الثلاثاء، 14 أبريل 2020

شركات تأمين السيارات

شركات تأمين السيارات

التأمين أو نِظَامُ التأمين أو الضَّمَان هو وسيلةٌ لِمُواجهة المخاطر التي يتعرَّض لها الإنسان في كيانه أو أمواله أثناء فترة حياته في سبيل التخفيف من وطأتها. جوهرُ هذه الوسيلة هو التعاون الذي يتحقق باشتراك الأشخاص المُعرَّضين لِذات الخطر في مُواجهة الآثار التي تنجم عن تحقيقه بالنسبة لِبعضهم، وذلك بدفع كل منهم لاشتراك أو لقسطٍ، وتُجمَّع المبالغ المُتحصِّلة ثُمَّ تُوزَّع على من تحلُّ بهم الكارثة. وبهذا تُحقق آثار الكارثة على المُشتركين في تحقيق هذا التعاون. فالتأمين هو واقعٌ عمليّ، وهو من أفضل الوسائل التي تُمكِّنُ الإنسان من التخفيف من آثار الكوارث، سواء وقعت هذه الكوارث بفعل الشخص نفسه، بتقصيرٍ منهُ أو بإهماله، أو بِفعل الغير. وهو وسيلةُ الأمان التي تتفق وروح العصر الحديث الذي كثُرت فيه مُتطلبات الحياة وازداد فيه خطر الآلة وأصبحت مخاطر التطوّر فيه واضحة.

كانت فعاليَّة التأمين، باعتباره الوسيلة الحديثة لِمُواجهة المخاطر وما تُرتبهُ من آثار، هي السبب الأبرز الذي أدَّى إلى ازدهاره، وتنوُّع مجالاته، وتطوُّره، وامتداده إلى المجالات المُختلفة، ليُؤمن الأفراد من كُلِّ خطرٍ يتعرَّضون له سواء في أموالهم أو أشخاصهم. وفعاليَّة التأمين أيضًا أدَّت إلى قيام بعض الدُول بِفرض بعض أنواعه ضمانًا لِحُصول بعضُ فئات الشعب على تعويضٍ عن وُقوع حادثٍ مُعيَّن.

ونظامُ التأمين يفترض وُجود أداة قانونيَّة تُنظِّم علاقة المُؤمِّن بالمُؤمَّن لهم، هي عقدُ التأمين. غير أنَّ التأمين لا يقتصر على هذا الجانب، فالتأمين بالإضافة إلى ذلك عمليَّة فنيَّة تستعين فيها شركاتُ التأمين بوسائل فنيَّة حتَّى تتمكَّن من تحقيق أهدافها في تغطية ما يقع من مخاطر، فهي تستعمل العناصر الفنيَّة اللَّازمة لِإدارة عمليَّات التأمين، كالقواعد المُستمدَّة من علم الإحصاء ونِظام المُقاصَّة بين المخاطر وتطبيق قانون الكِثرة، إضافةً إلى قواعد الإدارة الماليَّة. وبذلك تتمكَّن من تحقيق هدف تغطية المخاطر التي تُحيق بالمُؤمَّن لهم، وفي ذات الوقت يتمكَّن المُؤمِّن -شركة التأمين- من إدارة مشروع التأمين بما يُحقق أغراضه الاستثماريَّة، لِيُجني بعض الربح ويُساهم في تحقيق أغراض الاقتصاد القومي.
تعريف التأمين
في اللُغة
«التَّأْمِيْنُ» لُغةً من «أَمَّنَ»، والأمن ضدَّ الخوف، وهو يعني: سُكونُ القلب واطمئنانه وثقته. قيل: «وَأَصْلُ الأَمْنِ طَمَأْنِيْنَةُ النَّفْسِ وَزَوَالُ الخَوْفِ، وَالأَمْنُ وَالأَمَانَةُ وَالأَمَانُ فِي الأَصْلِ مَصَادِر، وَيُجْجَلُ الأَمَانُ تَارَةً اسْمًا لِلْحَالَةِ الَتِي يَكُونُ عَلَيْهَا الإِنْسَانُ فِي الأَمْنِ، وَتَارَةً اسْمًا لِمَا يُؤَمَّنُ عَلَيْهِ الإِنْسَانُ». وهو يُجمعُ على تَأْمِيْنَات.

التعريفات الفقهيَّة
تعدَّدت التعريفات الفقهيَّة للتأمين واختلفت فيما بينها. ويرجع ذلك بصفةٍ أساسيَّةٍ إلى أنَّ التأمين ينطوي على جانبين، الجانب الأوَّل قانوني، والآخر فني. فمن الفُقهاء من ركَّز على الجانب الأوَّل مُبرزًا أداة التأمين القانونيَّة، أي عقد التأمين، ومنهم من ركَّز على الجانب الفني للتأمين على حساب جانبه القانوني. فيما يذهب جمهور الفُقهاء إلى أنَّ التعريف الدقيق للتأمين يجب أن يتعرَّض لِجانبيه القانوني والفني، وإلَّا كان تعريفًا ناقصًا. والجانب القانوني للتأمين يتمثَّل في العلاقة بين المُؤمِّن والمُؤمَّن له، والتي تنشأ عن عقد التأمين الذي يربط بينهما. وهذه العلاقة تفترض أنَّ هُناك خطرًا، أو حادثًا، يُخشى وُقوعه للمُؤمَّن لهُ. فيسعى هذا الأخير لِتأمين نفسه من هذا الخطر، أو الحادث، وذلك عن طريق التعاقد مع المُؤمّن. وهو عادةً شركة التأمين. الذي يلتزم بتغطية هذا الخطر عند وقوعه، مقابل قسطٍ مُعيَّنٍ يلتزم بِدفعه المؤمَّن له. أمَّا الجانب الفني للتأمين، فيتجاوز تلك العلاقة الفرديَّة، ويتمثَّل في الأُسس الفنيَّة التي يستند إليها المُؤمّن في تغطية الخطر. ذلك أنَّ المُؤمِّن عند قيامه بتغطية الخطر المُؤمَّن منهُ لا يقبل ذلك على وجه المُضاربة، وإلَّا أصبح التأمين عمليَّة مُقامرة أو مُراهنة، وكان عقدًا غير مشروع، وإنَّما تقوم شركة التأمين بالتعاقد مع عددٍ كبيرٍ من المُؤمَّن لهم وتتقاضى من كُلٍّ منهم قسطًا مُعينًا بحيثُ أنَّهُ عند تحقق الخطر لِأحدهم، تقوم الشركة بِتعويضه بمجموعة الأقساط التي تتقاضاها من سائر المُؤمَّن لهم. وتقوم الشركة عند تحديد القسط الواجب على المُؤمَّن له دفعه بالاستعانة بِقوانين الإحصاء، بحيثُ يُمكنُ تحديده بدقَّة على نحوٍ لا يُعرِّضها للخِسارة أو لِخطرٍ جسيمٍ. ومُؤدّى ذلك أنَّ عمليَّة التأمين تقومُ على تعاون المُؤمَّن لهم لِمُواجهة الأخطار التي يتعرضون لها، ويكون دورُ المُؤمِّن إدارة هذا التعاون وتنظيمه، استنادًا إلى الأُسس الفنيَّة وقوانين الإحصاء. ومن هُنا يُمكنُ مُلاحظة ما يؤخذ على الكثير من التعريفات الفقهيَّة للتأمين.

عرَّف الفقيه الفرنسي مارسيل فرديناند پلانيول التأمين بأنَّهُ «عقدٌ يتعهَّد بِمُقتضاهُ شخصٌ يُسمّى المُؤمِّن أن يُعوِّض شخصًا آخر يُسمَّى المُؤمَّن لهُ عن خسارةٍ احتماليَّةٍ يتعرَّضُ لها هذا الأخير، مُقابل مبلغٍ من النُقود هو القسط الذي يقوم المُؤمّن له بدفعه إلى المُؤمِّن». وذهب جانبٌ من الفقه المصري في تعريف التأمين بأنَّهُ «عقدٌ يأخُذُ فيهِ المُؤمِّن على عاتقهِ طائفة مُعيَّنة من الأخطار، يخشى العاقدان وُقوعها، ويرغب المُستأمن ألَّا يتحمَّلها مُنفردًا، في مُقابل جعل يُسمّى قسط التأمين أو الاشتراك يدفعهُ المُستأمن». وقد أُخذ على هذين التعريفين وما شابههما، النظر إلى التأمين من ناحيته القانونيَّة فقط باعتباره عقدًا يتمُّ بين شخصين هُما المُؤمِّن والمُؤمَّن لهُ، وإغفاله الناحية الفنيَّة للتأمين والأُسس الفنيَّة التي تقوم عليها عمليَّة التأمين، وعدم إبرازه لفكرة التعاون بين المُؤمَّن لهم. كما أُخذ على هذا التعريف أيضًا أنَّهُ ليس تعريفًا جامعًا، فهو يُقيِّمُ التأمين على أساس أنَّهُ يؤدّي إلى تعويض المُؤمَّن لهُ عن خسارةٍ احتماليَّةٍ، فهذا الوصف لا يصدق إلَّا على التأمين من الأضرار، كالتأمين ضدَّ الحريق أو ضدَّ السرقة.

وأراد بعض الفقهاء وضع تعريفٍ للتأمين يجمع بين جانبيه الفني والقانوني، فعرَّفوه بأنَّهُ: «عمليَّة فنيَّة تُزاولها هيئاتٌ مُنظمةٌ مُهمتها جمع أكبر عددٍ مُمكن من المخاطر المُتشابهة، وتحمُّل تبعتها عن طريق المُقاصة وفقًا لِقوانين الإحصاء، ومن مُقتضى ذلك حُصول المُستأمن أو من يُعينه، حال تحقق الخطر المُؤمَّن منه، على عوضٍ ماليٍّ يدفعهُ المُؤمِّن في مُقابل وفاء الأوَّل الأقساط المُتفق عليها في وثيقة التأمين». وأُخذ على هذا التعريف أنَّهُ اهتمَّ بإبراز الجانب الفني لِفكرة التأمين أكثر من اهتمامه بالجانب القانوني لِهذه الفكرة، كما أُخذ عليه أيضًا النقصُ في بعض الإيجاز. وفي مُحاولةٍ لِإبراز جانبيّ التأمين، الفني والقانوني، على قدم المُساواة، اتَّجه بعضُ الفُقهاء الفرنسيين إلى وضع تعريفٍ قانونيٍّ للتأمين يليه التعريف الفني لِهذه العمليَّة. حيثُ يرى هؤلاء الفُقهاء أنَّ التعريف القانوني لِعقد التأمين يُصبح لا معنى لهُ ما لم يُكمَّل بتعريفٍ فنيٍّ لِعمليَّة التأمين. وعلى ضوء ذلك عرَّفت الفقيهة إيڤون لامبرت فاڤر التأمين على النحو التالي:

التعريف القانوني: التأمين عقدٌ بِمُقتضاهُ يحصلُ المُستأمن على تعهّد المُؤمِّن بِأداءٍ مُعيَّن في حالة تحقق الخطر، مُقابل مبلغٍ مُعيَّنٍ يُسمّى القسط أو الاشتراك.
التعريف الفني: التأمين هو عمليَّةٌ بِمُقتضاها يتولّى المُؤمّن تنظيم التعاون بين عددٍ من المُؤمَّن لهم يتعرَّضون لِمخاطر مُعيَّنة، ويقوم بتعويض من يتحقق الخطر بالنسبة له من بينهم بفضل الرصيد المُشترك للأقساط التي يجمعها منهم.
كان للتعريف الأخير الفضل في إبراز جانبيّ عمليَّة التأمين ووضعها على ذات المُستوى من الأهميَّة، دون تغليب لِأحدهما على الآخر. ورُغم ذلك فإنَّهُ يؤخذ عليه الفصل بين جانبيّ التأمين في تعريفين مُستقلين على نحوٍ قد يوحي بأنَّ الأمر يتعلَّق بشيئين مُنفصلين، مع أنَّ الحقيقة خِلاف ذلك، فالمقصود وضع تعريف للتأمين وهو عمليَّة واحدة وإن تعددت جوانبها. لذلك فضَّل جمهور الفُقهاء وضع تعريفٍ واحدٍ للتأمين يُحيطُ في ذات الوقت بجانبيه القانوني والفني. ولذلك فقد ساد في الفُقه الفرنسي تعريف الفقيه جوزف هيمار للتأمين، حيثُ عرَّفهُ بأنَّهُ: «عمليَّةٌ يحصلُ فيها أحد الطرفين، وهو المُؤمَّن له، نظير قسطٍ يدفعهُ على تعهّد الطرف الآخر وهو المُؤمّن، بأداءٍ مُعيَّنٍ عند تحقق الخطر المُتفق عليه من الطرف الآخر، وهو المُؤمِّن، تعهُّدٍ بِمُقتضاه يدفعُ هذا الأخير أداءً مُعينًا، وذلك بأن يأخذ المُؤمَّن على عاتقه مجموعةٌ من المخاطر، ويُجري بينها المُقاصَّة طبقًا لِقوانين الإحصاء». ويؤيِّد غالبيَّة الفُقهاء في الدُول ذات النظام القانوني اللاتيني (الفرنسي) هذا التعريف.

التعريفات التشريعيَّة
يُقصدُ بالتعريف التشريعي للتأمين ذلك التعريف الذي وضعهُ المُشرعون في دولةٍ ما، لذا فهو قد يختلف شكلًا بين دولةٍ وأُخرى، دون أن يختلف جوهرًا. فالفرق بين تعريف المُشرّع المصري والمُشرّع اللُبناني للتأمين على سبيل المِثال يكمن في المُصطلحات المُستخدمة. فالمُشرِّع اللُبناني يستخدم مُصطلح «الضمان» بدلًا من «التأمين»، و«الضامن» بدلًا من «المؤمِّن»، و«المضمون» بدلًا من «المُؤمَّن لهُ». ويُراعى أنَّ السائد في القوانين العربيَّة استخدام مُصطلح التأمين، ومؤمِّن ومُؤمَّن لهُ. ومن الأمثلة على التعريفات التشريعيَّة:

تعريف القانون المصري: عرَّفت المادَّة 747 من التقنين المدني المصري التأمين بأنَّهُ: «عَقْدٌ يَلْتَزِمُ المُؤمِّنُ بِمُقتَضَاهُ أن يُؤدّيَ إلى المُؤَمَّن لَهُ أو إلى المُسْتَفِيد الذي اشتُرِطَ التَأمِينُ لِصَالِحِهِ مَبْلَغًا مِنَ المَالِ أو إيَرادًا مُرتِبًا أو أيِّ عَوَضٍ مَالِيٍّ آخَرَ في حَالَةِ وُقُوعِ الحَادِثِ أو تَحَقُقِ الخَطَرِ المُبَيَّنِ بِالعَقدِ، وَذَلِكَ في نَظِيْرِ قِسْطٍ أو أيَّةِ دَفْعَةٍ مَالِيَّةٍ أُخرَى يُؤدِّيهَا المُؤمَّن لَهُ لِلمُؤمِّن».
تعريف القانون اللُبناني: عرَّفت المادَّة 950 من قانون المُوجبات والعُقود الضَّمان بأنَّهُ: «عَقْدٌ بِمُقتَضَاهُ يَلْتَزِمُ شخْصٌ (يُقَالُ لَهُ الضَّامِن) بَعْضُ المُوجِبَاتِ عِندَ نُزُولُ بَعْضُ الطَّوَارِئ بِشَخْصِ المَضمُونِ أو بِأَمْوَالِهِ، مُقَابِلَ دَفْعِ بَدَلٍ يُسمَّى القِسْط أو الفَرِيضَة».
تعريف القانون السوري: عرَّفت المادَّة 713 من القانون المدني السوري التأمين بأنَّهُ: «عَقْدٌ يُلْزِمُ المُؤمِّنُ بِمُقتَضَاهُ وَذَلِكَ لِقاءَ قِسْطٍ أو أيِّ دَفْعَةٍ مَالِيَّةٍ أُخْرَى يُؤدِّيهَا المُؤَمَّن لَهُ لِلمُؤمِّن».
تعريف القانون الكويتي: عرَّفت المادَّة 773 من القانون المدني الكويتي التأمين بأنَّهُ: «عَقْدٌ يَلْتَزِمُ المُؤمِّنُ بِمُقتَضَاهُ أن يُؤَدِّي إلى المُؤَمَّن لَهُ أو المُسْتَفيد مَبْلَغًا مِنَ المَالِ أو إيرَاد مُرَتَبًا أو أيِّ عَوَضٍ مَالِيٍّ آخر في حالَةِ وُقُوعِ الحَادِثِ أو تَحَقُقِ الخَطَرِ المُبَيَّنِ بِالعَقْدِ وَذَلِكَ في نَظِيْرِ مُقَابِلٍ نَقْدِيٍّ يُؤدِّيهِ المُؤَمَّن لَهُ لِلمُؤمِّن».
تعريف القانون الأُردني: عرَّفت المادَّة 920 من القانون المدني الأُردني التأمين بانَّهُ: «عَقْدٌ يَلْتَزِمُ بِهِ المُؤمِّنُ أن يُؤدّيَ إلى المُؤَمَّن لَهُ، أو إلى المُسْتَفِيد الذي اشتُرِطَ التَأمِينُ لِصَالِحِهِ مَبْلَغًا مِنَ المَالِ أو إيَرادًا مُرتِبًا أو أيِّ عَوَضٍ مَالِيٍّ آخَرَ في حَالَةِ وُقُوعِ الحَادِثِ المُؤمَّن ضِدَّهُ، أو تَحَقُقِ الخَطَرِ المُبَيَّنِ بِالعَقْدِ وَذَلِكَ مُقَابِلَ مَبْلَغٍ مُحَدَّدٍ أو أَقْسَاطٍ دَوْرِيَّةٍ يُؤدِّيهَا المُؤَمَّن لَهُ إلى المُؤمِّن».
تعريف القانون الجزائري: عرَّفت المادَّة 619 من القانون المدني الجزائري التأمين بأنَّهُ: «عَقْدٌ يُلْزِمُ المُؤمِّنُ بِمُقتَضَاهُ أن يُؤدّيَ إلى المُؤَمَّن لَهُ، أو إلى المُسْتَفِيد الذي اشتُرِطَ التَأمِينُ لِصَالِحِهِ أو إيَرادًا مُرتِبًا أو أيِّ عَوَضٍ مَالِيٍّ آخَرَ في حَالَةِ وُقُوعِ الحَادِثِ أو تَحَقُقِ الخَطَرِ المُبَيَّنِ بِالعَقْدِ وَذَلِكَ مُقَابِلَ قِسْطٍ أو أيِّ دَفْعَةٍ مَالِيَّةٍ أُخْرَى يُؤدِّيهَا المُؤَمَّن لَهُ لِلمُؤمِّن».
تعريف القانون الإيراني: عرَّفت المادَّة الأولى من قانون التأمين الإيراني نظام التأمين بأنَّهُ: «عَقْدٌ يَلْتَزِمُ فِيْهِ أَحَدُ الطَرَفَيْنِ بِأن يُعَوِّضَ الخَسَائِرَ الّلاحِقَة بِالطَرَفِ الآَخَرِ أو يَدْفَعَ لَهُ مَبَالِغَ مُحَدَّدَة عِنْدَ وُقُوْعِ الأَحْدَاثِ وَذَلِكَ إِزَاءَ دَفْعِ المَبْلَغِ أو المَبَالِغَ التي يَدْفَعُهَا الطَّرَفُ الآَخَرَ. هَذَا وَيُدْعَى المُلْتَزِمُ "المُؤَمِّنُ" وَطَرَفُ الالتِزَامِ "مُؤمَّن" كَمَا يُدْعَى المَبْلَغ الذي يَدْفَعَهُ مُؤمَّن لِلمُؤَمِّنُ "قِيمَةُ التَأْمِينُ" وَيُدْعَى مَا يُؤمَّنُ "مَوْضُوْعُ التَأمِيْنُ».
التاريخ
الأشكال والأساليب الأولى
تُشيرُ الدلائل والمُكتشفات الأثريَّة إلى أنَّ بعض التُجَّار القُدماء في بابل والصين اتبعوا أشكالًا من نظام نقل أو توزيع المخاطر مُنذُ الألفيتين الثالثة والثانية قبل الميلاد. فالتُجَّار الصينيّون المُتنقلون الذين كانوا يُسافرون عبر مجاري النهر السريعة الخطيرة، كانوا يُوزعون سلعهم في سُفنٍ عديدةٍ للحد من الخسارة بحال انقلبت السفينة أو غرقت أو سُرقت. وطوَّر البابليّون نظامًا للضمان ورد ذِكره في شريعة حمورابي الشهيرة حوالي سنة 1750 ق.م، كان يُطبَّقُ في بلاد ما بين النهرين وفي بعض بُلدان حوض البحر المُتوسِّط. ووفقًا لِهذا النظام، فقد كان يحقُّ للتاجر الذي استلف مبلغًا من المال لِتمويل تجارته أن يدفع للدائن مبلغًا إضافيًّا لِقاء ضمانة الأخير أن يُلغي القرض بحال ضاعت حُمولة البضائع أو سُرقت في البحر.

وفي الألفيَّة الأولى ق.م، ابتكر أبناء جزيرة رودس نظامًا تأمينيًّا عُرف باسم «المُتوسّط العام»، بحيثُ كانت مجموعةٌ من التُجَّار تدفعُ مبلغًا من المال لِضمان شحن بضائعها في ذات الوقت في السفينة ذاتها. وكانت الأقساط المجموعة تُستخدم لِإيفاء دُيون أي تاجرٍ تضررت بضائعه، أو فُقدت أثناء الشحن، سواء أكان السبب عاصفة أم الغرق.

ابتُكرت عُقودُ التأمين الخاصَّة أو المُنفصلة (مثل بوليصات التأمين غير المُثقلة بالقُروض أو الدُيون أو أي شكلٍ آخر من أشكال العُقود) في جُمهوريَّة جنوة خِلال القرن الرَّابع عشر الميلاديّ، وأوَّلُ عقد تأمينٍ مكتوب معروف فيها يرجعُ إلى سنة 1347م. وفي القرن التالي تطوَّرت فكرة التأمين تطوُرًا ملحوظًا، وانتشرت بين تُجَّار المُدن الإيطاليَّة، واختلفت أقساطها اختلافًا حدسيًّا باختلاف المخاطر المُتوقعة. سمحت عُقودُ التأمين الحديثة هذه بفصل التأمين عن الاستثمار لأوَّل مرَّة في التاريخ، وقد أثبت هذا الفصل جدواه بدايةً بالتأمين البحري.

التأمين المُعاصر
من المُسلَّم به بين الشُرَّاح أنَّ التأمين البحري كان أوَّل صورة ظهرت للتأمين الحديث بمعناه السالِف الذِكر، وذلك في القرن الرَّابع عشر الميلاديّ إثر ازدهار التجارة البحريَّة وانتشارها بين المُدن الإيطاليَّة ودُول حوض البحر المُتوسِّط. ويرجع انتشار التأمين البحري إلى عقد القرض البحري المُسمّى «عقد المخاطر الجسيمة». وهو نوعٌ من العُقود كان ذائعًا من قبل في روما وأثينا. وبِمُقتضى هذا العقد يقترض صاحب السفينة مبلغًا من المال لِإصلاحها وتجهيزها، أو يحصل بِمُقتضاه صاحب الشحنة على مبلغٍ يوفي به ثمن البضاعة التي تتكوَّن منها الشحنة، وتكون السفينة أو شحنتها في الحالتين ضامنة لاسترداد مبلغ القرض وفوائده. ويتضمَّن هذا الاتفاق أيضًا شرطًا يقضي بأنَّهُ إذا غرقت السفينة أو أصاب شُحنتها تلف، لا يسترد المُقرض شيئًا، أمَّا إذا وصلت سالمة، التزم المُقترض بِرد مبلغ القرض مع فائدته الباهظة. غير أنَّ الكنيسة الكاثوليكيَّة اعتبرت أنَّ هذا العقد غير شرعي لِما يتضمَّنه من فوائد مُحرَّمة في العقيدة المسيحيَّة، فحرَّمت اشتراط الفائدة في جميع القُروض ومنها القرض البحري، وقد تمَّ ذلك بمُقتضى مرسومٍ من البابا گريگوري التَّاسع سنة 1234م. أدَّت فتوى الكنيسة سالِفة الذِكر إلى ظُهور نظامٍ جديد، يقترب إلى حدٍ بعيدٍ من عقد التأمين بمعناه الحالي، لِمُواجهة المخاطر البحريَّة. وقد تمثَّل هذا النظام في عقد بيعٍ مُعلَّق على شرطٍ فاسخ بِمُقتضاه يتَّفق شخص على شراء السفينة وما عليها من البضاعة بِثمنٍ يدفعهُ هذا المُشتري (المُؤمِّن) إذا لم تصل البضاعة سالمة، وهذا العقد كان يتضمَّن شرطًا فاسخًا، بِمُقتضاهُ يكونُ البيعُ مفسوخًا إذا وصلت السفينة لِميناء الوُصول، مع تعهُّد صاحب السفينة، وهو في نفس الوقت البائع والمُؤمَّن لهُ، بدفع مبلغٍ مُعيَّنٍ للمُشتري مُقابل تحمُّلهُ هذه المُخاطرة. ويرى الشُرَّاح أنَّ عناصر عقد التأمين الأساسيَّة قد وُجدت خِلال تطوُّر هذه العمليَّة، فهُناك العوض المالي الذي يجب دفعه عند وُقوع الكارثة، وهُناك القِسط وهو مُقابل تحمُّل الخطر، وكذلك الخطر المُؤمَّن منهُ.
أمَّا فيما يتعلَّق بالتأمين البرّي فقد تأخَّر ظُهوره إلى القرن السَّابع عشر الميلاديّ. ففي هذا القرن، وتحديدًا سنة 1666م، اندلع حريقٌ هائلٌ في لندن دمَّر كاتدرائيَّة القدّيس بولس الكبيرة و89 كنيسة وأكثر من 13,000 منزل. ولم توجد أي وسيلة لِتعويض الخسائر الناجمة عن هذا الحريق. وقد دفع هذا إلى ظُهور الحاجة إلى التأمين البرّي، فظهرت صورته الأولى في شكل التأمين ضدَّ الحريق، وقد أشار المُهندس السير كريستوفر رن إلى تخصيصه موقعًا «لِمكتبٍ تأميني» في مخطوطة إعادة إعمارها سنة 1667م. بعد ذلك جرت عدَّة مُحاولات لوضع نظامٍ تأمينيّ مُعين، يقي الناس من خطر الحرائق، إلَّا أنَّ أيًّا منها لم يُكتب له النجاح، ولكن في سنة 1681م أقدم الاقتصادي نِقولا باربون على تأسيس أوَّل شركة تأمين ضدَّ الحريق بالتعاون مع أحد عشر شخصًا، وأُطلق عليها تسميه «مكتب التأمين للدُور» (بالإنگليزيَّة: The Insurance Office for Houses)، وأبرم حوالي 5,000 صاحب منزل عقودًا معها. ومن إنگلترا انطلقت فكرة التأمين ضدَّ الحريق إلى كثيرٍ من البُلدان منها فرنسا، والتي تكوَّنت فيها أوَّل شركة لِتأمين مخاطر الحريق في سنة 1750م. ويُلاحظ أنَّ التأمين ضدَّ خطر الحريق كان في البداية مقصورًا على العقارات فقط دون المنقولات، ولكن تطوّر الأمر أدّى إلى شمله إيَّاها أيضًا. وشهدت نهاية القرن الثامن عشر الميلاديّ انتشار التأمين ضدَّ الحريق في البلاد الأوروپيَّة والأمريكيَّة بِكافَّة خصائصه القانونيَّة والفنيَّة المعروف بها الآن.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زياد علي

زياد علي محمد