الخميس، 9 يوليو 2020

غسان كنفاني

غسان كنفاني

غسان كنفاني (عكا 8 أبريل 1936 - بيروت 8 يوليو 1972)   هو روائي وقاص وصحفي فلسطيني، ويعتبر غسان كنفاني أحد أشهر الكتاب والصحافيين العرب في القرن العشرين. فقد كانت أعماله الأدبية من روايات وقصص قصيرة متجذرة في عمق الثقافة العربية والفلسطينية. 

ولد في عكا، شمال فلسطين، في التاسع من نيسان عام 1936م، وعاش في يافا حتى أيار 1948 حين أجبر على اللجوء مع عائلته في بادئ الأمر إلى لبنان ثم إلى سوريا. عاش وعمل في دمشق ثم في الكويت وبعد ذلك في بيروت منذ 1960 وفي تموز 1972، استشهد في بيروت مع ابنة أخته لميس في انفجار سيارة مفخخة على أيدي عملاء إسرائيليين.

أصدر غسان كنفاني حتى تاريخ وفاته المبكّر ثمانية عشر كتاباً، وكتب مئات المقالات والدراسات في الثقافة والسياسة وكفاح الشعب الفلسطيني. في أعقاب اغتياله تمّت إعادة نشر جميع مؤلفاته بالعربية، في طبعات عديدة. وجمعت رواياته وقصصه القصيرة ومسرحياته ومقالاته ونشرت في أربعة مجلدات. وتُرجمت معظم أعمال غسان الأدبية إلى سبع عشرة لغة ونُشرت في أكثر من 20 بلداً، وتمّ إخراج بعضها في أعمال مسرحية وبرامج إذاعية في بلدان عربية وأجنبية عدة. اثنتان من رواياته تحولتا إلى فيلمين سينمائيين. وما زالت أعماله الأدبية التي كتبها بين عامي 1956 و1972 تحظى اليوم بأهمية متزايدة. 

على الرغم من أن روايات غسان وقصصه القصيرة ومعظم أعماله الأدبية الأخرى قد كتبت في إطار قضية فلسطين وشعبها فإن مواهبه الأدبية الفريدة أعطتها جاذبية عالمية شاملة. 

كتب بشكل أساسي بمواضيع التحرر الفلسطيني، وهو عضو المكتب السياسي والناطق الرسمي باسم  الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. في عام 1948 أجبر وعائلته على النزوح فعاش في لبنان ثم في سوريا. أكمل دراسته الثانوية في دمشق وحصل على شهادة البكالوريا السورية عام 1952. في ذات العام سجّل في كلية الأدب العربي في جامعة دمشق ولكنه انقطع عن الدراسة في نهاية السنة الثانية، انضم إلى حركة القوميين العرب التي ضمه إليها جورج حبش لدى لقائهما عام 1953. ذهب إلى الكويت حيث عمل في التدريس الابتدائي، ثم انتقل إلى بيروت للعمل في مجلة الحرية (1961)، التي كانت تنطق باسم الحركة، مسؤولا عن القسم الثقافي فيها، ثم أصبح رئيس تحرير جريدة (المحرر) اللبنانية، وأصدر فيها(ملحق فلسطين) ثم انتقل للعمل في جريدة الأنوار اللبنانية وحين تأسست الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 1967 قام بتأسيس مجلة ناطقة باسمها حملت اسم "مجلة الهدف" وترأس غسان تحريرها، كما أصبح ناطقا رسميا باسم الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. تزوج من سيدة دانماركية (آن) ورزق منها بولدين هما فايز وليلى.

وأصيب مبكرا بمرض السكري، وبعد استشهاده، استلم بسام أبو شريف رئيس تحرير المجلة، رثاء صديقه الشاعر الفلسطيني (عز الدين المناصرة) بقصيدة اشتهرت في السبعينات بعنوان (تقبل التعازي في أي منفى).
خرج أبوه من عكا وكان الابن الأكبر لعدد غير قليل من الأشقاء. وبما أن والده لم يكن مقتنعاً بجدوى الدراسات العليا فقد أراد لابنه أن يكون تاجراً أو كاتباً أو متعاطياً لأي مهنة عادية ولكن طموح الابن أبى عليه إلا أن يتابع دراسته العليا فالتحق بمعهد الحقوق بالقدس في ظروف غير عادية. وكان صفر اليدين من النقود مفلسا وحتى من التشجيع، فما كان عليه إلا أن يتكل على جهده الشخصي لتأمين حياته ودراسته فكان تارة ينسخ المحاضرات لزملائه وتارة يبيع الزيت الذي يرسله له والده ويشتري بدل ذلك بعض الغاز والمأكل، ويشارك بعض الأسر في مسكنها، إلى أن تخرج كمحام. عاد إلى عكا ليتزوج من امرأة من أسرة ميسورة ومعروفة ويشد رحاله للعمل في مدينة يافا حيث مجال العمل أرحب وليبني مستقبله هناك.

وكافح هناك وزوجته إلى جانبه تشد أزره وتشاركه في السراء والضراء ونجح وكان يترافع في قضايا معظمها وطنية خاصة أثناء ثورات فلسطين. واعتقل مرارا فكانت إحداها بإيعاز من الوكالة اليهودية.

وكان من عادة هذا الشاب تدوين مذكراته يوماً بيوم، وكانت هذه هي أعز ما يحتفظ به من متاع الحياة وينقلها معه حيثما حل أو ارتحل، وكثيراً ما كان يعود إليها ليقرأ لنا بعضها ونحن نستمتع بالاستماع إلى ذكريات كفاحه، فقد كان فريدا بين أبناء جيله، وكان هذا الرجل العصامي ذو الآراء المتميزة مثلاً لنا يحتذى.

هذا هو والد غسان كنفاني الذي كان له بدون شك أثر كبير في حياة ثالث أبنائه غسان.

غسان هو الوحيد بين أشقائه ولد في عكا، فقد كان من عادة أسرته قضاء فترات الإجازة والأعياد في عكا، ويروى عن ولادته أن أمه حين جاءها المخاض لم تستطع أن تصل إلى سريرها قبل أن تضع وليدها، وكاد الوليد يختنق بسبب ذلك وحدث هذا في التاسع من نيسان عام 1936. وكان من نصيب غسان الالتحاق بمدرسة الفرير بيافا وكان يحسد لأنه يدرس اللغة الفرنسية زيادة عما يدرسه غيره. ولم تستمر دراسته الابتدائية هذه سوى بضع سنوات. فقد كانت أسرته تعيش في حي المنشية بيافا وهو الحي الملاصق لتل أبيب وقد شهد أولى حوادث الاحتكاك بين العرب واليهود التي بدأت هناك إثر قرار تقسيم فلسطين. لذلك فقد حمل الوالد ما تحتاج زوجته وأبناؤه وأتى بهم إلى عكا وعاد هو إلى يافا، أقامت العائلة هناك من شهر تشرين عام 1947 إلى أن كانت إحدى ليالي أواخر نيسان 1948 حين جرى الهجوم الأول على مدينة عكا. وبقي المهاجرون خارج عكا على تل الفخار (تل نابليون) وخرج المناضلون يدافعون عن مدينتهم ووقف رجال الأسرة أمام بيت جدهم الواقع في أطراف البلد وكل يحمل ما تيسر له من سلاح وذلك للدفاع عن النساء والأطفال إذا اقتضى الامر.

ومما يذكر هنا أن بعض ضباط جيش الإنقاذ كانوا يقفون معهم وكانوا يقدمون لهم القهوة تباعا، علما بأن فرقتهم بقيادة أديب الشيشكلي كانت ترابط في أطراف بلدتهم. وكانت تتردد على الأفواه قصص مجازر دير ياسين ويافا وحيفا التي لجأ أهلها إلى عكا وكانت الصور ما تزال ماثلة في الأذهان. في هذا الجو كان غسان يجلس هادئاً كعادته ليستمع ويراقب ما يجري.

استمرت الاشتباكات منذ المساء حتى الفجر وفي الصباح كانت معظم الأسر تغادر المدينة وكانت أسرة غسان ممن تيسر لهم المغادرة مع عديد من الأسر في سيارة شحن إلى لبنان فوصلوا إلى صيدا وبعد يومين من الانتظار استأجروا بيتاً قديما في بلدة الغازية قرب صيدا في أقصى البلدة على سفح الجبل، وأستمرت العائلة في ذلك المنزل أربعين يوما في ظروف قاسية إذ أن والدهم لم يحمل معه إلا النذر اليسير من النقود فقد أنفقها في بناء منزل في عكا وآخر في حي العجمي بيافا وهذا البناء لم يكن قد انتهى العمل فيه حين أضطروا للرحيل.

وبعدها من الغازية انتقلوا بالقطار مع آخرين إلى حلب ثم إلى الزبداني ثم إلى دمشق حيث استقر بهم المقام في منزل قديم من منازل دمشق وبدأت هناك مرحلة أخرى قاسية من مراحل حياة الأسرة. إذ كان غسان في طفولته يلفت النظر بهدوئه بين جميع إخوته وأقرانه ولكن الأهل كانوا يكتشفون أنه يشترك في مشاكلهم ومهيأ لها دون أن يبدو عليه ذلك.

بعدها تحسنت أحوال الأسرة وافتتح أبوه مكتباً لممارسة المحاماة، فأخذ هو إلى جانب دراسته يعمل في تصحيح البروفات في بعض الصحف وأحياناً التحرير. واشترك في برنامج فلسطين في الإذاعة السورية وبرنامج الطلبة، وكان يكتب بعض الشعر والمسرحيات والمقطوعات الوجدانية.

وكانت تشجعه على ذلك وتأخذ بيده شقيقته التي كان لها في هذه الفترة تأثير كبير علي حياته. وأثناء دراسته الثانوية برز تفوقه في مادتي الأدب العربي والرسم وعندما أنهى الثانوية عمل في التدريس في مدارس اللاجئين وبالذات في مدرسة الاليانس بدمشق والتحق بجامعة دمشق لدراسة الأدب العربي وأسند إليه آنذاك تنظيم جناح فلسطين في معرض دمشق الدولي، وكان معظم ما عرض فيه من جهد غسان الشخصي. وذلك بالإضافة إلى معارض الرسم الأخرى التي أشرف عليها.

وفي هذا الوقت كان قد انخرط في حركة القوميين العرب وكان غسان يضطر أحيانا للبقاء ساعات متأخرة من الليل خارج منزله مما كان يسبب له إحراجا مع والده الذي كان يحرص على إنهائه لدروسه الجامعية وعرف أنه كان يحاول جهده للتوفيق بين عمله وبين إخلاصه لرغبة والده.

في أواخر عام 1955 التحق للتدريس في المعارف الكويتية وكانت شقيقته قد سبقته في ذلك بسنوات وكذلك شقيقه. وفترة إقامته في الكويت كانت المرحلة التي رافقت إقباله الشديد والذي يبدو غير معقول على القراءة، وهي التي شحنت حياته الفكرية بدفقة كبيرة فكان يقرأ بنهم لا يصدق. كان يقول إنه لا يذكر يوماً نام فيه دون أن ينهي قراءة كتاب كامل أو ما لا يقل عن ستمائة صفحة وكان يقرأ ويستوعب بطريقة مدهشة.

وهناك بدأ يحرر في إحدى صحف الكويت ويكتب تعليقا سياسياً بتوقيع "أبو العز" والذي لفت إليه الأنظار بشكل كبير، خاصة بعد أن زار العراق بعد الثورة العراقية عام 1958 على عكس ما نشر بأنه عمل بالعراق.

في الكويت كتب أيضاً أولى قصصه القصيرة "القميص المسروق" التي نال عليها الجائزة الأولى في مسابقة أدبية. ثم ظهرت عليه بوادر مرض السكري في الكويت أيضاً، وكانت شقيقته قد أصيبت به من قبل وفي نفس السن المبكرة مما زاده ارتباطاً بها وبالتالي بابنتها الشهيدة لميس نجم التي ولدت في كانون الثاني عام 1955. فأخذ غسان يحضر للميس في كل عام مجموعة من أعماله الأدبية والفنية ويهديها لها، وكانت هي أيضاً شغوفة بخالها محبة له تعتز بهديته السنوية تفاخر بها أمام رفيقاتها. ولم يتأخر غسان عن ذلك إلا في السنوات الأخيرة بسبب ضغط عمله. وفي عام 1960 حضر غسان إلى بيروت للعمل في مجلة الحرية.
مراجع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زياد علي

زياد علي محمد