حملة على شبه القارة الهندية بين 389هـ - 416هـ، وتوفي وترك دولة مسلمة واسعة تضم: زابلستان، وخوارزم، وخراسان، وطبرستان، وأصفهان، وكرمان، ومكران، والسند، والبنجاب.

وطيوف "غزنة" لم تزل في ساحها                            أصـداء فـرسـان وخفق مـهـنـد

أبـلى بها "محمـود" حتى أسـلـمــت                            لله أفــئـــدة ولـهــفــة أكــــبـــد

طــوبـى لـسـلطـان أبــَرَّ مـجــاهـــــد                             جمع الأئمة في وغى أو مسجد

جـمـع الأئـمـة حـولـه فــي مـــوكـب                            مـــاض لـمـلحمة وأكرم مـورد

للاستزادة:

البداية والنهاية - سير أعلام النبلاء - طبقات الشافعية - الكامل - ملحمة الإسلام في الهند - أطيب الكلام في ذكر الخلفاء وملوك الإسلام.

وصلِّ اللهم وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إن كانت قد وقعت منه، والظن أنه لم تقم عليه الحجة؛ لشدة حرصه على الخير. كتبه/ ياسر برهامي.

(2) ابن فورك: من الاشاعرة نفاة صفة العلو والفوقية.

سلسلـة نسـاء مؤمنـات ❈السـيدة نفيسـة ❈كريمـة الداريـن

عابدة.. زاهدة.. قانتة لله.. مُجابة الدعوة.. اجتهدت بالعبادة حتى أكرمها الله بكرامات عديدة.. هي السيدة المكرمة الصالحة ابنة أمير المؤمنين الحسن بن زيد بن سبط النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي -رضي الله عنهما-، العلويّة الحسنية، صاحبة المشهد الكبير المشهور في القاهرة. ويضيف الإمام الذهبي -رحمه الله-: "وقيل: كانت من الصالحات العوابد... ولجهلة المصريين فيها اعتقاد يتجاوز الوصف، ولا يجوز ممّا فيه من الشِّرك، ويسجدون لها، ويلتمسون منها المغفرة، وكان ذلك من دسائس دعاة العبيدية (الإسماعيلية)".



السيدة نفيسة .. ولادتها ونشأتها
ولدت يوم الأربعاء الحادي عشر من ربيع الأول عام مائة وخمسة وأربعين هجرية (145هـ) بمكة المكرمة، وبقيت فيها حتى بلغت خمسة أعوام. أتمت حفظ القرآن الكريم وهي في الثامنة من عمرها. صَحِبها أبوها مع أمها زينب بنت الحسن إلى المدينة المنورة، فكانت تذهب إلى المسجد النبوي وتتلقى العلم من علمائه وشيوخه، حتى حصلت على لقب "نفيسة العلم" قبل أن تصل لسن الزواج، وحجّت أكثر من ثلاثين حجة أكثرها ماشية. وكان أخوها القاسم رجلاً صالحًا زاهدًا خيِّرًا، سكن نيسابور، وله بها عَقِب، منهم السيد العلوي الذي يروي عنه الحافظ البيهقي.



زواج السيدة نفيسة
تزوجت "إسحاق المؤتمن" ابن جعفر الصادق رضي الله عنه في شهر رجب سنة 161هـ، وبزواجهما اجتمع نور الحسن والحُسَين، وأصبحت السيدة نفيسة كريمة الدارَيْن، فالسّيدة نفيسة جدُّهاالامام الحسن وإسحاق المؤتمن جدّه الامام الحسين رضي الله عنهما. وأنجبت لإسحاق ولدًا وبنتًا هما القاسم وأم كلثوم. وكان إسحاق مشهودًا له بالصلاح.



زهد السيدة نفيسة
كانت تمضي أكثر وقتها في حرم جدّها صلى الله عليه وسلم، وكانت الآخرة نصب عينيها، حتى إنها حفرت قبرها الذي دُفنت فيه بيديها، وكانت تنزل فيه وتصلي كثيرًا، وقرأت فيه المصحف مائة وتسعين مرة وهي تبكي بكاءً شديدًا.

وكان لأخيها يحيى (المتوّج) بنت واحدة اسمها (زينب) انقطعت لخدمة عمتها، تقول: خدمتُ عمّتي السيدة نفيسة أربعينَ عامًا، فما رأيتها نامَت بلَيل، ولا أفطرت إلا العيدين وأيام التشريق، فقلت لها: أمَا ترفُقِين بنفسِك؟ فقالت: كيف أرفُق بنفسي وأمامي عَقَبات لا يقطَعُهُنّ إلا الفائزون؟ وكانت تقول: كانت عمتي تحفَظ القرآن وتفسِّره، وكانت تقرأ القرآنَ وتَبكي.



السيدة نفيسة في مصر
وصلت السيدة نفيسة إلى القاهرة يوم السبت في 26 رمضان 193هـ قبل أن يقدم إليها الإمام الشافعي بخمس سنوات، واستقبلها أهل مصر بالتكبير والتهليل، وأخذوا يقبلون عليها يلتمسون منها العلم حتى ازدحم وقتها، وكادت تنشغل عما اعتادت عليه من العبادات، فخرجت على الناس قائلة: "كنتُ قد اعتزمت المقام عندكم، غير أني امرأة ضعيفة، وقد تكاثر حولي الناس فشغلوني عن أورادي، وجمع زاد معادي، وقد زاد حنيني إلى روضة جدي المصطفى".

