المهدي أبو عبد الله محمد بن المنصور
المهدي أبو عبد الله محمد بن المنصور ولد بأيذح سنة سبع وعشرين ومائة وقيل سنة ست وعشرين وأمه أم موسى بنت منصور الحميرية وكان جوادا ممدحا مليح الشكل محببا إلى الرعية حسن الاعتقاد تتبع الزنادقة وأفنى منهم خلقا كثيرا وهو أول من أمر بتصنيف كتب الجدل في الرد على الزنادقة والملحدين روي الحديث عن أبيه وعن مبارك بن فضالة حدث عنه يحيى بن حمزة وجعفر بن سليمان الضبعي ومحمد بن عبد الله الرقاشي وأبو سفيان سعيد بن يحيى الحميري قال الذهبي وما علمت قيل فيه جرحا ولا تعديلا وأخرج ابن عدي من حديث عثمان مرفوعا المهدي من ولد العباس عمي تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم وكان يضع الحديث وأورد الذهبي هنا حديث ابن مسعود مرفوعا المهدي بواطىء أسمه واسمي واسم أبيه اسم أبي أخرجه أبو داود والترمذي وصححه ولما شب المهدي أمره أبوه علىطبرستان وما والاها وتأدب وجالس العلماء وتميز ثم إن أباه عهد إليه فلما مات بويع بالخلافة ووصل الخبر إليه ببغداد فخطب الناس فقال إن أمير المؤمنين عبد دعى فأجاب وأمر فأطاع واغرورقت عيناه فقال قد بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند فراق الأحبة ولقد فارقت عظيما وقلدت جسيما فعند الله أحتسب أمير المؤمنين وبه أستعين على خلافة المسلمين أيها الناس اسروا مثل ما تعلنون من طاعتنا نهبكم العافية وتحمدوا العاقبة واخفضوا جناح الطاعة لمن نشر معدلته فيكم وطوى الإصر عنكم وأهال عليكم السلامة من حيث رآه الله مقدما ذلك والله لأفننين عمري بين عقوبتكم والإحسان إليكم قال نفطويه لما حصلت الخزائن في يد المهدي أخذ في رد المظالم فأخرج أكثر الذخائر ففرقها وبر أهله ومواليه وقال غيره أول من هنأ المهدي بالخلافة وعزاه بأبيه أبو دلامة فقال عيناي واحدة ترى مسرورة بأميرها جذلى وأخرى تذرف تبكي وتضحك تارة ويسوؤها ما أنكرت ويسرها ما تعرف فيسوؤها موت الخليفة محرما ويسرها أن قام هذا الأرأف ما إن رأيت كما رأيت ولا أرى شعرا أسرحه وآخر ينتف هلك الخليفة بالدين محمد وأتاكم من بعد من يخلف أهدى لهذا الله فضل خلافة ولذاك جنات النعيم تزخرف وفي سنة تسع وخمسين بايع المهدي بولاية العهد لموسى الهادي ثم من بعده لهارون الرشيد ولديه وفي سنة ستين فتحت أربد من الهند عنوة وفيها حج المهدي فأنهى إليه حجبه الكعبة أنهم يخافون هدمها لكثرة ما عليها من الستار فأمر بها فجردت واقتصر على كسوة المهدي وحمل إلى المهدي الثلج إلى مكة قال الذهبي لم يتهيأ ذلك لملك قط وفي سنة إحدى وستين أمر المهدي بعمارة طريق مكة وبنى بها قصورا وعمل البرك وأمر بترك المقاصير التي في جوامع الإسلام وقصر المنابر وصيرها على مقدار منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي سنة ثلاث وستين وما بعدها كثرت الفتوح بالروم وفي سنة ست وستين تحول المهدي إلى قصره المسمى بعيساباذ وأمر فأقيم له البريد من المدينة النبوية ومن اليمن ومكة إلى الحضرة بغالا وإبلا قال الذهبي وهو أول من عمل البريد من الحجاز إلى العراق وفيها فيما بعدها جد المهدي في تتبع الزنادقة وإبادتهم والبحث عنهم في الآفاق والقتل على التهمة وفي سنة سبع وستين أمر بالزيادة الكبرى في المسجد الحرام وأدخل في ذلك دورا كثيرة وفي سنة تسع وستين مات المهدي ساق خلف صيد فاقتحم الصيد خربة وتبعه الفرس فدق ظهره في بابها فمات لوقته وذلك لثمان بقين من المحرم وقيل إنه مات مسموما وقال سلم الخاسر يرثيه وباكية علىالمهدي عبري كأن بها وما جنت جنونا وقد خمشت محاسنها وأبدت غدائرها وأظهرت القرونا لئن بلى الخليفة بعد عز لقد أبقى مساعي مابلينا سلام الله عدة كل يوم على المهدي حين ثوى رهينا تركنا الدين والدنيا جميعا بحيث ثوى أمير المؤمنينا ومن أخبار المهدي قال الصولي لما عقد المهدي العهد لولده موسى قال مروان بن أبي حفصة عقدت لموسى بالرصافة بيعة شد الإله بها عري الإسلام موسى الذي عرفت قريش فضله ولها فضيلتها على الأقوام بمحمد بعد النبي محمد حيي الحلال ومات كل حرام مهدي أمته الذي أمست به للذل آمنه وللإعدام موسى ولي عهد الخلافة بعده جفت بذاك مواقع الأقلام وقال آخر يابن الخليفة إن أمة أحمد تاقت إليك بطاعة أهواؤها ولتملأن الأرض عدلا كالذي كانت تحدث أمة علماؤها حتى تمنى لو ترى أمواتها من عدل حكمك ما ترى أحياؤها فعلى أبيك اليوم بهجة ملكها وغدا عليك إزارها ورداؤها وأسند الصولي أن امرأة اعترضت المهدي فقال يا عصبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنظر في حاجتي فقال المهدي ما سمعتها من أحد قط أقضوا حاجتها وأعطوها عشرة آلاف درهم وقال قريش الختلي رفع صالح بن عبد القدوس البصري إلى المهدي في الزندقة فأراد قتله فقال أتوب إلى الله وأنشده لنفسه ما يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه والشيخ لا يترك أخلاقه حتى يواري في ثرى رمسه فصرفه فلما قرب من الخروج رده فقال ألم تقل والشيخ لا يترك أخلاقه قال بلى قال فكذلك أنت لا تدع أخلاقك حتى تموت ثم أمر بقتله وقال زهير قدم على المهدي بعشرة محدثين منهم فرج بن فضالة وغياث ابن إبراهيم وكان المهدي يحب الحمام فلما أدخل غياث قيل له حدث أمير المؤمنين فحدثه عن فلان عن أبي هريرة مرفوعا لا سبق إلا في حافر أو نصل وزاد فيه أو جناح فأمر له المهدي بعشرة آلاف درهم فلما قام قال أشهد أن قفاك قفا كذاب وإنما استجلبت ذلك ثم أمر بالحمام فذبحت وروى أن شريكا دخل على المهدي فقال له لا بد من ثلاث إما أن تلي القضاء أوتؤدب ولدي وتحدثهم أو تأكل عندي أكلة ففكر ساعة ثم قال الأكلة أخف علي فأمر المهدي بعمل ألوان من المخ المعقود بالسكر وغير ذلك فأكل فقال الطباخ لا يفلح بعدها قال حدثهم بعد ذلك وعلمهم العلم وولى القضاء لهم وأخرج البغوي في الجعديات عن حمدان الأصبهاني قال كنت عند شريك فأتاه ابن المهدي فاستند وسأل عن حديث فلم يلتفت شريك ثم أعاد فعاد فقال كأنك تستخف بأولاد الخلفاء قال لا ولكن العلم أزيد عند أهله من أن يضيعوه فجثا على ركبتيه ثم سأله فقال شريك هكذا يطلب العلم ومن شعر المهدي ما أنشده الصولي ما يكف الناس عنا ما يمل الناس منا إنما همتهم أن ينبشوا ما قد دفنا لو سكنا بطن أرضفلكانوا حيث كنا وهم إن كاشفونافي الهوىيوما مجنا وأسند الصولى عن محمد بن عمارة قال كان للمهدى جارية شغف بها وهى كذلك إلا أنها تتحاماه كثيرا فدس إليها من عرف ما في نفسها فقالت أخاف أن يملنى ويدعنى فأموت فقال المهدى في ذلك ظفرت بالقلب منىغادة مثل الهلال كلما صح لها ودى جاءت بعتلال لا لحب الهجر منىوالتأنى عن وصال بل لإبقاء على حبىلها خوف الملال وله في نديمه عمر بن بزيغ رب تمم لى نعيمى بأبى حفص نديمى إنما لذة عيشى في غناء وكروم وحوار عطراتوسماع ونعيم قلت شعر المهدى أرق وألطف من شعر ابيه وأولاده بكثير وأسند الصولى عن ابن أبى كريمة قال دخل المهدى إلى حجرة جارية على غفلة فوجدها قد نزعت ثيابها وأرادت لبس غيرها فلما رأته غطت بيدها فقصرت كفها عنه فضحك وقال نظرت في القصر عينى نظرة وافق حينى ثم خرج فرأى بشارا فأخبره وقال أجز فقال بشار سترته إذ رأتنىدونه بالراحتين فبدا لى منه فضلتحت طى الكعنتين وأسند عن إسحاق الموصلى قال كان المهدى في أول أمره يحتجب عن الندماء تشبيها بالمنصور نحوا من سنة ثم ظهر لهم فأشير عليه ان يحتجب فقال إنما اللذة مع مشاهدتهم وأسند عن مهدى بن سابق قال صاح رجل بالمهدى وهو في موكبه قل للخليفة حاتم لك خائنفخف الإله وأعفنا من حاتم إن العفيف إذا استعان بخائنكان العفيف شريكه في المأتم فقال المهدى يعزل كل عامل لنا يدعى حاتم وأسند عن أبى عبيدة قال كان المهدى يصلى بنا الصلوات الخمس في المسجد الجامع بالبصرة لما قدمها فأقيمت الصلاة يوما فقال أعرابي لست على طهر وقد رغبت في الصلاة خلفك فأمر هؤلاء بانتظارى فقال انتظروه ودخل المحراب فوقف إلى أن قبل قد جاء الرجل فكبر فعجب الناس من سماحة أخلاقه وأسند عن إبراهيم بن نافع أن قوما من أهل البصرة تنازعوا إليه في نهر من أنهار البصرة فقال إن الأرض لله في أيدينا للمسلمين فما لم يقع له ابتياع منها يعود ثمنه على كافتهم وفي مصلحتهم فلا سبيل لأحد عليه فقال القوم هذا النهر لنا بحكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه قال من أحيا ارضا ميتة فهى له وهذه موات فوثب المهدى عند ذكر النبى صلى الله عليه وسلم حتى ألصق خده بالتراب وقال سمعت لما قال وأطعت ثم عاد وقال بقى أن تكون هذه الأرض مواتا حتى لا أعرض فيها وكيف تكون مواتا والماء المحيط بها من جوانبها فإن أقاموا البينة على هذا سلمت وأسند عن الأصمعى قال سمعت المهدى على منبر البصرة يقول إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته فقال إن الله وملائكته يصلون على النبى الآية آثره من بين الرسل إذ خصكم بها من بين الأمم قلت وهو أول من قال ذلك في الخطبة وقد استسنها الخطباء إلى اليوم ولما مات قال أبو العتاهية وقد علقت المسوح على قباب حرمه رحن في الموشى وأصبحنعليهم المسوح كل نطاح من الدهرله يوم نطوح لست بالباقى ولو عمرتما عمر نوح نح على نفسك يا مسكينإن كنت تنوح ذكر احاديث من رواية المهدى قال الصولى حدثنى احمد بن محمد ابن صالح التمار حدثنا يحيى بن محمد القرشى حدثنا أحمد بن هشام حدثنا أحمد ابن عبدالرحمن بن مسلم المدائنى وهو ثقة صدوق قال سمعت المهدى يخطب فقال حدثنا شعبة عن على بن زيد عن أبى النضرة عن أبى سعيد الخدري قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطبة من العصر الى مغيربان الشمس بطوله وقال الصولى حدثنا اسحاق بن ابراهيم القزاز حدثنا اسحاق بن ابراهيم ابن حبيب بن الشهيد حدثنا أبو يعقوب بن حفص الخطابي سمعت المهدي يقول حدثني أبي عن أبيه عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه أن وفدا من العجم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد أحفوا لحاهم وأعفوا شواربهم فقال النبيى صلى الله عليه وىله وسلم خالفوهم أعفوا لحاكم واحفوا حفظها من حفظها ونسيها من نسيها فقال إلا إن الدنيا حلوة خضرة الحديث شواربكم وإحفاء الشارب أخذ ما سقط على الشفة منه ووضع المهدى يده على أعلى شفته وقال منصور بن مزاحم ومحمد بن يحيى بن حمزة عن يحيى بن حمزة قال صلى بنا المهدى المغرب فجهر بسم الله الرحمن الرحيم فقلت يا أمير المؤمنين ما هذا قال حدثنى أبى عن أبيه عن ابن إسحاق ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم جهر بسم الله الرحمن الرحيم فقلت للمهدى نأثره عنك قال نعم قال الذهبى هذا إسناد متصل لكن ما علمت احدا احتج بالمهدى ولا بأبيه في الأحكام تفرد به محمد بن الوليد مولى بنى هاشم وقال ابن عدى كان يضع الحديث قلت لم ينفرد به بل وجدت له متابعا مات في ايام المهدى من الأعلام شعبة وابن أبى ذئب وسفيان الثورى وإبراهيم بن ادهم الزاهد وداود الطائي الزاهد وبشار بن برد أول شعراء المحدثين وحماد بن سلمة وإبراهيم بن طهمان والخليل بن أحمد صاحب العروض
المهدي أبو عبد الله محمد بن المنصور ولد بأيذح سنة سبع وعشرين ومائة وقيل سنة ست وعشرين وأمه أم موسى بنت منصور الحميرية وكان جوادا ممدحا مليح الشكل محببا إلى الرعية حسن الاعتقاد تتبع الزنادقة وأفنى منهم خلقا كثيرا وهو أول من أمر بتصنيف كتب الجدل في الرد على الزنادقة والملحدين روي الحديث عن أبيه وعن مبارك بن فضالة حدث عنه يحيى بن حمزة وجعفر بن سليمان الضبعي ومحمد بن عبد الله الرقاشي وأبو سفيان سعيد بن يحيى الحميري قال الذهبي وما علمت قيل فيه جرحا ولا تعديلا وأخرج ابن عدي من حديث عثمان مرفوعا المهدي من ولد العباس عمي تفرد به محمد بن الوليد مولى بني هاشم وكان يضع الحديث وأورد الذهبي هنا حديث ابن مسعود مرفوعا المهدي بواطىء أسمه واسمي واسم أبيه اسم أبي أخرجه أبو داود والترمذي وصححه ولما شب المهدي أمره أبوه علىطبرستان وما والاها وتأدب وجالس العلماء وتميز ثم إن أباه عهد إليه فلما مات بويع بالخلافة ووصل الخبر إليه ببغداد فخطب الناس فقال إن أمير المؤمنين عبد دعى فأجاب وأمر فأطاع واغرورقت عيناه فقال قد بكى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند فراق الأحبة ولقد فارقت عظيما وقلدت جسيما فعند الله أحتسب أمير المؤمنين وبه أستعين على خلافة المسلمين أيها الناس اسروا مثل ما تعلنون من طاعتنا نهبكم العافية وتحمدوا العاقبة واخفضوا جناح الطاعة لمن نشر معدلته فيكم وطوى الإصر عنكم وأهال عليكم السلامة من حيث رآه الله مقدما ذلك والله لأفننين عمري بين عقوبتكم والإحسان إليكم قال نفطويه لما حصلت الخزائن في يد المهدي أخذ في رد المظالم فأخرج أكثر الذخائر ففرقها وبر أهله ومواليه وقال غيره أول من هنأ المهدي بالخلافة وعزاه بأبيه أبو دلامة فقال عيناي واحدة ترى مسرورة بأميرها جذلى وأخرى تذرف تبكي وتضحك تارة ويسوؤها ما أنكرت ويسرها ما تعرف فيسوؤها موت الخليفة محرما ويسرها أن قام هذا الأرأف ما إن رأيت كما رأيت ولا أرى شعرا أسرحه وآخر ينتف هلك الخليفة بالدين محمد وأتاكم من بعد من يخلف أهدى لهذا الله فضل خلافة ولذاك جنات النعيم تزخرف وفي سنة تسع وخمسين بايع المهدي بولاية العهد لموسى الهادي ثم من بعده لهارون الرشيد ولديه وفي سنة ستين فتحت أربد من الهند عنوة وفيها حج المهدي فأنهى إليه حجبه الكعبة أنهم يخافون هدمها لكثرة ما عليها من الستار فأمر بها فجردت واقتصر على كسوة المهدي وحمل إلى المهدي الثلج إلى مكة قال الذهبي لم يتهيأ ذلك لملك قط وفي سنة إحدى وستين أمر المهدي بعمارة طريق مكة وبنى بها قصورا وعمل البرك وأمر بترك المقاصير التي في جوامع الإسلام وقصر المنابر وصيرها على مقدار منبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وفي سنة ثلاث وستين وما بعدها كثرت الفتوح بالروم وفي سنة ست وستين تحول المهدي إلى قصره المسمى بعيساباذ وأمر فأقيم له البريد من المدينة النبوية ومن اليمن ومكة إلى الحضرة بغالا وإبلا قال الذهبي وهو أول من عمل البريد من الحجاز إلى العراق وفيها فيما بعدها جد المهدي في تتبع الزنادقة وإبادتهم والبحث عنهم في الآفاق والقتل على التهمة وفي سنة سبع وستين أمر بالزيادة الكبرى في المسجد الحرام وأدخل في ذلك دورا كثيرة وفي سنة تسع وستين مات المهدي ساق خلف صيد فاقتحم الصيد خربة وتبعه الفرس فدق ظهره في بابها فمات لوقته وذلك لثمان بقين من المحرم وقيل إنه مات مسموما وقال سلم الخاسر يرثيه وباكية علىالمهدي عبري كأن بها وما جنت جنونا وقد خمشت محاسنها وأبدت غدائرها وأظهرت القرونا لئن بلى الخليفة بعد عز لقد أبقى مساعي مابلينا سلام الله عدة كل يوم على المهدي حين ثوى رهينا تركنا الدين والدنيا جميعا بحيث ثوى أمير المؤمنينا ومن أخبار المهدي قال الصولي لما عقد المهدي العهد لولده موسى قال مروان بن أبي حفصة عقدت لموسى بالرصافة بيعة شد الإله بها عري الإسلام موسى الذي عرفت قريش فضله ولها فضيلتها على الأقوام بمحمد بعد النبي محمد حيي الحلال ومات كل حرام مهدي أمته الذي أمست به للذل آمنه وللإعدام موسى ولي عهد الخلافة بعده جفت بذاك مواقع الأقلام وقال آخر يابن الخليفة إن أمة أحمد تاقت إليك بطاعة أهواؤها ولتملأن الأرض عدلا كالذي كانت تحدث أمة علماؤها حتى تمنى لو ترى أمواتها من عدل حكمك ما ترى أحياؤها فعلى أبيك اليوم بهجة ملكها وغدا عليك إزارها ورداؤها وأسند الصولي أن امرأة اعترضت المهدي فقال يا عصبة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنظر في حاجتي فقال المهدي ما سمعتها من أحد قط أقضوا حاجتها وأعطوها عشرة آلاف درهم وقال قريش الختلي رفع صالح بن عبد القدوس البصري إلى المهدي في الزندقة فأراد قتله فقال أتوب إلى الله وأنشده لنفسه ما يبلغ الأعداء من جاهل ما يبلغ الجاهل من نفسه والشيخ لا يترك أخلاقه حتى يواري في ثرى رمسه فصرفه فلما قرب من الخروج رده فقال ألم تقل والشيخ لا يترك أخلاقه قال بلى قال فكذلك أنت لا تدع أخلاقك حتى تموت ثم أمر بقتله وقال زهير قدم على المهدي بعشرة محدثين منهم فرج بن فضالة وغياث ابن إبراهيم وكان المهدي يحب الحمام فلما أدخل غياث قيل له حدث أمير المؤمنين فحدثه عن فلان عن أبي هريرة مرفوعا لا سبق إلا في حافر أو نصل وزاد فيه أو جناح فأمر له المهدي بعشرة آلاف درهم فلما قام قال أشهد أن قفاك قفا كذاب وإنما استجلبت ذلك ثم أمر بالحمام فذبحت وروى أن شريكا دخل على المهدي فقال له لا بد من ثلاث إما أن تلي القضاء أوتؤدب ولدي وتحدثهم أو تأكل عندي أكلة ففكر ساعة ثم قال الأكلة أخف علي فأمر المهدي بعمل ألوان من المخ المعقود بالسكر وغير ذلك فأكل فقال الطباخ لا يفلح بعدها قال حدثهم بعد ذلك وعلمهم العلم وولى القضاء لهم وأخرج البغوي في الجعديات عن حمدان الأصبهاني قال كنت عند شريك فأتاه ابن المهدي فاستند وسأل عن حديث فلم يلتفت شريك ثم أعاد فعاد فقال كأنك تستخف بأولاد الخلفاء قال لا ولكن العلم أزيد عند أهله من أن يضيعوه فجثا على ركبتيه ثم سأله فقال شريك هكذا يطلب العلم ومن شعر المهدي ما أنشده الصولي ما يكف الناس عنا ما يمل الناس منا إنما همتهم أن ينبشوا ما قد دفنا لو سكنا بطن أرضفلكانوا حيث كنا وهم إن كاشفونافي الهوىيوما مجنا وأسند الصولى عن محمد بن عمارة قال كان للمهدى جارية شغف بها وهى كذلك إلا أنها تتحاماه كثيرا فدس إليها من عرف ما في نفسها فقالت أخاف أن يملنى ويدعنى فأموت فقال المهدى في ذلك ظفرت بالقلب منىغادة مثل الهلال كلما صح لها ودى جاءت بعتلال لا لحب الهجر منىوالتأنى عن وصال بل لإبقاء على حبىلها خوف الملال وله في نديمه عمر بن بزيغ رب تمم لى نعيمى بأبى حفص نديمى إنما لذة عيشى في غناء وكروم وحوار عطراتوسماع ونعيم قلت شعر المهدى أرق وألطف من شعر ابيه وأولاده بكثير وأسند الصولى عن ابن أبى كريمة قال دخل المهدى إلى حجرة جارية على غفلة فوجدها قد نزعت ثيابها وأرادت لبس غيرها فلما رأته غطت بيدها فقصرت كفها عنه فضحك وقال نظرت في القصر عينى نظرة وافق حينى ثم خرج فرأى بشارا فأخبره وقال أجز فقال بشار سترته إذ رأتنىدونه بالراحتين فبدا لى منه فضلتحت طى الكعنتين وأسند عن إسحاق الموصلى قال كان المهدى في أول أمره يحتجب عن الندماء تشبيها بالمنصور نحوا من سنة ثم ظهر لهم فأشير عليه ان يحتجب فقال إنما اللذة مع مشاهدتهم وأسند عن مهدى بن سابق قال صاح رجل بالمهدى وهو في موكبه قل للخليفة حاتم لك خائنفخف الإله وأعفنا من حاتم إن العفيف إذا استعان بخائنكان العفيف شريكه في المأتم فقال المهدى يعزل كل عامل لنا يدعى حاتم وأسند عن أبى عبيدة قال كان المهدى يصلى بنا الصلوات الخمس في المسجد الجامع بالبصرة لما قدمها فأقيمت الصلاة يوما فقال أعرابي لست على طهر وقد رغبت في الصلاة خلفك فأمر هؤلاء بانتظارى فقال انتظروه ودخل المحراب فوقف إلى أن قبل قد جاء الرجل فكبر فعجب الناس من سماحة أخلاقه وأسند عن إبراهيم بن نافع أن قوما من أهل البصرة تنازعوا إليه في نهر من أنهار البصرة فقال إن الأرض لله في أيدينا للمسلمين فما لم يقع له ابتياع منها يعود ثمنه على كافتهم وفي مصلحتهم فلا سبيل لأحد عليه فقال القوم هذا النهر لنا بحكم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأنه قال من أحيا ارضا ميتة فهى له وهذه موات فوثب المهدى عند ذكر النبى صلى الله عليه وسلم حتى ألصق خده بالتراب وقال سمعت لما قال وأطعت ثم عاد وقال بقى أن تكون هذه الأرض مواتا حتى لا أعرض فيها وكيف تكون مواتا والماء المحيط بها من جوانبها فإن أقاموا البينة على هذا سلمت وأسند عن الأصمعى قال سمعت المهدى على منبر البصرة يقول إن الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه وثنى بملائكته فقال إن الله وملائكته يصلون على النبى الآية آثره من بين الرسل إذ خصكم بها من بين الأمم قلت وهو أول من قال ذلك في الخطبة وقد استسنها الخطباء إلى اليوم ولما مات قال أبو العتاهية وقد علقت المسوح على قباب حرمه رحن في الموشى وأصبحنعليهم المسوح كل نطاح من الدهرله يوم نطوح لست بالباقى ولو عمرتما عمر نوح نح على نفسك يا مسكينإن كنت تنوح ذكر احاديث من رواية المهدى قال الصولى حدثنى احمد بن محمد ابن صالح التمار حدثنا يحيى بن محمد القرشى حدثنا أحمد بن هشام حدثنا أحمد ابن عبدالرحمن بن مسلم المدائنى وهو ثقة صدوق قال سمعت المهدى يخطب فقال حدثنا شعبة عن على بن زيد عن أبى النضرة عن أبى سعيد الخدري قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطبة من العصر الى مغيربان الشمس بطوله وقال الصولى حدثنا اسحاق بن ابراهيم القزاز حدثنا اسحاق بن ابراهيم ابن حبيب بن الشهيد حدثنا أبو يعقوب بن حفص الخطابي سمعت المهدي يقول حدثني أبي عن أبيه عن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه أن وفدا من العجم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقد أحفوا لحاهم وأعفوا شواربهم فقال النبيى صلى الله عليه وىله وسلم خالفوهم أعفوا لحاكم واحفوا حفظها من حفظها ونسيها من نسيها فقال إلا إن الدنيا حلوة خضرة الحديث شواربكم وإحفاء الشارب أخذ ما سقط على الشفة منه ووضع المهدى يده على أعلى شفته وقال منصور بن مزاحم ومحمد بن يحيى بن حمزة عن يحيى بن حمزة قال صلى بنا المهدى المغرب فجهر بسم الله الرحمن الرحيم فقلت يا أمير المؤمنين ما هذا قال حدثنى أبى عن أبيه عن ابن إسحاق ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم جهر بسم الله الرحمن الرحيم فقلت للمهدى نأثره عنك قال نعم قال الذهبى هذا إسناد متصل لكن ما علمت احدا احتج بالمهدى ولا بأبيه في الأحكام تفرد به محمد بن الوليد مولى بنى هاشم وقال ابن عدى كان يضع الحديث قلت لم ينفرد به بل وجدت له متابعا مات في ايام المهدى من الأعلام شعبة وابن أبى ذئب وسفيان الثورى وإبراهيم بن ادهم الزاهد وداود الطائي الزاهد وبشار بن برد أول شعراء المحدثين وحماد بن سلمة وإبراهيم بن طهمان والخليل بن أحمد صاحب العروض
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق