الجمعة، 23 أغسطس 2019

~ سلسلة عظماء اسلموا ~ الحلقة العاشرة {كريس جاكسون .. لاعب السلة الأمريكي }

تعد قصة إسلام كريس جاكسون لاعب كرة السلة الأمريكي المشهور والذي غيَّر اسمه بعد إسلامه من كريس جاكسون إلى محمود عبد الرءوف - من القصص المثيرة والتي تستحق القراءة..

فما قصة إسلام كريس جاكسون؟ وكيف اعتنق الإسلام؟

السود في أمريكا:
لجأ عشرات الآلاف من الأمريكيين السود سواء كانوا من الشخصيات البارزة أو من الشخصيات العادية خلال العقود الثلاثة الماضية إلى الإسلام، باعتباره دين المساواة والعدل، وبحكم أنه دين تسود فيه العدالة الاجتماعية، ويرفض الظلم والاضطهاد والتمييز بين بني البشر بحجة الجنس أو اللون.

ولما كان هؤلاء الأمريكيون السود في رحلتهم الإيمانية التي أفضت إلى اعتناقهم الإسلام لا يبحثون عن الخلاص الروحي فحسب، بل كانوا يجاهدون في سبيل الإيمان بدين يحفظ لهم كرامتهم الإنسانية ولا يحط من قدرهم ولونهم الأسود أو استعباد البيض لأجدادهم، فلم يتحقق لهم ذلك سوى تحت مظلة الإسلام الوارفة بالعدل والمساواة.

وقد بث الإسلام فيهم الأمل وجدد فيهم الحلم في المستقبل. ولما تتبعوا سيرته استوقفتهم معاني المساواة الإنسانية التي جمعت بين بلال الحبشي وصهيب الرومي وسلمان الفارسي وغيرهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبروزهم في الإسلام يأتي من سابقيتهم في الإيمان بدين الله تعالى، وتصديقهم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم.

كريس جاكسون .. قصة إسلامه
كان كريس جاكسون قبل اعتناقه الإسلام يشعر بأن الأمريكيين السود مهما حصلوا على شهرة واعتراف من المجتمع الأمريكي لبروزهم في المجالات الرياضية والفنية تنقصهم حركة منظمة تحقق مطالبهم من أجل العيش في كرامة وإنسانية، وتحثهم على استشراف آفاق المستقبل بالجد والاجتهاد والتزام مكارم الأخلاق والبعد عن مواطن الجريمة والمخدرات. فهكذا بدأت الرحلة الإيمانية بحثًا عن دين يحقق له ولبني جلدته قدرًا من الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية.

وتداعى هؤلاء المسلمون الأمريكيون السود إلى العمل الدءوب وفقًا لتعاليم دينهم الجديد، مخلصين مجتهدين لتحقيق طموحاتهم في غد مشرق وآمالهم وأحلامهم في مستقبل ينعمون هم وأبناؤهم بالعيش في سلام وأمن ورفاهية.

تحسين الأوضاع وتفجير الطاقات:
وكان جاكسون يرى ضرورة تغيير الأمريكيين السود ما بأنفسهم جاهدين للارتقاء بأنفسهم وأسرهم، ومن ثَمَّ الارتقاء بمجتمعهم إلى الأحسن. كما كان يرى أيضًا ضرورة أن يتنادى قادتهم إلى بث الأمل فيهم، وتحريضهم على العمل، ودعوتهم إلى الالتزام بمكارم الأخلاق، والنأي بأنفسهم عن مواطن الشبهات؛ ليكون لهم دور فاعل في تحسين أوضاعهم الاجتماعية، ومن ثَم أوضاع مجتمعاتهم في الولايات المتحدة الأمريكية عن طريق التعليم والعمل.

لذا رأى جاكسون أنه من الضروري بالنسبة له أن يبحث عن دين يهديه إلى الصراط المستقيم، ويجيب عن أسئلته الحائرة حول المساواة والعدالة الاجتماعية، ومن ثَمَّ يشعره بإنسانيته ويفجر الطاقات الكامنة فيه خيرًا ونفعًا؛ ليحقق ما يصبو إليه في هذه الحياة.

الرحلة الإيمانية:
من هنا بدأت جولة جاكسون الإيمانية في الأديان، فاستوقفته معاني الحرية والكرامة والمساواة والعدالة الاجتماعية في الدين الإسلامي، وشعر بأنه وجد فيه ضالته، فبدأ يدرسه دراسة عميقة، فامتلأ قلبه بالإيمان وقذف الله في قلبه نور الهداية والحق، وتيقن جاكسون من أن الإسلام هو الدين الذي يبحث عنه، فأعلن إسلامه رسميًّا في عام 1991م، وحرص على تغيير اسمه إلى محمود عبد الرءوف.

الوقوف للنشيد الوطني:
أثار لاعب كرة السلة الأمريكي محمود عبد الرءوف جدلاً في وسائل الإعلام الأمريكية المختلفة في مارس (آذار) عام 1996م، حينما تعرض لعقوبة الإيقاف من اتحاد كرة السلة الوطني الأمريكي؛ بسبب رفضه الوقوف تحية للنشيد الوطني الأمريكي والعلم الأمريكي أثناء أداء إحدى المباريات المهمة في كرة السلة.

وأخذ اصطدام عبد الرءوف مع اتحاد كرة السلة الوطني منحى أبعد من كونه اصطدامًا أو خلافًا رياضيًّا؛ فقد برهن هذا الصدام على اتساع الهوة بين الإسلام والوطنية الأمريكية، حسب اعتقاد اللاعب عبد الرءوف؛ مما دعاه إلى الإصرار على الرفض. وهكذا أصبح هذا الخلاف مادة مثيرة لوسائل الإعلام الأمريكية المختلفة.

رمز الاضطهاد:
وكان محمود عبد الرءوف يبرر رفضه للوقوف تحية للنشيد الوطني الأمريكي والعلم الأمريكي، بأن العلم الأمريكي هو رمز للاضطهاد والطغيان؛ لذلك رفض أن يقف تحية وإجلالاً له قبل إحدى المباريات التي نظمها اتحاد كرة السلة الوطني. فمنذ تلك الحادثة ظل عبد الرءوف إما ينتظر في غرفة الملابس إلى حين الانتهاء من رفع العلم الأمريكي وأداء النشيد الوطني، أو يجلس خارج الملعب بينما زملاؤه في الداخل، متظاهرًا بانشغاله بربط حذائه استعدادًا لدخول الملعب خلال عزف موسيقى النشيد الوطني الأمريكي.

وقال عبد الرءوف -الذي يقدر دخله من كرة السلة حوالي 2.6 مليون دولار سنويًّا-: إن ديني أهم من أي شيء آخر؛ ولذلك أحرص على أن يكون ولائي لله تعالى قبل أن يكون لأي شيء آخر.

وكان عبد الرءوف يخسر 31.707 دولارًا في كل مباراة أثناء فترة إيقافه؛ بسبب تلك الحادثة. وقال عبد الرءوف: إن واجبي تجاه خالقي أعظم وأجلّ من الفكر الوطني أو الوطنية.

الإخلاص الديني:
ولقد انقسم زملاؤه لاعبو كرة السلة الأمريكية بين مؤيد لقراره الرافض للوقوف تحية للعلم الأمريكي والنشيد الوطني الأمريكي قبل أداء المباريات المهمة، وبين معارضٍ لهذا الرفض بحجة أنه لا يتعارض مع دينه والتزامه بتعاليم الإسلام..

وقال شوكيل أونيل -أغلى لاعب كرة سلة في الولايات المتحدة الأمريكية-: "إن للناس معتقداتهم المختلفة التي يجب أن تحترم". بينما ذكر لافونسو أليس زميل عبد الرءوف في فريق نيجتس لكرة السلة الأمريكي: "نحن الذين ندين بالمسيحية أتمنى أن نكون مخلصين لديننا مثل إخلاص عبد الرءوف لدينه".

قصة يونس عليه السلام

قصة يونس عليه السلام


قال الله تعالى في سورة يونس:
{فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ ٱلخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ } (سورة يونس:98) .
وقال تعالى في سورة الأنبياء:
{وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * {فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ } (سورة الأنبياء:87ـ88 ) .
وقال تعالى في سورة الصافات:
{وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * {إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } * {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } * {فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ } * {فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } * {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * {فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ } * {وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ } * {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } * {فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ } (سورة الصافات:139ـ148) .
وقال تعالى في سورة نون:
{فَٱصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تَكُن كَصَاحِبِ ٱلْحُوتِ إِذْ نَادَىٰ وَهُوَ مَكْظُومٌ } * {لَّوْلاَ أَن تَدَارَكَهُ نِعْمَةٌ مِّن رَّبِّهِ لَنُبِذَ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ مَذْمُومٌ } * {فَٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَجَعَلَهُ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } (القلم:48ـ50) .
قال علماء التفسير: بعث الله يونس ، عليه السلام ـ إلي أهل "نينوي" من أرض الموصل، فدعاهم إلي الله عز وجل، فكذبوه وتمردوا على كفرهم وعنادهم، فلما طال ذلك عليه من أمرهم خرج من بين أظهرهم، ووعدهم حلول العذاب بهم بعد ثلاث.
قال ابن مسعود ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة، وغير واحد من السلف والخلف: فلما خرج من بين ظهرانيهم، وتحققوا من نزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة، وندموا على ما كان منهم إلي نبيهم، فلبسوا المسوح وفرقوا بين كل بهيمة وولدها، ثم عجوا إلي الله عز وجل، وصرخوا،وتضرعوا إليه، وتمسكنوا لديه، وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهات، وجأرت الأنعام والدواب والمواشي: فرغت الإبل وفصلانها، وخارت البقر وأولادها، وثغب الغنم وحملانها، وكانت ساعة عظيمة هائلة.
فكشف الله العظيم ـ بحوله وقوته ورأفته ورحمته ـ عنهم العذاب؛ الذي كان قد اتصل بهم سببه، ودار على رءوسهم كقطع الليل المظلم. ولهذا قال تعالى:
{فَلَوْلاَ كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَانُهَا } (سورة يونس:98) .
أي: هلا وجدت فيما سلف من القرون قرية آمنت بكمالها، فدل على أنه لم يقع ذلك، بل كما قال تعالى:
{وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ } (سورة سبأ:34) .
وقوله:
{إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ ٱلخِزْيِ فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ } (سورة يونس:98) .
أي: آمنوا بكاملهم. وقد اختلف المفسرون: هل ينفعهم هذا الإيمان في الدار الآخرة، فينقذهم من العذاب الأخروي كما أنقذهم من العذاب الدنيوي؟ على قولين:
الأظهر من السياق: نعم، والله أعلم.
كما قال تعالى: (لما آمنوا) وقال تعالى:
{وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } * {فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ } (سورة الصافات: 147ـ148).
وهذا المتاع إلي حين لا ينفي أن يكون معه غيره من رفع العذاب الأخروي، والله أعلم. وقد كانوا مائة ألف لا محالة، واختلفوا في الزيادة، فعن مكحول عشرة آلاف،
وروى الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم من حديث زهير عمن سمع أبا العالية؛ حدثني أبي بن كعب، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله:
{وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } (سورة الصافات:147) .
قال: "يزيدون عشرين ألفا". فلولا هذا الرجل المبهم لكان هذا الحديث فاصلاً في هذا الباب
وعن ابن عباس: كانوا مائة ألف وثلاثين ألفاً، وعنه: وبضعة وثلاثين ألفاً، وعنه: وبضعة وأربعين ألفا. وقال سعيد بن جبير: كانوا مائة ألف وسبعين ألفاً. واختلفوا: هل كان إرساله إليهم قبل الحوت أو بعده؟ أو هما أمتان؟ على ثلاثة أقوال، هي مبسوطة في التفسير. . والمقصود أنه عليه السلام لما ذهب مغاضباً بسبب قومه، ركب سفينة في البحر فلجت بهم، واضطربت، وماجت بهم، وثقلت بما فيها، وكادوا يغرقون على ما ذكره المفسرون.
وقالوا: فتشاوروا فيما بينهم على أن يقترعوا، فمن وقعت عليه القرعة ألقوه من السفينة ليتخففوا منه. فلما اقترعوا وقعت القرعة على نبي الله يونس فلم يسمحوا به، فأعادوها ثانية فوقعت عليه أيضاً، فشمر ليخلع ثيابه ويلقي بنفسه، فأبوا عليه ذلك، ثم أعادوا القرعة ثالثة فوقعت عليه أيضاً، لما يريده الله به من الأمر العظيم .

قال الله تعالى:
{وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * {إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } * {فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } * {فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ } (سورة لصافات:139ـ143) .
وذلك أنه لما وقعت عليه القرعة ألقى في البحر، وبعث الله عز وجل حوتاً عظيماً من البحر الأخضر فالتقمه، وأمره الله تعالى ألا يأكل له لحماً، ولا يهشم له عظماً، فليس لك برزق، فأخذه فطاف به البحار كلها، وقيل: إنه ابتلع ذلك الحوت حوت آخر أكبر منه.

فقالوا: ولما استقر في جوف الحوت حسب أنه قد مات فحرك جوارحه فتحركت، فإذا هو حي فخر لله ساجداً، وقال: يا رب اتخذت لك مسجداً في موضع لم يعبدك أحد في مثله. وقد اختلفوا في مقدار لبثه في بطنه؛ فقال مجالد عن الشعبي: التقمه ضحى ولفظه عشية، وقال قتادة: مكث فيه ثلاثاً، وقال جعفر الصادق: سبعة أيام، ويشهد له شعر أمية بن أبي الصلت:
وأنت بفضل منك نجيت يونسا وقد بات في أضعاف حوت لياليا
وقال سعيد بن أبي الحسن وأبو مالك: مكث في جوفه أربعين يوماً، والله أعلم كم مقدار ما لبث فيه.
والمقصود أنه لما جعل الحوت يطوف به قرار البحار اللجية، ويقتحم به لجج الموج الأجاجي، فسمع تسبيح الحيتان للرحمن، وحتى سمع تسبيح الحصى لفالق الحب والنوى ورب السماوات السبع والأرضين السبع وما بينهما وما تحت الثرى. فعند ذلك وهنالك؛ قال ما قال بلسان الحال والمقال، كما أخبر عنه ذو العزة والجلال؛ الذي يعلم السر والنجوى، ويكشف الضر والبلوى، سامع الأصوات وإن ضعفت، وعالم الخفيات وإن دقت، ومجيب الدعوات وإن عظمت، حيث قال في كتابه المبين، المنزل على رسوله الأمين، وهو أصدق القائلين ورب العالمين وإله المرسلين:
{وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً } (سورة الأنبياء:87) .
{مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي ٱلظُّلُمَاتِ أَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * {فَٱسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ ٱلْغَمِّ وَكَذٰلِكَ نُنجِـي ٱلْمُؤْمِنِينَ } (سورة الأنبياء:87 – 88 ) .
(فظن أن لن نقدر عليه) أن نضيق عليه، وقيل معناه: نقدر على التقدير وهي لغة مشهورة، قدر وقدر كما قال الشاعر:
فلا عائد ذاك الزمان الذي مضى تباركت، وتقدر يكن، فلك الأمر
(فنادى في الظلمات) قال ابن مسعود وابن عباس وعمرو بن ميمونة وسعيد بن جبير ومحمد بن كعب والحسن وقتادة الضحاك: ظلمة الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل. وقال سالم بن أبي الجعد: ابتلع الحوت حوت آخر فصارت ظلمة الحوتين مع ظلمة البحر .
وقوله تعالى:
{فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } * {لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } (سورة الصافات:143ـ144) .
قيل معناه: فلولا أنه سبح الله هنالك، وقال ما قال من التهليل والتسبيح، والاعتراف لله بالخضوع، والتوبة إليه والرجوع؛ للبث هنالك إلي يوم القيامة، ولبعث من جوف ذلك الحوت. هذا معنى ما روي عن سعيد بن جبير في إحدى الروايتين عنه.
وقيل معناه: (فلولا أنه كان) من قبل أخذ الحوت له (من المسبحين) أي: المطيعين المصلين الذاكرين الله كثيراً، قاله الضحاك بن قيس وابن عباس وأبو العالية ووهب بن منبه وسعيد بن جبير والسدي وعطاء بن السائب والحسن البصري وقتادة وغير واحد، واختاره ابن جرير.
وشهد لهذا ما رواه الإمام احمد وبعض أهل السنن عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "يا غلام إني معلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف إلي الله في الرخاء يعرفك في الشدة"
وروى ابن جرير في تفسيره، والبزار في مسنده من حديث محمد بن إسحاق، عمن حدثه، عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت أوحى الله إلي الحوت: أن خذه ولا تخدش له لحماً ولا تكسر له عظماً، فلما انتهى به إلي أسفل البحر سمع يونس حساً، فقال في نفسه: ما هذا؟ فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت: إن هذا تسبيح دواب البحر، قال: فسبح وهو في بطن الحوت فسمعت الملائكة تسبيحه فقالوا: يا ربنا إنا نسمع صوتاً ضعيفا بأرض غريبة! قال: ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر، قالوا: العبد الصالح؛ الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح؟ قال: نعم، قال: فشفعوا له عند ذلك، فأمر الحوت فقذفه في الساحل"
كما قال الله :
{فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ } (سورة الصفات:145) .
هذا لفظ ابن جرير إسناداً ومتناً، ثم قال البزار: لا نعلمه يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد. كذا قال.
وقد قال ابن أبي حاتم في تفسيره: حدثنا أبو عبد الله احمد بن عبد الرحمن ابن أخي وهب، حدثنا عمي، حدثنا أبو صخر، أن يزيد الرقاشي قال: سمعت أنس بن مالك، ولا أعلم إلا أن أنساً يرفع الحديث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن يونس النبي عليه السلام حين بدا له أن يدعو بهذه الكلمات وهو في بطن الحوت قال: اللهم لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين. فأقبلت هذه الدعوة تحت العرش فقالت الملائكة: يا رب صوت ضعيف معروف من بلاد غريبة، فقال: أما تعرفون ذاك؟ قالوا: لا يا رب، ومن هو؟ قال: عبدي يونس، قالوا: عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مجابة؟ قالوا: يا ربنا أو لا ترحم ما كان يصنعه في الرخاء فتنجيه من البلاء؟ قال: بلى: فأمر الحوت فطرحه في العراء". ورواه ابن جرير عن يونس عن وهب به
زاد أبي حاتم: قال أبو صخر حميد بن زياد، فأخبرني ابن قسيط وأنا أحدثه هذا الحديث، أن سمع أبا هريرة يقول: طرح بالعراء، وأنبت الله عليه اليقطينة، قلنا: يا أبا هريرة وما اليقطينة؟ قال: شجرة الدباء، قال أبو هريرة: وهيأ الله أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض، أو قال: هشاش الأرض، قال: فتفسخ عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة حتى نبت.
وقال أمية بن أبي الصلت في ذلك بيتاً من شعر:
فأنبت يقطينا عليه برحمةٍ من الله لولا الله أصبح ضاويا
وهذا غريب أيضاً من هذا الوجه، ويزيد الرقاشي ضعيف، ولكن يتقوى بحديث أبي هريرة المتقدم، كما يتقوى ذاك بهذا، والله أعلم. وقد قال الله تعالى: (فنبذناه) أي: ألقيناه (بالعراء) وهو المكان القفر الذي ليس فيه شيء من الأشجار، بل هو عار منها، (وهو سقيم) أي: ضعيف البدن، قال ابن مسعود: كهيئة الفرخ ليس عليه ريش، وقال ابن عباس والسدي وابن زيد: كهيئة الصبي حين يولد وهو المنفوس عليه شيء. (وأنبتنا عليه شجرة من يقطين) قال ابن مسعود وابن عباس وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير ووهب بن منبه وهلال بن يساف وعبد الله بن طاووس والسدي وقتادة والضحاك وعطاء الخراساني وغير واحد: هو القرع. قال بعض العلماء: في إنبات القرع عليه حكم جمة، منها أن ورقة في غاية النعومة، وكثير وظليل، ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلي آخره، نياً ومطبوخاً، وبقشره وببذره أيضاً، وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك.
وتقدم كلام أبي هريرة في تسخير الله تعالى له تلك الأروية التي كانت ترضعه لبنها وترعى في البرية، وتأتيه بكرة وعشية، وهذا من رحمة الله به ونعمته عليه وإحسانه إليه، ولهذا قال تعالى: (فاستجبنا له ونجيناه من الغم) أي: الكرب والضيق الذي كان فيه: (وكذلك ننجي المؤمنين) أي: وهذا صنيعنا بكل من دعانا واستجار بنا.
قال ابن جرير: حدثني عمران بن بكار الكلاعي، حدثنا يحيى بن صالح، حدثنا أبو يحيى بن عبد الرحمن، حدثني بشر بن منصور، عن علي بن زيد، عن سعيد ابن المسيب قال: سمعت سعد بن مالك ـ وهو ابن أبي وقاص ـ يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اسم الله الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى، دعوة يونس بن متى"، قال: فقلت يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟ قال: "هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها، ألم تسمع قول الله تعالى: (فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين * فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) فهو شرط من الله لمن دعاه به"
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو خالد الأحمر، عن كثير ابن زيد، عن المطلب بن حنطب قال: قال أبو خالد: أحسبه عن مصعب ـ يعني ابن سعد ـ عن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من دعا بدعاء يونس استجيب له"
قال أبو سعيد الأشج: يريد به: (وكذلك ننجي المؤمنين). وهذان طريقان عن سعد.
وثالث أحسن منهما، قال الإمام احمد: حدثنا إسماعيل بن عمير، حدثنا يونس ابن أبي إسحاق الهمداني، حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعد، حدثني والدي محمد، عن أبيه سعد ـ وهو ابن أبي وقاص رضي الله عنه ـ قال: مررت بعثمان بن عفان في المسجد فسلمت عليه، فملأ عينيه مني ثم لم يردد علي السلام، فأتيت عمر بن الخطاب، فقلت: يا أمير المؤمنين؛ هل حدث في الإسلام شيء؟ قال: لا، وما ذاك؟ قلت: لا، إلا أني مررت بعثمان آنفاً في المسجد فسلمت عليه فملأ عينيه مني ثم لم يردد علي السلام، فأتيت عمر بن الخطاب، فقلت: يا أمير المؤمنين؛ هل حدث في الإسلام شيء؟ قال: لا، وما ذاك؟ قلت: لا، إلا أني مررت بعثمان آنفاً في المسجد فسلمت عليه فملأ عينيه مني ثم لم يرد علي السلام، قال: فأرسل عمر إلي عثمان فدعاه فقال: ما منعك أن لا تكون رددت على أخيك السلام؟ قال: ما فعلت، قال سعد: قلت: بلى، حتى حلف وحلفت.
قال: ثم إن عثمان ذكر فقال: بلى، واستغفر الله وأتوب إليه، إنك مررت بي آنفاً، وأنا أحدث نفسي بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا والله ما ذكرتها قط إلا تغشي بصري وقلبي غشاوة.
قال سعد: فأنا أنبئك بها، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لنا أول دعوة، ثم جاء أعرابي فشغله حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته، فلما أشفقت أن يسبقني إلي منزله ضربت بقدمي الأرض، فالتفت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "من هذا؟ أبو إسحاق" قال: قلت: نعم يا رسول الله، قال: "فمه؟" قلت: لا والله، إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة، ثم جاء هذا الأعرابي فشغلك، قال: "نعم، دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت (لا إله إلا أنت سبحانك اني كنت من الظالمين). فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له".
ورواه الترمذي والنسائي من حديث إبراهيم بن محمد بن سعد به
وصلى الله على النبى المختار وعلى اله وصحبه ومن والاه ,,

سلسلة فضائل خال المؤمنين معاوية وتفنيد الشبة حوله العدد 2

إِنَ الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا ،

مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له ،

 وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ ،

ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً ..

أمْا بَعد ...




شبهة حول خال المؤمنين وتفنيدها
حدثنا ‏ ‏مسدد ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏عبد العزيز بن مختار ‏ ‏قال حدثنا ‏ ‏خالد الحذاء ‏ ‏عن ‏ ‏عكرمة ‏ ‏قال لي ‏ ‏ابن عباس ‏ ‏ولابنه ‏ ‏علي ‏ ‏انطلقا إلى ‏ ‏أبي سعيد ‏ ‏فاسمعا من حديثه فانطلقنا فإذا هو في حائط يصلحه فأخذ رداءه ‏ ‏فاحتبى ‏ ‏ثم أنشأ يحدثنا حتى أتى ذكر بناء المسجد فقال كنا نحمل لبنة لبنة ‏ ‏وعمار ‏ ‏لبنتين لبنتين فرآه النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏فينفض التراب عنه ويقول ‏ ‏ويح ‏ ‏عمار ‏ ‏تقتله الفئة ‏ ‏الباغية ‏ ‏يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار قال يقول ‏ ‏عمار ‏ ‏أعوذ بالله من الفتن

تفنيد الشبهة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى { وإنْ طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما بالعدل فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسِطوا إن الله يحب المقسطين، إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون } ( الحجرات 9 10)
فلقد وصف الله الطائفة الباغية بالمؤمنين والأخوه أيضاً
وهذا مايوافقة من كلام على بن أبي طالب في أحد اصح كتبكم
( وكان بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام ، والظاهر أن ربنا واحد ، ودعوتنا في الإسلام واحدة ، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله ، والتصديق برسوله ولا يستزيدوننا ، والأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء)
نهج البلاغة 543 .
فقد وصفهم علي بانهم متساويان في الإيمان وهذه في الخطبة الشقشقية

ونلاحظ في الحديث في دعوته إلى النار وانواع البغي
البغي يكون نوعين ، نوع عن عمد ، ونوع عن تأويل ، والبغي الذي حصل من فئة معاوية كان عن تأويل ، بمعنى أنهم يظنون أنهم على الحق ، ولكن هذا لايخرجه عن وصف البغي في الظاهر ، وليس في الحديث دليل على أن معاوية رضي الله عنه هو الذي يدعوه إلى النار ، وإنما يدل على ان البغي في الحقيقة دعوة إلى النار ، وإن كان فاعله قد لايشعر بذلك ، كما أنك عندما تقول لمن يقول بجواز القتال في عصبية ، لمن ينصر عصبة ، إنه يدعو إلى النار بهذه الفتوى ، ولكن هو قد يكون متاولا يظن أنه على صواب وحق ، ولهذا لم يقل علماء أهل السنة أن الصحابة معصومون ، ولم يقع منهم الخطأ قط ، بل قالوا جائز ان يكون الخطأوالذنب قد وقع بتأويل، وبغير تأويل فهم بشر ، غير أن حسناتهم الراجحة وجهادهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم وفضل الصحبة تجعل فضلهم علىالامة سابقا ، لايقاربهم فيه أحد ، حتى ورد في الحديث أن مثل حبل أحد ذهبا من غيرهم ينفقه ، لايبلغ مد أحدهم ولا نصيفه ، ولايطعن فيهم إلا جاهل أو منافق أو مريض القلب

حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم للشيخ محمد حسان

حبيبة رسول الله

إن الحمد لله رب العالمين نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، إنه من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ }آل عمران102

{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } النساء1

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً {70 } يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [الأحزاب71،70 ].

أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله ، وخير الهدي هدي نبينا محمد وشر الأمور محدثاتها ، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
ثم أما بعد ..
فحياكم الله جميعا أيها الأخوة وأيتها الأخوات الفاضلات ، وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلا ، وأسأل الله الكريم – جل وعلا – الذي جمعنا في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته ، أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة المصطفي في جنته ودار مقامته ، إنه ولي ذلك ومولاه ..

  أحبتي في الله :
أم المؤمنين حبيبة رسول الله :
هذا هو عنوان لقائنا مع حضراتكم، في هذا اليوم الكريم المبارك ولن أحدد الموضوع بمجموعة من المحاور أو العناصر، كعادتي، وإنما سأجعل الأمر لله – سبحانه وتعالى – فأسأل الله – سبحانه – أن يجعل رزقنا موفورا، إنه ولي ذلك والقادر عليه .

أيها الأحبة: إن الصراع بين الحق والباطل قديم بقدم الحياة على ظهر الأرض ، إن الصراع بين الحق والباطل قديم بقدم الحياة على ظهر الأرض، ولا زال الإسلام العظيم، منذ بزغ فجره، واستفاض نوره، وإلى يومنا هذا مستهدفاً من قبل أعدائه أعداء الطهر والفضيلة الذين ما تركوا سبيلا من السبل إلا وسلكوه ، لاستئصال شأفة المسلمين وللكيد لهذا الإسلام والدين العظيم.

الذي دفعني لاختيار هذا الموضوع .

مقال منحط سافل لكاتب نكرة ، منحط مرتد سافل ، وأنا أحكم عليه بأولى كلماتي بالردة وأنا أعي ما أقول تماماً ، لأن من اتهم أم المؤمنين عائشة بالزنا ، فقد كفر بإجماع المسلمين ، فهذا كاتب نكرة منحط كلب وقح – في مقال على أربع صفحات في مجلة تدعى ((مجلة المنبر)) تصدر في دولة الكويت .

يكتب هذا المنحط السافل ، هذا المقال العفن ، القذر ، الذي يتهم فيه أم المؤمنين حبيبة رسول الله بالساقطة والمتسكعة بل يُعَنْوِنُون لمقاله العفن القذر : أم المتسكعين ونصدم حين نقرأ المقال ، فنرى أن الوقح السافل ، يصف أم المؤمنين عائشة حبيبة رسول رب العالمين هذا العنوان القذر العفن ، بأم المتسكعين إلى هذا الحد .
نعم ! أعلم أن الحرب على الأصول والثوابت معلنه منذ أمد بعيد ، أعلم أن الحرب على الأصول والثوابت معلنه منذ أمد بعيد ، ولكنني ما تصورت أبدا أن تنتقل الحرب في هذه المرحلة إلى هذه الصورة العلنية السافرة الوقحة الفاضحة ، أمام هذه الآلاف المؤلفة أمام مليار وثلث من المسلمين ، تُعلن الحرب على أصول دينهم ، وأركان الدين وثوابته بهذه الصورة الفاضحة الجريئة .

يقول هذا النكرة المرتد الخبيث يقول: هل عرفتم لماذا تبرأت من ماما عائشة ؟ لماذا تبرأت من ماما عائشة ؟ ثم يقول هذا الوقح ، لأنه اكتشف أن تسكعها كان من العيار الثقيل ، ثم يقول الخبيث بأن عائشة – رضي الله عنها وأرضاها – يقول : كانت عائشة تعقد جلسات الطرب والأنس واللهو البريء ، والغير بريء .
ثم يقول بأنه لا يشرفه أن تكون عائشة أماً له ، ومن أنت أيها السافل لنشرف نحن بأن ننسب إليك أم المؤمنين ؟ من أنت وأمثالك أيها الأقذار الأنجاس ؟

يخرج علينا في الأسبوع الماضي سافل على شاشة قناة الجزيرة ، ليتهم عمرو بن العاص – رضي الله عنه – بأنه كان شخصية حقيرة ، ويخرج علينا سافل منحط ، طوال شهر رمضان في فضائية خبيثة ، لينال من أصحاب النبي جميعا ، وعلى رأسهم خالد بن الوليد .

ثم يخرج هذا السافل لينال من عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ويتهم عمر بالشذوذ الجنسي ثم يتهم أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – ويقول : كانت تجعل لنفسها غطاءً شرعياً في اصطياد الرجال والشباب ، وإدخالهم عليها في بدء الأمر ، ثم تركت هذا الأمر ومارست تسكعها بشكل علني سافر .

يُتهم شبابنا بعد ذلك بالتطرف والإرهاب والجنون ؟! ولو رد عالم من علماء الأمة عن أطهر وأشرف الخلق بعد الرسل والأنبياء يتهم هذا العالم حينئذ بأنه رأس الإرهاب ، ورأس التطرف ورأس للجمود والرجعية .
أتحداك أيها السافل القذر أن تنال من ممثلة ساقطة أو من ممثلة هابطة فضلاً عن أن تنال وزيراً من الوزراء ، أو أمير من الأمراء ، أو رئيساً من الرؤساء .

صار أصحاب رسول رب الأرض والسماوات حائطاً مائلاً لكل كلب عاوٍ يريد أن تفتح له صفحات الجرائد والمجلات ، ويريد أن تفسح له الفضائيات الساعات الطوال .

لكن أنت وأمثالك أيها الكلب العاوي أنت وأمثالك ، كمثل ذبابة حقيرة سقطت على نخلة تمر عملاقة ، فلما أرادت الذبابة الحقيرة أن تطير وتنصرف قالت لنخلة التمر العملاقة: تماسكي أيتها النخلة ، لأني راحلة عنك ، فقالت لها نخلة التمر العملاقة: انصرفي أيتها الذبابة الحقيرة فهل شعرت بك حينما سقطت عليّ لأستعد وأنت راحلة عني.

هل يضر السماء أن تمتد إليها يد شلاء؟! هل يضر السماء نبح الكلاب؟! لا، والله.

مَثلِك أيها السافل المرتد أنت وأمثالك كأمثال الطحالب الحقيرة القذرة العفنة على سطح ماء تجوبه البواخر العملاقة، لا تعطل هذه الطحالب سيرها، ولا تنال من قوتها، مثلك أيها العاوي كمثل تراب نجس مع سماء في أفق بعيد بعيد بعيد، أين الثرى من الثريا؟ وأين الأرض من كواكب الجوزاء .

والله لولا أن ربنا – جل وعلا – قد نقل إلينا قول الكفر على ألسنة الكافرين ما تجرأت أن أنقل كلمة واحدة من هذه الكلمات العفنة الخبيثة، التي نقلها هذا المنحط القذر السافل ، وقبلها قال سافل منهم: إن مجتمع الصحابة كان مجتمعا منحلاً مشغولاً بالرذائل، والهوس الجنسي، ولم تكن التجاوزات الجنسية مقصورة على مشاهير الصحابة، بل تعدتهم إلى صحابيات معروفات، كان هذا يغمز في عائشة.

لكن هذا السافل صرّح: ولم تكن التجاوزات الجنسية مقصورة على مشاهير الصحابة، بل تعدتهم إلى صحابيات معروفات، ولما كان التقاء الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر طقساً يومياً من الطقوس الاجتماعية المعتادة في مجتمع يثرب، فقد اضطر محمد رفعاً للحرج أن يبيح لأصحابه أن يمروا في المساجد وهم جُنب.

آه ! والله إن القلب لينزف ، والله إن القلب لنزف دماً ، بدل الدمع ، أين عمر أين عمر ؟! ليُعلِّم هؤلاء الساقطون الأدب ، أين أبو بكر ؟! فنحن أمام ردة ، ولا أبا بكر لها، أين أجد الله ، ليقام على أمثال هؤلاء المرتدين عن دين الله .

أقولها بملء فمي : فقد أجمع علماء الأمة من علماء أهل السنة على كفر من سب عائشة – رضي الله عنها – وأتهمها بالفاحشة ، لأنه مكذب لصريح القرآن الكريم .
 عائشة حبيبة رسول الله ، عائشة التي ولدت في الإسلام، ولدت في الإسلام لم تستنشق أبداً ابداً هواء الشرك، ولم تتنفس أبداً هواء الكفر قط نشأت في بيت أبي بكر الصديق، بعد ما دخل الإسلام، ودخلت أمها كذلك الإسلام فترعرعت عائشة في بيت صديق الأمة الأكبر ، ونشأت عائشة في بيت صديق الأمة الأطهر في بيت الصديقية، تربت على يدي أبي بكر – رضي الله عنه – ثم انتقلت في سن مبكرة من بيت الصديق، إلى بيت النبوة ، إلى بيت النبوة ليواصل النبي تربية عائشة، وليسقيها بمداد الطهر، لتقف عائشة وحدها خلفه في ليلتها لتسمع القرآن غضاً طرياً، من فم رسول الله.

والله لقد رآها النبي زوجاً له قبل أن يتزوجها، والحديث في الصحيحين من حديثها – رضي الله عنها – من حديث أمنا الصديقة بنت الصديق، العفيفة بنت العفيف، الحبيبة بنت الحبيب، الرقيقة حبيبة سيد المرسلين ورفيقته في جنة رب العالمين كما في صحيح البخاري وغيره الصديقة عائشة تقول: قال رسول الله: ((أريتك في المنام ثلاث ليال، أريتك في المنام ثلاث ليال جاء بك الملك في سرقة من حرير)) .

سرقة: بفتح السين والراء والقاف أي قطعة من حرير ((ويقول لي الملك هذه زوجتك )).. قال: (( فأكشف فأراك أنت ثلاث ليال )) يقول النبي: فقلت: ((إن بك من عند الله يمضه))(1).

أي: يمضه الله – عز وجل – (( إن بك من عند الله يمضه )). أي: إن كان ربنا – جل وعلا – قدّر ذلك فسيكون ما قدّر – تبارك وتعالى .
بل أعلن النبي حبه لعائشة – رضي الله عنها – بل هي أحب نسائه إليه بعد خديجة رضي الله عنهن جميعا، وأعلن النبي ذلك وعلمت الأمة ذلك، حب النبي لعائشة.

وأنا أسأل : هل يحب رسول الله إلا طيباً ؟! والله ما أحب رسول الله إلا الطيب.

روى البخاري ومسلم من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه قال  : قلت يا رسول الله أي الناس أحب إليك ؟ قال ((عائشة)) هكذا هكذا – أي الناس أحب إليك ؟ قال ((عائشة)) ، فقال عمرو : من الرجال ؟ قال : ((أبوها)) ([1]).
قال الإمام الذهبي في كتابه المانع ((سير أعلام النبلاء)): وهذا خبر صحيح ثابت رغم أنوف الروافض ، فلقد أحب النبي من الأمة أبا بكر – رضي الله عنه – وأحب النبي عائشة.
قال : وما كلن رسول الله ليحب إلا طيباً فمن أبغض حبيبي رسول الله كان حرياً أن يكون بغيضاً لله ولرسوله .
فمن أبغض حبيبي رسول الله كان حرياً أن يكون بغيضا لله ولرسوله .

الله سبحانه يحب رسوله ويحب ما يحبه رسوله ، ورسولنا يحب الصديق رضي الله عنه – ويحب عائشة – رضي الله عنها – فمن أحب رسول الله فليحب الصديق، وليحب ابنته الحصَان الرَزان الطاهرة الصديقة المبرأة من فوق سبع سماوات .

تعلم الدنيا كلها حب النبي لعائشة ، بل لقد علم المسلمون من الصحابة ذلك فكانوا يتحرون بهداياهم يوم عائشة تقرباً لرسول الله وإرضاءً له .

يمر النبي على نسائه ، وفي يوم عائشة ، من أراد من الصحابة أن يقدم هديثة للحبيب يتحرى يوم عائشة وهو يريد بذلك أن يطيب خاطر وقلب رسول الله فدبت الغيرة في قلوب نساء رسول الله والحديث في الصحيحين من حديث عائشة – رضي الله عنها – فاجتمع نساء النبي - رضي الله عنهن – اجتمعن وقلن لأم سلمة: يا أم سلمة إن الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة ، وإنا نريد الخير كما تريده عائشة, فكلمي رسول الله أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيثما كان أو حيثما دار.

تقول أم سلمة – رضي الله عنها - : فذكرت ذلك لرسول الله فأعرض عني قالت: حتى جاءني الثانية أي في نوبتها الثانية، بعد تسع ليال قالت: فذكرت ذلك لرسول الله فأعرض عني قالت: حتى جاءني الثالثة بعد تسع ليال أخرى، فذكرت ذلك لرسول الله فقال النبي لأم سلمة: (( يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة، لا تؤذيني في عائشة، فوالله ما نزل عليّ الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها ))(1) .

يا الله ! يا الله ! (( فوالله ما نزل عليّ الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها )) مَنقبِة من الله جل جلاله – كرامة من الله – جل وعلا – لعائشة، ومنقبة عظيمة لعائشة (( فوالله ما نزل عليّ الوحي وأنا في لحاف امرأة منكن غيرها )) .
فلما رأى نساء رسول الله ورضي الله عنهن أن أم سلمة لم تستطع إقناع رسول الله بذلك أرسلن إليه حبيبة قلبه فاطمة بنت سيدنا رسول الله والحديث في الصحيحين، فذهبت فاطمة إلى رسول الله وقالت: يا رسول الله إن نساءك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، إن نساءك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، - أي في عائشة: اسمع ماذا قال النبي لحبه لحبيبته لشبيهة أبيها لفاطمة بنت رسول الله ورضي الله عنها – قال النبي لفاطمة : (( ألست تحببين ما أحب ؟ )) قالت: بلى يا رسول الله يعني أحب ما تحب فقال لها: (( فأحبي هذه )) (2) يعني: فأحبي عائشة (( ألست تحببين ما أحب ؟ )) قالت : بلى يا رسول الله يعني أحب ما تحب فقال لها : (( فأحبي هذه )) وأشار إلى عائشة ، هذه مكانة عائشة عند رسول الله.

بل أنا أرى أن أعظم وأطهر وأشرف وأجل منقبة لأم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – ذلكم المنقبة أو تلكم المنقبة ، التى لا تمحوها الأيام والأعوام وكيف تمحى وقد جعلها ربنا جل جلاله قرآناً يُتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .
تلكم المنقبة العظيمة التي برأَّ الله – عز وجل – بها عائشة من فوق سبع سماوات حينما تناولها قديماً قادة هؤلاء المنافقين في النفاق وأساتذة هؤلاء الصغار في النفاق ، حين تولى كبارهم في النفاق هذه الفرية العظيمة فاتهموا أم المؤمنين عائشة بالزنا ، إي والله بالزنا : { أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ{2} وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [ العنكبوت/3،2] قال سبحانه: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ} [البقرة/214] .

تحكي أم المؤمنين عائشة (1) أن القرعة قد وقعت عليها في غزوة بني المصطلق، فخرجت مع النبي في هذا السفر، وبعد كلام طويل قالت: تخلفت عن الجيش لقضاء حاجتها فلما عادت وتحسست صدرها فقدت عقدها، قد انفرط فعادت إلى الموضع التي كانت تقضي فيها حاجتها ، لتبحث عن عقدها.

وأرجو أن تتصورا امرأة عفيفة طاهرة فاضلة في جيش جرار من الرجال تريد أن تقضي حاجتها في صحراء مترامية، أرجو أن تتصور المسافة التي ستقطعها هذه العفيفة الطاهرة لتبتعد عن كل الأعين، وعادت فوجدت الجيش قد رحل، وكانت تحمل في الهودج وتنزل وهي في الهودج وكانت خفيفة اللحم، خفيفة الوزن لا فارق بين أن تكون فيه وبين ألا تكون فيه ، فالرجال يحملون الهودج ويضعونه وينزلونه ، وهكذا فلما لم تجد الجيش ، جلست في مكانها إن فقدوها أن يرجعوا إليها ، فغلبتها عيناها فنامت .

وكان صفوان ابن المعطل السلمي – رضي الله عنه – كان وراء الجيش بأمر وتكليف رسول الله  له، فلما رأى سواد إنسان، اقترب فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، تقول عائشة: فاستيقظت من نومي على استرجعاه أي على قوله: إنا لله وإنا إليه راجعون، تقول: فلما رآني عرفني، وكان يراني قبل الحجاب، كان يراني قبل الحجاب أي قبل نزول آية الحجاب، تقول: فأناخ راحلته، فركبتها والله ما سمعت منه كلمة غير استرجعاه، أي غير قوله: إنا لله وإنا إليه راجعون قالت: فأدركنا الجيش في نحر الظهيرة أي في وقت شدة الحر، في وسط النهار. وفي غير رواية الصحيحين: نظر الخبيث رأس النفاق عبد الله ابن أبي ابن سلول وقال: من هذه ؟ قالوا: أم المؤمنين عائشة، قال: ومن هذا ؟ قالوا: صفوان بن المعطل السلمي، فقال الخبيث الوقح: امرأة نبيك تبيت مع رجل حتى الصباح ثم جاء يقود لها الراحلة ، والله ما نجت منه وما نجا منها.

يا للعفن ! يا للنفاق ! يا للقذارة ! هكذا بسهولة ، تقذف البريئة الحَصان الرزَان بسهولة يُقذف رسول الله .
آه من الكلمات ! وآه من اللسان ! إن ترك الألسنة تلقي التهم جزافاً دون بينة أو دليل ، يترك المجال فسيحاً لكل من شاء أن يقول ما شاء في أي وقت شاء ، ثم يمضي بعد ذلك آمناً مطمئناً ، وإذا كل ما فيها في هذا الجو الملبد ، في هذا الجو الملبد بالغيبة والقذف ، إذا كل فرد فيها متهم أو مهدد بالاتهام في أي لحظة من اللحظات وهذه حالة القلق والشك والريبة لا يمكن أن تطاق أبدا بأي حال من الأحوال {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } [ق/18] .

قال سبحانه : { فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ{7} وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ }
قال سبحانه : {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } [الأنبياء/47] .

يقول الخبيث المنافق هذه القولة وتتلقف عصابات النفاق في المدينة المطهرة هذه القولة الآثمة العفنة الشريرة !! ويذل في الهاوية بعض المسلمين ، هذه الكارثة ، هذه الكارثة ، أن يذل في هذا الإفك بعض المسلمين وأن يردد بعض المسلمين شائعات قذرة عفنة خطيرة دون بينة أو دليل .

فكّر ألف مرة قبل أن تنطق مرة فإن الكلام خطير ، وإن اللسان خطير فبكلمة تدخل دين الله ، وبكلمة تخرج من دين الله ، وبكلمة تستحل فرج امرأة ، وبكلمة تحرم عليك هذه المرأة ، وبكلمة تسعد أسرة ، وبكلمة تذبح أسرة ، وبكلمة تفرق الأحبة ، وبكلمة تجمع الأحبة ، الكلمة خطيرة .

رٌميت عائشة – رضي الله عنها – رُمي رسول الله في عرضه ، رسول الله r الطاهر الطاهر الذي فاضت طهارته على العالمين يرمى في طهارته وهو الطاهر الذي فاضت طهارته على العالمين ، في صيانة حرمته ، وهو القائم على صيانة كل الحرمات في أمته ، وفي من ؟ في عائشة في حبيبة قلبه ، في أم المؤمنين ، في الصديقة بنت الصديق ، العتيقة بنت العتيق الحبيبة بنت الحبيب الحصَان الرزَان ، يٌرمى في عائشة .

وها هي أم المؤمنين زوج سيد المرسلين ، ترمى في أغلى ما تعتز به أي فتاة ترمى في شرفها تُتًهم بالخيانة ، ترمي بالفاحشة تتهم بالزنا ، وهي الزهرة التي تفتحت في بستان الصدق ، ثم اكتمل نموها في بيت النبوة وسقيت بمداد الوحي على يد رسول الله .
وها هو الصديق صديق الأمة الأكبر، الرجل الطاهر الفاضل الذي بدأ تربية عائشة في بيت الصديقية، يرمى بهذا فيبكي، ويحطم الألم فؤاده، ويمزق الحزن كبده، ويقول : والله ما رمينا بهذا في الجاهلية أفنرمى به في الإسلام ؟.
أفنرمى به في الإسلام ؟

وصفوان بن المعطل الصحابي الجليل يُرمى في عقيدته ، في دينه ، في دينه يوم يتهم بخيانته لنبيه المصطفى r وفي من ؟ في عائشة ، في أم المؤمنين الحصَان الرزَان ترجع إلى المدينة ، وتمكث شهراً كاملاً وهي مريضة لا تعلم عن قول أهل الإفك أي شيء لا تعلم شيئاً فهي حَصان رزَان ، لا تلتفت إلى مثل هذه الوقاحات أبداً وخرجت يوماً مع أم مسطح فأخبرتها أم مسطح بما يقوله الناس في المدينة قالت عائشة : وأنا والله لا يريبني شيئا في وجعي إلا أنني لم أكن أرى اللطف الذي أعهده من رسول الله فكان يدخل ويسلم ويقول : (( كيف تيكم ؟ )) وأنا لا أعلم شيئاً ، فلما عرفت استأذنت رسول الله أن يأذن لها في أن تذهب إلى بيت الصديق – رضي الله عنه – فأذن لها النبي .

ويشاء ربك – جل وعلا – أن يمضي شهراً كامل لا ينزل فيه على المصطفى في هذا الآمر آية واحدة ، ويشاء ربك لحِكَم يعلمها – جل وتعالى – ألا يرى رسول الله ولا رؤيا واحدة ليبريء بها أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – يمضي شهراً كامل يحطم الألم فؤاد رسول الله ويحطم الحزن ويفتت كبده  .
وبعد شهر كامل يذهب النبي إلى بيت أبي بكر – رضي الله عنه – وعائشة التي ذهبت والله ما ذهبت لتسوثق من هذا الكلام في هذا الموضوع الجلل ، فتقول لأمها : ما الذي يتحدث به الناس ؟ فتقول أمها : هوني عليك يا ابنتي تقول : سبحان الله أو تحدث الناس فعلاً بهذا أو تحدث الناس بهذا ؟قالت : فلم يرقأ لي دمع فلم ينقطع لي دمع ولم تكتحل عيناي بنوم ، وظن أهلي وأبواي أن البكاء فالق كبدي . وهي على الفراش تبكي دخلت عليها امرأة من الأنصار تبكي لبكائي وأمها تبكي ، والصديق يتألم ويحطمه الألم .

وفجأة دخل رسول الله فسلم وجلس إلى جوار عائشة ، فشهد وحمد الله وأثنى عليه، ثم التفت إلى عائشة وقال: ((يا عائشة إنه قد بلغني عنك كذا كذا وكذا فإن كنت بريئة فسيبرئك الله – عز وجل – وإن كنت قد ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إن أذنب واعترف بذنبه وتاب إلى الله ، تاب الله عليه )) قالت : فقلص دمعي.

وأنا أرجو أن تتصوروا أنتم حالة رسول الله وهو يقول لعائشة هذه الكلمات : ((فإن كنت بريئة فسيبرئك الله – عز وجل – وإن كنت قد ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه ، فإن العبد إن أذنب واعترف بذنبه وتاب إلى الله ، تاب الله عليه )) .
تقول فقلص دمعي ، جف الدمع وقلت لأمي : يا أمي أجيبي عني رسول الله تكلمي أنت ، فقالت أمها : والله يا ابنتي ما أدري ماذا أقول لرسول الله فالتفت إلى الصديق وقلت : يا أبي أجب عني رسول الله فقال الصديق : والله يا ابنتي ما أدري ما أقول لرسول الله.
قالت : فقلت : والله لا أرى لي ولكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف : { َصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ } [يوسف/18] .

قالت : والله ما رام رسول الله مجلسه ولا رام أحد في الدار مجلسه أي ما فارق أحد مجلسه الذي كان يجلس فيه ، حتى أخذ رسول الله من البُرَحَاء من الشدة مما ينزل عليه من الوحي حتى أنه ليتحدر مثل الجمان – أي : يتصبب عرقا كحبات اللؤلؤ ، من ثقل الوحي الذي يتنزل عليه – فلما سري عن رسول الله  سري عنه وهو يبتسم ، وكانت أول كلمة نطق بها المصطفى بعد ما التفت إلى عائشة فقال : (( أبشري يا عائشة فلقد برأك الله – عز وجل )) فقالت أمها : قومي يا عائشة قومي إلى رسول الله r فاحمديه قالت عائشة : لا لا والله لا أقوم إليه ، بل لا أحمد إلا الله – عز وجل – الذي أنزل براءتي من فوق سبع سماوات .

وقرأ النبي على أمنا – رضي الله عنها – قرآنا شرفها الله به ، وقرأ الرسول قرآنا كرمها الله بها ولا زال وسوف يزال يتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها { إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرّاً لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ{11} لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْراً وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ{12} لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ{13} وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ{14} إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ{15} وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ{16} يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَداً إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ{17} وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ{18} إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ{19} وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّه رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [النور/11-20]

فازدادت بهذه البراءة مكانتها في قلب المصطفى بل في قلوب المؤمنين ، بل في قلوب المؤمنين الصادقين ، أي شرف !! هي نفسها تقول : والله لشأني في نفسي كان أحقر من أن ينزل فيّ وحي يتلى ، والله لشأني في نفسي كان أحقر من أن ينزل فيّ وحي يتلى ، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله في رؤيا فيبرئني الله بها فقط .

انظروا إلى تواضع أم المؤمنين – رضي الله عنها – انظروا إلى صفاء نفسها ، وإلى صدق سريرتها ، وإلى إخلاص قلبها ، ما قالت : إنها زوج رسول الله ، لأنها أم المؤمنين كيف يقول الناس هذا لا ، لا ، لا ، والله لشأني في نفسي كان أحقر من أن ينزل فيّ وحي يتلى ، والله لشأني في نفسي كان أحقر من أن ينزل فيّ وحي يتلى ، ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله في رؤيا فيبرئني الله بها . زادت مكانتها في قلبه .
بل الأعجب يا أخي إذا علمت أن النبي في مرضه الأخير استأذن نساءه ألا يدور عليهن كعادته ، وأن يمكث أيام مرضه كلها في بيت عائشة إي والله والحديث في الصحيحين([2]) .

هل تتصور هذا ، أنا أرجو أن تتخيل مدى الحب من الحبيب الطاهر للحبيبة الطاهرة أم المؤمنين عائشة ، استأذن النبي نساءه في أن يمرّض في بيت عائشة فأذن له لما يعلمنه من حبه لها فأذنَّ له .
تقول : منّ الله علىّ أن رسول الله مات في بيتي وفي يومي إي والله في بيتي ، وفي يومي يعني ليس في يوم زوجة أخرى ، مات في بيتي وفي يومي  ، اسمع وعلى سحري ونحري ، ورأسه على سحري ونحري ، يعني رأس النبي في صدرها .
الله ! مات رسول الله ورأسه في صدر عائشة تقول : وجمع الله بين ريقي وريقه في آخر يوم من أيام الدنيا ، وأول يوم من أيام الآخرة .
ماذا تريدون بعد ذلك أيها المسلمون ، يجمع الله بين ريقها وبين ريق المصطفى بالسواك الذي أخذته وقضمته ، ومضغته وطيَّبته ودفعته إلى رسول الله فاستاك به كأجود ما استاك به من قبل ، فجمع الله بين ريق المصطفى وريق عائشة في آخر يوم من أيام الدنيا لرسول الله وفي أول يوم من أيام الآخرة ([3]).
لا يتسع الوقت للحديث عن زهدها ، ولا يتسع الوقت للحديث عن عبادتها ولا يتسع الوقت لا عن علمها ولا عن فقهها ولا عن أدبها .

فهي فقيهة الفقهاء ، معلمة العلماء ، أديبة الأدباء ، بليغة البلغاء فصيحة الفصحاء ما سألها الصحابة عن حديث قط إلا وقد وجدوا عندها علما منه عن رسول الله ، ملأت الدنيا علما ، وروت عن رسول الله أكثر من ألفي حديث وروى عنها كثير من أصحاب رسول الله فهي معلمة العلماء ، وفقيهة الفقهاء ومؤدبة الأدباء ، وبليغة البلغاء وفصيحة الفصحاء – رضي الله عنها وأرضاها .

وهي التي قالت حينما شكي إليها من بعض السفلة الذين يتناولون أصحاب رسول الله  فقالت قولتها الجميلة قالت: أصحاب رسول الله مضوا وماتوا فانقطع عنهم العمل ، فأبى الله أن يقطع عنهم الأجر.
نعم  ! ماتوا ، انقطع عملهم ، لكن الأجر لا ينقطع بعواء ونباح هؤلاء السفلة الكلاب ، الذين يتناولون أصحاب رسول الله الذين زكاهم الله وعدلهم الله وطهرهم الله ، واصطفاهم الله ، واختارهم يوم اختار رسوله المصطفى .

قال عبد الله بن مسعود : إن الله تعالى نظر في قلوب العباد ، فوجد قلب محمد خير قلوب العباد ، فجعله واصطفاه لرسالته ونبوته ، ثم نظر الله في قلوب العباد بعد قلب محمد ، فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه .
أكمل ما تبقى بعد جلسة الاستراحة في عجالة سريعة وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ....

الخطبة الثانية :   

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده، لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، اللهم صلّ وزد وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه، وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين ..
أما بعد ..
فيا أيها الأحبة : قال الحافظ الكبير أبو زرعة – رحمه الله تعالى  : إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله فاعلم بأنه زنديق .

وذلك أن الرسول حق والقرآن حق ، وما جاء به الرسول عن الله حق والذي نقل إلينا كل ذلك هم الصحابة ، فهؤلاء يريدون أن يهدموا الصحابة ، ليبطلوا القرآن والسنة.

هذه هي العلة من حافظ كبير كأبي زرعة هؤلاء يريدون أن يهدموا الصحابة ليبطلوا القرآن والسنة ، ولكن هيهات هيهات هيهات .

فمنذ أن بزغ الإسلام وهو يحارب ، أين من حاربوه ؟ إلى مزابل التاريخ ، إلى جهنم وبئس المصير ، من مات منهم على الكفر والعناد والإسلام شامخ ، وسيظل الإسلام شامخا ، فنحن لا نخاف على الإسلام من أمثال هؤلاء السفلة المنحطين الأنجاس ، وإنما نخشى على المسلمين في زمان الفتن ، فتن الشبهات في زمان الإنترنت .
فأنا أذكر المسلمين جميعا بالتمسك بكتاب الله وبسنة رسول الله الله وبالجلوس بين أيدي علماء أهل السنة الربانيين المتحققين بالعلم الشرعي ، وأحذر المسلمين أن يأخذوا شيئا من الدين من هذه الصحف أو الجرائد أو المجلات ، أو أن يأخذوا من بعض المشبوهين من بعض الفضائيات ، ممن لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ، وأن يراجعوا الربانيين من علماء أهل السنة وألا يتكلم مسلم وألا يخطو مسلم على طريق الإسلام خطوة إلا بعد أن يراجع العلماء ، وإلا بعد أن يسأل أهل الفضل والعلم .
واحرصوا على مجالس العلم ، ولا تضيعوها، ابذلوا من أجل الجلوس فيها الأوقات، بل الأموال بل واصحبوا معكم النساء والأولاد، والأطفال لمجالس العلماء الربانيين ، لحلقات العلم.
وأذكر نفسي وإخوتي بأن يعلموا نساءهم وبناتهم وأولادهم حب الرسول وحب الصحابة ، وأن يبينوا لهم مكانة أصحاب رسول الله .
يا أخي اشتر كتابا من كتب السيرة للأطفال ، واجلس كل ليلة نصف ساعة ، اقرأ على أولادك سيرة الرسول سيرة أصحابه – رضي الله عنهم – اجتهد في أن تملأ قلب امرأتك ، وقلوب أولادك بحب الصحابة – رضي الله عنهم – جميعا .
أيها الأفاضل : إن الحرب شرسة ، ولا مخرج لنا ، ولا فرار لنا من الله إلا إليه سبحانه ، ففروا إلى الله  ، ففروا إلى الله بالتمسك بالكتاب والسنة ، بالاعتصام بالله .
بالحرص على مجالس العلم ، بالتربية بتربية الأولاد على القرآن والسنة والفضيلة بالذب عن أصحاب رسول الله .
بكل ما أوتيت من قوة، عبر مجلة، عبر جريدة، عبر شريط، خذ هذا الشريط اليوم، خذ هذا الشريط اليوم، اطبع منه مائة نسخة ألف نسخة من مالك الخاص، ووزعه على السيارات على الميكروباصات في البيوت، في المنازل، في المحلات، ليعرف الناس قدر هؤلاء الأطهار وليعرف الناس أيضا حجم الحرب الشرسة، التي تعلن الآن على الثوابت والأركان والأصول.
لا تكن سلبياً، بل قدم شيئا لدين الله تبارك - وتعالى – لا عذر لك إن لم تفعل أي شيء ولو بهذا الشريط فقط، اسمعه أسمعه لأسرتك أسمعه لأهلك، أسمعه لغيرك، وأسمع غيره من الأشرطة لإخواننا الأفاضل، من أهل العلم من علماء أهل السنة، فإن الحرب شرسة.

لا مخرج لنا إلا أن نعود إلى ديننا وأن نعض عليه بالنواجذ ، في زمن الفتن  فتن الشبهات والشهوات ، (( والعبادة في الهرج – أي : في الفتن – كهجرة إليَّ )) كهجرة المصطفى من مكة إلى المدينة ، والحديث في صحيح مسلم من حديث معقل بن يسار(1).

فهاجر أيها المسلم ، هاجر في زمان الفتن من المعصية إلى الطاعة من البدعة إلى السنة ، من الشر إلى الخير من الحرام إلى الحلال من الضلال إلى الهدى ، من البعد عن الله إلى القرب إلى الله ، من الجهل ، إلى العلم بالله ، من البعد عن مجالس العلم إلى الانغماس في مجالس العلم .

واشهدوا لدينكم شهادة عملية بالأخلاق والسلوك ، فأنا حينما أقول : ذُبَّ عن هؤلاء عبر أي وسيلة من الوسائل فلتذب عن هؤلاء بالدليل ، وما أكثر أدلتنا من كتاب ربنا وسنة نبينا ، نريد أن نرجع إلى القرآن والسنة ، فوالله لا نجاة لنا في الدنيا من الفتن، ولا سعادة لنا في الآخرة ، إلا بالاعتصام بهما أسأل الله – جل وعلا – أن يردنا جميعا إلى الحق ردا جميلا .

هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده ، وما كان من خطأ أو سهو أو نسيان فمني ومن الشيطان ، وأعوذ بالله أن أكون جسراً تعبرون عليه إلى الجنة ، ويلقى به إلى جهنم ، ثم أعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه وأقم الصلاة .

عُقبَة بن عَامِر بن عَبس الجُهنيّ

(ت سنة58هـ - 680م)


نبذة عنه :
قال الذهبي : ((قال ابن يونس : شهد فتح مصر، واختط بها ، وولي الجند بمصر لمعاوية ، ثم عزله بعد ثلاث سنين)) قال الزركلي : ((ولي مصر سنة44هـ و عُزِلَ عنها سنة47هـ))
قال الذهبي : ((وأغزاه البحر ، وكان يخضب بالسواد . وقبره بالمقطم . مات سنة ثمان وخمسين))


أسمه و نسبه :
هو عقبة بن عامر بن عبس بن عمرو بن عدي بن عمرو بن رفاعة بن مودوعة بن عدي بن غنم بن الربعة بن رشدان بن قيس بن جهينة بن زيد بن سود بن أسلم بن عمرو بن الحاف بن قضاعة الجهني
و ذكر جده الزركلي فقال بدلا من عمرو : مالك


الإختلاف في كنيته :
قيل أن كنيته أبو سعاد . قال ابن عبد البر : ((ولعقبة بن عامر كنى كثيرة نحو خمس . ليس هو عندي بأبي سعاد))
وقيل : أبا سعد
و قيل أن كنيته أبي حمّاد . قال ابن عبد البر : ((قال ابن عباس : سمعت يحيى بن معين يقول : "عقبة بن عامر الجهني كنيته أبو حماد" . وكذلك قال ابن لهيعة)) . و كنّاه ابن تغري بردي بأبي حماد أيضا
و قيل أبو عبس
وقيل: أبا الأسود
وقيل: أبو لبيد
وقيل: أبا أسيد
و قيل أبو أسد
وقيل أبا عمرو
وقيل: أبا عمار
وقيل: أبا عامر


حياته :
هو الامام ، الإمير ، المقرئ ، الجهني القبيلة ، المصري المسكن و الوفاة ، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم و مولاه و رديفه ، و هو من مشاهير الصحابة و أعلامهم
و هو معدود فيمن خدم النبي صل الله عليه و سلم ، و كان يأخذ بزمام بغلة النبي و يقودها في الأسفار . وعدد له رسول الله
فضل المعوذتين وحثه على قراءتهما
و كان عقبة بن عامر من أصحاب الصفة . قال الذهبي : ((قال عقبة : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة ، وكنت من أصحاب الصفة)) . و الصفة : موضع مظلل في مسجد المدينة كان يأوي إليه فقرأ المهاجرين ومن لم يكن له منزل يسكنه
و قال الزركلي : ((كان شجاعاً فقيها شاعراً قارئا، من الرماة)) . و قال الذهبي : ((وكان عالما مقرئا فصيحا فقيها فرضيا شاعرا كبير الشأن)) . و قال ابن حجر : ((قال أبو سعيد بن يونس : كان قارئا عالما بالفرائض والفقه فصيح اللسان شاعرا كاتبا وهو أحد من جمع القرآن ، قال : ورأيت مصحفه بمصر على غير تأليف مصحف عثمان وفي آخره "كتبه عقبة بن عامر بيده"))
و قال الذهبي : ((و عن أبي عبدالرحمن الحبلي : أن عقبة كان من أحسن الناس صوتا بالقرآن ، فقال له عمر : اعرض علي . فقرأ ، فبكى عمر))
و كان عقبة يخضب بالسواد . ذكره الذهبي و ابن الأثير و ابن تغري بردي . و قال ابن حبان : ((حدثني محمد بن إسحاق الثقفى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا الليث بن سعد عن أبى عشانة المعافري قال : رأيت عقبة بن عامر يخضب بالسواد ويقول "نسود أعلاها وتأبى أصولها"))
وكان من الشجعان و الرماة المذكورين
وكان من أصحاب معاوية بن أبي سفيان و أتباعه ، و كان اول من نشر الرايات على السفن
قال الزركلي : ((و للشهاب أحمد بن أبي حجلة التلمساني "776" كتاب "جوار الأخيار في دار القرار" في الأزهر "1199رواق المغاربة" في مناقبه120ورقة))



إسلامه :
قال الذهبي : ((عن عقبة، قال : بايعت رسول الله على الهجرة، وأقمت معه)) . و انظر كذلك ابن سعد 4 / 343، 344
و قال ابن الأثير : ((روى عنه أبو عشانة أنه قال : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وأنا في غنم لي أرعاها، فتركتها ثم ذهبت إليه، فقلت : تبايعني يا رسول الله؟ قال : فمن أنت؟ فأخبرته ، فقال: "أيما أحب إليك تبايعني بيعة أعرابية أو بيعة هجرة؟" قلت : بيعة هجرة . فبايعني)) . و ذكرها ابن حجر و ابن تغري بردي من طريق قيس بن أبي حازم . و اخرجها مسلم و أبو داود و النسائي


إخباره النبي صل الله عليه و سلم بفضل المعوذتين :
أخرج مسلم (814) في صلاة المسافرين: باب فضل قراءة المعوذتين عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألم تر آيات أنزلت الليلة لم ير مثلهن قط ؟ قل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس))


شهوده فتح الشام :
وشهد فتوح الشام
وهو كان البريد إلى عمر بفتح دمشق
و له دار بدمشق بخط باب توما ، و هو أحد أبواب مدينة دمشق من الجانب الشرقي


سنة 20هـ : شهوده فتح مصر :
شهد فتح مصر مع عمرو بن العاص ، و سكنها
قال ابن ماكولا : ((شهد فتح مصر، واختط بها))
و قال ابن عبد البر : ((قال أبو عمر : سكن عقبة بن عامر مصر وكان والياً عليها وابنتى بها داراً))
و يوجد إلى الآن منطقة معروفة جدا بالجيزة بالقاهرة الكُبرى بمصر تسمى على أسمه (ميت عُقبَة) ، فإنه رضي الله عنه لما نزل مصر اقطعه معاوية بن ابي سفيان ارضا بالجيزة فسكنها عقبة و كانت ارضا و مسكناً له و لأحفاده من بعده و سميت على اسم صاحبها (منية عقبة) أو (ميت عقبة) و معناها (أرض عقبة بن عامر)
و يقول المقريزي بالخطط ص583 : ((ذِكر منية عقبة : هذه القرية بالجيزة عرفت بعقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه . قال ابن عبد الحكم : كتب عقبة بن عامر الى معاوية بن ابي سفيان رضي الله عنهما يسأله ارضا يسترفق فيها عند قرية عقبة ، فكتب له معاوية بألف ذراع في ألف ذراع ، فقال له مولى له كان عنده : انظر أصلحك الله ارضا صالحة ، فقال عقبة : ليس لنا ذلك ، إن في عهدهم شروطاً ستة : منها الا يؤخذ من ارضهم شئ و لا من نسائهم و لا اولادهم و لا يزاد عليهم و يدفع عنهم موضع الخوف من عدوهم و انا شاهد لهم بذلك . و في رواية : كتب عقبة الى معاوية يسأله نقيعا في قرية يبني فيها منازل و مساكن فأمر له معاوية بألف ذراع في الف ذراع فقال له مواليه و من كان عنده : أنظر الى ارض تعجبك فاختط فيها و ابتن ، فقال : انه ليس لنا ذلك ، لهم في عهدهم ستة شروط : منه الا يؤخذ من ارضهم شئ و لا يزاد عليهم و لا يكلفوا غير طاقتهم و لا تؤخذ ذراريهم و ان يقاتل عنهم عدوهم من ورائهم . قال ابو سعيد بن يونس : و هذه الارض التي اقتطعها عقبة هي المنية المعروفة بمنية عقبة في جيزة فسطاط عمر))


سنة 37هـ : شهوده معركة صفّين :
و كان عقبة بن عامر ممن شهد صفين ، و كان في صف معاوية بن أبي سُفيان


سنة 44هـ : ولايته على مصر :
ولّـى معاوية بن أبي سفيان إمرة مصر لعقبة بن عامر بعد موت اخيه عتبة بن أبي سفيان الذي كان واليا عليها . و جمع معاوية لعقبة في إمرة مصر بين الخراج والصلاة


سنة 47هـ : نهاية ولايته على مصر :
و دام عقبة على إمرة مصر ، إلى أن أراد معاوية عزله ، فلما قدم مسلمة بن مخلد على معاوية بدمشق ولاه مصر وأمره أن يكتم ذلك عن عقبة بن عامر ثم سيره إلى مصر وأمر معاوية عقبة بغزو رودس و معه مسلمة بن مخلد المذكور ، فنشر عقبة بن عامر الرايات على السفن و كان اول من فعل ذلك . فخرج عقبة و مسلمة إلى الإسكندرية ثم توجها في البحر فلما سار عقبة استولى مسلمة على سرير إمرته ، فبلغ ذلك عقبة بن عامر ، فقال : أغربة و عزلاً! ، وكان ذلك لعشرٍ بقين من ربيع الأول سنة سبع وأربعين وكانت ولايته سنتين وثلاثة أشهر وتولى مسلمة بعده الإمرة


سنة 58هـ : وفاته و قبره :
قال الزركلي : ((مات بمصر))
قال ابن الأثير : ((ولى له - اي لمعاوية - مصر وسكنها، وتوفي بها سنة ثمان وخمسين)) . و كذا وافق التاريخ الذهبي بالسير
و قال ابن ماكولا : ((توفي بمصر سنة ثمان وخمسين . قاله ابن يونس))
و قال ابن حجر و ابن تغري بردي : ((ومات في خلافة معاوية على الصحيح)) . و قال ابن عبد البر : ((توفي في آخر خلافة معاوية))
و قال ابن تغري بردي : ((قال صاحب كتاب العقود الدرية في الامراء المصرية : توفي عقبة في سنة ثمان وخمسين بمصر وقبره يزار بالقرافة)) ، و قال : ((وليس في الجبانة قبر صحابي مقطوع به إلا قبر عقبة فإنه زاره الخلف عن السلف)) و قال الزركلي : ((وفي القاهرة مسجد عقبة بن عامر بجوار قبره))
و قال ابن حجر : ((وحكى أبو زرعة في تاريخه عن عبادة بن نسي قال رأيت رجلا في خلافة عبد الملك يحدث فقلت من هذا قالوا عقبة بن عامر الجهني قال أبو زرعة فذكرته لأحمد بن صالح قال هذا غلط مات عقبة في خلافة معاوية وكذلك أرخه الواقدي وغيره))
قال المقريزي : ((قال ابن يونس : توفي بمصر سنة ثمان و خمسين و دفن في مقبرتها بالمقطم)) ، و قال الموفق بن عثمان بكتاب مرشد الزوار : ص 146 : ((و ذكر ابن يونس في تاريخه ان عقبة بن عامر توفي سنة ثمان و خمسين بمصر و قُبِرَ بمقبرتها بالمقطم)) . و بـ ص 147 : ((و قبره القبر المسنّم الكبير عند تُربة بني العوام و عند رأسه بلاطة كان فيها اسمه وضعها ابو حفص عمر بن محمد بن غزال بن محمد المقرئ شيخ مصر تلميذ الامام ابن رشيق العسكري شيخ مصر يتداوله السلف و الخلف و الدعاء عنده مجاب و ليس فيه اختلاف و لم يكن في الجبانة قبر اثبت منه رضي الله عنه و نفع ببركاته آمين)) . و ترجمته كاملة بالكتاب من ص144 إلى ص147 فراجعها
قال الموفق بن عثمان بموضع آخر بنفس الكتاب : ((عقبة بن عامر الجهني ذُكر ان ابا حفص ابن غزال الحضرمي دل عليه الناس و ذَكَر أنه قبل قبر ذي النون المصري مما يلي الشرق ، و هو أشهر من قبر عمرو بن العاص رضي الله عنهما))
و قال ابن تغري بردي بكتاب النجوم الزاهرة : ((و قال الشيخ الموفق بن عثمان في تاريخه المرشد ناقلا عن حرملة من أصحاب الشافعي : إن البقعة التي دفن فيها عقبة - بن عامر - بها ايضا قبر عمرو بن العاص و قبر ابي بصرة الصحابيين تحويهم القبة التي هدمها صلاح الدين يوسف بن ايوب ثم بناها البناء المعهود الآن)) . و كما قرأنا بكتاب مرشد الزوار للموفق بن عثمان ان قبر عقبة بن عامر بالقرافة قبر ثابت لا شك فيه يتوارث زيارته الخلف عن السلف و انه هو الصحابي الوحيد الذي يثبت مكان قبره بالقرافة خلافا عن الصحابة الذين دفنوا بالقرافة و لم تُعلَم قبورهم و دُثِرَت . و من المرجح ان تكون هذه المنطقة هي حاليا نفس المكان الذي ذكره الموفق بن عثمان الذي به مسجد سيدي عقبة بن عامر بالقرافة قرب الإمام الشافعي ، و بمسجد سيدي عقبة ضريح لعقبة بن عامر رضي الله عنه ... لكن قيل ان ضريح عقبة بن عامر الذي نراه الآن مبني على رؤية ! فربما الشيخ الموفق بن عثمان قصد ضريح اخر غير هذا كان موجودا في زمانه و اختفى في زماننا ام ماذا ! ؟ فالله أعلم . و أما القول بأن عمرو و ابي بصرة مدفونين معه فلا يثبت ، و أصح و أحسن ما قيل في قبور (عقبة و عمرو و ابي بصرة) انها بالمقطم كما هو ثابت لكن مختفية المعالم


ما جاء في كراماته :
رئي بعض الأمراء في النوم ممن جاوره فقيل له : ما فعل الله بك قال
غفر لي بمجاورة عقبة
وروي له من البركات روايات كثيرةمنها أن رجلًا أسر له ولد فأتى قبر عقبة ودعا الله عز وجل فقام



هناك فرق بين عقبة صاحب مصر و بين عقبة شهيد النهروان :
ذكر خليفة بن خياط بتاريخه أن من أحداث سنة38هـ معركة النهروان و بها أستشهاد عدد من أصحاب الإمام علي ، و منهم : أبو نعيم عقبة بن عامر الجهني . و هذا إما غلط و سهو من خليفة "كما قال ابن عبد البر" أو ان عقبة شهيد النهروان هذا غير عقبة صاحب مصر و أن هناك فرق بينهما . و من الواضح ان خليفة فرّق بينهما بدليل أنه ذكر ايضا في احداث سنة 58هـ وفاة عقبة بن عامر بن عبس الجهني "أي صاحب مصر" كما ذكر ابن حجر ذلك


روايته :
قال الذهبي : ((له في مُسنَد بقيّ خمسة وخمسون حديثا))
و روى عقبة عن النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا
و روى عنه جماعة من الصحابة والتابعين من أهل مصر و غيرها . قال ابن تغري بردي : ((ولأهل مصر فيه اعتقاد عظيم ولهم عنه نحو مائة حديث)) و قال الزركلي : ((له55حديثاً))
فممن روى عنه من الصحابة : ابن عباس ، وأبو عباس ، و جابر ، وأبو أيوب، وأبو أمامة، ومسلمة بن مخلد
قال ابن عبد البر : ((وأما رواته من التابعين فكثير)) ، و ممن حدثوا و رووا عنه منهم : أبو الخير مرثد اليزني، وجبير بن نفير، وسعيد بن المسيب ، وأبو إدريس الخولاني ، وعلي بن رباح، وأبو عمران أسلم الجيبي ، وعبد الرحمن بن شماسة ، ومشرح بن هاعان ، وأبو عشانة حي ابن يؤمن ، وبعجة بن عبد الله الجهني ..وخلق سواهم من أهل مصر . و قال ابن تغري بردي : ((وآخر من روى عن عقبة بمصر أبو قبيل - اي المعافري - ))


و مما اجتهدت في جمعه مما رواه عقبة رضي الله عنه :
قال ابن تغري بردي : ((منها - اي من جملة ما رواه عقبة - : من توضأ فأحسن وضوءه ثم صلى صلاةً غير ساهٍ ولا لاهٍ كفر عنه ما كان قبلها من سيئاته))
و قال : ((قال عقبة : سمعت النبي صل الله عليه و سلم يقول : تعجب ربك من شاب ليس له صبوة))
و قال : ((قال عقبة : كنت آخذ بزمام بغلة رسول الله صل الله عليه و سلم في بعض غاب المدينة ، فقال لي : يا عقبة ألا تركب ، فأشفقت أن تكون معصية ، فنزل رسول الله وركبت هنيهة ثم ركب فقال الا اعلمك سورتين فقلت بلى يا رسول الله فاقر أني قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس ثم أقيمت الصلاة فتقدم وصلى بهما وقال
اقرأهما كلما نمت وقمت))
و قال ابن الأثير : ((أخبرنا عبد الله بن أحمد بن الطوسي، أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد القارئ، أخبرنا الحسن بن أحمد بن شاذان، حدثنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا يحيى بن جعفر الزبرقان، حدثنا محمد بن عبيد، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن عبد الرحمن بن عائذ، عن عقبة بن عامر الجهني قال: ذهب إلى المسجد الأقصى يصلي فيه، فرآه ناس فاتبعوه، فقال لهم: ما لكم? قالوا: أتيناك لصحبتك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، لتحدثنا بما سمعت منه. قال: انزلوا فصلوا. فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من عبد يلقى الله عز وجل لا يشرك به شيئاً، ولم يتند بدم حرام، إلا دخل من أي أبواب الجنة شاء" ))
و قال الذهبي : ((عن علي بن رباح، عن عقبة، قال: خرجت من الشام يوم الجمعة، ودخلت المدينة يوم الجمعة.فقال لي عمر: هل نزعت خفيك ؟ قلت: لا ، قال: أصبت السنة)) . أخرجه البيهقي في " سننه " 2 / 380 من طريق الحاكم عن أبي العباس محمد بن يعقوب، عن بحر بن نصر بن سابق الخولاني، عن بشر بن بكر، عن موسى بن علي بهذا الاسناد

أسد الغابة
الإستيعاب _ ج3 _ ص1073
الإصابة ، برقم (5605)
سير أعلام النبلاء _ ج2 _ (ترجمة رقم90)
الاعلام ، ج4ص240
النجوم الزاهرة
الخطط للمقريزي
مشاهير علماء الامصار _ برقم (378)
الثقات ، برقم (909)
الإكمال لابن ماكولا
مرشد الزوار ، ص131 و من144إلى147
أسد الغابة: 4 / 53
مسند أحمد: 4 / 201 143
التاريخ لابن معين: 409
طبقات ابن سعد: 4 / 343، 344
طبقات خليفة: 121، 292
تاريخ خليفة: 197، 225
التاريخ الكبير: 6 / 430
المعارف: 279
الجرح والتعديل: 6 / 313
المستدرك: 3 / 467
ابن عساكر: 11 / 348 / 1
تهذيب الكمال: 947
تاريخ الاسلام: 2 / 306
العبر ك 1 / 62
تهذيب التهذيب: 7 / 242 - 244
خلاصة تذهيب الكمال: 269
كنز العمال: 13 / 495
شذرات الذهب: 1 / 64.
دول الإسلام للذهبي 1: 29 والاصابة، ت 5603 وكشف النقاب - خ. وابن دقماق 4: 11 وابن إياس 1: 28 وفيه: " مات شهيدا ودفن بالقرافة الصغرى " وحلية الاولياء 2: 8 وجمهرة الأنساب 416 والمخطوطات المصورة، التاريخ 2: القسم الرابع 142.

المؤرخ و الاديب المختار السوسي رحمه الله

 محمد المختار بن علي بن أحمد السوسي الإلغي الملقب بـرضا الله والمعروف بالمختار السوسي1318 هـ -1383 هـ  مؤرخ وأديب ورجل دين ومجاهد مغربي.



ولد في "إلغ" وهي قرية بناحيةتازروالت فيالسوس الأقصى جنوبـ ونشأ بها، وحين بلغ سن الإدراك اتجه إلى الدراسة الأولية لتعلم الكتابة والقراءة واستظهارالقرآن على عدة معلمين، أولهم والدته رقية بنت محمد بن العربي الأدوزي.





كان من رجالمقاومةالاستعمار الفرنسيللمغرب بالمنطقة الوسطى، فقد ساهم خلال إقامته فيفاس في تأسيس بعضالجمعيات السياسية السرية،والمنتديات الأدبية، واصل مقاومتهبمراكش مما أدى إلى اعتقاله.

وبعد استقلال المغرب عُين في أول حكومة مغربية بعد الإستقلال وزيرا للأوقاف العمومية عام.، ثم لما أسس مجلس التاج عين وزيرا عضوا فيه عام، و بقي متقلدا مهام تلك الوظيفة إلى أن توفي، كما أنه اشتغل عضوا فيلجنة مدونة الفقه الإسلامي.

فكره
كان يعتبر أن الوجه الصحيح لكتابةتاريخ الإسلام هو البدء بتاريخ رجالاته وأسرهم ثم مجتمعاتهم المحدودة فأقطارهم فالأمة الإسلامية جمعاء وذلك اتساقا مع إيمانه العميق بضرورة وحتمية العودة إلىالتراث للحفاظ على الهوية ومواجهة التحديات.



اهم مؤلفاته

خلال جزولة في أربعة أجزاء.
رجال العلوم العربية في سوس.
بين الجمود والميع وهو رواية من أفكار إسلامية.
تقييدات على تفسير الكشاف للزمخشري.
حياة الفقيه العلامة أشرف إمونن.
المعسول في عشرين جزءا.
سوس العالمة.
كما أثرى المكتبة المغربية بعدد من نوادر المخطوطات العربية التي اكتشفها في مختلف المكتبات المغربية، ومن ذلك على سبيل المثال لا الحصر:

ديوان ملك غرناطة يوسف الثالث.
مختصر رحلة العبدري لمؤلف مجهول.
طبقات المالكية لمؤلف مجهول.

أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ

 أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ

ترجمته

أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ،عَبْدُ اللهِ بنُ ثُوَبٍ الدَّارَانِيُّ،من سادات التَّابِعِيْنَ.

قَدِمَ مِنَ اليَمَنِ، وَقَدْ أَسْلَمَ فِي أَيَّامِ النَبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكن ما تيسر له الاجتماع بالرسول فَدَخَلَ المَدِيْنَةَ فِي خِلاَفَةِ الصِّدِّيْقِ. واجتمع أيضًا بسيدنا عمر.

حَدَّثَ عَنْ: عُمَرَ، وَمُعَاذِ بنِ جَبَلٍ، وَأَبِي عُبَيْدَةَ وغيرِهم.

ورَوَى عَنْهُ أَبُو إِدْرِيْسَ الخَوْلاَنِيُّ وَعَطَاءُ بنُ أَبِي رَبَاحٍ وَشُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ وغيرُهم. 

من كراماته

حَدَّثَ شُرَحْبِيْلُ: أَنَّ الأَسْوَدَ تَنَبَّأَ بِاليَمَنِ، فكان أبو مسلم الخولاني يكذب هذا الأسود العنسي الذي ادعى أنه نبي في اليمن.

فَقِيْلَ لِلأَسْوَدِ: إِنْ لَمْ تَنْفِ هَذَا عَنْكَ، أَفْسَدَ عَلَيْكَ مَنِ اتَّبَعَكَ.

فَبَعَثَ هذا الكافر  إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ، فَأَتَاهُ بِنَارٍ عَظِيْمَةٍ، ثُمَّ إِنَّهُ أَلْقَى أَبَا مُسْلِمٍ فِيْهَا، فَلَمْ تَضُرَّهُ، فعل به ذلك ثلاثة أيام فلم يحترق. 

فَأَمَرَهُ بِالرَّحِيْلِ، فَقَدِمَ المَدِيْنَةَ، فَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ، وَدَخَلَ المَسْجِدَ يُصَلِّي، فَبَصُرَ بِهِ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَقَامَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: مِمَّنِ الرَّجُلُ؟

قَالَ: مِنَ اليَمَنِ.

قَالَ: مَا فَعَلَ الَّذِي حَرَّقَهُ الكَذَّابُ بِالنَّارِ؟

قَالَ: ذَاكَ عَبْدُ اللهِ بنُ ثُوَبٍ.

قَالَ: نَشَدْتُكَ بِاللهِ، أَنْتَ هُوَ؟

قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.

فَاعْتَنَقَهُ عُمَرُ، وَبَكَى، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِ حَتَّى أَجْلَسَهُ فِيْمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّدِّيْقِ، فَقَالَ:

الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يُمِتْنِي حَتَّى أَرَانِي فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ مَنْ صُنِعَ بِهِ كَمَا صُنِعَ بِإِبْرَاهِيْمَ الخَلِيْلِ.

كانَ مِنَ الزاهدِينَ العابدِينَ، مرةً كانَ يُسبحُ بالسُبْحَةِ ثمَّ نامَ فصارَتِ السُبْحَةُ تدورُ في يَدِهِ وهوَ نائِمٌ وتقولُ: "سبحانَكَ يا مُنْبِتَ النباتِ ويا دائِمَ الثباتِ" ثمَّ استيقظَ فنادى زوجتَه، قالَ: يا أمَّ مُسْلِم تعالي انْظُري إلى أعْجَبِ الأعاجيب، فلمَّا جاءَت سَكَتَتِ السبحة. (يا دائمَ الثَّباتِ: معناهُ الذي وجوده لا نهايةَ له).

وَعَنْ عَطَاءٍ الخُرَاسَانِيِّ: أَنَّ امْرَأَةَ أَبِي مُسْلِمٍ قَالَتْ: لَيْسَ لَنَا دَقِيْقٌ.

فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكِ شَيْءٌ؟ قَالَتْ: دِرْهَمٌ بِعْنَا بِهِ غَزْلاً.

قَالَ: ابْغِيْنِيْهِ، وَهَاتِي الجِرَابَ.

فَدَخَلَ السُّوْقَ، فَأَتَاهُ سَائِلٌ، وَأَلَحَّ، فَأَعْطَاهُ الدِّرْهَمَ، وَمَلأَ الجِرَابَ نُشَارَةً مِنْ تُرَابٍ، وَأَتَى وَقَلْبُهُ مَرْعُوْبٌ مِنْهَا، وَذَهَبَ، فَفَتَحَهُ، فَإِذَا بِهِ دَقِيْقٌ حُوَّارَى (الدَّقيق الأَبيض وهو لباب الدَّقيق وأَجوده وأَخلصه)، فَعَجَنَتْ، وَخَبَزَتْ.

فَلَمَّا جَاءَ لَيْلاً، وَضَعَتْهُ، فَقَالَ: مِنْ أَيْنَ هَذَا؟ قَالَتْ: مِنَ الدَّقِيْقِ، فَأَكَلَ، وَبَكَى.

حبه للعبادة

وعَنْ شُرَحْبِيْلَ: أَنَّ رَجُلَيْنِ أَتَيَا أَبَا مُسْلِمٍ، فَلَمْ يَجِدَاهُ فِي مَنْزِلِهِ، فَأَتَيَا المَسْجِدَ، فَوَجَدَاهُ يَرْكَعُ، فَانْتَظَرَاهُ، فَأَحْصَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ رَكَعَ ثَلاَثَ مائَةِ رَكْعَةٍ.

وعَنْ عَطِيَّةَ بنِ قَيْسٍ قَالَ: دَخَلَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ عَلَى أَبِي مُسْلِمٍ وَهُوَ غَازٍ فِي أَرْضِ الرُّوْمِ، وَقَدِ احْتَفَرَ جُوْرَةً فِي فُسْطَاطِهِ،[الفُسطَاطُ بيت من شَعَر] وَجَعَلَ فِيْهَا نِطْعًا، وَأَفْرَغَ فِيْهِ المَاءَ، وَهُوَ يَتَصَلَّقُ فِيْهِ. {أي يتَلَوَّى ويتقلَّب]

فَقَالُوا: مَا حَمَلَكَ عَلَى الصِّيَامِ وَأَنْتَ مُسَافِرٌ؟!

قَالَ: لَوْ حَضَرَ قِتَالٌ لأَفْطَرْتُ، وَلَتَهَيَّأْتُ لَهُ وَتَقَوَّيْتُ، إِنَّ الخَيْلَ لاَ تَجْرِي الغَايَاتِ وَهُنَّ بُدَّنٌ، إِنَّمَا تَجْرِي وَهُنَّ ضُمَّرٌ؛ أَلاَ وَإِنَّ أَيَّامَنَا بَاقِيَةٌ جَائِيَةٌ، لَهَا نَعْمَلُ.

وَعَنْ أَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَزَا أَرْضَ الرُّوْمِ، فَمَرُّوا بِنَهَرٍ، فَقَالَ: أَجِيْزُوا بِسْمِ اللهِ.

كان مجاب الدعوة

وَيَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِيْهِم، فَيَمُرُّوْنَ بِالنَّهْرِ الغَمْرِ( الماء الكثير) ، فَرُبَّمَا لَمْ يَبْلُغْ مِنَ الدَّوَابِّ إِلاَّ الرُّكَبُ، فَإِذَا جَازُوا قَالَ الرَّجُلُ: هَلْ ذَهَبَ لَكُم شَيْءٌ؟ فَمَنْ ذَهَبَ لَهُ شَيْءٌ، فَأَنَا ضَامِنٌ لَهُ.

فَأَلْقَى بَعْضُهُم مِخْلاَتِهِ عَمْدًا، فَلَمَّا جَاوَزُوا، قَالَ الرَّجُلُ: مِخْلاَتِي وَقَعَتْ. قَالَ: اتَّبِعْنِي. فَاتَّبَعَهُ، فَإِذَا بِهَا مُعَلَّقَةٌ بِعُوْدٍ فِي النَّهْرِ، قَالَ: خُذْهَا.

وقد روي أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ أَتَى عَلَى دِجْلَةَ وَهِيَ تَرْمِي بِالخَشَبِ مِنْ مَدِّهَا، فَذَهَبَ عَلَيْهَا، ثُمَّ حَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَذَكَرَ مَسِيْرَ بَنِي إِسْرَائِيْلَ فِي البَحْرِ، ثُمَّ لَهَزَ (أنفها تأنيف السير) دَابَّتَهُ، فَخَاضَتِ المَاءَ، وَتَبِعَهُ النَّاسُ حَتَّى قَطَعُوْهَا، ثُمَّ قَالَ:

هَلْ فَقَدْتُمْ شَيْئاً مِنْ مَتَاعِكُمْ، فَأَدْعُوَ اللهَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيَّ؟

وعَنْ عَبْدِ المَلِكِ بنِ عُمَيْرٍ، قَالَ:كَانَ أَبُو مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيُّ إِذَا اسْتَسْقَى سُقِي.

وَعَنْ أَبِي مُسْلِمٍ: أَنَّ امْرَأَةً خَبَّبَتْ عَلَيْهِ امْرَأَتَهُ،[الخِبابِ: الخِداعُ] فَدَعَا عَلَيْهَا، فَعَمِيَتْ، فَأَتَتْهُ، فَاعْتَرَفَتْ، وَتَابَتْ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَتْ صَادِقَةً، فَارْدُدْ بَصَرَهَا، فَأَبْصَرَتْ.

وعَنْ بِلاَلِ بنِ كَعْبٍ: أَنَّ الصِّبْيَانَ قَالُوا لأَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ: ادْعُ اللهَ أَنْ يَحْبِسَ عَلَيْنَا هَذَا الظَّبْيَ، فَنَأْخُذَهُ، فَدَعَا اللهَ، فَحَبَسَهُ، فَأَخَذُوهُ.

وَعنْ سَعِيْدِ بنِ عَبْدِ العَزِيْزِ:

أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ اسْتَبْطَأَ خَبَرَ جَيْشٍ كَانَ بِأَرْضِ الرُّوْمِ، فَدَخَلَ طَائِرٌ، فَوَقَعَ، فَقَالَ: أَنَا رتائيل مُسْلِي الحُزْنِ مِنْ صُدُوْرِ المُؤْمِنِيْنَ.

فَأَخْبَرَهُ خَبَرَ الجَيْشِ، فَقَالَ: مَا جِئْتَ حَتَّى اسْتَبْطَأْتُكَ؟

وَقَالَ شُرَحْبِيْلُ بنُ مُسْلِمٍ: كَانَ الوُلاَةُ يَتَيَمَّنُوْنَ بِأَبِي مُسْلِمٍ، وَيُؤَمِّرُوْنَهُ عَلَى المُقَدِّمَاتِ. [يتيَمَّنُون به، من اليُمْن ضِدّ الشُّؤم].

وفاته

قَالَ أَحْمَدُ بنُ حَنْبَلٍ: حُدِّثْنَا عَنْ مُحَمَّدِ بنِ شُعَيْبٍ، عَنْ بَعْضِ المَشْيَخَةِ، قَالَ:

أَقْبَلْنَا مِنْ أَرْضِ الرُّوْمِ، فَمَرَرْنَا بِالعُمَيْرِ، عَلَى أَرْبَعَةِ أَمْيَالٍ مِنْ حِمْصَ، فِي آخِرِ اللَّيْلِ، فَاطَّلَعَ رَاهِبٌ مِنْ صَوْمَعَةٍ، فَقَالَ: هَلْ تَعْرِفُوْنَ أَبَا مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيَّ؟

قُلْنَا: نَعَمْ.

قَالَ: إِذَا أَتَيْتُمُوْهُ، فَأَقْرِؤُوْهُ السَّلاَمَ، فَإِنَّا نَجِدُهُ فِي الكُتُبِ رَفِيْقَ عِيْسَى ابْنِ مَرْيَمَ، أَمَا إِنَّكُم لاَ تَجِدُوْنَهُ حَيًّا.

قَالَ: فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الغُوْطَةِ، بَلَغَنَا مَوْتُهُ.

قَالَ الحَافِظُ أَبُو القَاسِمِ ابْنُ عَسَاكِرَ: يَعْنِي سَمِعُوا ذَلِكَ، وَكَانَتْ وَفَاتُهُ بِأَرْضِ الرُّوْمِ.

وَقَدْ ورد أنَّ أَبَا مُسْلِمٍ مَاتَ فِي سَنَةِ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّيْنَ وَاللهُ أَعْلَمُ.

وَبِدَارَيَّا قَبْرٌ يُزَارُ، يُقَالُ: إِنَّهُ قَبْرُ أَبِي مُسْلِمٍ الخَوْلاَنِيِّ، وَذَلِكَ مُحْتَمَلٌ.

زياد علي

زياد علي محمد