ففزع الناس لقولها، وأبَوا عليها رحيلها، فخرج الألوف... بل المدينة كلها تتوسط لدى زوجها لتقبل البقاء بينهم، ولا تغادرهم. حتى تدخَّل والي المدينة "السَّري بن الحكم بن يوسف" فوهبها دارًا واسعة، ثم حدد يومين أسبوعيًّا يزورها الناس فيهما؛ طلبًا للعلم والنصيحة، لتتفرغ للعبادة بقية الأسبوع، فقبلت السيدة "نفيسة العلم" وساطة أهل مصر، ورضيت وبقيت بينهم.



قدر السيدة نفيسة عند الأمراء
يُروى أن أعوان أحد الأمراء قد قبضوا على رجل من العامة ليعذِّبوه، فبينما هو سائر معهم مرّ بدار السيدة نفيسة فصاح مستجيرًا بها، فدعت له بالخلاص قائلة: "حجب الله عنك أبصار الظالمين". ولما وصل الأعوان بالرجل بين يدي الأمير، قالوا له: إنه مرَّ بالسيدة نفيسة فاستجار بها وسألها الدعاء فدعت له بخلاصه، فقال الأمير: "أوَبلغ من ظلمي هذا يا رب؟ إني تائب إليك وأستغفرك". وصرف الأميرُ الرجلَ، ثم جمع ماله وتصدق ببعضه على الفقراء والمساكين.



السيدة نفيسة .. سيدة الثورة
يذكر المؤرخ أحمد بن يوسف القرماني في تاريخه أن السيدة نفيسة -رضي الله عنها- قادت ثورة الناس على ابن طولون لمّا استغاثوا بها من ظلمه، وكتبت ورقة، فلما علمت بمرور موكبه خرجت إليه، فلما رآها نزل عن فرسه، فأعطته الرقعة التي كتبتها وفيها: "ملكتم فأسرتم، وقدرتم فقهرتم، وخوّلتم ففسقتم، ورُدَّت إليكم الأرزاق فقطعتم، هذا وقد علمتم أن سهام الأسحار نفّاذة غير مخطئة، لا سيّما من قلوب أوجعتموها، وأكباد جوّعتموها، وأجساد عرّيتموها، فمحال أن يموت المظلوم ويبقى الظالم، اعملوا ما شئتم فإنَّا إلى الله متظلِّمون، وسيعلم الذين ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون"!

يقول القرماني: فعدل من بعدها ابن طولون لوقته.



وصية الإمام الشافعي رضي الله عنه
لمَّا وفد الإمام الشافعي رضي الله عنه إلى مصر، توثقت صلته بالسيدة نفيسة، واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفي طريق عودته إلى داره، وكان يصلي بها التراويح في مسجدها في شهر رمضان، وكلما ذهب إليها سألها الدعاء. وأوصى أن تصلي عليه السيدة نفيسة في جنازته، فمرت الجنازة بدارها حين وفاته عام 204هـ، وصلّت عليها إنفاذًا لوصيته.



وفاة السيدة نفيسة


أصاب السيدة نفيسة المرض في شهر رجب سنة (208هـ) مائتين وثمانٍ للهجرة،

 وظلَّ المرض يشتَدّ ويقوَى حتى رمضان، فبلغ المرَضُ أقصَاه، وأقعدَها عن الحركة،

 فأحضَروا لها الطبيبَ فأمرها بالفِطر، فقالت: "واعجبًا، منذ ثلاثين سنة أسأل الله تعالى

 أن ألقاه وأنا صائمة، أأفطر الآن؟! هذا لا يكون". ثم راحت تقرأ بخشوع من سورة الأنعام،

 حتى وصلت إلى قوله تعالى: {لَهُمْ دَارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

 [الأنعام: 127]

 فغُشي عليها. تقول زينب -بنت أخيها- فضممتُها إلى صدري،

 فتشهدت شهادة الحق، وصعدت روحها إلى باريها في السماء.

فبكاها أهل مصر، وحزنوا لموتها حزنًا شديدًا، ولقد أراد زوجها أن ينقلها إلى البقيع عند

جدّها صلى الله عليه وسلم، ولكن أهل مصر تمسّكوا بها وطلبوا منه أن يدفنها عندهم فأَبَى،

 ولكنه رأى في منامه الرسول صلى الله عليه وسلم يأمر بذلك،

فدفنها في قبرها الذي حفرته بنفسها في مصر.

وكان يومُ دفنِها يومًا مشهودًا ازدحَم فيه الناسُ ازدحامًا شديدًا .. رضي الله عن السيدة نفيسة

 الطاهرة الشريفة، نفيسة العلم وكريمة الدارَيْن. اللهم اجمعنا بها في جنات النعيم مع النبيين

 والصدِّيقين والشهداء والصالحين وحَسُن أولئك رفيقًا. والحمد لله رب العالمين.



المصدر: شبكة الألوكة، نقلاً عن مجلة منبر الداعيات

زياد علي

زياد علي محمد