الأحد، 19 أبريل 2020

ليبيا

ليبيا

ليبيا أو (رسمياً: دولة ليبيا)، هي دولة عربية تقع في شمال أفريقيا يحدها البحر المتوسط من الشمال، ومصر شرقا والسودان إلى الجنوب الشرقي وتشاد والنيجر في الجنوب، والجزائر، وتونس إلى الغرب. وتبلغ مساحتها ما يقرب من 1.8 مليون كيلومتر مربع (700،000 ميل مربع)، وتعد ليبيا رابع أكبر دولة مساحةً في أفريقيا، وتحتل الرقم 17 كأكبر بلدان العالم مساحةً. وتحتل المرتبة التاسعة بين عشر دول لديها أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة لبلدٍ في العالم.

عاصمة ليبيا هي طرابلس والتي تعد أيضا أكبر مدن البلاد. تقع في غرب ليبيا ويسكنها أكثر من مليون نسمة من إجمالي عدد سكان البلاد الذي يتخطى ستة ملايين نسمة. أما ثاني أكبر مدينة فهي بنغازي، وتقع في شرق ليبيا بعدد سكان يصل إلى 700،000 نسمة.

سجلت ليبيا أعلى مؤشر للتنمية البشرية في أفريقيا ورابع أعلى ناتج محلي إجمالي في القارة لعام 2009، بعد السيشيل، وغينيا الاستوائية والغابون. وهذا يعود لاحتياطياتها النفطية الكبيرة ووتعدادها السكاني المنخفض. وليبيا عضو في عدد من المنظمات والتجمعات الإقليمية والدولية من بينها الأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، واتحاد المغرب العربي، وجامعة الدول العربية، وحركة عدم الانحياز، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمة الدول المصدرة للنفط وكوميسا.

سُكنت ليبيا من قبل البربر منذ العصر البرونزي المتأخر. قام الفينيقيون بتأسيس مراكز تجارية في غرب ليبيا، فيما قام الإغريق اليونانيون القدماء بإنشاء مدن دول في شرق ليبيا. حُكمت ليبيا لفترات مختلفة من قبل الفرس والمصريين والإغريق قبل أن تصبح جزءا من الإمبراطورية الرومانية. وكانت ليبيا مركزا مبكراً لمسيحية. بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية الغربية قام الوندال باحتلال غرب ليبيا حتى القرن السابع الميلادي، عندما وصلت الغزوات والفتوحات العربية ودخل الإسلام. في القرن السادس عشر قامت الإمبراطورية الإسبانية وفرسان القديس يوحنا باحتلال مدينة طرابلس، تلاها فترة حكم العثمانيين في 1551. انخرطت ليبيا في حروب الساحل البربري في القرنين ال18 وال19 تحت الحكم المستقل للأسرة القرمانلية ليعود الإحتلال العثماني ولينتهي بتوقيع إتفاقية بين العثمانيين وإيطاليا لتبدأ فترة الإحتلال الإيطالي لتصبح مستعمرة ليبيا الإيطالية من 1911 إلى 1943. ومع عقد اتفاقيات من قبل المستعمر الإيطالي لولاية طرابلس الغرب كالإتفاق مع فرنسا بتخلي عن بعض الأراضي من مستعمرتها الجزائرية عام 1919واتفاق مع السودان الإنجليزي المصري كذلك في عام 1919 واتفاق مع المملكة المصرية عام 1926 بالحد بين البلدين عند خط الطول 25° درجة شرقًا مكونةً حدود ليبيا الدولية الحالية. خلال الحرب العالمية الثانية ليبيا كانت موقعاً هاما للحرب في حملة شمال أفريقيا. وهنا بدأت الكثافة السكانية من الإيطاليين بالإنخفاض. أصبحت ليبيا مملكة مستقلة في عام 1951.

في عام 1969، أطاح إنقلاب عسكري بالملك إدريس الأول، لتبدأ فترة من التغيير الإجتماعي الجذري. أبرز قادة الانقلاب معمر القذافي، كان قادراً في نهاية المطاف على تركيز السلطة بين يديه بشكل كامل أثناء ما عرفت (بالثورة الثقافية الليبية)، ليظل في السلطة حتى اندلاع الحرب الأهلية الليبية أو ماعرفت باسم ثورة 17 فبراير عام 2011، حيث تم دُعِمَ الثوار من قبل حلف شمال الاطلسي. منذ ذلك الحين شهدت ليبيا كمّاً من عدم الإستقرار والعنف السياسي والتي أثّرت بشدة على كل من الإقتصاد وإنتاج النفط. كما أصبحت ممراً رئيسيّاً لما يعرف بالهجرة غير الشرعية عن طريق شبكات الإتجار بالبشر التي تستغل اللاجئين الفارين من الحروب في أفريقيا والشرق الأوسط إلى أوروبا وهو ما دفع بالإتحاد الأوروربي بالقيام بعمليات بحريّة قرب السواحل الليبية للحد منها.

تتصارع على الأقل جهتان رئيسيتان على حكم ليبيا، ففيما اعتبر مجلس النواب والحكومة المؤقتة التابعة له دوليا كجهة وحكومة شرعية في البلاد، لكن ليس لديه سلطة على العاصمة والمناطق المحيطة بها، عوضاً عن ذلك يجتمع في طبرق في أقصى شرق البلاد. وفي الوقت نفسه، زَعَم ماسمّي المؤتمر الوطني العام الجديد استمرار وجوده القانوني كمُكمّل المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته والذي جرى حله بعد انتخابات يونيو 2014 ولكنه عاود الإنعقاد من قبل أقلية من أعضائه. وظل هذا الوضع حتى توقيع إتفاق سياسي عُرف باسم اتفاق الصخيرات في المغرب. أعلنت المحكمة العليا في طرابلس والتي تسيطر عليها ميليشيات فجر ليبيا والمؤتمر الوطني العام أعلنت أن مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق (غير دستوري) وكذلك الحكومة المؤقتة المنبثقة عنه في نوفمبر 2014، ولكن الحكومة المعترف بها دوليا رفضت الحكم الذي أعلن أنه تم تحت التهديد بالعنف. أجزاء من ليبيا هي خارج سيطرة أيّاً من الحكومتين، حيث تقوم بعض الميليشيات القبلية والإسلاميين والمتمردين بإدارة بعض المدن والمناطق. قامت الأمم المتحدة برعاية محادثات السلام بين الفصائل المتمركزة في طبرق وطرابلس. تم توقيع إتفاقية لتشكيل حكومة مؤقتة موحدة في 17 ديسمبر 2015. وبموجب شروط الإتفاق، فإن مجلس الرئاسة مكون من تسعة أعضاء فيما الحكومة المؤقتة والتي أطلق عليها إسم حكومة الوفاق الوطني، تشكل من 17 وزيراً، بهدف إجراء إنتخابات جديدة في غضون سنتين. في 5 أبريل 2016 وصل أعضاء الحكومة الجديدة إلى طرابلس. لكن ظل الخلاف قائمًا بخصوص بعض بنود الإتفاق ليظل الإنقسام السياسي والمؤسساتي في البلاد بحكومتين هما الحكومة الليبية المؤقتة في البيضاء بدعم من مجلس النواب في طبرق والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس
أصل التسمية
وردت في المصادر اللاتينية واليونانية باسم لِيبِيا نسبة إلى قبيلة الليبو التي سكنت هذه المنطقة منذ آلاف السنين، وعند المؤرخين المسلمين صفح الاسم القديم إلى لوبِيَا  أو لوبِيَة ، تاريخيًا أطلق اسم ليبيا على الإقليم الواقع في شمال أفريقيا والممتد من غرب النيل الى المحيط الأطلسي
هاجر الإغريق من جزيرة كريت حوالي القرن الثامن قبل الميلاد ليؤسسوا المدن الخمس الإغريقية (البنتابوليس) في قورينائية (سيرينايكا)، وهي المدن الأكثر ازدهارا في أفريقيا في ذلك العصر.

السجلات التاريخية الموجودة تشير إلى أن ليبيا كانت مأهولة قديما بقبائل البربر، أما الساحل الغربي فقد قطنه الفينيقيون الذين هاجروا من ساحل المتوسط الغربي بدء من القرن العاشر قبل الميلاد. في القرن السادس قبل الميلاد صعد نجم قرطاج كدولة ذات قوة ومكانة على المتوسط، واستمرت قرطاج حتى سقوطها بيد الرومان في القرن الثاني قبل الميلاد.

في القرن الخامس بعد الميلاد أصبحت ليبيا في قبضة الوندال ومن ثم تحت سيطرة البيزنطيين في القرن السادس للميلاد. وفي القرن السابع للميلاد دخلها العرب المسلمون. أهم السلالات التي حكمتها وحققت عصورا مزدهرة كانت الأغالبة في القرن التاسع الميلادي، والزيريون بدء من سنة 972 م، وهم من أصول بربرية تابعين للفاطميين.

في عام 1050م، تمرد الزيريون على خلافة الفاطميين ذو المذهب الشيعي في القاهرة ليتبنوا المذهب المالكي، مما أغضب الفاطميين ودفعهم لإرسال قبائل بني هلال للقضاء على بني زيري الصنهاجيين.

في عام 1146م بعد توسعات مملكة صقلية في نابولي وجزيرتي مالطا وغودش وجزيرة كورفو وغزو تونس، قاموا بقيادة جورج الأنطاكي مع أسطول كبير قادم من تراباني بإحتلال قلعة طرابلس وساحل المنطقة الغربية بين قلعة طرابلس وتونس، واللتي بقيت حتى قرابة نهاية القرن تحت حكم صقلية.

في عام 1510 احتل الأسبان قلعة طرابلس وبقوا على هذا الحال غير متجاوزين أسوار القلعة ومضطرين إلى استجلاب كل حاجياتهم من الخارج بسبب حصارات العرب بين الحين والأخر.

في عام 1531 سلم الأسبان قلعة طرابلس إلى فرسان القديس يوحنا بعد خطاب الأب فيليب فليير دى ليسل آدام (Fra Filippo Villiers de L'Isle Adam) لشارل الخامس إمبراطور المملكة الرومانية المقدسة بأن يقتطع للمنظمة جزيرة مالطا وقوزو لتكون مركزًا لهم حتى ينتقلون إلى قاعدة أكثر ملائمة لهم فوافق الملك شرط أن تتعهد المنظمة بالدفاع عن قلعة طرابلس.

العهد العثماني
في عام 1551 حاصر العثمانيون بقيادة سنان باشا قلعة طرابلس حصارًا دام 6 أيام حتى استسلم فرسان القديس يوحنا وهكذا بدأت الإدارة العثمانية بإنشاء إيالة طرابلس الغرب (تمييزًا عن إيالة طرابلس الشام) ومركزها قلعة طرابلس. وعقب إصلاحات إدارية عام 1864 استبدلت الإيالة بولاية طرابلس الغرب.

فترة الاستعمار الإيطالي
بعد الحرب الإيطالية التركية (1911-1912)، تحولت إيطاليا في وقت واحد في المناطق الثلاث في المستعمرات. من 1912-1927، أراضي ليبيا كان يعرف الإيطالية شمال أفريقيا. من 1927-1934، تم تقسيم أراضي المستعمرات إلى قسمين، الإيطالية برقة وطرابلس الإيطالية، التي يديرها حكام الإيطالية. بعض 150،000 الإيطاليين استقروا في ليبيا، التي تشكل حوالي 20 ٪ من مجموع السكان.

في عام 1934، اعتمدت إيطاليا الإسم التاريخي القديم للبلاد " ليبيا" (الذي استخدمه الإغريق لمناطق غرب وادي النيل وشمال أفريقيا) ليكون الإسم الرسمي للمستعمرة ( والتي تكونت من ثلاث مقاطعات قورينائية برقة لاحقًا،طرابلس وفزان). كما السنوسي (لاحقا الملك إدريس الأول). بقيادة إدريس المهدي أمير برقة، للمقاومة الليبية ضد الإحتلال الإيطالي بين الحربين العالميتين. قدر "إيلان بابيه" أن ما بين 1928 و1932 فإن العسكرية الإيطالية " قتلت نصف السكان في مناطق البدو العرب ( بشكل مباشر أو من خلال المرض والمجاعة في مخيمات ) فيما حدد المؤرخ "إميليو" غير اليهود ممن قضوا بحوالي 50،000 بسبب قمع المقاومة.

في أوائل عام 1941، وأثناء "عملية البوصلة"ط التي قامت بها القوات البريطانية، محاولة لدفع الإيطاليين من شمال أفريقيا. بعد خسارة كل من برقة، طلبت إيطاليا المساعدة الألمانية. تم حصار طبرق في أبريل عام 1941، حيث هزمت قوات رومل، وتلاها هزيمة خلال معركة العلمين الثانية؛ ونهاية الحملة في الصحراء الليبية.

من 1943-1951، كانت ليبيا تحت سيطرة الحلفاء. الجيش البريطاني قام بإدارة الإقليمين السابقين لليبيا الإيطالية طرابلس وبرقة، في حين أدارت فرنسا إقليم فزان. في عام 1944، عاد إدريس من المنفى في القاهرة لكنه رفض استئناف الإقامة الدائمة في برقة حتى إزالة بعض جوانب السيطرة الأجنبية في عام 1947. بموجب شروط معاهدة السلام 1947 مع الحلفاء، تخلت إيطاليا عن جميع مطالباتها بليبيا.

كان عمر المختار زعيم المقاومة ضد الإستعمار الإيطالي، وأصبح بطلا قوميا على الرغم من القبض عليه وإعدامه يوم 16 سبتمبر 1931. تمت طباعة وجهه في ليبيا على إحدى إصدارات ورقة العملة الوطنية الدينار الليبي.

إنقلاب (أيلول) سبتمبر 1969
أعلنت ليبيا استقلالها تحت إسم المملكة الليبية المتحدةفي 24 ديسمبر 1951، لتصبح دولة ذات نظام فيدرالي ملكي دستوري وراثي وتحت حكم الملك إدريس. تسبب إكتشاف إحتياطيات نفطية كبيرة في المملكة عام 1959 في تحولها من واحدة من أفقر دول العالم إلى دولة ثرية. فقد حسنت مبيعاتها من النفط بشكل كبير من الموارد المالية للحكومة الليبية.

في 1 سبتمبر عام 1969، نظمت مجموعة صغيرة من ضباط الجيش بقيادة ضابط الجيش البالغ من العمر 27 سنة معمر القذافي بانقلاب ضد الملك إدريس، وإطلاق ماعرفت لاحقًا باسم ثورة الفاتح من سبتمبر. وتمت الاشارة لـمعمر القذافي بوصفه "الأخ القائد أو مرشد الثورة" في التصريحات الحكومية والصحافة الليبية الرسمية.

في عام 1977، أصبحت ليبيا رسميًا "الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الإشتراكية" (أضيفت لها العظمى في 1986). حيث أعلن القذافي تسليمه السلطة رسميًا إلى اللجان الشعبية العامة، حيث ادعى أنه (من الآن فصاعدا لن يكون أكثر من رئيس صوري رمزي). لكن منتقدوه المحليين والدوليين قالوا أن مُنح سلطات مطلقة أو غير محدودة تقريبا. كما لم يُسمح بالمعارضة السياسية في النظام الجديد، وصل الأمر إلى اتخاذ إجراءات عقابية بما في ذلك عقوبة الإعدام التي أقرها القذافي نفسه. نظام "الجماهيرية" وهو هيكل الإدارة الجديدة التي شكلها اعتبر شكلًا من أشكال الديمقراطية المباشرة على الرغم من أن الحكومة رفضت نشر نتائج الإنتخابات في ذلك النظام.
في فبراير عام 1977، بدأت ليبيا تقديم إمدادات عسكرية إلى جوكوني عويدي وقوات الشعب المسلحة في تشاد. وبدأ الصراع التشادي الليبي بشكل جدي عندما تصاعد دعم ليبيا لقوات المتمردين في شمال تشاد إلى الغزو. في وقت لاحق من ذلك العام، خاضت ليبيا ومصر حربا حدودية استمرت أربعة أيام وعُرفت باسم الحرب الليبية المصرية، وافقت الدولتين على وقف إطلاق النار بوساطة من الرئيس الجزائري هواري بومدين. فقد المئات من الليبيين أرواحهم في الحرب الأهلية التي وقعت في تنزانيا، عندما حاول القذافي أن ينقذ صديقه عيدي أمين. القذافي قام أيضا ً بتمويل العديد من المجموعات الأخرى كالحركات المناهضة للأسلحة النووية ونقابات العمال الأسترالية.

من عام 1977 فصاعدًا، ارتفع نصيب الفرد من الدخل في البلاد ل أكثر من 11،000 دولار أمريكي، ليعد خامس أعلى دخل للفرد في أفريقيا، في حين أصبح مؤشر التنمية البشرية الأعلى في أفريقيا وأكبر من المملكة العربية السعودية. وتحقق هذا دون الإقتراض من القروض الأجنبية، كما حفظ ليبيا خالية من أي ديون. تم بناء النهر الصناعي العظيم الذي سمح بسهولة وصول المياه العذبة في أجزاء كبيرة من البلاد. وبالإضافة إلى ذلك، تم تقديم الدعم المالي للمنح الدراسية الجامعية وبرامج العمل.

أُنفق الكثير من إيرادات البلاد من النفط، التي ارتفعت في سبعينيات القرن العشرين، على مشتريات الأسلحة وعلى رعاية العشرات من القوات شبه العسكرية والجماعات الإرهابية في جميع أنحاء العالم. فشلت غارة جوية لقتل القذافي في عام 1986. تم وضع ليبيا تحت عقوبات دولية من الأمم المتحدة بعد تفجير رحلة طيران تجارية قتل مئات المسافرين.

تولى القذافي لقب تشريفي "ملك ملوك أفريقيا" في عام 2008 كجزء من حملته لإقامة "الولايات المتحدة الأفريقية". وفي أوائل 2010، بالإضافة إلى محاولة الإضطلاع بدور قيادي في الإتحاد الأفريقي، كونت ليبيا علاقات أوثق مع إيطاليا، إحدى مستعمريها السابقين، أكثر من أي بلد آخر في الإتحاد الأوروبي. ووفقًا لجريدة ذي إيكونوميست فان الأجزاء الشرقية من البلاد (دمرت إقتصاديا) بسبب النظريات الإقتصادية للقذافي.

ثورة 17 فبراير
وفي فبراير 2011 وبعد نجاح الثورة في كل من تونس ومصر في الإطاحة برئيسي الدولتين - قام ليبيون بالثورة على حكم العقيد معمر القذافي. بدأت الثورة في شكل مظاهرات سلمية غير أن وحدات مسلحة تابعة لمعمر القذافي تعاملت معها بعنف شديد واستخدمت أسلحة شبه ثقيلة في محاولة لقمع الثورة، مما نتج عنه تحول الثورة إلى "حرب مسلحة" خاصة بعد انضمام أعداد كبيرة من أفراد الشرطة والجيش الليبيين إلى الثورة الشعبية مثل اللواء عبد الفتاح يونس وزير الداخلية وقائد القوات الخاصة واللوء سليمان محمود آمر المنظقة الدفاعية طبرق وأغلب ضباط الجيش والشرطة بجبل نفوسه واستيلاء الثوار على الكثير من الأسلحة من معسكرات الجيش وأقسام الشرطة، وانشقاق العديد من المسؤولين في البعثات الدبلوماسية الليبية في الخارج. كما سقطت جميع المدن الشرقية وبعض المدن الغربية بالكامل تحت سيطرة الثوار وشكلوا فيها حكومة مؤقته برئاسة وزير العدل المستقيل مصطفى عبد الجليل. وبعد أن تمكنت قوات القذافي من الوصول إلى مشارف بنغازي معقل الثوار مرر مجلس الأمن قرارًا يقضي بفرض حظر جوي على ليبيا لحماية المدنيين في 10 فبراير 2011.

بين شهري أبريل وأغسطس من نفس السنة اقتصرت الحرب على مناطق مصراتة وجبل نفوسة في الغرب الليبي، بينما اتخذ المعارضون للقذافي في شرق البلاد مدينة بنغازي "عاصمة مؤقتة" لهم فقامت عدة دول بالإعتراف بهم كالممثلين الشرعيين للشعب الليبي. وفي أغسطس شن المعارضون هجوما على طرابلس من محور الزاوية وغيرها من المدن الساحلية بغية القضاء على حكم القذافي نهائيا، وحصل ذلك بالفعل مما أطاح بنظام القذافي وفراره عن مقر قيادته الشهير باب العزيزية واعتراف الأمم المتحدة بليبيا تحت حكومة المجلس الوطني الانتقالي برئاسة المستشار مصطفى محمد عبد الجليل. بحلول أكتوبر سقطت آخر معاقل القذافي في بني وليد وسرت وقتل القذافي مع أحد أبنائه في 20 أكتوبر عندما سقط آخر معاقله في سرت.

حقبة ما بعد الثورة
في 7 يوليو 2012، صوت الليبيون في أول انتخابات برلمانية منذ نهاية حكم القذافي. في 8 أغسطس 2012، سلم المجلس الوطني الانتقالي رسميا السلطة إلى المؤتمر الوطني العام المنتخب، والذي أسندت إليه مهمة تشكيل حكومة مؤقتة وصياغة دستور ليبيا الجديدة، غُيرت لاحقًا إلى انتخاب لجنة مستقلة (لجنة الستين) هي من ستقوم بوضع دستور للبلاد والذي سيتم الموافقة عليها في استفتاء عام.

في 25 أغسطس عام 2012 في ما "يبدو أنه الهجوم الطائفي الأكثر وضوحا" منذ نهاية القتال الذي تلا ثورة 17 فبراير، قام مهاجمين تابعون لمجموعة لم يذكر اسمها بتدمير مسجد يستخدمه المسلمون الصوفيين إضافة لمقابر، في وضح النهار في وسط العاصمة الليبية طرابلس. عُد وقتها ثاني هجوم على مواقع صوفية في يومين.

في 11 سبتمبر 2012 وقع في بنغازي هجوم على القنصلية الأمريكية في المدينة وقتل خلاله السفير الأمريكي في ليبيا كريستوفر ستيفنز من قبل المتشددين الإسلاميين.

في 7 أكتوبر 2012، تم الدفع بـمصطفى أبوشاقور كرئيس وزراء من قبل أعضاء في المؤتمر الوطني العام إلا أنه فشل مرة ثانية في الحصول على موافقة غالبية المؤتمر على الحكومة الجديدة. في 14 أكتوبر 2012، انتخب المؤتمر الوطني العام محامي حقوق الإنسان علي زيدان ليصبح رئيس الوزراء المكلف. أدى زيدان اليمين الدستورية بعد موافقة المؤتمر على حكومته GNC.

اعتبارا من عام 2013، فان مشاكل الخروج على القانون وعدم تفعيل القضاء، الأوضاع الأمنية، الميليشيات والمجموعات المسلحة والفساد، لا تزال مشاكل كبيرة تعاني منها الحكومة المؤقتة الحالية أكثر من أي وقت مضى.

عملية الكرامة
في 16 مايو 2014 أطلق اللواء خليفة حفتر هجوم جوي وبري في بنغازي، واستهداف الميليشيات المسلحة الإسلامية المتواجدة داخل المدينة في ما تم المشار إليها من قبل البعض على أنها (انتفاضة ليبيا عام 2014). وجاء هذا الهجوم من دون أي إذن من الحكومة المركزية. يوم 18 مايو عام 2014 في طرابلس، قامت قوات الامن باقتحام مبنى البرلمان من قبل قوات موالية للحفتر، في ما وصفته الحكومة الليبية بأنه محاولة انقلاب.

على أمل إخماد العنف ونزع فتيل الصراع على السلطة وتوسيع المواجهة مع الجنرال خليفة حفتر، أعلنت لجنة الانتخابات يوم 20 مايو 2014 أنها ستعقد الانتخابات البرلمانية في 25 يونيو عام 2014. قال حفتر أن هدفه (تطهير ليبيا من بعض العناصر الإسلامية المسلحة المتطرفة والإرهابية. وطلب من المؤتمر الوطني العام حلها، وقال أن العملية تهدف لإقامة حكومة منتخبة ديمقراطيا حسب الأصول دون أي علاقات مع الميليشيات الإسلامية. وقد أظهرت مسيرات ومظاهرات الدعم من قبل الآلاف من المواطنين الليبيين في طرابلس وبنغازي ومدن ليبية أخرى لعملية الكرامة.

يوم 18 يوليو 2014 قامت ميليشيا عُرفت باسم فجر ليبيا والتي ضمت ميليشيات إسلامية وجهوية من مناطق في الغرب الليبي أبرزها مصراتة، غريان وزليتن بالهجوم على مدينة طرابلس بهدف السيطرة على المدينة وبالتحديد مطارها الدولي التي تقوم بحمايته وحدة أمنية عسكرية تابعة للجيش الليبي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زياد علي

زياد علي محمد