إمبراطورة وبغاطرة كُل الروس كاترين الثانية ألكسيڤنا بنت كريستيان أغسطس أمير آنهالت (بالروسية: Екатери́на II Алексе́евна Вели́кая)، الشهيرة باسم كاترين الكبيرة أو كاترين العظيمة (بالروسية: Екатерина II Великая)، هي إحدى أبرز وأهم وأكبر حُكَّام روسيا عبر التاريخ، وأعظم شخصيَّة حكمت البلاد الروسيَّة في التاريخ الحديث، ومن أطول النساء الحاكمات عهدًا، إذ امتدَّ عصرُها من سنة 1762م حتَّى وفاتها سنة 1796م عن عُمرٍ يُناهز 67 سنة، كما أنَّها من بين أشهر النساء الحاكمات عبر التاريخ ومن أعظمهنَّ شأنًا وتأثيرًا. وُلدت في مدينة شتچين بِدُوقيَّة پوميرانيا في مملكة بروسيا، وكان اسمُها ولقبها عند الولادة صوفي فردريك أغسطس ڤون آنهالت زربست دورنبرگ (بالألمانية: Sophie Friederike Auguste von Anhalt-Zerbst-Dornburg)، وخِلال فترةٍ لاحقةٍ من حياتها تزوَّجت الإمبراطور الروسي بُطرس الثالث، ومن ثُمَّ تربَّعت على عرش الإمبراطوريَّة بِنفسها بعد الانقلاب الذي جرى ضدَّ حُكم زوجها والذي أفضى إلى اغتياله. انتعشت روسيا انتعاشًا كبيرًا في ظل الحُكم الكاتريني، فتوسَّعت أراضي الإمبراطوريَّة على حساب جيرانها، وازدادت قُوَّتها العسكريَّة حتَّى اضطرَّت الدُول الأوروپيَّة الغربيَّة إلى الاعتراف بها كقُوَّةٍ عُظمى إلى جانبها في العالم.
اعتمدت كاترين الثانية على طبقة النُبلاء في إدارة شؤون بلادها، ودانت لِبعضهم بِفضل وُصولها إلى سُدَّة العرش، ومن أبرز هؤلاء گريگوري أورلوڤ وگريگوري پوتمكين، كما اعتمدت على ثُلَّةٍ من القادة العسكريين الكفوئين مثل إسكندر سوڤوروڤ وبُطرس روميانتسيڤ، وأُمراء البحار مثل تُيودور أوشاكوڤ، لِتوسيع حُدود إمبراطوريَّتها والسيطرة على المزيد من الأراضي المُجاورة، بِالطُرق العسكريَّة تارةً وبِالدبلوماسيَّة تارةً أُخرى. ففي الحُدود الجنوبيَّة لِلإمبراطوريَّة، تمكَّنت كاترين الثانية من سحق خانيَّة القرم المُسلمة المُوالية لِلدولة العُثمانيَّة بعد أن حاربت الجُيُوش الروسيَّة الجُيُوش العُثمانيَّة ردحًا طويلًا من الزمن في سلسلةٍ من الحُرُوب والمعارك اشتهرت باسم الحُرُوب الروسيَّة العُثمانيَّة، وتمكنت من هزمها، كما شجَّعت الحركات الثوريَّة في البلقان ضدَّ العُثمانيين ودعمت بعض الوُلاة العاصين في المشرق مثل علي بك الكبير والي مصر وظاهر العمر والي صيدا، حتَّى حصلت على مرادها من السلطنة، التي تنازلت لها عن جميع المناطق الشاسعة شمال البحرين الأسود وآزوڤ. وفي الغرب، تمكَّنت كاترين الثانية من تفتيت الاتحاد البولوني الليتواني الذي كان يحكمه عشيقها السابق الملك ستانيسواڤ أغسطس پونياتوڤسكي، وسيطرت على القسم الأكبر من بلاده. أمَّا في الشرق، فقد شرع الروس باستعمار واستيطان آلاسكا، مُؤسسين بِذلك إقليم «أمريكا الروسيَّة».
أعادت كاترين الثانية تنظيم إدارة الغوبرنيهات (الولايات) في طول الإمبراطوريَّة وعرضها، وأمرت بِإنشاء الكثير من المُدن والبلدات الجديدة وتوطين الناس فيها. ولمَّا كانت من أشد المُعجبين بِبُطرس الأكبر، فقد سارت على أثره وانتهجت نهجه في تحديث وتطوير الإمبراطوريَّة الروسيَّة على النسق الأوروپي الغربي، على أنَّ بعض جوانب الحياة استمرَّت مُختلفة أشد الاختلاف عن أوروپَّا، فالتجنيد العسكري وعجلة الاقتصاد استمرَّت تعتمدُ على القنانة، وقد أفضت مُتطلِّبات الدولة الاقتصاديَّة المُتزايدة ومُتطلبات كبار المُلَّاك والإقطاعيين التي تنامت مع نُمو واتساع حُدود الإمبراطوريَّة وارتفاع عدد سُكَّانها إلى ارتفاع نسبة الاعتماد على الأقنان. كانت قضيَّة القنانة هذه وما رافقها من اضطهاداتٍ ومآسٍ السبب الرئيسي وراء قيام الكثير من الثورات ضدَّ حُكم كاترين الثانية، ومن تلك الثورات «ثورة پوگاچف» واسعة النطاق التي تمرَّد فيها آلاف الفلَّاحين والقوزاق على الإمبراطورة.
يُعرفُ العصر الذي حكمت فيه كاترين الثانية الإمبراطوريَّة الروسيَّة بِالعصر الكاتريني، ويعُدُّه المُؤرخون العصر الذهبي لِلإمبراطوريَّة والنبالة الروسيَّة. ففي هذا العصر صادقت كاترين الثانية على «ميثاق حُريَّة النُبلاء» الذي أصدره زوجها الإمبراطور السابق بُطرس الثالث، وأعفى بمقتضاه النُبلاء الروس من الخدمة العسكريَّة والمدنيَّة لِلدولة، كما دعمت تشييد وبناء الكثير من الدور والقُصُور المُخصصة لِسُكنى هذه الفئة، بِالطراز الكلاسيكي، مما غيَّر وجه البلاد. ودعمت كاترين الثانية المُثُل التنويريَّة العُليا بِشغفٍ واضح، حتَّى عُرفت بأنها حاكمة مُطلقة مُستنيرة. وبِصفتها راعية لِلفُنون والثقافة، أقدمت على تأسيس معهد سمولني لِيكون أوَّل مُؤسسة دراسات عُليا مُخصصة لِتعليم النساء في أوروپَّا.
وُلدت صوفي فردريك أغسطس ڤون آنهالت زربست يوم 2 أيَّار (مايو) 1729م المُوافق فيه 21 نيسان (أبريل) من ذات السنة وفق التقويم اليولياني، في مدينة شتچين عاصمة دوقيَّة پوميرانيا في بروسيا. والدُها هو كريستيان أغسطس أمير آنهالت زربست يرجع بنسبه إلى عائلة آنهالت الملكيَّة الألمانيَّة القديمة، وكان قبل ولادة إبنته يعمل قائدًا عسكريًا في الجيش البروسي ويحمل رُتبة مُشير عام (بالألمانية: Generalfeldmarschall) تقديرًا لِخدماته وإنجازاته الجليلة لِصالح المملكة البروسيَّة خاصَّةً في حرب الخِلافة الإسپانيَّة، ثُمَّ عيَّنه الملك فردريك وليم الأوَّل حاكمًا على مدينة شتچين. أمَّا والدتها فهي حنَّة أليصابت الهولشتاينيَّة، وترجع بِنسبها إلى عائلة هولشتاين-گوتورپ الدنماركيَّة النبيلة، وهي أيضًا نسبية بُطرس الثالث الإمبراطور المُستقبلي لِروسيا، وسليلة كريستيان الأوَّل ملك الدنمارك والنرويج والسُويد (1426 - 1481م) ومُؤسس سُلالة أولدنبورگ.
أبرز أقاربها من المُلوك والأباطرة والأُمراء الأوروپيين خالها الأصغر أدولف فردريك (1710 - 1771م) ملك السُويد، وخالها الأكبر كارل أغسطس (1706 - 1727م) الذي خُطبت له أليصابت بنت كاترين الأولى وبُطرس الأكبر إمبراطور روسيا، ولم يُقدَّر له أن يتزوَّجها إذ توفي في ليلة الزفاف. كما كان لها نسيبان تولَّيا عرش السُويد أيضًا، هُما: گوستاڤ الثالث (1746 - 1792م) وكارل الثالث عشر (1748 - 1818م).
حياتها المُبكرة
تلقَّت صوفي فردريك أغسطس تعليمها المُبكر في دارة أهلها. وكما كانت العائدة الرائجة عند النُبلاء الألمان آنذاك، فقد تتلمذت على يد مُربِّيات ومُربين فرنسيين أُحضروا لها خصيصًا من فرنسا، فتعلَّمت اللُغات الفرنسيَّة والإنگليزيَّة والإيطاليَّة إلى جانب لُغتها الألمانيَّة الأُم، كما تعلَّمت أُصُول الرقص الصالوني الراقي، والعزف على الآلات الموسيقيَّة، وأُسس التاريخ، والجُغرافيا، والدين. عُرف عن الإمبراطورة المُستقبليَّة بأنها كانت جسورة في طفولتها، وأحبت إظهار قُوَّتها أمام الصبيان أبناء جيلها، وكثيرًا ما شاركتهم اللعب في شوارع المدينة. على أنَّ أبويها لم يكونا سعيدان بِتصرُفات إبنتهما الصبيانيَّة، فعهدا إلى شقيقها الأكبر فردريك أن يتولَّى تأديبها ويُبعدها عن الأجواء التي تعيشها.
أمَّا صوفي نفسها فوصت طفولتها بأنها كانت هادئة لِلغاية، حتَّى أنها أشارت في إحدى رسائلها إلى صديقها البارون گريم قائلةً: «لا أرى في حياتي ما يستحق الاهتمام». وعلى الرُغم من أُصولها النبيلة ومن مركزها الاجتماعي كأميرة، إلَّا أنَّ عائلتها لم تنعم بِالثراء الكبير، بل كانت أوضاعهم الاقتصاديَّة أقرب إلى أوضاع أُسرةٍ مُتوسطة الحال، وما كانت كاترين لِتصل إلى ما وصلته لاحقًا لولا علاقات والدتها وثيقة الصلة بِأفراد الأُسرة الحاكمة الأثرياء وأصحاب النُفوذ.
زواجها من بُطرس الثالث وليّ العهد الروسي
جاء اختيار الأميرة صوفي لِتكون زوجةً لِلقيصر الروسي المُرتقب بُطرس الهولشتايني بعد جُهودٍ دبلوماسيَّةٍ مُضنية شارك فيها الطبيب الفرنسي صاحب النُفوذ في البلاط الروسي الكونت لصتوق، وعمَّة بُطرس الإمبراطورة الروسيَّة أليصابت، وفردريك الثاني ملك بروسيا. فقد رغب الأخير والكونت لصتوق تقوية الروابط والعلاقات بين روسيا وبروسيا لِإضعاف النُفوذ النمساوي في البلاد الروسيَّة، ولِتدمير ثقة الإمبراطورة بِكبير مُستشاريها إسكندر بستوزيڤ الذي كان مسؤولًا عن إبرام عدَّة مُعاهدات مع دُولٍ أوروپيَّة هادفة إلى إضعاف بروسيا وغزوها واقتسامها، ومن أبرزها مملكة هابسبورگ النمساويَّة. كانت كاترين قد قابلت بُطرس لِلمرَّة الأولى عندما كانت تبلغ العاشرة من عُمرها، ووفقًا لِما كتبته في مُذكراتها، فإنَّها وجدت منظره مُقيتًا، إذ كان شاحب البشرة ويعشقُ الخمر عشقًا كبيرًا وما زال لم يتخطَّى فترة المُراهقة، كما كان ما يزال يُحب اللعب بِتماثيل الجُنُود الصغيرة. كتبت كاترين لاحقًا تقول أنَّ كُل هذا النُفُور من زوجها المُستقبلي جعلها تختار الجُلوس في طرف القصر المُقابل لِلطرف الذي يجلس هو فيه كي تبتعد عنه بِقدر الإمكان.
اعتمدت كاترين الثانية على طبقة النُبلاء في إدارة شؤون بلادها، ودانت لِبعضهم بِفضل وُصولها إلى سُدَّة العرش، ومن أبرز هؤلاء گريگوري أورلوڤ وگريگوري پوتمكين، كما اعتمدت على ثُلَّةٍ من القادة العسكريين الكفوئين مثل إسكندر سوڤوروڤ وبُطرس روميانتسيڤ، وأُمراء البحار مثل تُيودور أوشاكوڤ، لِتوسيع حُدود إمبراطوريَّتها والسيطرة على المزيد من الأراضي المُجاورة، بِالطُرق العسكريَّة تارةً وبِالدبلوماسيَّة تارةً أُخرى. ففي الحُدود الجنوبيَّة لِلإمبراطوريَّة، تمكَّنت كاترين الثانية من سحق خانيَّة القرم المُسلمة المُوالية لِلدولة العُثمانيَّة بعد أن حاربت الجُيُوش الروسيَّة الجُيُوش العُثمانيَّة ردحًا طويلًا من الزمن في سلسلةٍ من الحُرُوب والمعارك اشتهرت باسم الحُرُوب الروسيَّة العُثمانيَّة، وتمكنت من هزمها، كما شجَّعت الحركات الثوريَّة في البلقان ضدَّ العُثمانيين ودعمت بعض الوُلاة العاصين في المشرق مثل علي بك الكبير والي مصر وظاهر العمر والي صيدا، حتَّى حصلت على مرادها من السلطنة، التي تنازلت لها عن جميع المناطق الشاسعة شمال البحرين الأسود وآزوڤ. وفي الغرب، تمكَّنت كاترين الثانية من تفتيت الاتحاد البولوني الليتواني الذي كان يحكمه عشيقها السابق الملك ستانيسواڤ أغسطس پونياتوڤسكي، وسيطرت على القسم الأكبر من بلاده. أمَّا في الشرق، فقد شرع الروس باستعمار واستيطان آلاسكا، مُؤسسين بِذلك إقليم «أمريكا الروسيَّة».
أعادت كاترين الثانية تنظيم إدارة الغوبرنيهات (الولايات) في طول الإمبراطوريَّة وعرضها، وأمرت بِإنشاء الكثير من المُدن والبلدات الجديدة وتوطين الناس فيها. ولمَّا كانت من أشد المُعجبين بِبُطرس الأكبر، فقد سارت على أثره وانتهجت نهجه في تحديث وتطوير الإمبراطوريَّة الروسيَّة على النسق الأوروپي الغربي، على أنَّ بعض جوانب الحياة استمرَّت مُختلفة أشد الاختلاف عن أوروپَّا، فالتجنيد العسكري وعجلة الاقتصاد استمرَّت تعتمدُ على القنانة، وقد أفضت مُتطلِّبات الدولة الاقتصاديَّة المُتزايدة ومُتطلبات كبار المُلَّاك والإقطاعيين التي تنامت مع نُمو واتساع حُدود الإمبراطوريَّة وارتفاع عدد سُكَّانها إلى ارتفاع نسبة الاعتماد على الأقنان. كانت قضيَّة القنانة هذه وما رافقها من اضطهاداتٍ ومآسٍ السبب الرئيسي وراء قيام الكثير من الثورات ضدَّ حُكم كاترين الثانية، ومن تلك الثورات «ثورة پوگاچف» واسعة النطاق التي تمرَّد فيها آلاف الفلَّاحين والقوزاق على الإمبراطورة.
يُعرفُ العصر الذي حكمت فيه كاترين الثانية الإمبراطوريَّة الروسيَّة بِالعصر الكاتريني، ويعُدُّه المُؤرخون العصر الذهبي لِلإمبراطوريَّة والنبالة الروسيَّة. ففي هذا العصر صادقت كاترين الثانية على «ميثاق حُريَّة النُبلاء» الذي أصدره زوجها الإمبراطور السابق بُطرس الثالث، وأعفى بمقتضاه النُبلاء الروس من الخدمة العسكريَّة والمدنيَّة لِلدولة، كما دعمت تشييد وبناء الكثير من الدور والقُصُور المُخصصة لِسُكنى هذه الفئة، بِالطراز الكلاسيكي، مما غيَّر وجه البلاد. ودعمت كاترين الثانية المُثُل التنويريَّة العُليا بِشغفٍ واضح، حتَّى عُرفت بأنها حاكمة مُطلقة مُستنيرة. وبِصفتها راعية لِلفُنون والثقافة، أقدمت على تأسيس معهد سمولني لِيكون أوَّل مُؤسسة دراسات عُليا مُخصصة لِتعليم النساء في أوروپَّا.
وُلدت صوفي فردريك أغسطس ڤون آنهالت زربست يوم 2 أيَّار (مايو) 1729م المُوافق فيه 21 نيسان (أبريل) من ذات السنة وفق التقويم اليولياني، في مدينة شتچين عاصمة دوقيَّة پوميرانيا في بروسيا. والدُها هو كريستيان أغسطس أمير آنهالت زربست يرجع بنسبه إلى عائلة آنهالت الملكيَّة الألمانيَّة القديمة، وكان قبل ولادة إبنته يعمل قائدًا عسكريًا في الجيش البروسي ويحمل رُتبة مُشير عام (بالألمانية: Generalfeldmarschall) تقديرًا لِخدماته وإنجازاته الجليلة لِصالح المملكة البروسيَّة خاصَّةً في حرب الخِلافة الإسپانيَّة، ثُمَّ عيَّنه الملك فردريك وليم الأوَّل حاكمًا على مدينة شتچين. أمَّا والدتها فهي حنَّة أليصابت الهولشتاينيَّة، وترجع بِنسبها إلى عائلة هولشتاين-گوتورپ الدنماركيَّة النبيلة، وهي أيضًا نسبية بُطرس الثالث الإمبراطور المُستقبلي لِروسيا، وسليلة كريستيان الأوَّل ملك الدنمارك والنرويج والسُويد (1426 - 1481م) ومُؤسس سُلالة أولدنبورگ.
أبرز أقاربها من المُلوك والأباطرة والأُمراء الأوروپيين خالها الأصغر أدولف فردريك (1710 - 1771م) ملك السُويد، وخالها الأكبر كارل أغسطس (1706 - 1727م) الذي خُطبت له أليصابت بنت كاترين الأولى وبُطرس الأكبر إمبراطور روسيا، ولم يُقدَّر له أن يتزوَّجها إذ توفي في ليلة الزفاف. كما كان لها نسيبان تولَّيا عرش السُويد أيضًا، هُما: گوستاڤ الثالث (1746 - 1792م) وكارل الثالث عشر (1748 - 1818م).
حياتها المُبكرة
تلقَّت صوفي فردريك أغسطس تعليمها المُبكر في دارة أهلها. وكما كانت العائدة الرائجة عند النُبلاء الألمان آنذاك، فقد تتلمذت على يد مُربِّيات ومُربين فرنسيين أُحضروا لها خصيصًا من فرنسا، فتعلَّمت اللُغات الفرنسيَّة والإنگليزيَّة والإيطاليَّة إلى جانب لُغتها الألمانيَّة الأُم، كما تعلَّمت أُصُول الرقص الصالوني الراقي، والعزف على الآلات الموسيقيَّة، وأُسس التاريخ، والجُغرافيا، والدين. عُرف عن الإمبراطورة المُستقبليَّة بأنها كانت جسورة في طفولتها، وأحبت إظهار قُوَّتها أمام الصبيان أبناء جيلها، وكثيرًا ما شاركتهم اللعب في شوارع المدينة. على أنَّ أبويها لم يكونا سعيدان بِتصرُفات إبنتهما الصبيانيَّة، فعهدا إلى شقيقها الأكبر فردريك أن يتولَّى تأديبها ويُبعدها عن الأجواء التي تعيشها.
أمَّا صوفي نفسها فوصت طفولتها بأنها كانت هادئة لِلغاية، حتَّى أنها أشارت في إحدى رسائلها إلى صديقها البارون گريم قائلةً: «لا أرى في حياتي ما يستحق الاهتمام». وعلى الرُغم من أُصولها النبيلة ومن مركزها الاجتماعي كأميرة، إلَّا أنَّ عائلتها لم تنعم بِالثراء الكبير، بل كانت أوضاعهم الاقتصاديَّة أقرب إلى أوضاع أُسرةٍ مُتوسطة الحال، وما كانت كاترين لِتصل إلى ما وصلته لاحقًا لولا علاقات والدتها وثيقة الصلة بِأفراد الأُسرة الحاكمة الأثرياء وأصحاب النُفوذ.
زواجها من بُطرس الثالث وليّ العهد الروسي
جاء اختيار الأميرة صوفي لِتكون زوجةً لِلقيصر الروسي المُرتقب بُطرس الهولشتايني بعد جُهودٍ دبلوماسيَّةٍ مُضنية شارك فيها الطبيب الفرنسي صاحب النُفوذ في البلاط الروسي الكونت لصتوق، وعمَّة بُطرس الإمبراطورة الروسيَّة أليصابت، وفردريك الثاني ملك بروسيا. فقد رغب الأخير والكونت لصتوق تقوية الروابط والعلاقات بين روسيا وبروسيا لِإضعاف النُفوذ النمساوي في البلاد الروسيَّة، ولِتدمير ثقة الإمبراطورة بِكبير مُستشاريها إسكندر بستوزيڤ الذي كان مسؤولًا عن إبرام عدَّة مُعاهدات مع دُولٍ أوروپيَّة هادفة إلى إضعاف بروسيا وغزوها واقتسامها، ومن أبرزها مملكة هابسبورگ النمساويَّة. كانت كاترين قد قابلت بُطرس لِلمرَّة الأولى عندما كانت تبلغ العاشرة من عُمرها، ووفقًا لِما كتبته في مُذكراتها، فإنَّها وجدت منظره مُقيتًا، إذ كان شاحب البشرة ويعشقُ الخمر عشقًا كبيرًا وما زال لم يتخطَّى فترة المُراهقة، كما كان ما يزال يُحب اللعب بِتماثيل الجُنُود الصغيرة. كتبت كاترين لاحقًا تقول أنَّ كُل هذا النُفُور من زوجها المُستقبلي جعلها تختار الجُلوس في طرف القصر المُقابل لِلطرف الذي يجلس هو فيه كي تبتعد عنه بِقدر الإمكان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق