ختان الإناث أو تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية أو الخَفْض مصطلحات لها اختلاف بحسب السياق اللغوي المستخدم. أما مصطلح تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية فهو المعتمد من قبل مُنظمة الصحَّة العالميَّة وتُعرفه بأنه «أي عملية تتضمن إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية دون وجود سبب طبي لذلك». يمارس تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية باعتباره أحد الطقوس الثقافية أو الدينية في أكثر من 27 دولة في أفريقيا ويوجد بأعداد أقل في آسيا وبقية مناطق الشرق الأوسط. قدَّرت مُنظمة اليونيسف أعداد الإناث المختونات في سنة 2016 بِحوالي 200 مليون يعشن في الدُول سالِفة الذكر، إلى جانب بضعة مناطق ومُجتمعاتٍ أُخرى حول العالم.
تختلف طريقة ممارسة هذه العملية حسب المكان وحسب التقاليد لكنها تجري في بعض الأماكن دون أي تخدير موضعي وقد يُستخدم موس أو سكين بدون أي تعقيم أو تطهير لتلك الأدوات المُستخدمة في هذه العملية. يختلف العُمر الذي تجري فيه هذه العملية من أُسبوع بعد الولادة وحتَّى سن البُلوغ. حسب تقرير اليونيسف، أغلب الإناث التي تجري عليهنَّ عمليَّة الختان لم يتعدين الخامسة من العُمر. تشتمل هذه العمليَّة على إزالة غطاء البظر وحشفته، واستئصال الشفرين الصغيرين والكبيرين، وختم الفرج (غلقه)، بحيثُ لا يُترك إلَّا فتحة صغيرة لِلسماح بِمُرور البول ودماء الحيض؛ وفتح المهبل لِلسماح بِالجماع والإنجاب لاحقًا. قدَّر صُندُوق سُكَّان الأُمم المُتحدة سنة 2010 أنَّ 20% من الإناث اللواتي خُتِنَّ تمَّت إزالة الجُزء الخارجي من أعضائهنَّ التناسُليَّة وخياطة فرجهنَّ، وهي العمليَّة المعروفة بـ«الختان الفرعوني» أو «التَبْتِيْك»، الشائعة في شمال شرق أفريقيا بِالأخص.
يُنظرُ إلى هذه العادة حاليًّا في العديد من المُجمتعات حول العالم على أنها إحدى أبرز أشكال التمييز الجنسي، أو أنها مُحاولة للتحكُّم بِالحياة الجنسيَّة لِلمرأة، فيما تنظر إليها مُجتمعات أو جماعات أُخرى على أنها علامة من علامات الطهارة والعفَّة والتواضع. غالبًا ما تُقدم النساء البالغات على ختن بناتهنَّ، اللواتي يعتبرن هذا الفعل مدعاةً لِلشرف، وإنَّ عدم الإتيان به يُعرِّضُ بناتهنَّ إلى العار أو الإقصاء الاجتماعي. تختلفُ الآثار الصحيَّة لِختان البنات باختلاف طبيعيَّة العمليَّة، فقد تُعاني المختونة من التهاباتٍ مُتكررة، وصُعوبةٍ في التبوُّل وفي تدفُّق الطمث، وبُروز خرَّاجات، وصُعوبةٌ في حمل الجنين، ومُضاعفاتٌ عند الولادة، ونزفٌ مُهلك. ولا تُعرفُ أيَّة فوائد صحيَّة لِهذه العمليَّة.
مصر هي أكثر الدول من حيث عدد الفتيات اللاتي أجريت عليهنَّ العملية حول العالم. والصومال وغينيا وجيبوتي الأعلى نسبةً في عدد المختونات. تنص قوانين أغلب الدُول التي يُشاعُ فيها ختان الإناث على عدم شرعيَّة هذا الأمر، على أنَّ القوانين الرادعة لِلختان قلَّما تُطبَّق. انطلقت مُحاولاتٌ وجُهودٌ حثيثة لِإبطال هذه العادة مُنذ سبعينيَّات القرن العشرين، عبر مُحاولة إقناع الناس بِخُطورتها وضرورة التخلَّي عنها، وفي اجتماعٍ لِلجمعيَّة العامَّة لِلأُمم المُتحدة سنة 2012، صوَّت الأعضاء بالإجماع على ضرورة تكثيف الجُهود لِإيقاف ختان الإناث حول العالم باعتبار أنَّ هذا الفعل يُعد خرقًا لِحُقوق الإنسان. وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت السادسَ من شُباط (فبراير) «يومًا عالميا لرفض ختان الإناث». على أنَّ هذه المُعارضة الأُمميَّة لم تمُر مُرور الكرام، فتعرَّضت للانتقاد المُكثَّف من قِبل عُلماء الإنسانيَّات (الأنثروپولوجيا) بالأخص. فعلى سبيل المِثال، كتب الدكتور أريك سيلڤرمان يقول أنَّ خِتان الإناث استحال إحدى المواضيع الأخلاقيَّة المركزيَّة في علم الإنسانيَّات، طارحًا أسئلة مُعقدة عن النسبويَّة الثقافيَّة، ومدى شُموليَّة التسامح البشري وعالميَّة حُقوق الإنسان، ومدى تقبُّل الناس لِعادات وتقاليد بعضهم البعض.
بِاللُغة العربيَّة
جاء في لسان العرب تعريف الختان لُغويًّا كما يلي: «ختن: خَتَنَ الغلامَ والجارية يَخْتِنُهما ويَخْتُنُهما خَتْنًا». والاسم: «الخِتانُ والخِتانَةُ»، وهو «مَخْتُونٌ». وقيل: «الخَتْن للرجالِ، والخَفْضُ للنساء». و«الخَتِين»: «المَخْتُونُ»، الذكر والأُنثى في ذلك سواء. والخِتانة: صناعة الخاتِنِ. والخَتْنُ: فِعْل الخاتن الغُلام. والخِتان ذلك الأَمْرُ كُلُّه وعِلاجُه. و«الخِتانُ»: موضع الخَتْنِ من الذكرِ، وموضع القطع من نَواة الجارِيةِ. قال أَبو منصور: «هو موضع القطع من الذكر والأُنثى»، ومنه الحديث المرويُّ عن عائشة بنت أبي بكر: «إذَا جَاوزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وجَبَ الْغُسْلُ». وهما موضع القطع من ذكر الغلام وفرج الجارية. ويُقال لقَطْعهما: «الإِعْذارُ والخَفْضُ». وأَصل الخَتْن: القطعُ، ويقال: «أُطْحِرَتْ خِتانَتُه»: إِذا «اسْتُقْصِيَتْ في القَطْعِ»، وتسمى الدَّعوةُ لذلك «خِتانًاِ». وقال الحافظ: «ويُسمَّى ختان الرجل إعذارًا بذال مُعجَّمة، وختان المرأة خفضًا بخاء وضاد مُعجَّمتين». وقال أبو شامة المقدسي: «كلام أهل اللغة يقتضي تسمية الكل إعذارًا، والخفض يختص بالأنثى». وقال أبو عُبيدة: «عذرت الجارية والغلام وأعذرتهما: ختنتهما وأختنتهما وزنًا ومعنى». قال الجوهري: «والأكثر خفضت الجارية». ويُقال للذي لم يُختن: «أقلف»، والمرأة «قلفاء»، وإزالة القلفة من الأقلف تسمى ختانًا في الرجل، وخفضًا في المرأة.
أمَّا في الاصطلاح، فإنَّ المعنى لا يخرج عن المعنى اللُغوي، لأن المعنى الُلغوي هو القطع، وفي الاصطلاح: قال الحافظ: «قطع بعض مخصوص، من عُضوٍ مخصوص»، وقال النووي: «الختان: هو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة حتى تنكشف جميع الحشفة». وقال في شرحه لصحيح مُسلم: «والختان في المرأة: قطع أدنى جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج، وهي فوق مخرج البول، تشبه عرف الديك».
بِاللُغة الإنگليزيَّة وتأثيرها على سائر اللُغات
تختلف طريقة ممارسة هذه العملية حسب المكان وحسب التقاليد لكنها تجري في بعض الأماكن دون أي تخدير موضعي وقد يُستخدم موس أو سكين بدون أي تعقيم أو تطهير لتلك الأدوات المُستخدمة في هذه العملية. يختلف العُمر الذي تجري فيه هذه العملية من أُسبوع بعد الولادة وحتَّى سن البُلوغ. حسب تقرير اليونيسف، أغلب الإناث التي تجري عليهنَّ عمليَّة الختان لم يتعدين الخامسة من العُمر. تشتمل هذه العمليَّة على إزالة غطاء البظر وحشفته، واستئصال الشفرين الصغيرين والكبيرين، وختم الفرج (غلقه)، بحيثُ لا يُترك إلَّا فتحة صغيرة لِلسماح بِمُرور البول ودماء الحيض؛ وفتح المهبل لِلسماح بِالجماع والإنجاب لاحقًا. قدَّر صُندُوق سُكَّان الأُمم المُتحدة سنة 2010 أنَّ 20% من الإناث اللواتي خُتِنَّ تمَّت إزالة الجُزء الخارجي من أعضائهنَّ التناسُليَّة وخياطة فرجهنَّ، وهي العمليَّة المعروفة بـ«الختان الفرعوني» أو «التَبْتِيْك»، الشائعة في شمال شرق أفريقيا بِالأخص.
يُنظرُ إلى هذه العادة حاليًّا في العديد من المُجمتعات حول العالم على أنها إحدى أبرز أشكال التمييز الجنسي، أو أنها مُحاولة للتحكُّم بِالحياة الجنسيَّة لِلمرأة، فيما تنظر إليها مُجتمعات أو جماعات أُخرى على أنها علامة من علامات الطهارة والعفَّة والتواضع. غالبًا ما تُقدم النساء البالغات على ختن بناتهنَّ، اللواتي يعتبرن هذا الفعل مدعاةً لِلشرف، وإنَّ عدم الإتيان به يُعرِّضُ بناتهنَّ إلى العار أو الإقصاء الاجتماعي. تختلفُ الآثار الصحيَّة لِختان البنات باختلاف طبيعيَّة العمليَّة، فقد تُعاني المختونة من التهاباتٍ مُتكررة، وصُعوبةٍ في التبوُّل وفي تدفُّق الطمث، وبُروز خرَّاجات، وصُعوبةٌ في حمل الجنين، ومُضاعفاتٌ عند الولادة، ونزفٌ مُهلك. ولا تُعرفُ أيَّة فوائد صحيَّة لِهذه العمليَّة.
مصر هي أكثر الدول من حيث عدد الفتيات اللاتي أجريت عليهنَّ العملية حول العالم. والصومال وغينيا وجيبوتي الأعلى نسبةً في عدد المختونات. تنص قوانين أغلب الدُول التي يُشاعُ فيها ختان الإناث على عدم شرعيَّة هذا الأمر، على أنَّ القوانين الرادعة لِلختان قلَّما تُطبَّق. انطلقت مُحاولاتٌ وجُهودٌ حثيثة لِإبطال هذه العادة مُنذ سبعينيَّات القرن العشرين، عبر مُحاولة إقناع الناس بِخُطورتها وضرورة التخلَّي عنها، وفي اجتماعٍ لِلجمعيَّة العامَّة لِلأُمم المُتحدة سنة 2012، صوَّت الأعضاء بالإجماع على ضرورة تكثيف الجُهود لِإيقاف ختان الإناث حول العالم باعتبار أنَّ هذا الفعل يُعد خرقًا لِحُقوق الإنسان. وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت السادسَ من شُباط (فبراير) «يومًا عالميا لرفض ختان الإناث». على أنَّ هذه المُعارضة الأُمميَّة لم تمُر مُرور الكرام، فتعرَّضت للانتقاد المُكثَّف من قِبل عُلماء الإنسانيَّات (الأنثروپولوجيا) بالأخص. فعلى سبيل المِثال، كتب الدكتور أريك سيلڤرمان يقول أنَّ خِتان الإناث استحال إحدى المواضيع الأخلاقيَّة المركزيَّة في علم الإنسانيَّات، طارحًا أسئلة مُعقدة عن النسبويَّة الثقافيَّة، ومدى شُموليَّة التسامح البشري وعالميَّة حُقوق الإنسان، ومدى تقبُّل الناس لِعادات وتقاليد بعضهم البعض.
بِاللُغة العربيَّة
جاء في لسان العرب تعريف الختان لُغويًّا كما يلي: «ختن: خَتَنَ الغلامَ والجارية يَخْتِنُهما ويَخْتُنُهما خَتْنًا». والاسم: «الخِتانُ والخِتانَةُ»، وهو «مَخْتُونٌ». وقيل: «الخَتْن للرجالِ، والخَفْضُ للنساء». و«الخَتِين»: «المَخْتُونُ»، الذكر والأُنثى في ذلك سواء. والخِتانة: صناعة الخاتِنِ. والخَتْنُ: فِعْل الخاتن الغُلام. والخِتان ذلك الأَمْرُ كُلُّه وعِلاجُه. و«الخِتانُ»: موضع الخَتْنِ من الذكرِ، وموضع القطع من نَواة الجارِيةِ. قال أَبو منصور: «هو موضع القطع من الذكر والأُنثى»، ومنه الحديث المرويُّ عن عائشة بنت أبي بكر: «إذَا جَاوزَ الْخِتَانُ الْخِتَانَ وجَبَ الْغُسْلُ». وهما موضع القطع من ذكر الغلام وفرج الجارية. ويُقال لقَطْعهما: «الإِعْذارُ والخَفْضُ». وأَصل الخَتْن: القطعُ، ويقال: «أُطْحِرَتْ خِتانَتُه»: إِذا «اسْتُقْصِيَتْ في القَطْعِ»، وتسمى الدَّعوةُ لذلك «خِتانًاِ». وقال الحافظ: «ويُسمَّى ختان الرجل إعذارًا بذال مُعجَّمة، وختان المرأة خفضًا بخاء وضاد مُعجَّمتين». وقال أبو شامة المقدسي: «كلام أهل اللغة يقتضي تسمية الكل إعذارًا، والخفض يختص بالأنثى». وقال أبو عُبيدة: «عذرت الجارية والغلام وأعذرتهما: ختنتهما وأختنتهما وزنًا ومعنى». قال الجوهري: «والأكثر خفضت الجارية». ويُقال للذي لم يُختن: «أقلف»، والمرأة «قلفاء»، وإزالة القلفة من الأقلف تسمى ختانًا في الرجل، وخفضًا في المرأة.
أمَّا في الاصطلاح، فإنَّ المعنى لا يخرج عن المعنى اللُغوي، لأن المعنى الُلغوي هو القطع، وفي الاصطلاح: قال الحافظ: «قطع بعض مخصوص، من عُضوٍ مخصوص»، وقال النووي: «الختان: هو قطع الجلدة التي تغطي الحشفة حتى تنكشف جميع الحشفة». وقال في شرحه لصحيح مُسلم: «والختان في المرأة: قطع أدنى جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج، وهي فوق مخرج البول، تشبه عرف الديك».
بِاللُغة الإنگليزيَّة وتأثيرها على سائر اللُغات
كانت المعاجم الإنگليزيَّة حتَّى عقد الثمانينيَّات من القرن العشرين تُسمِّي هذه العمليَّة «ختان الإناث» (بالإنگليزيَّة: Female Circumcision) تمامًا كما التسمية العربيَّة المُتداولة والرائجة، على اعتبار أنها العمليَّة النظيرة لِختان الذُكور. وكان المجمع التبشيري الكيني قد سمَّى هذه العمليَّة في سنة 1929 بِالتشويه الجنسي لِلنساء، مُتبعًا في ذلك توصيف المُبشِّرة الاسكتلنديَّة العاملة في كينيا، ماريون سكوت ستيڤنسون. وخِلال عقد السبعينيَّات من القرن سالِف الذكر تزايدت الإشارة إلى هذه العمليَّة على أنها تشويهٌ لِلأعضاء التناسُليَّة الأُنثويَّة، حتَّى كانت سنة 1975 عندما أطلقت عليها عالمة الإنسانيَّات الأمريكيَّة، روز أولدفيلد هايز، تسمية «تشويه الأعضاء التناسُليَّة الأُنثويَّة» (بالإنگليزيَّة: Female genital mutilation) في عنوان إحدى أبحاثها، وفي سنة 1979 سمَّت الباحثة والناشطة الأمريكيَّة النمساويَّة فران هوسكن هذه العمليَّة بـ«التشويه» (بالإنگليزيَّة: Mutilation)، في مؤلَّفها المُؤثِّر حامل عنوان: «تقرير هوسكن: التشويه العُضوي والجنسي لِلإناث» (بالإنگليزيَّة: The Hosken Report: Genital and Sexual Mutilation of Females).
أخذت اللجنة الأفريقية الدولية المعنية بالممارسات التقليدية التي تؤثر في صحة المرأة والطفل ومُنظمة الصحَّة العالميَّة تعتمد التسمية الإنگليزيَّة لِهذه العمليَّة في سنة 1990 و1991 على التوالي. وفي شهر نيسان (أبريل) من سنة 1997، أصدرت مُنظمة الصحَّة العالميَّة واليونيسف وصُندُوق سُكَّان الأُمم المُتحدة بيانًا مُشتركًا ينص على اعتماد هذا المُصطلح من حينها فصاعدًا. وهكذا انتشر هذا المُصطلح إلى مُختلف لُغات العالم، بما فيها اللُغة العربيَّة، انطلاقًا من أصلها الإنگليزي.
بِلُغاتٍ أُخرى
تنعكسُ الأشكال المُختلفة لِختان الإناث من خلال عشرات المُصطلحات المُتداولة لِلتعريف عن هذه المُمارسة في الدُول والبُلدان التي تشيعُ فيها، وكثيرًا ما تُعرف هذه المُمارسة بـ«الطهارة» أو «الطُهُور»، وهذا المُصطلح شائعٌ بِالأخص في البلاد العربيَّة والإسلاميَّة، كما يُشاع استخدام مُصطلح «الخِفاض» سالِف الذِكر. يُعرفُ ختان الإناث في اللُغة البمبريَّة المنطوقة بشكلٍ أساسيٍّ في مالي بالـ«بولوكولي» ويعني «غسل اليدين»، وفي اللُغة الإيگبويَّة الشائعة في شرق نيجيريا يُسمَّى «إيسا آرو» أو «إيوو آرو» ويعني «استحمامُكِ» ويُقصد به «على المرأة "أن تستحم" أولًا قبل أن تضع طفلًا». من المُصطلحات المألوفة أيضًا في بعض الدُول الإسلاميَّة، مُصطلح «السُنَّة»، ويُقصد بها السُنَّة النبويَّة وأنَّ ختن الفتاة من السُنن المُستحبَّة، ومن ذلك يُقال: «Qadın sünnəti - قادِن سُنتى» بالأذريَّة، و«Kadın sünneti - قادِن سُنتى» بالتُركيَّة. كذلك، يُستعملُ المُصطلح الإنگليزي «Infibulation» وهو مُشتق من مُصطلح «fibula» اللاتيني، والذي يعني «مشبك»؛ إذ يُقالُ بِأنَّ الرومان القُدماء كانوا يُثبتون مشبكًا على غلفة الأمة (العبدة) أو شفريها لِلحيولة دون إقامته لِأي علاقةٍ جنسيَّة. وفي السودان عُرفت هذه العمليَّة باسم «الختان الفرعوني» وفي مصر عُرفت باسم «الختان السوداني»، أمَّا في الصومال فهي تُعرف بـ«القُطب» أي التقطيب، ويُقصد بها تقطيب أعضاء المرأة التناسُليَّة.
طُرق وأساليب الخِتانة
غالبًا فإنَّ من يقوم بِهذه العمليَّة هو خاتِنٌ تقليديّ محليّ، وتُقامُ هذه العمليَّة في منزل الفتاة أغلب الأحيان، وقد يستخدمُ الخاتن البنج لِتخدير تلك الفتاة وقد لا يستخدمه. وعادةً ما يكون الخاتن امرأةً كبيرة في السن من المُجتمع المحليّ (الحي أو الحارة أو القرية) امتهنت هذه العمليَّة، وكثيرًا ما تكون هي نفسها القابلة أو الدَّاية. على أنَّ بعض المُجتمعات التي يقوم فيها الحلَّاق مقام الطبيب قد تلجأ إليه لِيقوم بِالعمليَّة بِنفسه. ويُعرف الرجل الذي يقوم بِهذه العمليَّة (خُصوصًا ختان الصبيان) في الكثير من أنحاء الوطن العربي بـ«المُطهِّر».
يُشاعُ عدم استخدام الخَتَنة التقليديين لِلأدوات المُعقَّمة عند قيامهم بِهذه العمليَّة، وتشتملُ هذه الأدوات على السكاكين والشفرات والمقصات والقطع الزُجاجيَّة الحادَّة والصُخُور الحادَّة، وحتَّى أظافر اليدين في بعض الأحيان. وقد أشارت إحدى المُمرضات في أوغندا في مُقابلةٍ صحفيَّة، إلى أنَّ الختنة قد يستعملون ذات السكين لِختن ما يزيد على 30 بنتًا في كُل مرَّة.
يلجأ الناس في بعض البُلدان إلى حملة الشهادات الطبيَّة المُختصين لِلقيام بِالختن، وذلك شائع في مصر وكينيا وإندونيسيا والسودان. بلغت نسبة الختنة من حملة الشهادات الطبيَّة في مصر 77% من إجمالي الختنة في جميع أنحاء البلاد، وفي إندونيسيا فاقت 50%، وذلك وفق دراستين أُجريتا في سنتيّ 2008 و2016 على التوالي. وقد يستخدم الطبيب أو القابلة القانونيَّة المُعتمد\ة التخدير الموضعي أو العام عند إجراء العمليَّة، وقد لا يُستخدم على الإطلاق. أشارت 60% من النساء في مصر ضمن دراسةٍ أُجريت سنة 1995 أنَّ بناتهنَّ خُدرن تخديرًا موضعيًّا عندما خُتنَّ، وأشارت 13% منهنَّ إلى أنَّ بناتهنَّ خُدرن تخديرًا عامًّا، وأشارت 25% منهنَّ إلى أنَّ بناتهنَّ لم يتم تخديرهنَّ على الإطلاق، بينما أجابت 2% منهنَّ بأنهنَّ لا يعلمن شيءًا عن الموضوع، أو لم يُجبن عن السؤال على الإطلاق.
التصنيف
الأنماط
أصدرت مُنظمة الصحَّة العالميَّة واليونيسف وصُندُوق سُكَّان الأُمم المُتحدة بيانًا مُشتركًا خِلال شهر نيسان (أبريل) سنة 1997 يُعرِّف ختان الإناث بِكونه: «أي عملية تتضمن إزالة جزئية أو كلية للأعضاء التناسلية الأنثوية الخارجيَّة لِسببٍ ثقافيّ أو اجتماعيّ أو أي سببٍ آخر غير طبي».
تختلف العمليَّة بشكلٍ واضح باختلاف عرقيَّة المعنيين (الخاتن والمختونة والمُجتمع المُحيط). فقد أظهرت إحدى الدراسات الاستقصائيَّة التي أُجريت في النيجر سنة 1998 تبايُنًا كبيرًا في المُصطلحات المُستعملة من قِبل النساء اللواتي أُجريت عليهنّ العمليَّة وشاركن في الدراسة، إذ فاق عدد المُصطلحات المُستعملة خمسين مُصطلحًا يختلف باختلاف المنطقة التي تنتمي إليها المرأة أو باختلاف ثقافتها وقومها. ومما يُضاعف من مُشكلة الترجمة واعتماد المُصطلحات هو عدم دراية النساء المختونات أيِّ نمطٍ من الختان تعرَّضن له، أو إن كُنَّ تعرضن لِلختان أساسًا. لِهذا، أشارت عدَّة دراسات أُخرى إلى أنَّ النتائج التي خلُص إليها هذا الاستبيان غير جديرة بِالتصديق والاعتماد.
تطرحُ الاستبيانات القياسيَّة التي تضعها المُؤسسات التابعة لِلأُمم المُتحدة أسئلةً على النساء والبنات لِلتحقق مما إذا كُنَّ خضعن لِلتالي: (1) الجرح، دون أي بترٍ أو إزالةٍ لِلأنسجة (ثقب أو ختانٍ رمزيّ)؛ (2) البتر، أي إزالة بعض الأنسجة؛ (3) التخييط والتقطيب؛ وأخيرًا (4) نوع غير مُحدد \ غير مُتأكدة \ غير دارية. أغلب الإجابات عادةً تضب ضمن خانة «البتر وإزالة بعض الأنسجة»، وتتضمَّن الإزالة الكاملة أو الجُزئيَّة لِحشفة البظر.
قسمت مُنظمة الصحَّة العالميَّة عمليَّة تشويه الأعضاء التناسُليَّة الأُنثويَّة إلى أربعة أنماطٍ رئيسيَّةٍ حسب مقدار الأنسجة والأعضاء التناسلية المبتورة (البظر والأنسجة الأخرى). فالنمطان الأوَّل والثاني يُحددان وفق كميَّة الأنسجة التي تمَّت إزالتها، والنمط الثالث هو «التخييط والتقطيب»، أمَّا النمط الرابع فيُعنى بِالختان الرمزي والمُمارسات المُتفرِّقة.
النمطان الأوَّل والثاني
قسمت منظمة الصحة العالمية النمط الأوَّل إلى نوعين فرعيين: النوع الأول وهو 1أ ويتضمن إزالة غطاء البظر فقط وهذا النوع نادرًا ما يجرى وحده. أمَّا النوع الأكثر شيوعًا فهو النوع الفرعي الثاني 1ب وهو يتضمن إزالة جزء أو كل البظر بالإضافة إلى القلفة. (عند الحديث عن الختان، تستخدم مُنظمة الصحَّة العالميَّة مُصطلح البظر (باللاتينية: clitoris) لِلإشارة إلى حشفة البظر، أي النُتوء الخارجيّ الظاهر لِلعين). كتبت سوزان عزَّت وناهد طوبيا تقولان: «يُمسكُ البظر بالإبهام والسبَّابة، ثُمَّ يُمط ويُبتر بِضربةٍ واحدةٍ بِواسطة آلةٍ حادَّة».
أمَّا النمط الثاني من الختان (الاستئصال) فيتضمَّن إزالة كُليَّة أو جُزئيَّة لِلشفرين الصغيرين مع أو بدون إزالة الشفرين الكبيرين والبظر. ومن هذا النمط ثلاثة أنواع فرعيَّة: النوع 2أ هو إزالة الشفرين الصغيرين؛ والنوع 2ب المُتضمِّن إزالة البظر مع الشفرين الصغيرين؛ والنوع 2جـ المُتضمِّن إزالة البظر والشفرين الكبيرين والصغيرين. يُستعملُ مُصطلح Excision في اللُغة الفرنسيَّة لِلإشارة إلى أي نمط من أنماط الخِتان الأُنثوي.
النمط الثالث
النوع الثالث من الختان هو ما يُعرف بالختان الفرعوني أو التَبْتِيْك، وهو أسوأ أنواع الختان ويصب ضمن فئة «التخييط والتقطيب»، وفي هذا النمط تتم إزالة كُل الأعضاء التناسُليَّة الأُنثويَّة الخارجيَّة ثُمَّ يتم تقطيب وخياطة الجُرح. يُزال الشفران الصغيران و \ أو الشفران الكبيران، مع أو بدون استئصال البظر. من الأنواع الفرعيَّة لِهذا النمط: النوع 3أ الذي يُزال فيه الشفران الصغيران ويُغلقان، والنوع 3ب الذي يتضمَّن إزالة الشفرين الكبيرين. هذا النوع من الخِتان أكثر شُيُوعًا في جيبوتي وإريتريا وإثيوپيا والصومال والسودان وشمال شرق أفريقيا. تختلفُ تقديرات البُحوث والدراسات حول عدد النساء الأفريقيَّات اللواتي تعرَّضن لِهذا النوع من الختان، لكن إحدى الدراسات من سنة 2008 أشارت إلى أنَّ ما يفوق ثمانية ملايين امرأة في أفريقيا خُتنت بِهذا الشكل. ووفق تقريرٍ نشره صُندوق سُكَّان الأُمم المُتحدة سنة 2010، فإنَّ حوالي 20 بالمئة من النساء المختونات خُتنَّ ختانًا فرعونيًّا
كتبت القابلة القانونيَّة الإنگليزيَّة «كومفورت موموه» المُتخصصة في دراسة وعلاج النساء المختونات، كتبت تتحدث عن النمط الثالث من هذه العمليَّة، فقالت: «تقومُ النسوةُ الكبيرات في السن من أقارب وأصدقاء الفتاة بِتثبيتها مكانها بالوضعيَّة التي يتخذها المريض الذي يتم تفتيت حصوته الكلويَّة، ثُمَّ يتم شق أحد جانبيّ قاعدة البظر بسُرعة وُصولًا إلى لجام الشفرين الصغيرين، ثُمَّ يُستأصل البظر بِضربة شفرةٍ واحدةٍ، مع الشفرين الكبيرين والصغيرين». وفي الصومال، فإنَّ العادة الرائجة هي عرض البظر المبتور على قريبات الفتاة الكبيرات في السن، اللواتي يُقرِّرن ما إذا كان قد تمَّ بتر ما يكفي، أو أنَّهُ يجب بتر المزيد. بعد هذا يُستأصَل الشفران.
يُتركُ لِلفتاة المختونة ختانًا فرعونيًّا فتحةً صغيرةً يتراوح قطرها بين ملِّيمتران وثلاثة ملِّيمترات لِلسماح بِخُروج البول ودم الحيض، ويتم الإبقاء على تلك الفتحة من خِلال إقحام أداة بسيطة في الشق أو الجرح الناجم عن الختن، كقشَّةٍ صغيرة أو عودٍ خشبيّ. يُخاطُ الفرج بِواسطة خُيُوطٍ من الأنواع التي تُستخدم في العمليَّات الجراحيَّة، وقد تُستخدم في ذلك أشواك صبَّار الباهرة أو السنط (الأكاسيا أو الأقاقيا)، أو قد يُغطَّى بِبعض المواد المُستخدمة ككمَّادات، مثل البيض النيء، والنباتات العطريَّة، والسُكَّر. بعضُ الشُعوب تحفظ الأجزاء المبتورة في جرابٍ صغير كي تُعلِّقه الفتاة على ثيابها أو في عُنُقها كالقلادة، في إشارةٍ إلى طُهُورها أمام قومها. وفي سبيل مُساعدة الأنسجة على الالتحام بسُرعة، تُربطُ ساقيّ الفتاة ببعضهما انطلاقًا من الورك وانتهاءً بِالكاحل، لِفترةٍ قد تصلُ إلى ستَّة أسابيع، وقد يتم إرخاء الرباط قليلًا بعد مُرور أُسبوع على العمليَّة، وقد تُزال بعد مضيّ الأُسبوع الثاني. تقول موموه:
[مدخل المهبل] يُطمس بِواسطة أُسطوانة من الجلد تمتد عبر الفتحة فيما عدا ثقبٌ صغير يُترك قصدًا. يُلاحظُ بأنَّ الحال ساعة الختان قد يختلف باختلاف الفتاة، فهي قد تُقاوم بِشراسة، وفي هذه الحالة فإنَّ الخاتنِ قد يُحدث لها عدَّة شُقوق وجُروح عرضيَّة وغير مضبوطة. وقد يتم تثبيت الفتاة أرضًا بِقوَّةٍ كبيرة لِلحيلولة دون أن تُقاوم، مما يتسبب بِتكسير بعضٍ من عظامها.
وبحال اعتبرت أُسرة الفتاة أنَّ الفتحة الصغيرة التي تُركت لها ما تزال كبيرة فإنَّ العمليَّة تُكرَّر من البداية مُجددًا. يُعادُ فتح مهبل الفتاة لِلسماح لها بِالمُعاشرة الجنسيَّة عند الزواج، ويتم ذلك على يد قابلة وباستخدام سكين، أو تأتي العمليَّة تلقائيَّة عندما يدخل بها زوجها. العادة الرائجة في بعض المناطق مثل أرض الصومال أن يُشاهد أقارب الفتاة والعريس عمليَّة فتح المهبل في يوم الزفاف لِلتأكُّد من أنَّ الفتاة ما تزال عذراء. أقدم عالم النفس الأمريكي هاني لايتفوت-كلاين على مُقابلة مئات الرجال والنساء في السودان خِلال عقد الثمانينيَّات من القرن العشرين مُستفسرًا عن كيفيَّة إتيان الرجل لِزوجته المختونة ختانًا من النمط الثالث في أوَّل مرَّة:
إنَّ دُخول الرجل بِزوجته المختونة ختانًا فرعونيًّا قد يأخذ ما بين 3 إلى 4 أيَّام وُصولًا إلى عدَّة أشهر حتَّى. بعضُ الرجال لا يستطيعون الدُخول بِزوجاتهم على الإطلاق (وفق دراستي تبيَّن أنَّ نسبة هؤلاء تفوق 15%)، وكثيرًا ما يتم اللُجوء إلى إحدى القابلات لِتُعيد فتح المهبل وسط تكتُمٍ شديد من الأهالي، نظرًا لِأنَّ هذا يخدش سُمعة الزوج ويُهبِّط من فُحولته في نظر الناس. بعضُ الرجال وإن عجزوا عن الدُخول في زوجاتهم وفض غشاء بكارتهنّ، لكنَّهم يتمكنون من جعلهنَّ حوامل، وعندئذٍ يتم إعادة فتح المجرى المهبليّ لِلمرأة لِلسماح لها أن تلد ولادةً طبيعيَّة. ... أولئك الرجال الذين ينجحون في الدُخول بِزوجاتهم، كثيرًا ما يفعلون ذلك، أو رُبما دائمًا ما يفعلون ذلك، باستخدام «سكينٍ صغير»، فيُحدثون شقًا صغيرًا يعملون على توسيعه شيئًا فشيئًا حتَّى يُصبح واسعًا بما فيه الكفاية لِإيلاج القضيب.
يُفتحُ المهبل بشكلٍ أوسع لِلسماح لِلمرأة أن تلد ولادةً طبيعيَّةً، ثُمَّ يُعادُ إغلاقه بعد ذلك، وهي عمليَّة تُعرف بِالختان الفرعوني العكسي أو التَبْتِيْك العكسي أو إعادة التَبْتِيْك. قد تضمَّن هذه العمليَّة سالِفة الذِكر إعادة بتر أقسام من المهبل في سبيل إرجاع حجم الفتحة إلى ما كانت عليه قبلًا عندما خُتنت المرأة لِأوَّل مرَّة في حياتها. ويُمكن لِهذه العمليَّة أن تتم قبل الزواج، وبعد الإنجاب، وبِحال الطلاق والترمُّل.
النمط الرابع
تعُرِّفُ مُنظمة الصحَّة العالميَّة النمط الرابع من ختان الإناث بأنه «جميع الإجراءات الأُخرى الضارَّة لِلأعضاء التناسُليَّة الأُنثويَّة التي تجري دون سبب طبي» كالكي والوخز والشق والثقب والكشط وغيرها. من أشكال هذا النمط وخز البظر (المعروف بِالخِتان الرمزي)، وكي أو إصابة الأعضاء التناسُليَّة بِندب، وإيلاج مواد داخل المهبل في سبيل تضييقه. تُصنِّفُ المُنظمة سالِفة الذِكر مط الشفرين الصغيرين أيضًا ضمن النمط الرابع، وهذه العمليَّة شائعة في أفريقيا الشرقيَّة والجنوبيَّة بِالأخص، حيثُ يُعتقد أنَّها تزيد من اللذة والمُتعة الجنسيَّة لِلرجل كونها تجعل مهبل المرأة يبدو وكأنه أضيق. تُشجَّع البنات في البُلدان الأفريقيَّة الشرقيَّة والجنوبيَّة على مط أشفارهنَّ الصُغرى بواسطة العيدان والتدليك بدايةً من بُلُوغهنَّ سن الثامنة. حتَّى أنَّ البنات في أوغندا يُقال لهُنَّ بأنَّهُنَّ سيُواجهن صُعوبة في الولادة بحال لم تكن أشفارهنَّ الصُغرى ممطوطة.
تضمَّن تعريف مُنظمة الصحَّة العالميَّة لِختان البنات في سنة 1995 كُلًا من «البتر الملحي» (الگيشيري) و«البتر الأنگورياوي»، وكِلا النوعين مألوفان فقط في النيجر ونيجيريا، لكنَّ المُنظمة عادت وأزالت كِليهِما من تعريفها لِلختان المُحدد سنة 2008 نظرًا لِعدم وُجود ما يكفي من المعلومات حول مدى انتشارهما والنتائج المُترتبة عنهما. أمَّا بِالنسبة لِماهيَّتهما، فالبتر الملحي أو الگيشيري هو عِبارة عن قص مُقدمة المهبل أو جداره الخلفيّ باستخدام شفرة أو مطواة، وهي عمليَّة تهدف إلى علاج المرأة العقيمة، أو تسهيل الولادة المُتعسِّرة، وعدَّة أُمور أُخرى. أظهرت دراسة قام بها الطبيب النيجيري ماريو عُثمان مندارا أنَّ أكثر من 30 بالمئة من النساء اللواتي اختبرن البتر الملحي كُنَّ يُعانين من ناسورٍ مثانيٍّ مهبليّ. أمَّا البتر الأنگورياوي فهو استئصال غشاء البكارة، وعادةً ما يتم بعد سبعة أيَّامٍ من الولادة.
المُضاعفات
قصيرة الأمد وبعيدة الأمد
يتسبب الخِتان بِأضرارٍ صحيَّة جسديَّة ونفسيَّة لِلفتاة تمتد طيلة حياتها. وليس لِهذه العمليَّة من آثارٍ صحيَّة مُفيدة بحسب الظاهر. تتوقف المُضاعفات بعيدة الأمد وقصيرة الأمد على نمط الخِتان الذي أُجري لِلفتاة، وما إذا كان الخاتن قد حظي بِتدريبٍ طبيٍّ سابق حتَّى أصبح مؤهلًا لِيأتي بِمثل هكذا عمليَّة، وما إذا كانت الأدوات المُستخدمة قد جرى تعقيمها قبل إجراء الجراحة، وما إذا كانت المختونة قد أُعطيت بعض المُضادات الحيويَّة بعد ذلك لِمُقاومة أي التهاب أو عدوى لاحقة لِلعمليَّة. وفي حالة الخِتان من النمط الثالث، فإنَّ هُناك عوامل أُخرى يجب أن تُؤخذ بِعين الاعتبار، منها مدى صِغر الفتحة المتروكة لِمُرور البول ودم الحيض، وما إذا كان الجُرح قد تمَّ تقطيبه باستخدام الخُيُوط والغرزات الطبيَّة أم أشواك الصبَّار والسنط، وأخيرًا ما إذا كانت العمليَّة كُررت (لِإغلاق فتحة اعتُبرت واسعة جدًا أو لِتوسيع أُخرى ضيِّقة لِلغاية).
أبرز المُضاعفات قريبة الأمد هي انتفاخ موضع الجرح والتقطيب، والنزيف الفائض، والآلام، واحتباس البول، وصُعوبة شفاء الجرح نتيجة ما يلتقطه من عدوى. أظهرت إحدى المُراجعات المنهجيَّة لِستٍ وخمسين (56) دراسة من سنة 2015 هدفت إلى توثيق المُضاعفات المُباشرة الناجمة عن ختان الإناث، أنَّ تلك المُضاعفات ظهرت لدى أكثر من فتاةٍ واحدةٍ من بين عشرة خضعن لِأي نمطٍ من أنماط الختان، بما فيها الختان الرمزي أي وخز البظر (النمط الرابع)، على أنَّ نسبة المخاطر ازدادت بشكلٍ واضح عند اللواتي خُتنَّ ختانًا فرعونيًّا (النمط الثالث). اقترحت هذه المُراجعة أيضًا أنَّ هُناك عدَّة عمليَّات خِتان لِإناث غير مُبلَّغ عنها. من المُضاعفات قصيرة الأمد الأُخرى أيضًا: النزيف القاتل، والإصابة بِفقر الدم، والتهاب الجهاز البولي، والإنتان، والإصابة بِالكزاز والغنغرينا ومرض أكل اللحم، والتهاب بطانة الرحم. من غير المعروف عدد النساء والبنات اللواتي يمُتن نتيجة مُضاعفات الخِتان، كون هذه المُضاعفات قد لا يتم التعرُّف عليها على أنها حدثت بِسبب العمليَّة، أو بِسبب عدم التبليغ عنها. يُعتقدُ بأنَّ استعمال الختنة لِذات الأدوات على أكثر من فتاة يُساهم في نقل بعض الأمراض من شاكلة التهاب الكبد البائي والتهاب الكبد الجيمي وڤيروس العوز المناعي البشري، على الرُغم من عدم وُجود أي دراسةٍ وبائيَّة تُثبتُ هذا.
أمَّا المُضاعفات بعيدة الأمد، فإنها تختلف باختلاف نمط الخِتان. وهي تشتملُ على ظُهُور نُدوبٍ في موضع الجرح والتقطيب إلى جانب جدرات يُمكن أن تؤدي إلى تضيُّقات وانسدادات في الأوعية الدمويَّة، وإلى ظُهُور أكياسٍ بشرانيَّة يُحتمل أن تُصاب بالتهاباتٍ لاحقًا، وإلى ظُهور أورامٍ عصبيَّةٍ هي عبارة عن الأعصاب التي كانت تتصلُ بالبظر قبل أن يُبتر.
يُمكن أن يتراوح عرض الفتحة المتروكة لِلفتاة المختونة ختانًا فرعونيًّا بين 2 و3 ملِّيمتراتٍ فقط، الأمر الذي يؤدي إلى مُعاناتها عناءً شديدًا عند التبوُّل، إذ لا يخرج البول إلَّا بِعُسرٍ كبير نُقطةً نُقطة، ويدوم شُعورها بِالرغبة بالتبوُّل في كُل مرَّة. وقد يتجمَّع البول أسفل الندبة، الأمر الذي يترك المنطقة الواقعة أسفل الجلد رطبة على الدوام، ممَّا يؤدي إلى حُصُول التهابات وتشكُّل حصواتٍ صغيرة. تكون الفتحة أكبر لدى النساء المُتزوجات ذوات الحياة الجنسيَّة النشطة، أو اللواتي أنجبن إنجابًا طبيعيًّا (عبر فتحة المهبل)، على أنَّ فُتحة الإحليل قد تبقى مسدودة بواسطة الأنسجة المندوبة. كذلك، يُمكن أن ينمو لِلفتاة أو الامرأة ناسورٌ مثانيّ مهبليّ أو ناسورٌ مُستقيمي مهبليّ (ثُقوبٌ تسمح بِتسرُّب البول أو الغائط إلى المهبل)، هذا - إلى جانب أضرارٌ أُخرى تُصيب الإحليل والمثانة - يُمكن أن تؤدي إلى تطوُّر التهابات وإلى سلاسة البول، وعسر الجماع، وإلى حُدوث عُقم.
كذلك، من الشائع أن تُعاني البنات والنساء المختونات فرعونيًّا من عسر الطمث بِسبب إعاقة تدفق دماء الحيض، وبِهذه الحالة يُمكن للدِماء أن تصبح راكدةً في المهبل والرحم فتُنتن. ويُمكنُ أن تتسبب الإعاقة التامَّة لِتدفق سائل الحيض خارج المهبل بِتدمي المهبل والرحم (حيثُ يمتلأ الرحم والمهبل بِدماء الحيض)، وكنتيجةٍ لِهذا فإنَّ بطن الفتاة أو المرأة ينتفخ بِسبب تجمُّع السوائل، كما ينقطع عنها الحيض، فتظهر وكأنها حامل، الأمر الذي يُمكن أن تكون له عواقب وخيمة في بعض المُجتمعات. تقول الطبيبة السودانيَّة أسماء الدرير أنَّ إحدى الفتيات السودانيَّات قُتلت على يد عائلتها سنة 1979 بعد أن اعتقدوا أنها حملت بِطفلٍ نتيجة الزنا، بينما كانت في الواقع تُعاني من الحالة المرضيَّة سالِفة الذِكر الناجمة عن الختان الفرعوني.
الحمل والإنجاب
يُمكنُ لِلختان أن يُعرِّض النساء لِطائفةٍ واسعةٍ من المشاكل المُتعلِّقة بِالحمل والولادة، وتتضاعف هذه المشاكل كُلَّما كان الخِتان مُكررًا، أي كُلَّما خُتنت المرأة أكثر من مرَّة خِلال حياتها، حتَّى أنَّ بعض النساء المختونات ختانًا فرعونيًّا يُقدمن على تقليل كميَّة الطعام التي يأكُلنها خِلال فترة حملهنَّ في سبيل تصغير حجم الجنين كي تُصبح الولادة أسهل عليهنَّ. وفي حالة النساء اللواتي يُعانين من ناسورٍ مثانيٍّ مهبليّ أو مُستقيميٍّ مهبليّ، يصعب الحُصول على عيِّنةٍ صافيةٍ من البول كي يفحصها الطبيب المُشرف في سبيل تحديد أيَّة مُقدمات ارتعاج. أيضًا، يُمكن لِهذا أن يُعيق تقييم وضع عُنق الرحم إثناء مرحلة الولادة، ويجعل من المخاض طويلًا وصعبًا. أكثر المُضاعفات شُيُوعًا عند النساء المختونات ختانًا فرعونيًّا هي: تمزُقات من الدرجة الثانية، وتضرُّر العضلة العاصرة الشرجيَّة، والاضطرار إلى اللُجوء إلى إجراء جراحة قيصريَّة طارئة لِإنقاذ المرأة الحامل.
يزدادُ مُعدَّل وفيَّات الأطفال حديثي الولادة لدى النساء المختونات ختانًا فرعونيًّا. فقد قدَّرت مُنظَّمة الصحَّة العالميَّة في دراسةٍ أُجريت سنة 2006 أنَّ ما بين 10 و20 طفلًا من أصل 1,000 يموتون بِسبب ختان أمُّهاتم بِالشكل سالِف الذِكر، وقد تمَّ تقديرُ هذا العدد بناءً على دراسةٍ أُجريت على 28,393 امرأة دخلن أقسام الولادة في 28 مركزًا من مراكز التوليد في كُلٍ من: بوركينا فاسو، وغانا، وكينيا، ونيجيريا، والسنغال، والسودان. وقد تبيَّن أنَّ جميع أشكال وأنماط الختان التي تعرَّضت لها تلك النساء تزيدُ من نسبة احتماليَّة موت الطفل حديث الولادة، وتوزَّعت النسب على الشكل التالي: 15 بالمئة من أطفال النساء المختونات ختانًا من النمط الأوَّل، و32 بالمئة من أطفال النساء المختونات ختانًا من النمط الثاني، و55 بالمئة من أطفال النساء المختونات ختانًا من النمط الثالث. أمَّا الأسباب وراء هذا الاختلاف والتباين في نسبة وفيَّات الأطفال بِهذا الشكل فغير واضحة، لكن يُعتقد بأنها مُتعلِّقة بالالتهابات التي تُصيب المهبل ومجرى البول ووُجود أنسجة مندوبة ومُضرورة تُعيق الولادة الطبيعيَّة. كتب باحثون يقولون أنَّ الختان يزيد من احتماليَّة إضرار الأُم بِعجانها ومن كثافة النزف التالي لِلوضع، ومن الحاجة إلى إنعاش المولود بعد خُروجه، ومن مُعدَّل الأجنَّة المولودين أموات، ويُعتقد أنَّ الحالة الأخيرة مردَّها فترة المخاض الطويلة.
التأثيرات النفسيَّة والأداء الجنسي
أشارت إحدى المُراجعات المنهجيَّة المنشورة سنة 2015 أنَّ كميَّة المعلومات المُعتبرة والموثوقة المُتناولة التأثيرات النفسيَّة لِلختان على البنات قليلة جدًا، ولم تتناول هذا الموضوع سوى بعض الدراسات الصغيرة، التي خرجت باستنتاجاتٍ مفادها أنَّ المختونات يُعانين من الحصر النفسي، والاكتئاب، واضطراب الكرب التالي للصدمة النفسية. كذلك، يُمكن لِلفتاة أو المرأة المختونة التي غادرت بلادها أو مجتمعها لِسببٍ ما واستقرَّت في بلدٍ أو مُجتمعٍ آخر لا يُمارس فيه ختان الإناث أن تشعر بالعار والخجل أو بِالطعن بِالظهر، بعد أن تكتشف أنَّ الختن ليس هو معيار الشرف والطهارة كما اعتادت وسمعت مُنذ صغرها. على أنَّ بعض البنات اللواتي يعشن ضمن المُجتمعات التي تُمارس الخِتان قد ينظرن إلى أنفُسهنَّ بافتخارٍ بعد إجراء العمليَّة، كونها تعكسُ الجمال واحترام التقاليد والعفَّة والطُهُور.
وكما هو حال الاضطرابات النفسيَّة، فإنَّ الدراسات التي تناولت الأداء الجنسي أو الحياة الجنسيَّة للمرأة المختونة قليلة ومُبعثرة. خلُص تحليلٌ تلويٌّ أُجري سنة 2013 على خمسة عشر دراسة تناولت 12,671 امرأة من سبعة دولٍ مُختلفة، إلى أنَّ النساء المختونات تزدادُ احتماليَّة قلَّة رغبتهنَّ الجنسيَّة - أو تنعدم تمامًا في بعض الأحيان - مُقارنةً بِالنساء غير المختونات، وأنَّ احتماليَّة عسر الجماع لديهنَّ تزداد بِحوالي 52 بالمئة. كذلك، فقد أشار ثُلُثهُنَّ إلى بُرودة مشاعرهُنَّ الجنسيَّة وأحاسيسهُنَّ.
الانتشار
وفق المُسُوح المحليَّة
يُحدد انتشار خِتان الإناث في دولةٍ مُعينة بِنسبة البنات والنساء اللواتي خضعن له في تلك الدولة، وتتراوح أعمارهُنَّ ما بين 15 و49 سنة. يتمُّ تحديد تلك النسب بواسطة مُسُوحٍ بيانيَّةٍ تُجريها جمعيَّات مُختصَّة عالميَّة، تُمثِّلُ جهاز «الاستقصاءات السُكَّانيَّة والصحيَّة» التابع لِمؤسسة ماكرو الدُوليَّة، وهو مُموَّل بشكلٍ رئيسيّ من قِبل الوكالة الأمريكيَّة لِلتنمية الدوليَّة وعدَّة مؤسسات عاملة في مجال الدراسات والمُسوح الاستقصائيَّة، كما يحصل على دعمٍ ماليٍّ وتقنيٍّ إضافيٍّ من قبل مؤسسة مُنظمة اليونيسف.
يتمُّ إجراء تلك المُسوح الاستقصائيَّة في البُلدان الأفريقيَّة والآسيويَّة والأمريكيَّة اللاتينيَّة بشكلٍ رئيسيّ، وفي بعض المناطق الأُخرى، كُل خمس سنوات تقريبًا، وقد انطلقت بدايةً من سنة 1984 وما زالت مُستمرَّة حتَّى اليوم. أوَّل الاستبيانات حول خِتان الإناث أُجريت في السودان خِلال سنة 1989–1990، وأولى المنشورات العلميَّة التي تحدثت عن هذه العادة استنادًا إلى ما أظهرته بيانات جهاز الاستقصاءات السُكَّانيَّة والصحيَّة (في سبع دول) كانت بِقلم الباحثة دارا كار، وقد نُشرت في سنة 1997.
وفق الدُول حيثُ يستمرُّ الختان
ينتشرُ ختان الإناث بِصُورةٍ رئيسيَّة في البُلدان الأفريقيَّة الواقعة ضمن المنطقة التي سمَّاها عالم السياسة الأمريكي گاري مكِّي بـ«مُتجاورة الفُضُول»، وهي تلك المنطقة المُمتدَّة من الصومال شرقًا إلى السنغال غربًا، ومن مصر شمالًا إلى تنزانيا جنوبًا. تُشيرُ الدراسات المُستندة على البيانات المنشورة سنة 2016 أنَّ ختان الإناث مُتمركز في 27 دولة في أفريقيا، إلى جانب إندونيسيا، وكُردستان العراق، واليمن. ويُعتقد بأنَّ عدد الفتيات والنساء المختونات في الدُول الثلاثين المذكورة يفوق المائتيّ مليون. أظهرت الأبحاث المنشورة سنة 2013 أنَّ عدد الفتيات المختونات في مصر بلغ 27.2 مليون، وفي إثيوپيا 23.8 ملايين، و19.9 ملايين في نيجيريا.
سُجِّلت أعلى نسبة إناث مختونات تتراوح أعمارهُنَّ بين 15 و49 في الصومال (98 بالمئة)، وغينيا (97 بالمئة)، وجيبوتي (93 بالمئة)، ومصر (91 بالمئة)، وسيراليون (90 بالمئة). كذلك، سُجِّلت نسبة عالية من الإناث المختونات في إندونيسيا؛ على أنَّ الإحصاءات المُتعلِّقة بِالنساء البالغات المختونات في الدولة الأخيرة غير مُتوافرة، أمَّا نسبة البنات المختونات اللواتي خُتنَّ خِلال الفترة المُمتدة بين ولادتهنَّ وبين سنتهنَّ الحادية عشر فوصلت نسبتهنَّ إلى 49 بالمئة، وأغلبهنَّ خُتنَّ ختانًا من النمطين الأوَّل والرابع.
أشارت بعض الدراسات الصغيرة الأُخرى، إلى جانب بعض الشهادات الشفهيَّة، إلى أنَّ ختان الإناث يُمارس أيضًا في أجزاءٍ أُخرى من الشرق الأوسط، وتحديدًا في السعودية وعُمان والإمارات والأُردُن وبدو النقب في فلسطين (حتى سنة 2009). وأيضا في أجزاء من سوريا وإيران وفي جنوب تُركيَّا. وقطر والبحرين وليبيا، إلى جانب دُول أُخرى مثل كولومبيا والكونغو وماليزيا والپيرو وسريلانكا، وعند طائفة البُهرة الداوديَّة في الهند. أضف إلى ذلك، فإنها عادة موجودة في المُجتمعات المُهاجرة من تلك البلاد إلى أُستراليا وأوروپَّا وأمريكا الشماليَّة واسكندناڤيا.
وفق الدُول حيثُ يتراجع الختان
من المعروف أنَّ النساء والفتيات اللواتي أجبن على الأسئلة المُوجهة لهُنَّ من خِلال الاستبيانات تعرَّضن لِلختان مُنذ فترةٍ طويلة تصلُ إلى عشرات السنوات عند بعضهنَّ، لِذا يُمكن القول بأنَّ إجابات الفئة المُتراوحة أعمارها بين 15 و49 سنة لا تُعبِّر عن الواقع المُعاصر لِهذه العادة في الدُول حيثُ تنتشر. وعند الأخذ بالبيانات الخاصَّة بِالفئة اليافعة المُتراوحة أعمارها بين 15 و19، على سبيل المِثال، يُلاحظُ تراجعًا في مُمارسة هذه العادة في بعض الدُول، فقد أظهرت تلك البيانات تراجع نسبة المختونات في بوركينا فاسو من 98 بالمئة (سنة 1980) إلى 58 بالمئة (سنة 2010)؛ وفي مصر من 97 بالمئة (سنة 1985) إلى 70 بالمئة (سنة 2015)؛ وفي كينيا من 41 بالمئة (سنة 1984) إلى 11 بالمئة (سنة 2014).
بدايةً من سنة 2010، أخذت المُنظمات والهيئات العاملة على إجراء المُسوح المحليَّة المُتعلِّقة بِنسب ختان الإناث تطلب من الأُمَّهات تحديد ما إذا كانت كُل بناتهنَّ قد خُتنَّ أم لا. ووفق تقريرٍ لِليونيسف صدر سنة 2016 فإنَّ نسبة البنات المختونات اللواتي وصل سنُّهُنَّ إلى 14 سنة كحدٍ أقصى، كانت الأعلى في الدُول التالية: غامبيا (56 بالمئة)، وموريتانيا (54 بالمئة)، وإندونيسيا (49 بالمئة لِلبنات اللواتي يصل سنّهُنَّ إلى 11 سنة)، وغينيا (46 بالمئة).
تُشيرُ البيانات إلى أنَّ نسبة الفتيات اللواتي كان يُحتمل ختانهنَّ سنة 2014 قد انخفضت بحوالي الثُلث عمَّا كانت عليه مُنذ حوالي 30 سنة. على أنَّ هذا لا يعني بِالضرورة تراجع عدد المختونات في العالم مع مُرور الزمن، إذ تُشير التحليلات أنَّهُ بحال بلغ عدد المختونات 3.6 ملايين سنة 2013، فإنَّ هذا العدد سيرتفع إلى 4.1 مليون بِحُلول سنة 2050 بِسبب ازدياد عدد سُكَّان العالم.
وفق المنطقة الحضريَّة والمُستويان الاقتصادي والتعليمي
تُشيرُ المُسُوح البيانيَّة إلى أنَّ خِتان الإناث أكثر شُيُوعًا في المناطق الريفيَّة عمَّا هو في المُدن والبلدات الكُبرى، وأنَّ نسبته تقل كثيرًا لدى العائلات الثريَّة في مُعظم البُلدان (عدا السودان والصومال)، فكُلما زادت نسبة ثراء العائلة كُلَّما قلَّ احتمال ختان بناتها، كما أنَّهُ يخف بِنسبةٍ ملحوظة لدى البنات اللواتي حظيت أُمَّهاتهنَّ بِتعليمٍ ابتدائيٍّ أو ثانويٍّ أو جامعيٍّ. أمَّا في الصومال والسودان فالوضع معكوس: ففي الصومال ظهر أنَّ النسوة اللواتي حظين بمِقدارٍ من التعليم الثانوي أو الجامعي كانت نسبة بناتهنَّ المختونات أعلى من نسبة نظائرهنَّ محدودات التعليم، وفي السودان تبيَّن أنَّ تخرُّج المرأة من أي مؤسسةٍ تعليميَّة كان من شأنه زيادة نسبة المختونات من بناتها.
وفق الفئة العُمريَّة
ا يُعتبرُ خِتان الإناث طقسًا من طُقُوس العُبُور بين مرحلتيّ الطُفُولة والبُلُوغ لدى مُختلف الحضارات التي تتبعه بِالضرورة، كونه غالبًا ما تخضع لهُ الفتيات الصغيرات قبل أن يقتربن من مرحلة البُلُوغ بِسنوات. فأغلب البنات يُختنَّ بعد ولادتهنَّ مُباشرةً أو خِلال الفترة المُمتدة من الولادة حتَّى سن الخامسة عشر. وقد أظهرت نصف الإحصائيَّات التي أُجريت في بعض الدول خلال الفترة المُمتدَّة بين سنتيّ 2000 و2010 أنَّ أغلب البنات اللواتي خُتنَّ تمَّت لهُنَّ العمليَّة بِحُلول سنتهُنَّ الخامسة. أكثر من 80 بالمئة من البنات المختونات يُختنَّ قبل بلوغهنَّ سن الخامسة في كُلٍ من: نيجيريا ومالي وإريتريا وغانا وموريتانيا. وفي سنة 1997 أظهرت دراسة استقصائيَّة عن الأوضاع الصُحيَّة والسُكَّانيَّة في اليمن أنَّ 76 بالمئة من البنات خُتنَّ خلال أُسبوعين من ولادتهنَّ. أمَّا في الصومال ومصر والتشاد وجمهوريَّة أفريقيا الوُسطى فإنَّ الحالة معكوسة، إذ أظهرت الإحصاءات أنَّ أكثر من 80 بالمئة من البنات خُتنَّ بين سن الخامسة والرابعة عشر. يختلفُ نمط الختان بعض الأحيان باختلاف عرقيَّة الشعب الذي يتبعه، وكذلك فإنَّ السن الذي تُختن فيه الفتاة قد يختلف بين عرقيَّةٍ وأُخرى، ففي كينيا على سبيل المِثال، تُختنُ فتيات قوم «الكيسي» عندما يبلغن العاشرة، بينما تُختن فتيات قوم «الكامبا» عند بلوغهنَّ السادسة عشر.
وفق العرقيَّة
كثيرًا ما تعكس المُسُوح الإحصائيَّة التي تتناول عادة اجتماعيَّة مُعينة ضمن الدولة نسبة أعلى من المُحافظة على هذه العادة على بعض المُستويات الفرعيَّة من تلك الدولة، وبالتحديد ضمن مُجتمعات بعض الأقليَّات العرقيَّة أو الدينيَّة. ففي العراق على سبيل المِثال، يُشاعُ خِتان الإناث بين الكُرد في مدينة أربيل بشكلٍ أساسيّ (58 بالمئة من الإناث اللواتي يتراوح سنّهُنَّ بين 15 و49 سنة وفق إحصائيَّةٍ أُجريت سنة 2011)، وكذلك بين أكراد مدينتيّ السُليمانيَّة (54 بالمئة)، وكركوك (20 بالمئة)، مما يجعل نسبة الإناث المختونات في العراق ككُل تصل إلى 8 بالمئة.
في بعض الحالات، يُنظرُ إلى هذه المُمارسة على أنَّها دليلٌ على عرقيَّة الشخص، على أنَّ نسبة مُمارستها قد تختلف بين أفراد ذات العرقيَّة باختلاف الدولة التي يسكنون فيها. ففي المناطق الشماليَّة الشرقيَّة من إثيوپيا وكينيا التي تحدُّ الصومال، يُلاحظ أنَّ الصوماليُّون يختنون بناتهم بنسبةٍ تتساوى تقريبًا مع نسبة المختونات في الصومال نفسها. بالمُقابل، تبيَّن أنَّ جميع نساء شعب الفولاني في غينيا اللواتي شملتهُنَّ دراسة إحصائيَّة مُتعلقة بِالختان سنة 2012 أجبن بأنّهُنَّ خُتنَّ بالفعل، بينما لم يُختن من النساء الفولانيَّات في التشاد سوى 12 بالمئة، وعلى جانبٍ آخر تبيَّن أنَّ هذه العرقيَّة هي العرقيَّة الوحيدة التي لا تُختن بناتها في نيجيريا.
وفق نمط الخِتان
سُئلت النساء في الاستبيانات التي قُدِّمت لهُنَّ حول نمط الختان الذي اختبرنه الأسئلة التالية:
هل بُتر أو وُخز شيءٌ من المنطقة المهبليَّة دون إزالة أيَّة أنسجة؟
هل تمَّت إزالة أيَّة أنسجة (أو أشياء أُخرى) من المنطقة المهبليَّة؟
هل تمَّ تخييط منطقتكِ المهبليَّة؟
مُعظم النساء المختونات قلن بأنَّهُنَّ تعرَّضن لِلبتر وإزالة بعض الأنسجة، وهو ما يتوافق مع النمطين الأوَّل والثاني وفق تعريف مُنظمة الصحَّة العالميَّة. ويُلاحظ أنَّ النمطان الأوَّل والثاني يُمارسان بِشكلٍ واسعٍ في مصر، على أنَّ بعض الباحثين يقولون بأنَّ النمط الثاني هو الأكثر شُيُوعًا وفق دراسةٍ أُجريت سنة 2003، بينما أشارت دراسة أُخرى من سنة 2011 أنَّ النمط الأوَّل هو الأكثر شُيُوعًا. أمَّا في نيجيريا فيُلاحظ أنَّ النمط الأوَّل أكثر شُيُوعًا في الجنوب، بينما الأنماط الأكثر تطرُّفًا تُمارس في شمال البلاد.
يتركَّزُ النمط الثالث من ختان الإناث (الختان الفرعوني أو التبتيك) في شمال شرق أفريقيا، وبالأخص في جيبوتي وإريتريا والصومال والسودان. أظهرت دراساتٌ إحصائيَّة أُجريت ما بين سنتيّ 2002 و2006 أنَّ 30 بالمئة من الفتيات المختونات في جيبوتي خُتنَّ ختانًا من النمط الثالث، مُقابل 38 بالمئة في إريتريا و63 بالمئة في الصومال. كذلك، لوحظ وُجود نسبة كبيرة من البنات المختونات ختانًا فرعونيًّا في كُلٍ من النيجر والسنغال، وفي سنة 2013 أظهرت بعض الدراسات أنَّ ثلاثة بالمئة من البنات النيجيريَّات اللواتي تصل أعمارهُنَّ إلى 14 سنة خُتنَّ ختانًا فرعونيًّا. كثيرًا ما يتحددُ نمط الختان الذي تتعرض له الفتاة إلى عرقيَّتها، ففي إريتريا على سبيل المِثال، بيَّنت دراسة أنَّ جميع الفتيات من قوم الحضارب خُتنَّ بهذا الشكل، مُقابل 2 بالمئة فقط من فتيات التغراي، اللواتي قالت غالبيَّتهنَّ بأنّهُنَّ تعرَّضن لِشيءٍ من البتر دون إزالة أيَّة أنسجة.
الأسباب
التأييد النسوي
كتبت الشاعرة الصوماليَّة «ذهب موسى» قصيدةً في سنة 1988 تصف فيها الخِتان على أنَّهُ «الأشجان النسائيَّة الثلاثة»، مُشيرةً في ذلك إلى المراحل الثلاث من الخِتان التي تتعرَّض لها المرأة في حياتها: الختن في الصِغر، وفتح المهبل في ليلة الزفاف، وإعادة فتحه مرَّة أُخرى عند الإنجاب. وعلى الرُغم من المُعاناة التي تمر بها المرأة نتيجة هذا الأمر، يُلاحظ بأنَّ النساء هُنَّ من يُنظمن كُل ما يرتبط بالعمليَّة، ويقفن إلى جانب الفتاة لِإعانتها خِلال إجراء العمليَّة ولِتشجيعها والتهدئة من روعها. كتبت عالمة الإنسانيَّات روز أولدفيلد هايز في سنة 1975 تقول بأنَّ الرجال السودانيين المُتعلمين الذين لا يرغبون بِختن بناتهم (ختانًا فرعونيًّا بِالأخص)، كانوا يجدون بناتهم قد تعرَّضن لِتلك العمليَّة وتمَّ تقطيب أعضائهنَّ التناسُليَّة غالبًا بعد أن تقوم جدَّاتهنَّ بِأخذهنَّ لِزيارة بعض الأقارب.
قارن عالم السياسة الأمريكيّ گاري مكِّي خِتان الإناث بِعمليَّة تقييد القدمين التي كانت النساء الصينيَّات يخضعن لها في قديم الزمان، حيثُ كان يتم إجبار الفتيات الصغيرات على ارتداء أحذيةٍ ضيِّقة جدًا تحول دون نُموّ القدمان بِشكلٍ طبيعي فتبقى صغيرة الحجم، بِدافع العفَّة والشرف ولِكي تجد الفتاة لنفسها زوجًا مُناسبًا، وكانت النساء الكبيرات في السن تُنظم هذا الأمر كذلك، كما هو الحال بِالنسبة لِلختان في الحضارات والثقافات الأُخرى. يرى بعضُ مُؤيدي خِتان الإناث ومُمارسيه أنَّ هذه العمليَّة لا تُحدد وتُميِّز بينهم وبين أبناء العرقيَّات الأُخرى فحسب، بل إنها ترسم حُدودًا بين الجنسين، بحيثُ يُقال أنَّ خِتان الإناث يحول دون «تذكيرهن»، بينما يحول ختان الذُكور دون «تأنيثهم»، وبتعبيرٍ آخر، فإنَّ الختان يُحافظ على أُنوثة البنات وعلى ذُكورة الصبيان.
قالت عالمة الإنسانيَّات السيراليونيَّة الأمريكيَّة «فوامبي أحمد»، المُنتمية إلى شعب الكونو في سيراليون، في نقاشٍ من سنة 2000، أنَّ استئصال بظر المرأة في المُعتقدات والتقاليد الأفريقيَّة جنوب الصحراء الكُبرى هو بِسبب اعتقاد الناس أنَّ هذا الفعل يُتمم أُنوثتها، كما أنَّ المُعتقد الأفريقيَّ المُنتشر في الكثير من البُلدان يُفيد بأنَّ أُنوثة المرأة في رحمها وليس في بظرها. وانطلاقًا من هذا المُعتقد، تقول بأنَّها خُتنت بنفسها سنة 1992، أي عندما كانت تبلغ من العُمر 23 سنة، خِلال إحدى احتفالات الخِتان النسائيَّة المُقامة في بلدتها. وتُضيف بأنَّ خِتان الأُنثى في الثقافة الأفريقيَّة السوداء يعني خُصوبة المرأة ومُحافظتها على عفَّتها لِزوجها، وأنَّ الخِتان هو العمليَّة الأخيرة عند الأفارقة التي يتم من خلالها التخلُّص من آخر مظاهر الخُنوثة عند الطفلة، ويتحدد جنسها كأُنثى بشكلٍ نهائيّ. كتبت عالمة الإنسانيَّات الكنديَّة جانيس بودي واصفةً هذه العمليَّة في سنة 2007: «يُغطَّى جسد الأُنثى بعد ذلك، ويُغلق وتُحبس دماء جهازها التناسُليّ فيها؛ أمَّا جسدُ الذكر فيُعرَّى ويُكشف أمام الحاضرين».
يُلاحظ شُيُوع تفضيل الأعضاء التناسُليَّة الأُنثويَّة الناعمة والجافَّة وعديمة الرائحة في المُجتمعات التي تُمارس الختان الفرعوني، وأنَّ كُلًا من الرجال والنساء يجدُ فرج المرأة مُنفرًا بِحالته الطبيعيَّة. كما يبدو أنَّ الرجال في هذه المُجتمعات يُفضلون شُعُور الدُخول في المرأة المختونة ختانًا فرعونيًّا، أي أنهم يُفضلون الجماع الجاف (دون أن يكون المهبل رطبًا)، الأمر الذي يدفع النساء إلى استعمال بعض المواد لِترطيب أنفُسهنَّ قبل الجماع، ومن تلك المواد المُستعملة: أوراق الأشجار ولحائها، ومعجون تنظيف الأسنان، وزُيوت النعناع مثل مرهم منثول الڤيكس. تُصنِّفُ مُنظمة الصحَّة العالميَّة هذه المُمارسة على أنها شكلٌ من أشكال النمط الرابع لِختان الإناث، لأنَّ الاحتكاك الزائد بين الرجل وزوجته خِلال الجماع يُمكن أن يتسبب بِجُروحٍ ويزيد من إمكانيَّة إصابة المرأة بالتهابات. يُشاعُ في هذه المُجتمعات أيضًا الاعتقاد بأنَّ الخِتان يزيدُ من نظافة وطهارة المرأة، تظرًا لِأنَّ الفرج المختون ختانًا فرعونيًّا يبدو للناظر ناعمًا.
أشارت النسوة اللواتي شملتهنَّ الدراسات البيانيَّة حول أسباب قُبولهنَّ بِالختان، إلى عدَّة دوافع تجعلهُنَّ يُؤيدن هذه العمليَّة، وهي: القُبُول الاجتماعي، والدين، والطهارة والنظافة الشخصيَّة، ولِلحفاظ على العذريَّة، وزيادة حُظوظهُنَّ بِالزواج، ولِزيادة اللذة الجنسيَّة لِلزوج. أشارت دراسةٌ أُجريت في السودان ونُشرت سنة 1983 أنَّ 17.4 بالمئة فقط من النساء عارضن الختان (558 امرأة من أصل 3,210)، وأنَّ أغلبهنَّ فضلن الختان العادي وبتر البظر على الختان الفرعوني. يُلاحظ أنَّ النظرة إلى هذا الأمر تتغيَّر ببطءٍ شديد، ففي دراسةٍ أُخرى أُجريت سنة 2010 في السودان أيضًا، تبيَّن أنَّ 42 بالمئة من النساء اللواتي سمعن بالخِتان رغبن بالحفاظ على هذه العادة واستمرارها. وفي دراساتٍ أُخرى مُتعددة بدايةً من سنة 2006، تبيَّن أنَّ أكثر من 50% من النساء في مالي وغينيا وسيراليون والصومال وغامبيا ومصر كُنَّ يُؤيِّدن الحفاظ على خِتان الإناث وعدم اندثاره في دُولهن، بينما قالت نساءٌ أُخريات في دولٍ أفريقيَّةٍ أُخرى إلى جانب اليمن والعراق أنَّ هذه العادة يجب أن تتوقف وتندثر، على أنَّ بعض الفارق بين أولئك المُؤيدين والرافضين جاء بسيطًا لِلغاية.
الضُغوطات الاجتماعيَّة والجهل
تعتبر مُنظمة اليونيسف أنَّ الخِتان التي تُوافق عليه النساء طوعًا أو تطلبه بنفسها إنَّما هو «عرفٌ اجتماعيّ تفرضه على نفسها»، بحيث تشعر العائلات أنَّ من الواجب عليها خِتان بناتها كي لا يُواجهن النبذ الاجتماعي.
قالت عالمة الإنسانيَّات الأمريكيَّة إلين گرونباوم، أنَّ الختان كان دافع استهزاء بين البنات في السودان خِلال عقد السبعينيَّات من القرن العشرين، فكانت الفتاة الواحدة العربيَّة المختونة تستهزء بنظيرتها الزرميَّة غير المختونة، فتقول لها: «يا غلفة!» ويُقصد بها «يا قذرة»، فترد عليها الفتاة الزرميَّة: «يا مطمورة!» (والمطمورة هي حُفرة يختزن فيها المُزارعون الحنطة والحُبوب، فيفتحونها لِإضافة المزيد من المحصول ثُمَّ يُعيدون إغلاقها، ثُمَّ يفتحوها مُجددًا عند تجميع المزيد من المحصول، وهكذا). وتُضيف گرونباوم أنَّهُ على الرُغم من رد الفتيات الزرميَّات الشتيمة، فإنَّهُنَّ كُنَّ يسألن أُمَّهاتهنَّ عن سبب هذه المُشادة، وعن سبب عدم ختنهنَّ كالفتيات العربيَّات.
تُعاني الكثير من الدُول التي يُمارس فيها خِتان الإناث من ضعف التعليم وقلَّة نسبة المُتعلمين وتفشّي وانتشار الجهل في صُفوف المُواطنين، وصُعوبة الوُصول إلى المعلومات المكتوبة أو الإلكترونيَّة، وبالتالي فإنَّ العلاقة السببيَّة بين الخِتان وأضراره الصحيَّة تكون تقريبًا معدومة أو شبه معدومة عند نساء تلك البلاد، فلا يربطن بين الأضرار والأمراض التي لحقت بهنَّ وبين الخِتان ذاته. أشار عالم السياسة الأمريكي گاري مكِّي أنَّ رئيسة جمعيَّة النساء في قرية «مدينة شريف» في السنغال، المدعُوَّة «لاله بالديه»، قالت بأنَّ الفتيات اللواتي مرضن أو مِتنَ سنة 1998 قيل بأنَّ مرد ذلك هو الأرواح الشريرة. ولمَّا أعلمهُنَّ مكِّي بأنَّ سبب المرض أو الوفاة هو المُضاعفات الناجمة عن الخِتان، قال بأنَّ الكثير منهُنَّ انهرن وبكين بِحرارة. كما قال أنَّ البيانات التي أُخذت من النساء بعد هذا الإفصاح أظهرت تفاوتًا كبيرًا في تأييد النساء لِهذه العمليَّة.
أقدمت مؤسسة «توستان» اللاربحيَّة الأمريكيَّة، التي تأسست على يد «مولي ملچينگ» سنة 1991، على إدخال عدَّة برامج تمكين اجتماعي في عددٍ من البُلدان، تهدف إلى محو الأُميَّة وتثقيف الناس وتأمين الرعاية الطبيعيَّة ودعم جُهود تثبيت الديمُقراطيَّة ومنح النساء القدرة المعنويَّة اللازمة كي يتخذن قراراتهنَّ بِأنفُسهنَّ. وفي سنة 1997، أصبحت قرية «ماليكوندا بمبارة» في غرب السنغال، أوَّل قرية في البلدان تستغني عن الخِتان النسائي بِفضل جُهُود مؤسسة توستان سالِفة الذِكر. وبِحُلول سنة 2016، كان أكثر من 7,300 مُجتمع محلّي مُوزعين على ستَّة دُول قد تعهدوا بِهجر خِتان الإناث وزواج الأطفال.
دوافع دينيَّة
أظهرت المُسُوح البيانيَّة أنَّ قسمًا كبيرًا من الناس في كُلٍ من مالي وموريتانيا وغينيا ومصر تؤمن بأنَّ خِتان الإناث ضرورة وواجبٌ دينيّ. وتقول إلين گرونباوم أنَّ المؤمنين بِضرورة القيام بهذه العمليَّة إلى جانب الخَتَنة أنفُسهم لا يُميزون أغلب الأحيان بين الواجب الديني، والعُرف والتقليد الاجتماعي، ومفهوم العفَّة والطهارة، مما يجعل تفسير البيانات التي تمَّ الحُصُول عليها أمرًا عسيرًا لِلغاية.
كان خِتانُ الإناث شائعًا في شمال شرق أفريقيا قبل الفُتُوحات الإسلاميَّة وقبل انتشار الإسلام في تلك البلاد، على أنَّ هذه المُمارسة رُبطت بِالإسلام بسبب تركيزه على عفَّة البنات والنساء، ولأنَّ بعض العُلماء المُسلمين قالوا بِوُجوبه، على الرغم من أنَّ القرآن لم يأتِ على ذِكر هذا الأمر على الإطلاق، وإنما ورد ذكره في عددٍ من الأحاديث النبويَّة التي تُحبذه دون أن تفرضه. وفي سنة 2007، صدر عن المجلس الأعلى لِلأبحاث الإسلاميَّة في جامعة الأزهر بِالقاهرة بيانًا قيل فيه أنَّ خِتان الإناث ليس له ركيزة في الشريعة الإسلاميَّة ولا في أيٍ من أحكامها الفرعيَّة.
لم يأتِ الكتاب المُقدَّس على ذِكر خِتان الإناث أو فرضه، على إنَّ عدَّة مُجتمعات مسيحيَّة في أفريقيا خُصوصًا تُمارسه بِغض النظر عن ذلك، ولم تظهر مُعارضته إلَّا على يد البعثات التبشيريَّة الأوروپيَّة. أشار تقريرٌ لِليونيسف صدر سنة 2013 أنَّ 55 بالمئة من النساء المسيحيَّات في نيجيريا خُتنَّ، مُقابل 2 بالمئة فقط من النساء المُسلمات النيجيريَّات. الطائفة اليهوديَّة الوحيدة التي يُعرف أنَّها تُمارس خِتان الإناث هي طائفة «بيت إسرائيل» الحبشيَّة، علمًا بأنَّ اليهوديَّة تفرض خِتان الذُكور وتُحرِّم خِتان الإناث. إلى جانب المُعتقدات السماويَّة، تُمارسُ بعض الطوائف والجماعات الإحيائيَّة خِتان الإناث، خُصوصًا في غينيا ومالي.
الختان في الأديان
الخفاض في الإسلام
لم يقُل أي من الفُقهاء بأنَّ الخفض حرام أو مكروه تحريمًا أو تنزيهًا. وله مشروعيَّة وجواز في الجُملة عند الجميع، وإن تجاوز الحُدود الشرعية المُتَّفق عليها يُحرَّم. واختلف عُلماء الفقه والمذاهب المُختلفة في حُكم الخفاض بين من يُوجبه ومَن يستحبه، ومَن يقول: إنَّهُ مُجرَّد مَكرُمة للمرأة. فعند الأحناف مكرمة، وعند المالكيَّة مندوب، وعند الشافعيَّة واجب، وعند الحنابلة مكرمة غير واجب، وعند الإباضية مكرمة غير واجب.
قال النووي: «الختان في المرأة: قطع أدنى جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج وهي فوق مخرج البول، تشبه عرف الديك»، وقال الحافظ العراقي: «الختان هو قطع القلفة التي تغطي الحشفة من الرجل، وقطع بعض الجلدة التي في أعلى فرج المرأة، ويُسَمَّى ختان الرجل إعذارًا، وختان المرأة خفضًا»، وقال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني: «أعلم أن ختن النساء كان معروفًا عند السلف خلافًا لما يظن من لا عِلْمَ عنده». وقال مفتي الأزهر الإمام جاد الحق علي جاد الحق: «أن ختان البنات من سُنن الإسلام وطريقته لا ينبغي إهمالها، بل يجب الحرص على ختانهنَّ بالطريقة والوصف الذى علمه رسول الله Mohamed peace be upon him.svg لأم حبيبة، وينبغي البعد عن الخاتنات اللاتي لا يُحسنَّ هذا العمل. وقد وكَّل الله سبحانه وتعالى أمر الصغار إلى آبائهم وأولياء أمورهم. فمن أعرض عنه كان مضيعًا للأمانة التى وُكِّلت إليه». وقال ابن باز «الختان من سُنن الفطرة، وهو لِلذُكور والإناث، إلَّا أنَّهُ واجبٌ في الذُكور، وسُنَّة ومكرمة في حق النساء». وقال أبو حفص سراج الدين الحنبلي الدمشقي: «أمَّا ختان المرأة، فشَفران مُحيطان بثلاثة أشياء: ثُقْبة في أسفل الفَرْج، وهو مدخل الذَّكَر، ومخرج الحَيْض والوَلَد، وثُقبة أخرى فوق هذه مثل إحليل الذَّكَر، وهي مخرج البول لا غير، وفوق ثُقبة البول موضع ختانها، وهنا كجلدة رقيقة قائمة مثل عُرْف الدِّيك، وقَطْع هذه الجلدة هو ختانها». وقال الشيخ علَّام نصار: «ختان الأنثى من شعائر الإسلام، وردت به السُنَّة النبويَّة، واتفقت كلمة فُقهاء المُسلمين وأئمتهم على مشروعيَّته مع اختلافهم في كونه واجبًا أو سُنَّة، فإننا نختار في الفتوى: القول بسُنيَّته لترجُّح سنده ووُضوح وجهته، والحكمة في مشروعيَّته ما فيه من تلطيف الميل الجنسي في المرأة، والاتجاه به إلى الاعتدال المحمود».
كذلك، قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية: « تُختتن المرأة، وختانها أن تقطع أعلى الجلدة التي كعرف الديك. قال رسول الله Mohamed peace be upon him.svg للخافضة: وهي الخاتنة "أشمي ولا تنهكي، فإنه أبهى للوجه، واحظى لها عند الزوج." يعني: لا تبالغي في القطع، وذلك أن المقصود بختان الرجل تطهيره من النجاسة المحتقنة في القلفة، والمقصود من ختان المرأة تعديل شهوتها فإنها إذا كانت قلفاء كانت مغتلمة، شديدة الشهوة. ولهذا يوجد من الفواحش في نساء التتر والإفرنج ما لا يوجد في نساء المُسلمين، وإذا حصلت المبالغة في الختان ضعفت الشهوة فلا يكمل مقصود الرجل فإذا قطع من غير مبالغة حصل المقصود باعتدال». وقال ابن قيم الجوزيَّة: «لا خلاف في استحباب الختان للأنثى واختُلف في وُجوبه». وقال الشيخ عطيَّة صقر: «إنَّ الصيحات التي تُنادي بحُرمة خِتان البنات صيحات مخالفة لِلشريعة، لأنَّهُ لم يرد نصٌ صريح في القُرآن والسُنَّة ولا قول للفُقهاء بحُرمته، فختانهُنَّ دائرٌ بين الوُجوب والندب. وإذا كانت القاعدة الفقهيَّة تقول: حُكم الحاكم برفع الخلاف فإنَّهُ في هذه المسألة له أن يحكم بالوُجوب أو الندب، ولا يصح أن يحكم بالحُرمة، حتَّى لا يُخالف الشريعة التي هي المصدر الرئيسي للتشريع في البلاد التي ينص دستورها على أنَّ الإسلام هو الدين الرئيسي للدولة ومن الجائز أن يُشرَّع تحفُظات لحسن أداء الواجب والمندوب بحيث لا تتعارض مع المُقرَّرات الدينية».
وقالت جمعية «أم عطية الأنصاريَّة» أنَّ الفرق بين الختان الشرعي والفرعوني واضح ولكن يُتعمَّد اللبس لتشويش الصورة ولتمرير مفاهيم اجتماعيَّة غربية. ويكون الخفض مشروعًا للائي في حاجةٍ إلى الختان ويعرف ذلك عن طريق طبيبة مُسلمة، ذات خبرة بخِتان الإناث. وقال الإمام يُوسُف القرضاوي أنَّ تحريم الختان لِلإناث يكون في حالة تجاوز الإشمام إلى النهك، أي الاستئصال والمبالغة في القطع، التي تحرِم المرأة من لذَّة مشروعة بغير مبرِّر، وهو ما يتمثَّل فيما يُسمونه «الخفاض الفرعوني»، أو أن يباشر هذا الختان الجاهلات من القابلات وأمثالهنَّ، وإنما يجب أن يقوم بذلك الطبيبات المُختصَّات الثُقات، فإن عُدمن قام بذلك الطبيب المُسلم الثقة عند الضرورة، وأن تكون الأدوات المُستخدمة مُعقَّمة وسليمة، ومُلائمة للعمليَّة المطلوبة، وأن يكون المكان مُلائمًا، كالعيادات والمُستشفيات والمراكز الصحيَّة، فلا يجوز استخدام الأدوات البدائيَّة، وبطريقةٍ بدائيَّة، كما يحدث في الأرياف ونحوها. وأضافت الدكتورة آمال أحمد البشير أنَّ الخُطوات الصحيحة في الختان الشرعي للائي في حاجة لهنَّ لا يُشكَّل أي خُطورة، وشرحت أنَّ الخُطوات تبدأ بتهيئة الطفلة من الناحية النفسيَّة واختيار الوقت المُناسب للطفلة والتأكُّد من عدم وُجود حالات نزف دموي وراثي بالأُسرة، وأيضًا عدم وُجود تشوُّهات خَلقية بالأعضاء التناسُليَّة لِلطفلة، ويجب أن يكون بمعدات مُعقَّمة واستخدام محاليل الإيثانول واستخدام البنج الموضعي بواسطة حقنة صغيرة ومن ثُمَّ إزالة الطبقة السطحيَّة والداخليَّة للقلفة دون قطع رأس البظر أو أي من جلد جسم البظر، والانتهاء بالتنظيف ومسح الڤازلين ووضع القطن ومُراعاة عدم ترك فُرصة لِحُدوث التصاقات ومُتابعة نظافة الجرح في الأيَّام التالية بواسطة الماء والصابون أو الماء والملح. وذكر الدكتور مُحمَّد علي البار أنَّهُ يُفضِّل استخدام الطُرق الطبيَّة التشريحيَّة والتي ثبت أنها أفضل الطُرق وأبعدها عن حُدوث المُضاعفات.
في المسيحيَّة واليهوديَّة
يمارس الختان للإناث عند الأقباط المسيحيين في مصر والسودان تبعًا للعادات الاجتماعيَّة وليس له سبب ديني أو عقائدي، إذ أنَّ الأقباط - كما المُسلمين في مصر - ربطوا تلك المُمارسة السابقة على المسيحيَّة بِالعفَّة والطهارة قبل الزواج وبعد الزواج، على الرُغم من أنَّ الكنيسة المصريَّة كان لها دائمًا موقف رافض لِتلك العادة الاجتماعيَّة القديمة. ففي نهاية القرن الثالث عشر الميلادي سُئل الأنبا أثناسيوس أسقف مدينة قوص عمَّا إذا كان يجوز ختان البنات، فكان جوابه قاطعًا: «لا رُخصة لهُنَّ في ذلك، لا قبل عمادهنَّ ولا بعد». كما أشار العُلماء المسيحيُّون أنَّ الله حينما خلق الإنسان خلق كُل شيء فيه حسنًا، وكُل عضو في جسده له وظيفته ودوره. فهذه العادة تُشوِّه خلقه الله الحسنة، كما أنها تُفقد الأعضاء التناسُليَّة في جسد المرأة دورها ووظيفتها الطبيعيَّة، التي خلقها الله من أجلها. لِذلك لا يُمكن لِلمسيحيَّة أن تؤيِّد مثل هذا التشويه المُتعمَّد لِجسد المرأة، الذي كرمه الله، وخلقه في أحسن تقويم. وأشارت الكنيسة القبطيَّة الكاثوليكيَّة أنَّ ختان الإناث في المسيحيَّة يُعتبر جريمة وخطيئة جسيمة قد تتسبب في منع من قام بها ومن اشترك في إجرائها من طبيب ومساعدين ووالدين بالحرم الكنسي من ممارسة الأسرار المُقدَّسة. وتقول الكنيسة في هذا المجال أنَّ هذه العادة لا تحمي الفتاة من الانحراف، كما قد يتصوَّر البعض، فالعفَّة تبدأ من القلب والطهارة تبدأ من الداخل، كما قال المسيح: «اَلإِنْسَانُ الصَّالِحُ مِنَ الْكَنْزِ الصَّالِحِ فِي الْقَلْب يُخْرِجُ الصَّالِحَاتِ، وَالإِنْسَانُ الشِّرِّيرُ مِنَ الْكَنْزِ الشِّرِّيرِ يُخْرِجُ الشُّرُورَ». أمَّا بالنسبة لِليهود فإنَّ الفرقة اليهوديَّة الوحيدة التي تسمح بِختان الإناث هم يهود الفلاشا الأحباش.
ختان الإناث عبر التاريخ
إنَّ أُصول وجُذور خِتان الإناث غير معلومة، ولا يُعرف على وجه الدقَّة أيُّ الحضارات البشريَّة التي اتبعتها أولًا. على أنَّ نُقطة التقاء هذه المُمارسة في أفريقيا، شمالًا-جنوبًا، وشرقًا-غربًا، هي في السودان. اقترح گاري مكِّي أن يكون خِتان الإناث قد ظهر بدايةً في الحضارة المرويَّة (حوالي 800 ق.م - 350م) جنبًا إلى جنب مع تعدُّد الزوجات، قبل قُرونٍ من بُزوغ فجر الإسلام، ولعلَّ الهدف من وراء ذلك كان إثبات أُبوَّة الأطفال وضمان نسبتهم إلى والدهم ووالدتهم، والحيلولة دون اختلاط الأنساب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق