الجمعة، 23 أغسطس 2019

الرحالة الاشهر ابن بطوطة

محمد بن عبد الله بن محمد اللواتي الطنجي المعروفبابن بَـطُّوطَة (ولد في 1377مبطنجة هو رحالة ومؤرخ وقاض وفقيهمغربي لقب بأمير الرحالين المسلمين. وخرج من طنجة سنة725 هـ فطاف بلادالمغربومصروالسودانوالشاموالحجازوتهامةوالعراقوفارسواليمنوعمانوالبحرينوتركستانوما وراء النهر وبعضالهندوالصينالجاوة وبلادالتتار وأواسطأفريقيا. وإتصل بكثير من الملوك والأمراء فمدحهم - وكان ينظم الشعر - واستعان بهباتهم على أسفاره.





عاد إلى المغرب الأقصى، فانقطع إلى السلطانأبي عنان (من ملوكبني مرين) فأقام في بلاده. وأملى أخبار رحلته علىمحمد بن جزي الكلبي بمدينةفاس سنة756 هـ وسماهاتحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار. ترجمت إلى اللغاتالبرتغاليةوالفرنسيةوالإنجليزية، ونشرت بها، وترجم فصول منها إلىالألمانية نشرت أيضا.



كان يحسنالتركيةوالفارسية. واستغرقت رحلته 27 سنة (1325-1352م) ومات فيمراكش سنة 1377م حيث يوجد ضريحه بالمدينة القديمة. تلقبهجامعة كامبريدج في كتبها وأطالسها بأمير الرحالة المسلمين الوطنيين





في أول رحلة له مر ابن بطوطة في الجزائر وتونس ومصر والسودان وفلسطين وسوريا ومنها إلى مكة. وفيما يلي مقطع مما سجله عن هذه الرحلة:

«"من طنجة مسقط رأسي في" يوم الخميس 2 رجب725 هـ /1324م "معتمدا حج بيت الله الحرام وزيارة قبر الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام, منفردا عن رفيق آنس بصحبته, وراكب أكون في جملته, لباعث على النفس شديد العزائم, وشوق إلى تلك المعاهد الشريفة كامن في الحيازم. فحزمت أمري على هجر الأحباب من الإناث والذكور, وفارقت وطني مفارقة الطيور للوكور, وكان والداي بقيد الحياة فتحملت لبعدهما وَصَباً, ولقيت كما لقيا نَصَباً.»
ويعد ابن بطوطة أحد أهم الرحالة. قطع أكثر من 75000 ميل (121000 كم)، وهو رقم لم يكسره أي رحالة منفرد حتى ظهور عصر النقل البخاري، بعد 450



تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار المعروف أيضاً باسمرحلة ابن بطوطة هو كتاب يصف رحلة ابن بطوطة، ويتحدث عن أهلها وحكامها وعلمها، ويصف الألبسة بألوانها وأشكالها وحيويتها ودلالتها، ولا ينسى الأطعمة وأنواعها وطريقة صناعتها، بعد أن أمضى 30 عاما في الرحلات في بلدان العالم. أمرالسلطانأبو عنان فارس المريني بتدوين هذه الرحلة واختار لذلك فقيها أندلسيا التحق ببلاطبني مرين وهوابن جزي الكلبي، وكان إملاؤها بمدينةفاس سنة756 هـ.

تُرجم هذا الكتاب إلى عدة لغات مثل:البرتغالية،الفرنسية،الإنجليزية، وتُرجمت فصول منه إلىالألمانية.



سافر ابن بطوطة خلال فترة حياته أكثر من 73000 ميلاً (قرابة الـ120 ألفكيلومتر)، وزار مايعادل 44 دولةً حديثة، وهنا قائمة بالدول التي زارها.

المغرب

طنجة
شفشاون
فاس
الجزائر

تلمسان
مليانة
بجاية
تونس

تونس - في ذلك الوقت أبو يحيى (ابن أبو زجاريا) كان سلطان تونس.
صفاقس
سوسة
قابس
مصر

الإسكندرية
دمنهور
دمياط
سمنود
القاهرة
صعيد مصر ومدنه
باكستانوالهندوبنغلادش

لاهور
بنجاب
ملتان
السند
دلهي
بلاد الشام

سوريا
الأردن - زار ابن بطوطة عجلون وقال ان بها نهراً ماؤه عذب وجامعا حسناُ وذكر أن أسواقها كثيرة. وزار زيزياء وقال أن بها بركة كبيرة ثم ذهب إلى اللجون. وزار الكرك وقلعتها، ووصل معان في طريقه إلى الحج.
فلسطين
لبنان
الجزيرة العربية

جدة - ميناء مهم للحجاج إلى مكة.
مكة - المخطط الرئيسي لرحلة ابن بطوطة كان للحج إلى مكة.
المدينة المنورة - المكان الذي زار ابن بطوطة قبر الرسول صلى الله عليه وسلممحمد.
رابغ - مدينة صغيرة شمال جدة تطل على البحر الأحمر.
حلي - مدينة صغيرة جنوب غرب مكة المكرمة تطل على البحر الأحمر.
بدر
ظفار
نزوى - عاصمة عمان قديما[79]
حجر اليمامة (الرياض)
القطيف
البحرين
الأحساء
مضيق هرمز
العراق

بغداد - كانت بوابة أبن بطوطة إلى الحج في الرحلة الثانية
الموصل
بلاد فارس

تركيا وشرقأوروبا

قونية
أنطاليا
بلغاريا - هدفه في الرحلة، كما يذكر في كتابه أنه يود الذهاب إلى أرض الظلمات
أزوف
قازان
نهر الفولغا
إسطنبول
ليبيا

طرابلس
أسيا الوسطى

خوارزم
خراسان
كابول
البنجاب
الهند

دلهي
عليباج - ابن بطوطة كان معجب بهذه المنطقة كما ذكر في كتابه.
أماكن أخرى فيأسيا

مينامار
المالديف
سريلانكا
شاطئ الكورمانديل - في الهند(بنغلادش)
نهر البراهمبوراتا - زار ابن بطوطة هذه المنطقة في طريقه إلى الصين
نهر الميغنا - قرب دكا عاصمة بنغلاديش
سومطرة
شبه جزيرة الملايو
الصومال

مقديشو - وقد وصف ابن بطوطة الذي زار مقديشو عام 1331م نظم الحكم والمجتمع والعادات والتقاليد لسكان المدينة، واحتفاءهم بالفقهاء والزوار وأهل العلم؛ حيث قال في رحلته المعروفة تحفة النظار وصلنا إلى مقديشو وهي مدينة متناهية في الكبر، ويواصل حديثه عن الاستقبال والحاوة التي لقيها: إنه لما صعد الشبان المركب الذي كنت فيه جاء إليَّ بعضهم، فقال له أصحابي: هذا ليس بتاجر وإنما هو فقيه؛ فصاح بأصحابه، وقال لهم: نزيل القاضي! وقالو لي: إن العادة هي أن الفقيه أو الشريف أو الرجل الصالح لا ينزل حتى يرى السلطان، فذهبت معه إليه كما طلبوا...، ثم يسرد ابن بطوطة ما حدث في حديث مطول عن كرم الضيافة الذي كانوا فيه عند أهالي مقديشو لمدة ثلاثة أيام. ويقول ابن بطوطة: لما كان اليوم الرابع جاءني الأقاضي والطلبة وأحد وزراء الشيخ (السلطان) وأتوني بكسوة، وكسوتهم فوطة خِزّ يشدها الإنسان في وسطه وذراعه من المقطع المصري مغلقة وفرجية مبطنة وعمامة مصرية، كما أتوا لأصحابي بكساء، ثم أتينا الجامع، فسلمت على السلطان، ثم قال باللسان العربي: قدمت خير مقدم، وشرفت بلادنا، وآنستنا المآذن والمساجد في مقديشو
شرق أفريقيا

سلطنة كيلوا
مومباسا
مالي

تمبكتو
غاو
موريتانيا

ولاته

معاذ بن جبل الشاب العالم الفقيه

إن كل أمة من الأمم تعتز بتاريخها وتفخر ببطولات رجالها وأبنائها، وإن أحق أمم الأرض بهذا الاعتزاز والفخار وبجدارة واقتدار، بل وبشهادة العزيز الغفار هي أمة سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -، قال - تعالى -: كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (1).

ونقدم لشباب الدعوة الذين يدعون إلى الله على بصيرة على منهج الوسطية في الإسلام الذي حثنا عليه ربنا- تبارك وتعالى -في قوله: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا (2)، وقال - تعالى -: يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ (3).

هذا النموذج من شباب الصحابة ليكون لهم نبراسا وضياء على طريق الدعوة إلى الله - تعالى -.

فمع كوكب من كواكب المجموعة النبوية الكريمة المباركة، نقدم قدوة ومثلا أعلى لشباب الصحوة الإسلامية ولجميع البشرية كلها بصفة عامة، إنه شاب صغير من شباب الصحابة رضوان الله عليهم.


إسلامه ومبايعته للرسول - صلى الله عليه وسلم -:

أسلم في الثامنة عشر من عمره وتوفي في الثالثة والثلاثين من عمره وفي هذه الفقرة القصيرة المملوءة بالبركة خط على صفحات التاريخ مجدا لم تشهده البشرية من قبل.

ففي ليلة من ليالي مكة، الليل دامس والصمت مخيم، والظلام شامل والسكون يضفي على الخيام في "منى" بكوكبة مضيئة من الأنصار - رضي الله عنهم -، يتسللون بين خيام "منى" يتلفتون وكأنهم قد سرقوا الإيمان سرقة، إلى أين؟ إلى العقبة لمقابلة النبي - صلى الله عليه وسلم - من أجل البيعة ويلتقي هذا الصحابي الكريم بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ويقولون: علام نبايعك يا رسول الله؟ فيقول - صلى الله عليه وسلم - كما ورد في حديث جابر من عبدالله الأنصاري الذي رواه البيهقي وابن إسحاق بسند صحيح، يقول - عليه الصلاة والسلام - "تبايعوني على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل، وتبايعوني على النفقة في العسر واليسر، وتبايعوني على أن تقولوا في الله لا تأخذكم لومة لائم وتبايعوني على أن تنصروني إذا قدمت عليكم إلى يثرب، وتبايعوني على أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأبناءكم ولكم الجنة" فيقول البراء بن معرور - رضي الله عنه - "والذي بعثك بالحق لنمنعنّك مما نمنع منه أوزرنا فبايعنا يا رسول الله، فإنا والله إنا أهل الحرب، وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر".

ويقطع القول أبو الهيثم بن التيهان - رضي الله عنه - وأرضاه، فيقول يا رسول الله إن بيننا وبين القوم حبالا فإنا قاطعوها هل عسيت إن أظهرك الله - جل وعلا - أن ترجع إلى قومك وتدعنا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "بل الدم الدم، الهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني أسالم من سالمتم وأحارب من حاربتم، فقال البراء بن معرور: ابسط يديك يا رسول الله نبايعك وبسط الحبيب يمينه المبارك وامتزجت القلوب والأيدي في مهرجان حب وولاء لم ولم تعرف البشرية له مثيلا، ومن بين هذه الأيدي الكريمة تمتد يد صغيرة وضيئة لشاب كريم المحيا براق الثنايا، يبهر الأبصار بهدوئه وسمته، فإذا ما تكلم ازداد انبهارا وتقديرا وإجلالا واحتراما.

إنها يد مقدام العلماء، إنها يد إمام الحكماء.

إنها يد سيد الدعاة الأتقياء، إنها يد القارئ القانت.

إنها يد المحب الثابت، إنها يد السهل الثري.

إنها يد السمح السخي، إنها يد معاذ بن جبل.


فتى الثامنة عشر:

إنه الشاب الذي أسلم في الثامنة عشرة من عمره، توفي في الثالثة والثلاثين من عمره، وكان تاجا بين الصحابة الكرام، وكان شامة وعلامة وكان شعلة من شعل الهداية وكان داعية من دعاة الحق.

إنه الشاب الذي إذا وقفنا على تاريخه تحسرنا على حياتنا، وبكينا دما بدل الدمع خجلا وحياء على ما قدمناه لديننا، وقد مضى بنا قطار العمر إلى مسافات وأعوام، إنه ابن العشرين من عمره، في هذه السنوات القصار الطوال "معاذ بن جبل" - رضي الله عنه -، الذي يقول عنه فاروق الأمة عمر - رضي الله عنه - وأرضاه، والأثر الذي رواه الحاكم في المستدرك وأقره الذهبي بل وصححه الحافظ بن حجر في الفتح يقول عمر - رضي الله عنه -: "من أراد الفقه فليأت معاذ بن جبل" من العشرين إلى الثلاثين، سبحان الله!.

وابن مسعود - رضي الله عنه - قرأ يوما قول الله - تعالى -: إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلّهِ (4)، ثم قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "إن معاذ بن جبل كان أمة قانتا لله كان يعلم الناس الخير، وكان مطيعا لله ورسوله" ويقول الحبيب - صلى الله عليه وسلم - عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - "خذوا القرآن من عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيقة" "رواه البخاري".


معاذ الداعية:

ويذكر النبي معاذا يوما مع الصحابيين الجليلين أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - فيقول والحديث رواه الترمذي وابن حيان، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - "نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل معاذ بن جبل".

نعلم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحبه كل شيء في الكون حتى الحجر والمدر، وأمرنا بمحبته - صلى الله عليه وسلم -، بل نتقرب إلى الله - عز وجل - بمحبتنا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكن لمكانة معاذ عند الله ورسوله يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -، يقول له كما جاء في الصحيح: "يا معاذ إني لأحبك" أستاذ الإنسانية ورسول البشرية يحب معاذاً ويعلنها، فما كان من معاذ إلا أن قال: والله إني لأحبك يا رسول الله، ثم قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - "لاتدعنَّ في دبر كل صلاة أن تقول "اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك".

وعندما أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرسل داعية إلى اليمن، ما اختار إلا معاذا، وهذا دليل على ثقة النبي - صلى الله عليه وسلم - فيه، مع أنه ابن الثلاثين من عمره وفي الصحابة من هم أسن منه، وعندما يقل الاختيار عليه فهذا دليل على كفاءته العلمية والفقهية التي تؤهله أن يكون داعية لأهل اليمن.


كيف لنا الاستفادة من معاذ بن جبل؟:

فيجب على دعاة اليوم وبخاصة الشباب الذي يريد أن يتصدى للدعوة الإسلامية أن يكون مؤهلا تأهيلا علميا وإيمانيا وأدبيا، وأن يكون قد أخذ العلم من مصادره الصحيحة، ومن العلماء الموثوق بهم لأن الأمة وبخاصة في عصرنا هذا في حاجة ماسة إلى دعاة مخلصين لينهضوا بها فوق منابر الدعوة الهادفة، وبعض الشباب الذي يحمل الفكر المنحرف، هذا الفكر الذي لا يوافق الوسطية والاعتدال في الدعوة إلى الله، وديننا الحنيف يدعو إلى الخير ويدعو إلى الرشد، ويدعو إلى الحوار البناء الهادف، بل يأمر الدعاة في دعوتهم للناس باللين والرفق، قال - تعالى -مخاطبا رسوله - صلى الله عليه وسلم -: ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (5)، وقال الله – تعالى - لموسى - عليه السلام - في دعوته إلى فرعون: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (6).

فهيا إلى ترغيب الناس إلى الخير، هيا لنأخذ بيدي العاصي والضال برفق ولين لا بالشدة ولا بالقسوة، فما نجحت أي دعوة وما تقدمت إلا بالترغيب والمحبة، وهذا هو إمام الدعاة محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي علم معاذا الخير كله، وسائر الصحابة يصفه ربه فيقول: وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ (7)، وقال الله - تعالى –عنه: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (8).


وفاته:

أرسله الرسول - صلى الله عليه وسلم - داعية إلى اليمن ومشى معه الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرافقه إلى حدود المدينة، وأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يركب ومشى بجوار ابن الثلاثين الذي ركب الدابة، ويودعه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وداعا مؤثرا تكاد تنخلع منه القلوب وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يرد أن يملأ قلبه وعينيه من معاذ - رضي الله عنه -، فقال له: "يا معاذ لعلك تأتي في القادم فلم تجدني"، فبكى معاذ ونزل يقبل رأس ويدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: فإذا ما أتيت قبري وسلمت عليَّ فو الذي نفسي بيده لأردن عليك السلام، ويأتي معاذ في العام الثاني، فلم يجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويقف أمام قبره يسلم عليه، ولكنه لم يطق أن يمكث في المدينة بدون رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فطلب من الصديق خليفة المسلمين أن يذهب إلى الشام لعله ينال الشهادة هناك، فأذن له، وبعدها ذهب معاذ - رضي الله عنه - إلى الشام. توفي قائد جيش المسلمين أبو عبيدة بن الجراح - رضي الله عنه -، فيصدر الخليفة أبو بكر - رضي الله عنه - أوامره لمعاذ أن يكون قائد جيش المسلمين ولكنه يموت بمرض الطاعون رحم الله معاذ بن جبل. عليك سلام الله يا معاذ الخير، يا معاذ الفقه والعلم وأسكنك فسيح جناته.

عبد القادر الجيلاني

 عبد القادر الجيلاني




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الشيخ عبد القادر الكيلاني أو عبد القادر الجيلاني (470 هـ - 561 هـ)، الإمام الصوفي والفقيه الحنبلي، لقبه أتباعه بـ ،،باز الله الاشهب،، "تاج العارفين" و"محيي الدين" و"شيخ الشيوخ". إليه تنتسب الطريقة القادرية الصوفية.
نسب الشيخ

هو أبو محمد عبد القادر الجيلاني ابن أبي صالح موسى بن عبد الله الجيلي بن يحيى الزاهد ابن محمد المدني بن داود الامير ابن موسى الثاني ابن عبد الله أبي المكارم ابن موسى الجون ابن عبد الله المحض ابن الحسن المثنى ابن الإمام الحسن السبط ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والسيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم. فبينه وبين علي بن أبي طالب أحد عشر أبا[1].
مولد ونشأته

هناك خلاف في محل ولادته[2] وتوجد روايات متعددة ،أهمها: ان الشيخ عبد القادر الجيلاني ولد في جيلان (تقرأ بالجيم العربية كما تقرأ بالجيم المصرية فيقال لها جيلان أو كيلان) سنة 470 هـ الموافق 1077م[3]، وهي تقع في شمال إيران حالياً على ضفاف بحر قزوين أو يقال في جيل العراق أو جيلان (العراق) وهي قرية تاريخية قرب المدائن 40 كيلو متر جنوب بغداد، وهو ما ترجحه الدراسات التاريخية الحديثة وتعتمده الاسرة الكيلانية ببغداد [4] [5] وقد نشأ عبد القادر في أسرة وصفتها المصادر بالصالحة، فقد كان والده أبو صالح موسى معروفا بالزهد وكان شعاره مجاهدة النفس وتزكيتها بالأعمال الصالحة ولذا كان لقبه "محب الجهاد". وكانت لموسى أخت اسمها عائشة، كان الناس يستسقون بها إذا حبس عنهم المطر، وكان جده عبد الله بن يحى الزاهد من أهل الإرشاد.
أولاده






أنجب عبد القادر عددا كبيرا من الأولاد، وقد عنى بتربيتهم وتهذيبهم على يديه واشتهر منهم عشرة:
عبد الوهاب: وكان في طليعة أولاده، والذي درس بمدرسة والده في حياته نيابة عنه، وبعد والده وعظ وأفتى ودرس، وكان حسن الكلام في مسائل الخلاف فصيحاً ذا دعابة وكياسة، ومروءة وسخاء، وقد جعله الإمام الناصر لدين الله على المظالم فكان يوصل حوائج الناس اليه، وقد توفي سنة 573 هـ ودفن في رباط والده في الحلبة.
عيسى: الذي وعظ وأفتى وصنف مصنفات منها كتاب "جواهر الأسرار ولطائف الأنوار" في علم الصوفية، قدم مصر وحدث فيها ووعظ وتخرج به من أهلها غير قليل من الفقهاء، وتوفي فيها سنة 573 هـ.
عبد العزيز: وكان عالماً متواضعاً، وعظ ودرّس، وخرج على يديه كثير من العلماء، وكان قد غزا الصليبين في عسقلان وزار مدينةالقدس ورحل جبال الحيال وتوفي فيها سنة 602 هـ، وقبره في مدينة "عقرة" من أقضية لواء الموصل في العراق.
عبد الجبار: تفقه على والده وسمع منه وكان ذا كتابة حسنة، سلك سبيل الصوفية، ودفن برباط والده في الحلبة.
الشيخ عبد الرزاق: وكان حافظا متقنا حسن المعرفة بالحديث فقيها على مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ورعا منقطعاً في منزله عن الناس، لايخرج إلا في الجمعات، توفي سنة 603 هـ، ودفن بباب الحرب في بغداد.
إبراهيم: تفقه على والده وسمع منه ورحل إلى واسط في العراق، وتوفي بها سنة 592 هـ.
يحيى: وكان فقيها محدثا انتفع الناس به، ورحل إلى مصر ثم عاد إلى بغداد وتوفي فيها سنة 600 هـ، ودفن برباط والده في الحلبة.
موسى: تفقه على والده وسمع منه ورحل إلى دمشق وحدّث فيها واستوطنها، ثم رحل إلى مصر وعاد إلى دمشق وتوفي فيها وهو آخر من مات من أولاده.
محمد الاسد:الذي جاء من العراق وسكن في فلسطين وتوفي فيها ويوجد له مقام في قرية دير الأسد
صالح : وبه يكنى في أغلب البلدان وذكرته أغلب المصادر المتخصصة في سيرته وهو مدفون قرب والده في بغداد.

أم المنذر سلمى بنت قيس الأنصارية

أم المنذر سلمى بنت قيس الأنصارية

الـمُصلّية للقِبلتين... المحافظة على البيعتين

تشرّف الأنصار بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى مدينتهم.. المدينة المنورة، وكان هؤلاء الأبرار الأخيار يتسابقون فياستضافة النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام من المهاجرين.

وقد مدح نبينا العظيم هؤلاء الأنصار وبيوتهم في الحديث الذي رواه الإمام مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إِنَّ خَيْرَ دُورِ الأَنْصَارِ دَارُ بَنِي النَّجَّارِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ، ثُمَّ دَارُ بَنِي سَاعِدَةَ، وَفِي كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ".


نسبها

فقد أقبل الأنصار على الدخول في دين الله أفواجًا، وكان للنساء نصيب من هذا الإقبال المجيد، ومن هؤلاء النسوة أم المنذر سَلْمَى بِنْت قَيْس بن عمرو بن عبيد بن مالك بن عَدِيّ بن عامر بن غَنْم بن عَدِيّ بن النَّجّار الأنصارية، كَانَتْ إِحْدَى خَالاتِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من جهة أبيه، قَدْ صَلَّتْ مَعَهُ الْقِبْلَتَيْنِ، وَكَانَتْ إِحْدَى نِسَاءِ بَنِى عَدِىِّ بْنِ النَّجَّارِ قَالَتْ: جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ فَبَايَعْتُهُ فِى نِسْوَةٍ مِنَ الأَنْصَارِ فَلَمَّا شَرَطَ عَلَيْنَا: أَنْ لا نُشْرِكَ بِاللَّهِ شَيْئًا، وَلاَ نَسْرِقَ، وَلا نَزْنِىَ، وَلا نَقْتُلَ أَوْلاَدَنَا، وَلاَ نَأْتِىَ بِبُهْتَانٍ نَفْتَرِيهِ بَيْنَ أَيْدِينَا وَأَرْجُلِنَا، وَلاَ نَعْصِيَهُ فِى مَعْرُوفٍ، قَالَ: "وَلاَ تَغْشُشْنَ أَزْوَاجَكُنَّ". قَالَتْ: فَبَايَعْنَاهُ ثُمَّ انْصَرَفْنَا، فَقُلْتُ لامْرَأَةٍ مِنْهُنَّ: ارْجِعِى فَاسْأَلِى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَا غِشُّ أَزْوَاجِنَا، قَالَتْ: فَسَأَلَتْهُ، فَقَالَ: "تَأْخُذُ مَالَهُ فَتُحَابِي بِهِ غَيْرَهُ"، قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله ثقات.اهـ

الخالة الكريمة

تروي كتب الأنساب بكثير من الفخر نسب القرشيين خصوصًا بني عبد مناف، فقد كان ابنه هَاشِم رجل تجارة كثير المال، لما نزل في إحدى رحلاته بالمدينة، تَزَوَّجَ سَلْمَى بِنْتَ عَمْرِو بْنِ لَبِيدِ بْنِ حَرَامٍ مِنْ بَنِى النَّجَّارِ بِالْمَدِينَةِ فَوَلَدَتْ لَهُ شَيْبَةَ الْحَمْدِ، ثُمَّ تُوُفِّىَ هَاشِمٌ في غزة في فلسطين وَهُوَ مَعَهَا فَلَمَّا أَيْفَعَ وَتَرَعْرَعَ، خَرَجَ إِلَيْهِ عَمُّهُ الْمُطَّلِبُ بْنُ عَبْدِ مَنَافٍ، فَأَخَذَهُ مِنْ أُمِّهِ وَقَدِمَ بِهِ مَكَّةَ، وَهُوَ مُرْدِفُهُ عَلَى رَاحِلَتِهِ، فَقِيلَ: عَبْدٌ مَلَكَهُ الْمُطَّلِبُ، فَغَلَبَ عَلَيْهِ ذَلِكَ الاِسْمُ فَقِيلَ: عَبْدُ الْمُطَّلِبِ، وكانت سلمى هذه ذات حسب ونسب وشرف.

وأخرج الإمام أحمد عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من بني النجار يعوده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا خال قل لا إله إلا الله". فقال: خال أنا أو عم؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا، بل خال". فقال: "قل لا إله إلا الله". قال: هو خير لي؟ قال: "نعم". قال الحافظ الهيثمي: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

ولذلك كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول عن بني النجار الخزرجيين إنهم أخواله، لأن سلمى بنت عمرو أمُّ جده عبدِ المطلب كانت منهم، وهذا من كرم أخلاقه وبرّه وصلة رحمه عليه الصلاة والسلام.

المصلية المبايعة

عندما ترجم الحافظ أبو نُعيم الأصبهاني للصحابية الكريمة أم المنذر في "حلية الأولياء" وصفها بقوله: المصلية للقبلتين، المحافظة على البيعتين سلمى بنت قيس النجارية.

وروى البخاري عن عُرْوَة أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَمْتَحِنُ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ بِهَذِهِ الْآيَةِ بِقَوْلِ اللَّهِ تعالى ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ) إِلَى قَوْلِهِ (غَفُورٌ رَحِيمٌ) قَالَ عُرْوَةُ: قَالَتْ عَائِشَةُ: فَمَنْ أَقَرَّ بِهَذَا الشَّرْطِ مِنْ الْمُؤْمِنَاتِ، قَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (قَدْ بَايَعْتُكِ، كَلَامًا وَلَا وَاللَّهِ مَا مَسَّتْ يَدُهُ يَدَ امْرَأَةٍ قَطُّ فِي الْمُبَايَعَةِ مَا يُبَايِعُهُنَّ إِلَّا بِقَوْلِهِ (قَدْ بَايَعْتُكِ عَلَى ذَلِكِ).

ومن فضائل أم المنذر روايتها للحديث النبوي.

طعامها شفاء

هذه الصحابية الكريمة حظيت بنفحات خاصة من الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم، فكان يخصها بالزيارة، ويأكل عندها، ويشير إلى أنّ طعامها ذو بركة ونفع.

فقد ورد في الإصابة عن أمِّ المنذِرِ بنت قيس الأنصارية قالت: (دخَلَ عليَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم ومعهُ عليٌّ، وهو ناقِهٌ، ولنا دوالٍ مُعلَّقةٌ. قالت: فجعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم يأكُلُ، ومعهُ عليٌّ يأكُلُ، فقالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم لعليٍّ: مَهْ مَهْ يا عليُّ فإنَّكَ ناقِهٌ، فجلَسَ عليٌّ والنَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وسَلَّم يأكلُ، قالت: فَجَعَلتْ لهُم سلقًا وشـعيرًا، فقَالَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيـهِ وسَلَّم: يا عليُّ من هذا فأَصبْ فإنَّهُ أوفقُ لكَ). رواه الترمذي وقال: هذا حديث حسن غريب، وأخرجه أبو داود وابن ماجه، وسكت عنه أبو داود، ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره.

الدَّوال هي جمعُ دالِية، وهي العِذْقُ من البُسْر يُعَلّقُ، فإذا أرْطبَ أُكلَ، (مه مه) أي أكفف وهو اسم فعل (فإنك ناقه) الناقه هو الذي أفاق من المرض ويبرأ منه وهو قريب عهد به لم يتراجع إليه كمال صحته. قال في القاموس: نقه كفرح ومنع نقهًا ونقوهًا صح وفيه ضعف وأفاق فهو ناقه. (فجعلت لهم سلقًا وشعيرًا) وفي رواية أبي داود: وصنعت شعيرًا وسلقًا فجئت به. والمعنى طبخت لهم سلقًا وشعيرًا، والسلق بكسر السين المهملة نوع من البقل معروف فيه تحليل لسدد الكبد (فأصب) من الإصابة أي أدرك من هذا أو كل منه.

وفي الحديث ما كان السلف عليه من الاقتصاد فى مطعمهم واقتصارهم على الدون من ذلك، ألا ترى حرصهم على السلق والشعير، وهذا يدل على أنهم لم تكن همتهم اتباع شهواتهم، وإنما كانت همتهم من القوت ما يدفعون به سَوْرَةَ الْـجُوعِ بما يمكن، فمن كان حريصًا أن يكون فى الآخرة مع صالح سلفه فليسلك سبيلهم وليجر على طريقتهم وليقتد بهديهم، والله أعلم.اهـ

هذه قبسات من سيرة أم المنذر العطرة رضي الله عنها وأرضاها، فما أحوج النساء المؤمنات هذه الأيام أن يقتدين بها وبكرمها وعدم حيائها من التفقه في أمر دينها كغيرها من نساء

فادي النبي قتادة بن النعمان

بسم الله الرحمن الرحيم

فادي النبي
قتادة بن النعمان
إنه الصحابي الجليل قتادة بن النعمان -رضي الله عنه-، أحد الأنصار الذين شهدوا بيعة العقبة، وعاهدوا الرسول ( على أن ينصروه ويمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم ونساءهم وأبناءهم، ووفوا له بعهدهم، فرضوان الله عليهم أجمعين.
جاهد قتادة مع الرسول ( جهادًا عظيمًا، وعندما اشتد القتال يوم أحد، ولاحت في سماء المعركة هزيمة المسلمين؛ انتهز المشركون هذه الفرصة ليتخلصوا من رسول الله (، خاصة بعد أن انفضّ عنه أكثر أصحابه، ولم يبق معه إلا قليل، وكان قتادة -رضي الله عنه- واحدًا من أولئك القليل، وكان الرسول ( قد دفع إليه قوسًا، فأخذها وظل يرمي بها بين يدي رسول الله ( حتى لم تعد صالحة للرمي؛ فوجد قتادة -رضي الله عنه- نفسه، وليس معه ما يدافع به عن نبيه (، وهو أحب الناس إليه، فوضع جسده أمام رسول الله ( ليتلقى عنه السهام المصوبة نحوه.
فأصاب سهم وجهه فسالت منه عين قتادة -رضي الله عنه- على خده، ورأى الصحابة أن عين قتادة بن النعمان قد أصيبت، فسالت حدقته على وجنته، ورأى الصحابة ما أصاب أخاهم فأشاروا عليه بقطعها، ولكنه ذهب إلى رسول الله ( وهو يحمل عينه في كفه، فلما رآه رسول الله ( رقَّ له، ودمعت عيناه، وقال: (اللهم إن قتادة قد وقى وجه نبيك بوجهه، فاجعلها أحسن عينيه وأحدَّهما نظرًا) [ابن عبد البر]، فاستجاب الله لدعوة نبيه (.
فما أروع التضحية بالنفس الغالية، انتصارًا لدين الله، وإبقاء على حياة رسول الله (، وما أعظم الجزاء من الله -عز وجل-.
وفي ليلة مظلمة من ليالي الشتاء شديدة البرد؛ حيث يقل الساعون إلى المسجد للصلاة، تحن نفس قتادة -رضي الله عنه- إلى رؤية النبي (، ويقول في نفسه: لو أتيت رسول الله ( وشهدت معه الصلاة وآنسته بنفسي، فقام وخرج إلى المسجد؛ فلما دخل برقت السماء (أضاءها البرق) فرآه رسول الله ( فقال: (ما السُّري يا قتادة؟)، ما هاج عليك (أي ما الذي أخرجك في هذه الليلة). فقال قتادة -رضي الله عنه-: إن شاهد الصلاة الليلة قليل؛ فأحببت أن أشهدها معك بأبي أنت وأمي وأؤنسك بنفسي. فقال: (فإذا صليت فأت). قال قتادة: فأتيته؛ فقال: خذ هذا العرجون فتحصَّن به، فإنك إذا خرجت أضاء لك عشرًا (أي أمامك وعشرًا خلفك)، ثم قال لي: (فإذا دخلت البيت ورأيت سوادًا في زاوية البيت فاضربه قبل أن يتكلم فإنه شيطان)، فلما دخلت البيت وجدته كما وصف لي، فضربته حتى خرج من بيتي. [أحمد].
وكرامة ثالثة يرويها المفسرون أكرم الله بها قتادة -رضي الله عنه-، فقد كان رفاعة بن زيد -رضي الله عنه- عمًا لقتادة بن النعمان -رضي الله عنه- وكانت له مشربة (غرفة) يضع فيها طعامه وشرابه، فعمد رجل من المنافقين اسمه
بشر بن أبيرق إلى تلك المشربة فنقبها (أحدث بها فتحة)، وأخذ ما فيها من طعام وسلاح.
فلما أصبحوا جاء قتادة إلى عمه فأخبره بالخبر، فأخذا يتحسسان الأمر ليعلما من الذي اعتدى على غرفتهما، وأخذ الطعام والسلاح إلى أن تأكد لهما أن الذي صنع ذلك هو ابن أبيرق، فقال رفاعة لابن أخيه: لو أتيت رسول الله (، فقلت: يا رسول الله، إن أهل بيت منا أهل جفاء، عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا شربة له، وأخذوا سلاحه وطعامه، فليردوا علينا سلاحنا، وأما الطعام فلا حاجة لنا فيه.
ولكن المنافقين من بني أبيرق ومن ناصرهم لا يفقهون، عمدوا إلى رسول الله ( فكذبوا عليه ليضلوه، قالوا: يا رسول الله، إن
قتادة بن النعمان وعمه عمدا إلى أهل بيت من أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة، وكذبوا، ورسول الله ( بشر لا يعلم من الغيب شيئًا إلا ما يخبره به ربه.
وجاء قتادة -رضي الله عنه- ليعرف منه الجواب، فلقيه رسول الله ( محتدًا يقول له: عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة من غير بينة تثبت، وكانت مفاجأة لقتادة -رضي الله عنه- حين غاب عنه أنه لا يجوز اتهام الناس من غير بينة ولا دليل. فخشى قتادة أن يكون رسول الله ( قد غضب عليه، وأخذ يقول في نفسه: لوددت أني خرجت من أهلي ومالي (فُقدت) ولم أكلم رسول الله (
في ذلك. ويأتيه عمه يسأله: يابن أخي ما صنعت؟ فيخبره بما قال رسول الله (، فيقول عمه: كما قال نبي الله يعقوب: فصبر جميل والله المستعان.
وينزل القرآن: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيمًا. واستغفر الله إن الله كان غفورًا رحيمًا}
[النساء: 105-106]. ويدعو الرسول ( قتادة فيقرؤه عليه، ويأتي بالسلاح فيدفعه إليه ليرده إلى عمه رفاعة، ففرح قتادة بتأييد الله له، فحمل السلاح إلى عمه، فينتفض الرجل فرحًا؛ ليس لرجوع سلاحه وعتاده، لكن لمثل ما فرح به قتادة، ثم يزيد فيقول: يابن أخي هي في سبيل الله. [الترمذي].
وتوفي قتادة -رضي الله عنه- في خلافة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، فحضر عمر جنازته وصلى عليه.

الشِّفَاء بِنْت عَبْدِ اللَّهِ العَدَوَّية

الشِّفَاء بِنْت عَبْدِ اللَّهِ  العَدَوَّية

شاركت المرأة الرجل في بناء المجتمع الإسلامي وكان لها دورها المهم في معظم مناحي الحياة دينيًا وتربويًا واقتصاديًا.

فمن النساء المسلمات من اشتهرت بحفظها لكتاب الله عز وجل، ومنهن راويات للحديث وفقيهات وشاعرات وطبيبات، ومنهن من أجادت القراءة والكتابة، وهن قليلات في مجتمع الجزيرة العربية في صدر الاسلام، فالكتابة أمر مهم في تاريخ الحضارة الاسلامية، ويكفي الخط العربي واللغة العربية أن الله أقسم بالقلم وسيلة الخط والكتابة فقال (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ) وقال (اقْرَأْ وَرَبُّك الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)  وقد حض الإمام علي بن أبي طالب على تعليم الأبناء الكتابة بقوله:" أكرموا أولادكم بالكتابة "ومن النساء اللواتي برعن بالكتابة الشفاء بنت عبد الله التي كانت تكتب في الجاهلية ومنهن أيضًا السيدة حفصة بنت عمر أم المؤمنين التي تعلمت من الشفاء الخط والكتابة، وعائشة بنت سعد، وسواهن كثيرات من نساء الأمة.

فصاحبة ترجمتنا صحابية جليلة برعت في الكتابة وفي الطب والرقية، وهي الشفاء بنت عبد الله بن عبد شمس بن خلف القرشية العدوية أم سليمان قيل اسمها ليلى، والشفاء لقب لها.  أمها فاطمة بنت أبي وهب بن عمرو، وتزوجها أبو حثمة بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي فولدت له سليمان.

أسلمت الشفاء قبل الهجرة، فهي من المهاجرات الأول، وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم، كانت من عقلاء النساء وفضلائهن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها ويقيل (ينام ظهرا) عندها في بيتها، وكانت اتخذت له فراشًا وإزارًا ينام فيه، فلم يزل ذلك عند ولدها حتى أخذه منهم مروان بن الحكم.

وأقطعها رسول الله صلى الله عليه وسلم دارًا عند الحكاكين (بالمدينة)، فنزلتها مع ابنها سليمان، وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقدمها في الرأي ويرضاها ويفضلها وربما ولاها شيئًا من أمر السوق.

عن الشّفَاءِ بِنْتِ عَبْدِ الله قالَتْ: "دَخَلَ عَلَيّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم وَأَنَا عِنْدَ حَفْصَةَ فقال لِي: ألاَ تُعَلّمِينَ هَذِهِ - يعني حفصة - رُقْيَةَ النّمْلَةِ كَمَا عَلّمْتِيها الْكِتَابَةَ". رواه أحمد وغيره. وقد رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرقية من الحمى والعين والنملة.

النَّمْلَة: قُروح تخرج فى الجنبين، وقيل: هو داء معروف، وسُمِّى نملةً، لأن صاحِبَه يُحس فى مكانه كأنَّ نملة تَدِبُّ عليه وَتعضُّه. ويصفها أطباء العصر الحديث بأنها مرض جلدي يشبه نوعا من أنواع الأكزيما.

وذكر بقي بن مخلد أن الشفاء كانت ترقي في الجاهلية وأنها لما هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت قد بايعته بمكة قبل أن يخرج فقدمت عليه فقالت: يا رسول الله إني كنت أرقي برقى الجاهلية وقد أردت أن أعرضها عليك قال:"اعرضيها علي". فعرضتها عليه فكانت منها النملة، فقال:"ارقي بها وعلميها حفصة" فكانت تقول: بسم الله صَلوبٌ حين يعُودُ من أفواهها فلا تضر أحدًا، اللهم اكشف البأس رب الناس". فكانت ترقي بها على عود كركم (زعفران) سبع مرات، وتضعه مكانًا نظيفًا ثم تدلّكه على حجر بخلّ ثقيف وتطليه على النملة. رواه الحاكم في المستدرك.

ومن أشهر مروياتها أنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ، فَقَالَ« إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَجِهَادٌ فِى سَبِيلِه وَحَجٌّ مَبْرُورٌ».رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات.

وفاتها

أنس بن النضر "رضي الله عنه "


أنس بن النضر "رضي الله عنه "

نسبه وقبيلته:
هو أبو عمرو أنس بن النضر بن ضخم النجاري الخزرجي الأنصاري عم أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إسلامه:
أسلم رضي الله عنه بعد وصول النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، وقد أثنى النبي صلى الله عليه وسلم خيرًا.
مواقف من حياته مع الرسول صلى الله عليه وسلم:
عن أنس قال:عمي أنس بن النضر سميت به لم يشهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبر علي فقال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غبت عنه أما والله لئن أراني الله مشهدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بعد ليرين الله ما أصنع قال فهاب أن يقول غيرها فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد من العام القابل فاستقبله سعد بن معاذ فقال يا أبا عمرو أين؟ قال: واها لريح الجنة أجدها دون أحد فقاتل حتى قتل، فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة وطعنة ورمية فقالت: عمتي الربيع بنت النضر: فما عرفت أخي إلا ببنانه.
أهم ملامح شخصيته:
في البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر، {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً }.
روى البخاري بسنده عن أنس رضي الله عنه أن الربيع وهي ابنة النضر كسرت ثنية جارية فطلبوا الأرش وطلبوا العفو فأبوا فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالقصاص فقال أنس بن النضر أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال: «يا أنس كتاب الله القصاص» فرضي القوم وعفوا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره» زاد الفزاري عن حميد عن أنس: فرضي القوم وقبلوا الأرش.
مواقف من حياته مع الصحابة:
لما جال المسلمون يوم أحد جولاتهم، وأُشيع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قتل استمر أنس بن النضر يقاتل فرأى عمر ومعه رهط فقال: ما يقعدكم ؟ قالوا: قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم جال بسيفه حتى قتل.
وفاته:
استشهد رضي الله عنه وأرضاه في غزوة أحد، ووجد به بضع وثمانون مابين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم ومثل به المشركون انتقاماً مما صنع بهم حتى لم يعرفه أحد إلا أخته الرُّبَيّع عرفته ببنانه.


من مراجع البحث:
- ابن الجوزي: صفة الصفوة.
- د سيد بن حسين العفاني: فرسان النهار من الصحابة الأخيار.



زياد علي

زياد علي محمد