عثمان بن عفان إمام من أئمة العمل الخيري الاسلامي
الكاتب : الهيثم زعفان
يعد عثمان ابن عفان رضي الله عنه من أكثر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عطاءً وخيرية، فقد ساهم بماله في بناء الدولة الإسلامية، ولعبت مساهماته أدواراً رئيسية في تجاوز المسلمين لمحن مالية عديدة.
كما عرف عنه سعيه على الأرملة والمسكين وقضاء الدين، وكان سباقاً في تنافس الصحابة لتنفيذ توجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم في البذل والعطاء، والمطلع على سيرته رضي الله عنه يجد أروع الأمثلة في فعل الخيرات، ويلمس الإخلاص الحقيقي في الإنفاق، ذلك الإخلاص الذي قُبل ببشريات عديدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان ابن عفان رضي الله عنه خاصة. وسنحاول من خلال هذه المقالة تلمس بعض الجوانب الخيرية في سيرة هذا الخليفة الراشد، لنقتدي بها في حياتنا وفي أسلوب إنفاقنا الخيري، سائلين المولى عز وجل أن نكون من المُبشرين بالقبول والجنة.
ترجمته رضي الله عنه:
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، ويلتقي نسبه بنسب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف، وهو أمير المؤمنين أبو عبد الله وأبو عمر، ولد بعد عام الفيل بست سنين على الصحيح، وزوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته رقية، وماتت عنده في أيام بدر، فزوجه بعدها أختها أم كلثوم، فلذلك كان يلقب ذا النورين. وجاء من أوجه متواترة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة وعده من أهل الجنة وشهد له بالشهادة، وروى أبو خيثمة في فضائل الصحابة من طريق الضحاك عن النزال بن سبرة قلنا لعلي: حدثنا عن عثمان قال ذاك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين، وروى الترمذي من طريق الحارث بن عبد الرحمن عن طلحة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل نبي رفيق ورفيقي في الجنة عثمان. وجاء من طرق كثيرة شهيرة صحيحة عن عثمان لما أن حاصروه انتشد الصحابة في أشياء منها تجهيزه جيش العسرة ومنها مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم عنه تحت الشجرة لما أرسله إلى مكة، ومنها شراؤه بئر رومة، وغير ذلك. وهو أول من هاجر إلى الحبشة ومعه زوجته رقية وتخلف عن بدر لتمريضها، فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره. وتخلف عن بيعة الرضوان لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد بعثه إلى مكة فأشيع أنهم قتلوه فكان ذلك سبب البيعة، فضرب إحدى يديه على الأخرى وقال هذه عن عثمان. وقال بن مسعود لما بويع بايعنا خيرنا ولم نأل وقال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه كان عثمان أوصلنا للرحم، وكذا قالت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها لما بلغها قتله، قتلوه وإنه لأوصلهم للرحم وأتقاهم للرب. وقال بن المبارك في الزهد أنبأنا الزبير بن عبد الله أن جدته أخبرته وكانت خادماً لعثمان وقالت كان عثمان لا يوقظ نائماً من أهله إلا أن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وضوءه، وكان يصوم الدهر. وكان عثمان لين العريكة كثير الإحسان والحلم. وقال بن إسحاق قتل على رأس إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهراً واثنين وعشرين يوماً من خلافته فيكون ذلك في ثاني وعشرين ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وقتل وهو بن اثنتين وثمانين سنة وأشهر على الصحيح المشهور ( الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر) .
صور من بعض مساهماته الخيرية رضي الله عنه :
1- بئر رومة
"بئر رومة" عين مائية بيثرب -المدينة المنورة- وقد كانت رومة قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة لا يشرب منها أحد إلا بثمن، فلما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء. وعندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة وجد أن الماء العذب قليل وليس بالمدينة ما يستعذب غير بئر رومة. وقد وردت روايات عديدة حول هذا البئر، ففي رواية النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما رأي هذا الحال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يشتري بئر رومه فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له في الجنة" ( صحيح النسائي، للألباني 2/766 ).
وفي رواية البخاري قال صلى الله عليه وسلم: "من حفر بئر رومة فله الجنة" ( أخرجه البخاري رقم 2778 معلقاً وهو صحيح لشواهده).
كما روي أن عين رومه كانت لرجل من بني غفار، وكان يبيع منها القربة بمد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبيعها بعين في الجنة" فقال يا رسول الله، ليس لي ولا لعيالي غيرها، فبلغ ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال أتجعل لي فيها ما جعلت له؟ قال: نعم، قال: قد جعلتها للمسلمين. وفي رواية أخرى أن رومه كانت ركية ليهودي يبيع المسلمين ماءها، فاشتراها عثمان بن عفان من اليهودي بعشرين ألف درهم، فجعلها عثمان للغني والفقير وابن السبيل( فتح الباري 5/408 ).
2- توسعة المسجد النبوي
بعد بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشار الإسلام وزيادة عدد المسلمين، ضاقت مساحة المسجد النبوي بالمسلمين، فرغب النبي صلى الله عليه وسلم من بعض الصحابة أن يشتري بقعة بجانب المسجد، لكي تضم إلى المسجد حتى يتسع لأهله، فقال صلى الله عليه وسلم، من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة؟ فاشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه من صلب ماله( صحيح سنن الترمذي للألباني3/209، رقم 2921 ) بخمسة وعشرين ألف درهم أو بعشرين ألفاً ثم أضيفت للمسجد ( صحيح سنن النسائي 2/766) وهكذا كان عثمان بن عفان سباقاً للخير ووسع على المسلمين ونال شرف أن يجري الله أول توسعة للمسجد النبوي على يديه رضي الله عنه وأرضاه.
3- تجهيز جيش العسرة
أثناء الاستعداد لغزوة تبوك حثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على التبرع والبذل، فأعطى كل مسلم على قدر وسعه، كما سارعت النساء بالحلي يقدمنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعين به في إعداد الجيش إلا أن التبرعات جميعها لم تكن لتغني أمام متطلبات تجهيز الجيش، فنظر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصفوف الطويلة العريضة من الذين تهيئوا للقتال وقال: من يجهز هؤلاء، ويغفر الله له؟ وما كاد عثمان يسمع نداء الرسول صلى الله عليه وسلم هذا حتى سارع إلى مغفرة من الله ورضوان وهكذا وجدت العسرة الضاغطة "عثمانها المعطاء" ( فتح الباري 7/67 ) وقام رضي الله عنه بتجهيز الجيش حتى لم يتركه بحاجة إلى خطام أو عقال.
يقول ابن شهاب الزهري قَدّم عثمان لجيش العسرة في غزوة تبوك تسعمائة وأربعين بعيراً، وستين فرساً أتم بها الألف، وجاء عثمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش العسرة بعشرة آلاف دينار صبها بين يديه، فجعل الرسول يقلبها بيده ويقول: ما ضر عثمان ما عمل بعد هذه ( سنن الترمذي رقم 3700) وعن عبد الرحمن بن سنرة رضي الله عنه قال: جاء عثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في ثوبه حين جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيش العسرة، قال: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده ويقول: ما ضّر ابن عفان ما عمل بعد اليوم يرددها مراراً. ( سنن الترمذي رقم 3702 ).
4- عثمان رضي الله عنه وقحط المطر
عن ابن عباس قال: قحط المطر على عهد أبي بكر الصديق فاجتمع الناس إلى أبي بكر فقالوا: السماء لم تمطر والارض لم تُنبت والناس في شدة شديدة فقال أبو بكر انصرفوا واصبروا فإنكم لا تُمسون حتى يُفرج الله الكريم عنكم، قال فما لبثنا أن جاء أجراء عثمان من الشام، فجاءته مائة راحلة بُراً- أو قال طعاماً- فاجتمع الناس إلى باب عثمان فقرعوا عليه الباب، فخرج إليهم عثمان في ملأ من الناس فقال: ما تشاءون؟ قالوا: الزمان قد قحط: السماء لا تمطر والارض لا تنبت والناس في شدة شديدة، وقد بلغنا أن عندك طعاماً فبعنا حتى نوسع على فقراء المسلمين. فقال عثمان: حباً وكرامة، ادخلوا فاشتروا، فدخل التجار فإذا الطعام موضوع في دار عثمان فقال يا معشر التجار كم تربحونني على شرائي من الشام ؟ قالوا للعشرة اثنا عشر، قال عثمان قد زادوني قال التجار يا أبا عمر ما بقي بالمدينة تجار غيرنا فمن زادك؟ قال: زادني الله – تبارك وتعالى- بكل درهم عشرة أعندكم زيادة ؟ قالوا: اللهم لا، قال: فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين، قال ابن عباس فرأيت من ليلتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو برذون أبلق ( الذي فيه سواد وبياض) عليه حُلَّة من نور، في رجليه نعلان من نور وبيده قصبة من نور وهو مستعجل. فقلت: يا رسول الله قد اشتَدّ شوقي إليك وإلى كلامك فأين تُبادر؟ قال: يا ابن عباس، إن عثمان قد تصدق بصدقة وإن الله قد قبلها منه وزوجه عروساً في الجنة وقد دعينا إلى عرسه. ( تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه، د.على محمد الصلابي).
5- عثمان رضي الله عنه وعتق رقبة كل جمعه
كان عثمان رضي الله عنه يعتق كل جمعه رقبة في سبيل الله منذ أسلم فجميع ما اعتقه ألفان وأربعمائة رقبة تقريباً. ( تيسر الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان). فقد أُثر عنه رضي الله عنه قوله: لقد اختبأتُ عند ربي عشراً: إني لرابع أربعة في الإسلام, وما تعتَّيْتُ ولا تمنيت,ولا وضعت يميني على فرجي منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا مرت بي جمعةٌ منذ أسلمت إلا وأنا أعتق فيها رقبة, إلا أن لا يكون عندي فأُعتقها بعد ذلك , ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام قط.
6- عثمان بن عفان رضي الله عنه وإسقاط الدين
روي أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان له على طلحة بن عبيد الله – وكان من أجود الناس- خمسون ألفاً، فقال له طلحة يوماً:- قد تهيأ مالك فاقبضه، فقال له عثمان رضي الله عنه: هو لك معونة على مروءتك. (تيسر الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان)
7- عثمان بن عفان رضي الله عنه وإطعام الطعام
سن عثمان رضي الله عنه سنة جديدة، حيث كان يضع الطعام في المسجد في رمضان ويقول: هو للمتعبد الذي يتخلف في المسجد وابن السبيل والمعترين ( والمعتر هو: الفقير، المعترض للمعروف بدون سؤال).
كما بلغ عثمان رضي الله عنه أن أبا سمال الأسدي ومعه نفر من أهل الكوفة ينادي مناد لهم إذا قدم الميار (الميارهو جالب الميرة – والميرة: الطعام ) أن من كان من القبائل ليس لقومهم بالكوفة منزل، فمنزله على أبي سمال. فاتخذ عثمان رضي الله عنه بعض الدور كمنازل للضيافة ينزل بها الغرباء ممن ليس لهم منزل ، ومن هذه الدور منزل عبد الله بن مسعود في هذيل، وكان الأضياف ينزلون داره في هذيل إذا ضاق عليهم ما حول المسجد. (تيسر الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان)
رضي الله عن خليفة المسلمين ورحمه رحمة واسعة، ورزقنا إنفاقه، وجعلنا الله من المقبولين.
الكاتب : الهيثم زعفان
يعد عثمان ابن عفان رضي الله عنه من أكثر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عطاءً وخيرية، فقد ساهم بماله في بناء الدولة الإسلامية، ولعبت مساهماته أدواراً رئيسية في تجاوز المسلمين لمحن مالية عديدة.
كما عرف عنه سعيه على الأرملة والمسكين وقضاء الدين، وكان سباقاً في تنافس الصحابة لتنفيذ توجيهات رسول الله صلى الله عليه وسلم في البذل والعطاء، والمطلع على سيرته رضي الله عنه يجد أروع الأمثلة في فعل الخيرات، ويلمس الإخلاص الحقيقي في الإنفاق، ذلك الإخلاص الذي قُبل ببشريات عديدة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعثمان ابن عفان رضي الله عنه خاصة. وسنحاول من خلال هذه المقالة تلمس بعض الجوانب الخيرية في سيرة هذا الخليفة الراشد، لنقتدي بها في حياتنا وفي أسلوب إنفاقنا الخيري، سائلين المولى عز وجل أن نكون من المُبشرين بالقبول والجنة.
ترجمته رضي الله عنه:
هو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، ويلتقي نسبه بنسب رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف، وهو أمير المؤمنين أبو عبد الله وأبو عمر، ولد بعد عام الفيل بست سنين على الصحيح، وزوجه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته رقية، وماتت عنده في أيام بدر، فزوجه بعدها أختها أم كلثوم، فلذلك كان يلقب ذا النورين. وجاء من أوجه متواترة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشره بالجنة وعده من أهل الجنة وشهد له بالشهادة، وروى أبو خيثمة في فضائل الصحابة من طريق الضحاك عن النزال بن سبرة قلنا لعلي: حدثنا عن عثمان قال ذاك امرؤ يدعى في الملأ الأعلى ذا النورين، وروى الترمذي من طريق الحارث بن عبد الرحمن عن طلحة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل نبي رفيق ورفيقي في الجنة عثمان. وجاء من طرق كثيرة شهيرة صحيحة عن عثمان لما أن حاصروه انتشد الصحابة في أشياء منها تجهيزه جيش العسرة ومنها مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم عنه تحت الشجرة لما أرسله إلى مكة، ومنها شراؤه بئر رومة، وغير ذلك. وهو أول من هاجر إلى الحبشة ومعه زوجته رقية وتخلف عن بدر لتمريضها، فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم بسهمه وأجره. وتخلف عن بيعة الرضوان لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد بعثه إلى مكة فأشيع أنهم قتلوه فكان ذلك سبب البيعة، فضرب إحدى يديه على الأخرى وقال هذه عن عثمان. وقال بن مسعود لما بويع بايعنا خيرنا ولم نأل وقال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه كان عثمان أوصلنا للرحم، وكذا قالت أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها لما بلغها قتله، قتلوه وإنه لأوصلهم للرحم وأتقاهم للرب. وقال بن المبارك في الزهد أنبأنا الزبير بن عبد الله أن جدته أخبرته وكانت خادماً لعثمان وقالت كان عثمان لا يوقظ نائماً من أهله إلا أن يجده يقظان فيدعوه فيناوله وضوءه، وكان يصوم الدهر. وكان عثمان لين العريكة كثير الإحسان والحلم. وقال بن إسحاق قتل على رأس إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهراً واثنين وعشرين يوماً من خلافته فيكون ذلك في ثاني وعشرين ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وقتل وهو بن اثنتين وثمانين سنة وأشهر على الصحيح المشهور ( الإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر) .
صور من بعض مساهماته الخيرية رضي الله عنه :
1- بئر رومة
"بئر رومة" عين مائية بيثرب -المدينة المنورة- وقد كانت رومة قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة لا يشرب منها أحد إلا بثمن، فلما قدم المهاجرون المدينة استنكروا الماء. وعندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة وجد أن الماء العذب قليل وليس بالمدينة ما يستعذب غير بئر رومة. وقد وردت روايات عديدة حول هذا البئر، ففي رواية النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما رأي هذا الحال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من يشتري بئر رومه فيجعل دلوه مع دلاء المسلمين بخير له في الجنة" ( صحيح النسائي، للألباني 2/766 ).
وفي رواية البخاري قال صلى الله عليه وسلم: "من حفر بئر رومة فله الجنة" ( أخرجه البخاري رقم 2778 معلقاً وهو صحيح لشواهده).
كما روي أن عين رومه كانت لرجل من بني غفار، وكان يبيع منها القربة بمد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تبيعها بعين في الجنة" فقال يا رسول الله، ليس لي ولا لعيالي غيرها، فبلغ ذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه فاشتراها بخمسة وثلاثين ألف درهم، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم: فقال أتجعل لي فيها ما جعلت له؟ قال: نعم، قال: قد جعلتها للمسلمين. وفي رواية أخرى أن رومه كانت ركية ليهودي يبيع المسلمين ماءها، فاشتراها عثمان بن عفان من اليهودي بعشرين ألف درهم، فجعلها عثمان للغني والفقير وابن السبيل( فتح الباري 5/408 ).
2- توسعة المسجد النبوي
بعد بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتشار الإسلام وزيادة عدد المسلمين، ضاقت مساحة المسجد النبوي بالمسلمين، فرغب النبي صلى الله عليه وسلم من بعض الصحابة أن يشتري بقعة بجانب المسجد، لكي تضم إلى المسجد حتى يتسع لأهله، فقال صلى الله عليه وسلم، من يشتري بقعة آل فلان فيزيدها في المسجد بخير له منها في الجنة؟ فاشتراها عثمان بن عفان رضي الله عنه من صلب ماله( صحيح سنن الترمذي للألباني3/209، رقم 2921 ) بخمسة وعشرين ألف درهم أو بعشرين ألفاً ثم أضيفت للمسجد ( صحيح سنن النسائي 2/766) وهكذا كان عثمان بن عفان سباقاً للخير ووسع على المسلمين ونال شرف أن يجري الله أول توسعة للمسجد النبوي على يديه رضي الله عنه وأرضاه.
3- تجهيز جيش العسرة
أثناء الاستعداد لغزوة تبوك حثّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين على التبرع والبذل، فأعطى كل مسلم على قدر وسعه، كما سارعت النساء بالحلي يقدمنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستعين به في إعداد الجيش إلا أن التبرعات جميعها لم تكن لتغني أمام متطلبات تجهيز الجيش، فنظر الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الصفوف الطويلة العريضة من الذين تهيئوا للقتال وقال: من يجهز هؤلاء، ويغفر الله له؟ وما كاد عثمان يسمع نداء الرسول صلى الله عليه وسلم هذا حتى سارع إلى مغفرة من الله ورضوان وهكذا وجدت العسرة الضاغطة "عثمانها المعطاء" ( فتح الباري 7/67 ) وقام رضي الله عنه بتجهيز الجيش حتى لم يتركه بحاجة إلى خطام أو عقال.
يقول ابن شهاب الزهري قَدّم عثمان لجيش العسرة في غزوة تبوك تسعمائة وأربعين بعيراً، وستين فرساً أتم بها الألف، وجاء عثمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش العسرة بعشرة آلاف دينار صبها بين يديه، فجعل الرسول يقلبها بيده ويقول: ما ضر عثمان ما عمل بعد هذه ( سنن الترمذي رقم 3700) وعن عبد الرحمن بن سنرة رضي الله عنه قال: جاء عثمان بن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم بألف دينار في ثوبه حين جهز النبي صلى الله عليه وسلم جيش العسرة، قال: فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده ويقول: ما ضّر ابن عفان ما عمل بعد اليوم يرددها مراراً. ( سنن الترمذي رقم 3702 ).
4- عثمان رضي الله عنه وقحط المطر
عن ابن عباس قال: قحط المطر على عهد أبي بكر الصديق فاجتمع الناس إلى أبي بكر فقالوا: السماء لم تمطر والارض لم تُنبت والناس في شدة شديدة فقال أبو بكر انصرفوا واصبروا فإنكم لا تُمسون حتى يُفرج الله الكريم عنكم، قال فما لبثنا أن جاء أجراء عثمان من الشام، فجاءته مائة راحلة بُراً- أو قال طعاماً- فاجتمع الناس إلى باب عثمان فقرعوا عليه الباب، فخرج إليهم عثمان في ملأ من الناس فقال: ما تشاءون؟ قالوا: الزمان قد قحط: السماء لا تمطر والارض لا تنبت والناس في شدة شديدة، وقد بلغنا أن عندك طعاماً فبعنا حتى نوسع على فقراء المسلمين. فقال عثمان: حباً وكرامة، ادخلوا فاشتروا، فدخل التجار فإذا الطعام موضوع في دار عثمان فقال يا معشر التجار كم تربحونني على شرائي من الشام ؟ قالوا للعشرة اثنا عشر، قال عثمان قد زادوني قال التجار يا أبا عمر ما بقي بالمدينة تجار غيرنا فمن زادك؟ قال: زادني الله – تبارك وتعالى- بكل درهم عشرة أعندكم زيادة ؟ قالوا: اللهم لا، قال: فإني أشهد الله أني قد جعلت هذا الطعام صدقة على فقراء المسلمين، قال ابن عباس فرأيت من ليلتي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وهو برذون أبلق ( الذي فيه سواد وبياض) عليه حُلَّة من نور، في رجليه نعلان من نور وبيده قصبة من نور وهو مستعجل. فقلت: يا رسول الله قد اشتَدّ شوقي إليك وإلى كلامك فأين تُبادر؟ قال: يا ابن عباس، إن عثمان قد تصدق بصدقة وإن الله قد قبلها منه وزوجه عروساً في الجنة وقد دعينا إلى عرسه. ( تيسير الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان رضي الله عنه، د.على محمد الصلابي).
5- عثمان رضي الله عنه وعتق رقبة كل جمعه
كان عثمان رضي الله عنه يعتق كل جمعه رقبة في سبيل الله منذ أسلم فجميع ما اعتقه ألفان وأربعمائة رقبة تقريباً. ( تيسر الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان). فقد أُثر عنه رضي الله عنه قوله: لقد اختبأتُ عند ربي عشراً: إني لرابع أربعة في الإسلام, وما تعتَّيْتُ ولا تمنيت,ولا وضعت يميني على فرجي منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا مرت بي جمعةٌ منذ أسلمت إلا وأنا أعتق فيها رقبة, إلا أن لا يكون عندي فأُعتقها بعد ذلك , ولا زنيت في جاهلية ولا إسلام قط.
6- عثمان بن عفان رضي الله عنه وإسقاط الدين
روي أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان له على طلحة بن عبيد الله – وكان من أجود الناس- خمسون ألفاً، فقال له طلحة يوماً:- قد تهيأ مالك فاقبضه، فقال له عثمان رضي الله عنه: هو لك معونة على مروءتك. (تيسر الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان)
7- عثمان بن عفان رضي الله عنه وإطعام الطعام
سن عثمان رضي الله عنه سنة جديدة، حيث كان يضع الطعام في المسجد في رمضان ويقول: هو للمتعبد الذي يتخلف في المسجد وابن السبيل والمعترين ( والمعتر هو: الفقير، المعترض للمعروف بدون سؤال).
كما بلغ عثمان رضي الله عنه أن أبا سمال الأسدي ومعه نفر من أهل الكوفة ينادي مناد لهم إذا قدم الميار (الميارهو جالب الميرة – والميرة: الطعام ) أن من كان من القبائل ليس لقومهم بالكوفة منزل، فمنزله على أبي سمال. فاتخذ عثمان رضي الله عنه بعض الدور كمنازل للضيافة ينزل بها الغرباء ممن ليس لهم منزل ، ومن هذه الدور منزل عبد الله بن مسعود في هذيل، وكان الأضياف ينزلون داره في هذيل إذا ضاق عليهم ما حول المسجد. (تيسر الكريم المنان في سيرة عثمان بن عفان)
رضي الله عن خليفة المسلمين ورحمه رحمة واسعة، ورزقنا إنفاقه، وجعلنا الله من المقبولين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق