هذه المرأة قمة من القمم التي صنعها الإسلام، كل موقف من حياتها يبهر العقل ويخطف اللب حقاً أدهشتني رجاحة عقلها حينما أكتب عنها يختلج صدري كثيراً من المعاني يعجز البيان عن تسطيرها قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((دخلت الجنة فسمعت خشفة بين يدي فإذا أنا بالرميصاء أم سليم بنت ملحان)).
وفاء منقطع النظير ليس له مثيل:
إنها امرأة من الأنصار صاحبة الجمال الباهر والذكاء النادر والعقل الراجح والخلق الكريم.
تزوجت بابن عمها مالك بن النضر وأنجبت له أنسا، وكان ذلك قبل الإسلام، وحينها بدأ نور الإسلام يتدفق إلى المدينة حتى صادف قلبها، فأشرق بالإيمان صدرها، فأعلنت إسلامها ولم تفكر في فراق زوجها الذي تحبه أو تعذيبه الذي تخاف منه .. وعندما علم زوجها غضب وثار عليها وأخذ يتوعدها ويهددها ويقول لها: أصبوت؟ فتقول: ما صبوت، ولكني آمنت، وجعلت تلقن ولدها أنس الشهادة فيعترضها زوجها ويقول: لا تفسدي علي ولدي فتقول: لا أفسده ولكن أهذبه وأعلمه، وعندما لم يجد زوجها مالك بن النضر سبيلاً لردها عن دينها الجديد، أعلمها أنه سيخرج من دارها بغير عودة، وقد كان ذلك وبالفعل خرج فلقي بعض أعدائه فقتلوه، وعندما علمت الزوجة الوفية بمقتل زوجها حزنت عليه كثيراً، وقالت: لا جرم، لا أفطم أنساً حتى يدع الثدي ولا أتزوج حتى يأمرني أنس، وكان ما قالت.
فانظر كيف وفت الزوجة لزوجها، وهو على خلاف دينها، وهذا يذكرنا بموقف ابنة رسول الله زينب - رضي الله عنها- حينما وقع زوجها العاص بن وائل وهو على الشرك في أسر المسلمين، فأرسلت تفتديه بقلادة أهدتها إياها أمها ليلة عرسها.
فما أحوج بيوتنا إلى تلك النماذج الراقية، والمعاني السامية حتى تملؤها البهجة، فتنبت لنا نباتاً حسناً.
فمن وفاء الزوجة لزوجها أن تتحمل زوجها إذا غضب.
ومن وفاء الزوج لزوجته أن يتحملها إذا غضبت، على أن لا يكون ذلك ديدنهم، فقد نهى رسول الله عن الغضب.
قال أبو الدرداء يوماً لزوجته: "إذا رأيتني غاضباً فرضني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب".
ومن وفاء الزوج أن لا يفشي سرها، وأن لا يفضح عيبها، وكذلك الزوجة (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن).
ومن وفاء الزوجِ أن يوسع على أهله وعياله، والزوجةِ أن ترعى ذات يده، إلى غير ذلك من صور الوفاء التي ربما افتقدتها بيوتنا فتحولت من نعيم إلى جحيم.
أم سليم وفن تربية الأبناء:
عكفت أم سليم على تربية ولدها منذ نعومة أظفاره على تعاليم الإسلام إلى أن أصبح فتى يعتمد عليه، فأخذته وذهبت به إلى رسول الله، وعرضت عليه أن يكون فلذة كبدها ووحيدها أنس خادماً لرسول الله.
يذكرنا هذا بموقف أم سفيان الثوري حينما قالت لولدها: " يا بني اطلب العلم، وأنا أكفيك بمغزلي، يا بني إذا كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى في نفسك زيادة، فإن لم تر، فاعلم أنه لا ينفعك".
يالله امرأة تربي ولدها أن العلم لا يكون إلا دافعاً للإيمان والعمل، فليس العلم عن كثرة الرواية، ولكن العلم الخشية.
يرجع هذا المعنى بذاكرتنا إلى موقف سطره القرآن، وكتب له الخلود، إنه موقف تلك المرأة الزاكية امرأة عمران والتي قال الله عنها: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).
قدموا الآخرة على الدنيا فأعطاهم الله الآخرة والدنيا، إنها بركة التربية على الإيمان وتعلق القلوب بالآخرة، ألا فلنفهم رجالاً ونساءً كيف تكون التربية وطريق النعيم في الدنيا قبل الآخرة: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
أما أنس فقد كان من بركة خدمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له بكثرة المال والولد وطول العمر ومغفرة الذنب فرزقه الله من صلبه بأكثر من مائة من الأولاد، وكان عنده بستان يأتيه بالفاكهة مرتين في العام الواحد ومات وهو ابن ثلاث ومائة سنه.
وأما سفيان فقد أصبح أمير المؤمنين في الحديث يقصده الناس من كل فج عميق وكفى به شرفاً.
وأما الثالثة فقد خرق الله لها العادات: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، بل وشرفها بحمل نبي من أنبيائه على خلاف ناموس الكون وجعله آية للعالمين: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ)، فإذا ربينا أولادنا على طلب الآخرة كما كانت أم سليم صنعهم الله على عينه ورفع قدرهم في الدنيا والآخرة.
أكرم النساء مهراً:
بعد أن ربت ولدها ووفت لمالك زوجها، وسمع أبو طلحة براجحة عقلها سارع يخطب ودها، ويطلب زواجها ويمنيها بالمهر الكثير، وكان من أثرياء المدينة، فقالت تلك المرأة العظيمة: لا ينبغي لي أن أتزوج مشركاً أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها عبد آل فلان، وأنكم لو أشعلتم فيها ناراً لاحترقت؟ فأخذ يعرض عليها من ألوان النعيم، فقالت: لا أريد منك مالاً، ولا نعيماً، ولكن أريد منك الإسلام، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلن إسلامه، فقالت لأنس: قم فأنكح أبا طلحة.
يقول أنس: ما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهراً من أم سليم، ألا فليسمع الآباء والأمهات والبنات.
فمن أكبر المشكلات التي تواجهها كثير من مجتمعات المسلمين الآن الغلاء الفاحش للمهور والذي أحجم بسببه كثير من الشباب عن الزواج.
ألا فلتسمعوا قولة عمر، وهو يصرخ من على منبره: " ألا لا تغالوا في صُدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم بها رسول الله، وما أصدق رسول الله امرأة من نسائه، ولا أُصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية"، والأوقية ما يعادل أربعين درهما من الفضة تقريباً.
وتزوج عبد الرحمن بن عوف على وزن نواة من ذهب أي ما يعادل تسعة جرامات تقريباً.
وزوج سعيد بن المسيب ابنته على درهمين أي ما يعادل ستة جرامات من الذهب تقريباً بعد أن خطبها الخليفة لولده، فأبى أن يزوجها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابي كما عند البخاري: (( التَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ))، فَلَمْ يَجِدْ، فَقَالَ: (( أَمَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟، قَالَ: نَعَمْ، سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، لِسُوَرٍ سَمَّاهَا، فَقَالَ: قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ)).
وفيما أخرج أحمد بسند حسن من حديث عائشة، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( يُمْنُ الْمَرْأَةِ تَيْسِيرُ خِطْبَتِهَا، وَتَيْسِيرُ صَدَاقِهَا)).
نحن لا ندعو بذلك أن نعطي بناتنا لمعدم لا ينشط لعمل، فلا بد أن يجتمع فيه الدين والخلق، وهما أساس العمل والطموح، ولا بأس إن كان متعثراً في بداية حياته فكلنا ذاك الرجل.
يقول أبو بكر: " أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى"، هكذا كان هو اختيار أم سليم لنفسها فما هو اختيارنا لبناتنا؟؟
وفاء منقطع النظير ليس له مثيل:
إنها امرأة من الأنصار صاحبة الجمال الباهر والذكاء النادر والعقل الراجح والخلق الكريم.
تزوجت بابن عمها مالك بن النضر وأنجبت له أنسا، وكان ذلك قبل الإسلام، وحينها بدأ نور الإسلام يتدفق إلى المدينة حتى صادف قلبها، فأشرق بالإيمان صدرها، فأعلنت إسلامها ولم تفكر في فراق زوجها الذي تحبه أو تعذيبه الذي تخاف منه .. وعندما علم زوجها غضب وثار عليها وأخذ يتوعدها ويهددها ويقول لها: أصبوت؟ فتقول: ما صبوت، ولكني آمنت، وجعلت تلقن ولدها أنس الشهادة فيعترضها زوجها ويقول: لا تفسدي علي ولدي فتقول: لا أفسده ولكن أهذبه وأعلمه، وعندما لم يجد زوجها مالك بن النضر سبيلاً لردها عن دينها الجديد، أعلمها أنه سيخرج من دارها بغير عودة، وقد كان ذلك وبالفعل خرج فلقي بعض أعدائه فقتلوه، وعندما علمت الزوجة الوفية بمقتل زوجها حزنت عليه كثيراً، وقالت: لا جرم، لا أفطم أنساً حتى يدع الثدي ولا أتزوج حتى يأمرني أنس، وكان ما قالت.
فانظر كيف وفت الزوجة لزوجها، وهو على خلاف دينها، وهذا يذكرنا بموقف ابنة رسول الله زينب - رضي الله عنها- حينما وقع زوجها العاص بن وائل وهو على الشرك في أسر المسلمين، فأرسلت تفتديه بقلادة أهدتها إياها أمها ليلة عرسها.
فما أحوج بيوتنا إلى تلك النماذج الراقية، والمعاني السامية حتى تملؤها البهجة، فتنبت لنا نباتاً حسناً.
فمن وفاء الزوجة لزوجها أن تتحمل زوجها إذا غضب.
ومن وفاء الزوج لزوجته أن يتحملها إذا غضبت، على أن لا يكون ذلك ديدنهم، فقد نهى رسول الله عن الغضب.
قال أبو الدرداء يوماً لزوجته: "إذا رأيتني غاضباً فرضني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب".
ومن وفاء الزوج أن لا يفشي سرها، وأن لا يفضح عيبها، وكذلك الزوجة (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن).
ومن وفاء الزوجِ أن يوسع على أهله وعياله، والزوجةِ أن ترعى ذات يده، إلى غير ذلك من صور الوفاء التي ربما افتقدتها بيوتنا فتحولت من نعيم إلى جحيم.
أم سليم وفن تربية الأبناء:
عكفت أم سليم على تربية ولدها منذ نعومة أظفاره على تعاليم الإسلام إلى أن أصبح فتى يعتمد عليه، فأخذته وذهبت به إلى رسول الله، وعرضت عليه أن يكون فلذة كبدها ووحيدها أنس خادماً لرسول الله.
يذكرنا هذا بموقف أم سفيان الثوري حينما قالت لولدها: " يا بني اطلب العلم، وأنا أكفيك بمغزلي، يا بني إذا كتبت عشرة أحرف فانظر هل ترى في نفسك زيادة، فإن لم تر، فاعلم أنه لا ينفعك".
يالله امرأة تربي ولدها أن العلم لا يكون إلا دافعاً للإيمان والعمل، فليس العلم عن كثرة الرواية، ولكن العلم الخشية.
يرجع هذا المعنى بذاكرتنا إلى موقف سطره القرآن، وكتب له الخلود، إنه موقف تلك المرأة الزاكية امرأة عمران والتي قال الله عنها: (إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ).
قدموا الآخرة على الدنيا فأعطاهم الله الآخرة والدنيا، إنها بركة التربية على الإيمان وتعلق القلوب بالآخرة، ألا فلنفهم رجالاً ونساءً كيف تكون التربية وطريق النعيم في الدنيا قبل الآخرة: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
أما أنس فقد كان من بركة خدمته لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم له بكثرة المال والولد وطول العمر ومغفرة الذنب فرزقه الله من صلبه بأكثر من مائة من الأولاد، وكان عنده بستان يأتيه بالفاكهة مرتين في العام الواحد ومات وهو ابن ثلاث ومائة سنه.
وأما سفيان فقد أصبح أمير المؤمنين في الحديث يقصده الناس من كل فج عميق وكفى به شرفاً.
وأما الثالثة فقد خرق الله لها العادات: (فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ)، بل وشرفها بحمل نبي من أنبيائه على خلاف ناموس الكون وجعله آية للعالمين: (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ)، فإذا ربينا أولادنا على طلب الآخرة كما كانت أم سليم صنعهم الله على عينه ورفع قدرهم في الدنيا والآخرة.
أكرم النساء مهراً:
بعد أن ربت ولدها ووفت لمالك زوجها، وسمع أبو طلحة براجحة عقلها سارع يخطب ودها، ويطلب زواجها ويمنيها بالمهر الكثير، وكان من أثرياء المدينة، فقالت تلك المرأة العظيمة: لا ينبغي لي أن أتزوج مشركاً أما تعلم يا أبا طلحة أن آلهتكم ينحتها عبد آل فلان، وأنكم لو أشعلتم فيها ناراً لاحترقت؟ فأخذ يعرض عليها من ألوان النعيم، فقالت: لا أريد منك مالاً، ولا نعيماً، ولكن أريد منك الإسلام، فذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلن إسلامه، فقالت لأنس: قم فأنكح أبا طلحة.
يقول أنس: ما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهراً من أم سليم، ألا فليسمع الآباء والأمهات والبنات.
فمن أكبر المشكلات التي تواجهها كثير من مجتمعات المسلمين الآن الغلاء الفاحش للمهور والذي أحجم بسببه كثير من الشباب عن الزواج.
ألا فلتسمعوا قولة عمر، وهو يصرخ من على منبره: " ألا لا تغالوا في صُدق النساء، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله كان أولاكم بها رسول الله، وما أصدق رسول الله امرأة من نسائه، ولا أُصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية"، والأوقية ما يعادل أربعين درهما من الفضة تقريباً.
وتزوج عبد الرحمن بن عوف على وزن نواة من ذهب أي ما يعادل تسعة جرامات تقريباً.
وزوج سعيد بن المسيب ابنته على درهمين أي ما يعادل ستة جرامات من الذهب تقريباً بعد أن خطبها الخليفة لولده، فأبى أن يزوجها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للصحابي كما عند البخاري: (( التَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ))، فَلَمْ يَجِدْ، فَقَالَ: (( أَمَعَكَ مِنَ القُرْآنِ شَيْءٌ؟، قَالَ: نَعَمْ، سُورَةُ كَذَا، وَسُورَةُ كَذَا، لِسُوَرٍ سَمَّاهَا، فَقَالَ: قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ القُرْآنِ)).
وفيما أخرج أحمد بسند حسن من حديث عائشة، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (( يُمْنُ الْمَرْأَةِ تَيْسِيرُ خِطْبَتِهَا، وَتَيْسِيرُ صَدَاقِهَا)).
نحن لا ندعو بذلك أن نعطي بناتنا لمعدم لا ينشط لعمل، فلا بد أن يجتمع فيه الدين والخلق، وهما أساس العمل والطموح، ولا بأس إن كان متعثراً في بداية حياته فكلنا ذاك الرجل.
يقول أبو بكر: " أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى"، هكذا كان هو اختيار أم سليم لنفسها فما هو اختيارنا لبناتنا؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق