النياندرتال
نياندرتال (باللاتينية: Homo neanderthalensis) أو الإنسان البدائي هو أحد أنواع جنس هومو الذي استوطن أوروبا وأجزاء من غرب آسيا وآسيا الوسطى. تعود آثار نياندرتال البيئية التي وجدت في أوروبا لحوالي 350,000 سنة مضت. انقرض إنسان نياندرتال في أوروبا قبل حوالي 24,000 سنة مضت.
عاش إنسان نياندرتال في أوروبا وآسيا الغربية (المساحة الممتدة من إسبانيا وحتى أوزبكستان في فترة تزامنت مع العصر الجليدي الذي شاب معظم أرجاء أوروبا وآسيا قبل مائتين وثلاثين ألف سنة. وكشفت أحدث الدراسات عن وجود هذا الإنسان في فلسطين وليبيا بالقرب من بلدة بلغراي تؤكد معاصرة هذا الإنسان للإنسان المعاصر ويعتقد العلماء بأن أجسامهم القصيرة والممتلئة والقوية هي من أهم أسباب بقائهم في العصر الجليدي. وبمراجعة الأدوات المكتشفة معهم عرفوا بأنهم صيادون ماهرون ويتغذون على الطرائد. ويسجل العلماء بأنهم كانوا يصطادون في جماعات وفرق مما أدى إلى مواجهة مصاعب الصيد والحيوانات المفترسة الأخرى. يسجل لهذا الإنسان مقدرته على الكلام ولكن يلاحظ عليه افتقاره لتركيب الكلمات المعقدة أو تكوين مفاهيم أكثر تعقيدا كالفن وغيره فقد ظلوا بدائيين جداً. کان معدل حجم مخ النیاندرتال البالغ أكبر من معدل حجم المخ للإنسان الحالي بنسبة 10% تقریبا. لا يعرف إلى الآن سبب انقراض هذا النوع من البشر، ولكن بعض الدراسات رجحت أن عيونه الكبيرة كانت أحد الأسباب لانقراضه.
يعود تاريخ أقدم مستحاثات النياندرتال في أوروبا إلى ما بين 450000 و 430000 عامًا، توسع النياندرتال بعد ذلك في جنوب غرب ووسط آسيا. يعرف النياندرتال من خلال العديد من المستحاثات وكذلك مجموعات الأدوات الحجرية. تدعى كل التجمعات التي تقل أعمارها عن 160000 سنة حضارة موستيرية، والتي تتميز بأدوات مصنوعة من رقائق الحجر.
كان النياندرتال ذوي بنية ضخمة مقارنة بالإنسان الحديث، وامتلكوا أرجل أقصر وأجساد أكبر. وكان ذلك على الأرجح تكيفًا للحفاظ على الحرارة في المناخات الباردة بحسب قاعدتي بيرجمان وآلن. امتلك ذكور وإناث النياندرتال قحف جمجمة بلغ متوسط حجمه 1600 سم مكعب للذكور (98 إنش مكعب) و 1300 سم مكعب للإناث (79 انش مكعب). وهي ضمن نطاق قيم الإنسان الحديث. بلغ متوسط طول الذكور نحو 164 إلى 168 سم (65 إلى 66 إنش) وطول الإناث 152 إلى 156 سم (60 إلى 61 إنش).
سمي النياندرتال نسبة لأحد المواقع الأولى التي اكتُشفت فيها أحافيرهم في منتصف القرن التاسع عشر في وادي نياندر شرق مدينة دوسلدورف في ولاية الراين بمملكة بروسيا (تدعى الآن شمال الراين - وستفاليا). سمي الوادي بهذا الاسم نسبة ليواخيم نياندر.
كانت مستحاثة النياندرتال الأولى تعرف باسم (جمجمة نياندرتال) في مؤلفات علم التشكل، وكان تمثيل الجسد الذي أعيد تشكيله على أساس الجمجمة يسمى أحيانًا رجل النياندرتال. اقُترح اسم إنسان النياندرتال الذي وسع شمولية اسم رجل النياندرتال من السمة الفردية للمستحاثة إلى المجموعة بأكملها لأول مرة من قبل عالم الجيولوجيا الإيرلندي وليام كينج في ورقة تلاها أمام الجمعية البريطانية في عام 1863.
تباينت آراء العلماء منذ اكتشاف مستحاثات النياندرتال حول ما إذا كان ينبغي اعتبار النياندرتال نوعًا منفصلاً (إنسان النياندرتال) أو نوعا فرعيًا (إنسان النياندرتال العاقل) متعلقا بالإنسان العاقل. وصف سفانت بابو في عام 2014 هذه الخلافات التصنيفية بأنها غير قابلة للتسوية من حيث المبدأ «لأنه لا يوجد تعريف للأنواع يصف الحالة تمامًا.» [5] يعتمد السؤال على تعريف الإنسان العاقل باعتباره نوع زمني، والذي كان أيضًا في تغير دائم طوال القرن العشرين. طرح الأشخاص الذين فضلوا تصنيف النياندرتال كنوع فرعي اسم (فرع الإنسان العاقل) على سكان أوروبا الاوائل الذين عاشوا في أوروبا خلال نفس الوقت الذي عاش فيه النياندرتال، بينما يستخدم الأشخاص الذين يفضلون تصنيف النياندرتال كنوع منفصل اسم الإنسان العاقل للدلالة على الإنسان الحديث.
كانت النظرة السائدة عن إنسان النياندرتال خلال بداية القرن العشرين متأثرة بآراء آرثر كيث ومارسيلين بول والتي تميل إلى المبالغة في تقدير الاختلافات التشريحية بين إنسان النياندرتال والإنسان الأوروبي الحديث الأول. أكدت عمليات إعادة التشكيل لهيكل النياندرتال ابتداءً من ثلاثينيات القرن العشرين على التشابه وليس الاختلافات عن البشر المعاصرين. كان من الشائع بشكل كبير خلال أربعينيات وحتى سبعينيات القرن العشرين استخدام اسم التصنيف الفرعي لإنسان النياندرتال العاقل أكثر من الإنسان العاقل. تمت صياغة فرضية (تعدد المصادر) للإنسان الحديث في الثمانينيات بناءً على هذه الأسس، حيث اقترحت وجود سلسلة من المواقع الأحفورية في كل من أوروبا وآسيا. واقتُرح حدوث تهجين بين النياندرتال والإنسان الأوروبي الحديث الأول بناء على أسس الهياكل العظمية منذ أوائل القرن العشرين، ووجدت هذه الفكرة دعمًا متزايدًا في أواخر القرن العشرين حتى عُثر على دليل تهجين النياندرتال في جينات الإنسان الحديث في عام 2010.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق