الجمعة، 23 أغسطس 2019

ثابت بن قيس بن شماس رضي الله عنه

- اسمه ونسبه:

ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري الخزرجي، وكنيته: أبو عبد الرحمن، ويقال: أبو محمد المدني، خطيب الأنصار، وخطيب النبي - صلى الله عليه وسلم -.

وأمه هند الطائية، وقيل: غير ذلك.

وأولاده: محمد، ويحيى، وعبد الله، قتلوا يوم الحرة.

وإخوته لأمه: عبد الله بن رواحة، وعمرة بنت رواحة.

وكان زوج جميلة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول، فولدت له محمداً.

وكان جهير الصوت، خطيباً، بليغاً.

قيل: أن وفد تميم قدموا، وافتخر خطيبهم بأمور، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -، لثابت بن قيس: (( قم فأجب خطيبهم ))، فقام فحمد الله وأبلغ، وسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون بمقامه.

2- مشاهده:

شهد أحداً وما بعدها من المشاهد وقتل يوم اليمامة شهيداً - رحمه الله - في خلافة أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -.

3- إحسانه:

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَقَدْ كَانَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ الشّمّاسِ، أَتَى الزّبَيْرَ بْنَ بَاطَا الْقُرَظِيّ، وَكَانَ الزّبَيْرُ قَدْ مَنّ عَلَى ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمّاسٍ فِي الْجَاهِلِيّةِ، فإنّهُ كَانَ مَنّ عَلَيْهِ يَوْمَ بُعَاثٍ، أَخَذَهُ فَجَزّ نَاصِيَتَهُ ثُمّ خَلّى سَبِيلَهُ - فَجَاءَهُ ثَابِتٌ وَهُوَ شَيْخٌ كَبِيرٌ في معركة بني قريظة وأراد أن يرد له دينه وإحسانه، حيث أنقذه من الموت، فأراد ثابت أن ينقذه من الموت؛ لأنه كان من الأسرى، فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرّحْمَنِ هَلْ تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: وَهَلْ يَجْهَلُ مِثْلِي مِثْلَك؟، قَالَ: إنّي قَدْ أَرَدْت أَنْ أَجْزِيَك بِيَدِك عِنْدِي، قَالَ: إنّ الْكَرِيمَ يَجْزِي الْكَرِيمَ، ثُمّ أَتَى ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ يَا رَسُولَ اللّهِ: إنّهُ قَدْ كَانَتْ لِلزّبَيْرِ عَلَيّ مِنّةٌ، وَقَدْ أَحْبَبْت أَنْ أَجْزِيَهُ بِهَا، فَهَبْ لِي دَمَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم -: هُوَ لَك، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ وَهَبَ لِي دَمَك، فَهُوَ لَك، قَالَ: شَيْخُ كَبِيرٌ لَا أَهْلَ لَهُ وَلَا وَلَدٌ، فَمَا يَصْنَعُ بِالْحَيَاةِ؟ قَالَ فَأَتَى ثَابِتٌ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي يَا رَسُولَ اللّهِ: هَبْ لِي امْرَأَتَهُ وَوَلَدَهُ؟ قَالَ: هُمْ لَك، فَأَتَاهُ فَقَالَ: قَدْ وَهَبَ لِي رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - أَهْلَك وَوَلَدَك، فَهُمْ لَك، قَالَ: أَهْلُ بَيْتٍ بِالْحِجَازِ لَا مَالَ لَهُمْ، فَمَا بَقَاؤُهُمْ عَلَى ذَلِكَ؟ فَأَتَى ثَابِتٌ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللّهِ مَالَهُ، قَالَ: هُوَ لَك، فَأَتَاهُ ثَابِتٌ فَقَالَ: قَدْ أَعْطَانِي رَسُولُ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - مَالَك، فَهُوَ لَك، قَالَ: أَيْ ثَابِتٌ: مَا فَعَلَ الّذِي كَأَنّ وَجْهَهُ مِرْآةٌ صِينِيّةٌ يَتَرَاءَى فِيهَا عَذَارَى الْحَيّ، كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ؟ قَالَ: قُتِلَ، قَالَ فَمَا فَعَلَ سَيّدُ الْحَاضِرِ وَالْبَادِي: حُيَيّ بْنُ أَخْطَبَ؟ قَالَ: قُتِلَ، قَالَ فَمَا فَعَلَ مُقَدّمَتُنَا إذَا شَدَدْنَا، وَحَامِيَتُنَا إذَا فَرَرْنَا: عَزّالُ بْنُ سَمَوْأَلَ؟ قَالَ: قُتِلَ، قَالَ: فَمَا فَعَلَ الْمُجْلِسَانِ؟ يَعْنِي بَنِي كَعْبِ بْنِ قُرَيْظَةَ، وَبَنِيّ عَمْرِو بْنِ قُرَيْظَةَ، قَالَ: قُتِلُوا؟ قَالَ: فَأَنّي أَسْأَلُك يَا ثَابِتُ بِيَدِي عِنْدَك، إلّا أَلْحَقْتنِي بِالْقَوْمِ، فَوَاَللّهِ مَا فِي الْعَيْشِ بَعْدَ هَؤُلَاءِ مِنْ خَيْرٍ، فَمَا أَنَا بِصَابِرِ لِلّهِ فَتْلَةَ دَلْوٍ نَاضِحٍ بقدر إفْرَاغَ الدَلْوٍ حَتّى أَلْقَى الْأَحِبّةَ، فَقَدّمَهُ ثَابِتٌ إلى الزبير بن العوام فَضَرِبَ عُنُقُهُ، فَلَمّا بَلَغَ أَبَا بَكْرٍ الصّدّيقَ قَوْلَهُ أَلْقَى الْأَحِبّةَ، قَالَ: يَلْقَاهُمْ وَاَللّهِ فِي نَارِ جَهَنّمَ خَالِدًا فِيهَا مُخَلّدًا.

4- كرامته ووصيته:

كل إنسان يموت لا يمكن أن يوصي، إلا ثابت بن قيس، فقد أوصى بعدما مات، وهذه كرامة من الله له، ولنستمع الآن كيف حدث ذلك:

لما كان يوم اليمامة خرج ثابت مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة، فلما التقوا، انكشفوا فقال ثابت وسالم مولى أبي حذيفة: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم حفر كل واحد منهما له حفرة، فثبتا وقاتلا حتى قتلا، وكان على ثابت يومئذ درع له نفيسة، فمر به رجل من المسلمين فأخذها، فبينا رجل من المسلمين نائم، إذ أتاه ثابت في منامه فقال له: إني أوصيك بوصية، فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه، إني لما قتلت أمس مر بي رجل من المسلمين، فأخذ درعي، ومنزله في أقصى الناس، وعند خبائه فرس يستن في طوله يتحرك في طول الحبل المربوط به، وقد كفا على الدرع بُرمة قدر وفوق البرمة رحل، فأت خالداً فمره أن يبعث إلي درعي فيأخذها، وإذا قدمت المدينة على خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني أبا بكر الصديق - رضي الله عنه - فقل له: إن عليّ من الدين كذا وكذا، وفلان من رقيق عتيق، فأتى الرجل خالداً، فأخبره، فبعث إلى الدرع فأتى به، وحدث أبا بكر - رضي الله عنه – برؤياه، فأجاز وصيته بعد موته، قالوا: ولا نعلم أحداً أجيزت وصيته بعد موته غير ثابت بن قيس - رضي الله عنه -، كرامة من الله له.

5- البشارة بالجنة:

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ)، جَلَسَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ فِي بَيْتِهِ، وَقَالَ: أَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَاحْتَبَسَ عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَأَلَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فَقَالَ: ((يَا أَبَا عَمْرٍو مَا شَأْنُ ثَابِتٍ، أَشْتَكَى؟، قَالَ سَعْدٌ: إِنَّهُ لَجَارِي وَمَا عَلِمْتُ لَهُ بِشَكْوَى، قَالَ: فَأَتَاهُ سَعْدٌ فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ ثَابِتٌ: أُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ أَنِّي مِنْ أَرْفَعِكُمْ صَوْتاً عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَأَنَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَذَكَرَ ذَلِكَ سَعْدٌ لِلنَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: بَلْ هُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ)) [رواه البخاري ومسلم واللفظ له].

5- وفاته:

عن ثابت بن قيس بن شماس - رضي الله عنه -، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له: ((يا ثابت: أما ترضى أن تعيش حميداً، وتقتل شهيداً، وتدخل الجنة))، فقلت: بلى رضيت، فقتل ثابت بن قيس يوم اليمامة شهيداً، سنة اثنتي عشرة في أيام أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -.

قال أنس بن مالك لما انكشف الناس تراجعوا يوم اليمامة، قلت لثابت بن قيس ابن شماس: ألا ترى يا عم، ووجدته قد حسر عن فخذيه وهو يتحنط الحنوط: (طيب يوضع مع الأكفان) فقال: ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بئس ما عودتم أقرانكم، وبئس ما عودتم أنفسكم، اللهم إني أبرأ إليك مما يصنع هؤلاء، ثم قاتل حتى قتل - رضي الله عنه -.

ثابت بن قيس من خيرة الرجال، ومن المقاتلين الأبطال، شهد له بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -،

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: ((نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو بَكْرٍ، نِعْمَ الرَّجُلُ عُمَرُ، نِعْمَ الرَّجُلُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، نِعْمَ الرَّجُلُ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ، نِعْمَ الرَّجُلُ ثَابِتُ بْنُ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ، نِعْمَ الرَّجُلُ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، نِعْمَ الرَّجُلُ مُعَاذُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ)) [رواه الترمذي وقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ].

يحيى بن موسى الزهراني

م سليم...سيدة من نساء أهل الجنة 1

هذه المرأة قمة من القمم التي صنعها الإسلام، كل موقف من حياتها يبهر العقل ويخطف اللب حقاً أدهشتني رجاحة عقلها حينما أكتب عنها يختلج صدري كثيراً من المعاني يعجز البيان عن تسطيرها قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دخلت الجنة فسمعت خشفة بين يدي فإذا أنا بالرميصاء أم سليم بنت ملحان)).

وفاء منقطع النظير ليس له مثيل:

إنها امرأة من الأنصار صاحبة الجمال الباهر والذكاء النادر والعقل الراجح والخلق الكريم.

تزوجت بابن عمها مالك بن النضر وأنجبت له أنسا، وكان ذلك قبل الإسلام، وحينها بدأ نور الإسلام يتدفق إلى المدينة حتى صادف قلبها، فأشرق بالإيمان صدرها، فأعلنت إسلامها ولم تفكر في فراق زوجها الذي تحبه أو تعذيبه الذي تخاف منه .. وعندما علم زوجها غضب وثار عليها وأخذ يتوعدها ويهددها ويقول لها: أصبوت؟ فتقول: ما صبوت، ولكني آمنت، وجعلت تلقن ولدها أنس الشهادة فيعترضها زوجها ويقول: لا تفسدي علي ولدي فتقول: لا أفسده ولكن أهذبه وأعلمه، وعندما لم يجد زوجها مالك بن النضر سبيلاً لردها عن دينها الجديد، أعلمها أنه سيخرج من دارها بغير عودة، وقد كان ذلك وبالفعل خرج فلقي بعض أعدائه فقتلوه، وعندما علمت الزوجة الوفية بمقتل زوجها حزنت عليه كثيراً، وقالت: لا جرم، لا أفطم أنساً حتى يدع الثدي ولا أتزوج حتى يأمرني أنس، وكان ما قالت.

فانظر كيف وفت الزوجة لزوجها، وهو على خلاف دينها، وهذا يذكرنا بموقف ابنة رسول الله زينب - رضي الله عنها- حينما وقع زوجها العاص بن وائل وهو على الشرك في أسر المسلمين، فأرسلت تفتديه بقلادة أهدتها إياها أمها ليلة عرسها.

فما أحوج بيوتنا إلى تلك النماذج الراقية، والمعاني السامية حتى تملؤها البهجة، فتنبت لنا نباتاً حسناً.

فمن وفاء الزوجة لزوجها أن تتحمل زوجها إذا غضب.

ومن وفاء الزوج لزوجته أن يتحملها إذا غضبت، على أن لا يكون ذلك ديدنهم، فقد نهى رسول الله عن الغضب.

قال أبو الدرداء يوماً لزوجته: "إذا رأيتني غاضباً فرضني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب".

ومن وفاء الزوج أن لا يفشي سرها، وأن لا يفضح عيبها، وكذلك الزوجة (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن).

ومن وفاء الزوجِ أن يوسع على أهله وعياله، والزوجةِ أن ترعى ذات يده، إلى غير ذلك من صور الوفاء التي ربما افتقدتها بيوتنا فتحولت من نعيم إلى جحيم.

أم سليم وفن تربية الأبناء:

عكفت أم سليم على تربية ولدها منذ نعومة أظفاره على تعاليم الإسلام إلى أن أصبح فتى يعتمد عليه، فأخذته وذهبت به إلى رسول الله، وعرضت عليه أن يكون فلذة كبدها ووحيدها أنس خادماً لرسول الله.

يذكرنا هذا بموقف أم سفيان الثوري حينما قالت لولدها: " يا بني اطلب العلم، وأنا أكفيك بمغزلي، يا بني إذا كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى في نفسك زيادة، فإن لم تر، فاعلم أنه لا ينفعك".

يالله امرأة تربي ولدها أن العلم لا يكون إلا دافعاً للإيمان والعمل، فليس العلم عن كثرة الرواية، ولكن العلم الخشية.

يرجع هذا المعنى بذاكرتنا إلى موقف سطره القرآن، وكتب له الخلود، إنه موقف تلك المرأة الزاكية امرأة عمران والتي قال الله عنها: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).

قدموا الآخرة على الدنيا فأعطاهم الله الآخرة والدنيا، إنها بركة التربية على الإيمان وتعلق القلوب بالآخرة، ألا فلنفهم رجالاً ونساءً كيف تكون التربية وطريق النعيم في الدنيا قبل الآخرة: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

أما أنس فقد كان من بركة خدمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له بكثرة المال والولد وطول العمر ومغفرة الذنب فرزقه الله من صلبه بأكثر من مائة من الأولاد، وكان عنده بستان يأتيه بالفاكهة مرتين في العام الواحد ومات وهو ابن ثلاث ومائة سنه.

وأما سفيان فقد أصبح أمير المؤمنين في الحديث يقصده الناس من كل فج عميق وكفى به شرفاً.

وأما الثالثة فقد خرق الله لها العادات: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، بل وشرفها بحمل نبي من أنبيائه على خلاف ناموس الكون وجعله آية للعالمين: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ)، فإذا ربينا أولادنا على طلب الآخرة كما كانت أم سليم صنعهم الله على عينه ورفع قدرهم في الدنيا والآخرة.

أكرم النساء مهراً:

بعد أن ربت ولدها ووفت لمالك زوجها، وسمع أبو طلحة براجحة عقلها سارع يخطب ودها، ويطلب زواجها ويمنيها بالمهر الكثير، وكان من أثرياء المدينة، فقالت تلك المرأة العظيمة: لا ينبغي لي أن أتزوج مشركاً أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها عبد آل فلان، وأنكم لو أشعلتم فيها ناراً لاحترقت؟ فأخذ يعرض عليها من ألوان النعيم، فقالت: لا أريد منك مالاً، ولا نعيماً، ولكن أريد منك الإسلام، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلن إسلامه، فقالت لأنس: قم فأنكح أبا طلحة.

يقول أنس: ما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهراً من أم سليم، ألا فليسمع الآباء والأمهات والبنات.

فمن أكبر المشكلات التي تواجهها كثير من مجتمعات المسلمين الآن الغلاء الفاحش للمهور والذي أحجم بسببه كثير من الشباب عن الزواج.

ألا فلتسمعوا قولة عمر، وهو يصرخ من على منبره: " ألا لا تغالوا في صُدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم بها رسول الله، وما أصدق رسول الله امرأة من نسائه، ولا أُصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية"، والأوقية ما يعادل أربعين درهما من الفضة تقريباً.

وتزوج عبد الرحمن بن عوف على وزن نواة من ذهب أي ما يعادل تسعة جرامات تقريباً.

وزوج سعيد بن المسيب ابنته على درهمين أي ما يعادل ستة جرامات من الذهب تقريباً بعد أن خطبها الخليفة لولده، فأبى أن يزوجها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابي كما عند البخاري: (( التَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ))، فَلَمْ يَجِدْ، فَقَالَ: (( أَمَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟، قَالَ: نَعَمْ، سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، لِسُوَرٍ سَمَّاهَا، فَقَالَ: قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ)).

وفيما أخرج أحمد بسند حسن من حديث عائشة، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( يُمْنُ الْمَرْأَةِ تَيْسِيرُ خِطْبَتِهَا، وَتَيْسِيرُ صَدَاقِهَا)).

نحن لا ندعو بذلك أن نعطي بناتنا لمعدم لا ينشط لعمل، فلا بد أن يجتمع فيه الدين والخلق، وهما أساس العمل والطموح، ولا بأس إن كان متعثراً في بداية حياته فكلنا ذاك الرجل.

يقول أبو بكر: " أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى"، هكذا كان هو اختيار أم سليم لنفسها فما هو اختيارنا لبناتنا؟؟

أم حكيم)

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قاتلة السبعة

كانت يوم أحد حربًا على الإسلام والمسلمين، وكانت يوم اليرموك حربًا على الكفر والكافرين.. أسلمت يوم فتح مكة ولم يسلم زوجها "عِكرمة بن أبى جهل" وخرج من مكة، وذهب إلى اليمن بعد أن أهدر النبيحكيم) ( دمه، فجعلت تغدو إلى النبي حكيم)( وتطلب منه الأمان لزوجها، فرقَّ النبي حكيم)( لحالها، وأذن لها أن تدركه تبشره بالعفو، فخرجت فى أثره وأدركته عند ساحل من سواحل تهامة وقد هَمَّ بركوب البحر، فدمعت عيناها وأخذت تقول له: يا ابن العم جئتك من أوصل الناس وخير الناس، لا تهلك نفسك وقد استأمنت لك رسول اللَّهحكيم) ( فأمَّنكَ. فقال : أنت فعلتِ ذلك؟ قالت: نعم، فقد كلمته فأمَّـنَك. فرجع معها "عكرمة"، وأتيا النبي حكيم)(، فلما انتهيا إلى باب المسجد أسرعت الخُطا ودخلت، واستأذنت النبي حكيم)( فأذن، فتقدم "عكرمة" فبايع النبيحكيم) ( على الإسلام وعلى الجهاد.
إنها أم حكيم بنت الحارث -رضى اللَّه عنها-، ذات الوفاء النادر للزوج، والمعرفة الصحيحة بملكاته. فأحبتْ له الخير، وسعتْ بينه وبين رسول اللَّه ( تستأمن له، فأمّنه رسول اللَّه (.حكيم)
وبذلك كانت سببًا فى إسلام زوجها، فحسن إسلامه، وجاهد فى اللَّه حتى رزقه اللَّه الشهادة فى موقعة أجنادين .
تزوجت السيدة أم حكيم -رضى اللَّه عنها- بعد ذلك الصحابى الجليل خالد بن سعيد بن العاص -رضى اللَّه عنه- وقبل أن يدخل بها نادى منادى الجهاد أن استعدوا لقتال الروم ولكن فراسة خالد حدثته أنه مقتول غدًا -وفراسة المؤمن لا تخطئ، فإنه يرى بنور اللَّه- فعرض على امرأته أن يدخل بها فقالت: لو تأخرت حتى يهزم اللَّه هذه الجموع. فقال: إن نفسى تحدثنى أنى أقتل. قالت: فدونك. فأعرس بها عند القنطرة التي عُرفت بعد ذلك بقنطرة أم حكيم، ثم أصبح فأولموا عليهما. فما فرغوا من الطعام حتى وافتهم الروم، ووقع القتال فاستشهد خالد أمام عينيها، فشدَّت أم حكيم عليها ثيابها وخرجت إلى القتال؛ انتصارًا للدين وانتقامًا لمقتل زوجيها عكرمة وخالد وقتلى المسلمين، واستطاعت أن تقتل بعمود الخيمة التي بنى بها خالد فيها سبعة من الروم، ثم واصلت كفاحها، فسطَّر التاريخ حياتها بأحرف من نور، فرضى اللَّه عنها وأرضاها.

ابن أم مكتوم عبد الله بن قيس العامري –رضي الله عنه-

 هو عبد الله بن قيس، القرشي العامري. وقيل: اسمه عمرو.

- من السابقين المهاجرين، هاجر بعد مصعب بن عمير، قبل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكان يقرئ الناس القرآن.

- وقيل: هاجر بعد وقعة بدر بيسير.

- كان ضريراً، مؤذناً لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، مع بلال، وسعد القرظ، وأبي محذورة مؤذن مكة.

- قد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يحترمه، ويستخلفه على المدينة، فيصلي ببقايا الناس، قيل: استخلفه ثلاث عشرة مرة.

- قال عروة: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - مع رجال من قريش منهم عتبة بن ربيعة، فجاء ابن أم مكتوم يسأل عن شيء، فأعرض عنه، فأنزلت: (عبس وتولى* أن جاءه الأعمى).

- عن عبد الله بن معقل –رضي الله عنه- قال: "نزل ابن أم مكتوم على يهودية بالمدينة كانت ترفقه، وتؤذيه في النبي - صلى الله عليه وسلم -، فتناولها فضربها فقتلها، فرفع ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أما والله إن كانت لترفقني ولكن آذتني في الله ورسوله"، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أبعدها الله، قد أبطلت دمها)).

- عن البراء –رضي الله عنه- قال: "لما نزلت (لا يستوي القاعدون)، دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - زيداً وأمره، فجاء بكتف وكتبها، فجاء ابن أم مكتوم، فشكا ضرارته، فنزلت: (غير أولي الضرر)".

- عن ابن أبي ليلى: أن ابن أم مكتوم –رضي الله عنه- قال: "أي ربي أنزل عذري. فأنزلت (غير أولي الضرر)، فكان بعد يغزو ويقول: ادفعـوا إليّ اللواء فإني أعمى لا أستطيع أن أفر، وأقيموني بين الصفين".

- شهد القادسية مع سعد بن أبي وقاص زمن عمر بن الخطاب –رضي الله عنهم- فيقال: إنه قتل بها شهيداً، ويقال: إنه رجع إلى المدينة وتوفي بها، والله أعلم.

المرجع: نزهة الفضلاء (1/62)، والبداية والنهاية (7/49).

الكـاتب : محمد بن موسى الشريف

الإمام الحافظ أبو بكر المدني محمد بن مسلم الزهري عالم الحجاز و الشام

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
ولد الإمام الحافظ الفقيه أبو بكر المدني محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب القرشي الزهري بالمدينة النبوية سنة خمسين من الهجرة، وقيل: إحدى وخمسين.

كان من صغار التابعين، ونشأ فقيرا فأقبل على طلب العلم والحديث، ولازم بعض صغار الصحابة كأنس بن مالك وسهل بن سعد الساعدي، وروى عن ابن عمر وجابر بن عبد الله شيئا قليلا، وتعلم وتفقه على كبار علماء التابعين وفقهائهم.

بدأ مشواره العلمي بتعلم الأنساب على يد عبد الله بن ثعلبة العذري، ثم لازم سعيد بن المسيب ثمان سنين، ثم تفقه وأخذ الحديث أيضا على يد فقهاء المدينة كعروة بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وخارجة بن زيد بن ثابت.

وبعد أن رحل إلى الشام قرّبه خلفاء بني أمية، بداية بعبد الملك بن مروان، ومرورا بالوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، وأمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز - الذي كلفه بتدوين الحديث الشريف -، ويزيد بن عبد الملك - حيث ولاه القضاء في خلافته -، وانتهاء بهشام بن عبد الملك، الذي استعان به لتربية أبنائه، ليعلمهم ويفقههم ويحدثهم ويحج معهم، فلم يفارقهم حتى مات.

مناقبه وثناء الأئمة عليه:

اشتهر الإمام الزهري بقوة ذاكرته وسعة حفظه، وجمعه بين علوم القرآن والسنة وأنساب العرب، وكان أول من دوّن الحديث الشريف بتكليف من أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، وخرّج له الأئمة الستة في كتبهم، وكان إسناده من أجود الأسانيد: الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه.

وقد أخذ عنه خلق كثيرون، أبرزهم: إمام دار الهجرة مالك بن أنس، وفقيه مصر وعالمها الليث بن سعد، والخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز، والإمام الأوزاعي، وسفيان بن عيينة ومحمد بن المنكدر وقتادة ومعمر بن راشد.

قال الليث بن سعد: ما رأيت عالما قط أجمع من ابن شهاب، ولا أكثر علما منه، لو سمعت ابن شهاب يحدث في الترغيب لقلت لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن العرب والأنساب قلت: لا يحسن إلا هذا، وإن حدث عن القرآن والسنة كان حديثه نوعا جامعا.

وقال محمد بن سعد: كان الزهري ثقة، كثير الحديث والعلم والرواية، فقيها جامعا.

وقال إبراهيم بن سعد، عن أبيه: ما سبقنا ابن شهاب بشيء من العلم إلا أنه كان يشد ثوبه عند صدره ويسأل عما يريد، وكنا تمنعنا الحداثة.

وقال عنه الإمام ابن حجر: الفقيه الحافظ المتفق على جلالته وإتقانه، ونعته الإمام الذهبي بــ: أحد الأعلام.

وقفات مع سيرته:

تميز الإمام الزهري بمزايا عديدة، منها:

- جمعه بين العلم والعمل:كان يعمل بكل ما يتعلمه ، ويقول: لا يُرضي الناسَ قول عالم لا يعمل، ولا عمل عامل لا يعلم، وكان يقول: إن رجلا عايش حديث رسول الله، وجالس أئمة ربانيين، وتعلم من علمهم وأدبهم، لا بد أن نرى أثر ذلك في قوله.

- حرصه على تدوين وكتابة كل شيء يتعلمه: كان يحمل الألواح معه ويكتب كل ما يسمع، ولا يخفى ما في ذلك من مشقة وتعب، وكان ذلك سببا مهما في كثرة مروياته، قال عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه: كنت أطواف أنا وابن شهاب، ومع ابن شهاب الألواح والصحف. قال: وكنا نضحك به. قال: وكنا نكتب الحلال والحرام، وكان ابن شهاب يكتب كل ما سمع، فلما احتيج إليه علمت أنه أعلم الناس.

وقال معمر عن صالح بن كيسان: كنت أطلب العلم أنا والزهري، فقال لي الزهري: نكتب السنن. قال: فكتبنا ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: تعال نكتب ما جاء عن الصحابة. قال: فكتب ولم أكتب، فأنجح وضيعت.

- أخذه بأسباب التحصيل العلمي: كان يأخذ بأسباب قوة الحفظ، ويبتعد عن كل ما يؤثر على ذلك، وكان ذلك سببا مهما في سعة حفظه وقوة ذاكرته، حيث كان يشرب العسل، ويقول: إنه يذكِّر، وكان يكره أكل التفاح ويقول: إنه يُنسي؛ ولذا قال ابن وهب عن الليث: كان ابن شهابيقول: ما استودعت قلبي شيئا قط فنسيته.

وفاته:

توفي الإمام الزهري بشغب - ضيعة خلف وادي القرى بالشام - سنة أربع أو ثلاث وعشرين ومئة من الهجرة، وقيل: بعد ذلك. رحمه الله رحمة واسعة

علماء" اڷمذاهب " الإمام أحـمد بن حـمبڷ

اڷـحـمد اڷڷـہ اڷذي هدانـا إڷے دين نبينا مـحـمد صڷے اڷڷـہ عڷيـہ ۈ سڷم اڷذي قـاڷ اڷمۈڷے

عز ۈجڷ في ڪٺابـہ اڷڪريم :- |[ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِيوَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ]|
ۈ أشهد أن ڷآ إڷـہ إڷآ اڷڷـہ اڷۈاحـد اڷقهـار ، رب اڷسمۈاٺ اڷسبع ۈ رب اڷأرض ۈ ما بينهم اڷعزيز اڷغفـار .. ||

ۈ أصڷي ۈ أسڷم عَ نبيـہ مـحـمد صڷے اڷڷـہ عڷيـہ ۈ سڷم ۈ آڷـہ ۈصـحـبـہ اڷأطهـآار


بسم الله الرحمن الرحيم - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ✿

اتابع معكم سلسلة علماء اڷمذاهب اڷأربعـۃ :-

•• اڷإمام اڷشآفعي

•• اڷإمام أبي حـنيفـۃ اڷنعمان

•• اڷإمام ماڷڪ بن أنس

•• اڷإمام أحـمد بن حـمبڷ

اڷإمام أحـمد بن حـنبڷ




’،( أحـمد بن حـنبڷ )’،

اڷم’ـۈڷد :- 164هـ / 780م بِ بغـداد

اڷۈفـاة :- 241هـ / 855م

اڷمذهب :- حـنـابڷـۃ

اڷعقيدة :- عـقيدة أهڷ اڷسنـۃ ۈاڷجمـاعـۃ

اڷأفڪار :- اڷـحـديث ۈ اڷفقـہ ۈ مـحـاربـۃ اڷبدعـۃ

أفڪار مميزة :- اڷمـحـافظـۃ عڷے اڷنصۈص ۈ اڷإبٺعاد عـن اڷرأي



اڷإمام أحـمد بن مـحـمد بن حـنبڷ بن هلاڷ اڷذهڷي اڷمشهۈر بِ أحـمد بن בـنبڷ

{ 164هـ / 780م - 241هـ / 855م } هۈ أבـد أئمـۃ أهڷ اڷسنـۃ ۈ اڷجماعـۃ ..}

هۈ أبۈ عبد االله أحـمد بن مـحـمد بن حـنبڷ بن هلاڷ بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حـيـان

بن عبد اڷڷـہ بن أنڛ بن عۈف بن قاڛط بن م’ـازن بن شيبـان بن ذهڷ بن ثعڷبـۃ بن عڪابـۃ

بن صعب بن عڷي بن بڪر بن ۈائڷ بن قاڛط بن هنب بن أفصى

بن دعمي بن جديڷـۃ بن أڛد بن ربيعـۃ بن نزار بن معد بن عدنـان، اڷذهڷي اڷبڪري ..~

ۈ ڷآ يصـح ٺڷقيبـہ بِ ڷقب اڷشيبـاني ڷأنـہ ڷقب يطڷق عڷى بني شيبـان بن ثعڷبـۃ بينما ڪان

أحـمد بن حـنبڷ من بني ذهڷ بن ثعڷبـۃ ۈ بذڷڪ يڪۈن ڷقبـہ اڷذهڷي أصڷـہ من اڷبصرة ..




ۈڷد اڷإمام أبي عبد الله أحـمد بن مـحـمد بن حـنبڷ بن هلاڷ اڷذهڷي

في بغداد في شهر ربيع اڷأۈڷ ڛنة 164هـ / 780م

ۈ ٺنقڷ بين اڷـحـجـآاز ۈاڷيمن ۈدمشق .. || سمع من ڪبار اڷمـحـدثين ۈ نـاڷ قسطاً ۈافراً من

اڷعڷم ۈاڷمعرفـۃ، حـٺى قـاڷ فيـہ اڷإمام اڷشافعـي :- «- خـرجٺ من بغداد فما حـڷفٺ بهـآا رجلا

أفضڷ ۈ لا أعڷم ۈ لا أفقـہ من ابن حـنبڷ -».



مذهب ابن حـنبڷ من أڪثر اڷمذاهب اڷسنيـۃ مـحـافظـۃ عڷى اڷنصۈص ۈابٺعاداً عن اڷرأي ../

ڷذا ٺمسڪ بِ اڷنص اڷقرآني ثم بِ اڷبينـۃ ثم بِ إجماع اڷصـحـابـۃ،

ۈڷم يقبڷ بِ اڷقياڛ إڷآ في حـالاٺ نـادرة..

’،( منهجـہ اڷعڷمي ۈمميزاٺ فقهـہ )’،

اشٺهِرَ اڷإمام أنـہ مـحـدِّث أڪثر مـن أن يشٺهر أنـہ فقيـہ مع أنـہ ڪان إماماً في ڪڷيهما ..

ۈ من شدة ۈرعـہ مـا ڪان يأخـذ من اڷقياس إلااڷۈاضح ۈ عند اڷضرۈرة فقط

ۈ ذڷڪ لأنـہ ڪان مـحـدِّث عصره ۈقد جُمِعَ ڷـہ من اڷأحـاديث ما ڷم يجٺمع ڷغيره، فقد ڪٺب

مسنده من أصڷ سبعمائـۃ ۈحـمسين أڷف حـديث، ۈڪان ڷآ يڪٺب إلا اڷقرآن ۈاڷـحـديث

ڷذا عُرِفَ فقهـہ بأنـہ اڷفقـہ بِاڷمأثۈر، فڪان لا يفٺي في مسأڷـۃ إڷآ إن ۈجد ڷها من أفٺى بهـآ

من قبڷ صـحـابيـآ ڪان أۈ ٺـابعيـآ أۈ إماماً ..

ۈإذا ۈجد ڷڷصـحـابـۃ قۈڷين أۈ أڪثر، احـٺار ۈاحـداً من هذه اڷأقۈاڷ ۈقد ڷآ يٺرجَّح عنده قۈڷ صـحـابي

عڷے اڷآخـر فيڪۈن للأمام أحـمد في هذه اڷمسأڷة قۈڷين ..~

ۈ هڪذا فقد ٺميز فقهـہ أنـہ في اڷعباداٺ ڷآ يـخـرج عن الأثر قيد شعرة، فڷيس من اڷمعقۈڷ عنده

أن يعبد أحـد ربـہ بِ اڷقياس أۈ بِ اڷرأي ۈڪان رسۈڷ الله يقۈڷ :

«- صڷۈا ڪما رأيٺمۈني أصڷي -»، ۈيقۈڷ في اڷـحـج: «- حـذۈا عني مناسڪڪم -».

ڪان اڷإمام أحـمد شديد اڷۈرع فيمـا يٺعڷق بِاڷعبـاداٺ اڷٺي يعٺبرها حـق لله عڷى عباده

ۈهذا اڷـحـق ڷآ يجۈز مطڷقـا أن يٺساهڷ أۈ يٺهاۈن فيـہ .. ||


أما في اڷمعاملأٺ فَ يٺميز فقهـہ بِ اڷسهۈڷـۃ ۈاڷمرۈنـۃ ۈاڷصلأح ڷڪڷ بيئـۃ ۈعصر،

فقد ٺمسڪ أحـمد بِ نصۈص اڷشرع اڷٺي غڷب عڷيها اڷٺيسير لأ اڷٺعسير .. ✿

مثاڷ ذڷڪ أن الأصڷ في اڷعقۈد عنده الأباحــۃ ما ڷم يعارضها نص، بينما عند بعض الأئمـۃ الأصڷ

في اڷعقۈد اڷـحـظر ما ڷم يرد عڷى إبـاحـٺها نص ..~

ۈڪان شديد اڷۈرع في اڷفٺـاۈي ۈ ڪان ينهى ٺلامذٺـہ أن يڪٺبۈا عنـہ الاحـاديث فَ إذا رأى

أحـداً يڪٺب عنـہ اڷفٺاۈي، نهاه ۈقاڷ ڷـہ:-

«- ڷعڷي أطڷع فيما بعد عڷے ما ڷم أطڷع عڷيـہ من اڷمعڷۈم فَ أغير فٺۈاي فأين أجدڪ ڷأخـبرڪ؟-».




من شيۈخــہ :- سفيان بن عيينـۃ ۈاڷقاضي أبۈ يۈسف ۈۈڪيع

ۈ عبد اڷرحـمن بن مهدي ۈاڷشافعي ۈحـڷق ڪثير ../

ۈرۈى عنـہ من شيۈخــہ :- عبد اڷرزاق ۈاڷشافعي ..~

ۈرۈـے عنـہ من ٺلاميذه :- اڷبـخـاري ۈمسڷم ۈأبۈ داۈد ..

ۈرۈـے عنـہ من أقرانـہ :- عڷي بن اڷمديني ۈيـحـيى بن معين .. ||





اعٺقد اڷمأمۈن برأي اڷمعٺزڷـۃ في مڛأڷـۃ בֿـڷق اڷقرآن، ۈ طڷب من ۈڷآٺـہ في اڷأمصار ععـزڷ

اڷقضاة اڷذين ڷآ يقۈڷۈن برأيهم .. ۈقد رأـے أבـمد بن בـنبڷ أن رأي اڷمعٺزڷـۃ

يـבـۈڷ اڷڷـہ إڷے فڪرة مجرّدة ڷآ يمڪن ٺعقُّڷها فَ دافع ابن בـنبڷ عن اڷذاٺ اڷإڷهيـۃ ۈرفض قبۈڷ

رأي اڷمعٺزڷـۃ، فيما أڪثر اڷععـڷماء ۈاڷأئمـۃ أظهرۈا قبۈڷهم برأي اڷمعٺزڷـۃ

בֿـۈفاً من اڷمأمۈن ۈۈڷآٺـہ عمڷآ بِ قۈڷ اڷڷـہ عز ۈجڷ :-

|[ إڷآ من أڪره ۈقڷبـہ مطمئن باڷإيمان ]| .. ۈأڷقي اڷقبض عڷے اڷإمام ابن בـنبڷ ڷيؤבֿـذ

إڷے اڷمأمۈن ..~ ۈدعا اڷإمام من اڷڷـہ أن ڷآ يڷقاه، ڷأن اڷمأمۈن ٺۈعّد بِ قٺڷ اڷإمام أבـمد .. ✿

ۈ في طريقـہ إڷيـہ، ۈصڷ בֿـبر ۈفاة اڷمأمۈن، فَ ٺم رد اڷإمام أבـمد إڷے بغداد ۈבـبڛ

ۈۈڷيَ اڷڛڷطـۃ اڷمعٺصم، اڷذي امٺـבـن اڷإمام، ۈٺم ٺعرضـہ ڷڷضرب بين يديـہ، ۈ قد ظڷ اڷإمام

مـבـبۈڛاً طيڷـۃ ثمانيـۃ ۈعشرين شهراً ../

ۈڷما ٺۈڷے اڷۈاثق اڷأمر، ۈهۈ أبۈ جعفر هارۈن بن اڷمعٺصم، أمر اڷإمام أن يـבֿـٺفي،

فَ اבֿـٺفے إڷے أن ٺۈفّي اڷۈاثق ..}

ۈבـين ۈصڷ اڷمٺۈڪڷ ابن اڷمعٺصم ۈاڷأخ اڷأصغر ڷڷۈاثق إڷے اڷڛڷطـۃ، בֿـاڷف ما ڪان عڷيـہ

اڷمأمۈن ۈاڷمعٺصم ۈاڷۈاثق من اڷإععـٺقاد بِ בֿـڷق اڷقرآن، ۈنهے عن اڷجدڷ في ذڷڪ .. ||

ۈأڪرم اڷمٺۈڪڷ اڷإمام أבـمد ابن בـنبڷ، ۈأرڛڷ إڷيـہ اڷعطايـا،

ۈڷڪن اڷإمام رفض قبۈڷ عطايـآا اڷـבֿـڷيفـۃ .. ✿



ڷما ڪانٺ ۈقفـۃ الإمام أحـمد بن حـنبڷ في ۈجـہ اڷظڷم ۈفي ۈجـہ اڷبدع اڷمسٺـحـدثـۃ

اڷٺي أرادٺ اڷنيڷ من اڷدين خـصۈصا في مسأڷـۃ خـڷق اڷقرآن ۈقفـۃ عظيمـۃ .. ||

ۈ قد صمد أيضاً بِ اڷرغم من اڷٺعذيب ۈ اڷضرب بِ اڷسياط ۈ اڷـحـبس ۈ اڷملآحـقـۃ ۈالإغراء ../

قد قاڷ بعض اڷأشعار أثنـآاء حـبسـہ .. ~

•• ۈ من أشعـاره ۈ هۈ في اڷسجن :-

ڷعمرڪ ما يهۈى ڷأحـمد نڪبـۃ من اڷناس إلآ ناقص اڷعقڷ مُغْـۈرُ

هۈ اڷمـحـنـۃ اڷيۈم اڷذي يُبٺڷـى بـہ فَ يعٺبـر اڷسنِّـي فينـا ۈيسبُـرُ

شجـى في حـڷۈق اڷمڷـحـدين ۈ قرَّةٌ لأعين أهڷ اڷنسڪ عفٌّ مشـمِّـرُ

ڷريـحـانـۃ اڷقرَّاء ٺبغۈن عـثـرة ۈ ڪڷڪمُ من جيفـۃ اڷڪڷب أقـذرُ

فيـآا أيها اڷساعي ڷيدرڪ شأۈه رۈيدڪ عـن إدراڪـہ سٺقصِّـرُ

•• ۈ قد قـاڷ عنـہ الإمام اڷشافعي :-

أضـحــى ابن حـنبڷ حـجَّـۃ مبرۈرةً ۈبِحـبِّ أحـمدَ يُعـرَفُ اڷمـٺنسڪ

ۈ إذا رأيٺ ڷأحـمـد مٺنقِّصـاً فاعڷم بِ أنَّ سٺـۈرَهُ سٺهَٺـڪ ..✿



اڷمسند ۈيـحـۈي أڪثر من أربعين أڷف حـديث نبۈي .. ✿

ۈڪٺاب اڷمسند قد ٺعرض ڷعدة شرۈحـاٺ ۈمن أفضڷهـا ڪٺاب اڷفٺح اڷربـاني ڷٺرٺيب مسند

اڷإمام أحـمد اڷشيباني - أحـمد اڷبنا .. ||

حـمڷ نڛـخــۃ نصيـۃ- حـمڷ نسـخــۃ مصۈرة بِ ٺـحـقيق الأرناؤۈط من اڷمڪٺبـۃ اڷۈقفيـۃ.. ~


اڷناسخ ۈاڷمنسۈخ، ۈفضائڷ اڷصـحـابـۃ، ۈٺاريخ الإسلآم ../

اڷسنن في اڷفقـہ -أصۈڷ اڷسنـۃ ..

ڪٺاب اڷسنـۃ - حـمڷ من اڷمڪٺبـۃ اڷۈقفيـۃ

ڪٺاب أحـڪام اڷنساء .. ✿

ڪٺاب الأشربـۃ ..}

اڷعڷڷ ۈمعرفـۃ اڷرجاڷ حـمڷ من اڷمڪٺبـۃ اڷۈقفيـۃ

ڪٺاب اڷأسامي ۈاڷڪنـى..

اڷرد عڷـے اڷجهميـۃ ۈاڷزنادقـۃ فيما شڪۈا فيه من مٺشابـہ اڷقرآن ۈٺأۈلۈه عڷـى غير ٺأۈيڷـہ

حـمڷ من اڷمڪٺبـۃ اڷۈقفيـۃ

ڪٺاب اڷزهد .. ||




ڪان اڷإمام أحـمد عڷيمـاً بِالأحـاديث الأمر اڷذي ۈفر له ثرۈة عڷميـۃ هائڷـۃ مڪنٺـہ

من اڷإسٺنبـآاط ..

ۈقد ضيق بـاب اڷقياس ممـا جعڷ اڷأحـڪام أقرب إڷـى مرامي اڷشارع ۈمقاصده اڷمڛٺۈحـاة

من أعمـاڷ اڷرسۈڷ صڷـى الله عڷيـہ ۈسڷم ۈأقۈاڷـہ .. ||

ۈ ڪانٺ هناڪ حـاجـۃ ماسـۃ إڷـے أحڪامـہ، لأن اڷعرب ٺفرقۈا بين الأمصار اڷٺي فٺـحـۈها

ۈفيها أمم ۈشعۈب مـخـٺڷفـۃ ../

ۈ قد قدّم اڷإمام أحـمد اڷـحـديث عڷـى اڷرأي ۈاڷقياس ۈڷۈ ڪان ضعيفآاً ..}

ڪما أنه أڪمڷ مشۈار اڷشافعي من ناحـيـۃ ٺعظيم دۈر اڷسنـۃ في اڷبناء اڷفقهي، ۈڪانٺ

شـخـصيـۃ اڷإمام أحـمد رمزاً ڷڷصمۈد ۈ اڷثباٺ عڷـى الإيمان اڷراسخ ۈرفض الأفڪار اڷدخـيڷـۃ

عڷـے اڷإسلآم ۈاڷعقيدة اڷإسلآميـۃ .. ✿



ذڪر ابن خـڷدۈن في مذهب اڷإمام أحـمد اڷفقهي :-

فَ أما مذهب أحـمد، فَ مقڷده قڷيڷ، ڷبعد مذهبـہ عن الأجٺهاد، ۈ أصاڷٺـہ في معاضدة

اڷرۈايـۃ ۈاڷأخـبار بعضها ببعض ۈقد رد عڷـى ابن خـڷدۈن في رأيـہ اڷشيخ أبۈ زهرة مؤڪداً

أن ڷڷإمام أحـمد اجٺهاداً حـسناً قۈيمـا اسٺمده من ينبۈع الأثر،

فَ أمده عڷم عزير بِالأثار اڷسڷفيـۃ ۈمعانيها، ۈطرائق اڷۈصۈڷ، ۈمنهاج اسٺنباط اڷمسائڷ فيها،

فَ جـاء فقهـہ أثراً أۈ شبيها بِ الأثر، ۈڷيس ذڷڪ بنـاقص من قدره بۈصفـہ فقيهاً مجٺهدا

ۈ ڪان اڷطبري اڷمفسر ينڪر أن يُعد أحـمد فقيهاً،

ۈعده ابن قٺيبـۃ في اڷمـحدثين، ۈڷم يعده من اڷفقهـاء، ۈڷم يذڪره اڷطحـاۈي في

«- اخـٺڷاف اڷفقهاء -» ../

ۈرد اڷشيخ اڷدڪٺۈر عبد الله بن عبد اڷمـخـسن اڷٺرڪي في ڪٺابـہ

«- أصۈڷ مذهب اڷإمام أحـمد: دراڛـۃ أصۈڷيـۃ مقارنـۃ -»

دعۈى أن أحـمد مـحـدث ۈڷيس فقيهاً ..✿



ٺۈفي أحـمد بن حـنبڷ يۈم اڷجمعـۃ 12 ربيع الأۈڷ سنـۃ 241هـ،

ۈڷـہ من اڷعمر سبع ۈسبعۈن سنـۃ ..}

ۈقد ذڪر ابن ڪثير في اڷبدايـۃ ۈاڷنهايـۃ أنـہ قد اجٺمع اڷناڛ يۈم جنازٺـہ جـٺـے مڷؤۈا اڷشۈارع ..~

ۈحـضر جنازٺـہ من اڷرجاڷ مائـۃ أڷف ۈمن اڷنساء سٺين أڷفاً،

غير من ڪان في اڷطرق ۈعڷـى اڷسطۈح، ۈقد دفن أحـمد بن حـنبڷ في بغداد في جانب اڷڪرخ

قرب مدينـۃ ٺڛمـى اڷڪاظميـۃ، قبره بين مقابر اڷمسڷمين ۈغير معرۈف ڛۈى مڪان اڷمقبرة،

ۈقيڷ أنه أسڷم يۈم مماٺـہ عشرۈن أڷفاً من اڷيهۈد ۈاڷنصارى ۈاڷمجۈس ..}

ۈ هذه الأعداد ۈإن ڪانٺ فيها اڷمباڷغـۃ ڷڪنها ٺدڷ عڷـى هۈڷ اڷـحـقيقـۃ حـينها .. ✿

~ سلسلة عظماء اسلموا ~ الحلقة الثالثة عشرة {محمد جون وبستر .. رئيس البعثة الإسلامية الإنجليزية

ولدت في لندن ونشأت مسيحيًّا بروتستانتيًّا، وفي سنة 1930م في العقد الثاني من عمري واجهتني المشاكل التي كثيرًا ما يلقاها شاب ذكي يستعمل عقله، وهي ترتبط أساسًا بالملاءمة بين شئون الحياة اليومية ومقتضيات الدين، وهنا صادفتني أول نقطة ضعف في المسيحية.

فالمسيحية عقيدة مزدوجة تعتبر الدنيا أثيمة، وتدير ظهرها إلى حقائق الحياة، وتعقد الآمال على الحياة الآخرة، وعلى ذلك وضعت نظامًا دينيًّا للناس خاصًّا بيوم الأحد لا نظير له في باقي الأيام الأخرى في الأسبوع، وفي الوقت الذي كانت فيه إنجلترا تعاني كثيرًا من حالات الفقر والحرمان والاستقرار الاجتماعي، فإن المسيحية لم تحاول أن تعمل شيئًا في هذا السبيل؛ لهذا وفي حماس الشباب وتحت تأثير العاطفة أكثر من تأثري بحقائق المعرفة - تزعزع إيماني بالمسيحية وأصبحت شيوعيًّا.

وللشيوعية إقناعها المحدود لشاب عاطفي مراهق، فلم يمض طويل وقت حتى تبينت طبيعتها الكريهة القائمة على الصراع الطبقي الذي لا يتوقف، ولما لفظت الشيوعية بمبادئها المادية اتجهت إلى دراسة الفلسفة والأديان، وبدأت من خلال مراقبة كل ما حولي أشعر بوحدة هذا الوجود، وأدى بي هذا إلى اعتناقي البانثية، وهي دين تقديس الطبيعة وقوانينها.

من العسير علينا نحن الغربيين أن نتعرف على الإسلام، فمنذ الحروب الصليبية ونحن نرى إمّا إغفالاً متعمدًا لذكر الإسلام، وإما تحريفًا متعمدًا وتشويهًا لحقائقه.

ثم حدث عند إقامتي في أستراليا أن طلبت نسخة من القرآن الكريم من مكتبة سيدني العامة، فما أن قرأت مقدمة المترجم حتى لمست التعصب ضد الإسلام مكشوفًا ومفضوحًا، فلم أتمالك إلا أن أقفل الكتاب وأتركه، ولم أجد عندهم ترجمة للقرآن قام بها مسلم. وبعد أسابيع كنت في بيرث في غربي أستراليا، فعاودت البحث في مكتبتها العامة عن نسخة للقرآن شريطة أن يكون مترجمها مسلمًا.

ولا أستطيع أن أعبر في كلمات عن مدى تأثيري بمجرد تلاوتي لأول سورة فيه، سورة الفاتحة بآياتها السبع.

ثم قرأت عن حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وقضيت بضع ساعات في المكتبة في ذلك اليوم وحصلت على طلبتي وبغيتي، وشاء الله بفضله أن أكون مسلمًا، مع أنني لم أكن من قبل قد التقيت بمسلم، فبارحت المكتبة يومئذ متعبًا من أثر ما عانيت من جهد فكري وعاطفي.

وفي زيارة ثانية للمكتبة كنت أسائل نفسي أكان حلمًا ذلك الذي حدث بعد ذلك أم هو حقيقة واقعة! وكان من المستحيل عليَّ أن أصدق ما حدث، وخرجت من المكتبة لأتناول فنجانًا من القهوة، وبينما أنا أسير في الطريق إذ ببصري يقع على بناء خلف سور مرتفع من الطوب الأحمر مكتوب عليه (مسجد المسلمين)، فقلت لنفسي على الفور: "أمَا وقد عرفت الحق فعليك اتباعه على الفور"، فأعلنت قولي: "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، وبذلك أصبحت بفضل الله من المسلمين.

زياد علي

زياد علي محمد