الجمعة، 23 أغسطس 2019

الفتنة الكبرى ,,التحكيم بين علي ومعاوية رضى الله عنهما(11)


مقدمة

بعد معركة صفين، والتي راح ضحيتها الكثير من القتلى والشهداء، والذين بلغ عددهم سبعين ألفًا من المسلمين على يد إخوانهم من المسلمين، وجد الصحابي الجليل سهل بن حنيف رضي الله عنه وأرضاه وهو أحد صحابة النبي صلى الله عليه وسلم وجد أن في قلوب بعض الناس شيئًا من القتال الذي حدث بينهم، فبعض الناس مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ورغم قناعتهم بكونه أمير المؤمنين، وتجب البيعة له والطاعة التامة إلا أن في قلوبهم وأنفسهم حرج من قتلهم لإخوانهم من المسلمين، وكذلك من كان مع معاوية رضي الله عنه، فقال لهم سهل بن حنيف رضي الله عنه كلامًا في غاية الأهمية وينبغي أن ينتفع به المسلمون إلى يوم القيامة قال لهم: يا أيها الناس اتّهموا الرأي على الدين.

فهو يقصد أن بعض الناس ربما يكون لهم من الرأي ما يخالف الشرع، وتظن أن هذا الرأي هو الصائب، وهو السليم، ويحاول أهل الشرع إقناعهم بالرأي السليم، لكنهم لا يقتنعون بسهولة، أو ربما لا يقتنعون مطلقًا، يقول: فلقد رأيتُني يوم أبي جندل.

يقصد رضي الله عنه يوم الحديبية، حين عقد الرسول صلى الله عليه وسلم الصلح مع كفار مكة، وكان من بنود هذا الصلح أن من أتى من قريش، أو ممَن حالفهم مسلمًا ردّه المسلمون إلى قومه، ومَن أتى من المسلمين إلى قريش مرتدًا لا يردّوه إلى قومه، بل يقبلوه بينهم، فكان هذا شرطًا جائرًا، في نظر أغلب الصحابة، إذ كيف يعطون الدنية في دينهم، كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وكان الكثير منهم يعتقد أن الصواب في غير ذلك، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم متمسكًا بهذا الأمر، وكان هذا وحيًا من الله تعالى له صلى الله عليه وسلم، واضطر المسلمون، مع عدم قناعتهم بهذا الرأي في قبول هذا الشرط المجحف- إلى الطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، والقبول بما رضي به صلى الله عليه وسلم.

واشتد على المسلمين يوم آخر، والذي يسميه سهل بن حنيف رضي الله عنه يوم أبي جندل، فبعد أن عُقد الصلح وتمّ، وكان الذي باشر عقد هذا الصلح من طرف المشركين حينئذ سهيل بن عمرو، والذي أسلم بعد ذلك، فجاء أحد المشركين، وأراد أن يدخل في الإسلام، وكان اسمه أبا جندل، وهو ابن سهيل بن عمرو، فقال سهيل بن عمرو: هذا أول ما نبدأ به، ردّوه علينا.

فأعاده الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن أعلن إسلامه إلى الكفار، فقال أبو جندل: يا رسول الله تردني إليهم يفتنوني في ديني؟!

وكان هذا الأمر صعبًا على المسلمين جميعًا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أخذ سيفه، وأعطاه لأبي جندل وقال له: إنما أنت رجل وهو رجل، يحرّضه على قتل أبيه.

ومع هذا كله كانت تلك الشروط، وهذه الأمور سببًا للفتح العظيم للمسلمين، فبعد صلح الحديبية بعام واحد دخل في الإسلام أعداد كبيرة كانت ضعف العدد الذي دخل في الإسلام قبل ذلك، وتضاعفت أعداد المسلمين بعد ذلك.

فيقول سهل بن حنيف رضي الله عنه: يا أيها الناس اتّهموا الرأي على الدين، فلقد رأيتُني يوم أبي جندل، ولو أقدر لرددت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمره، ووالله ما حملنا سيوفنا على عواتقنا منذ أسلمنا لأمر يقطعنا إلا أسهل بنا إلى أمرٍ نعرفه، غير أمرنا هذا فإننا لا نسد منه خصمًا، إلا انفتح لنا غيره لا ندري كيف نبالي له.

فهذا سهل بن حنيف رضي الله عنه مع كل هذا التاريخ العظيم في الإسلام يخبر رضي الله عنه أنه منذ أسلم ما رفع سيفه لقتال إلا أوضح الله له أين الحق إلا هذا الأمر، فلم يتبين فيه الحق بوضوح، وكلٌّ يجتهد حسب ما يرى من الأمور، فكانت فتنة النائم فيها خير من اليقظان، واليقظان فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الساعي، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح مسلم عن أبي هريرة.

وهذا عمار بن ياسر رضي الله عنه سُئل يوم صفين عن القتال: أهذا عهدٌ عهده رسول الله إليكم أم هو الرأي؟، فقال رضي الله عنه: لم يعهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا وأشار إلى القرآن.

فالقضية كلها تدخل في مجال الاجتهاد، فمن الصحابة رضي الله عنهم جميعًا من اجتهد فأصاب، فله أجران كعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومن معه، ومنهم من اجتهد فأخطأ كمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، ومن معه..

وهؤلاء الصحابة رضوان الله عليهم جميعًا، قد توفي الرسول صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ.

التحكيم

خشي عدد من عقلاء الطرفين من استمرار القتال حتى لا يهلك المسلمون، فيستغل الأعداء ذلك، ويستأصلوا الإسلام، فلا تقوم له بعد ذلك قَوْمة، وكان عقلاء الكوفة أسبق إلى الموادعة؛ فهذا الأشعث بن قيس الكندي لمَّا اشتد القتال يخطب في قومه أهل الكوفة في المساء خطبته التي قادت للصلح؛ فيقول:

"قد رأيتم يا معشر المسلمين ما قد كان في يومكم هذا الماضي، وما قد فني فيه من العرب، فوالله لقد بلغت من السن ما شاء الله أن أبلغ فما رأيت مثل هذا اليوم قَطُّ.

ألا فليبلغ الشاهد الغائب، أنَّا إنْ نحن تواقفنا غدًا إنه لفناء العرب وضيعة الحرمات.

أما والله ما أقول هذه المقالة جزعًا من الحتف، ولكني رجل مسنّ أخاف على النساء والذراري غدًا إذا فنينا.

اللهم إنك تعلم أنى قد نظرت لقومي ولأهل ديني فلم آلُ، وما توفيقي إلا بالله".

فلما وصل الخبر معاوية بخطبة الأشعث فقال: أصاب ورب الكعبة، لئن نحن التقينا غدًا لتميلن الروم على ذرارينا ونسائنا، ولتميلنَّ أهل فارس على نساء أهل العراق وذراريهم، وإنما يبصر هذا ذوو الأحلام والنُّهى؛ اربطوا المصاحف على أطراف القَنَا.

قال صعصعة: فثار أهل الشام فنادوا في سواد الليل: يا أهل العراق، مَن لذرارينا إن قتلتمونا، ومن لذراريكم إن قتلناكم؟ اللهَ الله في البقية.

فأصبح أهل الشام وقد رفعوا المصاحف على رءوس الرماح وقلدوها الخيل، والناس على الرايات قد اشتهوا ما دعوا إليه، ورفع مصحف دمشق الأعظم تحمله عشرة رجال على رءوس الرماح، ونادوا: يا أهل العراق، كتاب الله بيننا وبينكم.

وأقبل أبو الأعور السلمي على برذون أبيض وقد وضع المصحف على رأسه ينادي: يا أهل العراق، كتاب الله بيننا وبينكم.

فقال الأشعث لأمير المؤمنين: أجب القوم إلى كتاب الله؛ فإنك أحق به منهم، وقد أحب الناس البقاء وكرهوا القتال.

فقال عليٌّ رضى الله عنه: إن هذا أمر ينظر فيه.

وذكروا أن أهل الشام جزعوا فقالوا: يا معاوية، ما نرى أهل العراق أجابوا إلى ما دعوناهم إليه، فأعدها جذعة، فإنك قد غمرت بدعائك القوم وأطمعتهم فيك.

فدعا معاوية عبد الله بن عمرو بن العاص، وأمره أن يكلم أهل العراق؛ فأقبل حتى إذا كان بين الصفين نادى: يا أهل العراق، أنا عبد الله بن عمرو بن العاص، إنها قد كانت بيننا وبينكم أمور للدين والدنيا، فإن تكن للدين فقد والله أعذرنا وأعذرتم، وإن تكن للدنيا فقد والله أسرفنا وأسرفتم، وقد دعوناكم إلى أمرٍ لو دعوتمونا إليه لأجبناكم، فإن يجمعنا وإياكم الرضا فذلك من الله؛ فاغتنموا هذه الفرجة.

وأمَّا الأشتر، فلم يكن يرى إلا الحرب؛ لأنه من أهل الفتنة، ولكنه سكت على مضضٍ، وذكروا أن الناس ماجوا وقالوا: أكلتنا الحرب، وقتلت الرجال، وثارت الجماعة بالموادعة[1].

إذن لا يَصِحُّ شيء مما ادَّعاه أهل الفتنة كذبًا من أن رفع المصاحف هو مكيدة من الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضى الله عنه، أشار بها على معاوية رضى الله عنه ليتفاديا انتصار جيش علي رضى الله عنه، ومن ثَمَّ أوسعا الصحابييْن الجليليْن سبًّا وقذفًا شنيعًا لا يرضاه الله سبحانه وتعالى.

لقد كان رفع المصاحف -في الحقيقة- عملاً رائعًا اشترك فيه العقلاء من الفريقين، وتُوِّج بموافقة أمير المؤمنين علي رضى الله عنه؛ إذ قال: "نعم بيننا وبينكم كتاب الله، أنا أولى به منكم"<a >[2].

وقد افترى الرواة الشيعة الكذَّابون، واختلقوا الكثير من الروايات الموضوعة لأهدافهم الخبيثة من طعن الصحابة رضوان الله عليهم، وتشويه الدين؛ فقد وضعوا روايات تُضَخِّم من عدد قتلى صفين، كما فعلوا في الجمل، وللأسف اهتم المؤرخون القدماء بجمع هذه الروايات حتى كادت الروايات الحقيقية تضيع وسط هذا الركام؛ فهذا الطبري شيخ المؤرخين -رحمه الله- يذكر حول صفين ما يقارب 107 روايات تصف أحداثها من البدء إلى النهاية، ويروي فيها للشيعي الكاذب أبي مخنف لوط بن أبي يحيى المتجرئ على الصحابة خمسًا وتسعين رواية[3].

وتم الاتفاق على التحكيم وبدأ كل فريق يختار من يخرج لهذ المهمة، ولم يكن في جيش معاوية رضي الله عنه أي اختلاف على من يتولّى أمر التحكيم، فاختاروا عمرو بن العاص رضي الله عنه، والذي كان بمثابة الوزير الأول لمعاوية رضي الله عنه في كل هذه الأحداث، وكان عمره رضي الله عنه في هذا التوقيت سبعة وثمانين سنة، فكان شيخًا كبيرًا من شيوخ صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، وهو رضي الله عنه، إن كان قد اشتهر بشدة الذكاء، والحيلة فقد اشتهر أيضًا بالورع والتقوى، وكان رضي الله عنه كثير المحاسبة لنفسه، وهذا الأمر يخفيه الكثير من الكتاب المغرضين، ويظهرون عمرو بن العاص رضي الله عنه في صورة صاحب المكر، والخداع، والدهاء، ويكفيه فخرًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عنه: "أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ"[4].

وفي الحديث الصحيح أيضًا: "عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ مِنْ صَالِحِي قُرَيْشٍ"[5].

أما جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه فلما عُرض عليهم أن يخرج للتحكيم عبد الله بن عباس رفض القوم، وطالبوا بأن يخرج عنهم أبو موسى الأشعري، وذلك لأنه رفض الدخول في القتال من بداية الأمر مع يقينه أن عليًا رضي الله عنه على الاجتهاد، وكان رضي الله عنه قاضيًا للكوفة، واعتزل القتال، ولم يكرهه علي بن أبي طالب رضي الله عنه على الخروج معه، وكان أبو موسي رضي الله عنه رجلًا تقيًا ورعًا فقيهًا عالمًا، وقد أرسله الرسول صلى الله عليه وسلم إلى اليمن مع معاذ بن جبل رضي الله عنهم جميعًا لتعليم الناس أمور الإسلام، وكان مقربًا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وولّاه أمر البصرة، وكان هذا أمرًا عظيمًا، ذلك لأن البصرة كانت تدير عمليات الفتوح في جنوب ووسط فارس، وظل رضي الله عنه فيها فترة كبيرة، وكان رضي الله عنه قائدًا لمعركة (تستر) الشهيرة التي حوصرت سنة ونصف، فهو رجل فقيه عالم قاض محنّك، غير ما أُشيع في الكتب من سذاجة، وبساطة، وسوء رأي نُسبَ إليه ليلصقوا به ما زعموه من كذب وزور في قضية التحكيم، وهو من هذا كله براء.

وتولّى رضي الله عنه في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه ولاية الكوفة فترة طويلة، وكذلك في عهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ذهب إليه القوم في قريته التي كان معتزلًا فيه وقالوا له: إن الناس قد اصطلحوا.

فقال: الحمد لله.

فقالوا له: وقد جُعلت حكمًا.

فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون.

وذلك لأن هذا الأمر أمر صعب، وشاق عسير أن يحكم بين طائفتين اقتتلا هذا القتال الشديد فترة كبيرة، ووافق رضي الله عنه على الذهاب معهم، حتى يتم التحكيم في هذه القضية الشائكة.

والتقى أبو موسى الأشعري، وعمرو بن العاص رضي الله عنهما في مكان (صفين)، وبدآ يفكران في كيفية إيجاد حلٍ لهذه المعضلة التي ألمّت بالمسلمين، فاتفقا ابتداءً على كتابة كتابٍ مبدئي يضع أسس التحكيم، ولن يكون هو الكتاب النهائي.

فبدأ أبو موسى يملِى الكتاب وعمرو بن العاص يسمع:

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما قاضي عليه علي بن أبي طالب أمير المؤمنين.

فقاطعه عمرو بن العاص قائلًا: اكتب اسمه، واسم أبيه، هو أميركم، وليس بأميرنا.

فقال الأحنف بن قيس: لا نكتب إلا أمير المؤمنين.

فذهبوا إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذكروا ذلك له، فقال رضي الله عنه: امح أمير المؤمنين، واكتب: هذا ما قاضى عليه علي بن أبي طالب.

وعمرو بن العاص رضي الله عنه باجتهاده مقتنع بعدم ولاية علي بن أبي طالب رضي الله عنه للمؤمنين، وإلا ما قاتله، وكان ذلك خروجًا منه على طاعته، ولكن لم يبايعه، وكذلك أهل الشام، وفي اجتهاده أنه ليس أميرًا للمؤمنين.

وقبل علي بن أبي طالب رضي الله عنه بهذا الأمر؛ حرصًا على جمع الكلمة، ووحدة الصف، وسعة صدرٍ منه رضي الله عنه وأرضاه.

فكتبوا: هذا ما تقاضي عليه علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان أننا نزل عند حكم الله، وكتابه، ونحيي ما أحيا الله، ونميت ما أمات الله، فما وجد الحكمان في كتاب الله عملا به، وما لم يجدا في كتاب الله، فالسنة العادلة الجامعة غير المتفرقة.

ثم ذهب كل من الحكمين إلى كل فريق على حدة، وأخذا منهما العهود والمواثيق أنهما أي الحكمان آمنان على أنفسهما، وعلى أهليهما، وأن الأمة كلها عونٌ لهما على ما يريان، وأن على الجميع أن يطيع على ما في هذه الصحيفة.

فأعطاهم القوم العهود والمواثيق على ذلك، فجلسا سويًا، واتفقا على أنهما يجلسان للحكم في رمضان من نفس العام، وكان حينئذ في شهر صفر سنة 37 هـ، وذلك حتى تهدأ نفوس الفريقين ويستطيع كل فريق أن يتقبل الحكم أيًا كان.

وشهد هذا الاجتماع عشرة من كل فريق، وممن شهد هذا الاجتماع عبد الله بن عباس، وأبو الأعور السلمي، وحبيب بن مسلمة، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد.

وخرج الأشعث بن قيس، والأحنف بن قيس رضي الله عنهما، وهما من فريق علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقرأ الأشعث بن قيس الكتاب على الفريقين، فوافق الجميع على هذا الأمر، وبدءوا في دفن الشهداء، والقتلى.

ويقول الزهري: كان يُدفن في كل قبر خمسون نفسًا لكثرة عدد القتلى والشهداء.

وبعد ذك بدأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه يتوجه بجيشه إلى الكوفة، وكان في يده بعض الأسرى من الشاميين فأطلقهم، وكذلك فعل معاوية رضي الله عنه وأرضاه حيث كان في يده بعض الأسرى من العراقيين فأطلقهم، وعاد كلٌّ إلى بلده.

تحكيم الرجال في دين الله

كان الأشعث بن قيس رضي الله عنه عندما قرأ الكتاب على جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرّ على فريق من بني تميم، وبعد أن قرأ الكتاب خرج له رجل يُسمّى عروة بن جرير من بني ربيعة من تميم، وقال للأشعث بن قيس رضي الله عنه: أتحكمون في دين الله الرجال؟!

فكان هذا الرجل يرى أن حكم الله واضح تمام الوضوح وأنه يجب أن يُقاتل فريق معاوية رضي الله عنه حتى النهاية، ويستنكر تحكيم عمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري في أمرٍ واضح كهذا، ثم ضرب بسيفه عجز دابة الأشعث بن قيس، فغضب الأشعث بن قيس رضي الله عنه من هذا التصرف، وكاد أن يحدث الشقاق والخلاف، لولا أن تدخل الأحنف بن قيس وكبار القوم وأنهوا الأمر.

ومرّ الموقف في تلك اللحظة، لكن طائفة من جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه أخذت هذه الكلمة، وبدأت تتحدث بها وظنّتها صوابًا، وكان الكثير ممن ردد هذا الأمر من حفاظ القرآن الكريم، وشديدي الورع والتقوى، وممن يكثرون الصلاة بالليل والنوافل، فأخذوا هذه الكلمة وقالوا: أتحكمون في دين الله الرجال؟ وغضبوا لأمر التحكيم وقالوا: لا حكم إلا لله.

واستمرّ مسير علي بن أبي طالب رضي الله عنه، حتى وصل الكوفة، فسمع رجلًا يقول: ذهب علي ورجع في غير شيء. وفي هذا لوم له رضي الله عنه على أمر التحكيم.

فقال علي رضي الله عنه: لَلَذين فارقناهم خير من هؤلاء، ثم أنشأ يقول:

أَخُوكَ الَّذِي إِنْ أَحْرَجَتْكَ مُلِمَّةٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَبْرَحْ لِبَثِّكَ رَاحِمًا

وَلَيْسَ أَخُوكَ بِالَّذِي إِنْ تَشَعَبَتْ عَلَيْكَ أُمُورٌ ظَلَّ يَلْحَاكَ لَائِمًا

كلمة حق أريد بها باطل

عند وصول علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الكوفة، كان عدد من يقول بهذه الكلمة: (لا نحكّم الرجال في دين الله، ولا حكم إلا لله)، وصل عددهم إلى اثني عشر ألف رجل، فكان شيئًا صعبًا عليه رضي الله عنه.

وكان من بين هذا العدد ثمانية آلاف يحفظون القرآن، وهؤلاء الحفظة كانوا طائفة في جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه يُقال لهم: القرّاء؛ لأنهم كانوا يكثرون من قراءة القرآن الكريم، ومن القيام والصيام، وكان أكثر من خرجوا مع هذه الطائفة من قرية تُسمّى (حروراء) وهم الذين عُرفوا في التاريخ بعد ذلك باسم الخوارج؛ لأنهم خرجوا عن طاعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، وقد تنبّأ بهذه الطائفة الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم، وهذا من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم، فعند الإمام مسلم بسنده عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "تَمْرُقُ مَارِقَةٌ عِنْدَ فُرْقَةٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَقْتُلُهَا أَوْلَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ".

وعند البخاري بسنده عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه،ُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَخْرُجُ نَاسٌ مِنْ قِبَلِ الْمَشْرِقِ، وَيَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمِيَّةِ، ثُمَّ لَا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ إِلَى فُوقِهِ"

قِيلَ: مَا سِيمَاهُمْ؟

قَالَ: "سِيمَاهُمْ التَّحْلِيقُ"، أَوْ قَالَ: "التَّسْبِيد".

وفي البخاري ومسلم قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِذَا حَدَّثْتُكُمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا، فَوَاللَّهِ لَأَنْ أَخِرَّ مِنْ السَّمَاءِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكْذِبَ عَلَيْهِ، وَإِذَا حَدَّثْتُكُمْ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ فَإِنَّ الْحَرْبَ خِدْعَةٌ، وَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: "سَيَخْرُجُ قَوْمٌ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ سُفَهَاءُ الْأَحْلَامِ، يَقُولُونَ مِنْ خَيْرِ قَوْلِ الْبَرِيَّةِ، لَا يُجَاوِزُ إِيمَانُهُمْ حَنَاجِرَهُمْ، يَمْرُقُونَ مِنْ،َ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، فَأَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ، فَاقْتُلُوهُمْ، فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَة".

والأحاديث في شأنهم كثيرة.

بعد ذلك ذهب إليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه ليحاورهم، ويجادلهم، ويردّهم بالتي هي أحسن فقال لهم: ماذا تأخذون علينا؟

فقالوا: انسلخت من اسم سماك الله به -يقصدون اسم أمير المؤمنين- ثم انطلقت، فحكّمت الرجال في دين الله، ولا حكم إلا لله.

بداية اسم أمير المؤمنين هذا لم يسمّه الله تعالى به، وكان أول من سُمّي بهذا الاسم هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فكان اعتراضهم أنه قَبِل أن يُقال من علي بن أبي طالب في أثناء كتابة صحيفة التحكيم، دون ذكر أمير المؤمنين، واعتراضهم الثاني على قبوله تحكيم الرجال في أمر الله تعالى، وأنه كان يجب أن يستمرّ القتال؛ لأن هذا هو أمر الله، ولا يصح على الإطلاق أن يقف القتال بناءً على رأي الحكمين.

فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا يدخل علي إلا من حمل القرآن.

فدخل عليه ثمانية آلاف، فأمسك بالمصحف، وأخذ يهزّه، فقالوا له: ماذا تفعل؟

فقال: إني أسأله.

فقالوا له: إنما هو مداد في ورق.

وعلي رضي الله عنه يشير بهذا الفعل إلى أن القرآن لن يقوم بذاته في فعل الأمور، ويقرر الأحكام، وينفذها، بل يقوم بذلك رجال قرءوا القرآن، واستوعبوه جيدًا، وبنوا آرائهم على حكمه.

وقال لهم علي رضي الله عنه: قال الله تعالى في كتابه في امراة ورجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}[النساء:35].

ثم قال لهم رضي الله عنه: فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من رجل وامرأة.

ثم قال لهم: أتنقمون عَلَيَّ أن محوت أمير المؤمنين، وكتبت علي بن أبي طالب، فإنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجاءنا سهيل بن عمرو حين صالح قومه قريشًا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اكْتُبْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيم".

فقال سهيل: أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو، ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب.

فقال المسلمون: والله لا نكتبها إلا باسم الله الرحمن الرحيم.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ"، ثم قال: "هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ".

فقال سهيل: والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت، ولا قاتلناك، ولكن اكتب: محمد بن عبد الله.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ، وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي، اكْتُبْ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ".

فقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم أن الأنسب في هذا الوقت أن يتم الصلح، وإذا لم يتم الصلح إلا بهذا الأمر فلا بأس، وكذلك فعل علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

ثم قال علي رضي الله عنه: ويقول الله تعالى في كتابه: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا}[الأحزاب:21].

ومع هذا كله لم يرتدع القوم، ولم يرتدوا عن ما هم عليه، فأرسل لهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه حبرَ الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، والذي دعا له النبي صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ"، ومن علماء المسلمين، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستشيره في الملمات، وهي الأمور الصعبة العسيرة.

وذهب رضي الله عنه إلى القوم ليحاجهم، فلما دخل عليهم، وكان يرتدي حُلّة جديدة، فناظروه فيها، وقالوا له: ترتدي حلة عظيمة وجديدة؟!

فقال لهم: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}[الأعراف:32].

فقام رجل منهم يُسمّى ابن الكوى، وهو متحدث فصيح، وقال: يا حملة القرآن، هذا عبد الله بن عباس، فمن لم يكن يعرفه، فأنا أعرفه؛ هو ممن يخاصم في كتاب الله بما لا يعرف، وهو ممن نزل فيه، وفي قومه قوله تعالى: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ}[الزُّخرف:58]، فرُدّوهُ إلى صاحبكم، ولا تواضعوه كتاب الله.

فقال بعضهم: والله لنواضعنه، فإن جاء بحقٍ نعرفه تبعناه، وإن جاء بباطل لنكبتنّه بباطله.

فمكث فيهم عبد الله بن عباس رضي الله عنه وأرضاه ثلاثة أيام، يجادلهم ويجادلونه، ويحاورهم ويحاورنه.

وبعد جدال وحوار طويل وعميق قالوا: إنهم يأخذون على علي بن أبي طالب ثلاث نقاط.

1-أنه محا اسمه من الإمرة.

2- أنه حكّم الرجال في كتاب الله.

3- أنه يوم الجمل بعد أن استحلّ الأنفس، ورفض أن يوزع السبي والأموال.

أجاب عبد الله بن عباس رضي الله عنه عن الأولى بما أجاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأجاب عن الثانية، وهي قولهم أنه حكّم الرجال في كتاب الله بآيتين من القرآن، وقال لهم: إن ذلك في القرآن.

فقالوا: وأين هو؟

قال الآية الأولى التي استشهد بها الإمام علي رضي الله عنه: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا}[النساء:35].

والآية الثانية قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللهُ مِنْهُ وَاللهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ}[المائدة:95].

فلم يقرر الله عز وجل المقدار الذي يضحي به الرجل نظير قتله للصيد، وهو حُرُم، ولكنه ترك الأمر ليحكم به ذوو العدل من المسلمين، ويقررون الحكم لهذا الرجل.

وأجاب رضي الله عن النقطة الثالثة وهي قضية: أنه يوم الجمل بعد أن استحلّ الأنفس رفض أن يوزع السبي والأموال.

فقال عبد الله بن عباس رضي الله عنه مجاراةً لهم: قد كان من السبي أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها، فإن قلتم أنها ليست بأم لكم فقد كفرتم، وإن استحللتم سبي أمهاتكم فقد كفرتم.

فلما دار هذا الحوار بين عبد الله بن عباس رضي الله عنه وبينهم على مدار ثلاثة أيام، رجع منهم أربعة آلاف، وتابوا على يديه، وكان منهم ابن الكوى هذا الرجل الذي ذكرناه قبل ذلك، وكان يحذّرهم من عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ولكن الله هداه وتاب عليه، وعاد من تاب معه إلى الكوفة، فكانوا مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه ..

أما الباقون الذين عاندوا ولم يرجعوا عن ما هم عليه فقد ظلوا يترددون على الكوفة، ويتردد عليهم رسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه لإقناعهم، ولكن دون جدوى، ومع مرور الوقت، وقرب عقد المجلس الذي سوف يتم فيه التحكيم، بدأ هؤلاء يتعرضون لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بما لا يليق، وخرجوا عن دائرة النقاش المهذب، وبدءوا بالسباب، والشتائم، وعلي رضي الله عنه يصبر عليهم، ويردّ عليهم بالتي هي أحسن تجنبًا للفتن، واستمرّ الوضع هكذا يزداد يومًا بعد يوم، حتى قام له رجل منهم، وهو يخطب فقال له: يا علي أشركت الرجال في دين الله، ولا حكم إلا لله.

وتنادوا من كل جانب: لا حكم إلا لله.

فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: هذه كلمة حق أًريد بها باطل.

ثم قال: إن لكم علينا ألا نمنعكم فيئًا ما دامت أيديكم معنا، وألا نمنعكم مساجد الله، وألا نبدأكم بقتال حتى تبدءونا.

ثم بدءوا يعرّضون بتكفير علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فقابله رجلٌ منهم يومًا وقال له: يا علي لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين.

فجعلوا أن تحكيم أبي موسى وعمرو بن العاص رضي الله عنهما في هذه القضية إشراكًا بالله.

فقرأ علي بن أبي طالب رضي الله عنه قول الله تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ}[الرُّوم:60].

ثم اعتزل هؤلاء القوم الكوفة بالكلية، ولجئوا إلى مكان يُسمّى النهروان، ومكثوا فيه، ولم يدخلوا الكوفة بعد ذلك، فلما رأي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن أمرهم بدأ يزيد، ويشكل خطورة على المسلمين بعث إليهم يقول لهم: قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم، فقفوا حيث شئتم حتى تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وبيننا وبينكم ألا تسفكوا دمًا حرامًا، أو تقطعوا سبيلًا أو تظلموا ذميًّا - يهوديًا أو نصرانيًا - فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين.

ومكث الخوارج في النهروان بعيدًا عن الكوفة، وفي هذا التوقيت كان جيش الشام مستقرًا دون خلاف مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.

وجاء شهر رمضان سنة 37 هـ، فأرسل علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى دومة الجندل أربعمائة فارس، معهم أبو موسى الأشعري، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهما، وأمّر عبد الله بن عباس على الصلاة.

وأرسل معاوية رضي الله عنه أربعمائة فارس إلى أرض دومة الجندل معهم عمرو بن العاص رضي الله عنه، وكان معهم من رءوس الناسعبد الله بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما، والمغيرة بن شعبة رضي الله عنه، وكان معهم أيضًا عبد الله بن عمر بن الخطّاب رضي الله عنهما، ولم يكن مع معاوية في القتال، ولكنه كان ممن اعتزل الفتنة، وإن كان يرى أن عليًا رضي الله عنه على الحق، وإنما كان حينئذٍ في الشام، فجاء مع الوفد الذي أرسله معاوية رضي الله عنه للتحكيم.

وقد تمّ اختيار دومة الجندل للتحكيم لأنها تقع في مسافة متوسطة بين الكوفة، والشام فهي على بعد تسع مراحل من كلٍ منهما، وفي غالب الأمر لم يحضر سعد بن أبي وقّاص رضي الله عنه هذا الاجتماع.

الحقيقة الغائبة في أمر التحكيم

من الأمور المحزنة التي يندى لها الجبين أن الذي اشتهر في أمر التحكيم تلك الرواية الشيعية الموضوعة المكذوبة المفتراة التي عمّت بها البلوى، وقد انتشرت تلك الرواية انتشارًا كبيرًا بعد انتهاء عصر الدولة الأموية، واشتداد شوكة الشيعة في عصر الدولة العباسية، بل ظلت هذه الرواية هي المنتشرة في كتبنا حتى الوقت المعاصر.

هذه الرواية الشيعية في هذا الأمر وضعها أبو مخنف لوط بن يحيى، والذي قال عنه الإمام ابن حجر العسقلاني: لوط بن يحيى أبو مخنف إخباري تالف لا يوثق به. وقال عنه الدارقطني: ضعيف. وقال عنه يحيى بن معين: ليس بثقة. وقال مرة: ليس بشيء. وقال ابن عدي: شيعي محترق.

تقول الرواية: عن أبي مخنف أن عمرو بن العاص قال: إن هذا الأمر لا يصلحه إلا رجل له ضرس يأكل ويطعم، وكان ابن عمر فيه غفلة؛ فقال له ابن الزبير: افطن وانتبه. أي قل شيئًا حتى تأخذ الإمارة، فقال ابن عمر: لا والله لا أرشوا عليها شيئًا أبدًا. أي أنه أبى الإمارة.

فقال أبو موسى الأشعري: يا ابن العاص إن العرب قد أسندت إليك أمرها بعد ما تقارعت بالسيوف، وتشاكت بالرماح، فلا تردنّهم في فتنة مثلها، أو أشد منها.

ويكمل أبو مخنّف كذبه فيقول: ثم إن عمرو بن العاص حاور أبا موسى أن يقرّ معاوية وحده على الناس، فأبى عليه، ثم حاوره ليكون ابنه عبد الله بن عمرو، هو الخليفة فأبى أيضًا، وطلب أبو موسى من عمرو أن يكون عبد الله بن عمر، هو الخليفة فامتنع عمرو أيضًا، ثم اصطلحا على أن يخلعا معاوية، وعليًا ويتركا الأمر شورى بين الناس يتفقوا على من يختارونه لأنفسهم، ثم جاء إلى المجمع الذي فيه الناس، وكان عمرو بن العاص لا يتقدم بين يدي أبي موسى، بل يقدّمه في كلّ الأمور أدبًا وإجلالًا.

فقال له: يا أبا موسى قمْ فأعلم الناس بما اتفقنا عليه، فخطب أبو موسى الناس، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال:

أيها الناس، إنا قد نظرنا في أمر هذه الأمة، فلم نر أمرًا أصلح لها، ولا ألم لشعثها من رأي اتفقت أنا وعمرو عليه، وهو أن نخلع عليًا ومعاوية، ونترك الأمر شورى، وتستقبل الأمة هذا الأمر، فيولى عليهم من أحبوه، وإني قد خلعت عليًا، ومعاوية ثم تنحى.

وهناك روايات أكثر كذبًا تقول أنه قال: خلعته كما أخلع خاتمي من إصبعي، أو سيفي من عاتقي.

وجاء عمرو بن العاص فقام مقامه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:

إن هذا- يقصد أبا موسى الأشعري- قد قال ما سمعتم، وإنه قد خلع صاحبه، وإني قد خلعته كما خلعه، وأثبتُّ معاوية بن أبي سفيان، فإنه ولي عثمان بن عفان، والطالب بدمه، وهو أحق الناس بمقامه.

وتكمل الرواية الشيعية الكاذبة:

فلما حدث هذا وثب شريح بن هانئ من جيش علي بن أبي طالب رضي الله عنه فضربه بالسوط، فقام إليه ابنُ عمرو بن العاص، وضربه بالسوط، وتفرّق الناس في كل وجه إلى بلادهم.

فذكر أبو مخنف عن أبي حباب الكلبي أن عليًا لما بلغه ما فعل عمرو بن العاص كان يلعن في قنوته معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وأبا الأعور السلمي، وحبيب بن مسلمة، والضحاك بن قيس، وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد، والوليد بن عقبة، فلما بلغ ذلك معاوية كان يلعن في قنوته عليًا، وحسنًا، وحسينًا، وعبد الله بن عباس، والأشتر النخعي.

وهذا كله كذب، وافتراء من أبي مخنف على صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول ابن كثير في البداية والنهاية: ولا يصح هذا.

هذه الرواية غير موافقةٍ للنقل، وغير موافقة للعقل.

أما النقل أو علم الرجال فيقول:

إن لوط بن يحيى هذا شيعي كاذب ضال يضع الأحاديث والروايات، ويفتري على الصحابة ما لم يحدث، فكل ما يأتي من قبله إن لم يوافق الحق، فهو كذب، وباطل.

أما أن هذه الرواية غير موافقة للعقل، فإن سياق الكلام لا يستقيم، لأن الحكمين كما جاء في تلك الرواية، اتفقا على خلع علي ومعاوية.

فمن أي شيءٍ يُخلَع معاوية، وهو رضي الله عنه لم يَدّع أنه خليفة للمسلمين، ولم يدّع أنه أمير المؤمنين، ولم يكن القتال على إمرة، ولم يقل أحد من الطرفين أن معاوية رضي الله عنه في هذا الوقت أمير المؤمنين.

الأمر الثاني: سياق القصة يؤكد كذب عمرو بن العاص رضي الله عنه، ولا يُعدّ هذا خداعَ حربٍ، بل هو كذبٌ بيّن، ولا يصح هذا في حق عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه، فقد يُتهم المؤمن بالجبن، وبالبخل، أما الكذب فلا، وخاصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهد له بالإيمان فقال صلى الله عليه وسلم كما في الحديث الصحيح: أَسْلَمَ النَّاسُ وَآمَنَ عَمرُو بْنُ الْعَاصِ.

فلا يصح على الإطلاق أن نقول عن رجل شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بالإيمان أنه كاذب كما في هذه الرواية.

الأمر الثالث: أن المسلمين ليسوا في منتهى البلاهة، والعجز حتى تنطوي عليهم هذه اللعبة الصبيانة المزعومة من عمرو بن العاص رضي الله عنه وأرضاه، وهو منها براء، ولو صح لوقف أبو موسى الأشعري وقال: إن هذا الكلام كذب حتى لا يتم الاتفاق.

الأمر الرابع: اتفق الجميع على أن هذا الأمر الذي تمّ بين الحكمين كان مشهودًا من مجموعة من رءوس الناس، وأعيانهم منهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن العباس، وعبد الله بن الزبير، والمغيرة بن شعبة، والأحنف بن قيس، وهؤلاء جميعًا من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم، فأين هم إذن بعد أن قام عمرو بن العاص- كما يزعم الكذابون- وقال ما ينسبونه إليه.

بين الحَكَمَيْن

بعد مشاورات كثيرة، ومحاورات، واختلاف في الرأي على أساس القضية، فكان أبو موسى الأشعري يؤيد علي بن أبي طالب رضي الله عنه في أنه تجب له البيعة من معاوية، ومن معه، وبعد أن تستقر الأمور يُؤخذ الثأر من قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه، ولكن عمرو بن العاص طالب بقتلهم أولًا، أو تسليمهم إليهم ليقتلوهم، وبعدها يبايعون، فلما تحدثا في هذا الأمر كثيرًا، ولم يصلا إلى شيءٍ، اتفقا على يُترك أمر تحديد الخلافة إلى مجموعة من الصحابة الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راضٍ، وهم أعيان وكبار الصحابة، وفيهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ لأنه من السابقين الأولين، ولا يكون فيهم معاوية بن أبي سفيان، ولا عمرو بن العاص رضي الله عنهما؛ لأنهما ليسا من السابقين، ويُستعان برأيهما إن رأى القوم أن يستعينوا برأيهما، وإن لم يروا فلا يستعينوا برأيهما.

واتفقوا بحضور الشهود على أن يكون هذا الاجتماع في العام المقبل في دومة الجندل، وذلك بعد أن يذهب هؤلاء الأعيان، ويتباحثون في الأمر ويرون الأولى به، وقد يكون الأولى به علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو الأقرب إلى الاحتمال، خاصة، وأن هذه المجموعة هي التي اختارت عليًا رضي الله عنه ابتداءً، وليس عندهم اعتراض على شخصيته، ولكن عمرو بن العاص رأى أنه ربما تغيّرت الآراء بعد ما جرى من أحداث.

وإلى أن يحين موعد هذا الاجتماع يحكم كلٌ من علي بن أبي طالب رضي الله عنه، ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه ما تحت يده في الدولة الإسلامية، وبعد تعيين الخليفة الجديد على الجميع أن يطيع الخليفة الجديد سواءً رأى قتل قتلة عثمان أولًا أو رأى تأخير ذلك.

ومن الواضح أن الحكم في ظاهره لصالح علي بن أبي طالب رضي الله عنه، خاصة وأن معاوية وعمرو بن العاص قد خرجا من الأمر تمامًا، ولم يكن لهما رأي في اختيار الخليفة الجديد.

وتفرق المسلمون على هذا الأمر، وهم راضون تمامًا حتى يجتمع كبار الصحابة لتحديد الخليفة، ولما وصل الأمر إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه رضي به، وكذلك عندما وصل إلى معاوية رضي الله عنه.

لكن الرواية الشيعية الكاذبة تقول: إن عليًا لما بلغه هذا الأمر غضب، وجهّز الجيوش لمحاربة معاوية ومن معه، وهذا ما لم يحدث على الإطلاق.

أمناء رسول الله صلي الله عليه وسلم

أمناء رسول الله صلي الله عليه وسلم

نبذة من الكتاب القاب اصحاب النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم )

لقب جماعة من الصحابة وبوب عليها العلماء المؤلفون مثل:
أبو بكر أمين الشاكرين
باب يذكر فيه أمناء رسول الله صلى الله عليه وسلم (السيرة الحلبية 459/3)
وفصل ذكر أمناء رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم اعلم أنه كان لرسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلّم عدة أمناء، (امتاع الاسماع 38/10)
و قد ذكر ابن عساكر من أمنائه أبا عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح القرشي الفهري أحد العشرة رضي الله عنه و عبد الرحمن بن عوف الزهري
و أما أبو عبيدة فقد روى البخاري من حديث أبي قلابة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لكل أمة أمين و أمين هذه الأمة أبو عبيدة ابن الجراح
منهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله تعالى عنه. كان أمين رسول الله صلى الله عليه وسلم على نسائه.
وكذا أبو أسد بن أسيد الساعدي، كان أمينه صلى الله عليه وسلم على نسائه
وبلال المؤذن رضي الله تعالى عنه، كان أمينه صلى الله عليه وسلم على نفقاته.
ومعيقيب، كان أمينه صلى الله عليه وسلم على خاتمه الشريف.
(السير ة الحلبية 459/3)
مروان بْن الجذع كَانَ أمين رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهمان خيبر. (اسد الغابة 368/4)
قصة امين رسول الله صلى الله عليه وسلم
جاء نعيم بن مسعود الغطفاني الى النبي صلّى الله عليه وسلم وأخبره أنه أسلم ولا يعلم قومه بإسلامه، فقال له النبي صلّى الله عليه وسلم: إنما أنت رجل واحد، فخذّل عنا ما استطعت، فان الحرب خدعة. فخرج نعيم حتى أتى بني قريظة وكان نديما لهم في الجاهلية، فقال لهم: عرفتم ودي إياكم، وقد ظاهرتم قريشا وغطفان على حرب محمد، وليسوا كأنتم: البلد بلدكم به أموالكم وأبناؤكم ونساؤكم لا تقدرون أن تتحوّلوا منه، وإنّ قريشا وغطفان إن رأوا نهزة وغنيمة أصابوها، وإن كان غير ذلك لحقوا ببلادهم وخلّوا بينكم وبين محمد، ولا طاقة لكم به، فلا تقاتلوا حتى تأخذوا منهم رهنا من أشرافهم حتى تناجزوا محمدا.
قالت بنو قريظة: أشرت بالنصح ولست عندنا بمنّهم.
ثم خرج نعيم الى قريش، فقال لهم: بلغني أن قريظة ندموا، وقد أرسلوا الى محمد: هل يرضيك عنا أن نأخذ من قريش وغطفان رجالا من أشرافهم فنعطيكهم فتضرب أعناقهم، ثم نكون معك على من بقي منهم؟
فأجابهم: أن نعم، فإن طلبت قريظة منكم رهنا من رجالكم، فلا تدفعوا لهم رجلا واحدا. وجاء نعيم غطفان فقال لهم: (أنتم أهلي وعشيرتي) ، وقال لهم مثل ما قال لقريش ... وحذّرهم!
أرسل أبو سفيان وسادة غطفان الى قريظة عكرمة بن أبي جهل في نفر من قريش وغطفان في ليلة سبت، وطلبوا منهم الاستعداد للهجوم نهار السبت، ولكنّ قريظة اعتذروا بأنهم لا يقاتلون يوم السبت، ثم طلبت قريظة رهائن من قريش وغطفان قبل أن تشرع بأي هجوم!
قالت قريش وغطفان: لقد صدق نعيم!
ولما رفض طلب قريظة بإعطائها رهائن من قريش وغطفان قالت: لقد صدق نعيم!
وتفرّقت قلوب الأحزاب فتفرقوا، فكان نعيم، بعد ذلك، يقول: أنا خذلت بين الأحزاب حتى تفرقوا في كل وجه، وأنا أمين رسول الله صلّى الله عليه وسلم على سره (سير اعلام النبلاء 41/8)
هؤلاء امناء رسول الله صلي الله عليه وسلم (رضي الله عنهم اجمعين).
موقع اهل الحديث

الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه

إِنَ الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا ،

مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له ،

 وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ ،
ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً ..
أمْا بَعد ...


هو أبو حفص عمر بن الخطاب أبن نفيل أبن عبد العزه أبن كعب أبن لوئ أبن فهر
فهو يلتقى مع النبى صلى الله عليه و سلم فى الجد الرابع فيلتقى مع النبى فى كعب ابن لؤى
فهو قريب النبى صلى الله عليه و صلى



ثاني الخلفاء الراشدين و أول من عمل بالتقويم الهجري. لقبه الفاروق. وكنيته أبو حفص

كان بأن الطول ( طويل جدا ) أذا رأيته يمشى كأنه راكب ‪,‬ مفتول العضل‪ , ‬ضخم الشارب ‪,‬ أبيض مشرئب بحمره ‪,‬
و حسن الوجه ‪,‬ أصلع ‪,‬ أذا مشى أسرع كأنما يدب الأرض ‪,‬ أذا تكلم أسمع ( جهورى الصوت )

كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قوياً غليظاً شجاعاً ذو قوة فائقة و كان قبل إسلامة أشد عداوة لدين الله و كان من أشد الناس عداوة لرسول
و لم يرق قلبة للإسلام أبداً
و فى يوم من الأيام قرر عمر بن الخطاب رضى الله عنه قتل سيدنا محمد فسن سيفة
و ذهب لقتل سيدنا محمد ، و فى الطريق وجد رجلاً من صحابة رسول الله ، و كان خافياً لإسلامة فقال له الصحابى إلى أين يا عمر ؟
قال سيدنا عمر رضى الله عنه ذاهب لأقتل محمداً , فقال له الصحابى وهل تتركك بنى عبد المطلب ؟ قال سيدنا عمر رضى الله عنه
للصحابى الجليل أراك اتبعت محمداً ؟! قال الصحابى لا و لكن أعلم يا عمر (( قبل أن تذهب إلى محمد لتقتله فأبدأ بآل بيتك أولاً ))
فقال عمر رضى الله عنه من ؟ قال له الصحابى : أختك فاطمة و زوجها إتبعوا محمداً , فقال عمر رضى الله عنه أو قد فعلت ؟
فقال الصحابى : نعم , فأنطلق سيدنا عمر رضى الله عنه مسرعاً غاضباً إلى دار سعيد بن زيد زوج أخته فاطمة , فطرق الباب
و كان سيدنا خباب بن الأرت يعلم السيدة فاطمة و سيدنا سعيد بن زيد القرأن , فعندما طرق عمر رضى الله عنه الباب
فتح سيدنا سعيد بن زيد الباب فأمسكة عمر و قال له : أراك صبأت ؟ فقال سيدنا سعيد يا عمر : أرأيت إن كان الحق فى غير دينك ؟
فضربه سيدنا عمر رضى الله عنه و أمسك أخته فقال لها : أراكى صبأتى ؟ فقالت يا عمر : أرأيت إن كان الحق فى غير دينك ؟
فضربها ضربة شقت وجهها , فسقطت من يدها صحيفة ( قرآن ) فقال لها ناولينى هذة الصحيفة فقالت له السيدة فاطمة
رضى الله عنها : أنت مشرك نجس إذهب فتوضأ ثم إقرأها , فتوضأ عمر رضى الله عنه ثم قرأ الصحيفة وكان فيها
{ طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2)إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى (3) تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4)
الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5) لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6)} سورة طـه
فأهتز عمر رضى الله عنه و قال ما هذا بكلام بشر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمداً رسول الله و قال دلونى على محمد ,
فقام له خباب بن الأرت و قال أنا ادلك عليه فذهب به خباب إلى دار الأرقم بن أبى الأرقم فطرق الباب عمر بن الخطاب رضى الله عنه
فقال الصحابة : من ؟ قال : عمر , فخاف الصحابة واختبؤا فقام حمزة بن عبد المطلب و قال يا رسول الله دعه لى ,
فقال الرسول أتركه يا حمزة , فدخل سيدنا عمر رضى الله عنه فأمسك به رسول الله ، و قال له : أما آن الأوان يا بن الخطاب ؟
فقال عمر رضى الله عنه إنى أشهد أن لا إله إلا الله و أنك رسول الله , فكبر الصحابة تكبيراً عظيماً سمعتة مكة كلها ,
فكان إسلام عمر رضى الله عنه نصر للمسلمين و عزة للإسلام و كان رسول الله ، يدعوا له دائما و يقول
(( اللهم أعز الإسلام بأحد العُمرين)) و هما ( عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام ) ,
و من هنا بادر سيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه بشجاعته و قام و قال لرسول الله ،: يا رسول الله : ألسنا على الحق ؟
قال الرسول نعم , قال عمر رضى الله عنه أليسوا على الباطل ؟ قال رسول الله ، : نعم ,
فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه : ففيما الإختفاء ؟ قال رسول الله ، : فما ترى يا عمر ؟
قال عمر رضى الله عنه : نخرج فنطوف بالكعبة , فقال له رسول الله ، : نعم يا عمر ,
فخرج المسلمون لأول مرة يكبروا و يهللوا فى صفين , صف على رأسة عمر بن الخطاب رضى الله عنه و صف على رأسة
حمزة بن عبد المطلب رضى الله عنه و بينهما رسول الله، يقولون: الله أكبر و لله الحمد حتى طافوا بالكعبة فخافت قريش
و دخلت بيوتها خوفاً من إسلام عمر رضى الله عنه و من الرسول ،و صحابته رضى الله عنهم

خرج عمر إلى صلاة الفجر يوم الأربعاء ٢٦ ذي الحجة سنة ٢٣ هـ يؤمّ الناس، فتربص به غلام اسمه فيروز وهو عبد للمغيرة بن شعبة
ويكنى أبا لؤلؤة وهو في الصلاة وانتظر حتى سجد، ثم طعنه ثلاث طعنات بخنجر مسموم كان معه، ثم تناول عمر يد عبدالرحمن بن عوف
فقدمه حتى يكمل الصلاة بالناس، وبعد الصلاة حمل المسلمون عمراً إلى داره.
فقال لابنه: "اذهب إلى أم المؤمنين عائشة فقل: يستأذن عمر أن يدفن مع صاحبيه"
فذهب إليها، فقالت: "كنت أريده -المكان- لنفسي، ولأوثرنّه اليوم على نفسي"،
فلما رجع وأخبر بذلك عمر، حمد الله ، فدفن بجانب النبي محمد، و أبو بكر كما أراد.

حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسَبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم، وتهيّؤوا للعرض الأكبر
رحم الله امرءاً أهدى إلينا عيوبنا
ما ندمت على سكوتي مرة ، لكنني ندمت على الكلام مراراً
من كثر ضحكه قلّت هيبته.
ليس العاقل من عرف الخير من الشر، وإنما من عرف خير الشرين

كان عمر دائم الرقابة لله في نفسه وفي أعماله وفي رعيته، بل إنه ليشعر بوطأة المسئولية عليه حتى تجاه البهائم العجماء
فيقول: "والله لو أن بغلة عثرت بشط الفرات لكنت مسئولا عنها أمام الله، لماذا لم أعبد لها الطريق".




وقد بلغ من شدة عدل عمر وورعه أنه لما أقام "عمرو بن العاص" الحد على "عبد الرحمن بن عمر" في شرب الخمر،
نهره وهدده بالعزل؛ لأنه لم يقم عليه الحد علانية أمام الناس، وأمره أن يرسل إليه ولده "عبد الرحمن" فلما دخل عليه وكان ضعيفًا
منهكًا من الجلد، أمر "عمر" بإقامة الحد عليه مرة أخرى علانية، وتدخل بعض الصحابة ليقنعوه بأنه قد أقيم عليه الحد مرة فلا يقام
عليه ثانية، ولكنه عنفهم، وضربه ثانية و"عبد الرحمن" يصيح: أنا مريض وأنت قاتلي، فلا يصغي إليه.
وبعد أن ضربه حبسه فمرض فمات .








ولم يقتصر مبدأ المساواة في التطبيق عند عمر على المعاملة الواحدة للناس كافة،
وإنما تعداه إلى شئون المجتمع الخاصة ومنها ما يتعلق بالخادم والمخدوم، فعن ابن عباس أنه قال: قدم عمر بن الخطاب حاجًّا،
فصنع له صفوان بن أمية طعاما، فجاءوا بجفنة يحملها أربعة، فوضعت بين يدى القوم يأكلون وقام الخدام
فقال عمر: أترغبونه عنهم؟ فقال سفيان بن عبد الله: لا والله يا أمير المؤمنين، ولكنا نستأثر عليهم، فغضب عمر غضبا شديدا، ثم قال:
ما لقوم يستأثرون على خدامهم، فعل الله بهم وفعل. ثم قال للخادم: اجلسوا فكلوا، فقعد الخدام يأكلون، ولم يأكل أمير المؤمنين.







جيء لعمر بن الخطاب في عام الرمادة بخبز مفتوت بسمن فدعا رجلاً بدويًّا ليأكل معه، فجعل البدوي يتبع باللقمة الودك في جانب الصفحة،
فقال له عمر: كأنك مقفر من الودك، فقال البدوي: أجل، ما أكلت سمنًا ولا زيتًا، ولا رأيت أكلاً له منذ كذا وكذا إلى اليوم،
فحلف عمر لا يذوق لحمًا ولا سمنًا حتى يحيا الناس، ولقد أجمع الرواة جميعًا أن عمر كان صارمًا في الوفاء بهذا القسم،
ومن ذلك، أنه لما قدمت إلى السوق عكة سمن ووطب من لبن، فاشتراهما غلام لعمر بأربعين درهمًا
ثم أتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين قد أبر الله يمينك وعظم أجرك، وقدم السوق وطب من لبن وعكة من سمن ابتعتهما بأربعين درهمًا،
فقال عمر: أغليت فتصدق بهما، فإني أكره أن آكل إسرافًا.
ثم أردف قائلاً: كيف يعنيني شأن الرعية إذا لم يمسني ما مسهم !!
وقد تأثر عمر في عام الرمادة حتى تغير لونه فعن عياض بن خليفة قال: رأيت عمر عام الرمادة وهو أسود اللون،
ولقد كان رجلاً عربيًّا يأكل السمن واللبن فلما أمحل الناس حرمهما، فأكل الزيت حتى غير لونه وجاع فأكثر،
وعن أسلم قال: كنا نقول: لو لم يرفع الله تعالى المحل عام الرمادة لظننا أن عمر يموت همًّا بأمر المسلمين








تقول زوجته عاتكة : كان يأتي إلى فراشه لينام فيطير منه النوم و يجلس يبكي ،
فأقول له : ما لك يا أمير المؤمنين ؟
فيقول : توليت أمر أُمة محمد صلى الله عليه و سلم ،
و فيهم المسكين و الضعيف و اليتيم و المظلوم ،
و أخشى أن يسألني الله عنهم يوم القيامة .




















مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه على الناس متسترا ليتعرف أخبار رعيته فرأى عجوزا فسلم عليها وقال لها ما فعل عمر؟
قالت : لا جزاه الله عني خيرا .
قال : ولم ؟ ، قالت : لأنه - والله - ما نالني من عطائه منذ ولي أمر المؤمنين دينار ولا درهم ف
قال لها : وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟
قالت : سبحان الله ! والله ما ظننت أن أحدا يلي عمل الناس ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها.
فبكى عمر ثم قال: وا عمراه ! كل أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر.
ثم قال لها: يا أمة الله ، بكم تبيعني ظلامتك من عمر؟ فإني أرحمه من النار قالت: لا تهزأ بنا يرحمك الله
فقال لها : لست بهزاء ، ولم يزل بها حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين دينارا
وبينما هو كذلك إذ أقبل علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما فقالا : السلام عليك يا أمير المؤمنين.
فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت : واسوأتاه أشتمت أمير المؤمنين في وجهه ! فقال لها عمر : لا بأس عليك رحمك الله،
ثم طلب رقعة يكتب فيها فلم يجد ، فقطع قطعة من ثوبه وكتب فيها
" بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها منذ ولي إلى يوم كذا وكذا بخمسة وعشرين دينارا ،
فما تدعى عند وقوفه في المحشر بين يدي الله تعالى فعمر منه بريء "
وشهد على ذلك علي بن أبي طالب وعبدالله بن مسعود ورفع عمر الكتاب إلى ولده وقال( إذا أنا مت فاجعله في كفني ، ألقى به ربي)







يقول سعد بن أبي وقاص: استأذن عمر بن الخطاب على النبي وعنده نساء من قريش يسألنه، ويستكثرنه عالية أصواتهم على صوته،
فلما استأذن عمر تبادرن الحجاب فأذن له رسول الله فدخل ورسول الله يضحك فقال: أضحك الله سنك يا رسول اللهِ بأبي أنت وأمي.
فقال الرسول : "عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك بادرن الحجاب". فقال عمر: أنت أحق أن يهبن يا رسول الله.
ثم أقبل عليهن فقال: أي عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول للهِ ؟ فقلن: نعم أنت أفظُّ وأغلظ من رسول الله .
فقال النبي : "إيه يا ابن الخطاب فوالذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قطُّ سالكا فجًّا إلا سلكَ فَجًّا غير فَجِّكَ".







حدث في عهد عمر بن الخطاب أن جاء ثلاثة أشخاص ممسكين بشاب وقالوا يا أمير المؤمنين نريد منك أن تقتص لنا من هذا الرجل
فقد قتل والدنا قال عمر بن الخطاب: لماذا قتلته؟
قال الرجل : إني راعى ابل وأعز جمالي أكل شجره من أرض أبوهم فضربه أبوهم بحجر فمات فامسكت نفس الحجر وضربته به فمات
قال عمر بن الخطاب : إذا سأقيم عليك الحد
قال الرجل : أمهلني ثلاثة أيام فقد مات أبي وترك لي كنزاً أنا وأخي الصغير فإذا قتلتني ضاع الكنز وضاع أخي من بعدي
فقال عمر بن الخطاب: ومن يضمنك
فنظر الرجل في وجوه الناس فقال هذا الرجل
فقال عمر بن الخطاب : يا أبا ذر هل تضمن هذا الرجل
فقال أبو ذر : نعم يا أمير المؤمنين
فقال عمر بن الخطاب : إنك لا تعرفه وأن هرب أقمت عليك الحد
فقال أبو ذر أنا أضمنه يا أمير المؤمنين
ورحل الرجل ومر اليوم الأول والثاني والثالث وكل الناس كانت قلقله على أبو ذر حتى لا يقام عليه الحد وقبل صلاة المغرب بقليل
جاء الرجل وهو يلهث وقد أشتد عليه التعب والإرهاق ووقف بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
قال الرجل : لقد سلمت الكنز وأخي لأخواله وأنا تحت يدك لتقيم علي الحد
فاستغرب عمر بن الخطاب وقال : ما الذي أرجعك كان ممكن أن تهرب ؟؟
فقال الرجل : خشيت أن يقال لقد ذهب الوفاء بالعهد من الناس
فسأل عمر بن الخطاب أبو ذر لماذا ضمنته ؟
فقال أبو ذر : خشيت أن يقال لقد ذهب الخير من الناس
فتأثر أولاد القتيل فقالوا لقد عفونا عنه
فقال عمر بن الخطاب : لماذا ؟
فقالوا نخشى أن يقال لقد ذهب العفو من الناس

بايزيد الأول .. صاعقة الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

السلطان بايزيد الأول سلطان الروم وصاعقة الإسلام، والفاتح الكبير والمجاهد العظيم، كان علمًا من أعلام الجهاد، بلغت الدولة العثمانية في عهده من العزَّة والمجد ما ذَكَّر المسلمين بأيام الصحابة والرسول –صلى الله عليه وسلم؛ فهو صاحب النصر في معركة نيكوبوليس التي كانت من أيام المسلمين الخالدة.

نشأة بايزيد الأول
كان في غاية الشجاعة والحماسة للجهاد في سبيل الله –عز وجل، غير أنه امتاز عمَّن سبقوه بسرعة الحركة وقوَّة الانقضاض على أعدائه؛ حتى لُقِّب بالصاعقة أو يلدرم باللغة التركية، وكان مجرَّد ذكر اسم يلدرم يُوقع الرعب في نفوس الأوربيين عمومًا، وأهل القسطنطينية خصوصًا، تولَّى بايزيد الحُكم بعد استشهاد أبيه مراد الأول في معركة (قوصوه) كوسوفا سنة (791هـ= 1389م).

فتوحاته في الأناضول
كانت دائمًا منطقة الأناضول أو آسيا الصغرى هي منطقة الانطلاق لأي سلطان عثماني جديد؛ ذلك لأن هذه المنطقة منقسمة على نفسها إلى عدَّة إمارات صغيرة؛ يحكمها أمراء متغلِّبُونَ على رقاب المسلمين فيها، وقد سعى السلطان مراد الأول إلى توحيد الأناضول بعدَّة وسائل، ولم يَكَدْ ينجح في ذلك حتى انفرط الْعِقْد مرَّة أخرى، فقد ثار هؤلاء الأمراء على العثمانيين، وسبَّبُوا لهم الكثير من المتاعب، وكانت ثوراتهم المتكرِّرة سببًا في صرف جهود العثمانيين عن حرب أوربا؛ وهذا ما جعل الأوربيين يلتقطون أنفاسهم، ويُشَكِّلُون تحالفات صليبية متكرِّرة لمحاربة العثمانيين.

وفي سنة (793هـ= 1391م) استطاع بايزيد أن يضمَّ إمارات: منتشا، وآيدين، وصاروخان دون قتال؛ وذلك بِنَاءً على رغبة سكان هذه الإمارات، وقد لجأ حُكَّام هذه الإمارات إلى إمارة إصفنديار، كما تنازل له أمير القرمان علاء الدين عن جزء من أملاكه بدلًا من ضياعها كلها، وقد اشتهر علاء الدين هذا بالغدر والخيانة، وأخبارُ جرائمه أيام السلطان مراد الأول مشهورة؛ لذلك فلم يكن مستغربًا على هذا الرجل أن يثور مرَّة أخرى أيام بايزيد؛ مستغلًّا انشغاله بالجهاد في أوربا؛ حيث قام علاء الدين بالهجوم على الحاميات العثمانية وأَسَرَ كبار قادة العثمانيين، واستردَّ بعض الأراضي، فعاد بايزيد بسرعته المعهودة وانقضَّ كالصاعقة على علاء الدين، وفَرَّق شمله، وضمَّ إمارة القرمان كلها إلى الدولة العثمانية، وتبعتها إمارة سيواس وتوقات، ثم شقَّ بايزيد الأول طريقه إلى إمارة إصفنديار؛ التي تحوَّلت إلى ملجأ للأمراء الفارِّين، وطلب بايزيد من أمير إصفنديار تسليم هؤلاء الثوَّار فأبى؛ فانقضَّ عليه بايزيد الصاعقة وضمَّ بلاده إليه، والتجأ الأمير ومَنْ معه إلى تيمورلنك.

فتوحات بايزيد الصاعقة في أوربا
بعدما فرغ بايزيد الأول من ترتيب الشأن الداخلي، والقضاء على ثورات الأناضول؛ اتَّجه إلى ناحية أوربا وبدأ أُولى خطواته هناك، وذلك بإقامة حِلْفٍ ودِّيٍّ مع الصرب، وتزوَّج بايزيد من أوليفير أخت الملك أصطفان بن لازار ملك الصرب؛ وبذلك أصبحت صربيا بمنزلة الحاجز القوي بين الدولة العثمانية وإمبراطورية المجر، التي كانت وقتها أقوى الممالك الأوربية، وتُلَقَّبُ بحامية الصليب، وكانت عَلاقة المجر والصرب متوتِّرة، فاستغلَّ بايزيد ذلك للتفرُّغ للدولة البيزنطية.

كان بايزيد (صاعقة الإسلام) يهدف من محالفته للصرب إلى التفرُّغ للوسط الأوربي والقسطنطينية؛ لذلك فقد قام بتوجيه ضربة خاطفة إلى بلغاريا وفتحها سنة (797هـ= 1394م).
وأصبحت بلغاريا من وقتها إمارة تابعة للدولة العثمانية، وفرض بايزيد على إمبراطور بيزنطة مانويل عدَّة شروط؛ منها:
1- إنشاء محكمة إسلامية، وتعيين قضاة مسلمين بها؛ للفصل في شئون الرعية المسلمة بها.
2- بناء مسجد كبير بها، والدعاء فيه للخليفة العباسي بمصر، ثم السلطان بايزيد، وذلك يوم الجمعة.
3- تخصيص 700 منزل داخل المدينة للجالية المسلمة بها.
4- زيادة الجزية المفروضة على الدولة البيزنطية.

معركة نيكوبوليس
كان سقوط بلغاريا وقبول مانويل للشروط السابقة كجرس الإنذار القوي لكلِّ الأوربيين؛ خاصَّة ملك المجر سيجسموند والبابا بونيفاس التاسع، فاتَّفق عزمُ الرجلين على تكوين حلف صليبي جديد لمواجهة العثمانيين، واجتهد سيجسموند في تضخيم حجم هذا الحلف وتدويله، باشتراك أكبر قدرٍ ممكن من الجنسيات المختلفة؛ وبالفعل جاء الحلف ضخمًا يضمُّ مائة وعشرين ألف مقاتل من مختلَف الجنسيات؛ مثل: ألمانيا، وفرنسا، وإنجلترا، وأسكتلندا، وسويسرا، وإيطاليا، ويقود الحلف سيجسموند ملك المجر، تحرَّكت الحملة الصليبية، وانحدروا مع نهر الدانوب، حتى وصلوا إلى مدينة نيكوبوليس في شمال البلقان، ولم يَكَدِ الصليبيون يدخلون المدينة حتى ظهر بايزيد ومعه مائة ألف مقاتل، وانتهت المعركة بنصر مبين للمسلمين، ذَكَّرَهُمْ بأيام المسلمين الأولى كبدر واليرموك .

معركة نيكوبوليس
وعلى الرغم من القضاء على القوات الصليبية فإن السلطان بايزيد انزعج لكثرة قتلى المسلمين في المعركة؛ التي قُدِّرَتْ بـ(30000) بثلاثين ألف قتيل! وتذكَّر السلطان بايزيد ما فعله الصليبيون بالحاميات الإسلامية في بلغاريا والمجر، فأمر السلطان بايزيد بقتل الأسرى كلهم (3000) ثلاثة آلاف أسير وفي رواية أخرى (10000) عشرة آلاف، ولم يُبْقِ إلَّا أكابر وعلية القوم؛ وذلك للحصول على فدية ضخمة منهم، وممَّن وقع في الأسر «الكونت دي نيفر»، أحد أكبر الأمراء في الجيش الصليبي، الذي أقسم بأغلظ الأيمان ألَّا يعود إلى محاربة المسلمين، وكاد أن يُقَبِّل قدم السلطان، لكنْ كان ردُّ السلطان بايزيد الأول المعتزّ بدينه، أن قال له: «إني أُجيز لك ألَّا تحفظ هذا اليمين؛ فأنت في حلٍّ من الرجوع إلى محاربتي وقت ما شئتَ». ثم استطرد قائلاً كلمته الشهيرة التي خَلَّدها له التاريخ، وكتبها من حروف من ذهب: «إذ إنه ما من شيء أحبّ إليَّ من محاربة جميع مسيحيِّي أوربا والانتصار عليهم».

نزل خبر الهزيمة على مسيحيِّي أوربا مثل الصاعقة، وانتظر المسيحيون سقوط الممالك المسيحية واحدة تلو الأخرى في قبضة السلطان بايزيد (صاعقة الإسلام)؛ وعلى النقيض أرسل السلطان بايزيد الرسائل إلى ملوك وسلاطين المسلمين في القاهرة وبغداد وبلاد ما وراء النهر، ومعها بعض الأسرى كدليل مادِّيٍّ على النصر المبين، وخلع عليه الخليفة في القاهرة أبو عبد الله محمد بن المعتضد المتوكل على الله لقب «سلطان الروم»، فأضاف بذلك شرعية جهاده ضد المسيحيين في أوربا.

وتُعتبر معركة نيكوبوليس بالنسبة إلى المسيحيين أعظم كارثة على الإطلاق في العصور الوسطى، وبلغ السلطان بايزيد قمَّة مجده بعد تلك المعركة، وفي نشوة الفرح والانتصار أعلن السلطان: «أنه سيفتح إيطاليا بإذن الله، وسيُطعم حصانه الشعير على مذبح كنيسة القديس بطرس في روما».

كارثة تيمورلنك
ظهرت أثناء تلك الفترة قوَّة بشرية ضخمة يقودها تيمورلنك؛ حيث استطاع هذا الرجل أن يُؤَسِّس إمبراطورية ضخمة مترامية الأطراف؛ فضمَّ بلاد ما وراء النهر وبلاد الشام والهند وموسكو وآسيا الصغرى.

وكان تيمورلنك يُؤْمِن أنه ما دام يُوجد في السماء إلهٌ واحد، فيجب أن يُوجد في الأرض ملكٌ واحد؛ فكان يَحْلُم بالسيطرة على العالم!

وما فرح ملوك أوربا بشيءٍ مثل فرحهم بظهور تيمورلنك؛ الذي وجدوا فيه خلاصهم الوحيد من السلطان بايزيد الأول، كما ارتحل كثير من أمراء الأناضول -الذين طردهم السلطان بايزيد الأول- إلى خدمة تيمورلنك واحتموا به، وبلغ ذلك إمبراطور بيزنطة وأمراء أوربا؛ فأرسلوا إلى تيمورلنك يستنجدون به من السلطان بايزيد الأول، وأوقدوا العداوة بينهما، وبالفعل طمع تيمورلنك في أملاك الدولة العثمانية، وبدأ بالهجوم على أطرافها في آسيا الصغرى، وانضمَّ إليه الأمراء الفارِّين من بايزيد الأول.

وهذا ما أزعج السلطان بايزيد إلى حدٍّ كبير؛ فصمَّم على ملاقاة هذا الطاغية وقتله، وخصوصًا بعد رسالة تيمورلنك إلى السلطان بايزيد؛ حيث أهانه ضمنيًّا حين ذَكَّره بغموض أصل أسرته، واستصغار شأنه، ولكنه ختم الرسالة بأن عرض عليه العفو على اعتبار الخدمات الجليلة التي قام بها آل عثمان لخدمة الإسلام!
فصمَّم السلطان بايزيد على محاربة الطاغية تيمورلنك، ثم يتفرَّغ بعد ذلك إلى فتح القسطنطينية، الذي كان وشيكًا جدًّا.

معركة أنقرة
في عام (408 هـ= 1402م) احتلَّ تيمورلنك سيواس في الأناضول، وأباد حاميتها هناك؛ التي كان يقوها أرطغرل ابن السلطان بايزيد، ولم يكتفِ بذلك بل أخذ الفرسان وأحنى رءوسهم بين أرجلهم، وألقاهم في خنادق واسعة وردمهم بالتراب!



معركة أنقرة بين تيمورلنك وبايزيد الأول
انزعج السلطان بايزيد واستصوب رفع الحصار عن القسطنطينية وملاقاة هذا الطاغية؛ فاجتمع الجيشان في سهل أنقرة في (19 من ذي الحجة 804هـ= 20 يوليو 1402م)، وقد كان في جيش بايزيد الأول آلاف من التتر، وكان قد أرسل لهم تيمورلنك سرًّا كتابًا يُخبرهم بأن ينضمُّوا إليه ويتركوا السلطان بايزيد، وأخبرهم: «نحن جنس واحد، وهؤلاء تركمان ندفعهم من بيننا، ويكون لكم الروم عوضهم». فأجابوه وواعدوه أنهم عند اللقاء يكونون معه!

ولم يَكَدْ يلتقي الجيشان في أنقرة حتى فرَّ الجنود التتر الذين كانوا في جيش بايزيد وجنود الإمارات الآسيوية التي فتحها منذ عهد قريب، وانضمُّوا إلى جيش تيمورلنك، فانتصر المغول، وكانت من ضمن أسباب الهزيمة اندفاع وعجلة بايزيد، فلم يُحسن اختيار المكان الذي نزل فيه بجيشه الذي لم يكن يزيد عن مائة وعشرين ألف مقاتل، بينما كان جيش خصمه لا يقلُّ عن ثمانمائة ألف، ومات كثير من جنود بايزيد عطشًا لقلَّة الماء، وكان الوقت صيفًا شديد القيظ.

أسر السلطان بايزيد الصاعقة
ووقع في المعركة السلطان بايزيد الأول في الأسر، واختلفت الروايات في كيفية معاملة تيمورلنك للسلطان المجاهد العظيم بايزيد الأول؛ فمنهم مَنْ قال: إنه أهانه ووضعه في قفص وأخذ يطوف به البلاد. ومنهم مَنْ يقول: إنه أكرمه وعظَّم شأنه. ولا ندري حقيقة كيف عُومل السلطان المجاهد الصاعقة بايزيد الأول، لكنْ ما ثبت في كتب التاريخ عمَّا فعله تيمورلنك عند وفاة السلطان بايزيد الأول يدلُّنا على أن تيمورلنك أحسن معاملة السلطان بايزيد في أسره.

وفاة بايزيد الصاعقة
مات السلطان بايزيد الصاعقة بعد ثمانية شهور كمدًا في أسره في (15 من شعبان 805هـ= 10 من مارس 1403م)، فظلَّ يرسف في أغلاله حتى مات رحمه الله تعالى، لم يتحمَّلِ الذلَّ والهوان والأسر، ولِمَ لا وهو السلطان المجاهد العظيم الصاعقة؛ الذي تَعَوَّد على النصر، والذي لم يركن إلى الراحة يومًا واحدًا، وظلَّ في جهادٍ دام أكثر من أربعة عشر عامًا، ووصلت جيوشه أماكن لم تُرفع فيها راية للمسلمين من قبلُ، ورُفع الآذان في عهده في القسطنطينية التي كادت أن تُفتح على يديه، وهو السلطان الذي ارتعدت فرائص ملوك الروم عند ذِكْر اسمه!

وعندما مات السلطان بايزيد الأول سمح تيمورلنك لابنه الأمير موسى بأخذ جثمان أبيه، ودفنه العثمانيون بجوار مسجده في مدينة بروصة في الأناضول، وقبره بها ما زال معلومًا إلى الآن، مات السلطان بايزيد الأول وقد بلغ من العمر 44 عامًا.

لقد كانت الصدمة شديدةً جدًّا على المسلمين في أنحاء الأرض؛ حتى إن تيمورلنك قام بفتح بعض البلاد الساحلية الصليبية وانتزعها من أيدي فرسان القديس يوحنا؛ محاولًا بذلك أن يُبَرِّر موقفه أمام الرأي العام الإسلامي، الذي اتهمه بأنه وَجَّه ضربة قاضية وشديدة للإسلام حين قضى على الدولة العثمانية وقضى على السلطان المجاهد العظيم الصاعقة بايزيد الأول.

عثمان بن عفان إمام من أئمة العمل الخيري الاسلامي

عثمان بن عفان إمام من أئمة العمل الخيري الاسلامي

الكاتب : الهيثم زعفان

يعد عثمان ابن عفان رضي الله عنه من أكثر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عطاءً وخيرية، فقد ساهم بماله في بناء الدولة الإسلامية، ولعبت مساهماته أدواراً رئيسية في تجاوز المسلمين لمحن مالية عديدة.
كما عرف عنه سعيه على الأرملة والمسكين وقضاء الدين، وكان سباقاً في تنافس الصحابة لتنفيذ توجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم في البذل والعطاء، والمطلع على سيرته رضي الله عنه يجد أروع الأمثلة في فعل الخيرات، ويلمس الإخلاص الحقيقي في الإنفاق، ذلك الإخلاص الذي قُبل ببشريات عديدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان ابن عفان رضي الله عنه خاصة. وسنحاول من خلال هذه المقالة تلمس بعض الجوانب الخيرية في سيرة هذا الخليفة الراشد، لنقتدي بها في حياتنا وفي أسلوب إنفاقنا الخيري، سائلين المولى عز وجل أن نكون من المُبشرين بالقبول والجنة.

ترجمته رضي الله عنه:

هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، ويلتقي نسبه بنسب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف، وهو أمير المؤمنين أبو عبد الله وأبو عمر، ولد بعد عام الفيل بست سنين على الصحيح، وزوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته رقية، وماتت عنده في أيام بدر، فزوجه بعدها أختها أم كلثوم، فلذلك كان يلقب ذا النورين. وجاء من أوجه متواترة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة وعده من أهل الجنة وشهد له بالشهادة، وروى أبو خيثمة في فضائل الصحابة من طريق الضحاك عن النزال بن سبرة قلنا لعلي: حدثنا عن عثمان قال ذاك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين، وروى الترمذي من طريق الحارث بن عبد الرحمن عن طلحة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل نبي رفيق ورفيقي في الجنة عثمان. وجاء من طرق كثيرة شهيرة صحيحة عن عثمان لما أن حاصروه انتشد الصحابة في أشياء منها تجهيزه جيش العسرة ومنها مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم عنه تحت الشجرة لما أرسله إلى مكة، ومنها شراؤه بئر رومة، وغير ذلك. وهو أول من هاجر إلى الحبشة ومعه زوجته رقية وتخلف عن بدر لتمريضها، فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره. وتخلف عن بيعة الرضوان لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد بعثه إلى مكة فأشيع أنهم قتلوه فكان ذلك سبب البيعة، فضرب إحدى يديه على الأخرى وقال هذه عن عثمان. وقال بن مسعود لما بويع بايعنا خيرنا ولم نأل وقال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه كان عثمان أوصلنا للرحم، وكذا قالت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها لما بلغها قتله، قتلوه وإنه لأوصلهم للرحم وأتقاهم للرب. وقال بن المبارك في الزهد أنبأنا الزبير بن عبد الله أن جدته أخبرته وكانت خادماً لعثمان وقالت كان عثمان لا يوقظ نائماً من أهله إلا أن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وضوءه، وكان يصوم الدهر. وكان عثمان لين العريكة كثير الإحسان والحلم. وقال بن إسحاق قتل على رأس إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهراً واثنين وعشرين يوماً من خلافته فيكون ذلك في ثاني وعشرين ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وقتل وهو بن اثنتين وثمانين سنة وأشهر على الصحيح المشهور ( الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر) .

صور من بعض مساهماته الخيرية رضي الله عنه :

1- بئر رومة

"بئر رومة" عين مائية بيثرب -المدينة المنورة- وقد كانت رومة قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة لا يشرب منها أحد إلا بثمن، فلما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء. وعندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة وجد أن الماء العذب قليل وليس بالمدينة ما يستعذب غير بئر رومة. وقد وردت روايات عديدة حول هذا البئر، ففي رواية النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما رأي هذا الحال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يشتري بئر رومه فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له في الجنة" ( صحيح النسائي، للألباني 2/766 ).
وفي رواية البخاري قال صلى الله عليه وسلم: "من حفر بئر رومة فله الجنة" ( أخرجه البخاري رقم 2778 معلقاً وهو صحيح لشواهده).
كما روي أن عين رومه كانت لرجل من بني غفار، وكان يبيع منها القربة بمد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبيعها بعين في الجنة" فقال يا رسول الله، ليس لي ولا لعيالي غيرها، فبلغ ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال أتجعل لي فيها ما جعلت له؟ قال: نعم، قال: قد جعلتها للمسلمين. وفي رواية أخرى أن رومه كانت ركية ليهودي يبيع المسلمين ماءها، فاشتراها عثمان بن عفان من اليهودي بعشرين ألف درهم، فجعلها عثمان للغني والفقير وابن السبيل( فتح الباري 5/408 ).

2- توسعة المسجد النبوي

بعد بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشار الإسلام وزيادة عدد المسلمين، ضاقت مساحة المسجد النبوي بالمسلمين، فرغب النبي صلى الله عليه وسلم من بعض الصحابة أن يشتري بقعة بجانب المسجد، لكي تضم إلى المسجد حتى يتسع لأهله، فقال صلى الله عليه وسلم، من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة؟ فاشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه من صلب ماله( صحيح سنن الترمذي للألباني3/209، رقم 2921 ) بخمسة وعشرين ألف درهم أو بعشرين ألفاً ثم أضيفت للمسجد ( صحيح سنن النسائي 2/766) وهكذا كان عثمان بن عفان سباقاً للخير ووسع على المسلمين ونال شرف أن يجري الله أول توسعة للمسجد النبوي على يديه رضي الله عنه وأرضاه.

3- تجهيز جيش العسرة

أثناء الاستعداد لغزوة تبوك حثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على التبرع والبذل، فأعطى كل مسلم على قدر وسعه، كما سارعت النساء بالحلي يقدمنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعين به في إعداد الجيش إلا أن التبرعات جميعها لم تكن لتغني أمام متطلبات تجهيز الجيش، فنظر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصفوف الطويلة العريضة من الذين تهيئوا للقتال وقال: من يجهز هؤلاء، ويغفر الله له؟ وما كاد عثمان يسمع نداء الرسول صلى الله عليه وسلم هذا حتى سارع إلى مغفرة من الله ورضوان وهكذا وجدت العسرة الضاغطة "عثمانها المعطاء" ( فتح الباري 7/67 ) وقام رضي الله عنه بتجهيز الجيش حتى لم يتركه بحاجة إلى خطام أو عقال.
يقول ابن شهاب الزهري قَدّم عثمان لجيش العسرة في غزوة تبوك تسعمائة وأربعين بعيراً، وستين فرساً أتم بها الألف، وجاء عثمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش العسرة بعشرة آلاف دينار صبها بين يديه، فجعل الرسول يقلبها بيده ويقول: ما ضر عثمان ما عمل بعد هذه ( سنن الترمذي رقم 3700) وعن عبد الرحمن بن سنرة رضي الله عنه قال: جاء عثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في ثوبه حين جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيش العسرة، قال: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده ويقول: ما ضّر ابن عفان ما عمل بعد اليوم يرددها مراراً. ( سنن الترمذي رقم 3702 ).

4- عثمان رضي الله عنه وقحط المطر

عن ابن عباس قال: قحط المطر على عهد أبي بكر الصديق فاجتمع الناس إلى أبي بكر فقالوا: السماء لم تمطر والارض لم تُنبت والناس في شدة شديدة فقال أبو بكر انصرفوا واصبروا فإنكم لا تُمسون حتى يُفرج الله الكريم عنكم، قال فما لبثنا أن جاء أجراء عثمان من الشام، فجاءته مائة راحلة بُراً- أو قال طعاماً- فاجتمع الناس إلى باب عثمان فقرعوا عليه الباب، فخرج إليهم عثمان في ملأ من الناس فقال: ما تشاءون؟ قالوا: الزمان قد قحط: السماء لا تمطر والارض لا تنبت والناس في شدة شديدة، وقد بلغنا أن عندك طعاماً فبعنا حتى نوسع على فقراء المسلمين. فقال عثمان: حباً وكرامة، ادخلوا فاشتروا، فدخل التجار فإذا الطعام موضوع في دار عثمان فقال يا معشر التجار كم تربحونني على شرائي من الشام ؟ قالوا للعشرة اثنا عشر، قال عثمان قد زادوني قال التجار يا أبا عمر ما بقي بالمدينة تجار غيرنا فمن زادك؟ قال: زادني الله – تبارك وتعالى- بكل درهم عشرة أعندكم زيادة ؟ قالوا: اللهم لا، قال: فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين، قال ابن عباس فرأيت من ليلتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو برذون أبلق ( الذي فيه سواد وبياض) عليه حُلَّة من نور، في رجليه نعلان من نور وبيده قصبة من نور وهو مستعجل. فقلت: يا رسول الله قد اشتَدّ شوقي إليك وإلى كلامك فأين تُبادر؟ قال: يا ابن عباس، إن عثمان قد تصدق بصدقة وإن الله قد قبلها منه وزوجه عروساً في الجنة وقد دعينا إلى عرسه. ( تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه، د.على محمد الصلابي).

5- عثمان رضي الله عنه وعتق رقبة كل جمعه

كان عثمان رضي الله عنه يعتق كل جمعه رقبة في سبيل الله منذ أسلم فجميع ما اعتقه ألفان وأربعمائة رقبة تقريباً. ( تيسر الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان). فقد أُثر عنه رضي الله عنه قوله: لقد اختبأتُ عند ربي عشراً: إني لرابع أربعة في الإسلام, وما تعتَّيْتُ ولا تمنيت,ولا وضعت يميني على فرجي منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا مرت بي جمعةٌ منذ أسلمت إلا وأنا أعتق فيها رقبة, إلا أن لا يكون عندي فأُعتقها بعد ذلك , ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام قط.

6- عثمان بن عفان رضي الله عنه وإسقاط الدين

روي أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان له على طلحة بن عبيد الله – وكان من أجود الناس- خمسون ألفاً، فقال له طلحة يوماً:- قد تهيأ مالك فاقبضه، فقال له عثمان رضي الله عنه: هو لك معونة على مروءتك. (تيسر الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان)

7- عثمان بن عفان رضي الله عنه وإطعام الطعام

سن عثمان رضي الله عنه سنة جديدة، حيث كان يضع الطعام في المسجد في رمضان ويقول: هو للمتعبد الذي يتخلف في المسجد وابن السبيل والمعترين ( والمعتر هو: الفقير، المعترض للمعروف بدون سؤال).
كما بلغ عثمان رضي الله عنه أن أبا سمال الأسدي ومعه نفر من أهل الكوفة ينادي مناد لهم إذا قدم الميار (الميارهو جالب الميرة – والميرة: الطعام ) أن من كان من القبائل ليس لقومهم بالكوفة منزل، فمنزله على أبي سمال. فاتخذ عثمان رضي الله عنه بعض الدور كمنازل للضيافة ينزل بها الغرباء ممن ليس لهم منزل ، ومن هذه الدور منزل عبد الله بن مسعود في هذيل، وكان الأضياف ينزلون داره في هذيل إذا ضاق عليهم ما حول المسجد. (تيسر الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان)
رضي الله عن خليفة المسلمين ورحمه رحمة واسعة، ورزقنا إنفاقه، وجعلنا الله من المقبولين.

~ سلسلة عظماء اسلموا ~ الحلقة الخامسة { لورين بوث .. شقيقة زوجة توني بلير

في عام 2010م أعلنت لورين بوث Lauren Booth الصحافية وناشطة حقوق الإنسان البريطانية، والأخت غير الشقيقة لزوجة رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير إسلامها.

أثار إعلان لورين بوث إسلامها عاصفةً من الانتقادات في بريطانيا والغرب، مما دفعها إلى كتابة مقالة في صحيفة (جارديان) بعنوان: الآن وقد صرت مسلمة.. لِمَ كل هذا الفزع؟(1).

وُلدت لورين بوث في شهر يوليو عام 1967م بلندن، وهي صحافية نشطة، وتهتم بما يدور في العالم من أحداث، وقادها بحثها عن الحقيقة لاعتناق الإسلام، وقد اشتهرت عالميًّا كناشطة في مجال حقوق الإنسان ومعارضة قوية للاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م، كما تُعَدُّ من أهم المنتقدين للحصار المفروض على غزة، وتنتقد سياسة الأوربيين في التعامل مع القضايا العربية، وفي القلب منها القضية الفلسطينية، وقد اشتهرت بمواقفها الرافضة لسياسة زوج شقيقتها رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.

ولشدَّة إيمانها بالحق العربي حصلت "لورين بوث" على الجنسية الفلسطينية من رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية عام 2008م، وقامت بعدة زيارات إلى قطاع غزة والضفة الغربية.

قصة إسلام لورين بوث
والسبب في إسلامها هو قربها من القضايا العربية والإسلامية بحكم عملها كصحفية، فلقد كانت من المعارضين للحرب على العراق وتُؤَيِّد القضية الفلسطينية،وكان لها ظهور في القنوات المختلفة، وتحكى هي عن نفسها أنها مرَّت بتجربة روحية من خلال طوافها بالعالم الإسلامي أدت بها في النهاية أن تنطق بالشهادتين في لندن.

وقد تحدَّثت "لورين بوث" في لقاء تلفزيوني لبرنامج "حوار خاص" على قناة الحوار، التي تبث من لندن بالمملكة المتحدة، وقالت: "الصورة التي تُرسم للإسلام في الغرب مشوهة، بينما نرسم لأنفسنا في الغرب من خلال الإعلام والسياسيين صورة الصالحين؛ فنبدو هنا كما لو كنَّا في مواجهة شيء عنيف ومعتدٍ، ويضطر سياسيونا إلى توضيح لماذا نغزو هذه الشعوب، ونستولي على تلك الأراضي؛ أي أن غير المسلمين في الغرب يُصَوِّرون أنفسهم كما لو كانوا قاهرين للشرِّ..

لكن حينما تذهب كما فعلتُ أنا إلى فلسطين ترى الشرَّ الهائل، الذي أنزلته الصهيونية بالشعب الفلسطيني بدعم من الحكومة البريطانية، ومن قبل الاتحاد الأوربي، وطبعًا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية؛ بما تُوَفِّره من قنابل ورصاص!".

هذه هي كلمات واحدة من الذين كانوا بالقرب من المطبخ الذي يعد فيه المكر للمسلمين.. فهل من يقظة إلى القضية الفلسطينية، ووضعها نُصب أعييننا لتحرير المسجد الأقصى وكامل التراب الفلسطيني؟

إسهامات لورين بوث
وتعدُّ لورين بوث من الناشطات في مجال التواصل المجتمعي، ولها صلات بالعديد من المنظمات والجمعيات الخيرية حول العالم، هذا بالطبع بجانب اهتمامها-بالقضية الفلسطينية- ومنها: "الاتحاد العالمي للصحفيين"، و"إعلاميون ضد الحرب". وغيرها من المنظمات والجمعيات التي تطالب بحقوق الإنسان.

وهي تشارك في العديد من الندوات والمؤتمرات والحفلات الإسلامية عبر الدول الإسلامية المختلفة، إضافة إلى ذلك فهي كاتبة في عدة صحف، ولها مقالات وأعمدة خاصة فيها، مثل: (الصانداي تايمز، الديلي ميل)،

سلسلة فضائل خال المؤمنين معاوية وتفنيد الشبة حوله العدد 1

إِنَ الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا ،

مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له ،

 وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ ،

ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً ..

أمْا بَعد ...




كثيراَ ما نسمع من الرافضة عليهم من الله ما يستحقون
انه لم يصح عن فضائل معاوية شيء
والجواب : قد قال ابن حجر الهيتمي عن ذلك فقال " الذي اطبق عليه أئمتنا الأصوليون والحفاظ أن الحديث الضعيف حجة في المناقب "
فأما ذكرهم من ان البخاري لم يذكر شيء من مناقبة
فيكفي من ذلك ان البخاري روى عنه رضي الله عنه والبخاري لا يروي الا عن ثقة
وقد كان البخاري يترضى عليه كلما ذكر اسمه ثم قد ثبت عند البخاري صحبته وفقهه كما نص عليه ابن عباس عنده .
وأيضاً فقد ثبت دعاء النبي لمعاوية عند غير البخاري وفيه " اللهم اجعله هادياً مهدياً واهده واهدي به " وقد اخرجه البخاري في التاريخ 4\1\327 وابن عساكر في تاريخة 2\133\1 ورجاله كلهم ثقات رجال مسلم
وحكم عليه الألباني بالصحة وذكر تحسين الترمذي له في "سننه 3842" وذكر له خمس طرق صحيحة وقال " وبالجملة فالحديث صحيح وهذه الطرق تزيده قوة " السلسلة الصحيحة 4\9691 مستدركا بذلك على تضعيف الحافظ له .
واعتبر ابن حجر الهيتمي هذا الحديث من غرر فضل معاوية واظهرها ثم قال " ومن جمع الله له بين هاتين المرتبتين كيف يتخيل فيه ما تقوله المبطلون ووصمه به المعاندون " تطهير اللسان 14
وتحت عنوان معاوية بن أبي سفيان وخلافته رضوان الله عليه أحتج الخلال بحديث " يكون بعدي اثنا عشر اميراص أو قال خليفة "رواه البخاري
وقد احتج ابن حجر الهيتمي بهذا الحديث وبالحديث الذي اثنى فيه النبي على الحسن لتنازله عن الخلافة الى معاوية حاقنا بذلك دماء المسلمين حيث قال " إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين فئتين عظيمتين من المؤمنين
قال ابن حجر " وبعد نزول الحسن لمعاوية اجتمع الناس عليه وسمي ذلك العام عام الجماعة ثم لم ينازعه احد من انه الخليفة الحق يومئذ " تطهير الجنان للهيتمي 19 و21 و49
وقال الخلال " اخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال : قلت لاحمد بن حنبل اليس قال النبي " كل صهر ونسب ينقطع الا صهري ونسبي " قال بلى قلت وهذه لمعاوية قال نعم له صهر ونسب قال وسمعت ابن حنبل يقول ما لهم ولمعاوية نسأل الله العافية " السنة للخلال 432\2 رقم 654 واسناد الحديث حسن .
وقدعد ابن حجر الهيتمي ذلك من ابرز فضائله فقال ومنه فوزه بمصاهرته صلى الله عليه وسلم فإن ام حبيبه ام المؤمنين رضي الله عنها أخته فلعلك تنكف أو تكف غيرك عن الخوض في عرض أحد ممن اصطفاهم الله لمصاهرة رسوله " تطهير الجنان ص17 _18
قال " وحاشا معاوية صاحب رسول الله وصهرة وكاتبه وأمين وحيه ...... أن يكون جاهلا او مغروراً " تطهير الجنان 51 .
قال الشيخ الدمشقية : وأمين ولاية الشام طيلة عهد الخلفاء الراشدين
.......................................
معاوية خال المؤمنين :
قال الخلال " أخبرني أحمد بن هارون ومحمد بن جعفر أن أبا الحارث حدثهم قال : وجهنا رقعة الى أبي عبد الله :ما تقول رحمك الله فيمن قال : لا اقول إن معاوية كاتب الوحي ولا اقول انه خال المؤمنين فإنه اخذها بسيف عصباً قال احمد بن حنبل : هذا قول سوء رديء يجانبون هؤلاء القوم ولا يجالسون ونبين أمرهم لناس "السنة للخلال 2\434رقم 659
...............................................
تفضيل السلف معاوية على عمر بن عبد العزيز
وقال " أخبرنا أبو بكر المروذي قال قلت لأبي عبد الله : أيهما أفضل معاوية ام عمر بن عبد العزيز فقال معاوية أفضل لسنا نقيس بأصحاب رسول الله أحداً قال النبي " خير الناس قرني الذين بعثت فيهم " السنة للخلال 434 رقم 660 والحديث في البخاري
وفي رواية " من رأى رسول الله أي من رأه فهو افضل " السنة للخلال 434 رقم 661
وفي رواية ذكرها ابن حجر الهيتمي " لا يقاس بأصحاب النبي احد . معاوية صاحبه وصهره وكاتبه وأمينه على وحي الله " تطهير الجنان 12
وفي رواية أخرى " كان معاوية أفضل من ستمائة مثل عمر بن عبد العزيز " السنة للخلال 435\2 رقم 664
بل قد نهى أحمد بن حنبل عن مؤاكلة منتقص معاوية . فعن أبي بكر " حبيش " بن سندي قال : سمعت أبا عبد الله وسأله رجل : لي خال ينتقص معاوية وربما أكلت معه فقال أبو عبد الله مبادراً لا تأكل معه رواه الخلال في السنة 448\2 .
بل نهى احمد عن التسليم على الرافضي أو الصلاة عليه اذا كان داعية لمذهبه . السنة للخلال 494\2 رقم 785
واخرج ابن عساكر في فتح الباري 13\86 في ترجمة معاوية من طريق ابن مندة ثم من طريق ابي القاسم ابن اخي ابي زرعة الرازي قال " جاء رجل الى عمي فقال اني ابغض معاوية . قال لماذا ؟ قال لانه قاتل عليا بغير حق . قال ابو زرعة الرازي " رب معاوية رب رحيم . وخصم معاوية خصم كريم فما دخولك بينهما "
وقد قال الجويني " معاوية _وان قاتل عليا فانه لاينكر امامته ولا يدعيها لنفسه وانما كان يطالب قتلة عثمان ظنا انه مصيب وكان مخطئا وعلي رضي الله عنهم وعنه متمسك بالحق " لمع الادلة ص115
....................................
شبهة حول خال المؤمنين وتفنيدها
كثير ما حتج الروافض بهذه الرواية
"أن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال لعبد الله بن عمرو بن العاص " إن ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل اموالنا بيننا بالباطل ونقتل انفسنا فسكت عبد الله بن عمرو ساعة ثم قال أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله " صحيح مسلم
فلقد فصل النووي هذه الشبهة وقد أحكم رحمه الله الجواب
فقال " المقصود بهذا الكلام أن هذا القائل لما سمع كلام عبد الله بن عمرو بن العاص وذكر الحديث في تحريم منازعة الخليفة الأول وأن الثاني يقتل فاعتقد هذا القائل أن الوصف (صار لا زماً ) في معاوية لمنازعته علياً رضي الله عنه وكانت قد سبقت بيعة علي فرأى هذا أن نفقة معاوية على أجناده وأتباعه في الحرب على منازعته ومقاتلته إياه من أكل المال بالباطل ومن قتل النفس لأنه قتال بغير حق فلا يستحق أحد مالاً في مقاتلته " شرح النووي على مسلم 476\12

زياد علي

زياد علي محمد