الأحد، 1 سبتمبر 2019

قصة حزقيل

من انبياء بنى اسرائيل قصة حزقيل



قال الله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمْ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ}.

قال محمد بن إسحاق عن وهب بن منبه :إن كالب بن يوفنا لما قبضه الله إليه بعد يوشع خلف في بني إسرائيل حزقيل بن بوذى وهو ابن العجوز وهو الذي دعا للقوم الذين ذكرهم الله في كتابه فيما بلغنا.

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ}



قال ابن إسحاق: فروا من الوباء فنزلوا بصعيد من الأرض فقال لهم الله موتوا فماتوا جميعاً فحظروا عليهم حظيرة دون السباع، فمضت عليهم دهور طويلةفمر بهم حزقيل عليه السلامفوقف عليهم متفكراً

فقيل له: أتحب أن يبعثهم الله وأنت تنظر؟

فقال: نعم. فأمر أن يدعو تلك العظام أن تكتسي لحماً وأن يتصل العصب بعضه ببعض فإذا هم عن أمر الله له بذلك، فقام القوم أجمعون وكبروا تكبيرة رجل واحد.



عن ابن عباس وعن مرة عن ابن مسعود وعن أناس من الصحابة في قوله: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمْ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ}.

قالوا: كانت قرية يقال لها داوردان قبل واسط، وقع بها الطاعون، فهرب عامة أهلها، فنزلوا ناحية منها، فهلك من بقي في القرية، وسلم الآخرون فلم يمت منهم كثير، فلما ارتفع الطاعون رجعوا سالمين،

فقال الذين بقوا: أصحابنا هؤلاء كانوا أحزم منا، لو صنعنا كما صنعوا بقينا، ولئن وقع الطاعون ثانية لنخرجن معهم. فوقع فيهم مرة اخرى، فهربوا وهم بضعة وثلاثون ألفاً، حتى نزلوا ذلك المكان، وهو واد أفيح،

فناداهم ملك من أسفل الوادي وآخر من أعلاه: أن موتوا فماتوا حتى إذا هلكوا وبقيت أجسادهم

ومرّ بهم نبي يقال له حزقيل، فلما رآهم وقف عليهم فجعل يتفكر فيهم، ويلوي شدقيه وأصابعه،

فأوحى الله إليه: تريد أن أريك كيف أحييهم؟

قال: نعم. وإنما كان تفكره أنه تعجب من قدرة الله عليهم،

فقيل له: ناد. فنادى: أيتها العظام إن الله يأمرك أن تكتسي لحماً فاكتست لحماً ودماً وثيابها التي ماتت فيها.

ثم قيل له: ناد.

فنادى: أيتها الأجساد إن الله يأمرك أن تقومي فقاموا.



قال أسباط: فزعم منصور عن مجاهد أنهم قالوا حين أحيوا"سبحانك الله وبحمدك لا إله إلا أنت"

فرجعوا إلى قومهم أحياء يعرفون أنهم كانوا موتى، سحنة الموت على وجوههم لا يلبسون ثوباً إلا عاد رسماً، حتى ماتوا لآجالهم التي كتبت لهم.



وعن ابن عباس أنهم كانوا أربعة آلاف وعنه ثمانية آلاف،

وعن أبي صالح تسعة آلاف، وعن ابن عباس أيضاً كانوا أربعين ألفاً.

وعن سعيد بن عبد العزيز كانوا من أهل أذرعات.



وقال ابن جريج عن عطاء: هذا مثل. يعني أنه سيق مثلاً مبيناًأنه لن يغني حذر من قدر!



عن عبد الله بن عباس، أن عمر بن الخطاب خرج إلى الشام حتى إذا كان بسرغ لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه فأخبروه أن الوباء وقع بالشام. فذكر الحديث. يعني في مشاورته المهاجرين والأنصار فاختلفوا عليه

فجاءه عبد الرحمن بن عوف وكان متغيباً ببعض حاجته فقال: إن عندي من هذا علماًسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"إذا كان بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه، وإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه"

فحمد الله عمر ثم انصرف.

وقال الإمام أحمد: أن عبد الرحمن بن عوف أخبر عمر وهو في الشامعن النبي صلى الله عليه وسلمأن هذا السقم عذب به الأمم قبلكم، فإذا سمعتم به في أرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه. قال: فرجع عمر من الشام.



قال محمد بن إسحاق ولم يذكر لنا مدة لبث حزقيل في بني إسرائيل ثم إن الله قبضه إليه، فلما قبض نسي بنو إسرائيل عهد الله إليهم وعظُمت فيهم الأحداث وعبدوا الأوثان وكان من جملة ما يعبدونه من الأصنام صنم يقال له بعل، فبعث الله إليهم إلياس بن ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون بن عمران.

عبد الله بن عبد الله بن أُبي ـ رضي الله عنه ـ .

إنه عبد الله بن عبد الله بن أُبي بن سلول -رضي الله عنه-، كان من فضلاء الصحابة وخيارهم، شهد بدرًا وأحدًا والغزوات كلها مع رسول الله صلى اللع عليه و سلم وكان اسمه الحُباب فلما أسلم سماه رسول الله صلى اللع عليه و سلم عبد الله.

وأبوه عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين، وكان أبوه سيد الخزرج، وكانت قبيلة الخزرج قد اجتمعت على أن يتوجوه ملكًا عليهم قبل بعثة الرسول صلى اللع عليه و سلم، فلما بعث النبي صلى اللع عليه و سلم، وانتشرت أخبار الدين الجديد إلى يثرب، سارع الأنصار إلى الإسلام، وبذلك ضاعت الفرصة من يد ابن سلول، وظل حاقدًا على الرسول ( وعلى الإسلام والمسلمين، وأصبحت داره منذ تلك اللحظة مقرًا للمنافقين واليهود والمشركين، يدبرون فيها المؤامرات ضد الإسلام، ويخططون فيها لقتل النبي صلى اللع عليه و سلم.

وخلال هذه الأحداث لم يقف عبد الله بن عبد الله مكتوف الأيدي، بل أنكر على أبيه ما يفعله، وحاول مرارًا أن يمنعه عن أفعاله ولكن دون جدوى، وفشلت محاولات عبد الله بن عبد الله في أن يجعل أباه مؤمنًا صادق الإيمان، ولما يئس من أبيه ترك الدار، واتخذ لنفسه دارًا أخرى يعبد الله فيها بعيدًا عن بيت النفاق والحقد والحسد.

وكان الرسول صلى اللع عليه و سلم يحب عبد الله بن عبد الله حبًّا شديدًا، ويعرف له إخلاصه وصدق إيمانه، بل ويقربه منه، ويجعله من خاصة أنصاره. وكثرت مؤامرات عبد الله بن أبي رأس المنافقين، وأخذت صورًا كثيرة، والرسول صلى اللع عليه و سلم يأمر أصحابه بالصبر عليه.

وفي غزوة بدر حارب عبد الله بن عبد الله في سبيل الله، وأبلى بلاءً حسنًا، وجاءت غزوة أحد تلك الغزوة التي رجع فيها عبد الله بن أبي بن سلول إلى المدينة بثلث جيش المسلمين حتى كاد ابنه عبد الله أن يجن.
وفي غزوة بني المصطلق، حاول رأس النفاق عبد الله بن أبي أن يوقع بين الأنصار والمهاجرين ثم قال: والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز (أي هو) منها الأذل (يقصد بذلك الرسول وأصحابه). فعلم الرسول صلى اللع عليه و سلم بما قاله ابن أبى، ورجع إلى المدينة فلقيه أسيد بن حضير، فقال رسول الله صلى اللع عليه و سلم له: (أما بلغك ما قال صاحبك ابن أبي بن سلول؟ زعم أنه إذا قدم المدينة سيخرج الأعز منها الأذل)، فقال أسيد: فأنت يا رسول الله العزيز وهو الذليل.

ولما علم عبد الله بن أبي بن سلول أن رسول الله صلى اللع عليه و سلم قد بلغه ما قاله أسرع إليه ليعتذر له، ويقسم أنه لم يقل هذا، وسرعان ما نزل القرآن بعد ذلك ليكشف عن كذب هذا المنافق، فقال تعالى: {يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ولكن أكثر الناس لا يعلمون1} [المنافقون: 8].

ثم قام عبد الله بن أبي بن سلول ليركب ناقته ويعود إلى بيته، فأمسك ابنه عبد الله بناقته وأراد أن يقتله، فمنعه المسلمون من ذلك، فقال لهم: والله لا أفارقه حتى يقول لرسول الله هو الأعز، وأنا الأذل.

ثم ذهب عبد الله إلى رسول الله صلى اللع عليه و سلم وقال له: يا رسول الله، بلغني أنك تريد قتل أبي، فوالذي بعثك بالحق، لئن شئت أن آتيك برأسه لأتيتك، فوالله لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني، وإني أخشى أن تأمر به غيري، فيقتله فلا تدعني نفسي أنظر إلى قاتل أبي يمشي في الناس فأقتله، فأقتل مؤمنًا بكافر فأدخل النار. فقال رسول الله صلى اللع عليه و سلم: (بل نترفق به، ونحسن صحبته ما بقى معنا) [ابن هشام].

ثم مات رأس المنافقين، وهدأت نفس عبد الله بن عبد الله، ثم جاء إلى رسول الله صلى اللع عليه و سلم فسأله أن يعطيه قميصه ليكفن فيه أباه، فأعطاه الرسول صلى اللع عليه و سلم القميص، ثم سأله أن يصلي عليه، فقام رسول الله ليصلي عليه، فقام عمر فأخذ بثوب رسول الله صلى اللع عليه و سلم فقال: يا رسول الله، أتصلي عليه وقد نهاك الله أن تصلي عليه؟ فقال الرسول صلى اللع عليه و سلم: (إنما خيرني الله فقال: {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم} [التوبة: 80] وسأزيد على سبعين).

فقال عمر: إنه منافق، فصلى عليه الرسول صلى اللع عليه و سلم إكرامًا لابنه، فأنزل الله عز وجل: {ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون} [التوبة: 84]. (متفق عليه).

واستمر عبد الله مع رسول الله صلى اللع عليه و سلم في غزواته، طالبًا الشهادة ليسجل في التاريخ صفحة مضيئة بعد ما أنفق معظم ماله في سبيل الله. ولما توفي النبي صلى اللع عليه و سلم فحزن عبد الله حزنًا شديدًا.

وجاءت حروب الردة ليقاتل فيها عبد الله بكل فدائية وإخلاص، ويدخل وسط جيوش الأعداء في معركة اليمامة يضرب يمينًا وشمالاً، فيلتف حوله المشركون، ويضربوه حتى يسقط شهيدًا -رضي الله عنه-

يوسف حُسين الخانْفُوري

هو العلامة القاضي المحدّث النحْوي أبو إسماعيل يوسف حسين بن محمد حسن بن محمد كَل، بن هداية الله الخانْفُوري (نسبة لقريته) الهَزَارَوي البنجابي (نسبة لمنطقته) الهندي، أحد كبار علماء الحديث في الهند، ومن أبرز ناشري الحديث والأثر في العراق.

وُلد ضحوة الجمعة لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة خمس وثمانين ومائتين وألف بقرية خانفور من أعمال هَزارة، في أسرة علم وفضل وصلاح، فوالده محمد حسن -ويقال له: غلام حسن- (1239 تقريبًا-3/9/1301) وأخواه عبد الأحد (ت1347) ومحمد؛ ثلاثتهم من القضاة والعلماء الصالحين المبرِّزين في الفقه والحديث، وهم مترجَمون في نزهة الخواطر.

نشأ المترجم في قريته خانفور، وقرأ العلم على أبيه وأخويه، وبعد أن حصّل واستفاد ارتحل للاستزادة، فرحل إلى أفغانستان سنة إحدى وثلاثمائة وألف، وأدرك بها الشيخ المجاهد عبد الكريم بن ولاية علي العظيم آبادي (ت1333)، فقرأ عليه سنن النسائي وغيره، وصحبه سنة وستة أشهر، ثم رجع إلى بلاده وأقام بها نحو سنتين، ثم لم يصبر عن التضلع في العلم والحديث، فسافر إلى دهلي راجلا، فوصل إليها في اثنين وعشرين يومًا؛ في شهر الله المحرم سنة ست وثلاثمائة وألف، ولازم دروس محدّث الدنيا نذير حسين الدهلوي -شيخ أخويه من قبل- وقرأ عليه في الحديث، وكان المترجم يقدّمه على سائر مشايخه، وأثنى عليه عاليًا، وذكر أنه قرأ عليه بعض البخاري، وأجازه ببقيته (ويقوى احتمال سماعه لهذا الباقي بقراءة غيره، لإشارةٍ وعدة قرائن في ثبته)، وروى عنه صحيح مسلم وسنن أبي داود والترمذي وابن ماجه وموطأ مالك قراءة وسماعًا، وقال عن سنن النسائي: قراءة لبعضها وإجازة لسائرها (وهذه قد تكون بمعنى ما ذكرته في البُخاري)، وقرأ طرفًا من الدارمي والدارقطني، وروى عنه كتبًا أخرى بالإجازة، كمسند أحمد، وحصل على إجازته العامة.

وأخذ عن القاضي العلامة المحدث حسين بن محسن الأنصاري أيضًا، ونص أنه قرأ بعض البخاري عليه، وأخذ كذلك عن الشيخ إسحاق بن عبد الرحمن آل الشيخ النجدي، وعن الشيخ إبراهيم بن سليمان المهاجر المكي، -قال عبد الحي الحسني: وكلهم أجازوه عند ورودهم ببلدة دهلي- وروى عن الأول كثيرًا في ثبته، وأخذ عن العلامة محمد بشير السهسواني، ويظهر من ثبت المترجم أن له منه إجازة، وكذلك من والده وأخويه، وعبد الكريم العظيم آبادي، فقد أسند عنهم رواية بعض الأثبات.

وذاع صيت المترجم واشتهر بالعلم في حياة أشياخه، فكان أحد من اعتمد عليهم العلامة شمس الحق العظيم آبادي في لجنة إعداد شرحه العظيم: "عون المعبود على سنن أبي داود"، وهم نخبة من العلماء؛ تجمع المواد المتفرقة من بطون الكتب، ولما انتهى تأليف الكتاب قرظه المترجم نثرًا وشعرًا سنة 1322، كما هو مثبت في آخر المطبوع (13/227 و232 ط. عبد الرحمن عثمان).

كما تولى القضاء كأبيه وأخويه.بعد ذلك ارتحل المترجم لديار العرب صوب العراق، ونزل ببغداد في مدرسة عبد القادر الكيلاني، وبقي ست سنوات ينشر علم الحديث، واجتمع حوله نخبة من علماء البلد، ممن كان لهم أكبر الأثر في الإصلاح ونشر السنّة هناك، ومنهم: علامة العراق محمود شكري الألوسي، وتلامذته: العلامة المحدّث عبد الكريم الشيخلي الملقب بالصاعقة، والعلامة اللغوي محمد بهجة الأثري، والشيخ عبد اللطيف الثنيان، والشيخ محمد بن حمد العسافي -وهو الذي استضافه، واستجاز له المترجم من العلامة شمس الحق العظيم آبادي مكاتبة-، والشيخ نعمان بن أحمد العبيدي الأعظمي، والشيخ محمد درويش بن شاكر الألوسي.

فاجتمع هؤلاء عليه لقراءة الحديث، وقرؤوا المصطلح والصحيحين والسنن الأربعة والموطأ والمسند، وغير ذلك، وكان القارئ الشيخ الصاعقة، وشاركه الشيخ محمد بهجة في قراءة مسلم، وأجازهم المترجم سنة 1329 إجازة عامة، وبثبته الحافل: الجوائز والصلات في أسانيد الكتب والأثبات، ونسخوه منه.

وانتشرت رواية كتب الحديث في العراق عن طريق طلابه هؤلاء (انظر: جهود مخلصة 178)، ولا سيما الصاعقة، وعن الصاعقة اشتهر أبرز تلامذته شيخنا المحدّث صبحي السامرائي حفظه الله، الذي أقرأ ودرّس في بلده العراق وفي السعودية ولبنان والبحرين، وفيها قرأت عليه مع الزملاء الصحيحين وأطراف أمات الكتب الحديثية.

عودًا إلى المترجم، فأخَمّن أن العراق كانت في الأصل محطة في طريق الحج إما ذهابًا أو إيابًا، وعاد المترجم إلى الهند، وتوفي أوائل سنة 1352، رحمه الله تعالى، وأجزل مثوبته.

وكان المترجم يتقن العربية والفارسية والأُردية، بل كان شاعرًا مجيدًا في الثلاثة، ينشئ القصائد الطوال بلا عناء.

وله مصنفات، منها:
إتمام الخشوع بوضع اليمين على الشمال بعد الركوع (بالعربية، ورسالة في الموضوع نفسه بالأُردية)، وزُبدة المقادير (رسالة في معرفة الأوقات)، وثَبَته: الجوائز والصِّلات.

ومن شعره بالعربية:
سَلِي يا سُليمى كلَّ ذي المجدِ عن ذِكري        أذو  شَرَفٍ  مثلي  عَهدتِ   بذا   القُطرِ
أخو    الهمةِ    العَليا     أصيلٌ     مكرَّمٌ        وليّ   عُهود    المَكْرُمات    مع    الفخرِ
شديدٌ   على    أهل    الضلالة    غائظٌ        وبين    أصاحيبِ    الهداية    ذو     البِرّ
صبورٌ   على   البأساء   والضُّر   والتَّوى        وليس   على   رُزْءِ    المذلةِ    ذا    صَبْرِ
وآباؤنا    من    أشرف    القوم    سادةٌ        كرامٌ    أولي    المجدِ    المؤثَّلِ    والذِّكرِ
وقصيدة مطلعها:
غابَ عَقْلي بسَورةِ الغَفَلاتِ        وتلا العطبَ عائدُ السَّكَراتِ
ذكرهما في نزهة الخواطر، ومطلع قصيدته في مدح عون المعبود:
نَفَحاتُ شمسِ الحقِّ من عاداتها        حوزُ البرايا  من  جميعِ  جهاتها
ومن قصائده بالفارسية مدحه لشيخه نذير حسين، مذكورة في الحياة بعد الممات.

عقيدته ومذهبه:
كان المترجم من كبار علماء أهل الحديث السلفيين في الهند، وشأنه في ذلك مشهور ومستفيض، ومن دلائله معرفة شيوخه وتلاميذه، وثناؤه العالي على مشايخه السلفيين في السنّة (كما في ثبته)، ويظهر نَفَسُه المعتز بالسنّة والأثر المناهض للبدع من خلال بعض قصائده، وكذلك تقريظه المنثور لعون المعبود (13/237).

ومن ثناء العلماء عليه:
قال العلامة عبد الحي الحسني: الشيخ العالم المحدث.. أحد العلماء المبرزين في النحو والعربية.

وقال عنه المولوي تلطف حسين العظيم آبادي، المشرف على طبع عون المعبود: الأديب الأريب، والفاضل النبيل.

وقال عنه تلميذه الشيخ محمد حمد العسافي: الشيخ الفاضل العلامة، الحبر الفهامة، شمس العلماء، فخر الفضلاء.

وحلاه الشيخ يونس السامرائي بمحدث الهند الكبير.

وقال لي شيخنا صبحي السامرائي: هو الشيخ الإمام الكبير.

وقال شيخنا عبد الجبار الفريوائي: الشيخ المحدث.. أحد العلماء المبرزين في العلوم العربية والإسلامية.

وقال أيضًا: يعتبر الشيخ يوسف الخانفوري من كبار علماء الحديث في الهند، وأحد العلماء البارزين الذين لهم دور مهم في نشر علم الحديث الشريف في بلاد الهند وبغداد.

المصادر:
نزهة الخواطر لعبد الحي الحسني (8/552)، والجوائز والصلات (نسخة بخط محمد العسافي في مكتبة جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض (رقم 8924/خ) وحققه أحد المشايخ الفضلاء، (وهو أفادني به)، وخاتمة عون المعبود، ولب اللباب للسهروردي (420-424 ترجمة العسافي، أفادني بذلك الشيخ هشام السعيد)، وحياة المحدث شمس الحق وأعماله (321)، وتاريخ علماء بغداد في القرن الرابع عشر (437)، وجهود مخلصة (145 و178)، وفوائد من مشافهات شيخنا المحدّث صبحي السامرائي في البحرين، ومن ثبته: نعمة المنان.

وأحال في جهود مخلصة وفي حياة شمس الحق على: تذكرة علماء حال (99)، وجريدة أهل الحديث أمرتسر (2 صفر 1352).

العالم الأديب محمد اجتباء النَّدْوي

عرفته في القاهرة في أيام معدودات هي مدة انعقاد مؤتمر الهيئة العامة السابع لرابطة الأدب الإسلامي العالمية، الذي كانت ندواته ومحاضراته واجتماعاته في فندق المركز الكشفي العربي الدولي، في شارع يوسف عباس بمدينة نصر، بين 12 و 15 من رجب 1426 هـ، وقد لفت انتباهي تحلق شباب شبه القارة الهندية ممن حضر المؤتمر حوله في كل مساء، يصغون إليه باهتمام وتبجيل..

فدنوت منه بشوق، لأعرف من ذا الرجل الذي يلقى كل هذا الاحتفاء...

كان شيخًا وقورًا، قد طعن في السن، واشتعلت لحيته شيبًا، هادئًا رزينًا، مبتسم المحيا، يحاور بسكينة، ويوجه بلطف، دمثًا لينًا، يفيد جالسيه بفوائد عزيزة، هي خلاصة خبراته وتجاربه في ميادين العلم والأدب والفكر..

إنه الأستاذ الدكتور السيد محمد اجتباء النَّدْوي العالم والأديب الهندي، وتكفي نسبته لنعرف موارد ثقافته وتحصيله، فهو أحد الدارسين والمتخرجين في ندوة العلماء التي نفخ فيها من روحه العلامة الإمام أبو الحسن النَّدْوي (1333-1420هـ/ 1914-1999م) عليه رحمات الله وكافأه بما هو أهل له..

في ذَرا أبي الحسن:
ولم تكن علاقة الدكتور محمد اجتباء بشيخه أبي الحسن علاقة تلمذة عابرة، بل كانت علاقة صحبة وملازمة وطلب وإفادة واقتداء.. وقد عبر عن مكانة شيخه عنده بقوله: ((كان لنا والدًا عطوفًا، وأستاذًا شفوقًا، ومصدرًا ثرًّا، ومنهلاً نقيًّا عذبًا صافيًا، منذ نعومة أظفارنا)).

ويخبرنا ابن أخت الشيخ أبي الحسن فضيلة الشيخ محمد واضح رشيد الحسني النَّدْوي عن صلة المترجَم بخاله قائلاً: ((لقد عاش الدكتور اجتباء فترة طويلة بقرب الشيخ، وكانت لأسرته صلة وثيقة بأسرة الشيخ، وذلك من عهد الإمام المجاهد أحمد بن عرفان الشهيد.. لقد قضى الدكتور اجتباء طفولته وعهدًا طويلاً من دراسته في بيئة الشيخ، فعرفه وأحبه.. ثم تتلمذ عليه وعاش فترة في ظل تربيته. ولقد صحبه في دمشق أثناء إقامته [أي إقامة أبي الحسن] أستاذًا زائرًا في جامعتها لعدة أشهر، في الخمسينيات من القرن العشرين.. ثم التحق بندوة العلماء مدرِّسًا في عهد رئاسة سماحته لها، وعمل في مختلِف المجالات العلمية والدعوية التي رعاها الشيخ)).

ولادته وتحصيله:
ينحدر الدكتور محمد اجتباء النَّدْوي من أسرة شريفة حسينية، وكانت ولادته في قرية (مجهوامير) إحدى قرى مدينة (بستي) في المنطقة الشمالية لولاية (أترابرديش) الهندية بتاريخ 29 من جمادى الأولى 1351هـ يوافقه 29/ 9/ 1932م، في بيت علم ودين وجهاد، والتحق في حداثة طفولته بمدرسة (هداية المسلمين) في مدينة (بستي)، وكان أسس هذه المدرسة جده الأعلى الشيخ المجاهد جعفر علي الحسيني النَّقْوي، أحد خلَّص أصحاب الشيخ أحمد عرفان الشهيد والأمين العام لمكتبه، وفيها بدأ بتعلم اللغة العربية التي أتقنها فيما بعد وغدا من علمائها وأساتذتها وأدبائها..

ثم درس علوم الشريعة الإسلامية في دار العلوم لندوة العلماء بمدينة (لكهنؤ) ونال شهادة العالِمية منها سنة 1953م، ولكن هذه الشهادة لم تلبِّ طموحه ولم تشف نهمه في طلب العلم، فيمم وجهه شطر الشام والتحق بكلية الشريعة بجامعة دمشق، وفيها تخرج سنة 1960م، وهناك استفاد من صحبة كبار العلماء والفقهاء والأدباء والمفكرين. ثم تابع تحصيله في جامعة (عليكره) لينال منها شهادة الماجستير في اللغة العربية وآدابها سنة 1965م بتقدير جيد جدًّا مع وسام التفوق العلمي الجامعي، وفي سنة 1976م حصل على شهادة الدكتوراه في الأدب العربي عن بحثه ((مساهمة الأمير صدِّيق حسن خان في الأدب العربي)).

على منابر التعليم:
قضى محمد اجتباء النَّدْوي زهاء خمسة وثلاثين عامًا في التعليم والتربية والدعوة إلى الله، وقد بدأ نشاطه العملي أستاذًا للغة العربية والشريعة الإسلامية في المكان الذي تخرج فيه قديمًا وهو دار العلوم لندوة العلماء في (لكهنؤ)، من 1960- 1965م، ثم تولى تدريس اللغة العربية في المدرسة الثانوية العامة التابعة للجامعة المليَّة بمدينة (نيودلهي) إلى سنة 1972م، ثم حاضر في الجامعة نفسها وتولى رئاسة قسم الدراسات العربية والفارسية الإسلامية فيها حتى سنة 1979م. وعين مديرًا لجامعة الهداية، جي بور.

وغادر الهند ليحط رحاله في أرض الحرمين معلمًا في نجد والحجاز، فكان أستاذًا مساعدًا في كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض من 1979- 1982م، ثم في كلية اللغة العربية بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة إلى سنة 1986م. وبعد هذه السنوات السبع من الغربة عاد أدراجه إلى بلده الهند ليناط به رئاسة قسم اللغة العربية بجامعة كشمير سري نكر، من 1988- 1990م، وقضى السنوات الأخيرة من عمله الجامعي رئيسًا لقسم اللغتين العربية والفارسية بجامعة إله آباد حتى تقاعده سنة 1994م.

جهود حميدة:
ولم تقتصر جهود المترجَم على التدريس الجامعي، إذ كانت له جهود علمية ومشاركات فاعلة في ندوات ومؤتمرات محلية ودولية في عدد من المدن منها: الرياض، ودبي، ومكة المكرمة، والقاهرة، ومراكش، وإستانبول، والكويت.. وكان من المشاركين في فعاليات (يوم القدس العالمي الخامس على الإنترنت) نهاية العام الماضي.

وهو عضو الهيئة الإدارية لندوة العلماء، والمجمع الإسلامي العلمي في (لكهنؤ).

وعمل في إذاعة جُدة للغة الأردية، مقدمًا للبرامج ومترجمًا للمواد الثقافية والإخبارية.

وكان له أثر ومشاركة بيِّنة في تأسيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية التي بذر بذور دعوتها الأولى الشيخ أبو الحسن النَّدْوي في كتابه ((مختارات من أدب العرب))، ثم في سنة 1980م نضجت فكرة تأسيس الرابطة، بدعوة من الدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا، في منزله بالرياض، بحضور الأساتذة الأدباء د. عبدالقدوس أبو صالح، ود. عبدالباسط بدر، ود. أحمد البراء الأميري، ود. محمد اجتباء النَّدْوي. واتفق المجتمعون على التماس موافقة الشيخ أبي الحسن أن يكون رئيسًا للرابطة، وكلِّف المترجَم بمراسلة الشيخ لطلب الموافقة، وهذا ما كان. وعُقد مؤتمر عام للأدباء في حرم ندوة العلماء بالهند، أُعلن فيه عن قيام (رابطة الأدب الإسلامي العالمية) وانتُخب الشيخ أبو الحسن رئيسًا لها عام 1981م، وهي اليوم منهل عذب ثر للأدب الطاهر النقي في العالم[2].

وتولى الدكتور محمد اجتباء رئاسة المكتب الإقليمي للرابطة في الهند، وهو عضو مجلس الأمناء فيها إلى وفاته.

مؤلفات وآثار:
خلف المترجَم عددًا من المصنَّفات والآثار، في موضوعات شتى شملت قضايا الفكر الإسلامي، والتراجم، والأدب واللغة، منها:
1- تاريخ الفكر الإسلامي. باللغة الأردية.
2- حقوق الإنسان في الشريعة الإسلامية. باللغة الأردية.
3- المرأة في الإسلام. باللغة الأردية.
4- المعالم المشرقة. باللغتين الأردية والهندوسية.
5- المحادثة والتعبير العربي. باللغة العربية.
6- أبطال الإسلام.
7- مساهمة الأمير صدِّيق حسن خان في الأدب العربي. باللغة العربية.
8- الأمير سيد صدِّيق حسن خان: حياته وآثاره. باللغتين العربية والأردية.
9- الإمام أحمد بن عبد الرحيم شاه ولي الله الدهلوي، ومصادره العلمية. باللغتين العربية والأردية.
10- أبو الحسن النَّدْوي، الداعية الحكيم والمربي الجليل. باللغة العربية.
11- الشيخ أبو الحسن النَّدْوي أديبًا وداعية. باللغتين العربية والأردية.

شهادة عارف:
أما صفات المترجَم وشمائله فيوجزها لنا أحد عارفيه، الخبيرين به وبأحواله، وهو نور عالم خليل الأميني أستاذ الأدب العربي بالجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند/ يوبي، الهند، ورئيس تحرير مجلة (الداعي) الصادرة عن الجامعة، بقوله: ((كان الشيخ محمد اجتباء أحدَ علماء العربية الممتازين في شبه القارة الهندية، ذا ثقافة واسعة، وانفتاح على أحوال العالم، واهتمام بالقضايا الإسلامية، وتألم على أوضاع المسلمين المتردِّية، يعايش هموم وآلام العالمين العربي والإسلامي، ويتحرق على ضعف الأمة المسلمة وهوانها على الأعداء.. وكلما تعمقت في شخصه ازددت إعجابًا بإنسانيته، وتقديرًا لحلمه وكرمه.. ولمست فيه رجلاً ذا تدين واعتدال، وتأنٍّ وهدوء، وزهد في السمعة الكاذبة، والشهرة الواسعة، وإنما كان يحرص على العمل، ويدعه يتكلم عنه. وتلك صفة ذات معنى أسمى ودلالة أرفع، إذا اتصف بها عالم كاتب داعية يتبنى رسالة ويحتضن غاية، فلا حاجة به إلى الاعتناء بأي دعاية وإعلام، لأن هذه الصفة وحدها تكفيه من كل وسيلة بإمكانه أن يتخذها لإشهار نفسه)).

صلة وصحبة:
اتصلت أسبابي بأسباب الدكتور محمد اجتباء النَّدْوي في تلكم الأيام القليلة، وبثني فيها من ذكرياته الطيبة الغابرة في الشام، خلال السنوات الخمس التي قضاها فيها أيام دراسته في كلية الشريعة بجامعتها، وحدثني عن صلاته الوثيقة بعدد كبير من أعلامها ورجالات العلم والدعوة فيها، وكم كنت سعيدًا وهو يخبرني عن مواقف له مع بعض أشياخي وأساتذتي الأفاضل.. وكنت أستشعر في كلماته حنينًا دافئًا إلى الشام وأهل الشام، وحبًّا عميقًا متجذرًا للشام وأهل الشام، وشوقًا إلى ربوعها ولقاء الأحبة والألاف فيها.. وازدادت سعادتي حين علمت أنه بصدد زيارتها بعد الفراغ من مؤتمر الرابطة بالقاهرة.. وهذا ما كان، فقد حجزنا في رحلة واحدة من القاهرة إلى دمشق، وكنت لصيقًا به في هذه الرحلة، نتابع فيها ما بدأناه من أحاديث الذكريات والأشواق.. وكان معنا عدد من الأساتذة الأفاضل، منهم: أستاذنا الدكتور وليد قصاب، والأخوان الحبيبان الفاضلان أحمد صوان، وخليل الصمادي.. وفي مطار القاهرة التُقطت لنا صور مع الشيخ المترجَم، وفي مطار دمشق ودعناه على مضض وقد مضى إلى مضيفه الشيخ د.حسام الدين فرفور الذي كان بعض ولده في استقبال ضيفهم الجليل...

صدمة أي صدمة!:
وفي الرياض أظهرتُ صورتيَّ مع الشيخ محمد اجتباء النَّدْوي، وعزمت على إرسالهما إليه، لتبقيا ذكرى الأيام المبهجة التي قضيتها بصحبته.. ولكن الصورتين لم تلبثا أن غاصتا في أكوام الكتب والأوراق، ونسِّيت أمرهما سنوات! وقبل أيام وقفت عليهما من جديد، فجعلتهما في ظرف دسسته في حقيبتي عازمًا عزمًا أكيدًا أن أرسلهما في صباح اليوم التالي إلى شيخنا في الهند، أجل وضعتهما في الحقيبة وتناولت العدد الجديد من أعداد مجلة الأدب الإسلامي رقم (60)، لأطالع ما يحمله من موضوعات جديدة مفيدة، فإذا بخبر يفجؤني ويدخلني في حيرة وذهول.. خبر قليل الكلمات، لكنه خلف في نفسي أثرًا عميقًا من الحزن والألم.. يقول: ((فقدت رابطة الأدب الإسلامي العالمية أحد رجالاتها في شبه القارة الهندية بوفاة الأستاذ الدكتور السيد محمد اجتباء النَّدْوي في 20/ 6/ 2008م))[3].

ثم ألحق الخبر بترجمة موجزة للمتوفى عليه رحمات الله تترى..

نحيت المجلة جانبًا.. وأخرجت الصورتين من الحقيبة.. تأملت في وجه الشيخ ومحياه الوقور.. رميت بالظرف بعيدًا، وأعدت الصورتين إلى سجل الصور.. فما من حاجة بعد إلى إرسالهما، فلمن أرسلهما؟! ومن يستقبلهما؟!

رحمك الله أيها الشيخ الجليل، كم كنت أود أن أتعرفك أكثر، وأن أتواصل معك زمنًا أطول، وأن يكون بيننا مراسلات وسؤالات، أنتفع فيها من علمك، وأستفيد من تجاربك، وأقف على أخبار من أحب من مشايخي وأساتذتي في مراحل لم أدركها من أعمارهم، وأدركتها أنت.. ولكن قضاء الله أسرع من الأماني، وأقطع للصلات.. أولم يسمِّ الصادق الأمين الموتَ بهاذم اللذات! بلى والله إنه لهاذم اللذات، ومشعل الأحزان في القلوب كالجمرات!!

ولكننا لا نقول إلا ما يرضي ربنا: إنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] أفدت في كتابة هذه الترجمة من: مقدمة كتابه ((أبو الحسن علي الحسني النَّدْوي، الداعية الحكيم والمربي الجليل))، وتقديم الشيخ محمد واضح رشيد الحسني للكتاب. و((مجلة الأدب الإسلامي))، العدد 60، 1429هـ/ 2008م، ص142. و((مجلة الداعي)) الصادرة عن الجامعة الإسلامية دار العلوم، ديوبند/ يوبي، الهند، العدد 9- 10، السنة 32، رمضان- شوال 1429هـ/ سبتمبر- أكتوبر 2008م، باب إلى رحمة الله، بقلم رئيس التحرير: نور عالم خليل الأميني أستاذ الأدب العربي بالجامعة.
[2] انظر ((أبو الحسن علي الحسني النَّدْوي، الداعية الحكيم والمربي الجليل)) للمترجَم ص47.
[3] كانت وفاته في إثر جراحة قلبية أجريت له في مستشفى (مركز القلب) بنيودلهي، بعد سنوات من معاناة القُلاب (مرض القلب)، يوم الجمعة 15 من جمادى الآخرة 1429هـ، وصلى عليه في مسجد الجامعة المليَّة الإسلامية بدلهي ابنُ أخيه الأكبر الشيخ عبيد الله الأسعدي، بحضور عدد وافر من جِلة علماء الهند ورجال الفكر والدعوة فيها، ودفن بمقبرة الجامعة، مخلِّفًا ثلاث بنات وابنًا، ألهمهم الله الصبر، ورحم فقيدهم وفقيدنا.

عبدالفتاح مدكور

أود قبل أن أبدأ في شروحي لبعض متون التجويد أن أقدِّم بترجمة موجزة لشيخنا فضيلة الشيخ/ عبدالفتاح مدكور - حفظه الله -

حتى أُعَرِّف إخواني الكرام أصحاب القرآن بهذا النجم الساطع في سماء علم التجويد،

في إطار التعريف بعلماء هذا الفن العظيم، والله المستعان.



 اسمه:

عبدالفتاح بن مدكور بن محمد بن بيومي.

 مولده ونشأته:

وُلِد شيخنا في قرية "أبو النمرس" من قرى محافظة الجيزة يوم: 28/8/1932م، وكان والدُه من حَفَظة القرآن،

ومن أعضاء الجمعية الشرعية، وكان لا يُولَد له مولود إلا ومات صغيرًا، فدعا الله أن يُرزَق بمولود ينذرُه للقرآن،

وقد رزقه الله - تعالى - بشيخنا - حفظه الله - فالحمد لله رب العالمين.



 شيوخه:

نظرًا لأن والدَ شيخِنا وهبه للقرآن، وهو قد أوقف حياته لخدمة القرآن تعلمًا وتعليمًا وقراءةً، فقد كثر شيوخه ومن استفاد منهم،

ومن هؤلاء: عمه الشيخ/ حسن بيومي، أتم حفظ القرآن على يديه، ومنهم: الشيخ عبدالحميد غالي، قرأ عليه القرآن برواية وَرْش عن نافع،

ومنهم: شيخنا العلاَّمة/ عثمان سليمان مراد، قرأ عليه رواية حفص من طريق الشاطبية، وتلقَّى عليه دقائق فن التجويد،

 ومتن السلسبيل الشافي، ونظم قصر المنفصل لحفص من الطيِّبة، وكذا متن الشاطبية وشرحها، وشيخنا من حفَّاظ السلسبيل القلائل،

 ويهتم به اهتمامًا بالغًا، ويستشهد به كثيرًا، ومن شيوخه أيضًا العلامة/ علي محمد الضبَّاع، شيخ عموم المقارئ، قرأ عليه ختمة كاملة لحفص.









تلاميذه:

قرأ عليه كثيرون رواية حفص عن عاصم، ومنهم: د/ توفيق أحمد العبقري - د/ حامد خير الله - الشيخ/

عبدالحميد إسماعيل لاشين - الشيخ/ حمد الله الصفتي - الشيخ/ عبدالله مجدي - الشيخ/ مصطفى شعبان المصري - الشيخة/ ابتسام المطيعي،

واستفاد من شيخنا كثيرون في علوم التجويد، منهم: الشيخ/ زكي محفوظ - د/ سعاد عبدالحميد - وغير هؤلاء كثير كثير.

 وكنت أنا وأخي صاحب البدر من الذين تشرَّفوا بالقراءة على الشيخ - حفظه الله - والاستفادة من علومه في التجويد،

وكذلك في تلقِّي بعض المتون عن فضيلته، وقد حصلنا أنا وأخي صاحب البدر على إجازة القراءة والإقراء برواية حفص عن عاصم بقصر

 وتوسط المنفصل من الشاطبية والطيبة، يوم الأربعاء، الثاني من جمادى الأولى عام ألف وأربعمائة وتسعة وعشرين،

الموافق: 7/5/2008، ولقد رأيت من فضيلته تواضعًا ما رأيتُ مثله من غيره، على علو سنده وكبر سنه وجلالة قدره،

 كما استللت من طيات كلماته ما ملأ قلبي بحبه، فوالله ما هو إلا أن تجلس معه، وتسمع منه، حتى يتبين لك من الأخلاق الرفيعة،

والخصال الحميدة، والخلال المحمودة ما يملأ جوَّ قلبك بحبِّ هذا الإمام، ويذكِّرك بالسلف الكرام، أسأل الله - تعالى - أن يُلحِق شيخنا بهم،

ولقد قصَّ شيخنا - حفظه الله - علينا شيئًا من أيامه وأخباره وأعماله وإنجازاته، وعن شيء من قصص بعض الذين أسلموا بسببه

في أمريكا أيام كان يدرس القرآن واللغة العربية هناك في ولاية كاليفورنيا، فكانت سببًا آخر في إجلالنا للشيخ - حفظه الله -

وزيادة فرحتنا بتشرُّفنا بالقراءة على مثله - حفظه الله -

 ولولا والله أني أخاف أن يغضب الشيخ من ذكر ما أعرفُ عنه لقصصتُ عجبًا من أيامه،

 ولكن حسبه أن الله يعلم ما أُخفِيه عن القرَّاء الكرام، وهو الذي سيجازيه، وإن كنتُ على يقين أن أخبار الشيخ - حفظه الله -

لا بد أن تخرج للناس يومًا من الأيام لنقول لهم:

فتشبَّهوا إن لم تكونوا مثلَهم ... إن التشبُّه بالكرامِ فلاح

 فأسأل الله أن يبارك فيما تبقى من عمر شيخنا، وأن يجعلنا عند حسن ظنه بنا،

إن ربي على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.



التعريف بإسناد الشيخ - حفظه الله - وأنه أعلى الأسانيد بالديار المصرية الآن في رواية حفص من طريق الشاطبية:

لقد منَّ الله - تعالى - على شيخنا بالتلقي عن كبار العلماء والأئمة الأفذاذ، وكذلك بالتلقي عن أصحاب الأسانيد العالية،

فإنه يروي رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية عن الشيخ الضبَّاع - شيخ القرَّاء في وقته -

وهو على: عبدالرحمن الخطيب الشهير بالشعار، وحسن بن يحيى الكتبي صهر المتولي،

وهما على شيخ القراء في وقته الإمام/ محمد بن أحمد المتولي.

ح: كما تلقَّاها أيضًا على الشيخ عثمان سليمان مراد، وهو على حسن بدير الجريسي الكبير، وقرأ الجريسي الكبير

والمتولي على السيد أحمد الدري التهامي، وبقية رجال السند معروفة، وقد سبق ذكرهم، فنلاحظ في هذا السند أولاً أنه سند قوي جدًّا،

 فكله أئمة كبار وشيوخ قراء عصرهم، ونلاحظ ثانيًا أنه سند عالٍ جدًّا؛ إذ بين شيخنا وبين الجَزَري اثنا عشر رجلاً،

وعليه فيكون بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمانية وعشرون رجلاً، وهذا أعلى إسناد موجود الآن بالديار المصرية

لرواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، والله أعلم.

علمًا بأن المُنفَرِدين بالعلوِّ بالديار المصرية الآن من طريق طيِّبة النشر شيخان؛ فالأول شيخنا العلاَّمة عبدالباسط هاشم - حفظه الله -

والثاني: الشيخ/ محمد عبدالحميد عبدالله، شيخ قرَّاء الإسكندرية - حفظه الله.









اتصاله بكبار العلماء:

من خلال حضور المقارئ والدراسة في معهد القراءات اتصل شيخنا بعدد من كبار علماء عصره، ومنهم: الشيخ/ عامر السيد عثمان،

 شيخ المقارئ الأسبق - الشيخ/ الضباع، شيخ المقارئ الأسبق - الشيخ/ إبراهيم السمنودي؛ صاحب لآلئ البيان، والتحفة السمنودية،

وغيرها - الشيخ/ عبدالفتاح القاضي؛ صاحب البدور الزاهرة، والوافي في شرح الشاطبية، وغيرها - الدكتور/ أحمد عيسى المعصراوي،

شيخ القراء وعموم المقارئ الحالي - الشيخ/ محمود أمين طنطاوي، وكيل مشيخة المقارئ المصرية،

ورئيس لجنة تصحيح المصاحف سابقًا - الشيخ/ محمد متولي الشعراوي، فهو الذي اختار شيخنا لينشئ معهدًا للقرآن في بلدته "دقادوس"،

وكان وراء سفر شيخِنا إلى أمريكا لتعليم القرآن - الدكتور/ إبراهيم مدكور، وهو عم شيخنا، وكان رئيسًا لمجمع اللغة العربية،

وهو من كبار علماء اللغة والأدب، وله تآليف نافعة فيهما، ومن القراء المشاهير: الشيخ/ الحصري - الشيخ/ عبدالباسط عبدالصمد –

الشيخ/ محمود علي البنَّا - الشيخ/ كامل يوسف البهتيمي - الشيخ/ عبدالفتاح الشعشاعي.



شهادات الشيخ ومناصبه وجهوده:

حصل الشيخ على شهادة التجويد عام 1978، وعالية القراءات عام 1981 من معهد القراءات الأزهري،

ونظرًا لجهود الشيخ في تدريب الأئمة بالأوقاف، وتعليمهم القراءة الصحيحة للقرآن، وما كان لذلك من آثار طيبة،

فإنه قد تم تعيينه مستشارًا لشؤون القرآن بالجيزة، يشرف على معاهد معلمي القرآن بالعمرانية،

وأبي النمرس، وبركة السبع، وغيرها من فروع المعهد. يشرف على برنامج تعليم القرآن بمدرسة الحسينية بالعمرانية.

 عُيِّن شيخًا لمقرأة مسجد شريف بمنيل الروضة - ولا يزال بها حتى الآن - ومسجد عبداللطيف بأبي النمرس.

 ظل شيخنا لفترة طويلة يقرأ القرآن في المحافل والمناسبات، وذاع صيته؛ لأنه يتمتَّع بصوت نَدِي وقراءة أصيلة،

 ثم أراد الله له ما هو أفضل؛ فرأى رؤيا في منامه جعلته ينصرفُ عن هذا المجال، ويتَّجِه إلى تعليم القرآن وأحكام تجويده،

فأجاد كثيرًا وأفاد، تم اختياره لتدريس القرآن واللغة بولاية كاليفورنيا بأمريكا، وأسهم في نشر القرآن بها، وكان سببًا

في إخراج الكثير من حفَّاظ القرآن ومجوِّدِيه، وفي إنشاء معاهد كثيرة، بل وجامعة هناك، ومنح بسبب جهوده كأسًا من البلاتين، أ

هداه للشيخ/ الشعراوي، وقد حدثني شيخنا - حفظه الله - عن عددٍ ممَّن جعله الله - تعالى - سببًا في إسلامِهم هناك، وقصته معهم في إسلامهم،

كما استخرجت من ثنايا كلامه بعضًا من الكرامات التي أكرمه الله بها، ولولا أني أخشى أن يغضب من ذكرها لذكرتها،

فالله حسيبه، ولا نزكِّي على الله أحدًا.









نبذة عن معاهد معلمي القرآن الكريم التي يشرف عليها الشيخ:

بعد تعيين الشيخ مستشارًا لشؤون القرآن بالجيزة، سمع به الشيخ الشعراوي - وكان عضوًا بالمجمع - وأخبر عمَّه الدكتور/ إبراهيم مدكور

 أنه يريد إنشاء معهد للقرآن في بلدته دقادوس، ويريد أن يُشرِف عليه شيخنا، ويقوم على تأسيسه، وبعد إلحاحٍ وافق شيخنا،

وبالفعل تم إنشاء المعهد، وأطلق عليه "معهد معلمي القرآن الكريم"، وأنتج المعهد إنتاجًا طيبًا، وخرَّج رجالاً ونساءً

يحفظون القرآن ويحسنون قراءته، وانتشر الأمر، وأعجب الناس بتلك الثمار الطيبة، وكان من هؤلاء المهندس/ محمد لاشين

من بركة السبع منوفية، فأراد أن ينتشر الخير ببلدته، وبالفعل تم إنشاء معهد ثانٍ بهذه البلدة - بفضل الله -

ثم أضيف إليها معهد ثالث بالعمرانية،

 والآن تعدَّدت فروع المعهد - بفضل الله - في كل من: الحوامدية - الهرم - البدرشين - المحلة الكبرى - ميت شماس - أبو النمرس،

 وإني هذه الأيام أسعى لإنشاء فرع في مركز زفتى بمحافظة الغربية، فأسأل الله - تعالى - العون والتوفيق.

ولا يزال الشيخ/ عبدالفتاح مدكور يعلِّم ويفيد طلابه في معاهده، وفي المقارئ التي يقرأ بها، ألا حَفِظ الله شيخنا،

وبارك لنا في عمره وأهله وعلمه وتلاميذه، وأسأل الله أن يُدِيم توفيقه له لخدمة كتابه الكريم، وأن يرزقَه حسن النيَّة وقَبُول العمل؛

إن ربي على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وهو حسبنا الله ونعم الوكيل.

الشيخ حافظ الحكمي

اسمه :
هو حافظ بن أحمد بن علي بن أحمد بن علي بن مين بن علي بن مهدي بن أحمد بن الحسين بن علي بن صغير بن علي ويكنى أبا شملة بن محمد بن علي بن عبده بن عبد الهادي بن صديق بن طاهر بن أبي القاسم بن علي بن أبي بكرالحكمي الأصغر بن محمد بن علي بن عمر بن عثمان بن محمد بن أبي بكر الحكمي بن عبد الله بن عبد الواحد بن الشيخ أبي عبد الله محمد المتوفى عام «617» بن أبي بكر الحكمي الأكبر، رحم الله الجميع برحمته.
والحكمي نسبة إلى الحكم بن سعد العشيرة من مذحج أشهر وأعظم قبيلة من شعب كهلان بن سبأ بن يعرب بن قحطان، والله أعلم بذلك، وهذا نقلته من ورقة ذكر فيها أنها نقلت من نسخة منقولة من ديوان المشجرات المسمى «مجمع الأصول والفروع».
أما عن النسب من حافظ إلى جده الحسين فقد نقلته عن الشيخ محمد بن أحمد الحكمي أخو الشيخ حافظ.
ولادته ونشأته :
ولد رحمه الله بقرية السلام عام 1342هـ التابعة لمدينة المضايا عاصمة الحكامية، ثم رحل به أبوه مع إخوانه إلى قرية جاضع بني شبيل التابعة لصامطة، وقد نشأ ـ رحمه الله ـ بهذه القرية حتى كبر، وكان راعياً لغنم والديه حتى بلغ رشده. فقرأ القرآن بمدرسة أهلية ثم على أخيه الأكبر محمد بن أحمد الحكمي ـ وهو لازال راعياً في الغنم ويقرأ حتى فصل ـ أي فهم ـ الحروف فكان يقرأ لنفسه، حتى ختم القرآن وهو راع بالغنم، وتعلم الكتابة على المصاحف فكان خطه جيداً، وقد نشأ في أسرة صالحة مشهورة بالصلاح والخير.

طلبه للعلم وأسبابه :
لما سمع بالشيخ عبد الله القرعاوي يدرّس في صامطة عام 1359هـ كتب له رسالة مع أخيه محمد بن أحمد الحكمي يطلب منه كتاباً في التوحيد، وعندما استلم الشيخ عبد الله الرسالة توسم في صاحبها الذكاء لما فيها من حسن التعبير وجودة الخط. فأخذها الشيخ حالاً وتوجه إلى قرية الجاضع وبرفقه بعض الإخوان من الطلبة ووصلوا إلى بيت شيخ القرية الشيخ مديش بن علي بجوي فحضر حافظ وتفاهم معه الشيخ عبد الله وطلب منه الحضور إلى صامطة لطلب العلم فلبى حافظ ذلك الطلب. ولكنه كان مشغولاً برعي غنم والده. عند ذلك أقام الشيخ بقرية الجاضع أياماً لا تتجاوز عن شهر واحد وكان معه بعض الطلبة.
وذكر لي الشيخ أحمد بن يحيى النجمي أن من الطلبة الذين ذهبوا مع الشيخ إلى قرية الجاضع أعمامه الشيخ حسن بن محمد النجمي، وحسين بن محمد النجمي. ذكر واحد منهم: أن الشيخ عبد الله القرعاوي أملى عليهم (تحفة الأطفال) فحفظها الشيخ حافظ في نفس المجلس. فتعجبوا من ذلك، وكان يدرّس الطلاب بالمسجد ومنهم حافظ وبعض شباب القرية ثم رجع الشيخ إلى صامطة، وكان حافظ يذهب مرة مع زملائه إلى صامطة لتلقي العلم، ومرةً يرعى الغنم ويقرأ في دروسه.
وفي أول شهر محرم عام 1360هـ تفرغ لطلب العلم ومكث بالمدرسة لتحصيله.
وكان الشيخ عبد الله يلقي علينا الدرس فإذا انتهى أمر حافظاً بإعادته علينا فيعيده كما يلقيه الشيخ حرفاً بحرف، وذلك لما أعطاه الله من الذكاء الوقاد والرغبة في تحصيل العلم.
وفي أخر شهر رجب من هذا العام 1360هـ ماتت أمه ـ رحمها الله ـ وفي آخر هذا العام أيضاً حج هو أبوه وأخوه محمد ومعهم بعض الأخوان، وبعد انقضاء الحج عادوا إلى بلادهم، وفي الطريق مرض أبوه ثم مات ـ رحمه الله ـ وبعدها تفرغ لطلب العلم ليلاً ونهاراً.
ولما دخل هلال رمضان كان يقرأ في كل ليلة من بعد صلاة الظهر جزءاً من القرآن، ثم يصلي به صلاة التراويح حفظاً بجماعة مسجد الأشراف بحارة الراحة، وهو المسجد الذي يصلي فيه الطلبة.
واستمر في الطلب ليلاً نهاراً حتى عام 1362هـ وقد تفوق في العلم في كثير من الفنون في أيام قصيرة، ولا يصدق ذلك إلا من زامله بالمدرسة، فقد كان آية في الحفظ والذكاء.
وفي هذا العام كلفه الشيخ بتأليف نبذه في علم التوحيد. فكتب حسب طلب شيخه منظمة في علم التوحيد وكانت سبباً في معرفة علماء نجد وغيرهم به وهي (سلم الوصول)، وهكذا استمر في طلبه للعلم والتدريس معاً، ولم يَدرس العلم على أحد سوى الشيخ عبد الله بصامطة، ولم يسافر إلى بلد لطلب العلم سوى مدينة صامطة. إلا أنه لما طلبه الشيخ عبد الله إلى مكة وزوجه ابنته عام 1367هـ كان يقرأ على الشيخ عبد الرزاق عفيفي بالحرم مدة إقامته بمكة رحمهم الله.

مؤلفاتــه :
كان الشيخ حافظ عالماً بارعاً في جلّ العلوم. وقد صنّف فيها نثراً ونظماً. والحقيقة لم يكن له نظير في زمانه بهذه المناطق. وقد حوى هذا العلم الغزير في وقت قصير لذكائه الوقاد.
وله مؤلفات عديدة في التوحيد والحديث ومصطلح الحديث والفقه وأصوله والفرائض والتاريخ والسيرة النبوية والنصائح والوصايا والآداب العلمية، ومن هذه المؤلفات المطبوع وغير المطبوع، وهي كالتالي :
1- سلم الوصول إلى علم الأصول في توحيد الله، وإتباع الرسول ? انتهى من تأليفه عام 1362هـ.
2- معارج القبول شرح سلم الوصول. في مجلدين.
3- المنظومة الميمية في الوصايا العلمية.
4- نيل السول في تاريخ الأمم وسيرة الرسول ? .
5- وسيلة الحصول إلى مهمات الأصول، في أصول الفقه انتهى من تأليفه عام 1373هـ.
6- السبل السوية في فقه السنن المروية، في الفقه.
7- أعلام السنة المنشورة باعتقاد الطائفة الناجية المنصورة سؤال وجواب في التوحيد. فرغ من تسويده نهار الاثنين أول يوم من شعبان 1365هـ، وفرغ من تبيضه نهار الأحد رابع عشر من الشهر المذكور.
8- الجوهرة الفريدة في تحقيق العقيدة.
9- النور الفائض من شمس الوحي، في علم الفرائض. انتهى من تأليفه في 15/8/1365هـ.
10- دليل أرباب الفلاح في تحقيق فن الاصطلاح، في المصطلح. انتهى من تأليفه في 5/2/1365هـ.
11- اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون، في المصطلح. انتهى من تأليفه عام 1366هـ.
12- اللامية في الناسخ والمنسوخ، في أصول الفقه.
13- نصيحة الأخوان عن تعاطي القات والشمه والدخان. عام 1367هـ وقد طُبعت هذه المؤلفات طبعتها الأولى في مطابع البلاد السعودية بمكة المكرمة عام 1373هـ، و 1374هـ، على نفقة الملك سعود بن عبد العزيز، ووزعت مجاناً.
14- مقررات في أصول الفقه لم تطبع.
15- مقررات في السيرة النبوية لم تطبع.
16- مقررات في النحو والصرف لم تطبع.
17- مقررات في أدب السلوك لم تطبع.
18- خطبة منبرية في الجمع والأعياد لم تطبع.
19- الأحاديث الثلاثية من البخاري لم تطبع.
20- منظومة عن العزوف عن الدنيا وشرحها الشيخ زيد بن محمد هادي مدخلي أحد تلاميذه وهي مطبوعة.
21- مفتاح دار السلام بتحقيق شهادتي الإسلام لم تطبع.
22- شرح الورقات في أصول الفقه لم تطبع.
23- شرح بعض العوامل في النحو (محفوظ لدي بقلمي من عام 1361هـ لم تطبع).
زهده وورعه :
كان ـ رحمه الله ـ زاهداً عن الدنيا عازفاً عنها، همه همته طلب العلم وتعليمه وبيانه للناس قولاً وعملاً. ومن زهده لم يشغل نفسه بالدنيا ولا بحطامها ولا بجمع المال منها. ولما كانت تصرف لنا عشرة ريالات ونحن طلاب بالمدرسة رفض استلامها من المالية ونحن وهو بحاجة شديدة. ولما وصل الملك سعود لزيارة المعهد عام 1374هـ أعطاه كيساً أظن أنه فيه عشرة آلاف ريال عربي فضة وما أكثر العشرة الألف في ذلك الوقت فمنع من استلامه فاستلمه عنه الشيخ عبد الله القرعاوي ـ رحمهما الله ـ وكان لا يملك من الدنيا شيئاً رحمه الله. وقد هيأ الله له شيخه الشيخ عبد الله القرعاوي فكان قائماً بشؤونه إلى أن تعين بالمعهد عام 1374هـ ثم تحصل على راتب مائة وخمسين ريالاً كان ينفقها على الطلاب مع نفقات الشيخ عبد الله، ولما تعين مديراً للمعهد كان يصرف راتبه على أهله وعلى الطلاب والفقراء. بل كان بعض الفقراء له مقرر أسبوعياً يأخذه من الشيخ كل أسبوع. وقد زوجه الشيخ عبد الله بابنته عام 1367هـ وزوجه أيضاً على زوجتين خلاف ابنته حباً له وإكراماً لما يرى فيه من علم وحياء وأدب وزهد عن الدنيا.
والحقيقة كان الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي قد ألهم الله والده بتسميته حافظ. فصار اسماً طابق مسماه ومن فضل الله عليه خاصة وعلى هذه البلاد عامة أن هيأ الله وصول هذا الداعية الشيخ عبد الله القرعاوي إلى هذه الديار بعد أن كان الشيخ حافظ راعياً في غنمه لا يستطيع السفر إلى البلاد البعيدة لطلب العلم.
فطلب العلم لدى الشيخ عبد الله القرعاوي بصامطة وغرس في قلبه العلم النافع والعقيدة الصحيحة عقيدة أهل السنة والجماعة. فصار عالماً بارزاً بهذه المنطقة وعالماً يقتدي به. وصنف المصنفات النافعة في العقيدة وفي الحديث وعلومه والفقه وأصوله وفي كل فن له باع طويل فيه. ومهما كتب الكاتب لا يستطيع حصر أعمال الشيخ حافظ مع زهده وورعه وتقشفه عن الدنيا وحلمه وأخلاقه الفاضلة وذكاءه الوقاد وحرصه على طلب العلم وحث الناس عليه ونصحه ونصائحه العامة والخاصة.
وفي عام 1373هـ حج مع الشيخ عبد الله القرعاوي وجملة من الإخوان فأصابته ضربة الشمس وعلى أثرها مرض وتوفى يوم السبت الموافق 18/12/1377هـ الساعة الثالثة والنصف بعد أن قضى مناسك الحج لهذا العام رحمه الله.
وقد خلف أربعة أولاد وثلاث بنات هم :
1- الدكتور / أحمد بن حافظ أحمد الحكمي.
2- الدكتور / عبد الله بن حافظ أحمد الحكمي.
3- الأستاذ / محمد بن حافظ أحمد الحكمي.
4- الأستاذ / عبد الرحمن بن حافظ أحمد الحكمي.
.. رحم الله شيخنا رحمتا واسعة واسكنه فسيح جناته ونفعنا بعلمه ..

Bernard Golay

Bernard Golay, né le 24 mai 1944 et mort le 30 août 20191, est un journaliste et présentateur français de télévision.

Il est connu notamment pour avoir présenté à partir de 1973 La Une est à vous et Samedi est à vous sur TF1.

L'émission fut remplacée, fin 1976, par le programme Restez donc avec nous, présenté par Garcimore et Denise Fabre.
Biographie
Son père est d'origine suisse et sa mère d'origine canadienne. Jusqu'à l'âge de 9 ans il vit en Angleterre, puis il part vivre à Paris. Préparant une licence de physique, il entre comme standardiste à France Inter pour Inter Service route, puis Roland Dhordain lui fait annoncer à l'antenne la météo et animer des jeux2.

Raymond Marcillac l'embauche à l'ORTF pour tenir le planning de tournage de ses émissions. Satisfait de son travail, il lui propose ensuite de devenir journaliste. Il collabore alors à Sports Dimanche, aux journaux télévisés et assure le centralisation des informations provenant des Jeux olympiques2.

En 1973, après un essai, il est engagé par Guy Lux pour présenter La Une est à vous, émission qui rencontre un grand succès d'audience2,3. Parallèlement, il anime des émissions de jeux et de variétés destinées au Moyen-Orient, présentées en français et en anglais, partant du Liban2.

En 1980, on a pu le voir tenir le rôle principal du téléfilm La Grêle.

Passionné d'aviation, jeune, il voulait devenir pilote professionnel, Bernard Golay a obtenu à 17 ans un brevet de pilote d'aviation de loisirs4.

Durant les années 1970, il marié avec Sophie Darel5,6.

Il meurt le 30 août 2019 d'une leucémie à l'âge de 75 ans1.

Principales émissions
Journaliste sportif pour TF1, Antenne 2, FR3 : Sports Dimanche, Jeux olympiques
Magazines La Terre, la mer et l'espace, Les Coulisses de l'exploit,...)
Journaliste au Journal télévisé pour TF1, Antenne 2, FR3
Magazines Rendez-vous des grands reporters, Troisième Œil, D'hier et d'aujourd'hui
Service politique étrangère (Irlande, Liban)
Animateur et producteur pour TF1 (La Une est à vous, L'inspecteur mène l'enquête, Les Après-midi de TF1, La Maison de TF1, Voisin, voisine)
Producteur et animateur à France Inter (10h-11h en quotidienne, 12h-13h en quotidienne, samedi 10h-12h)
Producteur de télévision au Liban (promotion des industries françaises à Beyrouth)

زياد علي

زياد علي محمد