الأربعاء، 1 أبريل 2020

بورسعيد

بورسعيد

بورسعيد هي مدينة مصرية ساحلية تلقب باسم المدينة الباسلة، وتمثل العاصمة الإدارية لمحافظة بورسعيد التي تضم أيضاً مدينة بورفؤاد. تقع شمال شرق مصر في موقع متميز على رأس المدخل الشمالي لقناة السويس. يحدها شمالاً البحر المتوسط، وشرقاً مدينة بورفؤاد الواقعة في شبه جزيرة سيناء، وجنوباً محافظة الإسماعيلية، وغرباً ثلاث محافظات هي (محافظة دمياط من الشمال الغربي، محافظة الدقهلية من الغرب، محافظة الشرقية من الجنوب الغربي). تبلغ مساحتها 845.445 كم² تقريباً، ويبلغ تعداد سكانها بحسب تعداد عام 2010 ما يقارب 524433 نسمة، وذلك بعد انفصال حي بورفؤاد إدارياً كمدينة في عام 2010. تنقسم المدينة إلى سبعة أحياء إدارية هي حي الجنوب، حي الزهور، حي غرب، حي الضواحي، حي المناخ، حي العرب، حي الشرق.

تضم بورسعيد العديد من المعالم المميزة، أهمها ميناء بورسعيد الذي يعد من أهم موانئ مصر، ومبنى هيئة قناة السويس وهو أحد أهم آثار المدينة، وفنار بورسعيد القديم. بالإضافة إلى العديد من المتاحف مثل متحف بورسعيد الحربي الذي يوثق لحقبة العدوان الثلاثي على المدينة، ومتحف بورسعيد القومي الذي يعرض آثاراً من مختلف الحقب التاريخية المصرية فضلاً عن تاريخ بورسعيد منذ إنشائها سنة 1859 وحتى العصر الحديث، ومتحف النصر للفن الحديث الذي يضم 75 عملاً فنياً لكبار فناني مصر في مختلف أفرع الفن التشكيلي. بدأ العمل على إنشاء المدينة في عهد والي مصر الخديوي سعيد وذلك في 25 أبريل 1859 عندما بدأ فرديناند دي لسبس مشروع حفر قناة السويس.

نالت بورسعيد مكانة وشهرة عالمية خلال الفترة منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين كميناء بحري متميز، فقال عنها الأديب الإنجليزي روديارد كبلينغ: «إذا أردتم ملاقاة شخص ما عرفتموه، وهو دائم السفر، فهناك مكانان على الكرة الأرضية يتيحان لكم ذلك، حيث عليكم الجلوس وانتظار وصوله إن عاجلاً أو آجلا،ً وهما: لندن وبورسعيد».

التسمية
اسم بورسعيد هو اسم مركب من كلمة PORT أو "بورت" ومعناها ميناء، وكلمة "سعيد" نسبة إلى محمد سعيد باشا والي مصر. ويرجع أصل التسمية إلى اللجنة الدولية التي تكونت من إنجلترا وفرنسا وروسيا والنمسا وإسبانيا وبيد مونت حيث قررت هذه اللجنة في الاجتماع الذي عقد في عام 1855 اختيار اسم بورسعيد.

التاريخ
العصور القديمة
كان الموقع الحالي للمدينة قديماً عبارة عن قرية للصيادين، وعلى بعد 28 كم وجدت مدينة ساحلية اندثرت معالمها أطلق عليها اسم "برامون" أي مدينة الإله آمون، ثم أقام اليونانيون ضاحية للمدينة أسموها "بيلوز"، وانسحب الاسم على المدينة كلها فسميت منطقة "بيلوز" (تقع بين الفرما وتنيس) ومعناها الطينة كثرة الأوحال. وكانت مواجهة لمدينة برمون أو برما ومنها أسماها العرب الفرماء.

العصور الوسطى
بعد الفتح الإسلامي لمصر أطلق العرب على المدينة اسم الفرماء أو الفرما وكانت تطل على ساحل البحر المتوسط، وموقعها الطرف الشرقي لبحيرة المنزلة بين البحيرة والكثبان، وتقع على بعد 28 كم من المدينة الحالية. وظلت المدينة تمثل ثغراً وحصناً وميناءً نشطاً حتى هدمت في عام 1118 على يد الملك بالدوين الأول ملك بيت المقدس أثناء الغزوات الصليبية. وما زالت آثار المدينة موجودة حتى الآن بمنطقة تعرف بتل الفرما. ووجدت أيضاً مدينة تنيس التي كانت ثغراً بحرياً مهماً ومقراً للأسطول وبها دار صناعة السفن، واشتهر أهلها بالغنى والثروة وازدهرت بها التجارة وصناعة الملابس والمفروشات، وفيها كانت تصنع كسوة الكعبة المشرفة قروناً طويلة، لمهارة أهلها في حرفة النسيج والحياكة. كما امتهن أهلها صيد الأسماك والطيور، ولكونها هدفاً لغارات البيزنطيين ومن بعدهم الصليبيين، أمر الملك الكامل محمد بن العادل الأيوبي بتحطيم أسوارها وقلاعها في أوائل القرن السابع الهجري فهجرها أهلها وتهدمت دورها ومصانعها ودور طرازها وأصبحت تلالاً وأطلالاً.

العصر الحديث
نشأة المدينة
في 25 أبريل 1859 دشن دي لسبس العمل في حفر قناة السويس في عهد الخديوي سعيد، وفي نفس الوقت بدأ العمل في إنشاء مدينة بورسعيد الحديثة التي كانت في ذلك الوقت عبارة عن قرية الجميل التي تبعد 9 كم عن موقع بورسعيد الحالي، لكي تشرف على المدخل الشمالي للقناة، وكان من أوائل المنشآت التي أقيمت بالمدينة فنار مؤقت من الخشب، ولما كان ساحل بورسعيد الواقع بين البحر المتوسط وبحيرة المنزلة ليس مرتفعاً عن سطح البحر، فقد تطلب تذليل تلك العقبة القيام بأعمال ردم لكي تنشأ المدينة على ارتفاع مناسب عن سطح البحر، فأزاحت الكراكات التي كانت تعمل لجعل ساحل المدينة صالحاً لرسو وإنشاء حوضاً للميناء كميات ضخمة من أعماق المياه وأضافتها إلى أراضي بورسعيد، فيما تم ردم مستنقعات بحيرة المنزلة بناتج الحفر من الرمال لكي يتم عليها بناء المساكن والمخازن والورش الحرفية ومصنع الطوب لخدمة المشروع، وحفرت قناة صغيرة لتصل منشآت بورسعيد ببحيرة المنزلة لتسهيل نقل المؤن ومياه الشرب بواسطة القوارب كما تم تشييد مسجداً للعمال بقرية العرب. ولحماية الميناء من العوامل الطبيعية أقيم حاجزين للأمواج غربي وشرقي واستخدمت الحجارة في إقامة رصيف الميناء والحواجز، وتبع ذلك إنشاء فنار جديد من الخرسانة ليضئ لمسافة 20 ميلاً.

حفل افتتاح القناة
شهدت بورسعيد الاستعدادات الضخمة لحفل افتتاح قناة السويس، فرُوعيت النظافة بالأماكن التي سيزورها الضيوف واهتمّ بأزياء العساكر المستقبلين للمدعوين، وأخليت الشوارع العمومية وزينت وأضيئت بالفوانيس وارتفعت بها الأعلام، فيما كلف الخديوي إسماعيل دي لسبس بالاستعداد لاستقبال 6 آلاف مدعو، واستقدم خمسمائة طباخ وألف خادم، وأوعز إلى مديري الأقاليم بإرسال عدد من الأهالي بأزيائهم التقليدية فانتشروا على طول القناة من فلاحين وصعايدة وعربان وسودانيين وغيرهم.

واصطف الأسطول المصري في ميناء بورسعيد لحفظ النظام وزيادة البهجة، وأقيمت ثلاث منصات مكسوة بالحرير والديباج خصصت الكبرى للملوك والأمراء وكبار المدعوين والثانية إلى اليمين لرجال الدين الإسلامي والثالثة إلى اليسار لرجال الدين المسيحي.

الحرب العالمية الأولى
خاضت تركيا الحرب إلى جانب دول المركز ضد انجلترا إلى جانب قوات الحلفاء، فعملت انجلترا على تقوية موقفها في الشرق الأوسط عن طريق فرض الحماية على مصر في 18 ديسمبر 1914 لينتهي بذلك الوضع الذي حددته معاهدة لندن التي اعتبرت مصر خاضعة للسيادة العثمانية. وكانت منطقة القناة هدفاً لدول المركز لضرب قواعد إنجلترا في مصر وبذلك قاست مدينة بورسعيد وباقي مدن القناة من هذا العدوان.

الحرب العالمية الثانية
في 26 أغسطس 1936 وقعت مصر وبريطانيا معاهدة 1936 في لندن لينتهي الاحتلال البريطاني لمصر مع بقاء القوات العسكرية البريطانية في منطقة القناة بحجة معاونة القوات المصرية في الدفاع عن قناة السويس، فكانت بذلك منطقة القناة عرضة لضربات دول المحور للإضرار بمصالح انجلترا وفرنسا في القناة، وقصفت مدينة بورسعيد بالقنابل الثقيلة وأصيبت عدة مواقع بالطوربيدات.

العدوان الثلاثي
في 19 أكتوبر 1954 وقع الرئيس جمال عبد الناصر اتفاقية الجلاء مع بريطانيا من أجل جلاء القوات البريطانية المرابطة في منطقة القناة، وفي 18 يونيو 1956 أجلي آخر جندي بريطاني عن الأراضي المصرية، وفي ديسمبر 1955 قبلت مصر عرضاً من أمريكا وانجلترا والبنك الدولي للحصول على قرض لتنفيذ مشروع السد العالي، تلاها طلب مصر شراء صفقة أسلحة إلا أن هذا الطلب قوبل بالرفض فاتجهت مصر إلى الاتحاد السوفيتي لشراء ما تحتاج من أسلحة. رأت أمريكا وانجلترا في الخطوة المصرية مظهراً من مظاهر التحدي فتراجعا عن تمويل السد العالي وعللا ذلك بعدم قدرة مصر على سداد القرض لضعف قدرتها المالية، وعلى إثر ذلك أعلن جمال عبد الناصر في 26 يوليو 1956 من ميدان المنشية بالإسكندرية قرار تأميم شركة قناة السويس رداً على سحب عرض تمويل السد العالي بطريقة مهينة لمصر.

رداً على تأميم القناة قامت بريطانيا من جانبها بتجميد الحسابات والأرصدة المصرية لديها وفرضت حظراً على تصدير السلاح إلى مصر وعقدت النية على تدبير رد عسكري، وانتهزت فرنسا الفرصة وقررت ضرب مصر رداً على مساعدة عبد الناصر لثورة الجزائر، وشاركت إسرائيل رداً على منع مرور سفنها بقناة السويس، فكانت بذلك خطة ثلاثية للاعتداء على مصر حيكت خيوطها في ضاحية سيفرز بباريس. على إثرها بدأ هجوم إسرائيلي مفاجئ يوم 29 أكتوبر 1956، تلاه في يوم 30 أكتوبر تقديم كل من بريطانيا وفرنسا إنذار لمصر يطالب بوقف القتال بين الطرفين، ويطلب من مصر وإسرائيل الانسحاب عشر كيلو متر عن قناة السويس وقبول احتلال بورسعيد والإسماعيلية والسويس، من أجل حماية الملاحة في القناة، وهو ما أعلنت مصر رفضه فوراً، وفي 31 أكتوبر، هاجمت الدولتان مصر وبدأت غاراتهما الجوية على القاهرة والقناة والإسكندرية. وأصبحت مصر تحارب في جبهتي سيناء والقناة، فأصدر جمال عبد الناصر الأوامر بسحب جميع القوات المصرية من صحراء سيناء إلى غرب قناة السويس. وفي 5 نوفمبر بدأت عملية غزو مصر من جانب القوات البريطانية والفرنسية من بورسعيد، التي تم ضربها بالطائرات والقوات البحرية تمهيداً لعمليات الإنزال الجوي بالمظلات.

قاومت بورسعيد الاحتلال بضراوة وكفاح واستبسال هز ضمير العالم وحركه ضد القوات البريطانية والفرنسية. ودارت معارك عنيفة بين قوات الاحتلال وقوات المقاومة الشعبية ظهرت خلالها أمثلة مشرفة للعديد من أبطال المقاومة مثل السيد عسران ومحمد مهران. وساندت الدول العربية مصر أمام العدوان وقامت بنسف أنابيب البترول، ومنعوا وصوله إلى بريطانيا وفرنسا، وفي 2 نوفمبر اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بإيقاف القتال، وفي اليوم التالي وجه الاتحاد السوفيتي إنذاراً إلى بريطانيا وفرنسا، وأعلن عن تصميمه لمحو العدوان بالقوة، إذا لم تتراجع الدولتان عن موقفهما، كما استهجن رد الفعل الأمريكي العدوان على مصر، فأدى هذا الضغط الدولي مجتمعاً إلى وقف التغلغل الإنجليزي الفرنسي، وقبولهما وقف إطلاق النار ابتداء من 7 نوفمبر، وخضعت الدولتان للأمر الواقع، وفي 19 ديسمبر أنزل العلم البريطاني من فوق مبنى هيئة قناة السويس ببورسعيد، تلا ذلك انسحاب القوات الفرنسية والإنجليزية من بورسعيد في 22 ديسمبر، وفي 23 ديسمبر تسلمت السلطات المصرية مدينة بورسعيد واستردت قناة السويس. وهو التاريخ الذي اتخذته المدينة عيداً قومياً لها أو "عيداً للنصر".

حرب 1967
في 5 يونيو 1967 وصلت قوات الاحتلال الإسرائيلية إلى الضفة الشرقية للقناة وساحل البحر الأحمر وحتى جنوب بورفؤاد الذي كان يمثل أحد أحياء بورسعيد وقتها. في صباح 1 يوليو 1967 تقدمت قوات إسرائيلية على امتداد الضفة الشرقية للقناة بغرض الوصول إلى حي بورفؤاد المواجه لمدينة بورسعيد على الجانب الآخر للقناة واحتلاله، وتهديد بورسعيد ووضعها تحت رحمة الاحتلال الإسرائيلي، وكانت بورفؤاد هي المنطقة الوحيدة في سيناء التي لم تحتلها إسرائيل أثناء حرب 1967، وعندما وصلت القوات الإسرائيلية إلى منطقة رأس العش جنوب بورفؤاد وجدت قوة مصرية محدودة من قوات الصاعقة عددها ثلاثون مقاتلاً مزودين بالأسلحة الخفيفة، في حين كانت القوات الإسرائيلية تتكون من عشر دبابات مدعمة بقوة مشاة ميكانيكية في عربات نصف مجنزرة، وحين هاجمت قوات الاحتلال قوات الصاعقة المصرية تصدت لها الأخيرة وأنزلت بها خسائر كبيرة في المعدات والأفراد أجبرتها على التراجع جنوباً. وعندما حاول جيش الاحتلال الهجوم مرة أخرى، فشل في اقتحام الموقع بالمواجهة أو الالتفاف من الجنب، وكانت النتيجة تدمير بعض العربات نصف المجنزرة وزيادة خسائر الأفراد، فاضطرت قواته للانسحاب ولم تحاول إسرائيل احتلال بورفؤاد مرة أخرى وظلت في أيدي القوات المصرية حتى قيام حرب أكتوبر 1973، وظلت مدينة بورسعيد وميناؤها بعيدين عن التهديد المباشر لإسرائيل، ولتكون معركة رأس العش هي البداية لحرب الاستنزاف.

حرب الاستنزاف
Crystal Clear app kdict.png مقالات مفصلة: حرب الاستنزافعملية المدمرة إيلات
شاركت قاعدة بورسعيد البحرية في حرب الاستنزاف بأنشطة قتالية ضارية فشاركت الفرقاطة بورسعيد والمدمرة السويس في الدفاع عن قاعدة بورسعيد البحرية في الفترة من 2 يوليو 1967 إلى 19 أكتوبر 1967، والاشتراك في صد الهجوم على رأس العش بواسطة الفرقاطة بورسعيد بمساندة المدفعية الساحلية يومي 1 يوليو 1967 و8 يوليو 1967، وإغراق المدمرة إيلات باستخدام زورقين صواريخ يوم 21 أكتوبر 1967 الذي اختير عيداً للبحرية المصرية.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زياد علي

زياد علي محمد