الجمعة، 24 يوليو 2020

ايا صوفيا

ايا صوفيا

آيا صوفيا (باليونانيَّة القديمة: Ἁγία Σοφία؛ باللاتينيَّة: Sancta Sophia أو Sancta Sapientia)، أو جامع آيا صوفيا (بالتركية: Ayasofya Camii)‏ (عُرف في العصر العُثماني باسم الجامع الكبير الشريف لآيا صوفيا، بالتركية العثمانية: آيا صوفيا كبير جامع شريف)، وكنيسة آيا صوفيا في العصر البيزنطي، هي دار عبادة تاريخية تقع على الضفة الأوروبيَّة في مدينة إسطنبول وقد استُعملت كاتدرائيةً لبطريركية مسيحية أرثوذكسية وكاتدرائية رومانية كاثوليكية ومسجداً عثماني ومتحف علماني. اعتبارًا من يوليو عام 2020، أُعلن عن إعادة العمل بالموقع كمسجد من قبل رئيس تركيا. بعد إصدار حُكم المحكمة الإدارية العليا بتركيا بذلك. بُنيت الكاتدرائية المسيحية في عام 537م، في عهد الإمبراطور الروماني جستينيان الأول، وكانت في ذلك الوقت أكبر مبنى في العالم وأول من استخدم قبة معلقة بالكامل. اعتُبر المبنى جوهرة العمارة البيزنطية، وقيل أنها "غيرت تاريخ العمارة". ووصفها عدد من الكُتَّاب بأنها "تحتل مكانة بارزة في العالم المسيحي"، وبأنها "أعظم من جميع الكنائس المسيحية". ويُشير المؤرخين إلى أنَّ آيا صوفيا اعتُبرت رمزًا ثقافيًا ومعماريًا وأيقونة للحضارة البيزنطية والحضارة المسيحيَّة الأرثوذكسيَّة.

بُنيت الكاتدرائية باعتبارها الكنيسة المركزية للقسطنطينية بين عام 532 وعام 537 بناء على أوامر الإمبراطور الروماني جستنيان الأول، واستغرق بنائها حوالي خمس سنوات حيث افتُتحت رسمياً عام 537م، ولم يشأ جستينيان أن يبني كنيسة على الطراز المألوف في زمانه بل كان دائم الميل إلى ابتكار كل ما هو جديد. فكلف المهندسين المعماريين «إيزيدور الملاطي» (باليونانية: Ισίδωρος ο Μιλήσιος)‏ و«أنتيميوس الترالسي» (باليونانية: Ἀνθέμιος ὁ Τραλλιανός)‏ ببناء هذا الصرح الديني الضخم وكلاهما من آسيا الصغرى ويعد ذلك دليلاً واضحاً على مدى تقدم دارسي البناء في آسيا الصغرى في عهد جستينيان بحيث لم يعد هناك ما يدعو إلى استدعاء مهندسين من روما لإقامة المباني البيزنطية. كان المبنى الجستنياني الحالي هو الكنيسة الثالثة التي تحمل نفس الاسم على نفس الموقع، حيث دُمرت الكنيسة السابقة في أعمال شغب نيقية. كانت الكاتدرائيَّة المقر الأسقفي لبطريرك القسطنطينية المسكوني، وظلّت أكبر كاتدرائية مسيحية في العالم منذ ما يقرب من ألف عام، حتى تم الإنتهاء من بناء كاتدرائية إشبيلية في عام 1520. في عام 1204، حوَّل الإفرنج الكاتدرائية الأرثوذكسيَّة إلى كاتدرائية كاثوليكية، أثناء حملتهم الصليبية، تتبع الإمبراطورية اللاتينية، ثُمَّ عادت إلى كاتدرائية أرثوذكسية شرقية عند استرداد الإمبراطورية البيزنطية أراضيها من الصليبيين عام 1261. فُتح المُسلمون القسطنطينية تحت الراية العثمانية عام 1453 وبقيادة السلطان محمد الثاني، فحُوِّلت الكاتدرائية إلى مسجد. وفي عام 1935 حُوِّل المسجد إلى متحف. في يوليو عام 2020، قضت المحكمة الإدارية التركية العليا إلغاء وضع المبنى كمتحف وإعادة العمل به كمسجد. تعرضت الخطوة لانتقادات واسعة وشديدة من اليونان وروسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليونسكو ورؤساء الطوائف المسيحيَّة مثل بطريرك القسطنطينية المسكوني وبطريرك الكنيسة الروسية الأرثوذكسية وغيرهم. وقال البطريرك المسكوني برثلماوس الأول، وهو الزعيم الروحي لنحو 300 مليون مسيحي أرثوذكسي في العالم: "تحويل آيا صوفيا إلى مسجد سيثير غضب ملايين المسيحيين حول العالم" وسيتسبب في "شرخ" بين الشرق والغرب.

كانت الكنيسة مُكرسة لـ«حكمة الله»، وهي من ألقاب الأقنوم الثاني في الثالوث، وذكرى الشفاعة مكرس في يوم 25 ديسمبر (عيد الميلاد)، وهو ذكرى تجسدَّ الأقنوم الثاني يسوع المسيح. صوفيا هي الإملاء الصوتي اللاتيني للكلمة اليونانية «الحكمة» وعلى الرغم من الإشارة إليها أحياناً (باللاتينيَّة: Sancta Sophia، نقحرة: سانكتا صوفيا) أو "القديسة صوفيا"، إلا أنها لا ترتبط بالقديسة صوفيا الشهيدة. الاسم الكامل (باللغة اليونانيَّة: Ναός της Αγίας του Θεού Σοφίας) أي "ضريح حكمة الله المقدسة". احتوت الكنيسة على مجموعة كبيرة من القطع الأثرية والأيقونات. شهدت الكنيسة حرمان البطريرك ميخائيل الأول سيرولاريوس رسمياً من قبل هامبرت من سيلفا كانديدا، المبعوث البابوي للبابا ليون التاسع في عام 1054، وهي حركة تُعتبر بداية الانشقاق بين الشرق والغرب المسيحي. دُفن دوق البندقية الذي قاد الحملة الصليبية الرابعة ونهب القسطنطينية عام 1204، إنريكو داندولو، في الكاتدرائيَّة ذاتها.

في عام 1453 فتح المسلمون القسطنطينية بقيادة السلطان العثماني محمد الثاني الذي لُقِّب بالفاتح، فأمر برفع الآذان في الكنيسة إيذاناً بجعلها مسجداً جامعاً. انتقل مقر بطريركية القسطنطينية المسكونية إلى كنيسة الرسل المقدسة، والتي أصبحت كاتدرائية المدينة. على الرغم من أن بعض من أجزاء مدينة القسطنطينية كانت بحالة سيئة، فقد تم الحفاظ على الكاتدرائية بأموال مخصصة لهذا الغرض. غُطيت اللوحات الفسيفسائية الموجودة بداخل الكنيسة بطبقةٍ من الجص طيلة قرون استخدام المبنى كمسجد، ومع الوقت أُضيفت السمات المعمارية الإسلامية لآيا صوفيا، مثل المنبر، وأربعة مآذن، والمحراب. استمرَّت آيا صوفيا المسجد الرئيسي لإسطنبول مُنذ تحويلها حتى بناء جامع السلطان أحمد القريب، والمعروف أيضاً بالمسجد الأزرق، في عام 1616. شكل نمط العمارة البيزنطيَّة لآيا صوفيا مصدر إلهام لبناء العديد من المساجد العثمانية الأخرى، بما في ذلك المسجد الأزرق ومسجد سليمان القانوني وجامع رستم باشا وجامع قلج علي باشا.

ظلّ المبنى مسجداً حتى عام 1931، عندما أغلق أمام المُصلين طيلة أربع سنوات. أعيد افتتاحه في عام 1935 كمتحف لجمهورية تركيا العلمانية الوليدة. كانت آيا صوفيا اعتباراً من عام 2014، ثاني أكثر المتاحف زيارة في تركيا، حيث جذبت ما يقرب من 3.3 مليون زائر سنوياً. وفقًا للبيانات الصادرة عن وزارة الثقافة والسياحة التركية، كانت آيا صوفيا أكثر مناطق الجذب السياحي زيارة في تركيا في عام 2015 وعام 2019.
عُرفت أول كنيسة في الموقع باسم الكنيسة الكبرى (باليونانيَّة: Μεγάλη Ἐκκλησία)، بسبب أبعادها الأكبر مقارنة بالكنائس المعاصرة في المدينة. تم افتتاح الكنيسة في 15 فبراير عام 360 في عهد قسطنطينوس الثاني من قبل الأسقف الأريوسي أوكودوكيوس من أنطاكية، تم بناء الكنيسة بجوار المنطقة حيث تم تطوير القصر الإمبراطوري. تم الانتهاء من كنيسة آيا إيرين القريبة ("السلام المقدس") في وقت سابق وعملت كاتدرائية حتى تم الانتهاء من الكنيسة العظمى. عملت كلتا الكنيستين معًا ككنائس رئيسية للإمبراطورية البيزنطية.

كتب سقراط من القسطنطينية عام 440 أنَّ الكنيسة بناها قسطنطينوس الثاني. يشير تقليد لا يزيد عمره عن القرن السابع أو الثامن، إلى أنَّ الصرح بناه قسطنطين العظيم. يوفق المؤرخ جوان زوناراس بين الرأيين، وكتب أن قسطنطينوس الثاني قد أصلح الصرح المكرس من قبل يوسابيوس النيقوميدي، بعد أن انهار. منذ أن كان يوسابيوس النيقوميدي أسقف القسطنطينية من عام 339 إلى عام 341، وتوفي قسطنطين العظيم في عام 337، ويبدو أنه من الممكن أن تكون الكنيسة الأولى قد باشر ببنائها الأخير. تم بناء الصرح ليكون كنيسة مسيحيَّة ذات أعمدة لاتينية تقليدية مع معارض وسقف خشبي. وقد سبقها ردهة. قيل أنها واحدة من أبرز المعالم الأثرية في العالم في ذلك الوقت.

دخل بطريرك القسطنطينية يوحنا ذهبي الفم في صراع مع الإمبراطورة إيليا يودوكسيا، زوجة الإمبراطور آركاديوس، وتم إرساله إلى المنفى في 20 يونيو عام 404. خلال أعمال الشغب اللاحقة، تم إحراق هذه الكنيسة الأولى إلى حد كبير. ولم يبق شيءٌ من آثار الكنيسة الأولى اليوم.
المراجع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زياد علي

زياد علي محمد