الأميرُ الغازي أرطُغرُل بك بن سُليمان شاه القايوي التُركماني، أو اختصارًا أرطغرل (بالتركية: Ertuğrul)، (باللغة التركية العثمانية: ارطغرل، إضافة إلى لقب غازي) (بالتركية: Ertuğrul Gazi) أو أرطغرل بك (بالتركية: Ertuğrul Bey) (ومعنى الاسم: بالتركية "ار er" تعني "رجل أو جندي أو بطل"، و"طغرل tuğrul" تعني "طائر العقاب وهو معروف بأنه طير جارح ضخم قوي البُنْية" - وبذلك قد يكون اسم أرطغرل معناه: الرجل العقاب أو الجندي العقاب أو الطير الجارح البطل،) المولود حوالي عام 1191م – والمتوَفّى في عام 1281م بمدينة سكود، بالأناضول. هو والد السلطان عثمان الأول مؤسس الدولة العثمانية، وهو أيضا قائد قبيلة قايى من أتراك الأوغوز.
من المعلومات المؤكدة أن أرطغرل ينحدر من القبيلة الأولى من قبائل الأوغوز البالغة 24 قبيلة، ومن عائلة بكوات عشيرة قايى التي تُعد سلالةً خاقانية، ومن المعلومات المؤكدة أيضا أن أباه وأجداده هم بكوات (أمراء) هذه العشيرة، ومذهب القبيلة والأسرة هو حنفي من أهل السنة والجماعة.
على الرغم من ثبوت وجود أرطغرل تاريخياً عن طريق العملات التي سكّها ابنه عثمان الأول، والتي تحدد اسم والده بأرطغرل، إلا أنه لا يوجد أي شيء آخر معروف على وجه اليقين بخصوص حياته أو أنشطته.
ولكن وفقا للتراث العثماني، فإن أرطغرل كان ابن سليمان شاه التركماني (شاه معناه ملِك وإذا جاء بعد الاسم فإنه يعني السيد) زعيم قبيلة قايى من أتراك الأوغوز الذين نزحوا من شرق إيران إلى الأناضول هرباً من الغزو المغولي. وهناك نسب افتراضي آخر لأرطغرل هو: أرطغرل بن كندز آلب بن قايا آلب بن كوك آلب بن صارقوق آلب بن قايى آلب الذي اكتسبت القبيلة منه اسمها.
وفقا لرواية التراث العثماني، فإن أرطغرل وأتباعه دخلوا في خدمة سلاجقة الروم بعد وفاة والده، وكوفئَ بالسيادة على بلدة سكود (تُلفظ سوغوت، ومعناها شجر الصفصاف) (بالتركية: Söğüt) الواقعة على الحدود مع الإمبراطورية البيزنطية في ذاك الوقت. وقد أدى ذلك إلى سلسلة من الأحداث التاريخية التي أدت إلى تأسيس الدولة العثمانية.
غالبا ما يُشار إلى أرطغرل وإلى ابنه عثمان وإلى نسلهما من سلاطين الدولة العثمانية، باسم:غازي أي مقاتل بطل ومجاهد في سبيل رفع كلمة الإسلام.
المصادر التاريخية
لا توجد أيّ مصادر إسلامية أو بيزنطية معاصرة لأرطغرل تتحدث عنه، فعلى سبيل المثال لم يأت ذكره عند المؤرخ البيزنطي جرجس باشيميريس (باللاتينية: Georgius Pachymeres) (المولود حوالي 1242م - والمتوفى 1310م)، ولا في مصادر متأخرة مثل ابن بطوطة (1304م-1377م) أو الإمبراطور والمؤرخ البيزنطي يوحنا السادس قانتاقوزن (باللاتينية: Ioannes VI Cantacuzenus) (مولود 1354- متوفى1347). ولكن هناك تفاصيل مكتوبة عن حياة أرطغرل في السجلات العثمانية الأولى التي ترجع إلى القرن الخامس عشر الميلادي، ولكنها تبدو في نظر بعض المؤرخين أسطورية إلى حد كبير.
أحرق تيمورلنك الوثائق التركية عند إغارته على الأناضول سنة 804هـ الموافقة لسنة 1402م، ولهذا فالوثائق التاريخية الرسمية المتبقية التي وصلتنا والمتعلقة بالفترة من نشأة الدولة العثمانية وحتى إغارة تيمورلنك قليلة جدا.
عُد أول ذكرٍ لأرطغرل - على وجه اليقين - قد جاء في نهاية القرن الرابع عشر الميلادي، في خطاب من السلطان بايزيد الأول إلى تيمورلنك.
ثم اكتُشفت مصادر أقدم من ذلك، إذ اكتُشفت عملة معدنية مسكوكة من عصر عثمان بن أرطغرل (توفي 1324م)، نُقش عليها اسم أرطغرل واسم والده غندوز آلب (بالتركية: Gündüz Alp؛ تُلفظ: غوندوز آلب). العملة موجودة بمتحف الآثار باسطنبول (بالتركية: Arkeoloji Müzesi) مكتوب على وجه العملة "ضرب - عثمان بن - ارطغرل - ايده الله" وعلى ظهرها مكتوب "ضرب - عثمان بن - ارطغرل بن - كـ..دز الپ". وعلى الرغم من ذلك فإن هناك خلاف بين المؤرخين إن كان والده سليمان شاه أم غندوز آلب بحسب مصادر أخرى.
أما أقدم مصدر موجود حتى الآن أشار إلى أرطغرل، فهو ما كان مكتوباً في سجل مساحة الأراضي الذي ذُكرت فيه أراضٍ في بلدة سكود (بالتركية: Söğüt) "أُعطيت لِنَفس أرطغرل" (بالتركية: Ertuğrul canı için).
سيرته
كان أرطغرل بن سليمان شاه قائداً لإحدى قبائل الترك النازحين من سهول آسيا الغربية إلى بلاد آسيا الصغرى (الأناضول)، وكان راجعاً إلى بلاد العجم بعد موت أبيه الذي غرق عند اجتيازه نهر الفرات قرب قلعة جعبر على بعد 250 كم جنوب غربي مدينة ماردين التركيةومازال قبره هناك.
شاهد أرطغرل جيشين مشتبكين فوقف على مرتفع من الأرض ليمتع نظره بهذا المنظر المألوف لدى الرُحّل من القبائل الحربية، ولمّا آنس الضعف في أحد الجيشين وتحقق انكساره وخذلانه إن لم يمدّ إليه يد المساعدة دَبّت فيه النخوة الحربية ونزل هو وفرسانه مسرعين لنجدة أضعف الجيشين، وهاجم الجيش الثاني بقوّة وشجاعة عظيمتين حتى وقع الرعب في قلوب الذين كادوا يفوزون بالنصر، لولا هذا المدد الفجائي، وأَعمَلَ فيهم السيف والرمح ضرباً ووخزاً حتى هزمهم شرّ هزيمة، وكان ذلك في أواخر القرن السابع للهجرة النبوية.
بعد تمام النصر، عَلِم أرطغرل بأن الله قيّده لنجدة الأمير علاء الدين كيقباد الأول (616-634 هـ / 1219-1237م) سلطان قونية، إحدى الإمارات السلجوقية التي تأسست عقب انحلال دولة آل سلجوق بموت السلطان ملكشاه في 10 شوّال 485 هـ الموافق فيه 18 نوفمبر 1092م.
كافأه الأمير علاء الدين كيقباد الأول على مساعدته له باقطاعه عدة أقاليم ومدن، وصار لا يعتمد في حروبه مع مجاوريه إلا على أرطغرل ورجاله. وكان عقب كل انتصار يُقطعه أراضٍ جديدة ويمنحه أموالاً جزيلة، ثم لقَّبَ قبيلته "بمقدمة السلطان" نظراً لوجودها دائمًاً في مقدمة الجيوش وتمام النصر على يديه.
لما توفي أرطغرل سنة 687 هـ (1288م)، قام الأمير علاء الدين كيقباد الثالث بن فراموزس بتعيين عثمان بن أرطغرل أصغر أولاد أرطغرل مكان والده، وظل عثمان مخلصا للدولة السلجوقية حتى سقطت، فقام بتأسيس الدولة العلية العثمانية.
قبيلة قايى
إن الحياة السياسية المبكرة لهذه العشيرة يكتنفها الغموض، وهي أدنى إلى الأساطير منها إلى الحقائق، وإن كل ما يُعرف عنها هو:
أنها وصلت إلى أعالي الجزيرة بين دجلة والفرات في عهد زعيمها كندز آلب.
وسكنت في المراعي المجاورة لمدينة أخلاط في منطقة الأناضول الشرقية.
ثم توفي كندز آلب في العام التالي لنزوح عشيرته إلى حوض دجلة، فترأس العشيرة ابنه سليمان، ثم حفيده أرطغرل.
وأن هناك أحجاراً وقبوراً كثيرة لأجداد بني عثمان من قبيلة قايى.
ارتحل أرطغرل مع عشيرته إلى مدينة إرزنجان، وكانت مسرحًا للقتال بين سلاجقة الروم والخوارزميين، فالتحق بخدمة الأمير علاء الدين سلطان قونية، إحدى الإمارات السلجوقية التي تأسست عقب انحلال دولة السلاجقة العظام.
ويُستفاد من المعلومات المتوافرة أن هذه العشيرة تركت منطقة أخلاط حوالي سنة 1229م تحت ضغط الأحداث العسكرية التي شهدتها المنطقة بفعل الحروب التي أثارها السلطان جلال الدين الخوارزمي، وهبطت القبيلة إلى حوض نهر دجلة.
تميزت إمارة قبيلة قايى على صغر حجمها بأنها بعيدة عن مناطق الغزو المغولي، وبعيدة عن نفوذ الإمارات التركمانية القوية في جنوب الأناضول وجنوبه الغربي، ووقوعها بالقرب من الطريق التجاري الذي يربط المناطق البيزنطية في الغرب بالمناطق التي يسيطر عليها المغول في الشرق، كما كانت الإمارة الوحيدة المواجهة للمناطق البيزنطية التي لم تُفتح بعد مما جلب لها كثيرًا من التركمان الراغبين في الغزو والدراويش والمزارعين الفارين من المغول.
قبيلة قايى تحت قيادة أسلاف أرطغرل
من المعلومات المؤكدة أن أرطغرل ينحدر من القبيلة الأولى من قبائل الأوغوز البالغة 24 قبيلة، ومن عائلة بكوات عشيرة قايى التي تُعد سلالةً خاقانية، ومن المعلومات المؤكدة أيضا أن أباه وأجداده هم بكوات (أمراء) هذه العشيرة، ومذهب القبيلة والأسرة هو حنفي من أهل السنة والجماعة.
على الرغم من ثبوت وجود أرطغرل تاريخياً عن طريق العملات التي سكّها ابنه عثمان الأول، والتي تحدد اسم والده بأرطغرل، إلا أنه لا يوجد أي شيء آخر معروف على وجه اليقين بخصوص حياته أو أنشطته.
ولكن وفقا للتراث العثماني، فإن أرطغرل كان ابن سليمان شاه التركماني (شاه معناه ملِك وإذا جاء بعد الاسم فإنه يعني السيد) زعيم قبيلة قايى من أتراك الأوغوز الذين نزحوا من شرق إيران إلى الأناضول هرباً من الغزو المغولي. وهناك نسب افتراضي آخر لأرطغرل هو: أرطغرل بن كندز آلب بن قايا آلب بن كوك آلب بن صارقوق آلب بن قايى آلب الذي اكتسبت القبيلة منه اسمها.
وفقا لرواية التراث العثماني، فإن أرطغرل وأتباعه دخلوا في خدمة سلاجقة الروم بعد وفاة والده، وكوفئَ بالسيادة على بلدة سكود (تُلفظ سوغوت، ومعناها شجر الصفصاف) (بالتركية: Söğüt) الواقعة على الحدود مع الإمبراطورية البيزنطية في ذاك الوقت. وقد أدى ذلك إلى سلسلة من الأحداث التاريخية التي أدت إلى تأسيس الدولة العثمانية.
غالبا ما يُشار إلى أرطغرل وإلى ابنه عثمان وإلى نسلهما من سلاطين الدولة العثمانية، باسم:غازي أي مقاتل بطل ومجاهد في سبيل رفع كلمة الإسلام.
المصادر التاريخية
لا توجد أيّ مصادر إسلامية أو بيزنطية معاصرة لأرطغرل تتحدث عنه، فعلى سبيل المثال لم يأت ذكره عند المؤرخ البيزنطي جرجس باشيميريس (باللاتينية: Georgius Pachymeres) (المولود حوالي 1242م - والمتوفى 1310م)، ولا في مصادر متأخرة مثل ابن بطوطة (1304م-1377م) أو الإمبراطور والمؤرخ البيزنطي يوحنا السادس قانتاقوزن (باللاتينية: Ioannes VI Cantacuzenus) (مولود 1354- متوفى1347). ولكن هناك تفاصيل مكتوبة عن حياة أرطغرل في السجلات العثمانية الأولى التي ترجع إلى القرن الخامس عشر الميلادي، ولكنها تبدو في نظر بعض المؤرخين أسطورية إلى حد كبير.
أحرق تيمورلنك الوثائق التركية عند إغارته على الأناضول سنة 804هـ الموافقة لسنة 1402م، ولهذا فالوثائق التاريخية الرسمية المتبقية التي وصلتنا والمتعلقة بالفترة من نشأة الدولة العثمانية وحتى إغارة تيمورلنك قليلة جدا.
عُد أول ذكرٍ لأرطغرل - على وجه اليقين - قد جاء في نهاية القرن الرابع عشر الميلادي، في خطاب من السلطان بايزيد الأول إلى تيمورلنك.
ثم اكتُشفت مصادر أقدم من ذلك، إذ اكتُشفت عملة معدنية مسكوكة من عصر عثمان بن أرطغرل (توفي 1324م)، نُقش عليها اسم أرطغرل واسم والده غندوز آلب (بالتركية: Gündüz Alp؛ تُلفظ: غوندوز آلب). العملة موجودة بمتحف الآثار باسطنبول (بالتركية: Arkeoloji Müzesi) مكتوب على وجه العملة "ضرب - عثمان بن - ارطغرل - ايده الله" وعلى ظهرها مكتوب "ضرب - عثمان بن - ارطغرل بن - كـ..دز الپ". وعلى الرغم من ذلك فإن هناك خلاف بين المؤرخين إن كان والده سليمان شاه أم غندوز آلب بحسب مصادر أخرى.
أما أقدم مصدر موجود حتى الآن أشار إلى أرطغرل، فهو ما كان مكتوباً في سجل مساحة الأراضي الذي ذُكرت فيه أراضٍ في بلدة سكود (بالتركية: Söğüt) "أُعطيت لِنَفس أرطغرل" (بالتركية: Ertuğrul canı için).
سيرته
كان أرطغرل بن سليمان شاه قائداً لإحدى قبائل الترك النازحين من سهول آسيا الغربية إلى بلاد آسيا الصغرى (الأناضول)، وكان راجعاً إلى بلاد العجم بعد موت أبيه الذي غرق عند اجتيازه نهر الفرات قرب قلعة جعبر على بعد 250 كم جنوب غربي مدينة ماردين التركيةومازال قبره هناك.
شاهد أرطغرل جيشين مشتبكين فوقف على مرتفع من الأرض ليمتع نظره بهذا المنظر المألوف لدى الرُحّل من القبائل الحربية، ولمّا آنس الضعف في أحد الجيشين وتحقق انكساره وخذلانه إن لم يمدّ إليه يد المساعدة دَبّت فيه النخوة الحربية ونزل هو وفرسانه مسرعين لنجدة أضعف الجيشين، وهاجم الجيش الثاني بقوّة وشجاعة عظيمتين حتى وقع الرعب في قلوب الذين كادوا يفوزون بالنصر، لولا هذا المدد الفجائي، وأَعمَلَ فيهم السيف والرمح ضرباً ووخزاً حتى هزمهم شرّ هزيمة، وكان ذلك في أواخر القرن السابع للهجرة النبوية.
بعد تمام النصر، عَلِم أرطغرل بأن الله قيّده لنجدة الأمير علاء الدين كيقباد الأول (616-634 هـ / 1219-1237م) سلطان قونية، إحدى الإمارات السلجوقية التي تأسست عقب انحلال دولة آل سلجوق بموت السلطان ملكشاه في 10 شوّال 485 هـ الموافق فيه 18 نوفمبر 1092م.
كافأه الأمير علاء الدين كيقباد الأول على مساعدته له باقطاعه عدة أقاليم ومدن، وصار لا يعتمد في حروبه مع مجاوريه إلا على أرطغرل ورجاله. وكان عقب كل انتصار يُقطعه أراضٍ جديدة ويمنحه أموالاً جزيلة، ثم لقَّبَ قبيلته "بمقدمة السلطان" نظراً لوجودها دائمًاً في مقدمة الجيوش وتمام النصر على يديه.
لما توفي أرطغرل سنة 687 هـ (1288م)، قام الأمير علاء الدين كيقباد الثالث بن فراموزس بتعيين عثمان بن أرطغرل أصغر أولاد أرطغرل مكان والده، وظل عثمان مخلصا للدولة السلجوقية حتى سقطت، فقام بتأسيس الدولة العلية العثمانية.
قبيلة قايى
إن الحياة السياسية المبكرة لهذه العشيرة يكتنفها الغموض، وهي أدنى إلى الأساطير منها إلى الحقائق، وإن كل ما يُعرف عنها هو:
أنها وصلت إلى أعالي الجزيرة بين دجلة والفرات في عهد زعيمها كندز آلب.
وسكنت في المراعي المجاورة لمدينة أخلاط في منطقة الأناضول الشرقية.
ثم توفي كندز آلب في العام التالي لنزوح عشيرته إلى حوض دجلة، فترأس العشيرة ابنه سليمان، ثم حفيده أرطغرل.
وأن هناك أحجاراً وقبوراً كثيرة لأجداد بني عثمان من قبيلة قايى.
ارتحل أرطغرل مع عشيرته إلى مدينة إرزنجان، وكانت مسرحًا للقتال بين سلاجقة الروم والخوارزميين، فالتحق بخدمة الأمير علاء الدين سلطان قونية، إحدى الإمارات السلجوقية التي تأسست عقب انحلال دولة السلاجقة العظام.
ويُستفاد من المعلومات المتوافرة أن هذه العشيرة تركت منطقة أخلاط حوالي سنة 1229م تحت ضغط الأحداث العسكرية التي شهدتها المنطقة بفعل الحروب التي أثارها السلطان جلال الدين الخوارزمي، وهبطت القبيلة إلى حوض نهر دجلة.
تميزت إمارة قبيلة قايى على صغر حجمها بأنها بعيدة عن مناطق الغزو المغولي، وبعيدة عن نفوذ الإمارات التركمانية القوية في جنوب الأناضول وجنوبه الغربي، ووقوعها بالقرب من الطريق التجاري الذي يربط المناطق البيزنطية في الغرب بالمناطق التي يسيطر عليها المغول في الشرق، كما كانت الإمارة الوحيدة المواجهة للمناطق البيزنطية التي لم تُفتح بعد مما جلب لها كثيرًا من التركمان الراغبين في الغزو والدراويش والمزارعين الفارين من المغول.
قبيلة قايى تحت قيادة أسلاف أرطغرل
وفقا للروايات التراثية المتناقلة، انتقل أسلاف أرطغرل إلى أخلاط خلال الفتح الأول للأناضول، وشاركوا في حروب فتح الأناضول تحت سلاطين السلاجقة: طغرل بك وآلب أرسلان. وفي وقت لاحق، شنوا حرباً مع أمراء أخلاط (شواهين الأرمن بنو سكمان) ضد الكرج وإمبراطورية طرابزون.
مع بداية القرن الثالث عشر أصبحت أخلاط تحت الحكم الأيوبي.
ومع توسع المغول في اتجاه الغرب، ترك أجداد أرطغرل منطقة أخلاط وانتقلوا إلى ماردين حيث تحالفوا هناك مع الدولة الأرتقية (التركمانية)، الذين ينتمون أيضا إلى قبيلة قايى. وعندما بدأ المغول في غزو ونهب ماردين أيضًا، انتقل كندز آلب مع قبيلته التركية إلى داخل الأناضول، وتحديداً إلى مدينة باسينلر (بالتركية: Pasinler) في منطقة أرضروم. توفي كندز ألب في باسينلر، فأصبح ابنه أرطغرل الزعيم الجديد لقبيلة قايى.
خلال التوسع المغولي، هاجر أهل إمارة كرميان من ملطية إلى كوتاهية.
قبيلة قايفي عام 1227م أصبح أرطغرل قائداً لجماعة قبيلة قايى للتركمان الأوغوز الذين هاجروا إلى آسيا الصغرى (الأناضول) بسبب الهجمات المغولية، ويكون عمره بالحساب حوالي 36 عامًا تقريبا بافتراض أنه وُلد عام 1191م. وربما يكون وصولهم إلى الأناضول حوالي عام 1234-1235م.
أصبح أرطغرل أحد الحكام المحليين الذين يُعرفون بلقب "أوج باي" (Uçbeyi) أي "محافظ الحدود" أو أحد "أمراء الحدود" أو "أمراء التخوم" (باللغة التركية العثمانية: اوج بگلیكی)، الذين يعملون تحت سلاطين السلاجقة الموجودين في قونية. وكان منح هذا اللقب يتماشى مع التقاليد التي درجت عليها الحكومة السلجوقية، وهو منح أي رئيس عشيرة يعظم أمره ويلحق به عدد من العشائر الصغيرة، لقب "محافظ حدود".
شارك أرطغرل في حروب السلاجقة ضد المغول وقام بهجمات على الأراضي البيزنطية. ونتيجة لمساعدته سلاجقة الروم في حروبهم ضد البيزنطيين، تلقى أرطغرل أراضٍ في منطقة جبلية بالقرب من أنقرة من سلطان السلاجقة التركمان علاء الدين السلجوقي فكان منح أرطغرل هذه الأرض بمثابة هدية مقابل أن يخمد أرطغرل بقواته أي ثورة في المنطقة يقوم بها بقايا البيزنطيين أو أي جماعة أخرى.
قام أرطغرل بعد ذلك بضم قرية سكود (أو سوغوت) (قرب كوتاهية في محافظة بيله جك) التي غزاها عام 1231م إلى الأراضي التي كانت تحت سيطرته مكوناً إقطاعية خاصة به. أصبحت قرية سكود عاصمة الدولة العثمانية عام 1299م تحت حكم ابنه السلطان عثمان الأول.
كان تعداد القبيلة أيام أرطغرل حوالي 400 خيمة، لا يحتمل أن يزيد عددهم على 4000 شخص بما فيهم من النساء والأطفال، وهؤلاء هم الذين كوّنوا نواة الدولة، بالإضافة إلى الذين انضموا لهم فيما بعد من التركمان الذين قدموا عندما اتسعت رقعة الأراضي التي فتحها أرطغرل غازي خلال نصف قرن، كما أصبح من بين رعاياه مسيحيون (روم) نتيجة الفتوحات.
اتصاله بالبيت السلجوقي
حسب الروايات التراثية، بعدما وصلت الهجمات المغولية إلى مدينة باسينلر أيضًا، عاد أشقاء أرطغرل سونغور تكين (بالتركية: Sungur Tekin) وكندوغدو (بالتركية: Gündoğdu) إلى أخلاط، ولكن أرطغرل انتقل إلى الغرب مع أخيه الآخر دوندار بك (بالتركية: Dündar Bey). ويقال أن أرطغرل وأخيه دوندار بك واجهوا على مقربة من مدينة سيواس (بالتركية: Sivas) (باليونانية: Σεβάστεια سيباستيا) معركة للسلاجقة ضد المغول، حيث دعموا السلاجقة مما كان سبباً لفوزهم في المعركة. المصدر الوحيد الذي ذكر هذه المعركة هو "محمد نشرى" (بالتركية: Mehmed Neşrî) في كتابه "جيهان نومة" (أي: تاريخ العالم) (بالتركية: Kitâb-ı Cihannümâ)، ولكن وفقا للمؤرخين فإن معركة "المرج الواسع" (ياسّو تشيمين) (بالتركية: Yassı Çemen Muharebesi) الواقعة بين علاء الدين كيقباد الأول سلطان سلاجقة الأناضول وبين الخوارزميين عام 1230م، قد تكون هي المعنية. سلّم السلطان علاء الدين إلى أرطغرل منطقة عند جبل قره جه طاغ (بالتركية: Karacadağ) (الواقعة بالقرب من أنقرة حالياً) في عام 1230م، حيث عاش فيها أرطغرل مع قبيلته.
بعد مضي فترة من الزمن في سفوح جبل قره جه طاغ (بالتركية: Karacadağ) في شرق الأناضول، أرسل أرطغرل ابنه صاووجي بك (بالتركية: Savcı Bey) إلى السلطان علاء الدين كيقباد لطلب الاستقرار في منطقة جديدة. ووفقا للمصادر العثمانية، حصل أرطغرل على هذا الإذن، فانتقل واستقر مع قبيلته في محيط سكود، في صقاريا (بالتركية: Sakarya).
ى تحت قيادة أرطغرل
وصوله الأناضول واستقراره في سكود
ازداد عدد الأتراك في الإمارات البحرية لدولة سلاجقة الروم الواقعة بالأناضول على حدود الإمبراطورية البيزنطية، بسبب الضغط المغولي، الذي ازداد في الأناضول بعد معركة جبل كوسه (باللغة التركية العثمانية: كوسه طاغ) (بالتركية: Kösedağ) عام 1243م. كما ازداد التدفق علي الأراضي البيزنطية. ونتيجة لازدياد التدفق البشري، بدأت المجموعة الثانية من الإمارات تنشأ على الأراضي البيزنطية. كانت إمارة كرميان التي تحكم في منطقة كوتاهية، أقوى إمارات الأناضول في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي، وقامت بفتح غرب الأناضول في عام 1300م، وقامت بإنشاء المجموعة الثالثة من الإمارات. كان أرطغرل غازي على رأس الأتراك الذين استقروا في سكود (بالتركية: Söğüt)، والتي كانت الأكثر تقدما في منطقة سلطان أويو (بالتركية: Sultan Öyüğü) والتي باتت تُعرف الآن بمدينة إسكي شهر في تركيا. ولا يُعرف بالضبط متى وكيف جاء أرطغرل غازي إلى حُكم هذه المنطقة، ولكن هناك وجهات نظر مختلفة حول هذا الموضوع.
رواية كتاب "التاريخ الروحي"
وفقا لكتاب "التاريخ الروحي" (بالتركية: Ruhî Tarihi)؛ قامت القبيلة التركية المكونة من 340 شخصاً بقيادة أرطغرل غازي أو أحد أجداده، بمغادرة تركستان هم والسلاجقة معاً، وجاءوا إلى الأناضول حيث استقروا عند جبل قره جه طاغ (بالتركية: Karacadağ) حول إنغوري (بالتركية: Engüri) والتي أصبحت الآن: أنقرة.
كان أرطغرل غازي على علم بالصراع الواقع بين يوحنا الثالث دوكاس فتاتزيس (John III Doukas Vatatzes) إمبراطور نيقية (أكبر الدويلات التي انشأها البيزنطيون بعد سقوط القسطنطينية في إيدي اللاتين أثناء الحملة الصليبية الرابعة) وعلاء الدين كيقباد الأول سلطان سلاجقة الأناضول، حول منطقة سلطان أويو (بالتركية: Sultan Öyüğü) وإنغوري (بالتركية: Engüri)، فشارك أرطغرل غازي في القتال الدائر بينهما بين عامي 1222م و1230م بغرض خدمة الجيش السلجوقي وشارك في حصار قلعة قره جه حصار (بالتركية: Karacahisar).
رحّب علاء الدين كيقباد الأول سلطان سلاجقة الأناضول بمشاركة أرطغرل غازي في القتال، وعينه رئيساً للمحاربين المهاجمين.
في عام 1230م، وبسبب نتائج معركة "المرج الواسع" (ياسّو تشيمين) (بالتركية: Yassı Çemen Muharebesi) بين السلاجقة والخوارزميين، ومعركة "جبل كوسه طاغ" (بالتركية: Kösedağ Muharebesi) بين السلاجقة والمغول، تم إحلال السلام بين علاء الدين كيقباد الأول سلطان سلاجقة الأناضول ويوحنا الثالث دوكاس فتاتزيس إمبراطور نيقية.
بعد فترة وجيزة أعطى علاء الدين كيقباد الأول لأطغرل غازي أو لأجداده، مشتى سكود (مبيت شتوي لقبائل البدو يكون دافئا لهم ولبهائمهم وعادة ما تكون أرض منخفضة) ومنطقة دومانيتش (بالتركية: Domaniç) كمصيف (مكان مرتفع يكون بارداً أثناء حرارة الصيف ومناسب لتكاثر ماشية البدو)، وفيها دُفنت والدة أرطغرل: هيماه أنّا (بالتركية: Hayma Ana) وابنه سارو باطو صاووجي بك الذي استشهد لاحقا في معركة دومانيتش عام 1287م.
استمر أرطغرل غازي في الإغارة علي ذلك المكان، في حين غادر علاء الدين كيقباد الأول قلعة قره جه حصار (بالتركية: Karacahisar). ثم تصالح أرطغرل غازي بعد ذلك مع القوات المحلية في تلك المنطقة.
هذه المعلومات الموجودة في كتاب "التاريخ الروحي"، نُقلت بواسطة المُلَّا محمد نشري (بالتركية: Mevlânâ Mehmed Neşri) المتوفى سنة 1520م، وهو مؤرخ عثماني بارز من التأريخ العثماني المبكر، وقد اعتمد في بعض أجزاء كتابه على أعمال عاشق باشا زاده أحد أوائل أعلام التأريخ العثماني، والذي أقام حينًا من الدهر في مصر وشهد فتح القسطنطينية.
رواية أخرى
ولكن وفقا لرواية أخرى، فإن أرطغرل غازي والقبيلة، الذين استقروا في سفوح جبل قره جه طاغ (بالتركية: Karacadağ) في شرق تركيا الحالية بالقرب من وادي نهر آراس أو من مدينة أخلاط، قد أقاموا هناك لبعض الوقت مساندةً لعلاء الدين كيقباد الأول ضد يوحنا الثالث دوكاس فتاتزيس إمبراطور نيقية.
وعلى أية حال، فإن علاء الدين كيقباد الأول بعد عودته إلى قونية بسبب ازدياد هجمات المغول، أعطى أرطغرل غازي: مشتى سكود ومصيف دومانيتش.
توسعات أرطغرل
بعد انتقال قبيلة قايى إلى الحدود مع بيزنطة قاموا بغزو القرى والبلدات البيزنطية المجاورة. في عام 1231م، شنّ السلطان علاء الدين كيقباد عملية عسكرية ضد بيزنطة لتأمين الحدود الغربية لدولته. انضم الجيش السلجوقي القادم من قونية إلى أرطغرل بك وأتباعه لدعم السلطان في إسكي شهر (بالتركية: Eskişehir). انتصر السلاجقة في معركة عند بازاريري (Pazaryeri) ضد قوات الإمبراطور البيزنطي تيودور الثاني لاسكاريس (Laskaris) بدعم من أرطغرل ومحاربيه. بعدها، سلّم السلطان علاء الدين كيقباد إسكي شهر كجائزة إلى أرطغرل. بعد هذا الانتصار، فرض السلطان علاء الدين كيقباد حصارا على قلعة قره جه حصار (بالتركية: Karacahisar). ولكن عندما ضرب مغول الدولة الإلخانية حصاراً على الأناضول، عاد السلطان إلى قونية وأعطى أرطغرل غازي رئاسة العمليات الحربية.
بعد صراعات طويلة، غزا أرطغرل مع الأمراء الأتراك الآخرون قلعة قره جه حصار في عام 1231-1232م، وتم توزيع غنائم الحرب فيما بينهم، وأرسلوا خمس الغنائم والأسرى من الرؤساء المسيحيين إلى السلطان علاء الدين. ثم تولّى أرطغرل منطقة سكود - التي ستصبح في وقت لاحق عاصمة ابنه عثمان. أقرّ السلطان علاء الدين رسميا أراضي سكود كممتلكات تابعة لأرطغرل، فكانت سكود مشتىً (مبيت شتوي) ومنطقة دومانيتش (بالتركية: Domaniç) مصيفاً (مبيت في الصيف) للقبيلة.
كانت مساحة إقطاعية أرطغرل في كوتاهية ما بين 1000-2000 كم2 حين جاء من إرزنجان عام 1231م، وكان هذا يُعتبر أساس الدولة العثمانية فيما بعد. واستطاع أن يوسع أراضيه خلال نصف قرن إلى 4800 كم2 تقريباً حتى عام 1281م.
ازدياد قوة أرطغرل
مع مرور الوقت، انضم أرطغرل إلى أمراء الحدود (أو قادة الجبهات) الآخرين من ذوي الخبرة، وأصبح "أمير منطقة حدود" هو الآخر (بالتركية: uc bey)، مثل:
صامصا شاويش (بالتركية: Samsa Çavuş) الذي كان أول من استخدم لقب (شاويش) في الدولة العثمانية.
آيكوت آلب (بالتركية: Aykut Alp).
آقجة كجا (بالتركية: Akçakoca).
قره تكين (بالتركية: Kara Tegin)
قونور آلب (بالتركية: Konur Alp)، الذي هو أول قائد عسكري تركي خدم في الدولة العثمانية بعيد قيامها. و"قونور" معناه "اللون الكستنائي" الفاتح.
ونتيجة لذلك، ازدادت قبيلة قايى الأوغوزية قوة إلى قوة.
كان أرطغرل غازي يتقاضى خراجاً سنوياً حتى من تكفور قلعة بيله جك الرومي (تكفور: لقب استُخدم في نهايات الدولة السلجوقية وبدايات الدولة العثمانية للإشارة إلى زعماء مناطق الأقلية المسيحية المستقلين أو شبه المستقلين، أو للإشارة إلى حكّام الإمبراطورية البيزنطية المحليين في آسيا الصغرى و تراقيا )، إذ لم يكن لدى قبيلته (أرطغرل) أوأتباعه السلاح الكافي لحصار وفتح القلاع، حيث من المعلوم أن قواتهم كانت تعتمد في ذلك الوقت على الخيّآلة.
لم يشن أرطغرل حرباً ضد الأمراء البيزنطيين فحسب، بل كانت له أيضاً علاقات ودية مع أمير مدينة عثمانيلي (Osmaneli) وأمير مدينة بيله جك الواقعتان في منطقة بيله جك (أصبحت محافظة تركية الآن).
السيرة المتأخرة لأرطغرل
ظل أرطغرل "أمير منطقة حدود" في خدمة السلاطين السلاجقة. ووفقا للروايات التراثية، استمر ولاء أرطغرل للسلاطين السلاجقة المتعاقبين، وأعلن ولائه للسلطان غياث الدين كيخسرو الثالث وقدم له هدايا وافرة عندما زار الحدود الغربية مع بيزنطة عام 1279م، وبعد هذا التاريخ سلّم أرطغرل قيادة قبيلة قايى إلى ابنه عثمان، ثم توفي بعدها بأعوام قليلة.
وفاته
توفي أرطغرل غازي وعمره أكثر من 90 عاما، ويوجد له قبر حالياً في مدينة سكود بناه له ابنه السلطان عثمان غازي بن أرطغرل. وتختلف الروايات في تحديد تاريخ وفاة أرطغرل غازي:
المشهور أن أرطغرل غازي توفي عام 1281 أو 1282م في مدينة سكود بعد سنوات قليلة من تسليم قيادة قبيلة قايى إلى ابنه عثمان.
وتشير مصادر أخرى إلى أن تاريخ وفاته كان في 1288 أو 1289م.
قبره
توجد مقبرة خارج مدينة سكود تُنسب إلى أرطغرل، ولكن لا يوجد كتابة قديمة منقوشة عليها. يرجع تاريخ الكتابة الحالية المنقوشة على المقبرة إلى عام 1886-1887م، وذلك أثناء عملية ترميم سابقة قام بها السلطان عبد الحميد الثاني.
تاريخ إنشاء القبر غير معروف، ولكنه كان في نهاية القرن الثالث عشر:
بنى القبر لأول مرة عثمان غازي بن أرطغرل كقبر مفتوح.
تحول القبر لاحقاً إلى ضريح (بناء فوق القبر) من قبل السلطان محمد الأول.
أعاد السلطان مصطفى الثالث بناء الضريح في عام 1757م وغيّر في البناء الأصلي.
في عام 1886م تم ترميمه من قبل السلطان عبد الحميد الثاني وتم إضافة نافورة مياه إليه للوضوء.
تصميم القبر
جاء تصميم ضريح أرطغرل على شكل بناء سداسي الأضلاع، تغطيه قبة، ويتم الوصول إلى قبر أرطغرل بداخلها من خلال مدخل مستطيل الشكل على جانبيه نافذتان. بُنيت جدران الضريح من صف من الحجارة يعلوه صفين من الطوب. تم فتح نوافذ مستطيلة على الجدران الغربية والجنوبية الشرقية داخل الضريح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق