عُمان أو (رسمياً: سَلْطَنَة عُمان)، هي دولة عربية تقع في غرب آسيا وتشكل المرتبة الثالثة من حيث المساحة في شبه الجزيرة العربية وتقع سلطنة عُمان في الربع الجنوبي الشرقي من شبه الجزيرة العربية وتغطي مساحة إجمالية تبلغ 309.500 كم². تمتد سواحلها على مسافة 3165 كلم من مضيق هرمز في الشمال وحتى الحدود مع اليمن، وتطل بذلك على بحار ثلاثة هي: بحر العرب، بحر عمان، والخليج العربي. ويحدها من ناحية الغرب دولة الإمارات العربية المتحدة (طولها 410 كم) والمملكة العربية السعودية (طولها 676 كم)، ومن والجنوب الجمهورية اليمنية (طولها 288 كم) ومن الشمال مضيق هرمز، ومن الشرق بحر العرب. وتقع سلطنة عمان بين خطي عرض 16° 40' و20' 26° شمالا وبين خطي طول 50' 51°و 40' °59 شرقا . نظام الحكم في عُمان سلطاني وراثي ويعد سلطان عُمان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد صاحب أطول فترة حكم في الشرق الأوسط الذين هم على قيد الحياة حاليّاً، لا يسمح الدستور العُماني بالأحزاب السياسية بينما حق الانتخاب مكفول لكل مواطن عُماني بلغ الواحدة والعشرين من عمره لاختيار أعضاء مجلس الشورى.
من أواخر القرن 15 كانت سلطنة عُمان إمبراطورية قوية تتنافس مع المملكة المتحدة والبرتغال على النفوذ في منطقة الخليج العربي والمحيط الهندي في ذروتها في القرن 19 النفوذ العُماني وسيطرته التي تمتد عبر مضيق باب السلام إلى العصر الحديث الإمارات وباكستان وإيران وجنوباً حتى زنجبار كما انخفضت قوتها في القرن 20 جاءت السلطنة تحت تأثير المملكة المتحدة وتاريخيّاً كانت مسقط الميناء التجاري الرئيسي في منطقة الخليج العربي، مسقط كانت أيضاً من بين أهم الموانئ التجارية في المحيط الهندي.
يعتقد أن مجان الواردة في الكتابات السومرية تشير إلى عُمان الغالب أن عُمان كانت محطة وصل مهمة للقوافل التجارية وعرفت هذه المنطقة التاريخية باسم جبل النحاس ولها إرتباط بثقافة أم النار وصلات تجارية مع بلاد الرافدين ولا يعرف الكثير عن طبيعة النظم في تلك المستوطنات الصغيرة واختفت مجان من النصوص السومرية مبكراً في العام 1800 عام قبل الميلاد. تمتلك عُمان أربعة مواقع ضمن مواقع التراث العالمي وصنفت رقصة البرعة ضمن التراث الثقافي اللامادي للإنسانية واختيرت عدة مرات كوجهة سياحية لتاريخ البلاد وثقافتها وتنوع تضاريسها الجغرافية.
تتمتع سلطنة عُمان بوضع سياسي واقتصادي مستقر في العموم، اقتصادها نفطي إذ أنها تحتل المرتبة 23 في إحتياطي للنفط على مستوى العالم والمرتبة 27 في إحتياطي للغاز، وتحتل السلطنة المرتبة 64 من بين أكبر إقتصادات العالم ومع ذلك، في عام 2010م في المرتبة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عُمان باعتبارها البلد الأكثر تحسناً على مستوى العالم في مجال التنمية خلال 47 عاماً السابقة. يتم تصنيف عُمان كاقتصاد ذات الدخل المرتفع وتصنف باعتبارها ال59 البلد الأكثر سلمية في العالم وفقاً لمؤشر السلام العالمي. وتشتهر عُمان بأنها أحد أهم مراكز المذهب الإباضي، حيث يعتبر المذهب الأساسي في الحكم، بالإضافة لوجود المذهب السني والمذهب الشيعي وكل المذاهب متجانسة مع بعضها البعض بلا أي خلاف. سلطنة عُمان عضو مؤسس في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وحركة عدم الانحياز والبنك الإسلامي للتنمية وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة التجارة العالمية والمنظمة الدولية للمعايير والوكالة الدولية للطاقة المتجددة والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.
أصل التسمية
عُرفت عمان في المراحل التاريخية المختلفة بأكثر من اسم ومن أبرز أسمائها مجان ومزون وعمان حيث يرتبط كل منها ببعد حضاري أو تاريخي محدد فاسم مجان إرتبط بما إشتهرت به من صناعة السفن وصهر النحاس حسب لغة السومريين حيث كانت تربطهم بعمان صلات تجارية وبحرية عديدة وكان السومريون يطلقون عليها في لوحاتهم أرض مجان أما اسم مزون فإنه ارتبط بوفرة الموارد المائية في عمان في فترات تاريخية سابقة وذلك بالقياس إلى البلدان العربية المجاورة لها وكلمة مزون مشتقة من كلمة (المزن) وهي السحاب ذو الماء الغزير المتدفق ولعل هذا يفسر قيام وازدهار الزراعة في عمان منذ القدم وما صاحبها من حضارة أيضًا وبالنسبة لاسم عمان فإنه ورد في هجرة القبائل العربية من مكان يطلق عليه عُمان في اليمن، كما قيل إنها سميت بعُمان نسبة إلى عُمان بن إبراهيم الخليل عليه السلام وقيل كذلك أنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى عُمان بن سبأ بن يغثان بن إبراهيم وكانت عمان في القديم موطنًا للقبائل العربية التي قدمت إليها وسكن بعضها السهول وأشتغلت بالزراعة والصيد واستقر البعض الآخر في المناطق الداخلية والصحراوية واشتغلت بالرعي وتربية الماشية.
التاريخ
ما قبل التاريخ
اختلفت الآراء في أصل تسمية عمان فالبعض يرجعه إلى قبيلة عُمان القحطانية والبعض يأخذه من معنى الإستقرار والإقامة فيقول ابن الإعرابي: العمن أي المقيمون في مكان، يقال رجل عامن وعمون ومنه إشتقت كلمة عُمان ويستطرد فيقول: أعمن الرجل أي دام على المقام بعمان أما الزجاجي فيقول: أن عمان سميت باسم عُمان بن إبراهيم الخليل عليه السلام بينما يذكر ابن الكلبي: أنها سميت باسم عُمان بن سبأ بن يغثان بن إبراهيم خليل الرحمن لأنه هو الذي بنى مدينة عُمان، أما شيخ الربوة فيقول: أنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى عُمان بن لوط النبي عليه السلام.
وقيل أن الأزد سمت عمان (عُمانا) لأن منازلهم كانت على واد لهم بمأرب يقال له عمان فشبهوها به ومن أقدم المؤرخين الرومان الذين ذكروا عُمان بهذا الاسم لينوس الذي عاش في القرن الأول للميلاد 23 م – 79 م فقد ورد في كتاباته اسم مدينة تسمى عُمانه (OMANA) وكذلك ورد هذا الاسم عند بطليموس الذي عاش في القرن الثاني للميلاد ويظن جروهمان أن عُمانه المذكورة عند هذين المؤرخين هي صحار التي كانت تعد المركز الاقتصادي الأكثر أهمية في المنطقة في العصر الكلاسيكي وقد عرفت عمان بأسماء أخرى فقد أطلق عليها السومريون ودول بلاد ما بين النهرين اسم مجان ربما نسبة إلى صناعة السفن التي تشتهر بها عمان، حيث ورد في النقوش المسمارية بأن مجان تعني هيكل السفينة كما سماها الفرس باسم مزون وورد اسم عمان في المصادر العربية على أنها إقليم مستقل.
في جنوب سلطنة عُمان تقع مدينة تعرف بظفار ويعود تسميتها إلى عصور قديمة فقد ورد ذكر ظفار في أحاديث روتها أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر رضى الله عنهما وتم اكتشاف موقع أثري في عام 2011م يحتوي على أكثر من 100 قطعة من الأدوات الحجرية وكذلك تم اكتشاف مواقع أثرية كالبليد وسمهرم وهو موقع أثري مشهور حيث كانت السفن تنقل اللبان الظفاري منه إلى جميع أنحاء العالم وقد ورد ذكر ظفار في المنحوتات الفرعونية زمن الملكة حتشبسوت فقد كان ينقل إليها اللبان الظفاري ليتم حرقة في المعابد الفرعونية.
في مدينة عبري، هو أقدم المستوطنات البشرية المعروفة في المنطقة، التي يعود تاريخها ما يصل إلى 8000 عام إلى أواخر العصر الحجري تم اكتشاف. البقايا الأثرية هنا من العصر الحجري والعصر البرونزي. وشملت النتائج الأدوات الحجرية، عظام الحيوانات وقذائف ومداخن النار، مع تاريخها في وقت لاحق إلى 7615 عام قبل الميلاد والتي تشير إلى أقدم علامات الاستيطان البشري في المنطقة وتشمل اكتشافات أخرى مثل الفخار مصبوب اليد والتي تحمل علامات ما قبل العصر البرونزي المميزة وينفذ الصوان الثقيلة وآثار أدوات ومكاشط.
على جبل صخرة وجه في نفس المنطقة، تم اكتشاف لوحات الكهف كما تم العثور على رسومات مماثلة في مناطق وادي السحتن في ولاية الرستاق ووادي بني خروص في ولاية العوابي. فهي تتألف من شخصيات البشر تحمل أسلحة ويجري التي تواجهها الحيوانات البرية وسيوان في هيما هو موقع محلي آخر يعود للعصر الحجري حيث وجد علماء الآثار النصال والسكاكين والأزاميل والأحجار الدائرية والتي قد تكون استخدمت لإصطياد الحيوانات البرية.
مملكة مجان
لقد حطت في عُمان رحال الكثير من البحارة والجغرافيين والمؤرخين وكتبوا عنها وعن سماتها الديموغرافية والجغرافية، على أن تلك النصوص التاريخية تحيل الباحث تلقائيًا إلى رسم المعالم الحدودية لعُمان في شكلها السياسي على وجه الخصوص كما هو الحال عند أي نص تاريخي مماثل لبلد آخر، ذلك أن الجغرافيا السياسية للبلدان لم تكن على مر التاريخ جامدة بل ظلت متحركة وخاضعة للعديد من المتغيرات والعوامل، كالعامل الزمني والعامل السياسي والعامل الاقتصادي والعامل الطبيعي والعامل الديموغرافي وهذا الأخير إنما تتشكل ملامحه هو الآخر بحسب المحددات والمؤثرات ذات البعد الإنساني وأهمها الإرتحال طلبًا للرزق والعيش والاستقرار، لذلك فإن عُمان كانت واحة آمنة لموجات الهجرة العربية الأولى وبالأخص بعد انهيار سد مأرب وخروج معظم القبائل العربية إلى أطراف الأرض حيث كان انهيار السد العظيم علامة فارقة في تاريخ الأمة العربية وانعطافة حادة للمسار التاريخي العربي، فكان لعُمان نصيب من ذلك.
كما كانت عُمان أرضًا خصبة لحراثة الكثير من الرحالة جهابذة التاريخ الذين لمعت أسماؤهم على صفحات التاريخ الإنساني من العرب والعجم وقد تركوا للإنسانية الكثير من الإنتاج التأريخي الذي يمكن أن يعد بلغة العصر قاعدة بيانات ذات قيمة علمية عالية.
يعود تاريخ عمان إلى 8000 قبل الميلاد بينما تشير بعض الحفريات والقطع الأثرية إلى وجود نشاط لمستوطنات بشرية عاشت في عمان في عصور مبكرة ترجع إلى 10000 قبل الميلاد وقد عزز ذلك اكتشاف العديد من القطع الحجرية والآثار القديمة التي تشير إلى وجود أنشطة تعدينية وملاحية تتماثل في تقنياتها بين شرق عُمان وغربها، فضلًا عن تماثل التصاميم الخاصة بالمقابر في أقاليم جغرافية مختلفة تشير إلى أنها نتاج حضارة واحدة وقد عُرفت عمان عبر تلك السلاسل الزمنية الطويلة بعدة تسميات فقد أطلق عليها السومريون ودول بلاد ما بين النهرين اسم مملكة مجان (عمان) لشهرتها في إنتاج النحاس باعتبارها أرض النحاس وذلك في تطابق دلالي مع اللفظ السومري MAGAN الذي يعني أرض النحاس أو أرض الصخور والحجارة في إشارة مطابقة إلى الطبيعة الجغرافية الصخرية لعمان بخلاف الأراضي الصبخة والسهلة التي لا تستقيم دلالة اللفظ عليها إلى جانب حرفة صناعة السفن التي ظلت شهرة العُمانيون بها تاريخيًا واسعة النطاق وظهر هذا الاسم مجان في نقوشهم المسمارية باعتبارها معاصرة لمملكة دلمون (البحرين) في شكلها السياسي القديم وحضارة ملوخا الواسعة التي تشير العديد من المصادر التاريخية إلى أنها تبدأ من السواحل الغربية للقارة الهندية كما يشير بعضها إلى منطقة رأس الحد بالسواحل الشرقية العُمانية.
كذلك يشير بعضها الآخر إلى كونها منطقة أثيوبية بالقارة الأفريقية ومجان (أي عُمان) مملكة ذات حضارة واسعة وذات شهرة عالمية كبيرة لصلاتها وأنشطتها التجارية والزراعية والبحرية لذلك فهي تتجاوز النطاق الجغرافي العُماني في شكله السياسي الحالي لوجود شواهد أثرية وتاريخية عديدة تؤكد وجود إمتداد حضاري لمملكة مجان يبدأ من أراضي جزيرة مصيرة ورأس الجنز في الشرق العُماني ليشمل أجزاء من الساحل العُماني أو عُمان المتهادنة أو ساحل عُمان (دولة الإمارات العربية المتحدة حديثًا) قديمًا قبل انفصال الساحل المذكور عن الشمال العُماني من ناهيك عن ورود اسم مجان في النقوش السومرية ليشمل الخليج العربي حاليًا من تلك الشواهد تماثل تصاميم المدافن والأسوار والتحصينات العسكرية وأشكال العمارة والتي أدرج بعضها ضمن قائمة التراث العالمي منها على سبيل المثال موقع بات بولاية عبري وحصن بهلاء بالمنطقة الداخلية ثم مثل ذلك موقع سمد الشان بولاية المضيبي إلى جانب تماثل بعض الفخاريات والأواني وأدوات الزراعة والحراثة لتمتع المنطقة العُمانية بموارد مائية عديدة وأنظمة ري دفعت بالعُمانيين إلى الاشتغال بالزراعة وهذا بخلاف المناطق الساحلية والصبخة المعادية للحياة عمومًا إلى جانب وجود قطع أثرية أخرى عديدة تعكس سلطة الطبيعة الجغرافية والمناخية للمنطقة التي دفعت بسكانها لعُمانيين إلى إحتراف تلك الصناعات وبالتالي الحاجة إلى أدواتها وآلياتها فضلًا عن أن مظاهر تلك الممارسات الحياتية إنما هي في الحقيقة سمات مجتمع موحد نمطيًا تربط أطرافه روابط اجتماعية واقتصادية وسياسية واحدة متصلة بالمركز السياسي لمجان.
العصور الحجرية القديمة
تعود بداية حضارة الإنسان في عُمان إلى الألفية الثامنة قبل الميلاد وفيها صنع الإنسان العُماني أدواته من الحجر العادي وهناك آثار ونقوش في عُمان ترجع إلى هذا العصر. وتتعدد تلك النقوش في عُمان ما بين الحفر على الصخر في شمال عُمان إلى استخدام الألوان في جنوبها في ظفار وتبدو في تلك النقوش صور بشرية وحيوانات برية، كما عثرت البعثات الأثرية في عُمان على أدوات عديدة تنتمي إلى هذا العصر مثل الفؤوس وأدوات الصيد وهياكل عظمية لحيوانات برية وأدوات حجرية ونقوش في ظفار وسيوان (هيما).
العصر الحجري
تمكن الإنسان العُماني في هذا العصر الوسيط من استثمار الموارد الطبيعية المتاحة، فشكل أدوات مفيدة من حجر الصوان اشتملت على الفؤوس والمكاشط والمدقات، كما بدأت الخطوات الأولى نحو صناعة الفخار وتميزت مواقع عُمان المكتشفة والتي تنتمي إلى هذا العصر بوجود نظم جديدة في بناء المقابر وعمليات الدفن وأدوات تدل على جوانب عقائدية تصور الحياة في العالم الآخر.
العصر الحجري الحديث
بدأ الإنسان العُماني بصناعة أدواته من حجر الصوان الشديد الصلابة، الأمر الذي يحتاج إلى أدوات وتقنية متقدمة، كما ظهرت الأواني الفخارية والرحى لطحن الحبوب، وتعد الرحى أهم إنجازات الإنسان في هذا العصر.
أهم المكتشفات الأثرية من العصور القديمة
وفي عُمان تم اكتشاف العديد من مواقع التجمعات البشرية والمستوطنات الكبيرة على السواحل وفي الأودية وعلى سفوح الجبال وعُثر على عظام الحيوانات مثل الأبقار والظباء والجمال وتعد آثار رأس الحمراء بمسقط أهمها على الإطلاق، كما تشير محتويات موقع حفيت الأثري وآثار بات على الوضع الحضاري لتلك العصور في عُمان، ومن أبرز المواقع التي عُثر فيها على شواهد أثرية (مستوطنة الوطية) بمحافظة مسقط يرجع تاريخها إلى الألف العاشرة قبل الميلاد، عثر بها على مخلفات أثرية اشتملت على أدوات حجرية وقطع من الفخار، كما عُثر على مواقد للنار وبعض الأدوات الصوانية الحادة والمسننة على شكل مكاشط وأنصال وسهام، وبعض النقوش الصخرية التي تعبر عن أساليب الصيد وطرق مقاومة الحيوانات المفترسة.
التاريخ القديم
عُمان تملك تاريخاً قديماً لدول مستمرة ولكن أجزاء من سلطنة عُمان اليوم شكلت محطات تجارية في التاريخ القديم ظهرت مجان في النصوص السومرية من بلاد الرافدين ويُعتقد أنها المنطقة من شمال سلطنة عُمان وتشمل دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم كانت المنطقة مرتبطة بالنحاس والتي كانت عنصراً مهما لحضارات بلاد الرافدين القديمة.
اختفت مجان عقب سقوط سلالة أور الثالثة في العراق في العام 2000 قبل الميلاد سيطرت الإمبراطورية الأخمينية الفارسية على المنطقة بقيادة كورش الكبير في القرن السادس قبل الميلاد فيما كانت ظفار، مرتبطة بالممالك العربية الجنوبية القديمة لعُمان ثلاث مسميات قديمة وهي مجان ومزون وعُمان، حيث يعني الأول (مجان) أرض النحاس في الكتب السومرية ويعود ذلك لاشتهار عُمان قديماً بتصنيع النحاس وصهره وتجارته مع الحضارات الأخرى أما مزون فيأتي من (مزن) وتعني الغيمة الماطرة ويدل ذلك على وفرة المياة قديمًا في عُمان في حين أن اسم عُمان قيل أنه نسبة إلى عُمان بن إبراهيم الخليل عليه السلام ويقال أيضاً أنه نسبة لمنطقة في اليمن تسمى عُمان وأخذ هذا الاسم إلى عُمان (البلاد) المهاجرون بعد انهيار سد مأرب باليمن.
عُمان قبل الإسلام
منذ عصر النهضة العُمانية المعاصرة بدأت البعثات العلمية للتنقيب عن الآثار تمارس عملها وتوصلت إلى نتائج علمية على درجة كيبرة من الأهمية لعل من أهمها اكتشاف مجتمعات عمرانية وجدت على الساحل العُماني الشرقي والغربي ترجع إلى الألفية السادسة قبل الميلاد وكشف النقاب عن مجتمعات أخرى في موقع القرم بمسقط تعود إلى الألفية الخامسة قبل الميلاد حيث عثر على مقابر وبقايا أطعمة وأمتعة شخصية تشير إلى أن سكان هذا الموقع كانوا يمارسون حرفة الصيد بينما احترف بعضهم مهنة قنص الغزلان من الوديان في المناطق الداخلية من عُمان وعثر على حلي للرجال والنساء بما يؤكد بلوغ درحة ما من التقدم التقني والحضاري.
وقد كشفت التقارير العلمية التي نشرت عام 1987م عن محطة التنقيبات الأثرية التي أجريت في المنطقة الوسطى من الباطنة لتؤكد وجود مجتمعات قديمة لها نشاطها الاقتصادي والسياسي المنظم ولها علاقاتها الخارجية مع العديد من الدول الأخرى، ففي دراسة نشرها كل من الباحث الإيطالي باولو كوستا، البروفسور البريطاني جون سي ويلكنسون حلو منطقة صحار قدم المؤلفان معلومات وافية عن المجتمعات التعدينية والزراعية والتجارية للمنطقة التي ترجع أصولها التاريخية إلى مراحل بعيدة من العصور القديمة إمتدت إلى العصور الإسلامية.
كما قدم الباحثان (كوستا وويلكنسون) تقريرًا علميًا دقيقًا يؤكد وجود مناطق تعدينية لاستخراج النحاس خلف المنطقة الزراعية بنحو 25 كيلو مترًا على سفح جبال الحجر الغربي ودل العثور على آثار حجرية في المنطقة بما يؤكد قيام مجتمعات صغيرة في مطلع الألفية الثالثة قبل الميلاد وقد أكدت الدراسة استمرار إستغلال هذه المناجم إلى العصور الإسلامية.
كذلك أكدت الدراسات البحثية التي أجريت في العراق عن استخدام النحاس منذ القرن الرابع قبل الميلاد وأضافت هذه الدراسات إنه كان ينقل من عُمان عن طريق الرحلات البحرية في الخليج.
ومنذ منتصف الألفية الثانية أخذ استخدام الحديد ينتشر بصورة متزايدة وبخاصة في صناعة الأسلحة مما قلل من أهمية الطلب على النحاس وشيوع مواد تجارية جديدة مثل اللبان والأفاوية والجمال والخيول، لذا فقد أخذت التجارة العُمانية تتجه في معظمها صوب الغرب والشمال لتحدد مع تجارة قوافل جنوب الجزيرة العربية الواسعة فيما عرف بطريق البخور.
لقد تضاعفت أهمية تجارة عُمان منذ الألفية الأولى قبل الميلاد بسبب مقدرة العُمانيون على توفير سلع أجنبية للأسواق العربية مثل القرفة التي كان يستوردها العُمانيون من الهند ويقومون بنقلها إلى بقية الأسواق العربية ومما يستلفت النظر إن اسم (مجان) قد أصبح له مدلول جغرافي أوسع خلال الألفية الأولى قبل الميلاد، حيث شمل جميع الأقسام الجنوبية من الجزيرة العربية ابتداء من مضيق باب المندب وحتى مضيق هرمز وعمومًا فإنه مع ضعف الطلب على النحاس وجد العُمانيون بديلًا في اللبان والبخور والخيول والمنتجات الهندية والصينية ومن ثم فقد نشطت تجارة التوابل إضافة إلى الحرف التقليدية التي إمتهنها العُمانيون منذ العصور التاريخية القديمة وهي الزراعة وبرعوا في توفير المياة من خلال الأفلاج والعيون وتقدم الدراسات الأثرية الحديثة ما يؤكد مقدرة الإنسان العُماني وتفوقه في مهنة الزراعة ومهارته الشديدة في التفنن في استغلال المياة من خلال شق الأفلاج ويشير القزويني (آثار البلاد وأخبار العباد) إلى أن إرم ذات العماد تقع في منطقة الأحقاف من الجزء الجنوبي الغربي من عُمان ثم يقول (لقد أجرى الملك إليها نهرًا مسافة أربعين فرسخًا تحت الأرض فظهر في المدينة فأجرى من ذلك النهر السواقي في السكك والشوارع وأمر بحافتي النهر والسواقي فطليت بالذهب.
عُمان والإسلام
كان العُمانيون من بين أوائل الناس الذين دخلوا في الإسلام وعادة ما يرجع التحويل من العُمانيين إلى عمرو بن العاص الذي بعثه النبي محمد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حوالي 630م لدعوة جيفر وعبد إبني الجلندى حكام عُمان في ذلك الوقت لقبول الإيمان في تقديم الإسلام أصبحت عُمان يحكمها حاكم منتخب وهو الإمام.
خلال السنوات الأولى من البعثة الإسلامية، لعبت عُمان دورًا رئيسيًا في حروب الردة التي حدثت بعد وفاة النبي محمد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وأيضًا شاركوا في الفتوحات الإسلامية العظيمة برًا وبحرًا في العراق وبلاد فارس (إيران) وخارجها وكان الدور الأبرز في سلطنة عُمان في هذا الصدد من خلال أنشطتها التجارية والملاحة البحرية الواسعة في منطقة البحيرات العظمى الأفريقية والشرق الأقصى وخاصة خلال القرن التاسع عشر عندما ساعد إدخال الإسلام إلى السواحل السواحلية ومناطق معينة من وسط أفريقيا والهند وجنوب شرق آسيا والصين، بعد تقديمه للإسلام كان يحكم عُمان قبل الأمويين بين (661م - 750م، 750م - 931م) والعباسيين بين (931م - 932م، 933م - 934م - 967م) والقرامطة (933م - 934م) والبويهيين بين (967م - 1053م) والسلاجقة من كرمان بين (1053م - 1154م).
ارتبط العُمانيون بأصول عربية عريقة والثابت أنه حدثت هجرة عربية كبيرة في العصور التاريخية الأولى من شمال شبه الجزيرة العربية إلى عُمان وسواحلها وذلك بسبب الجفاف في شبه الجزيرة العربية ولا يعرف بالضبط تاريخ هذه الهجرة وهل كانت هجرة كبيرة واحدة أو على دفعات وهؤلاء المهاجرون ينتسبون إلى قبائل نزار وهم العدنانيون عرب الشمال.
يستدل من المصادر العربية أن عُمان تعرضت لهجرة يمنية كثيفة العدد، منذ فجر التاريخ وأكثرها شهرة هي الهجرة التي أتت بعد إنكسار سد مأرب وتهدمه في القرن الأول الميلادي فرحلت لخم والزد عن اليمن إلى أطراف شبه جزيرة العرب فنزل بعض الأزد في الطرف الشرقي من عُمان بينما إستقر الأوس والخزرج في يثرب، أما بنو عمرو بن عامر الذي يعود نسبه إلى مازن بن الأزد فقد نزلوا بمشارف الشام. ويذكر البلاذري أن الأزد بعد خروجهم من بلادهم إنتقلوا إلى مكة المكرمة ومن هناك تفرقوا فأتت طائفة منهم عُمان وطائفة السراة وطائفة الأنبار والحيرة وطائفة الشام.
وفي الحقيقة لا يوجد تاريخ دقيق لهجرة الأزد إلى عُمان ولا تحديد ثابت لخط سير هذه الهجرة سواء عن طريق حضرموت انطلاقًا من مأرب أو عن طريق اليمامة والبحرين انطلاقًا من السراة (عسير) وإن كانت بعض المصادر تشير إلى أن قبيلة الأزد التي كانت تسكن مأرب في نهاية القرن الأول الميلادي هاجرت من مأرب عبر وادي حضرموت، ونزلت سيحوت في (الشحر) بقيادة مالك بن فهم الذي إنتقل بالبحر إلى (قلهات) (15 ميلًا شمال غرب صور) وقام بتحرير عُمان من الفرس خلال معارك شرسة وأصبح السيد الأول المستقل على كل عُمان.
والحق أن المواجهة بين عرب عُمان والفرس على الخليج العربي جعلت العُمانيين يحرصون على استقلالهم وعلى الاعتزاز بعروبتهم وأصالتهم اعتزازًا كبيرًا ويستكمل العُمانيين النصر على الفرس بنزولهم في أرض بلاد فارس نفسها، إذ نجح سليمة بن مالك بن فهم في اقتطاع أرض كرمان من العجم، ولم تخرج كرمان عن حكم العُمانيين إلا بعد وفاة سليمة بن مالك بن فهم وإختلاف رأي أولاده من بعده. فتغلبت الفرس عليهم واستولوا على ملك أبيهم في كرمان وإضمحل أمرهم فتفرقوا بأرض كرمان ورجعت فرقة منهم إلى أرض عُمان.
إمامة عُمان
وجد العُُمانيون أن عامل الخليفة العباسي قد ترك لهم الخيار وأن الخلافة لم تعد تسير على النهج الإسلامي الصحيح، فهي حكم متوارث أكثر من كونها خلافة إنتخابية وهم لذلك لا يرون في هؤلاء الخلفاء ما يلزمهم طاعتهم، فقرروا إنتخاب إماما لهم يتولى شؤونهم، فعقدوا الإمامة على الجلندى بن مسعود بن جيفر بن الجلندى حفيد حاكم عمان عند ظهور النبي عليه السلام ومن مشاهير علماء الدين في عهده عبد الله بن القاسم وهلال بن عطية وخلف بن زياد البحراني وشبيب بن عطية العماني وموسى بن أبي جابر الأزكاني وبشير بن المنذر النزواني، وما دمنا بصدد الإمامة التي يقرأ القارئ كل حين عنها في الصحف ويتردد سمعها في الإذاعات والبرامج التلفزيونية، فلابد من أن يتعرف على أساسها ليكون على بينة من ذلك. ومعنى الإمامة لدينا معروف فهو مرادف لكلمة الخلافة وهو في معناه العصري حكم جمهوري ينتخب فيه الشعب حاكمه، وبالنسبة للإمامة فهو أقرب إلى الناحية الدينية فالمنتخبون هم أعيان البلاد، وهم أيضا رجال الدين في البلاد، ولكنه على كل حال حكم منتخب يمثله حاكم يسمى إماما له حقوق وعليه أيضا حقوق، فمن حقوقه تمثل السلطات التنفيذية، فالإمام رأس الحكومة يساعده من يختاره من الأكفاء وهو المرجع الأعلى في حسم الأمور وتوجيه سياسة البلاد وتخطيط مستقبلها وعليه أيضا أن يجعل الأمر شورى بين المواطنين وأن يتقبل النقد ويتسم بالنزاهة في كل جانب، فإذا حاد عن الخط المستقيم وجب خلعه وجوبه بالحقيقة دون خجل أو وجل. وفي عهد الإمام الجلندى لجأ شيبان بن عبد العزيز اليشكري كبير الصفرية هاربًا من السفاح إلى عُمان، فأمر الإمام بمقاتلته وفوض بذلك إلى قاضيه هلال بن عطية والقائد يحيى بن نجيح، فأشتبك الجيشان في معركة كبيرة قتل فيها شيبان ومعركة الإمام الجلندى مع شيبان فيها مدلولها على سعي أتباع المذهب الإباضي في نشر الحق والذود عنه، فرغم أن الصفرية إحدى مذاهب الخوارج ورغم أن الصفرية والإباضية مذهبان بدآ بالخروج على التحكيم في صفين، لم يجد الإمام في ذلك مانعًا من أن يحاربهم ويقضي عليهم نهائيًا، إذ وجد أنهم يسيرون في تعصب وضلال ونفذ الإمام حكم القتل في ثلاثة من أقاربه لمحاولتهم الخروج عن الإمامة، هم جعفر الجلنداني وإبناه النظر وزائدة وقد شهد بنفسه تنفيذ الحكم، فظهر على وجهه الاستياء، فهب صحبه يعترضون عليه قائلين: " إعفيه يا جلندى "..... فقال: " لا ولكن الرحمة " ورجل وهذا شأنه وقوم وهذا عزمهم في الإبقاء على حقوقهم بالإمامة لا يستغرب إذا حافظوا عليها في القرن العشرين وهو قرن الديمقراطيات والحكم الشعبي ولعل في اتصال ثورتهم الحالية وصمودهم ضد كل عسف ترويهما هذه المآثر التي ورثوها أبًا عن أب والتي تدعوهم إلى المحافظة على إنتخاب الحاكم وصلاحه سواء كان إسمه إمامًا أو غير ذلك.
عُمان وبني نبهان
يتفق المؤرخون على أن حكم بني نبهان، استمر خمسة قرون تقريبًا 1154 - 1624م عرفت الأربعة القرون الأولى بفترة النباهنة الأوائل والتي انتهت بحكم سليمان بن سليمنا بن مظفر النبهاني. عمان والدولة الأموية والعباسية وحكام النباهنة وعرفت الفترة الثانية بفترة النباهنة المتأخرىن والتي امتدت من عام 1500 إلى 1624م حيث انتهت مع قيام دولة اليعاربة وظهور الإمام ناصر بن مرشد اليعربي عام 1624م.
والنباهنة من أصول عربية حيث سنتسبون إلى قبيلة العتيك الأزدية العُمانية العريقة وقد وصفهم ابن زريق بأنهم ملوك عظام وكان من أشهر ملوكهم جودًا وكرمًا الفلاح بن المحسن، لقد أشاد ابن بطوطة أثناء زيارته لعُمان بتواضع الحكام النباهنة حيث أتيح له أن يلتقي بالملك النبهاني أبي محمد الذي قال عنه: (ومن عاداته أن يجلس خارج باب داره ولا حاجب له ولا وزير ولا يمنع أحدًا من الدخول إليه من غريب أو غيره ويكرم الضيف على عادة العرب ويعين له الضيافة ويعطيه على قدره وله أخلاق حسنة). يعتبر عصر النباهنة بأنه من أكثر فترات التاريخ العُماني غموضًا بسبب قلة المصادر التي تناولت هذه الفترة لكن ما وصل إلينا من معلومات يعطي إنطباعًا بأن عصرهم كان عصر تنافس وصراعات داخلية ويصعب تتبع أحداث هذه الصراعات لكن من الثابت أن تدهور الأوضاع الداخلية قد أغرى الفرس لمحاولة إحتلال عُمان وأن هجومًا قام به الفرس في عهد الملك النبهاني معمر بن عمر بن نبهان لكن العُمانيين تصدوا لهذا الهجوم وقضوا عليه إلا أن هجومًا آخر قد وقع سنة 660 هـ / 1261 م في عهد الملك أبي المعالي كهلان بن نبهان بقيادة ملك هرمز محمود بن أحمد الكوستي الذي تمكن من الإستيلاء على قلهات مستغلًا الصراعات القبلية ثم مضى نحو ظفار حيث قامت قواته بنهب الأسواق ومنازل الأهالي وسبي رقيقهم وبلغ عدد السبي إثنى عشر ألفًا وحملت الأمتعة والأموال المسلوبة والرقيق إلى قلهات ثم إتجه معظم الجيش متوغلًا في داخل عُمان عن طريق البر يقوده ملك هرمز بنفسه ولما وصل جيشه إلى منطقة القرى حيث جبال ظفار الشاهقة تم الاستعانة بعشرة رجال من أهل ظفار كأدلاء للطريق فلما وصلوا بهم إلى داخل عُمان هربوا عنهم ليلًا وعلى حد تعبير أبن رزيق : (أصبحوا حائرين يترددون في رمال عالية وفيافي خالية) فتاهو في تلك الصحاري الواسعة ونفذ ما معهم من ماء وطعام ونفقت دوابهم من الجوع والعطش وهام ملك هرمز على وجهه في الصحراء فهلك ومعظم جيشه ومن بقي منهم قتل على يد عرب البادية إلا نفر قليل واصلوا سيرهم حتى وصلوا إلى جلفار ومنها أبحروا إلى هرمز. أما بقية الجيش في قلهات فقد أغار عليهم رجال قبيلة بني جابر وقضوا عليهم ودفنوهم في مقابر جماعية تعرف إلى اليوم بقبور الترك.
وفي عام 647هـ/1276م وخلال حكم عمر بن نبهان أغار الفرس على عُمان بقيادة فخر الدين بن الداية وأخيه شهاب الدين نجلي حاكم شيراز وعندما نزل الجيش الفارسي مدينة صحار التقى بهم عمر بن نبهان في حي عاصم بمنطقة الباطنة وظل يقاتل حتى إستشهد وثلاثمائة من جيشه وزحف الغزاة إلى نزوى التي إستولى عليها الغزاة ونهبوا منازلها وسوقها وأحرقوا المكتبات وأخرجوا أهل عقر نزوى من منازلهم وحلوا محلهم ثم توجهوا إلى بهلا العاصمة الثانية للنباهنة وحاصروها إلا إنها إستعصت عليهم وخلال فترة الحصار قتل فخر الدين أحمد بن الداية وكان لقتله أكبر الأثر على معنويات جنده الذين قرروا الانسحاب من عُمان نهائيًا بعد أم مكثوا فيها أربعة أشهر عاشوا خلالها فسادًا وقتلًا.
وفي عام 866هـ/1462م أغار الفرس على عُمان وإتخذوا من بهلا مقر لهم بعد أن طروا الملك النبهاني سليمان بن مظفر الذي فر إلى الأحساء التي اتخذها مكانا لإعادة ترتيب جنده ثم عاود هجومه على الفرس وتكن من تحرير عمان وإعادة ملكه لكن يبدوا أن انقسامًا قد وقع بين النباهنة أنفسهم لذا فقد رحل سليمان بن مظفر إلى شرق أفريقيا حيث أسس مملكة بته (بات) بعد أن ترك ولداه سليمان وسحام في عمان وإشتد بينهما الصراع على السلطة وإنتهى الأمر بانتصار سليمان على أخيه لكن الصراع بينه وبين زعماء القبائل لم يتوقف إلى أن إختارت القبائل محمد بن إسماعيل إمامًا.
ثم تجددت الصراعات مره أخرى حينما تمكن سلطان بن محسن بن سليمان النبهاني من استعادة ملك أجداده وإنتزاع مدينة نزوى عام 924هـ/1556م إلا أنه لم يتمكن من السيطرة على داخلية عمان.
وقد بقيت البلاد تتنازعها الإنقسامات والحروب الأهلية إلى أن تمكن سليمان بن مظفر بن سلطان من السيطرة على داخلية عمان وإتخذ من مدينة بهلًا مقرًا لحكمه ونجح العمانيون في صد هجوم قارس على مدينة صحار لكن ما لبثت الفتن أن أطلت برأسها من جديد ولما كانت مدينة بهلا مقرًا لحكم النباهنة فقد حرص كل زعيم منهم على أن ينفرد بحكمها لذا فقد انقسمت البلاد بين أشخاص نصبوا من أنفسهم ملوكًا على مدن وقطاعات إتسمت أوضاعها بالضعف وإمتد الصراع إلى منطقة الظاهرة التي كان مسيطرًا عليها أبناء الملك النبهاني فلاح بن محسن، عُمان والدولة الاموية والعباسية وحكام النباهنة. لقد تناولت المصادر العمانية الفترة الأخيرة من حكم النباهنة حيث سادت الفوضى وانقسمت عمن إلى ممالك صغيرة وتدهور الحياة الاقتصادية والسياسية إلى أن قيض الله لعُمان رجلًا من بين رجالاتها تميز بكفاءة عالية ألا وهو ناصر بن مشرد اليعربي الذي إختاره أهل الحل والعقد في عُمان وعقدوا له الإمامة سنة 1034هـ/1624م وبذلك بدأت عمان مرحلة جديدة من التلاحم حيث استوعب الإمام الجديد كل تجارب وطنه وعزم النية على أن يبدأ بتوحيد البلاد على اعتبار أن ذلك هو صمام الأمان لمواجهة الخطر الخارجي المتمثل في الإحتلال البرتغالي واستهلت عُمان عصرًا جديدًا تميز بالشموخ والقوة.
الإمبراطورية العُمانية
دولة اليعاربة (1624 م - 1741 م / 1033 هـ - 1153 هـ) هي عُمان الكبرى وهو ما يعرف حديثًا بسلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة وامتدت لتشمل شرق أفريقيا وجزء من فارس وعاصمتها الرستاق بعد القضاء على دولة بني نبهان دامت قرابة 117 عامًا. تميزت الفترة الأولى لدولة اليعاربة باعتماد المنهج الإسلامي، حيث ألغيت الضرائب مثلًا واعتمدت الزكاة مكانها.
مؤسسها ناصر بن مرشد بويع بالإمامة الإباضية سنة 1624م، حيث بنى أسطولًا بحريًا ضخمًا مكنه من الانتصار على القوات البرتغالية، وأخرج الفرس من رأس الخيمة.
قام خميس بن سعيد الشقصي بجمع علماء الإباضية وأعطى البيعة بالإمامة لناصر بن مرشد، عارضت الكثير من القبائل والمدن العُمانية هذا الأمر بل أن قسم من أسرة ناصر بن مرشد نفسه عارض ذلك، قام ناصر بعدها بمحاولة توحيد البلاد إذ كانت البلاد مقسمة بين خمس قوى، مبتدئًا بأسرته التي كانت تحكم نخل والرستاق، حيث طرد ابن عمه مالك بن أبي العرب من قلعة الرستاق وتفرغ بعدها لناصر بن قطن، حيث كان يسيطر على الظاهرة. نجح في السيطرة على المدن الداخلية، بينما كانت المدن الساحلية في يد البرتغاليين.
حرر جلفار العُمانية (الاسم القديم لرأس الخيمة) عام 1633م من البرتغاليين ولم يلبث أن سيطر على معظم الساحل العُماني. إلا أن مسقط لم تسقط بيد دولة اليعاربة إلا في عهد الإمام سيف بن سلطان اليعربي سنة 1650م. في عام 1645م اتفق مع الإنجليز، منافسوا البرتغال على استعمال موانىء صحار والسيب بصورة حصرية قاطعًا طريق التجارة على البرتغاليين، حيث وقع معه فيليب وايلد ممثل شركة الهند الشرقية الإنجليزية عقدًا بذلك. سنة 1648م، قام بمهاجمة مسقط مرة ثانية مما اضطر دوم جولياو نورونا القائد العام في مسقط أن يدفع الجزية لليعاربة، وأن يعفي السفن العُمانية من التفتيش عند الإبحار للخارج بشرط حصولها على تراخيص برتغالية لرحلة العودة، وشملت الإتفاقية العُمانييون الذين كانوا داخل مسقط نفسها حيث تم إعفائهم من جميع الرسوم والضرائب للبرتغال. تميزت الفترة الأولى لدولة اليعاربة باعتماد المنهج الإسلامي، حيث ألغيت الضرائب مثلا واعتمدت الزكاة.
ساحل عُمان
فقد كان لتحرير عُمان من الاستعمار البرتغالي سببًا في حدوث الاستقرار وبسط يد الأمان في ربوعها ومناطق الخليج العربي المختلفة، إلا أن الصراعات التي نشبت في أواخر عهد اليعاربة أدت إلى بروز عدة تحالفات وفي ساحل عُمان برزت قوتان سياسيتان جديدتان، القوة الأولى بحرية تتألف من حلف من القبائل يتزعمه القواسم ومقرهم رأس الخيمة الذين أقلقوا الأسطول البريطاني وخاضوا ضدهم معارك عنيفة في منطاق نفوذهم على الساحل العُماني ولم يكتف القواسم بذلك بل أقلقوا الأسطول البريطاني وهاجموه في البحر الأحمر وسواحل الهند وأفريقيا. أما القوة الثانية فهي تحالف قبلي بري وهو تحالف بنو ياس وحلفائهم وكان يتزعمهم قبيلة آل بو فلاح ويمتد نفوذهم حتى خور العديد.
تكون هذه المنطقة (منطقة ساحل عُمان) القسم الشمالي من عُمان وبها سبع إمارات أقدمها في التكون إمارة رأس الخيمة التي كان لنشوب الحرب بين اليعاربة بداخل عُمان في القرن الثامن عشر الميلادي أثره الكبير في إنفرادها بالحكم، كما كان للحروب القبلية والنزاعات الداخلية والتدخل الأجنبي سواء الإنجليزي أو المد المد الوهابي الأثر الكبير في إنفصال هذه الإمارات وقيام مشيخات عرفت بإمارات ساحل عُمان أو إمارات ساحل عُمان المتصالحة أو عُمان المتصالحة أو الإمارات المتصالحة وساحل الهدنة أو كما سماها الإنجليز ساحل القراصنة.
تاريخ ساحل عُمان هو جزءًا مكملًا لتاريخ الوطن العُماني والإمارات اليوم سبع وهي: أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة ورأس الخيمة، ولو نظرنا إلى الخارطة لوجدنا أن هذه الإمارات تقع على ضلعي مثلث تلاقي قمته مضيق هرمز وبها توجد مدينة خصب وتابعة لسلطنة مسقط (سلطنة عُمان بعد عام 1970 م) وتقع رأس الخيمة والشارقة ودبي وأبوظبي وعجمان وأم القيوين على الضلع الغربي للمثلث، أما الضلع الشرقي فهناك تقع المنطقة الشرقية من إمارة الشارقة وتجتمع في خور فكان وكلباء وإلى الشمال من الضلع الشرقي تقع مدينة دبا وتعتبر من أعرق المدن العُمانية في القدم وتقسم إلى ثلاثة أقسام قسم للشارقة وقسم للفجيرة وقسم لسلطنة مسقط وجنوبي كلبا تقع منطقة الباطنة التي تتعدد فيها القرى وتمتد الخضرة وهي الجزء الساحلي لسلطنة مسقط. هذه هي الإمارات العُمانية التي سنتعرف عليها وقد علمنا أن خمسًا منها تقع على الجانب الغربي وواحدة مع توابع الأخر تقع على الجانب الشرقي وأدركنا أيضًا أنها لا تقع على ساحل واحد بل على ساحلين وإن إنفصالها عن الوطن الأم كان بسبب التدخل الأجنبي والنزاعات القبلية وحب السيطرة وعدم التفكير في مستقبل الوطن... فكان الوطن ضحية هذه النزاعات والفتن والتدخل الأجنبي، إلا أن إرادة الله فاقت كل هذه الأحوال وها نحن نشهد الكثير من مشاريع التنمية والازدهار وننلمس في النفوس الرغبة بالسير قدمًا نحو الإصلاح والتنمية ولم الشمل وما إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في 14 شوال 1391 هـ الموافق 2 ديسمبر 1971م وما تبعته من أحداث وتنمية إلا برهانا على صدق النفوس والإخلاص لحب الوطن.
كانت المنطقة خلال ال150 عامًا التي سبقت قيام دولة الإمارات العربية المتحدة تحت الانتداب البريطاني وربطت المملكة المتحدة حكام إمارات الساحل العُماني باتفاقيات تقضي بتولي المملكة المتحدة مسؤولية الشؤون الخارجية والدفاعية مقابل أن يدير حكام الإمارات شؤونهم الداخلية. وحتى منتصف الخمسينات من القرن ال20 لم تشهد إمارات الساحل أي تطور نوعي في مجالات التنمية والاقتصاد وكان الحكام بأنفسهم يشقون الطريق نحو إرساء أسس التنمية بتشجيع وتمويل من بعض الدول العربية كدولة الكويت ودولة قطر التي ظهر فيها النفط في بداية الخمسينات وكذلك الجمهورية العربية المتحدة (الوحدة بين مصر وسوريا). الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة البريطانية مع شيوخ هذه الإمارات:
عُمان والإمبراطورية البرتغالية
كانت الإمبراطورية البرتغالية تسيطر على الهند في القرن السادس عشر الميلادي، فقد عين دوم فرنسيسكو ألميدا عام 1505م أول حاكم برتغالي هناك وكان يهم دوم عمانويل أن يؤمن حركة التجارة بحيث ينافس تجارة مصر والبندقية ويسيطر على طريق الهند، فأوعز إلى الفونس البوكرك أن يبحر متجها إلى الشرق لمساعدة ألميدا وكان البوكرك قد دخل البحر العربي عام 1503م، فجاء إلى ملكه باقتراح توسيع الإمبراطورية البرتغالية وإقامة قلاع عسكرية في كل مدينة للبرتغال فيها مصالح وذلك للإشراف على حكم تلك المدن وضمان ولائها للإمبراطورية، فحبذ الملك الاقتراح وشجع البوكرك بأن أعطاه أمرًا يعينه فيه نائبًا له في الهند ولكنه طلب منه ألا يظهره إلا بعد ثلاث سنوات.
خرج البوكرك في أربع عشرة سفينة فإتجه أسطوله أولا إلى سقطرى واحتلها وأسس فيها مركزا للبرتغال وفي 10 أغسطس غادر الأسطول سقطرة متجها إلى جزر خوريا موريا (جزر الحلانيات) ثم رسا في رأس الحد حيث اصطدموا مع أربعين سفينة صيد تعود لهرمز فأحرقوها جميعها ومن رأس الحد اتجهوا إلى قلهات، وقد عرفنا إنها ميناء عُماني يسيطر عليه حاكم هرمز الفارسي والظاهر أن حرقهم للزوارق في رأس الحد قد أخاف سلطات هرمز في قلهات فلم يعارض البوكرك أحد ودخل المدينة وبعد ذلك اتجه إلى ميناء قريات شرقي مسقط فدارت معركة بينه وبين الأهالي قتل منهم ثمانون ومن البرتغال ثلاثة وعلى أثر ذلك أحرق الأسطول المدينة وأشعل النار أيضا في سفنها الراسية بالبحر وكان عددها أربعين سفينة.
واصل البوكرك جولته الوحشية فاتجه إلى مسقط وكانت ميناءً تجاريًا كبيرًا وعندما علم أهلها بما أجرمه في قريات أرسلوا إليه شخصين من أعيانهم نيابة عنهم وعن حاكم المدينة وكانت مسقط تدفع أتاوة سنوية لحاكم هرمز مقابل تركها في تجارتها وحكمها لأهلها، فعرض المندوبان على البوكرك أن يتفقا معه بنفس شروط هرمز ولكن البوكرك جاء لينفذ اقتراحاته في إقامة القلاع والاحتلال التام وفي سلب الأهالي، فكيف يعود بغنيمة للملك ويترك أحلامه وتجارته وبحارته في ثروة الشرق، فاختلق عذرًا يبرر به قرصنته، فاتهم الأهالي رغم المفاوضات الدائرة إنهم يستعدون لحربه، فأمر سفينتين من أسطوله بالوقوف على ساحل المدينة وأن تقصفها بعنف. قاوم الأهالي وعندما تعدت طاقتهم طلبوا إليه أن لا يحرق المدينة وعرضوا عليه دفع عشرة آلاف أشرفي ذهبًا خلال أربع وعشرين ساعة ولكن الدراهم لم تتوفر فأشعل النار في جوانبها وذهبت بيوتها ومساجدها وسفنها طعمة للنيران وغرق من السفن التجارية البكرة أربعة وثلاثون ولم تستطع النيران الملتهبة أن تطيح بأعمدة جامعها الذي كان في المكان المعروف اليوم بالجزيرة، فأمر جنده بهدم تلك الأعمدة، فسقطت عليه الجدران فترك الجامع وشأنه حتى حوله من بعد إلى كنيسة والجزيرة معناها بالبرتغالية كنيسة. وانتشرت أنباء ألفونسو دي ألبوكيرك في عُمان جميعها ولكنهم ويا للأسف لم يظهر فيهم من يجمع كلمتهم وينازلوا هذا العدو الدخيل، فتركوا كل مدينة وشأنها وعندما هجم على صحار هرب سكانها خوفًا وهلعًا فدخلها ألفونسو دي ألبوكيرك وأعمل فيها النهب والسلب واستمر ألفونسو دي ألبوكيرك في طريقه بالموانئ العُمانية ينهب ويحرق ويسلب حتى وصل إلى خور فكان وهناك لقيه أهلها ببسالة فقاوموه مقاومة عنيفة ولكنه تمكن من دخول المدينة فانتقم منها إنتقاما كبيرا فقام بقطع أنوف وآذان من وقع في يده من الأسرى وأحرق أحياء المدينة.
أما سيف الدين ملك هرمز فرغم أنه استطاع أن يجمع ثلاثين ألف جندي وأن يقذف إلى البحر أربعمائة سفينة، ستون منها ضخمة ، فوقع إتفاقية مع ألفونسو دي ألبوكيرك على أن يدفع له أتاوة سنوية وأن تكون تجارة البرتغال حرة وأن لا تدفع سفنهم إلا ما تدفعه السفن البرتغالية، وقد احتفظ بنفوذه في رأس الخيمة، وبنى البرتغال بهرمز مصنعا لهم وقلعة تحمي حاميتهم وعلى إثر هذه الإتفاقية طلب الشاه إسماعيل ملك إيران الجزية من هرمز، فعاد هذا يسأل ألفونسو دي ألبوكيرك فوعده بالحماية وأن هرمز عليها البرتغال بإسطولهم ورجالهم.
وهكذا نجحت أول موجة استعمارية للدخول إلى بلاد العرب ولعل الوحشية التي تفجرت من اندفاعها كانت إيذانا بفظاعة الاستعمار في كل مراحلة بداية وتمكنا ونهاية وفي عام 1509م تولى البوكرك منصب نائب الملك في الهند ومات البوكرك في جوا بالهند عام 1515م فخلفه لوبو سورين. وفي عهد لوبو قامت ثورات في مسقط وصحار ولكنه تمكن من القضاء عليها وفي عام 1526م أعلن أهالي قلهات ومسقط الثورة ضد البرتغال فقضى عليها القائد لوبو فاز وبعد ذلك امتد نفوذ البرتغال في كافة الموانئ العربية المطلة على بحر العرب والخليج العربي.
عُمان وآل بو سعيد
إن المؤسس الأول لدولة آل بو سعيد هو الإمام أحمد بن سعيد بن أحمد آل بو سعيدي الأزدي وهو رجل قوي شديد الإنضباط قام بتحرير البلاد من الغزو الأجنبي الفارسي ووحد العمانيين تحت راية واحدة نحو القوة والمجد. لقد كان الإمام احمد بن سعيد واليا على صحار من قبل اليعاربة ولكن تم اختياره إماما على عمان عام 1744م وذلك لمواقفه الوطنية وشجاعته وحنكته السياسية والتجارية والعسكرية.
لقد كان توليه الحكم هو البداية الفعلية لحكم أسرة آل بو سعيد وهي الأسرة الحاكمة حيث أنشأ مؤسس الدولة الجديد جيشًا قويًا واهتم بتدعيم الأسطول العُماني وتطويره لذا فقد حقق انتصارات حاسمة استعاد فيها لعُمان مركزها وقوتها. لقد مثل حكمه النهاية الفعلية لعصر اليعاربة وإنهاء الخلافات والانقسامات الداخلية والحروب التي أضرت بعُمان وبمكانتها التاريخية المرموقة.
لقد نمت وتعاظمت مساهمة وقوة الدولة البوسعيدية منذ بدايتها في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي واستمرت متطورة رغم العثرات، حتى عصر النهضة المباركة والتي أرسى دعائمها جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وكأي دولة واجهت الدولة البوسعيدية العديد من التحديات الداخلية والهجوم الخارجي من القوى الإقليمية والأوربية، إلا أنها استطاعت دومًا الصمود والإنتصار، بفضل الوحدة الوطنية والتواصل مع القوى الأجنبية المحبة للسلام والوئام وهنا نوجز أهم الإنجازات والمكاسب التي حققتها الدولة البوسعيدية على أرض عُمان وعلى المستوى الإقليمي والدولي: الوحدة الوطنية حيث استطاع البوسعيديون أن يوقفوا تصدع الوحدة الوطنية للعُمانيين التي حدثت في نهاية عهد اليعاربة وأن يوحدوا الشعب العُماني والقبائل العُمانية تحت راية واحدة وهدف واحد، عن طريق الوحدة الطوعية والحكمة واللين والتحالف والمصاهرة فقد تمت تقوية البناء القومي على أساس التسامح والمساواة والحرص على أموال الناس وأرواحهم وذلك على اختلاف قبائلهم ومناطقهم وأعراقهم وثقافاتهم والمحافظة على الأرض، حيث استطاع البوسعيديون تحرير الأرض العُمانية من الوجود الفارسي ومن بعده الوجود الأوروبي بأشكاله وجنسياته المختلفة محافظين على سيادتهم على أرضهم ومياههم الإقليمية معتمدين على الله أولًا ثم على قوتهم الذاتية وتماسكهم ووحدتهم، محققين بناء دولة مركزية آمنة مطمئنة يسندها نظام قانوني وقضائي وإداري واضح ومحكم والقوة الإقتصادية والتجارية، حيث تمكن البوسعيديون من إخراج البلاد من الآثار السلبية للحروب الأهلية على الاقتصاد وضعف التجارة الداخلية والخارجية ومن ثم بناء قوة إقتصادية وطنية قوامها الإهتمام بالزراعة والري وقطاعات الإنتاج الأخرى والموانئ وطرق التجارة داخليًا وخارجيًا.
خط زمني بتاريخ عُمان
من عام 3000 قبل الميلاد إلى 2000 قبل الميلاد: مجان (عُمان) تزود دلمون (البحرين) وبلاد ما وراء النهرين (آسيا الوسطى وبلاد القوقاز) بمواد أولية كالنحاس.
من عام 2000 قبل الميلاد إلى 1000 قبل الميلاد: انحسار تجارة النحاس، الفارسيون يحتلون ساحل عُمان ويستوطنون فيه، وصول القبائل العربية.
من عام 1000 قبل الميلاد إلى 300 قبل الميلاد: ترويض الجمال، ظهور نظام الأفلاج وإنتشار الزراعة بسرعة كبيرة، سايروس الأعظم يفتح عُمان.
من عام 300 قبل الميلاد إلى 226 ميلادي: ازدهار تجارة اللبان من سمهرم في ظفار، وصول قبائل الأزد بزعامة مالك بن فهم إلى عُمان ويهزمون الفرس.
من عام 226 ميلادي إلى 640 ميلادي: الفرس يستعيدون السبطرة على ساحل الباطنة (فترة الساسانيين)، الأزديون يواصلون الحكم في منطقة الداخلية.
في عام 630 ميلادي: عُمان تعتنق الإسلام.
في عام 715 ميلادي: انتخاب الجلندي بن مسعود كأول إمام.
من عام 715 ميلادي إلى 1250 ميلادي: العرب يوسعون نشاطهم التجاري والبحري بسرعة ويتخذون من صحار مركزًا لأنشطتهم البحرية.
من عام 1250 ميلادي إلى 1507 ميلادي: هرمز يؤسس دولة في ساحل عُمان.
من عام 1507 ميلادي إلى 1624 ميلادي: البرتغاليين بقيادة ألفونسو دي ألبوكيرك يستولون على قلهات وقريات ومسقط وصحار وهرمز ويسيطرون على التجارة في المحيط الهندي، إنشاء قلعتي الميراني والجلالي في مسقط.
في عام 1624 ميلادي: انتخاب الإمام ناصر بن مرشد اليعربي أول إمام لليعاربة، البرتغاليين يتقهقرون إلى مسقط ومطرح.
من عام 1624 ميلادي إلى 1718 ميلادي: أسرة آل يعرب (اليعاربة) تحكم عُمان، طرد البرتغاليين من عُمان 1650 م. الأسطول العُماني يستولى على المستعمرات البرتغالية في شرق أفريقيا والهند وبلاد فارس، بناء القلاع في نزوى وجبرين والرستاق والحزم.
من عام 1718 ميلادي إلى 1747 ميلادي: اندلاع الصراعات القبلية بين قبيلتي الغافري والهنائي في أعقاب الخلاف حول الإمامة، طلب المساعدة من البرتغال، البرتغاليين يستولون على أجزاء من عُمان.
في عام 1747 ميلادي: السلطان أحمد بن سعيد يطرد البرتغاليين ويُنتخب أول إمام لأسرة آل بو سعيد.
من عام 1804 ميلادي إلى 1856 ميلادي: عهد السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي، عصر ذهبي شهد كثير من الازدهار والتوسع، انتقل كرسي الحكم من مسقط إلى زنجبار، بعد وفاة السيد سعيد إنقسمت عُمان وزنجبار إلى سلطنتين منفصلتين.
من عام 1868 ميلادي إلى 1920 ميلادي: انحسار مضطرد للهيمنة البحرية لعُمان بسبب افتتاح قناة السويس وقدوم السفن البخارية، فترة الخلافات بين السلطان الذي يحكم المناطق الساحلية والإمام الذي يسيطر على المناطق الداخلية.
في عام 1920 ميلادي: إتفاقية السيب بين السلطان والإمام بتحديد مناطق النفوذ لكل منهما.
من عام 1952 ميلادي إلى 1955 ميلادي: الصراع بين عُمان والسعودية وأبوضبي على واحة البريمي.
من عام 1965 ميلادي إلى 1975 ميلادي: التمرد الشيوعي في ظفار.
في سنة 1967 ميلادي: بداية إنتاج النفط بكميات تجارية.
في سنة 1970 ميلادي: السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد يتولى مقاليد الحكم في البلاد كحاكم ثامن من أسرة آل بو سعيد.
عُمان في الحقبة الحديثة
كانت الإمامة الإباضية بالانتخاب في أول الأمر، ثم تحولت إلى النظام الوراثي ثلاث مرات في عهد بني نبهان واليعاربة وآل بوسعيد. واستمر حكم أئمة الإباضية حتى الغزو البرتغالي لعُمان عام 1507م الذي استمر حتى عام 1624م وهي الفترة التي سُميت بالعصور المظلمة في عُمان. ثم انتقل الحكم عام 1624م إلى اليعاربة بعد أن تم لهم طرد المستعمر البرتغالي وعادت عُمان للمذهب الإباضي مرة أخرى تحت قيادة الإمام ناصر بن مرشد الذي وحد الصفوف واتجه لمقاومة البرتغاليين واستفاد من عدم تدخل الإنجليز والفرس لمساندة البرتغاليين. تميز حكم اليعاربة بامتلاك جيش قوي وأسطول ضخم كما شيدوا القلاع والحصون وأعادوا تعمير ما دمره المستعمر خلال فترات المقاومة.
تولى آل بوسعيد حكم عُمان عام 1154هـ - 1741م ويعود تاريخ آل بوسعيد إلى أحمد بن سعيد الذي عين مستشارًا لسيف بن سلطان، آخر من حكم عُمان من اليعاربة، فلما رأى اضطراب الأمور في البلاد وضعف الحاكم سيف بن سلطان وتفتت البلاد في عهده عمل على توحيد الصفوف وقضى على القوات الفارسية الموجودة بالبلاد وعلى إثر ذلك بويع إماماً للبلاد وتوالى الأئمة من آل بوسعيد حتى آل الأمر الآن للسلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد الذي شهدت عُمان في عهدة نهضة عمرانية واسعة وكان استمرار آل بوسعيد في الحكم لمدة قرنين ونصف القرن، قد قدم دفعة قوية لدعم الوحدة العُمانية خاصة في مراحل محدودة بلغت ذروتها في عهد السيد سعيد بن سلطان (1804م - 1856م) ثم في عهد السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد باني نهضة عُمان الحديثة.
الجغرافيا
عُمان تقع بين خطي العرض 16 درجة و28 درجة شمالًا وخطي طول 52 درجة و60 درجة E.
صحراء الحصى سهل واسع تغطي معظم وسط سلطنة عُمان مع سلاسل الجبال على طول الشمال جبال الحجر والساحل الجنوبي الشرقي، حيث توجد أيضاً المدن الرئيسية في البلاد: العاصمة مسقط وصحار وصور في الشمال وصلالة في الجنوب مناخ عُمان حار وجاف في المناطق الداخلية ورطب على طول الساحل. خلال العهود الماضية وتمت تغطية عُمان من قبل المحيط والتي شهدها عدد كبير من قذائف المتحجرة الموجودة في مناطق من الصحراء بعيداً عن الساحل الحديثة.
وتتميز شبه جزيرة مسندم بموقع إستراتيجي على مضيق باب السلام وتنفصل جغرافيا عن بقية سلطنة عُمان من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة. سلسلة من البلدات الصغيرة التي تعرف باسم دبا هي بوابة الدخول إلى شبه جزيرة مسندم في البر وقرى الصيد من محافظة مسندم عن طريق البحر مع القوارب المتاحة للإستئجار في ولاية خصب للرحلات في شبه جزيرة مسندم عن طريق البحر.
تعتبر ولاية مدحاء جزء من سلطنة عُمان رغم إنها محاطة من جميع الجهات بدولة الإمارات العربية المتحدة وهي جيب خارجي لعُمان وتقع في منتصف الطريق بين شبه جزيرة مسندم والجزء الرئيسي من سلطنة عُمان وباقي الأراضي العُمانية، وتتبع إداريّاً محافظة مسندم التي تغطي ما يقرب من (75 29 كم²) وقد استقر في حدود مدحاء في عام 1969م، مع الزاوية الشمالية الشرقية من متر بالكاد 10 مدحاء (32.8 قدم) من طريق إمارة الفجيرة ضمن معتزل مدحاء هي داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وقرية النحوة الذين ينتمون إلى إمارة الشارقة وتقع على بعد 8 كم (5 ميل) على طول الطريق الترابية غرب ولاية مدحاء الجديدة التي تتألف من حوالي 40 منزلاً مع عيادة ومقسم الهاتف
من أواخر القرن 15 كانت سلطنة عُمان إمبراطورية قوية تتنافس مع المملكة المتحدة والبرتغال على النفوذ في منطقة الخليج العربي والمحيط الهندي في ذروتها في القرن 19 النفوذ العُماني وسيطرته التي تمتد عبر مضيق باب السلام إلى العصر الحديث الإمارات وباكستان وإيران وجنوباً حتى زنجبار كما انخفضت قوتها في القرن 20 جاءت السلطنة تحت تأثير المملكة المتحدة وتاريخيّاً كانت مسقط الميناء التجاري الرئيسي في منطقة الخليج العربي، مسقط كانت أيضاً من بين أهم الموانئ التجارية في المحيط الهندي.
يعتقد أن مجان الواردة في الكتابات السومرية تشير إلى عُمان الغالب أن عُمان كانت محطة وصل مهمة للقوافل التجارية وعرفت هذه المنطقة التاريخية باسم جبل النحاس ولها إرتباط بثقافة أم النار وصلات تجارية مع بلاد الرافدين ولا يعرف الكثير عن طبيعة النظم في تلك المستوطنات الصغيرة واختفت مجان من النصوص السومرية مبكراً في العام 1800 عام قبل الميلاد. تمتلك عُمان أربعة مواقع ضمن مواقع التراث العالمي وصنفت رقصة البرعة ضمن التراث الثقافي اللامادي للإنسانية واختيرت عدة مرات كوجهة سياحية لتاريخ البلاد وثقافتها وتنوع تضاريسها الجغرافية.
تتمتع سلطنة عُمان بوضع سياسي واقتصادي مستقر في العموم، اقتصادها نفطي إذ أنها تحتل المرتبة 23 في إحتياطي للنفط على مستوى العالم والمرتبة 27 في إحتياطي للغاز، وتحتل السلطنة المرتبة 64 من بين أكبر إقتصادات العالم ومع ذلك، في عام 2010م في المرتبة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عُمان باعتبارها البلد الأكثر تحسناً على مستوى العالم في مجال التنمية خلال 47 عاماً السابقة. يتم تصنيف عُمان كاقتصاد ذات الدخل المرتفع وتصنف باعتبارها ال59 البلد الأكثر سلمية في العالم وفقاً لمؤشر السلام العالمي. وتشتهر عُمان بأنها أحد أهم مراكز المذهب الإباضي، حيث يعتبر المذهب الأساسي في الحكم، بالإضافة لوجود المذهب السني والمذهب الشيعي وكل المذاهب متجانسة مع بعضها البعض بلا أي خلاف. سلطنة عُمان عضو مؤسس في مجلس التعاون لدول الخليج العربية وحركة عدم الانحياز والبنك الإسلامي للتنمية وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة ومنظمة المؤتمر الإسلامي ومنظمة التجارة العالمية والمنظمة الدولية للمعايير والوكالة الدولية للطاقة المتجددة والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة.
أصل التسمية
عُرفت عمان في المراحل التاريخية المختلفة بأكثر من اسم ومن أبرز أسمائها مجان ومزون وعمان حيث يرتبط كل منها ببعد حضاري أو تاريخي محدد فاسم مجان إرتبط بما إشتهرت به من صناعة السفن وصهر النحاس حسب لغة السومريين حيث كانت تربطهم بعمان صلات تجارية وبحرية عديدة وكان السومريون يطلقون عليها في لوحاتهم أرض مجان أما اسم مزون فإنه ارتبط بوفرة الموارد المائية في عمان في فترات تاريخية سابقة وذلك بالقياس إلى البلدان العربية المجاورة لها وكلمة مزون مشتقة من كلمة (المزن) وهي السحاب ذو الماء الغزير المتدفق ولعل هذا يفسر قيام وازدهار الزراعة في عمان منذ القدم وما صاحبها من حضارة أيضًا وبالنسبة لاسم عمان فإنه ورد في هجرة القبائل العربية من مكان يطلق عليه عُمان في اليمن، كما قيل إنها سميت بعُمان نسبة إلى عُمان بن إبراهيم الخليل عليه السلام وقيل كذلك أنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى عُمان بن سبأ بن يغثان بن إبراهيم وكانت عمان في القديم موطنًا للقبائل العربية التي قدمت إليها وسكن بعضها السهول وأشتغلت بالزراعة والصيد واستقر البعض الآخر في المناطق الداخلية والصحراوية واشتغلت بالرعي وتربية الماشية.
التاريخ
ما قبل التاريخ
اختلفت الآراء في أصل تسمية عمان فالبعض يرجعه إلى قبيلة عُمان القحطانية والبعض يأخذه من معنى الإستقرار والإقامة فيقول ابن الإعرابي: العمن أي المقيمون في مكان، يقال رجل عامن وعمون ومنه إشتقت كلمة عُمان ويستطرد فيقول: أعمن الرجل أي دام على المقام بعمان أما الزجاجي فيقول: أن عمان سميت باسم عُمان بن إبراهيم الخليل عليه السلام بينما يذكر ابن الكلبي: أنها سميت باسم عُمان بن سبأ بن يغثان بن إبراهيم خليل الرحمن لأنه هو الذي بنى مدينة عُمان، أما شيخ الربوة فيقول: أنها سميت بهذا الاسم نسبة إلى عُمان بن لوط النبي عليه السلام.
وقيل أن الأزد سمت عمان (عُمانا) لأن منازلهم كانت على واد لهم بمأرب يقال له عمان فشبهوها به ومن أقدم المؤرخين الرومان الذين ذكروا عُمان بهذا الاسم لينوس الذي عاش في القرن الأول للميلاد 23 م – 79 م فقد ورد في كتاباته اسم مدينة تسمى عُمانه (OMANA) وكذلك ورد هذا الاسم عند بطليموس الذي عاش في القرن الثاني للميلاد ويظن جروهمان أن عُمانه المذكورة عند هذين المؤرخين هي صحار التي كانت تعد المركز الاقتصادي الأكثر أهمية في المنطقة في العصر الكلاسيكي وقد عرفت عمان بأسماء أخرى فقد أطلق عليها السومريون ودول بلاد ما بين النهرين اسم مجان ربما نسبة إلى صناعة السفن التي تشتهر بها عمان، حيث ورد في النقوش المسمارية بأن مجان تعني هيكل السفينة كما سماها الفرس باسم مزون وورد اسم عمان في المصادر العربية على أنها إقليم مستقل.
في جنوب سلطنة عُمان تقع مدينة تعرف بظفار ويعود تسميتها إلى عصور قديمة فقد ورد ذكر ظفار في أحاديث روتها أم المؤمنين السيدة عائشة بنت أبي بكر رضى الله عنهما وتم اكتشاف موقع أثري في عام 2011م يحتوي على أكثر من 100 قطعة من الأدوات الحجرية وكذلك تم اكتشاف مواقع أثرية كالبليد وسمهرم وهو موقع أثري مشهور حيث كانت السفن تنقل اللبان الظفاري منه إلى جميع أنحاء العالم وقد ورد ذكر ظفار في المنحوتات الفرعونية زمن الملكة حتشبسوت فقد كان ينقل إليها اللبان الظفاري ليتم حرقة في المعابد الفرعونية.
في مدينة عبري، هو أقدم المستوطنات البشرية المعروفة في المنطقة، التي يعود تاريخها ما يصل إلى 8000 عام إلى أواخر العصر الحجري تم اكتشاف. البقايا الأثرية هنا من العصر الحجري والعصر البرونزي. وشملت النتائج الأدوات الحجرية، عظام الحيوانات وقذائف ومداخن النار، مع تاريخها في وقت لاحق إلى 7615 عام قبل الميلاد والتي تشير إلى أقدم علامات الاستيطان البشري في المنطقة وتشمل اكتشافات أخرى مثل الفخار مصبوب اليد والتي تحمل علامات ما قبل العصر البرونزي المميزة وينفذ الصوان الثقيلة وآثار أدوات ومكاشط.
على جبل صخرة وجه في نفس المنطقة، تم اكتشاف لوحات الكهف كما تم العثور على رسومات مماثلة في مناطق وادي السحتن في ولاية الرستاق ووادي بني خروص في ولاية العوابي. فهي تتألف من شخصيات البشر تحمل أسلحة ويجري التي تواجهها الحيوانات البرية وسيوان في هيما هو موقع محلي آخر يعود للعصر الحجري حيث وجد علماء الآثار النصال والسكاكين والأزاميل والأحجار الدائرية والتي قد تكون استخدمت لإصطياد الحيوانات البرية.
مملكة مجان
لقد حطت في عُمان رحال الكثير من البحارة والجغرافيين والمؤرخين وكتبوا عنها وعن سماتها الديموغرافية والجغرافية، على أن تلك النصوص التاريخية تحيل الباحث تلقائيًا إلى رسم المعالم الحدودية لعُمان في شكلها السياسي على وجه الخصوص كما هو الحال عند أي نص تاريخي مماثل لبلد آخر، ذلك أن الجغرافيا السياسية للبلدان لم تكن على مر التاريخ جامدة بل ظلت متحركة وخاضعة للعديد من المتغيرات والعوامل، كالعامل الزمني والعامل السياسي والعامل الاقتصادي والعامل الطبيعي والعامل الديموغرافي وهذا الأخير إنما تتشكل ملامحه هو الآخر بحسب المحددات والمؤثرات ذات البعد الإنساني وأهمها الإرتحال طلبًا للرزق والعيش والاستقرار، لذلك فإن عُمان كانت واحة آمنة لموجات الهجرة العربية الأولى وبالأخص بعد انهيار سد مأرب وخروج معظم القبائل العربية إلى أطراف الأرض حيث كان انهيار السد العظيم علامة فارقة في تاريخ الأمة العربية وانعطافة حادة للمسار التاريخي العربي، فكان لعُمان نصيب من ذلك.
كما كانت عُمان أرضًا خصبة لحراثة الكثير من الرحالة جهابذة التاريخ الذين لمعت أسماؤهم على صفحات التاريخ الإنساني من العرب والعجم وقد تركوا للإنسانية الكثير من الإنتاج التأريخي الذي يمكن أن يعد بلغة العصر قاعدة بيانات ذات قيمة علمية عالية.
يعود تاريخ عمان إلى 8000 قبل الميلاد بينما تشير بعض الحفريات والقطع الأثرية إلى وجود نشاط لمستوطنات بشرية عاشت في عمان في عصور مبكرة ترجع إلى 10000 قبل الميلاد وقد عزز ذلك اكتشاف العديد من القطع الحجرية والآثار القديمة التي تشير إلى وجود أنشطة تعدينية وملاحية تتماثل في تقنياتها بين شرق عُمان وغربها، فضلًا عن تماثل التصاميم الخاصة بالمقابر في أقاليم جغرافية مختلفة تشير إلى أنها نتاج حضارة واحدة وقد عُرفت عمان عبر تلك السلاسل الزمنية الطويلة بعدة تسميات فقد أطلق عليها السومريون ودول بلاد ما بين النهرين اسم مملكة مجان (عمان) لشهرتها في إنتاج النحاس باعتبارها أرض النحاس وذلك في تطابق دلالي مع اللفظ السومري MAGAN الذي يعني أرض النحاس أو أرض الصخور والحجارة في إشارة مطابقة إلى الطبيعة الجغرافية الصخرية لعمان بخلاف الأراضي الصبخة والسهلة التي لا تستقيم دلالة اللفظ عليها إلى جانب حرفة صناعة السفن التي ظلت شهرة العُمانيون بها تاريخيًا واسعة النطاق وظهر هذا الاسم مجان في نقوشهم المسمارية باعتبارها معاصرة لمملكة دلمون (البحرين) في شكلها السياسي القديم وحضارة ملوخا الواسعة التي تشير العديد من المصادر التاريخية إلى أنها تبدأ من السواحل الغربية للقارة الهندية كما يشير بعضها إلى منطقة رأس الحد بالسواحل الشرقية العُمانية.
كذلك يشير بعضها الآخر إلى كونها منطقة أثيوبية بالقارة الأفريقية ومجان (أي عُمان) مملكة ذات حضارة واسعة وذات شهرة عالمية كبيرة لصلاتها وأنشطتها التجارية والزراعية والبحرية لذلك فهي تتجاوز النطاق الجغرافي العُماني في شكله السياسي الحالي لوجود شواهد أثرية وتاريخية عديدة تؤكد وجود إمتداد حضاري لمملكة مجان يبدأ من أراضي جزيرة مصيرة ورأس الجنز في الشرق العُماني ليشمل أجزاء من الساحل العُماني أو عُمان المتهادنة أو ساحل عُمان (دولة الإمارات العربية المتحدة حديثًا) قديمًا قبل انفصال الساحل المذكور عن الشمال العُماني من ناهيك عن ورود اسم مجان في النقوش السومرية ليشمل الخليج العربي حاليًا من تلك الشواهد تماثل تصاميم المدافن والأسوار والتحصينات العسكرية وأشكال العمارة والتي أدرج بعضها ضمن قائمة التراث العالمي منها على سبيل المثال موقع بات بولاية عبري وحصن بهلاء بالمنطقة الداخلية ثم مثل ذلك موقع سمد الشان بولاية المضيبي إلى جانب تماثل بعض الفخاريات والأواني وأدوات الزراعة والحراثة لتمتع المنطقة العُمانية بموارد مائية عديدة وأنظمة ري دفعت بالعُمانيين إلى الاشتغال بالزراعة وهذا بخلاف المناطق الساحلية والصبخة المعادية للحياة عمومًا إلى جانب وجود قطع أثرية أخرى عديدة تعكس سلطة الطبيعة الجغرافية والمناخية للمنطقة التي دفعت بسكانها لعُمانيين إلى إحتراف تلك الصناعات وبالتالي الحاجة إلى أدواتها وآلياتها فضلًا عن أن مظاهر تلك الممارسات الحياتية إنما هي في الحقيقة سمات مجتمع موحد نمطيًا تربط أطرافه روابط اجتماعية واقتصادية وسياسية واحدة متصلة بالمركز السياسي لمجان.
العصور الحجرية القديمة
تعود بداية حضارة الإنسان في عُمان إلى الألفية الثامنة قبل الميلاد وفيها صنع الإنسان العُماني أدواته من الحجر العادي وهناك آثار ونقوش في عُمان ترجع إلى هذا العصر. وتتعدد تلك النقوش في عُمان ما بين الحفر على الصخر في شمال عُمان إلى استخدام الألوان في جنوبها في ظفار وتبدو في تلك النقوش صور بشرية وحيوانات برية، كما عثرت البعثات الأثرية في عُمان على أدوات عديدة تنتمي إلى هذا العصر مثل الفؤوس وأدوات الصيد وهياكل عظمية لحيوانات برية وأدوات حجرية ونقوش في ظفار وسيوان (هيما).
العصر الحجري
تمكن الإنسان العُماني في هذا العصر الوسيط من استثمار الموارد الطبيعية المتاحة، فشكل أدوات مفيدة من حجر الصوان اشتملت على الفؤوس والمكاشط والمدقات، كما بدأت الخطوات الأولى نحو صناعة الفخار وتميزت مواقع عُمان المكتشفة والتي تنتمي إلى هذا العصر بوجود نظم جديدة في بناء المقابر وعمليات الدفن وأدوات تدل على جوانب عقائدية تصور الحياة في العالم الآخر.
العصر الحجري الحديث
بدأ الإنسان العُماني بصناعة أدواته من حجر الصوان الشديد الصلابة، الأمر الذي يحتاج إلى أدوات وتقنية متقدمة، كما ظهرت الأواني الفخارية والرحى لطحن الحبوب، وتعد الرحى أهم إنجازات الإنسان في هذا العصر.
أهم المكتشفات الأثرية من العصور القديمة
وفي عُمان تم اكتشاف العديد من مواقع التجمعات البشرية والمستوطنات الكبيرة على السواحل وفي الأودية وعلى سفوح الجبال وعُثر على عظام الحيوانات مثل الأبقار والظباء والجمال وتعد آثار رأس الحمراء بمسقط أهمها على الإطلاق، كما تشير محتويات موقع حفيت الأثري وآثار بات على الوضع الحضاري لتلك العصور في عُمان، ومن أبرز المواقع التي عُثر فيها على شواهد أثرية (مستوطنة الوطية) بمحافظة مسقط يرجع تاريخها إلى الألف العاشرة قبل الميلاد، عثر بها على مخلفات أثرية اشتملت على أدوات حجرية وقطع من الفخار، كما عُثر على مواقد للنار وبعض الأدوات الصوانية الحادة والمسننة على شكل مكاشط وأنصال وسهام، وبعض النقوش الصخرية التي تعبر عن أساليب الصيد وطرق مقاومة الحيوانات المفترسة.
التاريخ القديم
عُمان تملك تاريخاً قديماً لدول مستمرة ولكن أجزاء من سلطنة عُمان اليوم شكلت محطات تجارية في التاريخ القديم ظهرت مجان في النصوص السومرية من بلاد الرافدين ويُعتقد أنها المنطقة من شمال سلطنة عُمان وتشمل دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم كانت المنطقة مرتبطة بالنحاس والتي كانت عنصراً مهما لحضارات بلاد الرافدين القديمة.
اختفت مجان عقب سقوط سلالة أور الثالثة في العراق في العام 2000 قبل الميلاد سيطرت الإمبراطورية الأخمينية الفارسية على المنطقة بقيادة كورش الكبير في القرن السادس قبل الميلاد فيما كانت ظفار، مرتبطة بالممالك العربية الجنوبية القديمة لعُمان ثلاث مسميات قديمة وهي مجان ومزون وعُمان، حيث يعني الأول (مجان) أرض النحاس في الكتب السومرية ويعود ذلك لاشتهار عُمان قديماً بتصنيع النحاس وصهره وتجارته مع الحضارات الأخرى أما مزون فيأتي من (مزن) وتعني الغيمة الماطرة ويدل ذلك على وفرة المياة قديمًا في عُمان في حين أن اسم عُمان قيل أنه نسبة إلى عُمان بن إبراهيم الخليل عليه السلام ويقال أيضاً أنه نسبة لمنطقة في اليمن تسمى عُمان وأخذ هذا الاسم إلى عُمان (البلاد) المهاجرون بعد انهيار سد مأرب باليمن.
عُمان قبل الإسلام
منذ عصر النهضة العُمانية المعاصرة بدأت البعثات العلمية للتنقيب عن الآثار تمارس عملها وتوصلت إلى نتائج علمية على درجة كيبرة من الأهمية لعل من أهمها اكتشاف مجتمعات عمرانية وجدت على الساحل العُماني الشرقي والغربي ترجع إلى الألفية السادسة قبل الميلاد وكشف النقاب عن مجتمعات أخرى في موقع القرم بمسقط تعود إلى الألفية الخامسة قبل الميلاد حيث عثر على مقابر وبقايا أطعمة وأمتعة شخصية تشير إلى أن سكان هذا الموقع كانوا يمارسون حرفة الصيد بينما احترف بعضهم مهنة قنص الغزلان من الوديان في المناطق الداخلية من عُمان وعثر على حلي للرجال والنساء بما يؤكد بلوغ درحة ما من التقدم التقني والحضاري.
وقد كشفت التقارير العلمية التي نشرت عام 1987م عن محطة التنقيبات الأثرية التي أجريت في المنطقة الوسطى من الباطنة لتؤكد وجود مجتمعات قديمة لها نشاطها الاقتصادي والسياسي المنظم ولها علاقاتها الخارجية مع العديد من الدول الأخرى، ففي دراسة نشرها كل من الباحث الإيطالي باولو كوستا، البروفسور البريطاني جون سي ويلكنسون حلو منطقة صحار قدم المؤلفان معلومات وافية عن المجتمعات التعدينية والزراعية والتجارية للمنطقة التي ترجع أصولها التاريخية إلى مراحل بعيدة من العصور القديمة إمتدت إلى العصور الإسلامية.
كما قدم الباحثان (كوستا وويلكنسون) تقريرًا علميًا دقيقًا يؤكد وجود مناطق تعدينية لاستخراج النحاس خلف المنطقة الزراعية بنحو 25 كيلو مترًا على سفح جبال الحجر الغربي ودل العثور على آثار حجرية في المنطقة بما يؤكد قيام مجتمعات صغيرة في مطلع الألفية الثالثة قبل الميلاد وقد أكدت الدراسة استمرار إستغلال هذه المناجم إلى العصور الإسلامية.
كذلك أكدت الدراسات البحثية التي أجريت في العراق عن استخدام النحاس منذ القرن الرابع قبل الميلاد وأضافت هذه الدراسات إنه كان ينقل من عُمان عن طريق الرحلات البحرية في الخليج.
ومنذ منتصف الألفية الثانية أخذ استخدام الحديد ينتشر بصورة متزايدة وبخاصة في صناعة الأسلحة مما قلل من أهمية الطلب على النحاس وشيوع مواد تجارية جديدة مثل اللبان والأفاوية والجمال والخيول، لذا فقد أخذت التجارة العُمانية تتجه في معظمها صوب الغرب والشمال لتحدد مع تجارة قوافل جنوب الجزيرة العربية الواسعة فيما عرف بطريق البخور.
لقد تضاعفت أهمية تجارة عُمان منذ الألفية الأولى قبل الميلاد بسبب مقدرة العُمانيون على توفير سلع أجنبية للأسواق العربية مثل القرفة التي كان يستوردها العُمانيون من الهند ويقومون بنقلها إلى بقية الأسواق العربية ومما يستلفت النظر إن اسم (مجان) قد أصبح له مدلول جغرافي أوسع خلال الألفية الأولى قبل الميلاد، حيث شمل جميع الأقسام الجنوبية من الجزيرة العربية ابتداء من مضيق باب المندب وحتى مضيق هرمز وعمومًا فإنه مع ضعف الطلب على النحاس وجد العُمانيون بديلًا في اللبان والبخور والخيول والمنتجات الهندية والصينية ومن ثم فقد نشطت تجارة التوابل إضافة إلى الحرف التقليدية التي إمتهنها العُمانيون منذ العصور التاريخية القديمة وهي الزراعة وبرعوا في توفير المياة من خلال الأفلاج والعيون وتقدم الدراسات الأثرية الحديثة ما يؤكد مقدرة الإنسان العُماني وتفوقه في مهنة الزراعة ومهارته الشديدة في التفنن في استغلال المياة من خلال شق الأفلاج ويشير القزويني (آثار البلاد وأخبار العباد) إلى أن إرم ذات العماد تقع في منطقة الأحقاف من الجزء الجنوبي الغربي من عُمان ثم يقول (لقد أجرى الملك إليها نهرًا مسافة أربعين فرسخًا تحت الأرض فظهر في المدينة فأجرى من ذلك النهر السواقي في السكك والشوارع وأمر بحافتي النهر والسواقي فطليت بالذهب.
عُمان والإسلام
كان العُمانيون من بين أوائل الناس الذين دخلوا في الإسلام وعادة ما يرجع التحويل من العُمانيين إلى عمرو بن العاص الذي بعثه النبي محمد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم حوالي 630م لدعوة جيفر وعبد إبني الجلندى حكام عُمان في ذلك الوقت لقبول الإيمان في تقديم الإسلام أصبحت عُمان يحكمها حاكم منتخب وهو الإمام.
خلال السنوات الأولى من البعثة الإسلامية، لعبت عُمان دورًا رئيسيًا في حروب الردة التي حدثت بعد وفاة النبي محمد صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وأيضًا شاركوا في الفتوحات الإسلامية العظيمة برًا وبحرًا في العراق وبلاد فارس (إيران) وخارجها وكان الدور الأبرز في سلطنة عُمان في هذا الصدد من خلال أنشطتها التجارية والملاحة البحرية الواسعة في منطقة البحيرات العظمى الأفريقية والشرق الأقصى وخاصة خلال القرن التاسع عشر عندما ساعد إدخال الإسلام إلى السواحل السواحلية ومناطق معينة من وسط أفريقيا والهند وجنوب شرق آسيا والصين، بعد تقديمه للإسلام كان يحكم عُمان قبل الأمويين بين (661م - 750م، 750م - 931م) والعباسيين بين (931م - 932م، 933م - 934م - 967م) والقرامطة (933م - 934م) والبويهيين بين (967م - 1053م) والسلاجقة من كرمان بين (1053م - 1154م).
ارتبط العُمانيون بأصول عربية عريقة والثابت أنه حدثت هجرة عربية كبيرة في العصور التاريخية الأولى من شمال شبه الجزيرة العربية إلى عُمان وسواحلها وذلك بسبب الجفاف في شبه الجزيرة العربية ولا يعرف بالضبط تاريخ هذه الهجرة وهل كانت هجرة كبيرة واحدة أو على دفعات وهؤلاء المهاجرون ينتسبون إلى قبائل نزار وهم العدنانيون عرب الشمال.
يستدل من المصادر العربية أن عُمان تعرضت لهجرة يمنية كثيفة العدد، منذ فجر التاريخ وأكثرها شهرة هي الهجرة التي أتت بعد إنكسار سد مأرب وتهدمه في القرن الأول الميلادي فرحلت لخم والزد عن اليمن إلى أطراف شبه جزيرة العرب فنزل بعض الأزد في الطرف الشرقي من عُمان بينما إستقر الأوس والخزرج في يثرب، أما بنو عمرو بن عامر الذي يعود نسبه إلى مازن بن الأزد فقد نزلوا بمشارف الشام. ويذكر البلاذري أن الأزد بعد خروجهم من بلادهم إنتقلوا إلى مكة المكرمة ومن هناك تفرقوا فأتت طائفة منهم عُمان وطائفة السراة وطائفة الأنبار والحيرة وطائفة الشام.
وفي الحقيقة لا يوجد تاريخ دقيق لهجرة الأزد إلى عُمان ولا تحديد ثابت لخط سير هذه الهجرة سواء عن طريق حضرموت انطلاقًا من مأرب أو عن طريق اليمامة والبحرين انطلاقًا من السراة (عسير) وإن كانت بعض المصادر تشير إلى أن قبيلة الأزد التي كانت تسكن مأرب في نهاية القرن الأول الميلادي هاجرت من مأرب عبر وادي حضرموت، ونزلت سيحوت في (الشحر) بقيادة مالك بن فهم الذي إنتقل بالبحر إلى (قلهات) (15 ميلًا شمال غرب صور) وقام بتحرير عُمان من الفرس خلال معارك شرسة وأصبح السيد الأول المستقل على كل عُمان.
والحق أن المواجهة بين عرب عُمان والفرس على الخليج العربي جعلت العُمانيين يحرصون على استقلالهم وعلى الاعتزاز بعروبتهم وأصالتهم اعتزازًا كبيرًا ويستكمل العُمانيين النصر على الفرس بنزولهم في أرض بلاد فارس نفسها، إذ نجح سليمة بن مالك بن فهم في اقتطاع أرض كرمان من العجم، ولم تخرج كرمان عن حكم العُمانيين إلا بعد وفاة سليمة بن مالك بن فهم وإختلاف رأي أولاده من بعده. فتغلبت الفرس عليهم واستولوا على ملك أبيهم في كرمان وإضمحل أمرهم فتفرقوا بأرض كرمان ورجعت فرقة منهم إلى أرض عُمان.
إمامة عُمان
وجد العُُمانيون أن عامل الخليفة العباسي قد ترك لهم الخيار وأن الخلافة لم تعد تسير على النهج الإسلامي الصحيح، فهي حكم متوارث أكثر من كونها خلافة إنتخابية وهم لذلك لا يرون في هؤلاء الخلفاء ما يلزمهم طاعتهم، فقرروا إنتخاب إماما لهم يتولى شؤونهم، فعقدوا الإمامة على الجلندى بن مسعود بن جيفر بن الجلندى حفيد حاكم عمان عند ظهور النبي عليه السلام ومن مشاهير علماء الدين في عهده عبد الله بن القاسم وهلال بن عطية وخلف بن زياد البحراني وشبيب بن عطية العماني وموسى بن أبي جابر الأزكاني وبشير بن المنذر النزواني، وما دمنا بصدد الإمامة التي يقرأ القارئ كل حين عنها في الصحف ويتردد سمعها في الإذاعات والبرامج التلفزيونية، فلابد من أن يتعرف على أساسها ليكون على بينة من ذلك. ومعنى الإمامة لدينا معروف فهو مرادف لكلمة الخلافة وهو في معناه العصري حكم جمهوري ينتخب فيه الشعب حاكمه، وبالنسبة للإمامة فهو أقرب إلى الناحية الدينية فالمنتخبون هم أعيان البلاد، وهم أيضا رجال الدين في البلاد، ولكنه على كل حال حكم منتخب يمثله حاكم يسمى إماما له حقوق وعليه أيضا حقوق، فمن حقوقه تمثل السلطات التنفيذية، فالإمام رأس الحكومة يساعده من يختاره من الأكفاء وهو المرجع الأعلى في حسم الأمور وتوجيه سياسة البلاد وتخطيط مستقبلها وعليه أيضا أن يجعل الأمر شورى بين المواطنين وأن يتقبل النقد ويتسم بالنزاهة في كل جانب، فإذا حاد عن الخط المستقيم وجب خلعه وجوبه بالحقيقة دون خجل أو وجل. وفي عهد الإمام الجلندى لجأ شيبان بن عبد العزيز اليشكري كبير الصفرية هاربًا من السفاح إلى عُمان، فأمر الإمام بمقاتلته وفوض بذلك إلى قاضيه هلال بن عطية والقائد يحيى بن نجيح، فأشتبك الجيشان في معركة كبيرة قتل فيها شيبان ومعركة الإمام الجلندى مع شيبان فيها مدلولها على سعي أتباع المذهب الإباضي في نشر الحق والذود عنه، فرغم أن الصفرية إحدى مذاهب الخوارج ورغم أن الصفرية والإباضية مذهبان بدآ بالخروج على التحكيم في صفين، لم يجد الإمام في ذلك مانعًا من أن يحاربهم ويقضي عليهم نهائيًا، إذ وجد أنهم يسيرون في تعصب وضلال ونفذ الإمام حكم القتل في ثلاثة من أقاربه لمحاولتهم الخروج عن الإمامة، هم جعفر الجلنداني وإبناه النظر وزائدة وقد شهد بنفسه تنفيذ الحكم، فظهر على وجهه الاستياء، فهب صحبه يعترضون عليه قائلين: " إعفيه يا جلندى "..... فقال: " لا ولكن الرحمة " ورجل وهذا شأنه وقوم وهذا عزمهم في الإبقاء على حقوقهم بالإمامة لا يستغرب إذا حافظوا عليها في القرن العشرين وهو قرن الديمقراطيات والحكم الشعبي ولعل في اتصال ثورتهم الحالية وصمودهم ضد كل عسف ترويهما هذه المآثر التي ورثوها أبًا عن أب والتي تدعوهم إلى المحافظة على إنتخاب الحاكم وصلاحه سواء كان إسمه إمامًا أو غير ذلك.
عُمان وبني نبهان
يتفق المؤرخون على أن حكم بني نبهان، استمر خمسة قرون تقريبًا 1154 - 1624م عرفت الأربعة القرون الأولى بفترة النباهنة الأوائل والتي انتهت بحكم سليمان بن سليمنا بن مظفر النبهاني. عمان والدولة الأموية والعباسية وحكام النباهنة وعرفت الفترة الثانية بفترة النباهنة المتأخرىن والتي امتدت من عام 1500 إلى 1624م حيث انتهت مع قيام دولة اليعاربة وظهور الإمام ناصر بن مرشد اليعربي عام 1624م.
والنباهنة من أصول عربية حيث سنتسبون إلى قبيلة العتيك الأزدية العُمانية العريقة وقد وصفهم ابن زريق بأنهم ملوك عظام وكان من أشهر ملوكهم جودًا وكرمًا الفلاح بن المحسن، لقد أشاد ابن بطوطة أثناء زيارته لعُمان بتواضع الحكام النباهنة حيث أتيح له أن يلتقي بالملك النبهاني أبي محمد الذي قال عنه: (ومن عاداته أن يجلس خارج باب داره ولا حاجب له ولا وزير ولا يمنع أحدًا من الدخول إليه من غريب أو غيره ويكرم الضيف على عادة العرب ويعين له الضيافة ويعطيه على قدره وله أخلاق حسنة). يعتبر عصر النباهنة بأنه من أكثر فترات التاريخ العُماني غموضًا بسبب قلة المصادر التي تناولت هذه الفترة لكن ما وصل إلينا من معلومات يعطي إنطباعًا بأن عصرهم كان عصر تنافس وصراعات داخلية ويصعب تتبع أحداث هذه الصراعات لكن من الثابت أن تدهور الأوضاع الداخلية قد أغرى الفرس لمحاولة إحتلال عُمان وأن هجومًا قام به الفرس في عهد الملك النبهاني معمر بن عمر بن نبهان لكن العُمانيين تصدوا لهذا الهجوم وقضوا عليه إلا أن هجومًا آخر قد وقع سنة 660 هـ / 1261 م في عهد الملك أبي المعالي كهلان بن نبهان بقيادة ملك هرمز محمود بن أحمد الكوستي الذي تمكن من الإستيلاء على قلهات مستغلًا الصراعات القبلية ثم مضى نحو ظفار حيث قامت قواته بنهب الأسواق ومنازل الأهالي وسبي رقيقهم وبلغ عدد السبي إثنى عشر ألفًا وحملت الأمتعة والأموال المسلوبة والرقيق إلى قلهات ثم إتجه معظم الجيش متوغلًا في داخل عُمان عن طريق البر يقوده ملك هرمز بنفسه ولما وصل جيشه إلى منطقة القرى حيث جبال ظفار الشاهقة تم الاستعانة بعشرة رجال من أهل ظفار كأدلاء للطريق فلما وصلوا بهم إلى داخل عُمان هربوا عنهم ليلًا وعلى حد تعبير أبن رزيق : (أصبحوا حائرين يترددون في رمال عالية وفيافي خالية) فتاهو في تلك الصحاري الواسعة ونفذ ما معهم من ماء وطعام ونفقت دوابهم من الجوع والعطش وهام ملك هرمز على وجهه في الصحراء فهلك ومعظم جيشه ومن بقي منهم قتل على يد عرب البادية إلا نفر قليل واصلوا سيرهم حتى وصلوا إلى جلفار ومنها أبحروا إلى هرمز. أما بقية الجيش في قلهات فقد أغار عليهم رجال قبيلة بني جابر وقضوا عليهم ودفنوهم في مقابر جماعية تعرف إلى اليوم بقبور الترك.
وفي عام 647هـ/1276م وخلال حكم عمر بن نبهان أغار الفرس على عُمان بقيادة فخر الدين بن الداية وأخيه شهاب الدين نجلي حاكم شيراز وعندما نزل الجيش الفارسي مدينة صحار التقى بهم عمر بن نبهان في حي عاصم بمنطقة الباطنة وظل يقاتل حتى إستشهد وثلاثمائة من جيشه وزحف الغزاة إلى نزوى التي إستولى عليها الغزاة ونهبوا منازلها وسوقها وأحرقوا المكتبات وأخرجوا أهل عقر نزوى من منازلهم وحلوا محلهم ثم توجهوا إلى بهلا العاصمة الثانية للنباهنة وحاصروها إلا إنها إستعصت عليهم وخلال فترة الحصار قتل فخر الدين أحمد بن الداية وكان لقتله أكبر الأثر على معنويات جنده الذين قرروا الانسحاب من عُمان نهائيًا بعد أم مكثوا فيها أربعة أشهر عاشوا خلالها فسادًا وقتلًا.
وفي عام 866هـ/1462م أغار الفرس على عُمان وإتخذوا من بهلا مقر لهم بعد أن طروا الملك النبهاني سليمان بن مظفر الذي فر إلى الأحساء التي اتخذها مكانا لإعادة ترتيب جنده ثم عاود هجومه على الفرس وتكن من تحرير عمان وإعادة ملكه لكن يبدوا أن انقسامًا قد وقع بين النباهنة أنفسهم لذا فقد رحل سليمان بن مظفر إلى شرق أفريقيا حيث أسس مملكة بته (بات) بعد أن ترك ولداه سليمان وسحام في عمان وإشتد بينهما الصراع على السلطة وإنتهى الأمر بانتصار سليمان على أخيه لكن الصراع بينه وبين زعماء القبائل لم يتوقف إلى أن إختارت القبائل محمد بن إسماعيل إمامًا.
ثم تجددت الصراعات مره أخرى حينما تمكن سلطان بن محسن بن سليمان النبهاني من استعادة ملك أجداده وإنتزاع مدينة نزوى عام 924هـ/1556م إلا أنه لم يتمكن من السيطرة على داخلية عمان.
وقد بقيت البلاد تتنازعها الإنقسامات والحروب الأهلية إلى أن تمكن سليمان بن مظفر بن سلطان من السيطرة على داخلية عمان وإتخذ من مدينة بهلًا مقرًا لحكمه ونجح العمانيون في صد هجوم قارس على مدينة صحار لكن ما لبثت الفتن أن أطلت برأسها من جديد ولما كانت مدينة بهلا مقرًا لحكم النباهنة فقد حرص كل زعيم منهم على أن ينفرد بحكمها لذا فقد انقسمت البلاد بين أشخاص نصبوا من أنفسهم ملوكًا على مدن وقطاعات إتسمت أوضاعها بالضعف وإمتد الصراع إلى منطقة الظاهرة التي كان مسيطرًا عليها أبناء الملك النبهاني فلاح بن محسن، عُمان والدولة الاموية والعباسية وحكام النباهنة. لقد تناولت المصادر العمانية الفترة الأخيرة من حكم النباهنة حيث سادت الفوضى وانقسمت عمن إلى ممالك صغيرة وتدهور الحياة الاقتصادية والسياسية إلى أن قيض الله لعُمان رجلًا من بين رجالاتها تميز بكفاءة عالية ألا وهو ناصر بن مشرد اليعربي الذي إختاره أهل الحل والعقد في عُمان وعقدوا له الإمامة سنة 1034هـ/1624م وبذلك بدأت عمان مرحلة جديدة من التلاحم حيث استوعب الإمام الجديد كل تجارب وطنه وعزم النية على أن يبدأ بتوحيد البلاد على اعتبار أن ذلك هو صمام الأمان لمواجهة الخطر الخارجي المتمثل في الإحتلال البرتغالي واستهلت عُمان عصرًا جديدًا تميز بالشموخ والقوة.
الإمبراطورية العُمانية
دولة اليعاربة (1624 م - 1741 م / 1033 هـ - 1153 هـ) هي عُمان الكبرى وهو ما يعرف حديثًا بسلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة وامتدت لتشمل شرق أفريقيا وجزء من فارس وعاصمتها الرستاق بعد القضاء على دولة بني نبهان دامت قرابة 117 عامًا. تميزت الفترة الأولى لدولة اليعاربة باعتماد المنهج الإسلامي، حيث ألغيت الضرائب مثلًا واعتمدت الزكاة مكانها.
مؤسسها ناصر بن مرشد بويع بالإمامة الإباضية سنة 1624م، حيث بنى أسطولًا بحريًا ضخمًا مكنه من الانتصار على القوات البرتغالية، وأخرج الفرس من رأس الخيمة.
قام خميس بن سعيد الشقصي بجمع علماء الإباضية وأعطى البيعة بالإمامة لناصر بن مرشد، عارضت الكثير من القبائل والمدن العُمانية هذا الأمر بل أن قسم من أسرة ناصر بن مرشد نفسه عارض ذلك، قام ناصر بعدها بمحاولة توحيد البلاد إذ كانت البلاد مقسمة بين خمس قوى، مبتدئًا بأسرته التي كانت تحكم نخل والرستاق، حيث طرد ابن عمه مالك بن أبي العرب من قلعة الرستاق وتفرغ بعدها لناصر بن قطن، حيث كان يسيطر على الظاهرة. نجح في السيطرة على المدن الداخلية، بينما كانت المدن الساحلية في يد البرتغاليين.
حرر جلفار العُمانية (الاسم القديم لرأس الخيمة) عام 1633م من البرتغاليين ولم يلبث أن سيطر على معظم الساحل العُماني. إلا أن مسقط لم تسقط بيد دولة اليعاربة إلا في عهد الإمام سيف بن سلطان اليعربي سنة 1650م. في عام 1645م اتفق مع الإنجليز، منافسوا البرتغال على استعمال موانىء صحار والسيب بصورة حصرية قاطعًا طريق التجارة على البرتغاليين، حيث وقع معه فيليب وايلد ممثل شركة الهند الشرقية الإنجليزية عقدًا بذلك. سنة 1648م، قام بمهاجمة مسقط مرة ثانية مما اضطر دوم جولياو نورونا القائد العام في مسقط أن يدفع الجزية لليعاربة، وأن يعفي السفن العُمانية من التفتيش عند الإبحار للخارج بشرط حصولها على تراخيص برتغالية لرحلة العودة، وشملت الإتفاقية العُمانييون الذين كانوا داخل مسقط نفسها حيث تم إعفائهم من جميع الرسوم والضرائب للبرتغال. تميزت الفترة الأولى لدولة اليعاربة باعتماد المنهج الإسلامي، حيث ألغيت الضرائب مثلا واعتمدت الزكاة.
ساحل عُمان
فقد كان لتحرير عُمان من الاستعمار البرتغالي سببًا في حدوث الاستقرار وبسط يد الأمان في ربوعها ومناطق الخليج العربي المختلفة، إلا أن الصراعات التي نشبت في أواخر عهد اليعاربة أدت إلى بروز عدة تحالفات وفي ساحل عُمان برزت قوتان سياسيتان جديدتان، القوة الأولى بحرية تتألف من حلف من القبائل يتزعمه القواسم ومقرهم رأس الخيمة الذين أقلقوا الأسطول البريطاني وخاضوا ضدهم معارك عنيفة في منطاق نفوذهم على الساحل العُماني ولم يكتف القواسم بذلك بل أقلقوا الأسطول البريطاني وهاجموه في البحر الأحمر وسواحل الهند وأفريقيا. أما القوة الثانية فهي تحالف قبلي بري وهو تحالف بنو ياس وحلفائهم وكان يتزعمهم قبيلة آل بو فلاح ويمتد نفوذهم حتى خور العديد.
تكون هذه المنطقة (منطقة ساحل عُمان) القسم الشمالي من عُمان وبها سبع إمارات أقدمها في التكون إمارة رأس الخيمة التي كان لنشوب الحرب بين اليعاربة بداخل عُمان في القرن الثامن عشر الميلادي أثره الكبير في إنفرادها بالحكم، كما كان للحروب القبلية والنزاعات الداخلية والتدخل الأجنبي سواء الإنجليزي أو المد المد الوهابي الأثر الكبير في إنفصال هذه الإمارات وقيام مشيخات عرفت بإمارات ساحل عُمان أو إمارات ساحل عُمان المتصالحة أو عُمان المتصالحة أو الإمارات المتصالحة وساحل الهدنة أو كما سماها الإنجليز ساحل القراصنة.
تاريخ ساحل عُمان هو جزءًا مكملًا لتاريخ الوطن العُماني والإمارات اليوم سبع وهي: أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان وأم القيوين والفجيرة ورأس الخيمة، ولو نظرنا إلى الخارطة لوجدنا أن هذه الإمارات تقع على ضلعي مثلث تلاقي قمته مضيق هرمز وبها توجد مدينة خصب وتابعة لسلطنة مسقط (سلطنة عُمان بعد عام 1970 م) وتقع رأس الخيمة والشارقة ودبي وأبوظبي وعجمان وأم القيوين على الضلع الغربي للمثلث، أما الضلع الشرقي فهناك تقع المنطقة الشرقية من إمارة الشارقة وتجتمع في خور فكان وكلباء وإلى الشمال من الضلع الشرقي تقع مدينة دبا وتعتبر من أعرق المدن العُمانية في القدم وتقسم إلى ثلاثة أقسام قسم للشارقة وقسم للفجيرة وقسم لسلطنة مسقط وجنوبي كلبا تقع منطقة الباطنة التي تتعدد فيها القرى وتمتد الخضرة وهي الجزء الساحلي لسلطنة مسقط. هذه هي الإمارات العُمانية التي سنتعرف عليها وقد علمنا أن خمسًا منها تقع على الجانب الغربي وواحدة مع توابع الأخر تقع على الجانب الشرقي وأدركنا أيضًا أنها لا تقع على ساحل واحد بل على ساحلين وإن إنفصالها عن الوطن الأم كان بسبب التدخل الأجنبي والنزاعات القبلية وحب السيطرة وعدم التفكير في مستقبل الوطن... فكان الوطن ضحية هذه النزاعات والفتن والتدخل الأجنبي، إلا أن إرادة الله فاقت كل هذه الأحوال وها نحن نشهد الكثير من مشاريع التنمية والازدهار وننلمس في النفوس الرغبة بالسير قدمًا نحو الإصلاح والتنمية ولم الشمل وما إعلان قيام دولة الإمارات العربية المتحدة في 14 شوال 1391 هـ الموافق 2 ديسمبر 1971م وما تبعته من أحداث وتنمية إلا برهانا على صدق النفوس والإخلاص لحب الوطن.
كانت المنطقة خلال ال150 عامًا التي سبقت قيام دولة الإمارات العربية المتحدة تحت الانتداب البريطاني وربطت المملكة المتحدة حكام إمارات الساحل العُماني باتفاقيات تقضي بتولي المملكة المتحدة مسؤولية الشؤون الخارجية والدفاعية مقابل أن يدير حكام الإمارات شؤونهم الداخلية. وحتى منتصف الخمسينات من القرن ال20 لم تشهد إمارات الساحل أي تطور نوعي في مجالات التنمية والاقتصاد وكان الحكام بأنفسهم يشقون الطريق نحو إرساء أسس التنمية بتشجيع وتمويل من بعض الدول العربية كدولة الكويت ودولة قطر التي ظهر فيها النفط في بداية الخمسينات وكذلك الجمهورية العربية المتحدة (الوحدة بين مصر وسوريا). الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة البريطانية مع شيوخ هذه الإمارات:
عُمان والإمبراطورية البرتغالية
كانت الإمبراطورية البرتغالية تسيطر على الهند في القرن السادس عشر الميلادي، فقد عين دوم فرنسيسكو ألميدا عام 1505م أول حاكم برتغالي هناك وكان يهم دوم عمانويل أن يؤمن حركة التجارة بحيث ينافس تجارة مصر والبندقية ويسيطر على طريق الهند، فأوعز إلى الفونس البوكرك أن يبحر متجها إلى الشرق لمساعدة ألميدا وكان البوكرك قد دخل البحر العربي عام 1503م، فجاء إلى ملكه باقتراح توسيع الإمبراطورية البرتغالية وإقامة قلاع عسكرية في كل مدينة للبرتغال فيها مصالح وذلك للإشراف على حكم تلك المدن وضمان ولائها للإمبراطورية، فحبذ الملك الاقتراح وشجع البوكرك بأن أعطاه أمرًا يعينه فيه نائبًا له في الهند ولكنه طلب منه ألا يظهره إلا بعد ثلاث سنوات.
خرج البوكرك في أربع عشرة سفينة فإتجه أسطوله أولا إلى سقطرى واحتلها وأسس فيها مركزا للبرتغال وفي 10 أغسطس غادر الأسطول سقطرة متجها إلى جزر خوريا موريا (جزر الحلانيات) ثم رسا في رأس الحد حيث اصطدموا مع أربعين سفينة صيد تعود لهرمز فأحرقوها جميعها ومن رأس الحد اتجهوا إلى قلهات، وقد عرفنا إنها ميناء عُماني يسيطر عليه حاكم هرمز الفارسي والظاهر أن حرقهم للزوارق في رأس الحد قد أخاف سلطات هرمز في قلهات فلم يعارض البوكرك أحد ودخل المدينة وبعد ذلك اتجه إلى ميناء قريات شرقي مسقط فدارت معركة بينه وبين الأهالي قتل منهم ثمانون ومن البرتغال ثلاثة وعلى أثر ذلك أحرق الأسطول المدينة وأشعل النار أيضا في سفنها الراسية بالبحر وكان عددها أربعين سفينة.
واصل البوكرك جولته الوحشية فاتجه إلى مسقط وكانت ميناءً تجاريًا كبيرًا وعندما علم أهلها بما أجرمه في قريات أرسلوا إليه شخصين من أعيانهم نيابة عنهم وعن حاكم المدينة وكانت مسقط تدفع أتاوة سنوية لحاكم هرمز مقابل تركها في تجارتها وحكمها لأهلها، فعرض المندوبان على البوكرك أن يتفقا معه بنفس شروط هرمز ولكن البوكرك جاء لينفذ اقتراحاته في إقامة القلاع والاحتلال التام وفي سلب الأهالي، فكيف يعود بغنيمة للملك ويترك أحلامه وتجارته وبحارته في ثروة الشرق، فاختلق عذرًا يبرر به قرصنته، فاتهم الأهالي رغم المفاوضات الدائرة إنهم يستعدون لحربه، فأمر سفينتين من أسطوله بالوقوف على ساحل المدينة وأن تقصفها بعنف. قاوم الأهالي وعندما تعدت طاقتهم طلبوا إليه أن لا يحرق المدينة وعرضوا عليه دفع عشرة آلاف أشرفي ذهبًا خلال أربع وعشرين ساعة ولكن الدراهم لم تتوفر فأشعل النار في جوانبها وذهبت بيوتها ومساجدها وسفنها طعمة للنيران وغرق من السفن التجارية البكرة أربعة وثلاثون ولم تستطع النيران الملتهبة أن تطيح بأعمدة جامعها الذي كان في المكان المعروف اليوم بالجزيرة، فأمر جنده بهدم تلك الأعمدة، فسقطت عليه الجدران فترك الجامع وشأنه حتى حوله من بعد إلى كنيسة والجزيرة معناها بالبرتغالية كنيسة. وانتشرت أنباء ألفونسو دي ألبوكيرك في عُمان جميعها ولكنهم ويا للأسف لم يظهر فيهم من يجمع كلمتهم وينازلوا هذا العدو الدخيل، فتركوا كل مدينة وشأنها وعندما هجم على صحار هرب سكانها خوفًا وهلعًا فدخلها ألفونسو دي ألبوكيرك وأعمل فيها النهب والسلب واستمر ألفونسو دي ألبوكيرك في طريقه بالموانئ العُمانية ينهب ويحرق ويسلب حتى وصل إلى خور فكان وهناك لقيه أهلها ببسالة فقاوموه مقاومة عنيفة ولكنه تمكن من دخول المدينة فانتقم منها إنتقاما كبيرا فقام بقطع أنوف وآذان من وقع في يده من الأسرى وأحرق أحياء المدينة.
أما سيف الدين ملك هرمز فرغم أنه استطاع أن يجمع ثلاثين ألف جندي وأن يقذف إلى البحر أربعمائة سفينة، ستون منها ضخمة ، فوقع إتفاقية مع ألفونسو دي ألبوكيرك على أن يدفع له أتاوة سنوية وأن تكون تجارة البرتغال حرة وأن لا تدفع سفنهم إلا ما تدفعه السفن البرتغالية، وقد احتفظ بنفوذه في رأس الخيمة، وبنى البرتغال بهرمز مصنعا لهم وقلعة تحمي حاميتهم وعلى إثر هذه الإتفاقية طلب الشاه إسماعيل ملك إيران الجزية من هرمز، فعاد هذا يسأل ألفونسو دي ألبوكيرك فوعده بالحماية وأن هرمز عليها البرتغال بإسطولهم ورجالهم.
وهكذا نجحت أول موجة استعمارية للدخول إلى بلاد العرب ولعل الوحشية التي تفجرت من اندفاعها كانت إيذانا بفظاعة الاستعمار في كل مراحلة بداية وتمكنا ونهاية وفي عام 1509م تولى البوكرك منصب نائب الملك في الهند ومات البوكرك في جوا بالهند عام 1515م فخلفه لوبو سورين. وفي عهد لوبو قامت ثورات في مسقط وصحار ولكنه تمكن من القضاء عليها وفي عام 1526م أعلن أهالي قلهات ومسقط الثورة ضد البرتغال فقضى عليها القائد لوبو فاز وبعد ذلك امتد نفوذ البرتغال في كافة الموانئ العربية المطلة على بحر العرب والخليج العربي.
عُمان وآل بو سعيد
إن المؤسس الأول لدولة آل بو سعيد هو الإمام أحمد بن سعيد بن أحمد آل بو سعيدي الأزدي وهو رجل قوي شديد الإنضباط قام بتحرير البلاد من الغزو الأجنبي الفارسي ووحد العمانيين تحت راية واحدة نحو القوة والمجد. لقد كان الإمام احمد بن سعيد واليا على صحار من قبل اليعاربة ولكن تم اختياره إماما على عمان عام 1744م وذلك لمواقفه الوطنية وشجاعته وحنكته السياسية والتجارية والعسكرية.
لقد كان توليه الحكم هو البداية الفعلية لحكم أسرة آل بو سعيد وهي الأسرة الحاكمة حيث أنشأ مؤسس الدولة الجديد جيشًا قويًا واهتم بتدعيم الأسطول العُماني وتطويره لذا فقد حقق انتصارات حاسمة استعاد فيها لعُمان مركزها وقوتها. لقد مثل حكمه النهاية الفعلية لعصر اليعاربة وإنهاء الخلافات والانقسامات الداخلية والحروب التي أضرت بعُمان وبمكانتها التاريخية المرموقة.
لقد نمت وتعاظمت مساهمة وقوة الدولة البوسعيدية منذ بدايتها في النصف الثاني من القرن الثامن عشر الميلادي واستمرت متطورة رغم العثرات، حتى عصر النهضة المباركة والتي أرسى دعائمها جلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم وكأي دولة واجهت الدولة البوسعيدية العديد من التحديات الداخلية والهجوم الخارجي من القوى الإقليمية والأوربية، إلا أنها استطاعت دومًا الصمود والإنتصار، بفضل الوحدة الوطنية والتواصل مع القوى الأجنبية المحبة للسلام والوئام وهنا نوجز أهم الإنجازات والمكاسب التي حققتها الدولة البوسعيدية على أرض عُمان وعلى المستوى الإقليمي والدولي: الوحدة الوطنية حيث استطاع البوسعيديون أن يوقفوا تصدع الوحدة الوطنية للعُمانيين التي حدثت في نهاية عهد اليعاربة وأن يوحدوا الشعب العُماني والقبائل العُمانية تحت راية واحدة وهدف واحد، عن طريق الوحدة الطوعية والحكمة واللين والتحالف والمصاهرة فقد تمت تقوية البناء القومي على أساس التسامح والمساواة والحرص على أموال الناس وأرواحهم وذلك على اختلاف قبائلهم ومناطقهم وأعراقهم وثقافاتهم والمحافظة على الأرض، حيث استطاع البوسعيديون تحرير الأرض العُمانية من الوجود الفارسي ومن بعده الوجود الأوروبي بأشكاله وجنسياته المختلفة محافظين على سيادتهم على أرضهم ومياههم الإقليمية معتمدين على الله أولًا ثم على قوتهم الذاتية وتماسكهم ووحدتهم، محققين بناء دولة مركزية آمنة مطمئنة يسندها نظام قانوني وقضائي وإداري واضح ومحكم والقوة الإقتصادية والتجارية، حيث تمكن البوسعيديون من إخراج البلاد من الآثار السلبية للحروب الأهلية على الاقتصاد وضعف التجارة الداخلية والخارجية ومن ثم بناء قوة إقتصادية وطنية قوامها الإهتمام بالزراعة والري وقطاعات الإنتاج الأخرى والموانئ وطرق التجارة داخليًا وخارجيًا.
خط زمني بتاريخ عُمان
من عام 3000 قبل الميلاد إلى 2000 قبل الميلاد: مجان (عُمان) تزود دلمون (البحرين) وبلاد ما وراء النهرين (آسيا الوسطى وبلاد القوقاز) بمواد أولية كالنحاس.
من عام 2000 قبل الميلاد إلى 1000 قبل الميلاد: انحسار تجارة النحاس، الفارسيون يحتلون ساحل عُمان ويستوطنون فيه، وصول القبائل العربية.
من عام 1000 قبل الميلاد إلى 300 قبل الميلاد: ترويض الجمال، ظهور نظام الأفلاج وإنتشار الزراعة بسرعة كبيرة، سايروس الأعظم يفتح عُمان.
من عام 300 قبل الميلاد إلى 226 ميلادي: ازدهار تجارة اللبان من سمهرم في ظفار، وصول قبائل الأزد بزعامة مالك بن فهم إلى عُمان ويهزمون الفرس.
من عام 226 ميلادي إلى 640 ميلادي: الفرس يستعيدون السبطرة على ساحل الباطنة (فترة الساسانيين)، الأزديون يواصلون الحكم في منطقة الداخلية.
في عام 630 ميلادي: عُمان تعتنق الإسلام.
في عام 715 ميلادي: انتخاب الجلندي بن مسعود كأول إمام.
من عام 715 ميلادي إلى 1250 ميلادي: العرب يوسعون نشاطهم التجاري والبحري بسرعة ويتخذون من صحار مركزًا لأنشطتهم البحرية.
من عام 1250 ميلادي إلى 1507 ميلادي: هرمز يؤسس دولة في ساحل عُمان.
من عام 1507 ميلادي إلى 1624 ميلادي: البرتغاليين بقيادة ألفونسو دي ألبوكيرك يستولون على قلهات وقريات ومسقط وصحار وهرمز ويسيطرون على التجارة في المحيط الهندي، إنشاء قلعتي الميراني والجلالي في مسقط.
في عام 1624 ميلادي: انتخاب الإمام ناصر بن مرشد اليعربي أول إمام لليعاربة، البرتغاليين يتقهقرون إلى مسقط ومطرح.
من عام 1624 ميلادي إلى 1718 ميلادي: أسرة آل يعرب (اليعاربة) تحكم عُمان، طرد البرتغاليين من عُمان 1650 م. الأسطول العُماني يستولى على المستعمرات البرتغالية في شرق أفريقيا والهند وبلاد فارس، بناء القلاع في نزوى وجبرين والرستاق والحزم.
من عام 1718 ميلادي إلى 1747 ميلادي: اندلاع الصراعات القبلية بين قبيلتي الغافري والهنائي في أعقاب الخلاف حول الإمامة، طلب المساعدة من البرتغال، البرتغاليين يستولون على أجزاء من عُمان.
في عام 1747 ميلادي: السلطان أحمد بن سعيد يطرد البرتغاليين ويُنتخب أول إمام لأسرة آل بو سعيد.
من عام 1804 ميلادي إلى 1856 ميلادي: عهد السيد سعيد بن سلطان البوسعيدي، عصر ذهبي شهد كثير من الازدهار والتوسع، انتقل كرسي الحكم من مسقط إلى زنجبار، بعد وفاة السيد سعيد إنقسمت عُمان وزنجبار إلى سلطنتين منفصلتين.
من عام 1868 ميلادي إلى 1920 ميلادي: انحسار مضطرد للهيمنة البحرية لعُمان بسبب افتتاح قناة السويس وقدوم السفن البخارية، فترة الخلافات بين السلطان الذي يحكم المناطق الساحلية والإمام الذي يسيطر على المناطق الداخلية.
في عام 1920 ميلادي: إتفاقية السيب بين السلطان والإمام بتحديد مناطق النفوذ لكل منهما.
من عام 1952 ميلادي إلى 1955 ميلادي: الصراع بين عُمان والسعودية وأبوضبي على واحة البريمي.
من عام 1965 ميلادي إلى 1975 ميلادي: التمرد الشيوعي في ظفار.
في سنة 1967 ميلادي: بداية إنتاج النفط بكميات تجارية.
في سنة 1970 ميلادي: السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد يتولى مقاليد الحكم في البلاد كحاكم ثامن من أسرة آل بو سعيد.
عُمان في الحقبة الحديثة
كانت الإمامة الإباضية بالانتخاب في أول الأمر، ثم تحولت إلى النظام الوراثي ثلاث مرات في عهد بني نبهان واليعاربة وآل بوسعيد. واستمر حكم أئمة الإباضية حتى الغزو البرتغالي لعُمان عام 1507م الذي استمر حتى عام 1624م وهي الفترة التي سُميت بالعصور المظلمة في عُمان. ثم انتقل الحكم عام 1624م إلى اليعاربة بعد أن تم لهم طرد المستعمر البرتغالي وعادت عُمان للمذهب الإباضي مرة أخرى تحت قيادة الإمام ناصر بن مرشد الذي وحد الصفوف واتجه لمقاومة البرتغاليين واستفاد من عدم تدخل الإنجليز والفرس لمساندة البرتغاليين. تميز حكم اليعاربة بامتلاك جيش قوي وأسطول ضخم كما شيدوا القلاع والحصون وأعادوا تعمير ما دمره المستعمر خلال فترات المقاومة.
تولى آل بوسعيد حكم عُمان عام 1154هـ - 1741م ويعود تاريخ آل بوسعيد إلى أحمد بن سعيد الذي عين مستشارًا لسيف بن سلطان، آخر من حكم عُمان من اليعاربة، فلما رأى اضطراب الأمور في البلاد وضعف الحاكم سيف بن سلطان وتفتت البلاد في عهده عمل على توحيد الصفوف وقضى على القوات الفارسية الموجودة بالبلاد وعلى إثر ذلك بويع إماماً للبلاد وتوالى الأئمة من آل بوسعيد حتى آل الأمر الآن للسلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد الذي شهدت عُمان في عهدة نهضة عمرانية واسعة وكان استمرار آل بوسعيد في الحكم لمدة قرنين ونصف القرن، قد قدم دفعة قوية لدعم الوحدة العُمانية خاصة في مراحل محدودة بلغت ذروتها في عهد السيد سعيد بن سلطان (1804م - 1856م) ثم في عهد السلطان قابوس بن سعيد بن تيمور آل سعيد باني نهضة عُمان الحديثة.
الجغرافيا
عُمان تقع بين خطي العرض 16 درجة و28 درجة شمالًا وخطي طول 52 درجة و60 درجة E.
صحراء الحصى سهل واسع تغطي معظم وسط سلطنة عُمان مع سلاسل الجبال على طول الشمال جبال الحجر والساحل الجنوبي الشرقي، حيث توجد أيضاً المدن الرئيسية في البلاد: العاصمة مسقط وصحار وصور في الشمال وصلالة في الجنوب مناخ عُمان حار وجاف في المناطق الداخلية ورطب على طول الساحل. خلال العهود الماضية وتمت تغطية عُمان من قبل المحيط والتي شهدها عدد كبير من قذائف المتحجرة الموجودة في مناطق من الصحراء بعيداً عن الساحل الحديثة.
وتتميز شبه جزيرة مسندم بموقع إستراتيجي على مضيق باب السلام وتنفصل جغرافيا عن بقية سلطنة عُمان من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة. سلسلة من البلدات الصغيرة التي تعرف باسم دبا هي بوابة الدخول إلى شبه جزيرة مسندم في البر وقرى الصيد من محافظة مسندم عن طريق البحر مع القوارب المتاحة للإستئجار في ولاية خصب للرحلات في شبه جزيرة مسندم عن طريق البحر.
تعتبر ولاية مدحاء جزء من سلطنة عُمان رغم إنها محاطة من جميع الجهات بدولة الإمارات العربية المتحدة وهي جيب خارجي لعُمان وتقع في منتصف الطريق بين شبه جزيرة مسندم والجزء الرئيسي من سلطنة عُمان وباقي الأراضي العُمانية، وتتبع إداريّاً محافظة مسندم التي تغطي ما يقرب من (75 29 كم²) وقد استقر في حدود مدحاء في عام 1969م، مع الزاوية الشمالية الشرقية من متر بالكاد 10 مدحاء (32.8 قدم) من طريق إمارة الفجيرة ضمن معتزل مدحاء هي داخل دولة الإمارات العربية المتحدة وقرية النحوة الذين ينتمون إلى إمارة الشارقة وتقع على بعد 8 كم (5 ميل) على طول الطريق الترابية غرب ولاية مدحاء الجديدة التي تتألف من حوالي 40 منزلاً مع عيادة ومقسم الهاتف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق