الأحد، 1 سبتمبر 2019

عبدالفتاح مدكور

أود قبل أن أبدأ في شروحي لبعض متون التجويد أن أقدِّم بترجمة موجزة لشيخنا فضيلة الشيخ/ عبدالفتاح مدكور - حفظه الله -

حتى أُعَرِّف إخواني الكرام أصحاب القرآن بهذا النجم الساطع في سماء علم التجويد،

في إطار التعريف بعلماء هذا الفن العظيم، والله المستعان.



 اسمه:

عبدالفتاح بن مدكور بن محمد بن بيومي.

 مولده ونشأته:

وُلِد شيخنا في قرية "أبو النمرس" من قرى محافظة الجيزة يوم: 28/8/1932م، وكان والدُه من حَفَظة القرآن،

ومن أعضاء الجمعية الشرعية، وكان لا يُولَد له مولود إلا ومات صغيرًا، فدعا الله أن يُرزَق بمولود ينذرُه للقرآن،

وقد رزقه الله - تعالى - بشيخنا - حفظه الله - فالحمد لله رب العالمين.



 شيوخه:

نظرًا لأن والدَ شيخِنا وهبه للقرآن، وهو قد أوقف حياته لخدمة القرآن تعلمًا وتعليمًا وقراءةً، فقد كثر شيوخه ومن استفاد منهم،

ومن هؤلاء: عمه الشيخ/ حسن بيومي، أتم حفظ القرآن على يديه، ومنهم: الشيخ عبدالحميد غالي، قرأ عليه القرآن برواية وَرْش عن نافع،

ومنهم: شيخنا العلاَّمة/ عثمان سليمان مراد، قرأ عليه رواية حفص من طريق الشاطبية، وتلقَّى عليه دقائق فن التجويد،

 ومتن السلسبيل الشافي، ونظم قصر المنفصل لحفص من الطيِّبة، وكذا متن الشاطبية وشرحها، وشيخنا من حفَّاظ السلسبيل القلائل،

 ويهتم به اهتمامًا بالغًا، ويستشهد به كثيرًا، ومن شيوخه أيضًا العلامة/ علي محمد الضبَّاع، شيخ عموم المقارئ، قرأ عليه ختمة كاملة لحفص.









تلاميذه:

قرأ عليه كثيرون رواية حفص عن عاصم، ومنهم: د/ توفيق أحمد العبقري - د/ حامد خير الله - الشيخ/

عبدالحميد إسماعيل لاشين - الشيخ/ حمد الله الصفتي - الشيخ/ عبدالله مجدي - الشيخ/ مصطفى شعبان المصري - الشيخة/ ابتسام المطيعي،

واستفاد من شيخنا كثيرون في علوم التجويد، منهم: الشيخ/ زكي محفوظ - د/ سعاد عبدالحميد - وغير هؤلاء كثير كثير.

 وكنت أنا وأخي صاحب البدر من الذين تشرَّفوا بالقراءة على الشيخ - حفظه الله - والاستفادة من علومه في التجويد،

وكذلك في تلقِّي بعض المتون عن فضيلته، وقد حصلنا أنا وأخي صاحب البدر على إجازة القراءة والإقراء برواية حفص عن عاصم بقصر

 وتوسط المنفصل من الشاطبية والطيبة، يوم الأربعاء، الثاني من جمادى الأولى عام ألف وأربعمائة وتسعة وعشرين،

الموافق: 7/5/2008، ولقد رأيت من فضيلته تواضعًا ما رأيتُ مثله من غيره، على علو سنده وكبر سنه وجلالة قدره،

 كما استللت من طيات كلماته ما ملأ قلبي بحبه، فوالله ما هو إلا أن تجلس معه، وتسمع منه، حتى يتبين لك من الأخلاق الرفيعة،

والخصال الحميدة، والخلال المحمودة ما يملأ جوَّ قلبك بحبِّ هذا الإمام، ويذكِّرك بالسلف الكرام، أسأل الله - تعالى - أن يُلحِق شيخنا بهم،

ولقد قصَّ شيخنا - حفظه الله - علينا شيئًا من أيامه وأخباره وأعماله وإنجازاته، وعن شيء من قصص بعض الذين أسلموا بسببه

في أمريكا أيام كان يدرس القرآن واللغة العربية هناك في ولاية كاليفورنيا، فكانت سببًا آخر في إجلالنا للشيخ - حفظه الله -

وزيادة فرحتنا بتشرُّفنا بالقراءة على مثله - حفظه الله -

 ولولا والله أني أخاف أن يغضب الشيخ من ذكر ما أعرفُ عنه لقصصتُ عجبًا من أيامه،

 ولكن حسبه أن الله يعلم ما أُخفِيه عن القرَّاء الكرام، وهو الذي سيجازيه، وإن كنتُ على يقين أن أخبار الشيخ - حفظه الله -

لا بد أن تخرج للناس يومًا من الأيام لنقول لهم:

فتشبَّهوا إن لم تكونوا مثلَهم ... إن التشبُّه بالكرامِ فلاح

 فأسأل الله أن يبارك فيما تبقى من عمر شيخنا، وأن يجعلنا عند حسن ظنه بنا،

إن ربي على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وهو حسبنا ونعم الوكيل.



التعريف بإسناد الشيخ - حفظه الله - وأنه أعلى الأسانيد بالديار المصرية الآن في رواية حفص من طريق الشاطبية:

لقد منَّ الله - تعالى - على شيخنا بالتلقي عن كبار العلماء والأئمة الأفذاذ، وكذلك بالتلقي عن أصحاب الأسانيد العالية،

فإنه يروي رواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية عن الشيخ الضبَّاع - شيخ القرَّاء في وقته -

وهو على: عبدالرحمن الخطيب الشهير بالشعار، وحسن بن يحيى الكتبي صهر المتولي،

وهما على شيخ القراء في وقته الإمام/ محمد بن أحمد المتولي.

ح: كما تلقَّاها أيضًا على الشيخ عثمان سليمان مراد، وهو على حسن بدير الجريسي الكبير، وقرأ الجريسي الكبير

والمتولي على السيد أحمد الدري التهامي، وبقية رجال السند معروفة، وقد سبق ذكرهم، فنلاحظ في هذا السند أولاً أنه سند قوي جدًّا،

 فكله أئمة كبار وشيوخ قراء عصرهم، ونلاحظ ثانيًا أنه سند عالٍ جدًّا؛ إذ بين شيخنا وبين الجَزَري اثنا عشر رجلاً،

وعليه فيكون بينه وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - ثمانية وعشرون رجلاً، وهذا أعلى إسناد موجود الآن بالديار المصرية

لرواية حفص عن عاصم من طريق الشاطبية، والله أعلم.

علمًا بأن المُنفَرِدين بالعلوِّ بالديار المصرية الآن من طريق طيِّبة النشر شيخان؛ فالأول شيخنا العلاَّمة عبدالباسط هاشم - حفظه الله -

والثاني: الشيخ/ محمد عبدالحميد عبدالله، شيخ قرَّاء الإسكندرية - حفظه الله.









اتصاله بكبار العلماء:

من خلال حضور المقارئ والدراسة في معهد القراءات اتصل شيخنا بعدد من كبار علماء عصره، ومنهم: الشيخ/ عامر السيد عثمان،

 شيخ المقارئ الأسبق - الشيخ/ الضباع، شيخ المقارئ الأسبق - الشيخ/ إبراهيم السمنودي؛ صاحب لآلئ البيان، والتحفة السمنودية،

وغيرها - الشيخ/ عبدالفتاح القاضي؛ صاحب البدور الزاهرة، والوافي في شرح الشاطبية، وغيرها - الدكتور/ أحمد عيسى المعصراوي،

شيخ القراء وعموم المقارئ الحالي - الشيخ/ محمود أمين طنطاوي، وكيل مشيخة المقارئ المصرية،

ورئيس لجنة تصحيح المصاحف سابقًا - الشيخ/ محمد متولي الشعراوي، فهو الذي اختار شيخنا لينشئ معهدًا للقرآن في بلدته "دقادوس"،

وكان وراء سفر شيخِنا إلى أمريكا لتعليم القرآن - الدكتور/ إبراهيم مدكور، وهو عم شيخنا، وكان رئيسًا لمجمع اللغة العربية،

وهو من كبار علماء اللغة والأدب، وله تآليف نافعة فيهما، ومن القراء المشاهير: الشيخ/ الحصري - الشيخ/ عبدالباسط عبدالصمد –

الشيخ/ محمود علي البنَّا - الشيخ/ كامل يوسف البهتيمي - الشيخ/ عبدالفتاح الشعشاعي.



شهادات الشيخ ومناصبه وجهوده:

حصل الشيخ على شهادة التجويد عام 1978، وعالية القراءات عام 1981 من معهد القراءات الأزهري،

ونظرًا لجهود الشيخ في تدريب الأئمة بالأوقاف، وتعليمهم القراءة الصحيحة للقرآن، وما كان لذلك من آثار طيبة،

فإنه قد تم تعيينه مستشارًا لشؤون القرآن بالجيزة، يشرف على معاهد معلمي القرآن بالعمرانية،

وأبي النمرس، وبركة السبع، وغيرها من فروع المعهد. يشرف على برنامج تعليم القرآن بمدرسة الحسينية بالعمرانية.

 عُيِّن شيخًا لمقرأة مسجد شريف بمنيل الروضة - ولا يزال بها حتى الآن - ومسجد عبداللطيف بأبي النمرس.

 ظل شيخنا لفترة طويلة يقرأ القرآن في المحافل والمناسبات، وذاع صيته؛ لأنه يتمتَّع بصوت نَدِي وقراءة أصيلة،

 ثم أراد الله له ما هو أفضل؛ فرأى رؤيا في منامه جعلته ينصرفُ عن هذا المجال، ويتَّجِه إلى تعليم القرآن وأحكام تجويده،

فأجاد كثيرًا وأفاد، تم اختياره لتدريس القرآن واللغة بولاية كاليفورنيا بأمريكا، وأسهم في نشر القرآن بها، وكان سببًا

في إخراج الكثير من حفَّاظ القرآن ومجوِّدِيه، وفي إنشاء معاهد كثيرة، بل وجامعة هناك، ومنح بسبب جهوده كأسًا من البلاتين، أ

هداه للشيخ/ الشعراوي، وقد حدثني شيخنا - حفظه الله - عن عددٍ ممَّن جعله الله - تعالى - سببًا في إسلامِهم هناك، وقصته معهم في إسلامهم،

كما استخرجت من ثنايا كلامه بعضًا من الكرامات التي أكرمه الله بها، ولولا أني أخشى أن يغضب من ذكرها لذكرتها،

فالله حسيبه، ولا نزكِّي على الله أحدًا.









نبذة عن معاهد معلمي القرآن الكريم التي يشرف عليها الشيخ:

بعد تعيين الشيخ مستشارًا لشؤون القرآن بالجيزة، سمع به الشيخ الشعراوي - وكان عضوًا بالمجمع - وأخبر عمَّه الدكتور/ إبراهيم مدكور

 أنه يريد إنشاء معهد للقرآن في بلدته دقادوس، ويريد أن يُشرِف عليه شيخنا، ويقوم على تأسيسه، وبعد إلحاحٍ وافق شيخنا،

وبالفعل تم إنشاء المعهد، وأطلق عليه "معهد معلمي القرآن الكريم"، وأنتج المعهد إنتاجًا طيبًا، وخرَّج رجالاً ونساءً

يحفظون القرآن ويحسنون قراءته، وانتشر الأمر، وأعجب الناس بتلك الثمار الطيبة، وكان من هؤلاء المهندس/ محمد لاشين

من بركة السبع منوفية، فأراد أن ينتشر الخير ببلدته، وبالفعل تم إنشاء معهد ثانٍ بهذه البلدة - بفضل الله -

ثم أضيف إليها معهد ثالث بالعمرانية،

 والآن تعدَّدت فروع المعهد - بفضل الله - في كل من: الحوامدية - الهرم - البدرشين - المحلة الكبرى - ميت شماس - أبو النمرس،

 وإني هذه الأيام أسعى لإنشاء فرع في مركز زفتى بمحافظة الغربية، فأسأل الله - تعالى - العون والتوفيق.

ولا يزال الشيخ/ عبدالفتاح مدكور يعلِّم ويفيد طلابه في معاهده، وفي المقارئ التي يقرأ بها، ألا حَفِظ الله شيخنا،

وبارك لنا في عمره وأهله وعلمه وتلاميذه، وأسأل الله أن يُدِيم توفيقه له لخدمة كتابه الكريم، وأن يرزقَه حسن النيَّة وقَبُول العمل؛

إن ربي على ما يشاء قدير، وبالإجابة جدير، وهو حسبنا الله ونعم الوكيل.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زياد علي

زياد علي محمد