فاطمة بنت الشيخ المؤذن إبراهيم السيد البلتاجي وتعرف أيضاً بعدة ألقاب أبرزها أم كلثوم ومنها: ثومة، الجامعة العربية، الست، سيدة الغناء العربي، شمس الأصيل، صاحبة العصمة، كوكب الشرق، قيثارة الشرق، فنانة الشعب. هي مغنية وممثلة مصرية، ولدت في محافظة الدقهلية بالخديوية المصرية في 31 ديسمبر 1898م أو رسميًا حسب السجلات المدنية في 4 مايو 1908م، وتوفيت في القاهرة بعد معاناة مع المرض في 3 فبراير 1975م. وتعد أم كلثوم من أبرز مغني القرن العشرين الميلادي، وبدأت مشوارها الفني في سن الطفولة، اشتهرت في مصر وفي عموم الوطن العربي.
الحياة الشخصية
أم كلثوم مع أبيها الشيخ إبراهيم
ولدت فاطمة لأسرة متواضعة في قرية ريفية تسمى طماي الزهايرة، في مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية، الخديوية المصرية، كان والدها الشيخ إبراهيم إمام ومؤذن لمسجد في القرية، ووالدتها فاطمة المليجي تعمل كربة منزل. تضاربت مصادر تاريخ ميلادها الدقيق، فبعض المصادر تشير إلى أن تاريخ ميلادها يعود لتاريخ 30 ديسمبر 1898م، ومصادر أخرى ترجح أن ميلادها يرجع لتاريخ 4 مايو 1908م وهو المذكور في سجل مواليد المحافظة. عاشت العائلة في مسكن صغير مُشيد من طوب طيني. وكانت حالة الدخل المادي للأسرة منخفضة، حيث إن المصدر الرئيس للدخل هو أبيها الذي يعمل كمُنشد في حفلات الزواج للقرية.
وبالرغم من الحالة المادية الصعبة للأسرة إلا أن والديها قاما بإلحاقها بكتاب القرية لتتعلم وتعلمت الغناء من والدها في سن صغيرة، فبرزت موهبتها المميزة، وعلمها أيضاً تلاوة القرآن، وذكرت أنها قد حفظته عن ظهر قلب. وذات مرة سمعت أباها يُعلم أخيها خالد الغناء، حيث كان يصطحبه ليغني معه في الاحتفالات، فعندما سمع ما تعلمته انبهر من قوة نبرتها، فطلب منها أن تنضم معه لدروس الغناء، وبدأت الغناء بسن الثانية عشر وذلك بعدما كان يصطحبها والدها إلى الحفلات لتغني معه وكانت تغني وهي تلبس العقال وملابس الأولاد. وبعدما سمعها القاضي علي بك أبو حسين قال لوالدها: لديك كنز لا تعرف قدره... يكمن في حنجرة ابنتك، وأوصاه بالاعتناء بها.
بدأ صيت أم كلثوم يذيع منذ صغرها، حين كان عملها مجرد مصدر دخل إضافي للأسرة، لكنها تجاوزت أحلام الأب حين تحولت إلى المصدر الرئيس لدخل الأسرة، أدرك الأب ذلك عندما أصبح الشيخ خالد ابنه المنشد وعندما أصبح الأب ذاته في بطانة ابنته الصغيرة. وفي ذات مرة تصادف أن كان أبو العلا معها في القطار وسمعها تردد ألحانه دون أن تعرف أنه معها في القطار، وذلك بعد عام 1916م حيث تعرف والدها على الشيخين زكريا أحمد وأبو العلا محمد الذين أتيا إلى السنبلاوين لإحياء ليالي رمضان وبكثير من الإلحاح أقنعا الأب بالانتقال إلى القاهرة ومعه أم كلثوم وذلك في عام 1922م. كانت تلك الخطوة الأولى في مشوارها الفني. حينها أحيت ليلة الإسراء والمعراج بقصر عز الدين يكن باشا وأعطتها سيدة القصر خاتما ذهبيا وتلقت أم كلثوم 3 جنيهات أجراً لها.
تزوجت من السيد حسن السيد الحفناوي في عام 1954الى عام 1975.
الحياة الفنية
البدايات
عادت إلى القاهرة لكي تستقر نهائياً في عام 1921م. وكانت تغني في مسرح البوسفور في ميدان رمسيس بدون فرقة موسيقية. وغنت على مسرح حديقة الأزيكية واشتهرت بقصيدة وحقك أنت المنى والطلب وتعد هذه أول إسطوانة لها صدرت في منتصف العشرينيات وبيع منها ثمانية عشر ألف إسطوانة. وتعلمت أم كلثوم لاحقاً من أمين المهدي أصول الموسيقى، وكذلك تعلمت عزف العود على يدي أمين المهدي ومحمود رحمي ومحمد القصبحي.
في عام 1923م غنت في حفلات كبار القوم، كما غنت في حفل حضرته كبار مطربات عصرها وعلى رأسهم منيرة المهدية شخصياً والتي كانت تلقب بسلطانة الطرب، والتقت في نفس العام بالموسيقار محمد عبدالوهاب لأول مرة بحفلة أقيمت في منزل والد أبي بكر خيرت.
في عام 1924م تعرفت إلى أحمد رامي عن طريق أبو العلا، في إحدى الحفلات التي أدت أم كلثوم فيها أغنية الصب تفضحه عيونه كان أحمد رامي حاضراً بعد أن عاد من أوروبا، فأدرك أنه قد وجد هدفه. غير أن البداية الحقيقية كانت عندما سمعها محمد القصبجي الملحن المجدد وقتها. في نفس العام 1924م، تعرفت أم كلثوم إلى طبيب أسنان يهوى الموسيقى هو أحمد صبري النجريدي أول ملحن يلحن لأم كلثوم ألحانا خاصة بها، إلا أن ألحانه اعتمدت على الزخارف الموسيقية بشكل مبالغ به مما دفع أم كلثوم إلى إنهاء التعاون معه مبكراً.
أول فرقة موسيقية
بدأ محمد القصبجي في إعداد أم كلثوم فنيا ومعنويا مشكلًا لها فرقتها الخاصة، وأول تخت موسيقي يكون بديلا لبطانة المعممين التي كانت معها دائما، عندما شنت روز اليوسف والمسرح هجوما صاعقا على بطانتها. لعل هذا ما جعل أباها يتخلى عن دوره كمنشد وينسحب هو والشيخ خالد. بعد ذلك بعام تقريبا خلعت أم كلثوم العقال والعباءة وظهرت في زي الآنسات المصريات، وذلك بعد أن توفى الشيخ (أبو العلا محمد) الذي ترك فيها تأثيرا روحيا عظيما وكان مرشدها في عالم الطرب.
كان شائعًا في أوائل القرن العشرين أن يقدم المطربون قصائد بعينها بصرف النظر عن تفرد أحدهم بها، وكانت المباراة بين المطربين تكمن في كيفية أداء نفس القصيدة. وهكذا أدت أم كلثوم قصيدة (أراك عصي الدمع) مرة من ألحان السنباطي، ومرة أخرى من ألحان عبده الحامولي عام 1926.
الأغاني التي غنتها أم كلثوم
طوف وشوف
شمس الأصيل
حق بلادك
نصره قويه وفرحه هنيه
صوت بلدنا
مصر التي في خاطري وفي دمي (صوت الوطن)
ياسلام على عيدنا
نشيد الجلاء ( يا مصر إن الحق جاء)
بأبي وروحي
مصر تتحدث عن نفسها
بعد الصبر ماطال
بطل السلام
الوحدة (يا ربي الفيحاء)
صباح جدي
ياجمال يامثال الوطنية
صوت السلام
فرحة القنال ( ما احلاك يا مصري )
أنا فدائيون
ثوار ثوار
قم واسمعها من أعماقي
راجعين بقوة السلاح
أنشودة الجيش
والله زمان يا سلاحي
مصر تتحدث عن نفسها
نشيد الجامعة
النيل (أغنية)
نشيد الطيران
بغداد يا قلعة الأسود
يا حبنا الكبير
الفجر الجديد
محلاك يا مصري
منصورة يا ثورة أحرار
قصة السد ( كان حلما فخاطرا)
بالسلام احنا بدينا
باسم مين
الزعيم والثورة (بالمحبة والأخوة)
شعب العراق
يا صوت بلدنا
على باب مصر
حولنا مجرى النيل
قوم بإيمان وبروح وضمير (حق بلادك)
طريق واحد (أصبح عندي الآن بندقية)
مصر (أجل إن ذا يوم لمن يفتدي مصر)
رسالة إلى جمال عبد الناصر بمناسبة وفاة جمال عبد الناصر 1970
يا سلام على الأمة
إن يغب عن مصر (ذكرى سعد) 1927
ميلاد الملك (اجمعي يا مصر) 1937
إرفعي يامصر أعلام السرور بمناسبة زواج الملك 1938
أشرقت شمس التهاني بمناسبة زواج الملك فاروق 1938
يا أغاني السماء بمناسبة ميلاد الأميرة فريال 1938
مبروك على سموك بمناسبة زفاف ولي عهد إيران والأميرة فوزية 1939
يا بدر لما جبينك لاح ذكرى زواج الملك 1940
لاح نور الفجر بمناسبة عيد جلوس الملك 1941
أميرة الوادي (زهرة هلت على فجر الحياة) بمناسبة ميلاد الأميرة فادية 1942
تحية الربيع (تغنى بحبك موج النهر) بمناسبة عيد جلوس الملك 6 مايو 1944
زهر الربيع بمناسبة إنشاء جامعة الدول العربية 1945
أيقظي يا طير نعسان الورود بمناسبة عيد ميلاد الملك 1946
بزوغ نجمها
في عام 1928 تغني مونولوج (إن كنت أسامح وأنسى الآسية)، لتحقق الأسطوانة أعلى مبيعات وقتها على الإطلاق ويدوي اسم أم كلثوم بقوة في الساحة الغنائية، وهو نفس العام الذي لحنت فيه أم كلثوم أغنية (على عيني الهجر) بنفسها لنفسها!..
وفي 31 مايو 1934م بعد افتتاح الإذاعة المصرية كانت أم كلثوم أول من غنى فيها.
التعاون مع السنباطي
في عام 1935 غنت ام كلثوم (علي بلد المحبوب وديني) من ألحان ملحن شاب رياض السنباطي، وقد ظل السنباطي يلحن لأم كلثوم ما يقرب من 40 عاما، ويكاد يكون هو ملحنها الوحيد في فترة الخمسينات، بعدها بعام لحنت أغنية (يارتني كنت النسيم) في ثاني وآخر تجربة لها وكانت تجربتها الأولي أغنية (على عيني الهجر) عام 1928.
في عام 1943م أسست أول نقابة للموسيقيين برئاستها وظلت بمنصبها مدة عشر سنوات.
في عام 1946 غنت 3 قصائد من ألحان السنباطي وكلمات أحمد شوقي، غنت (سلوا قلبي) التي أخذت بعدا سياسيا في أبياتها التي تقول
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
كان ذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ونكوص الإمبراطورية البريطانية عن وعدها بمنح مصر الاستقلال التام، وغنت قصيدة (ولد الهدي)، ويصل طلب من القصر بتغيير كلمة "الاشتراكيون" في البيت الذي يقول:
الاشتراكيون أنت إمامهم لولا دعاوي القومُ والغلواءُ
كان هذا في عصر بروز التيار اليساري الذي لم يكن يتماشي مع اتجاهات القصر ولا رغبات الملك، إلا أنها أصرت علي عدم تغيير أي كلمة، وغنت أيضا في ذلك العام
أروع ما غنت في المديح النبوي نهج البردة.
في سنة 1966 غنت من الحان رياض السنباطي قصيدة الأطلال من كلمات الشاعر إبراهيم ناجي وكان غناؤها لهذه الأغنية بعد عام واحد من غنائها لاغنية أنت عمري من الحان محمد عبد الوهاب، وكان ذلك بمثابة رد من السنباطي على عمل عبد الوهاب أنت عمري الذي حقق نجاحًا كبيرًا وأثبت السنباطي أيضًا قدرته الفائقة علي تلحين القصائد
التي تكتب بالفصحي وحققت الأطلال نجاحًا قويًا.
من أشهر الاغاني التي غنتها انا وانت ظلمنا الحب -الحب كده-هجرتك يمكن انسى هواك.
ثورة يوليو
ثورة تامة اجتاحت مصر وتم التعامل بعدوانية شديدة مع كل ما يخص عهد الملك السابق، فتم منع إذاعة أغاني أم كلثوم من الإذاعة نهائيا وطردها من منصب (نقيبة الموسيقيين) باعتبارها (مطربة العهد البائد). لم يكن هذا قرارا من مجلس قيادة الثورة. لكنه قرار فردي تم اتخاذه من قبل الضابط المشرف على الإذاعة.
برغم أن أم كلثوم غنت للجيش المحاصر في الفالوجا أثناء حرب فلسطين أغنية (غلبت أصالح في روحي)، ذلك الجيش الذي كان بين أفراده عبد الناصر وأنور السادات. إلا أنه تم اعتبارها ضد الثورة بسبب حصولها علي قلاده صاحبه العصمة وغنائها للملك أكثر من مرة منها أغنية عام 1932 في حضور الملك فؤاد:
أفديه ان حفظ الهوى أو ضيعا ملك الفؤاد فما عسى أن أصنعا
وصل الموضوع إلى جمال عبد الناصر شخصيا، الذي ألغى هذا القرار، ويذكر أن الذي أوصل إليه الموضوع هو مصطفى أمين في سبتمبر 1952 وعلى إثر نزاع على منصب النقيب يتم إلغاء انتخابات النقابة، ويتم تعيين محمد عبد الوهاب نقيبا للموسيقيين. على إثر هذا الموقف وما تردد عن مساندة بعض الضباط الأحرار لعبد الوهاب؛ تُبَلِغ أم كلثوم قرار اعتزالها إلى الصاغ أحمد شفيق الأبو عوف.
الذي نقله إلى مجلس قيادة الثورة، فذهب إليها وفد مكون من جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وصلاح سالم لإقناعها بالعدول عن رأيها، لقد أثرت هذه اللحظة فيها كثيرا جدا كما ظهر فيما بعد من أغانٍ لها ومواقف، وحملت إعجابا جارفا بعبد النـاصر وبمواقفه ككل الشعب آنذاك، ويتجلى ذلك في أغنية مثل (بعد الصبر ما طال نهض الشرق وقال، حققنا الآمال برياستك يا جمال) أو (يا جمال يا مثال الوطنية..أجمل أعيادنا المصرية برياستك للجمهورية)
تم تدارك كل ما حدث سابقا في حق أم كلثوم بعد أن هدأت الأمور.. والثابت أن الثورة -بعد ذلك- أعطتها دافعا معنويا قويا، حتى أنها رأست اللجنة التي أشرفت على اختيار السلام الوطني الجديد للجمهورية، حيث أيدت أم كلثوم النشيد الوطني الذي أعده عبد الوهاب إلا أن الدكتور حسين فوزي أثبت أن النشيد منقول من اسطوانة للموسيقار التشيكي بيللا برنوك بعد ادخال عدة تعديلات عليه.
في 19 ديسمبر 1952 تم تكوين اللجنة الموسيقية العليا التي كانت من أعضائها وبجانبها (السنباطي) وعبد الوهاب. وفي عام 1953 تنتخب كعضو شرفي في جمعية مارك توين العالمية نفس الجمعية التي من أعضائها الشرفيين دوايت ايزنهاور وونستون تشرشل وثيودور روزفلت. وفي نفس العام.. تحديدا 8 يوليو يتوفي أخوها خالد، الشيخ خالد الذي كان من المفترض أن يكون صييت الأسرة.
مرض
عام 1954 خفضت أم كلثوم جدول حفلاتها الموسيقية بسبب المشاكل الصحية التي تعاني منها. ويُذكر أن النظارة السوداء التي كانت ترتديها بشكل مستمر كانت بسبب مرض الغدة الدرقية الذي أدى إلى جحوظ عينيها، حيثُ كان هذا سبباً أيضاً لإيقافها لنشاطها التمثيلي الذي اقتصر على 6 أفلام.
زواجها
عام 1954 تزوجت أم كلثوم من د. حسن السيد الحفناوي واستمر الزواج حتى وفاتها.
واقعة فريدة
في 29 أكتوبر عام 1956 غنت أم كلثوم نشيد صلاح جاهين (والله زمان ياسلاحي) الذي أصبح نشيدا قوميا. ذلك النشيد الذي أتى به لها كمال الطويل ذات ليلة حدثت فيها غارة وحفظت النشيد على ضوء الشموع.. وحين قررت أن تسجله في محطة الإذاعة بشارع الشريفين يعترض أغلب الموسيقين خوفا من إعلان إسرائيل أنها ستضرب محطة الإذاعة فقررت أم كلثوم أن تسجل النشيد.
مسلسل رابعة العدوية
في تلك الفترة – الخمسينات- تغني (مصر التي في خاطري) و(أنشودة الجلاء) و(هسيبك للزمن) وتشارك في مسلسل اذاعي هو مسلسل رابعة العدوية حيث تشترك بتقديم الأغاني في المسلسل، أغانٍ مثل: (على عيني بكت عيني)، (لغيرك ما مددت يدا)، (يا صحبة الراح)، (حانت الأقدار)، (الرضا والنور)، (عرفت الهوى مذ عرفت هواك).. تلك الأغاني التي تم استعمالها في الفيلم الشهير (رابعة العدوية) التي قامت ببطولته هي ثم اعيد الفلم مرة أخرى لكن قام بدور البطولة نبيلة عبيد.
وعلى سبيل التوثيق نثبت ما قالته مجلة نيوز ويك عام 1956: ان صوت أم كلثوم هو الصوت المفضل المحبوب في جميع أنحاء الشرق الأوسط بًا لإضافة إلى أن المجلة وصفتها بـ(ملكة بلاد العرب).
الستينيات
في الستينات تعيش أم كلثوم أزهى عصورها الفنية على الإطلاق، الحقيقة أن الخمسينات لم تنتهِ إلا بواقعة غريبة وهي أن كلب أم كلثوم عض أحد المارة وبرأتها النيابة. فيما بعد كتب شاعر العامية أحمد فؤاد نجم قصيدة (كلب الست) الشهيرة. لم تمر هذه الواقعة بدون ضجيج حيث اعترض أساتذة جامعة الحقوق على قرار النيابة واعتبرته محاباة لأم كلثوم بل إن الأمر سيصل إلى صفحات الأهرام الجريدة الرسمية الأولى.
أم كلثوم وبليغ حمدي
تنهي أم كلثوم عام 1959 بأغنيتها الرقيقة (هجرتك) من كلمات أحمد رامي وألحان العبقري رياض السنباطي.. وتفتح موسم الستينات بأغنيتها الشهيرة (أنت فين والحب فين). ولهذه الأغنية قصة معروفة وهي أنه في أحد اللقاءات بين أم كلثوم ومحمد فوزي صاحب شركة مصر فون قبل التأميم، عرض عليها أن يسمعها لحنا لملحن شاب يعجبه كثيرا، كان هذا الشاب هو بليغ حمدي، يسمعها بليغ حمدي اللحن، كان الهدف فقط أن تسمع لحنه الذي كانت ستغنيه إحدى المطربات إلا أنها تطلب منه أن يعيد اللحن مرة أخرى وأخرى حتى تعرض عليه أن تغني الأغنية!. منذ هذا التاريخ يلحن لها بليغ أغنية واحدة على الأقل سنويا.
تنهي عام 1961 بأغنية (هوا صحيح الهوى غلاب)، يموت بيرم صاحب الأغنية قبل الحفلة التي تغني فيها هذه القصيدة ويموت بعده بشهر واحد زكريا أحمد ملحن الأغنية وصديق بيرم الوفي في 14 فبراير بعد أن انتهت مشاكله مع أم كلثوم بشكل ودي. من المؤكد ان الستينات كانت نقطة تحول في حياة أم كلثوم وبرغم أن أشهر أغانيها قد غنت في تلك الفترة إلا أن هناك الكثيرون يرون أنها كانت من أقل فتراتها الفنية باستثناء بعض الأغاني المعدودة.
لو أردنا الإنصاف فإن أم كلثوم في هذه الفترة وحتى وفاتها أصحبت أيقونة مقدسة في حياة المصريين. كتب جودون جسكيل في مجلة لايف: إن تغييرا يشمل حياة الناس في الشرق الأوسط على اختلاف طبقاتهم وأعمارهم وعقائدهم مرة في كل شهر ودائما في العاشرة مساء فالمرور يكاد يتوقف في القاهرة وفي مقاهي الدار البيضاء تختفي الطاولة وفي بغداد يترك الأغنياء تجارتهم والمثقفين كتبهم وتفرغ الشوارع من المارة وكلهم آذان تتركز على إذاعة القاهرة في انتظار أم كلثوم.
في عام 1960 تحصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولي. يتفتتح التليفزيون كما افتتحت الإذاعة كذلك قبل 26 عاما. في عام 1962 تغني أغنية أنساك التي لحن زكريا أحمد مذهبها قبل أن يموت وتسند بقية اللحن إلى بليغ حمدي، هذه الأغنية من كلمات مأمون الشناوي.. الحقيقة أن مأمون الشناوي حاول التعاون معها أكثر من مرة كان أولها أغنية الربيع التي ذهبت إلى فريد الأطرش، كانت المشكلة بينهما تمسك مأمون الشناوي بكلماته وتمسك أم كلثوم بتغيير الكلمات، في هذه المرة يرضخ مأمون لطلباتها كلها معلنا فوز أم كلثوم.
في عام 1962 تأهب مستشفى البحرية الأمريكية لاستقبال أم كلثوم للفحص الدوري (تقديرا من الحكومة الأمريكية لمكانة أم كلثوم في العالم العربي)
1964
في هذا العام تغني أم كلثوم واحدة من أشهر أغانيها على الإطلاق، الأغنية التي كانت نتاج تعاون تأخر 40 عاما كاملة أغنية (إنت عمري)، هذه الأغنية التي تحتاج إلى تدخل عبد الناصر شخصيا لتخرج إلى النور، أغنيتها مع الموسيقار المايسترو محمد عبد الوهاب.
بعد النكسة
الحياة الشخصية
أم كلثوم مع أبيها الشيخ إبراهيم
ولدت فاطمة لأسرة متواضعة في قرية ريفية تسمى طماي الزهايرة، في مركز السنبلاوين محافظة الدقهلية، الخديوية المصرية، كان والدها الشيخ إبراهيم إمام ومؤذن لمسجد في القرية، ووالدتها فاطمة المليجي تعمل كربة منزل. تضاربت مصادر تاريخ ميلادها الدقيق، فبعض المصادر تشير إلى أن تاريخ ميلادها يعود لتاريخ 30 ديسمبر 1898م، ومصادر أخرى ترجح أن ميلادها يرجع لتاريخ 4 مايو 1908م وهو المذكور في سجل مواليد المحافظة. عاشت العائلة في مسكن صغير مُشيد من طوب طيني. وكانت حالة الدخل المادي للأسرة منخفضة، حيث إن المصدر الرئيس للدخل هو أبيها الذي يعمل كمُنشد في حفلات الزواج للقرية.
وبالرغم من الحالة المادية الصعبة للأسرة إلا أن والديها قاما بإلحاقها بكتاب القرية لتتعلم وتعلمت الغناء من والدها في سن صغيرة، فبرزت موهبتها المميزة، وعلمها أيضاً تلاوة القرآن، وذكرت أنها قد حفظته عن ظهر قلب. وذات مرة سمعت أباها يُعلم أخيها خالد الغناء، حيث كان يصطحبه ليغني معه في الاحتفالات، فعندما سمع ما تعلمته انبهر من قوة نبرتها، فطلب منها أن تنضم معه لدروس الغناء، وبدأت الغناء بسن الثانية عشر وذلك بعدما كان يصطحبها والدها إلى الحفلات لتغني معه وكانت تغني وهي تلبس العقال وملابس الأولاد. وبعدما سمعها القاضي علي بك أبو حسين قال لوالدها: لديك كنز لا تعرف قدره... يكمن في حنجرة ابنتك، وأوصاه بالاعتناء بها.
بدأ صيت أم كلثوم يذيع منذ صغرها، حين كان عملها مجرد مصدر دخل إضافي للأسرة، لكنها تجاوزت أحلام الأب حين تحولت إلى المصدر الرئيس لدخل الأسرة، أدرك الأب ذلك عندما أصبح الشيخ خالد ابنه المنشد وعندما أصبح الأب ذاته في بطانة ابنته الصغيرة. وفي ذات مرة تصادف أن كان أبو العلا معها في القطار وسمعها تردد ألحانه دون أن تعرف أنه معها في القطار، وذلك بعد عام 1916م حيث تعرف والدها على الشيخين زكريا أحمد وأبو العلا محمد الذين أتيا إلى السنبلاوين لإحياء ليالي رمضان وبكثير من الإلحاح أقنعا الأب بالانتقال إلى القاهرة ومعه أم كلثوم وذلك في عام 1922م. كانت تلك الخطوة الأولى في مشوارها الفني. حينها أحيت ليلة الإسراء والمعراج بقصر عز الدين يكن باشا وأعطتها سيدة القصر خاتما ذهبيا وتلقت أم كلثوم 3 جنيهات أجراً لها.
تزوجت من السيد حسن السيد الحفناوي في عام 1954الى عام 1975.
الحياة الفنية
البدايات
عادت إلى القاهرة لكي تستقر نهائياً في عام 1921م. وكانت تغني في مسرح البوسفور في ميدان رمسيس بدون فرقة موسيقية. وغنت على مسرح حديقة الأزيكية واشتهرت بقصيدة وحقك أنت المنى والطلب وتعد هذه أول إسطوانة لها صدرت في منتصف العشرينيات وبيع منها ثمانية عشر ألف إسطوانة. وتعلمت أم كلثوم لاحقاً من أمين المهدي أصول الموسيقى، وكذلك تعلمت عزف العود على يدي أمين المهدي ومحمود رحمي ومحمد القصبحي.
في عام 1923م غنت في حفلات كبار القوم، كما غنت في حفل حضرته كبار مطربات عصرها وعلى رأسهم منيرة المهدية شخصياً والتي كانت تلقب بسلطانة الطرب، والتقت في نفس العام بالموسيقار محمد عبدالوهاب لأول مرة بحفلة أقيمت في منزل والد أبي بكر خيرت.
في عام 1924م تعرفت إلى أحمد رامي عن طريق أبو العلا، في إحدى الحفلات التي أدت أم كلثوم فيها أغنية الصب تفضحه عيونه كان أحمد رامي حاضراً بعد أن عاد من أوروبا، فأدرك أنه قد وجد هدفه. غير أن البداية الحقيقية كانت عندما سمعها محمد القصبجي الملحن المجدد وقتها. في نفس العام 1924م، تعرفت أم كلثوم إلى طبيب أسنان يهوى الموسيقى هو أحمد صبري النجريدي أول ملحن يلحن لأم كلثوم ألحانا خاصة بها، إلا أن ألحانه اعتمدت على الزخارف الموسيقية بشكل مبالغ به مما دفع أم كلثوم إلى إنهاء التعاون معه مبكراً.
أول فرقة موسيقية
بدأ محمد القصبجي في إعداد أم كلثوم فنيا ومعنويا مشكلًا لها فرقتها الخاصة، وأول تخت موسيقي يكون بديلا لبطانة المعممين التي كانت معها دائما، عندما شنت روز اليوسف والمسرح هجوما صاعقا على بطانتها. لعل هذا ما جعل أباها يتخلى عن دوره كمنشد وينسحب هو والشيخ خالد. بعد ذلك بعام تقريبا خلعت أم كلثوم العقال والعباءة وظهرت في زي الآنسات المصريات، وذلك بعد أن توفى الشيخ (أبو العلا محمد) الذي ترك فيها تأثيرا روحيا عظيما وكان مرشدها في عالم الطرب.
كان شائعًا في أوائل القرن العشرين أن يقدم المطربون قصائد بعينها بصرف النظر عن تفرد أحدهم بها، وكانت المباراة بين المطربين تكمن في كيفية أداء نفس القصيدة. وهكذا أدت أم كلثوم قصيدة (أراك عصي الدمع) مرة من ألحان السنباطي، ومرة أخرى من ألحان عبده الحامولي عام 1926.
الأغاني التي غنتها أم كلثوم
طوف وشوف
شمس الأصيل
حق بلادك
نصره قويه وفرحه هنيه
صوت بلدنا
مصر التي في خاطري وفي دمي (صوت الوطن)
ياسلام على عيدنا
نشيد الجلاء ( يا مصر إن الحق جاء)
بأبي وروحي
مصر تتحدث عن نفسها
بعد الصبر ماطال
بطل السلام
الوحدة (يا ربي الفيحاء)
صباح جدي
ياجمال يامثال الوطنية
صوت السلام
فرحة القنال ( ما احلاك يا مصري )
أنا فدائيون
ثوار ثوار
قم واسمعها من أعماقي
راجعين بقوة السلاح
أنشودة الجيش
والله زمان يا سلاحي
مصر تتحدث عن نفسها
نشيد الجامعة
النيل (أغنية)
نشيد الطيران
بغداد يا قلعة الأسود
يا حبنا الكبير
الفجر الجديد
محلاك يا مصري
منصورة يا ثورة أحرار
قصة السد ( كان حلما فخاطرا)
بالسلام احنا بدينا
باسم مين
الزعيم والثورة (بالمحبة والأخوة)
شعب العراق
يا صوت بلدنا
على باب مصر
حولنا مجرى النيل
قوم بإيمان وبروح وضمير (حق بلادك)
طريق واحد (أصبح عندي الآن بندقية)
مصر (أجل إن ذا يوم لمن يفتدي مصر)
رسالة إلى جمال عبد الناصر بمناسبة وفاة جمال عبد الناصر 1970
يا سلام على الأمة
إن يغب عن مصر (ذكرى سعد) 1927
ميلاد الملك (اجمعي يا مصر) 1937
إرفعي يامصر أعلام السرور بمناسبة زواج الملك 1938
أشرقت شمس التهاني بمناسبة زواج الملك فاروق 1938
يا أغاني السماء بمناسبة ميلاد الأميرة فريال 1938
مبروك على سموك بمناسبة زفاف ولي عهد إيران والأميرة فوزية 1939
يا بدر لما جبينك لاح ذكرى زواج الملك 1940
لاح نور الفجر بمناسبة عيد جلوس الملك 1941
أميرة الوادي (زهرة هلت على فجر الحياة) بمناسبة ميلاد الأميرة فادية 1942
تحية الربيع (تغنى بحبك موج النهر) بمناسبة عيد جلوس الملك 6 مايو 1944
زهر الربيع بمناسبة إنشاء جامعة الدول العربية 1945
أيقظي يا طير نعسان الورود بمناسبة عيد ميلاد الملك 1946
بزوغ نجمها
في عام 1928 تغني مونولوج (إن كنت أسامح وأنسى الآسية)، لتحقق الأسطوانة أعلى مبيعات وقتها على الإطلاق ويدوي اسم أم كلثوم بقوة في الساحة الغنائية، وهو نفس العام الذي لحنت فيه أم كلثوم أغنية (على عيني الهجر) بنفسها لنفسها!..
وفي 31 مايو 1934م بعد افتتاح الإذاعة المصرية كانت أم كلثوم أول من غنى فيها.
التعاون مع السنباطي
في عام 1935 غنت ام كلثوم (علي بلد المحبوب وديني) من ألحان ملحن شاب رياض السنباطي، وقد ظل السنباطي يلحن لأم كلثوم ما يقرب من 40 عاما، ويكاد يكون هو ملحنها الوحيد في فترة الخمسينات، بعدها بعام لحنت أغنية (يارتني كنت النسيم) في ثاني وآخر تجربة لها وكانت تجربتها الأولي أغنية (على عيني الهجر) عام 1928.
في عام 1943م أسست أول نقابة للموسيقيين برئاستها وظلت بمنصبها مدة عشر سنوات.
في عام 1946 غنت 3 قصائد من ألحان السنباطي وكلمات أحمد شوقي، غنت (سلوا قلبي) التي أخذت بعدا سياسيا في أبياتها التي تقول
وما نيل المطالب بالتمني ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
كان ذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ونكوص الإمبراطورية البريطانية عن وعدها بمنح مصر الاستقلال التام، وغنت قصيدة (ولد الهدي)، ويصل طلب من القصر بتغيير كلمة "الاشتراكيون" في البيت الذي يقول:
الاشتراكيون أنت إمامهم لولا دعاوي القومُ والغلواءُ
كان هذا في عصر بروز التيار اليساري الذي لم يكن يتماشي مع اتجاهات القصر ولا رغبات الملك، إلا أنها أصرت علي عدم تغيير أي كلمة، وغنت أيضا في ذلك العام
أروع ما غنت في المديح النبوي نهج البردة.
في سنة 1966 غنت من الحان رياض السنباطي قصيدة الأطلال من كلمات الشاعر إبراهيم ناجي وكان غناؤها لهذه الأغنية بعد عام واحد من غنائها لاغنية أنت عمري من الحان محمد عبد الوهاب، وكان ذلك بمثابة رد من السنباطي على عمل عبد الوهاب أنت عمري الذي حقق نجاحًا كبيرًا وأثبت السنباطي أيضًا قدرته الفائقة علي تلحين القصائد
التي تكتب بالفصحي وحققت الأطلال نجاحًا قويًا.
من أشهر الاغاني التي غنتها انا وانت ظلمنا الحب -الحب كده-هجرتك يمكن انسى هواك.
ثورة يوليو
ثورة تامة اجتاحت مصر وتم التعامل بعدوانية شديدة مع كل ما يخص عهد الملك السابق، فتم منع إذاعة أغاني أم كلثوم من الإذاعة نهائيا وطردها من منصب (نقيبة الموسيقيين) باعتبارها (مطربة العهد البائد). لم يكن هذا قرارا من مجلس قيادة الثورة. لكنه قرار فردي تم اتخاذه من قبل الضابط المشرف على الإذاعة.
برغم أن أم كلثوم غنت للجيش المحاصر في الفالوجا أثناء حرب فلسطين أغنية (غلبت أصالح في روحي)، ذلك الجيش الذي كان بين أفراده عبد الناصر وأنور السادات. إلا أنه تم اعتبارها ضد الثورة بسبب حصولها علي قلاده صاحبه العصمة وغنائها للملك أكثر من مرة منها أغنية عام 1932 في حضور الملك فؤاد:
أفديه ان حفظ الهوى أو ضيعا ملك الفؤاد فما عسى أن أصنعا
وصل الموضوع إلى جمال عبد الناصر شخصيا، الذي ألغى هذا القرار، ويذكر أن الذي أوصل إليه الموضوع هو مصطفى أمين في سبتمبر 1952 وعلى إثر نزاع على منصب النقيب يتم إلغاء انتخابات النقابة، ويتم تعيين محمد عبد الوهاب نقيبا للموسيقيين. على إثر هذا الموقف وما تردد عن مساندة بعض الضباط الأحرار لعبد الوهاب؛ تُبَلِغ أم كلثوم قرار اعتزالها إلى الصاغ أحمد شفيق الأبو عوف.
الذي نقله إلى مجلس قيادة الثورة، فذهب إليها وفد مكون من جمال عبد الناصر وعبد الحكيم عامر وصلاح سالم لإقناعها بالعدول عن رأيها، لقد أثرت هذه اللحظة فيها كثيرا جدا كما ظهر فيما بعد من أغانٍ لها ومواقف، وحملت إعجابا جارفا بعبد النـاصر وبمواقفه ككل الشعب آنذاك، ويتجلى ذلك في أغنية مثل (بعد الصبر ما طال نهض الشرق وقال، حققنا الآمال برياستك يا جمال) أو (يا جمال يا مثال الوطنية..أجمل أعيادنا المصرية برياستك للجمهورية)
تم تدارك كل ما حدث سابقا في حق أم كلثوم بعد أن هدأت الأمور.. والثابت أن الثورة -بعد ذلك- أعطتها دافعا معنويا قويا، حتى أنها رأست اللجنة التي أشرفت على اختيار السلام الوطني الجديد للجمهورية، حيث أيدت أم كلثوم النشيد الوطني الذي أعده عبد الوهاب إلا أن الدكتور حسين فوزي أثبت أن النشيد منقول من اسطوانة للموسيقار التشيكي بيللا برنوك بعد ادخال عدة تعديلات عليه.
في 19 ديسمبر 1952 تم تكوين اللجنة الموسيقية العليا التي كانت من أعضائها وبجانبها (السنباطي) وعبد الوهاب. وفي عام 1953 تنتخب كعضو شرفي في جمعية مارك توين العالمية نفس الجمعية التي من أعضائها الشرفيين دوايت ايزنهاور وونستون تشرشل وثيودور روزفلت. وفي نفس العام.. تحديدا 8 يوليو يتوفي أخوها خالد، الشيخ خالد الذي كان من المفترض أن يكون صييت الأسرة.
مرض
عام 1954 خفضت أم كلثوم جدول حفلاتها الموسيقية بسبب المشاكل الصحية التي تعاني منها. ويُذكر أن النظارة السوداء التي كانت ترتديها بشكل مستمر كانت بسبب مرض الغدة الدرقية الذي أدى إلى جحوظ عينيها، حيثُ كان هذا سبباً أيضاً لإيقافها لنشاطها التمثيلي الذي اقتصر على 6 أفلام.
زواجها
عام 1954 تزوجت أم كلثوم من د. حسن السيد الحفناوي واستمر الزواج حتى وفاتها.
واقعة فريدة
في 29 أكتوبر عام 1956 غنت أم كلثوم نشيد صلاح جاهين (والله زمان ياسلاحي) الذي أصبح نشيدا قوميا. ذلك النشيد الذي أتى به لها كمال الطويل ذات ليلة حدثت فيها غارة وحفظت النشيد على ضوء الشموع.. وحين قررت أن تسجله في محطة الإذاعة بشارع الشريفين يعترض أغلب الموسيقين خوفا من إعلان إسرائيل أنها ستضرب محطة الإذاعة فقررت أم كلثوم أن تسجل النشيد.
مسلسل رابعة العدوية
في تلك الفترة – الخمسينات- تغني (مصر التي في خاطري) و(أنشودة الجلاء) و(هسيبك للزمن) وتشارك في مسلسل اذاعي هو مسلسل رابعة العدوية حيث تشترك بتقديم الأغاني في المسلسل، أغانٍ مثل: (على عيني بكت عيني)، (لغيرك ما مددت يدا)، (يا صحبة الراح)، (حانت الأقدار)، (الرضا والنور)، (عرفت الهوى مذ عرفت هواك).. تلك الأغاني التي تم استعمالها في الفيلم الشهير (رابعة العدوية) التي قامت ببطولته هي ثم اعيد الفلم مرة أخرى لكن قام بدور البطولة نبيلة عبيد.
وعلى سبيل التوثيق نثبت ما قالته مجلة نيوز ويك عام 1956: ان صوت أم كلثوم هو الصوت المفضل المحبوب في جميع أنحاء الشرق الأوسط بًا لإضافة إلى أن المجلة وصفتها بـ(ملكة بلاد العرب).
الستينيات
في الستينات تعيش أم كلثوم أزهى عصورها الفنية على الإطلاق، الحقيقة أن الخمسينات لم تنتهِ إلا بواقعة غريبة وهي أن كلب أم كلثوم عض أحد المارة وبرأتها النيابة. فيما بعد كتب شاعر العامية أحمد فؤاد نجم قصيدة (كلب الست) الشهيرة. لم تمر هذه الواقعة بدون ضجيج حيث اعترض أساتذة جامعة الحقوق على قرار النيابة واعتبرته محاباة لأم كلثوم بل إن الأمر سيصل إلى صفحات الأهرام الجريدة الرسمية الأولى.
أم كلثوم وبليغ حمدي
تنهي أم كلثوم عام 1959 بأغنيتها الرقيقة (هجرتك) من كلمات أحمد رامي وألحان العبقري رياض السنباطي.. وتفتح موسم الستينات بأغنيتها الشهيرة (أنت فين والحب فين). ولهذه الأغنية قصة معروفة وهي أنه في أحد اللقاءات بين أم كلثوم ومحمد فوزي صاحب شركة مصر فون قبل التأميم، عرض عليها أن يسمعها لحنا لملحن شاب يعجبه كثيرا، كان هذا الشاب هو بليغ حمدي، يسمعها بليغ حمدي اللحن، كان الهدف فقط أن تسمع لحنه الذي كانت ستغنيه إحدى المطربات إلا أنها تطلب منه أن يعيد اللحن مرة أخرى وأخرى حتى تعرض عليه أن تغني الأغنية!. منذ هذا التاريخ يلحن لها بليغ أغنية واحدة على الأقل سنويا.
تنهي عام 1961 بأغنية (هوا صحيح الهوى غلاب)، يموت بيرم صاحب الأغنية قبل الحفلة التي تغني فيها هذه القصيدة ويموت بعده بشهر واحد زكريا أحمد ملحن الأغنية وصديق بيرم الوفي في 14 فبراير بعد أن انتهت مشاكله مع أم كلثوم بشكل ودي. من المؤكد ان الستينات كانت نقطة تحول في حياة أم كلثوم وبرغم أن أشهر أغانيها قد غنت في تلك الفترة إلا أن هناك الكثيرون يرون أنها كانت من أقل فتراتها الفنية باستثناء بعض الأغاني المعدودة.
لو أردنا الإنصاف فإن أم كلثوم في هذه الفترة وحتى وفاتها أصحبت أيقونة مقدسة في حياة المصريين. كتب جودون جسكيل في مجلة لايف: إن تغييرا يشمل حياة الناس في الشرق الأوسط على اختلاف طبقاتهم وأعمارهم وعقائدهم مرة في كل شهر ودائما في العاشرة مساء فالمرور يكاد يتوقف في القاهرة وفي مقاهي الدار البيضاء تختفي الطاولة وفي بغداد يترك الأغنياء تجارتهم والمثقفين كتبهم وتفرغ الشوارع من المارة وكلهم آذان تتركز على إذاعة القاهرة في انتظار أم كلثوم.
في عام 1960 تحصل على وسام الاستحقاق من الدرجة الأولي. يتفتتح التليفزيون كما افتتحت الإذاعة كذلك قبل 26 عاما. في عام 1962 تغني أغنية أنساك التي لحن زكريا أحمد مذهبها قبل أن يموت وتسند بقية اللحن إلى بليغ حمدي، هذه الأغنية من كلمات مأمون الشناوي.. الحقيقة أن مأمون الشناوي حاول التعاون معها أكثر من مرة كان أولها أغنية الربيع التي ذهبت إلى فريد الأطرش، كانت المشكلة بينهما تمسك مأمون الشناوي بكلماته وتمسك أم كلثوم بتغيير الكلمات، في هذه المرة يرضخ مأمون لطلباتها كلها معلنا فوز أم كلثوم.
في عام 1962 تأهب مستشفى البحرية الأمريكية لاستقبال أم كلثوم للفحص الدوري (تقديرا من الحكومة الأمريكية لمكانة أم كلثوم في العالم العربي)
1964
في هذا العام تغني أم كلثوم واحدة من أشهر أغانيها على الإطلاق، الأغنية التي كانت نتاج تعاون تأخر 40 عاما كاملة أغنية (إنت عمري)، هذه الأغنية التي تحتاج إلى تدخل عبد الناصر شخصيا لتخرج إلى النور، أغنيتها مع الموسيقار المايسترو محمد عبد الوهاب.
بعد النكسة
أستقبلت أم كلثوم خبر نكسة يونيو وهزيمة الجيش المصري بكل حزن وأسى مثلها مثل كل المصريين وقتها إلا أنها سارعت وكانت من أوائل المطربين الذين أقاموا الكثير من الحفلات داخل مصر وخارجها للتبرع بأرباحها إلى المجهود الحربي وتغني أغنيتها الشهيرة (أصبح عندي الآن بندقية) وغنت أيضا أغنية (حبيب الشعب) لعبد الناصر بعد تنحيه وعودته ثانيا
الغناء بفرنسا
في ليلتي الإثنين 13 والأربعاء 15 نوفمبر 1967 غنت أم كلثوم على مسرح الأولمبيا أشهر المسارح على الإطلاق وكانت الحفلتان الوحيدتان التي تحييها الست خارج العالم العربي وإحدى أهم الحفلات التي تقام على مسرح الأولمبيا لتبقى محفورةً في أذهان كل من حضرها على مر السنين حيث يقول جان ميشال بوريس أحد مديري الأولمبيا في تلك الفترة أن 3 مغنين حفروا أسماءهم في ذاكرة الأولمبيا : أم كلثوم؛ أديت بياف وجاك برال
ومما غنت أم كلثوم في تلك الحفلتين (الأطلال)، والطريف أنها سقطت من على خشبة المسرح وهي تقول هذا البيت: (هل رأى الحب سكارى مثلنا كم بنينا من خيال حولنا) عندما صعد شخص من الجمهور على المسرح وأصر على تقبيل قدميها
وفاة عبد الناصر
تنتهي فترة الستينات بوفاة جمال عبد الناصر في 28 سبتمر 1970 وكانت وقتها تغني في أحد الحفلات بروسيا فعادت إلى مصر وغنت (رسالة إلى الزعيم) من تأليف نزار قباني وألحان رياض السنباطي عام 1970 ترثي بها عبد الناصر بعد وفاته.
السبعينات
بعد وفاة جمال عبد الناصر وتولي محمد أنور السادات لحكم مصر ظلت أم كلثوم في قدرها كمطربة أولى وصديقة مقربة للسادات.
جوائز وتكريمات
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق