اسبانيا
(بالإسبانية: España)، رسمياً مملكة إسبانيا (بالإسبانية: Reino de España) هي دولة عضو في الاتحاد الأوروبي تقع في جنوب غرب أوروبا في شبه الجزيرة الأيبيرية. يحد برها الرئيسي من الجنوب والشرق البحر الأبيض المتوسط باستثناء الحدود البرية الصغيرة مع إقليم ما وراء البحار البريطاني جبل طارق. يحدها من الشمال فرنسا وأندورا وخليج بسكاي، وإلى الشمال الغربي والغرب المحيط الأطلسي والبرتغال.
تضم الأراضي الإسبانية أيضاً جزر البليار في البحر الأبيض المتوسط وجزر الكناري في المحيط الأطلسي قبالة الساحل الأفريقي واثنتين من مدن الحكم الذاتي في شمال أفريقيا هما سبتة ومليلية. علاوة على ذلك، تقع بلدية ييفيا الإسبانية كمكتنف داخل الأراضي الفرنسية. تبلغ مساحتها 504.030 كم² وبذلك تكون ثاني أكبر بلد من حيث المساحة في أوروبا الغربية والاتحاد الأوروبي بعد فرنسا.
خضعت إسبانيا بسبب موقعها لمؤثرات خارجية كثيرة منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى بزوغها كدولة. خرجت إسبانيا كبلد موحد في القرن الخامس عشر وذلك بعد توحيد الممالك الكاثوليكية والسيطرة على كامل شبه الجزيرة الأيبيرية في 1492. من ناحية أخرى، كانت إسبانيا مصدر نفوذ هام في مناطق أخرى خلال العصور الحديثة، عندما أصبحت إمبراطورية عالمية خلفت إرثاً يضم أكثر من 500 مليون ناطق بالإسبانية، مما يجعلها ثاني اللغات الأم استخداماً.
تعدّ إسبانيا دولة ديمقراطية ذات حكومة برلمانية في ظل نظام ملكي دستوري. وتعد إسبانيا أيضا من البلدان المتقدمة حيث أن اقتصادها تاسع أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، كما أن مستويات المعيشة مرتفعة جداً وتقع (في المرتبة العشرين على مؤشر التنمية البشرية)، وأيضاً في المرتبة العاشرة من حيث معيار جودة الحياة في العالم في عام 2005. إسبانيا عضو في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ومنظمة التجارة العالمية.
أصل التسمية
لا يزال أصل تسمية إسبانيا بهذا الاسم محط جدل، فقد يكون الاسم الروماني القديم لأيبيريا، هسبانيا، نابعاً من الاستخدام الشعري لكلمة هيسبيريا والتي تشير إلى إسبانيا، والتي بدورها تعكس التصور اليوناني لإيطاليا بأنها "الأرض الغربية" أو "أرض غروب الشمس" (هيسبيريا) وبالتالي تكون إسبانيا هسبيريا ألتيما (أرض الغروب القاصية) كونها إلى الغرب من إيطاليا.
وقد تكون التسمية أيضاً اشتقاقاً من إسبانية البونيقية والتي تعني "أرض الأرانب" أو "الحافة"، في إشارة إلى موقع إسبانيا على الطرف الغربي للبحر الأبيض المتوسط؛ تظهر النقود الرومانية في المنطقة من عهد هادريان شخصية أنثى وأرنب عند قدميها.
هناك أيضاً اعتقادات بأن كلمة إسبانيا مشتقة من الكلمة الباسكية إزبانا ومعناها "الحافة" أو "الحدود"، وهي إشارة أخرى إلى حقيقة أن شبه جزيرة أيبيريا تشكل الجنوب الغربي من القارة الأوروبية.
بينما يقترح الإنساني أنطونيو دي نبريخا أن كلمة هسبانيا تطورت من كلمة هيسباليس الأيبيرية، ومعناها "مدينة العالم الغربي". وفقاً لبحث جديد قام به خيسوس لويس كونكيلوس ونشر في عام 2000 باسم غراماتيكا فينيسيا اليمينتال (القواعد الأساسية الفينيقية)، يعود جذر المصطلح -سبان إلى -سبي وهو ما يعني "صهر المعادن". ولذلك i-spn-ya تعني "الأرض التي يجري صهر المعادن فيها".
التاريخ
ما قبل التاريخ والشعوب ما قبل الرومان
لوحات كهف ألتميرا، في كنتابريا.
تشير البحوث الأثرية في أتابويركا إلى أن شبه الجزيرة الأيبيرية كانت مأهولة بأسلاف البشر منذ 1.2 مليون عاماً. وصل البشر الحديثون شبه الجزيرة لأول مرة من الشمال سيراً على الأقدام منذ 32.000 سنة مضت. أفضل القطع الأثرية المعروفة من هذه المستوطنات البشرية ما قبل التاريخ هي اللوحات الشهيرة في كهف ألتميرا في كنتابريا في شمال أيبيريا والتي تم إنشاؤها حوالي 15.000 ق.م من قبل كرو-ماغنونس.
توحي الأدلة الأثرية والجينية بقوة أن شبه الجزيرة الأيبيرية كانت واحدة من الملاجئ الكبرى التي ساهمت في إعادة استيطان شمال أوروبا بعد نهاية العصر الجليدي الأخير.
سكن الجزيرة شعبان رئيسيان تاريخياً هما الأيبيريون والسلتيون، حيث استوطن الشعب الأول جانب البحر الأبيض المتوسط من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي، بينما سكن السلتيون جانب الأطلسي في الشمال والجزء الشمالي الغربي من شبه الجزيرة. في الجزء الداخلي من شبه الجزيرة، حيث كان كلا الفريقين على اتصال، نشأت ثقافة مختلطة مميزة تعرف باسم سلتأيبيرية. استوطن الباسك المنطقة الغربية لسلسلة جبال البيرينيه والمناطق المتاخمة. ظهرت جماعات عرقية أخرى على طول المناطق الساحلية لجنوب شبه الجزيرة.
برزت في جنوب شبه الجزيرة المدينة شبه الأسطورية تارتيسوس (تقريباً 1100 قبل الميلاد)، والتي عرفت بتجارة سلع مصنوعة من الذهب والفضة مع الفينيقيين واليونانيين والتي وثقها كل من سترابون وسفر نشيد الأنشاد. بين حوالي 500-300 قبل الميلاد أسس الفينيقيون والإغريق البحارة مستعمرات تجارية على طول سواحل البحر المتوسط. سيطر القرطاجيون لفترة وجيزة على جزء كبير من الساحل المتوسطي لشبه الجزيرة، حتى هزمهم الرومان في الحروب البونيقية.
الإمبراطورية الرومانية ومملكة القوط
خلال الحرب البونيقية الثانية، نجحت الإمبراطورية الرومانية في السيطرة على المستوطنات القرطاجية التجارية على طول ساحل البحر المتوسط ما بين 210-205 قبل الميلاد تقريباً. استغرق الرومان فترة طويلة لاستكمال الاستيلاء على شبه الجزيرة الأيبيرية، على الرغم من أنهم سيطروا على أغلبها لأكثر من ستة قرون. جلب الحكم الروماني للمنطقة القانون واللغة والطرق.
بدأت الثقافتان السلتية والأيبيرية والباسكية بالتأثر بالحضارة الرومانية بدرجات مختلفة في مختلف أجزاء هيسبانيا. كما دخل الزعماء المحليون في الطبقة الأرستقراطية الرومانية. خدمت هيسبانيا بمثابة مخزن الحبوب في السوق الرومانية، بينما صدرت موانئها الذهب والصوف وزيت الزيتون والنبيذ. تطور الإنتاج الزراعي مع تقديم مشاريع الري والتي لا يزال بعضها قيد الاستخدام. ولد الأباطرة تراجان وثيودوسيوس الأول والفيلسوف سنكا في هسبانيا. ظهرت المسيحية في هيسبانيا في القرن الميلادي الأول وأصبحت ذات شعبية في المدن في القرن الثاني الميلادي. تعود معظم لغات إسبانيا الحالية والدين وأساس القوانين إلى هذه الفترة.
بدأ الضعف يدب في حكم الإمبراطورية الرومانية الغربية في هسبانيا في 409، عندما عبرت الشعوب الجرمانية مثل السويبيون والفاندال الجرمان والألان السرماتيون نهر الراين ونهبوا بلاد الغال، حتى بدأ نفوذ القوط الغربيين بدفعهم نحو أيبيريا في نفس العام. أنشأ السويبيون مملكة في ما هو اليوم غاليسيا الحديثة وشمال البرتغال. مع تفكك الإمبراطورية الغربية، أصبحت القاعدة الاجتماعية والاقتصادية مبسطة بشكل كبير ولكن حتى في صيغتها المعدلة، حافظت الأنظمة التي خلفت الرومان على العديد من المؤسسات والقوانين التي ورثتها منهم بما فيها المسيحية.
أنشأ فاندال هاسدينغي حلفاء الألان مملكة في غالايسيا أيضاً، والتي ضمت المنطقة ذاتها ولكنها تمتد جنوباً إلى نهر دويرو. بينما احتل فاندال سيلينغي المنطقة التي لا تزال تسمى نوعاً ما باسمهم فاندالوسيا وهي أندلوسيا الحديثة في إسبانيا. بينما أنشأ البيزنطيون مكتنف إسبانيًا في الجنوب بقصد إحياء الإمبراطورية الرومانية في جميع أنحاء أيبيريا. في نهاية المطاف وحدت هسبانيا تحت حكم القوط الغربيين.
أيبيريا الإسلامية
سقط أغلب شبه الجزيرة في القرن الثامن (711-718) بيد جيوش المسلمين القادمة من شمال أفريقيا. كانت هذه الفتوحات جزءاً من توسع الخلافة الإسلامية الأموية. تمكنت فقط منطقة صغيرة جبلية في الشمال الغربي من شبه جزيرة من مقاومة الغزو الأولي.
بموجب الشريعة الإسلامية، جرت معاملة المسيحيين واليهود معاملة أهل الذمة. حيث يسمح هذا الوضع للمسيحيين واليهود بممارسة دياناتهم كأهل الكتاب وكان عليهم دفع الجزية. وعلى الرُغم من التمازج والعيش السلمي بين المُسلمين والمسيحيين في الأندلُس، فإنَّ بعض الثورات الطائفيَّة أو المصبوغة بصبغةٍ طائفيَّة قد وقعت بين الحين والآخر لِأسبابٍ مُختلفة، منها ثورة عُمر بن حفصون المُعارض لِسُلطة الدولة الأُمويَّة، وقد استمرَّت 49 سنة (267هـ - 316هـ)، وقضيَّة شُهداء قُرطُبة المُثيرة للجدل.
تطور اعتناق الإسلام بوتيرة متزايدة باستمرار. يعتقد بأن المولدون (المسلمون من أصول عرقية أيبيرية) قد شكلوا غالبية سكان الأندلس في نهاية القرن العاشر.
كان المجتمع الإسلامي ذاته في شبه الجزيرة الأيبيرية متنوعاً وعانى من بعض التوترات الاجتماعية. اصطدم الأمازيغ من شمال أفريقيا والذين شكلوا الجزء الأكبر من الجيوش الغازية بالقيادات الإسلامية القادمة من عاصمة الخلافة. مع مرور الوقت ترسخت المجتمعات المغاربية في أيبيريا ولا سيما في وادي نهر الوادي الكبير والسهل الساحلي لفالنسيا ووادي نهر أبرة وفي المنطقة الجبلية من غرناطة بعد سقوط الإمارات الأخرى.
كانت قرطبة عاصمة الخلافة والأكبر والأغنى والأكثر تطوراً في أوروبا الغربية. ازدهرت التجارة المتوسطية والتبادل الثقافي. جلب المسلمون التقاليد الفكرية العريقة من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. بينما لعب العلماء المسلمون واليهود دوراً هاماً في إحياء وتوسيع تعلم اليونانية الكلاسيكية في أوروبا الغربية. تفاعلت الثقافة اللاتينية لشبه الجزيرة مع الثقافة الإسلامية بطرق معقدة، مما منح المنطقة ثقافة مميزة. خارج المدن، حيث عاش أغلب السكان، ظل نظام ملكية الأرض كما هو منذ العصر الروماني دون تغيير حيث أن القادة المسلمين نادراً ما استبدلوا ملاك الأراضي. أدخلت محاصيل وتقنيات زراعية جديدة أدت إلى تطور الزراعة في المنطقة.
في القرن الحادي عشر، دخل الحكم الإسلامي حقبة ملوك الطوائف المتناحرة مما سمح للدول المسيحية الصغيرة بالتوسع. استعاد المرابطون ومن بعدهم الموحدون وحدة الأراضي الإسلامية، مع تطبيق أكثر صرامة للإسلام، تزامن ذلك مع نهضة في ثروات المسلمين. شهدت هذه الفترة عودة سلطة الدولة الإسلامية والتي شهدت أكثر من قرن من النجاحات وعكست المكاسب الجزئية التي حققتها الممالك المسيحية.
فترة الاسترداد أو سقوط الأندلس هي حقبة دامت عدة قرون من توسع الممالك المسيحية في أيبيريا. تعدّ معركة كوفادونجا بداية هذا العهد في عام 722 وتزامنت مع فترة الحكم الإسلامي لشبه الجزيرة الأيبيرية. أدى انتصار الجيوش المسيحية على المسلمين في تلك المعركة لتشكيل مملكة أستورياس على طول الجبال الساحلية شمال غرب البلاد. انتقلت جيوش المسلمين إلى الشمال من جبال البرانس، ولكنهم هزموا على يد قوات الفرنجة في معركة بلاط الشهداء.
بعد ذلك، تراجعت جيوش المسلمين إلى مواقع أكثر أمناً جنوب جبال البرانس حيث اتخذت من واديي نهري أبرة ودويرو حدوداً. سيطرت القوات المسيحية على غاليسيا في 739 والتي استضافت أحد أقدس المواقع في أوروبا في العصور الوسطى، سانتياغو دي كومبوستيلا. بعد ذلك بفترة وجيزة، أنشأت قوات الفرنجة مقاطعات مسيحية على الجانب الجنوبي من جبال البرانس، نمت هذه المقاطعات لتصبح ممالك. شملت هذه الأراضي نافار وأراغون وكاتالونيا. ساعد دخول الأندلس في فترة ملوك الطوائف المتنافسة الممالك المسيحية. مثل الاستيلاء على مدينة طليطلة الإستراتيجية في 1085 تحولاً كبيراً في ميزان القوى لصالح الممالك المسيحية في أيبيريا. بعد العودة القوية للحكم الإسلامي في القرن الثاني عشر، سقطت المعاقل الإسلامية الرئيسية في الجنوب بيد الممالك المسيحية في القرن الثالث عشر - قرطبة 1236 وإشبيلية 1248 - ولم يتبقى سوى إمارة مسلمة في غرناطة في الجنوب. في القرنين الثالث عشر والرابع عشر قامت الدولة المرينية التي كان مقرها شمال أفريقيا بغزو شبه الجزيرة وأنشأت بعض الجيوب على الساحل الجنوبي لكنها فشلت في إعادة تأسيس الحكم الإسلامي في أيبيريا ولم تستمر لفترة طويلة. شهد القرن الثالث عشر أيضاً توسع تاج أراغون المتمركز في شمال شرق إسبانيا إلى جزر البحر الأبيض المتوسط إلى صقلية وصولاً إلى أثينا. في هذه الفترة تقريباً تأسست جامعات بلنسية (1212/1263) وسالامانكا (1218/1254). دمر الموت الأسود البلاد بين عامي 1348 و1349.
الإمبراطورية الإسبانية
توحد تاجا مملكتي قشتالة وأراغون في عام 1469 بزواج إيزابيلا الأولى ملكة قشتالة بملك أراغون فرديناند الثاني. شهدت سنة 1478 السيطرة التامة على جزر الكناري وفي 1492 قامت القوات المشتركة من قشتالة وأراغون بالاستيلاء على إمارة غرناطة وإنهاء 781 عاماً من الحكم الإسلامي في أيبيريا. ضمنت معاهدة غرناطة التسامح الديني تجاه المسلمين. ومع أن ذلك التسامح هو جزئي فقط. وفي سنة 1492 أمر فيها اليهود في إسبانيا بالتحول إلى الكاثوليكية أو مواجهة الطرد من الأراضي الإسبانية خلال فترة محاكم التفتيش. بعد سنوات قليلة وفي أعقاب الاضطرابات الاجتماعية واجه المسلمون الطرد أيضاً بعد ثورة البشرات .
وشهدت سنة 1492 أيضاً وصول كريستوفر كولومبس إلى العالم الجديد في رحلة مولتها إيزابيلا. وهي أول رحلة عبرت الأطلسي ووصلت إلى جزر الكاريبي، فاتحة بذلك عصر الاستكشاف الأوروبي وغزو الأمريكتين، ومع قناعته أنه وصل إلى الشرق. بدأ استعمار الأمريكتين مع الغزاة أمثال إرنان كورتيس وفرانثيسكو بيثارو. وكان التمازج هو الحكم بين الثقافة الأوروبية والمحلية وبين الناس.
وكما هو الحال في الأنظمة الملكية في عصر النهضة قام فرديناند وإيزابيلا بمركزة السلطة الحاكمة على حساب النبلاء المحليين، وأصبحت كلمة إسبانيا تستخدم للدلالة على كامل المملكتين. بعد التعديلات الواسعة التي قاما بها من النواحي السياسية والقانونية والدينية والعسكرية، برزت إسبانيا باعتبارها القوة العالمية الأولى.
وضع توحيد عرشي أراغون وقشتالة أساس إسبانيا الحديثة والإمبراطورية الإسبانية. على الرغم من أن كل إقليم احتفظ بإدارة ومكون قضائي خاص به وعملة ولغة خاصة به. فالوحدة لاتعني نظام موحد. وأعتبر الملوك الكاثوليك ملوك بنّاؤون، فقد رمّموا الكاتدرائيّات، وبنوا أديرة في المُدُن وصروحًا كبيرة مدنيّة (كالمستشفيات). لكنّ المتوسّط فَقَدَ، في النصف الثاني من القرن الخامس عشر، الأولويّة التي كان قد اكتسبها منذ نهاية القرن الحادي عشر. فكان المستقبل من شأن الأمم وسُفُن الأطلسيّ.
عندما استلم أول ملوك الهابسبورغ كارلوس الأول الحكم في إسبانيا إندلعت بوجه نظامه الإمبراطوري الاستبدادي ثورتان قويتان: ثورة العوام في قشتالة وثورة الأخوة في مايوركا وبلنسية، إلا أنه قمعهما بعد سنة. أصبحت إسبانيا القوة الرائدة في أوروبا خلال القرن 16 وأغلب القرن 17 وهو موقف عززته التجارة والثروة القادمة من المستعمرات. وصلت الإمبراطورية ذروتها خلال عهدي أول ملكين من آل هابسبورغ - كارلوس الأول (1516-1556) وفيليب الثاني (1556-1598). شهدت هذه الفترة الحروب الإيطالية وتمرد العوام والثورة الهولندية وثورة البشرات وحروبهم مع العثمانيين والحرب بين إنجلترا وإسبانيا والحروب مع فرنسا.
توسعت الإمبراطورية الإسبانية لتشمل أجزاء كبيرة من الأمريكتين وجزراً في منطقة آسيا والمحيط الهادئ ومناطق في إيطاليا ومدناً في شمال أفريقيا، وكذلك أجزاء مما هي الآن فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا. كانت أول إمبراطورية قيل أن الشمس لا تغيب عنها. كانت تلك الفترة عصر الاستكشاف، حيث كانت الاستكشافات جريئة بحراً وبراً وجرى الانفتاح على طرق جديدة للتجارة عبر المحيطات، مما أطلق الفتوحات وبدايات الاستعمار الأوروبي. مع وصول المعادن الثمينة والتوابل والكماليات والمحاصيل الزراعية الجديدة، جلب المستكشفون الإسبان العائدون المعرفة من العالم الجديد، ولعبوا دوراً رئيسياً في تحويل الفهم الأوروبي للعالم. يشار حالياً إلى الازدهار الثقافية حينها بالعصر الذهبي الإسباني. أثار صعود النزعة الإنسانية والإصلاح البروتستانتي والاكتشافات الجغرافية الجديدة قضايا تناولتها الحركة الفكرية المؤثرة والتي تعرف الآن باسم مدرسة سالامانكا.
في أواخر القرن السادس عشر والنصف الأول من القرن السابع عشر، واجهت إسبانيا تحديات جمة من كل الجهات. الجهاد البحري برعاية الإمبراطورية العثمانية سريعة النمو عطل الحياة في العديد من المناطق الساحلية من خلال غارات الرقيق وتجدد التهديد بالتوسع الإسلامي. أتى هذا في وقت كانت فيه إسبانيا في حالة حرب مع فرنسا في أغلب الأحيان. كما جر الإصلاح البروتستانتي المملكة الكاثوليكية إلى مستنقع الحروب الدينية. وكانت النتيجة توسيع البلاد لجهودها العسكرية أكثر من أي وقت مضى في جميع أنحاء أوروبا والبحر الأبيض المتوسط. مع حلول منتصف القرن السابع عشر الذي ملأته الحروب والطاعون، كان آل هابسبورغ الإسبان قد أشركوا البلاد في الصراعات الدينية والسياسية على مستوى القارة. استنزفت هذه الصراعات موارد البلاد وقوضت الاقتصاد الأوروبي عموماً. تمكنت إسبانيا من التمسك بمعظم إمبراطورية هابسبورغ المتناثرة ومساعدة قوات الإمبراطورية الرومانية المقدسة في عكس جزء كبير من التقدم الذي أحرزته قوات الممالك البروتستانتية، لكنها اضطرت في النهاية إلى الاعتراف بانفصال البرتغال (اللتان اتحدتا باتحاد شخصي بين عامي 1580 و1640) وهولندا، وفي النهاية عانت من بعض الانتكاسات العسكرية الخطيرة أمام فرنسا في المراحل الأخيرة من حرب الثلاثين عاما التي شملت كامل أوروبا.
في النصف الأخير من القرن السابع عشر دخلت إسبانيا في تراجع تدريجي نسبي. حيث سلمت خلالها عدداً من الأقاليم الصغيرة إلى فرنسا. مع ذلك حافظت على إمبراطوريتها الشاسعة عبر البحار والتي بقيت سليمة حتى بداية القرن التاسع عشر. بلغ التدهور حدته مع الجدل حول خلافة العرش الذي استهلك السنوات الأولى من القرن الثامن عشر. كانت حرب الخلافة الإسبانية صراعاً دولياً واسع النطاق زاد من حدته الحرب الأهلية. كلف ذلك المملكة ممتلكاتها الأوروبية ومكانتها كإحدى القوى الكبرى في القارة. خلال هذه الحرب، برزت سلالة جديدة نشأت في فرنسا هم آل بوربون. قام الملك البوربوني الجديد فيليب الخامس بتوحيد مملكتي قشتالة وأراغون في دولة واحدة بعد أن كان الاتحاد فقط في شخص الملك. بهذا ألغى العديد من الامتيازات الإقليمية والقوانين القديمة. شهد القرن الثامن عشر انتعاشاً تدريجياً وازدهاراً في أغلب الإمبراطورية. جلبت سلالة البوربون الملكية الجديدة النظام الفرنسي لتحديث الإدارة والاقتصاد. بدأت أفكار التنوير في الحصول على قاعدة لها بين بعض النخبة الملكية والنظام الملكي. كما أدت المساعدات العسكرية للمستعمرات البريطانية المتمردة في حرب الاستقلال الأمريكية إلى تحسين موقف المملكة على المستوى الدولي.
في عام 1793، ذهبت إسبانيا لحرب الجمهورية الفرنسية الجديدة التي كانت قد أطاحت بملكها البوربوني لويس السادس عشر وأعدمته. أدت الحرب إلى استقطاب داخل البلاد في رد فعل واضح ضد النخب المفرنسة. بعد أن هزمت إسبانيا في الميدان وقعت السلام مع فرنسا في 1795 وأصبحت في الواقع دولة عميلة لها؛ في 1807، جرى الاتفاق على معاهدة فونتينبلو السرية بين نابليون وغودوي والتي لم تحظ بأي شعبية وأدت إلى إعلان الحرب ضد بريطانيا والبرتغال. دخلت القوات الفرنسية مملكة إسبانيا دون مقاومة بغرض غزو البرتغال، ولكنها احتلت القلاع الإسبانية بدلاً من ذلك. أدى هذا الغزو الخادع لتنازل ملك إسبانيا كارلوس الرابع لصالح شقيق نابليون المدعو جوزيف بونابرت. اعتبر هذا الملك الأجنبي على نطاق واسع دمية خارجية وعومل باحتقار. في 2 مايو 1808 اندلعت ثورة كانت واحدة من بين العديد من الثورات القومية ضد الحكم البونابرتي. كانت هذه الثورات بداية ما يعرفه الإسبان بحرب الاستقلال، بينما دعاها البريطانيون حرب شبه الجزيرة. اضطر نابليون إلى التدخل شخصياً وهزم عدة جيوش إسبانية سيئة التنسيق مما اضطر الجيش البريطاني إلى التراجع. مع ذلك، تضافرت عدة عوامل أدت في النهاية إلى طرد جيوش الإمبراطورية الفرنسية من إسبانيا عام 1814 وعودة الملك فيرناندو السابع. كانت هذه العوامل النشاط العسكري المتزايد للجيوش والمتمردين الإسبان والدعم الذي تلقته من القوات البرتغالية والبريطانية بقيادة الدوق ويلينغتون إضافة إلى ذلك غزو نابليون الكارثي لروسيا. دمر الغزو الفرنسي اقتصاد المملكة وترك إسبانيا بلداً منقسماً بشدة وعرضة لعدم الاستقرار السياسي. أدى الصراع على السلطة في بدايات القرن التاسع عشر إلى فقدان إسبانيا لكامل مستعمراتها في الأمريكتين (التي امتدت من لاس كليفورنياس إلى باتاغونيا) باستثناء كوبا وبورتوريكو.
الحرب الأمريكية الإسبانية
في خضم الأزمة الاقتصادية وعدم الاستقرار الذي أصاب إسبانيا في القرن التاسع عشر نشأت حركات قومية في الفلبين وكوبا. تلا ذلك حروب استقلال في تلك المستعمرات، وفي النهاية أصبحت الولايات المتحدة معنية بالأمر. على الرغم من الالتزام والقدرة التي أبدتها بعض الوحدات العسكرية، فإن سوء الإدارة أتى من أعلى مستويات القيادة وهكذا فإن الحرب الأمريكية الإسبانية التي دارت في ربيع عام 1898 لم تدم طويلاً. عرفت تلك الحرب باسم "إل ديزاستري" (الكارثة) وأعطت دفعة قوية لجيل 98 الذين كانوا يقومون بالكثير من التحليل النقدي بشأن ما يجري في البلاد. كما أنها أضعفت الاستقرار الذي أنشئ في عهد ألفونسو الثاني عشر.
القرن العشرون
جلب القرن العشرون بعض السلام للبلاد. لعبت إسبانيا دوراً صغيرًا. في التدافع على أفريقيا حيث احتلت الصحراء الغربية ومنطقة الريف المغربية وغينيا الاستوائية. ساعدت الخسائر الفادحة خلال حرب الريف في المغرب في تقويض النظام الملكي. انتهت فترة من الحكم الاستبدادي تحت حكم الجنرال ميغيل بريمو دي ريفيرا (1923-1931) بقيام الجمهورية الإسبانية الثانية. منحت الجمهورية الحكم السياسي الذاتي لأقاليم الباسك وكاتالونيا وغاليسيا وأعطت المرأة حق التصويت.
نشبت الحرب الأهلية الإسبانية بين عامي 1936-1939. برزت القوى القومية بقيادة الجنرال فرانسيسكو فرانكو منتصرة بعد ثلاث سنوات مدعومة من قبل ألمانيا النازية وإيطاليا الفاشية. بينما أيد حكومة الجبهة الشعبية الاتحاد السوفيتي والمكسيك والكتائب الدولية بما فيها لواء أبراهام لينكون الأمريكي، لكنه لم يتلق الدعم الرسمي من القوى الغربية بسبب السياسة التي تقودها بريطانيا في عدم التدخل. ذهبت الحرب الأهلية بأرواح أكثر من 500.000 شخص وتسببت في فرار ما يصل إلى نصف مليون مواطن. يعيش معظم أحفادهم الآن في بلدان أمريكا اللاتينية منهم 300.000 شخص في الأرجنتين وحدها. سميت الحرب الأهلية الإسبانية أولى معارك الحرب العالمية الثانية؛ تحت حكم فرانكو كانت البلاد على الحياد في الحرب العالمية الثانية على الرغم من تعاطفها مع المحور. الحزب الوحيد القانوني في ظل حكم نظام فرانكو بعد الحرب الأهلية الإسبانية كان فالانجي إسبانيولا تراديثيوناليستا دي لاس خونس التي تشكلت في 1937. أكد الحزب على الكاثوليكية القومية ومناهضته للشيوعية. نظراً لمعارضة فرانكو للأحزاب السياسية المتنافسة، أعاد تسمية الحزب باسم الحركة الوطنية في عام 1949. بعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت إسبانيا معزولة سياسياً واقتصادياً كما لم تكن عضواً في الأمم المتحدة. تغير هذا الوضع في عام 1955، خلال فترة الحرب الباردة، عندما أصبحت ذات أهمية إستراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة لإقامة وجود عسكري في شبه الجزيرة الأيبيرية باعتباره يحد من أي تحرك محتمل من قبل الاتحاد السوفييتي في حوض البحر الأبيض المتوسط. سجلت إسبانيا في الستينات نمواً اقتصادياً غير مسبوق في ما أصبح يعرف باسم المعجزة الإسبانية، والتي استأنفت التحول نحو الاقتصاد الحديث.
بوفاة فرانكو في نوفمبر 1975، تولى خوان كارلوس منصب ملك إسبانيا وقائد الدولة وفقاً للقانون. مع الموافقة على الدستور الإسباني الجديد لعام 1978 والانتقال للديمقراطية، تم تحويل الكثير من سلطات الدولة إلى السلطات الإقليمية وتشكل التنظيم الداخلي على أساس الأقاليم ذاتية الحكم. في إقليم الباسك، تعايشت القومية الباسكية المعتدلة مع حركة قومية متطرفة بقيادة منظمة إيتا المسلحة. تشكلت المجموعة في 1959 خلال حكم فرانكو لكنها واصلت شن حملتها العنيفة حتى بعد استعادة الديمقراطية وعودة قدر كبير من الحكم الذاتي للإقليم. في 23 فبراير 1981، استولت عناصر من المتمردين في صفوف قوات الأمن على الكورتيس في محاولة لفرض حكومة مدعومة عسكرياً. تولى الملك خوان كارلوس قيادة الجيش شخصياً وطالب بنجاح مدبري الانقلاب عبر التلفزيون الوطني بالاستسلام. في 30 مايو 1982 انضمت إسبانيا منظمة حلف شمال الأطلسي بعد استفتاء عام. في تلك السنة وصل حزب العمال الاشتراكي الإسباني إلى السلطة وهي أول حكومة يسارية في 43 عاماً. في عام 1986 انضمت إسبانيا إلى السوق الأوروبية المشتركة التي أصبحت الاتحاد الأوروبي. استبدل الحزب الاشتراكي الإسباني في الحكومة بالحزب الشعبي بعد أن فاز الأخير في الانتخابات العامة 1996، في تلك النقطة كان الحزب الاشتراكي قد خدم ما يقرب من 14 سنة متتالية في الحكومة.
القرن الحادي والعشرون
في بداية عام 2002، أوقفت إسبانيا استخدام البيزيتا كعملة وطنية لستبدلها باليورو، والذي تشترك به مع دول أخرى في منطقة اليورو. كما شهدت إسبانيا أيضاً نمواً اقتصادياً قوياً كان أعلى بكثير من متوسط الاتحاد الأوروبي، ولكن روج حينها لمخاوف صدرت عن العديد من المعلقين الاقتصاديين في ذروة الطفرة أن أسعار العقارات غير العادية وارتفاع العجز في التجارة الخارجية بسبب الطفرة قد تؤدي إلى انهيار اقتصادي مؤلم، وهو الأمر الذي تأكد بانهيار شديد في سوق العقارات أدى الركود الذي ضرب البلاد في عامي 2008-2009.
انفجرت سلسلة من القنابل في قطارات ركاب في مدريد في 11 مارس 2004. بعد تحقيق دام خمسة أشهر في عام 2007 استنتج أن هذه التفجيرات كانت من صنع مجموعة إسلامية متشددة محلية متعاطفة مع تنظيم القاعدة. ذهبت التفجيرات بحياة 191 شخصاً وإصابة أكثر من 1.800، وربما كان القصد من تلك التفجيرات التأثير على نتائج الانتخابات العامة الإسبانية، التي عقدت بعد ثلاثة أيام.
على الرغم من الشكوك الأولية التي ركزت على مجموعة إيتا الباسكية، ظهرت أدلة تشير إلى تورط الإسلاميين. بسبب قرب الانتخابات، سرعان ما تحولت المسألة إلى جدل سياسي، حيث تبادل الحزبان الرئيسيان الحزب الاشتراكي الإسباني وحزب الشعب الاتهامات حول التبعات. في انتخابات 14 مارس، فاز الحزب الاشتراكي الإسباني بقيادة خوسيه لويس رودريغيس ثاباتيرو بأغلبية المقاعد بما يكفي لتشكيل حكومة جديدة ترأسها ثاباتيرو نفسه لتخلف حكومة حزب الشعب.
الجغرافيا
تبلغ مساحة إسبانيا 504.782 كم² (194.897 ميل مربع) وبذلك تكون الدولة رقم 51 من حيث المساحة عالمياً. تصغر إسبانيا بنحو 47.000 كم² (18.000 ميل مربع) عن فرنسا وتكبر بنحو 81.000 كم² (31.000 ميل مربع) عن ولاية كاليفورنيا الأمريكية. تيد (تنريف، جزر الكناري) هي أعلى قمة في إسبانيا وثالث أكبر بركان في العالم من قاعدته.
يحد إسبانيا من الغرب البرتغال، بينما يحدها من الجنوب جبل طارق (أقليم ما وراء البحار البريطاني) والمغرب عبر مكتنفات سبتة ومليلية وجزيرة قميرة في شمال أفريقيا. من الشمال الشرقي وعلى طول سلسلة جبال البرانس تحدها فرنسا وإمارة أندورا.
تضم إسبانيا أيضاً جزر البليار في البحر الأبيض المتوسط وجزر الكناري في المحيط الأطلسي وعدداً من الجزر غير المأهولة على الجانب المتوسطي من مضيق جبل طارق، والمعروفة باسم بلاثاس دي سوبيرانيا، أي المواقع السيادية، مثل جزر إشفارن وجزيرة البران وصخرة الحسيمة وجزيرة تورة. على طول جبال البرانس في كتالونيا، توجد بلدة صغيرة تدعى ليفيا على شكل مكتنف ضمن الأراضي الفرنسية. أما جزيرة لوس فيسانيس في نهر بيداسوا فهي ذات حكم إسباني فرنسي مشترك.
يهيمن على البر الإسباني الرئيسي الهضاب المرتفعة وسلاسل الجبال مثل سييرا نيفادا. يمتد من هذه المرتفعات عدة أنهار رئيسية مثل نهر تاجة وأبرة ودويرو ونهر يانة والوادي الكبير. توجد السهول الغرينية على طول الساحل وأكبرها في الوادي الكبير في أندلوسيا.
المناخ
بسبب موقع إسبانيا وتقسيم تضاريسها يمكن ملاحظة ثلاثة مناطق مناخية رئيسية. أولاها منطقة البحر الأبيض المتوسط المناخية والتي تتميز بصيف جاف ودافئ. وفقاً لتصنيف كوبين المناخي فإن هذه المنطقة المناخية هي السائدة في شبه الجزيرة مع نوعين: مناخ البحر الأبيض المتوسط النمطي والموجود في معظم أنحاء البلاد، المناخ المتوسطي الغاليسي (غاليسيا وقشتالة الشمالية الغربية)، حيث الصيف أقل حرارة نظراً لقرب المنطقة من المحيط أو بسبب الارتفاع عن سطح البحر.
أما المناخ شبه الجاف فيوجد في الربع الجنوبي الشرقي من البلاد، وخاصة في منطقة مرسية وفي وادي أبرة. وبعكس المناخ المتوسطي يمتد موسم الجفاف إلى ما بعد فصل الصيف. ثالث الأقاليم المناخية هو المناخ المحيطي والذي يتميز بدرجات حرارة صيفاً وشتاء تتأثر بالتيارات المحيطية كما لا يوجد جفاف موسمي. في الشريط الساحلي بالقرب من بلاد الباسك وأستورياس وفي بعض المرتفعات، يوجد نوع "جنوبي" منه بفارق بسيط، حيث تكون درجات الحرارة في الصيف أعلى قليلاً (متوسط درجات الحرارة في يوليو بين 20-22 درجة مئوية (68.0-71.6 درجة فهرنهايت) وتفوق أعاصيره شمال غرب أوروبا) - (متوسط درجات الحرارة في يوليو 21 درجة مئوية (69.8 درجة فهرنهايت) في سانتاندر، مقابل 16 درجة مئوية (60.8 درجة فهرنهايت) في بريست أو ليفربول).
بالنسبة لبعض المؤلفين، تمتلك غاليسيا مناخاً محيطياً أيضاً، بسبب انخفاض درجات الحرارة في الصيف مما هي عليه في مناخ البحر الأبيض المتوسط النمطي. مع ذلك، فإنه كثيراً ما تندلع حرائق الغابات في شمال غرب إسبانيا بسبب الجفاف في الصيف، وتسطع فيها الشمس لفترات أطول من المناطق المتأثرة بالمناخ المحيطي النموذجي.
على نطاق أضيق، يمكن مشاهدة أقاليم مناخية فرعية مثل المناخ الألبي في جبال البرانس، والمناخ الرطب شبه المداري في جزر الكناري. لا تهطل الأمطار في إسبانيا عموماً في السهول إنما تهطل على الجبال الشمالية بشكل رئيسي.
الجزر
القائمة التالية تشمل أكبر جزر إسبانيا وتعداد سكانها:
تنريف 899.833
ميورقة 862.397
كناريا الكبرى 838.397
لانزاروته 141.938
إيبيزا 125.053
فويرتيفنتورا 103.107
منورقة 92.434
لا بالما 85.933
لا غوميرا 22.259
إل إييرو 10.558
فورمنتيرا 7.957
أروسا 4.889
لا غراسيوسا 658
طبرقة 105
أونس 61
السياسة والحكومة
يعد الدستور الإسباني لعام 1978 تتويجاً لعملية الانتقال إلى الديمقراطية الإسبانية. يعود التاريخ الدستوري لإسبانيا إلى دستور عام 1812. قام الملك خوان كارلوس المعروف بشخصيته القوية مدفوعاً بعدم رضاه عن وتيرة الإصلاحات السياسية الديمقراطية في عامي 1976 و1977 بعزل كارلوس أرياس نافارو وتعيين المصلح أدولفو سواريز رئيساً للوزراء. نتج عن الانتخابات العامة عام 1977 الكورتيس التأسيسي (البرلمان الإسباني بصفته جمعية دستورية) لغرض صياغة وإقرار دستور عام 1978، وإجراء استفتاء وطني عليه في 6 ديسمبر 1978 حيث صوت 88 ٪ من الناخبين لصالح الدستور الجديد.
نتيجة لذلك، تتألف إسبانيا حالياً من 17 من مناطق الحكم الذاتي ومدينتين ذاتيتي الحكم وبدرجات متفاوتة من الحكم الذاتي بفضل دستورها الذي رغم ذلك يؤكد صراحة على وحدة تراب البلاد ووحدة الأمة الإسبانية. فضلاً عن ذلك، لا تمتلك إسبانيا ديناً رسمياً وتم تعزيز حرية الأديان.
بحلول نوفمبر 2009، حافظت حكومة إسبانيا على نسبة متوازنة من المساواة بين الجنسين. تسعة من أصل 18 من أعضاء الحكومة هم من النساء. تحت إدارة خوسيه لويس ثباتيرو، وصفت إسبانيا بأنها "في طليعة" في قضايا المساواة بين الجنسين وأيضاً أن "لا ديمقراطية حديثة أخرى خارج الدول الإسكندنافية اتخذت المزيد من الخطوات لوضع قضايا المساواة بين الجنسين في مركز اهتمامات الحكومة". شجعت الإدارة الإسبانية أيضاً التمييز الإيجابي القائم على أساس الجنس من خلال إقرار تشريعات المساواة في 2007 بهدف توفير المساواة بين الجنسين في الحياة السياسية والاقتصادية الإسبانية (قانون المساواة بين الجنسين). مع ذلك، في إطار السلطة التشريعية، في يوليو 2010 شكلت النساء فقط 128 من أصل 350 من أعضاء البرلمان (36,3 ٪). في الوقت الحاضر، تصنف إسبانيا في المرتبة الثالثة عشر من حيث عدد النساء في مجلس النواب. في مجلس الشيوخ، النسبة أقل من ذلك حيث لا يوجد سوى 79 امرأة من أصل 263 (30,0٪). يبلغ مقياس تمكين الجنس في إسبانيا في الأمم المتحدة في تقرير التنمية البشرية 0,794 مما يضعها في المرتبة 12 عالمياً.
فروع الحكومة
نظام الحكم في إسبانيا ملكي دستوري، حيث الملكية وراثية والبرلمان من مجلسين ويعرف باسم كورتيس خينيراليس. يتألف الفرع التنفيذي من السلطة من مجلس وزراء إسبانيا ويترأسه رئيس الوزراء، والذين يرشحهم ويعينهم الملك الإسباني ويمنحم مجلس النواب الثقة بعد الانتخابات التشريعية. وفقاً للعرف السياسي الذي أرساه الملك خوان كارلوس منذ التصديق على دستور عام 1978، كان مرشحو الملك من طرف الأغلبية في البرلمان.
تتكون السلطة التشريعية من مجلس النواب ويضم 350 عضواً ينتخبون بالاقتراع الشعبي لقوائم الكتل على أساس التمثيل النسبي ولولاية مدتها أربع سنوات. بينما يضم مجلس الشيوخ 259 مقعداً منها 208 تنتخب مباشرة بالاقتراع الشعبي و51 آخرين يعينهم المشرعون المحليون ويخدمون أيضاً لأربع سنوات.
قائد الدولة
فيليب السادس منذ 19 يونيو 2014.
رئيس الحكومة
رئيس وزراء إسبانيا بيدرو سانشيز وانتخب في 2 يونيو 2018.
النائب الأول لرئيس الوزراء ووزيرة الرئاسة والناطقة الرسمية سورايا سايينث دي سانتاماريا.
تتألف إسبانيا تنظيمياً من أقاليم ذاتية الحكم حيث أنها إحدى أكثر البلدان غير المركزية في أوروبا إلى جانب سويسرا وألمانيا وبلجيكا. على سبيل المثال، يمتلك كل إقليم برلماناً منتخباً خاصاً إضافة إلى حكومة وإدارة عامة وميزانية وموارد ونظم وغيرها كما تدار الصحة والتعليم إقليميا، إلى جانب ذلك، تدير بلاد الباسك ونافارا أيضاً مالياتها العامة الخاصة بالإقليم. بينما توجد في كتلونيا وبلاد الباسك قوة شطية تستبدل بعض وظائف الشرطة المركزية.
المناطق ذات الحكم الذاتي
القانون الأساسي المؤسس لمناطق الحكم الذاتي هو النظام الأساسي للحكم الذاتي. يقسم هذا النظام المجتمع وفقاً لهويته التاريخية وحدود أراضيه واسم وتنظيم مؤسسات الحكومة والحقوق التي يتمتع بها وفقاً للدستور.
يجب أن تقوم حكومة أي إقليم ذاتي الحكم على تقسيم السلطات وتشمل:-
الجمعية التشريعية التي يجب أن ينتخب أعضاؤها بالاقتراع العام وفقاً لنظام التمثيل النسبي حيث تمثل جميع المناطق ضمن الإقليم بشكل عادل.
مجلس الحكومة والذي يمتلك المهام التنفيذية والإدارية ويترأسه رئيس منتخب من قبل الجمعية التشريعية ويرشحه ملك إسبانيا.
محكمة العدل العليا في إطار المحكمة العليا للدولة والذي ترأس التنظيم القضائي داخل منطقة الحكم الذاتي.
تعرف كتالونيا وأندلوسيا وبلاد الباسك وغاليسيا أنفسها بأنها جنسيات، بينما اتخذت أقاليم أخرى صفة خاصة وفقاً لهويتها التاريخية الإقليمية، مثل منطقة بلنسية وجزر الكناري وجزر البليار وأراغون.
تمتلك مناطق الحكم الذاتي استقلالاً تشريعياً وتنفيذياً عريضاً، حيث تمتلك برلماناتها الخاصة وحكوماتها الإقليمية. قد يختلف توزيع السلطات بين الأقاليم وذلك وفقاً لنظامها الأساسي. كان هناك سابقاً تمييز واضح بحكم الواقع بين ما يسمى الأقاليم "التاريخية" (بلاد الباسك وكاتالونيا وغاليسيا وأندلوسيا) وباقي الأقاليم. تميزت الأقاليم "التاريخية" بحرية أكبر بما في ذلك قدرة الرئيس الإقليمي على اختيار توقيت الانتخابات الإقليمية (طالما أن الفترة الفاصلة هي أربع سنوات أو أقل).
كمثال آخر، تمتلك بلاد الباسك ونافارا وكتالونيا قوات شرطة خاصة بها. بينما تمتلك الأقاليم الأخرى قوات إضافية محدودة (كما هو الحال في أندلوسيا ومدريد) أو لا شيء على الإطلاق.
مع ذلك قللت التعديلات الأخيرة التي أدخلت على النظم الأساسية لمناطق الحكم الذاتي الأخرى مثل إقليم بلنسية أو أراغون هذا التمييز بين الأقاليم.
التقسيمات الفرعية
تتكون مناطق الحكم الذاتي من مقاطعات بينما تتكون المقاطعات بدورها من البلديات. إن وجود هذه التقسيمات الفرعية يحميه الدستور وليس بالضرورة النظام الأساسي للحكم الذاتي نفسه. تمنح البلديات الاستقلال الذاتي لإدارة شؤونها الداخلية بينما المقاطعات هي التقسيمات الإقليمية الرامية إلى تنفيذ الأنشطة التي تضطلع بها الدولة.
يستند الهيكل الحالي المكون من خمسين مقاطعة إلى قانون تقسيم أقاليم إسبانيا 1833 أصدره خافيير دي بورغوس سنة 1833. تعد المجتمعات في أستورياس وكانتابريا ولا ريوخا وجزر البليار ومدريد ومورسيا ونافارا مقاطعات أيضاً لكنها تمنح الحكم الذاتي لأسباب تاريخية.
العلاقات الخارجية
بعد عودة الديمقراطية في أعقاب وفاة فرانكو في 1975، كان من أولويات إسبانيا على صعيد السياسة الخارجية الخروج من العزلة الدبلوماسية خلال سنوات فرانكو وتوسيع العلاقات الدبلوماسية ودخول السوق الأوروبية المشتركة وتحديد العلاقات الأمنية مع الغرب.
بوصفها عضوا في حلف شمال الأطلسي منذ عام 1982، عرفت إسبانيا نفسها كمشارك رئيسي في الأنشطة المتعددة الأطراف فيما يتعلق بالأمن الدولي. تمثل عضوية إسبانيا في الاتحاد الأوروبي جزءاً هاماً من سياستها الخارجية. حتى على صعيد العديد من القضايا الدولية خارج أوروبا الغربية فإن إسبانيا تفضل أن تنسق جهودها مع شركائها في الاتحاد الأوروبي من خلال آليات التعاون السياسي الأوروبي.
ومع تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع كوريا الشمالية في عام 2001 أكملت إسبانيا عملية تعميم علاقاتها الدبلوماسية.
حافظت إسبانيا على صورتها الخاصة مع أمريكا اللاتينية، حيث تشدد سياستها على مفهوم المجتمع الأيبيري - اللاتيني وذلك أساساً من خلال تجديد المفهوم الليبرالي التاريخي الهسبنة أو الهسبانوأمركة وهو يشير إلى العلاقات التي تربط بين شبه جزيرة أيبيريا وأمريكا اللاتينية من خلال اللغة والتجارة والتاريخ والثقافة. يذكر أن إسبانيا على سبيل المثال قدوة في الانتقال من الدكتاتورية إلى الديمقراطية بالنسبة للدول غير الديمقراطية في أمريكا اللاتينية، كما هو جلي في العديد من الرحلات التي قام بها الملك الإسباني ورئيس وزرائه إلى المنطقة.
النزاعات الحدودية
تطالب إسبانيا بجبل طارق وهو إقليم بريطاني ما وراء البحار تبلغ مساحته 6 كم² في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة الأيبيرية. كانت مستعمرة جبل طارق بلدة إسبانية غزتها قوة بريطانية هولندية في عام 1704 خلال حرب الخلافة الإسبانية نيابة عن الدوق تشارلز المطالب بالعرش الإسباني.
تمت تسوية الوضع القانوني لجبل طارق عام 1713 بموجب معاهدة أوترخت، حيث تنازلت إسبانيا عن الأرض إلى الأبد للتاج البريطاني حيث تنص على أنه إذا تخلت بريطانيا عن المنطقة فإن إسبانيا ستكون أول من تعرض عليها. بدأت إسبانيا تطالب بعودة جبل طارق منذ أربعينات القرن الماضي. لكن الأغلبية الساحقة من سكان جبل طارق تعارض هذا الاقتراح إلى جانب أي اقتراح حول السيادة المشتركة. تدعو قرارات الأمم المتحدة كلاً من المملكة المتحدة وإسبانيا، وهما عضوان في الاتحاد الأوروبي، للتوصل إلى اتفاق حول وضع جبل طارق.
تقوم المطالب الإسبانية في المنطقة على أن الصخرة ومدينة جبل طارق قد جرى التنازل عنهما بموجب معاهدة أوترخت، لكن دون البرزخ الذي يربط الصخرة بالبر الرئيسي الإسباني. تزعم إسبانيا أنها لم تتنازل عن هذه الأرض في المعاهدة، وبالتالي فهي تؤكد "الاحتلال غير القانوني للبرزخ الذي يتعارض مع مبادئ القانون الدولي". تعتمد المملكة المتحدة على جدل الأمر الواقع وحق التقادم وامتلاكها البرزخ لكونه تحت السيطرة البريطانية لفترة طويلة.
تدعي إسبانيا السيادة على جزيرة ليلى، وهي جزيرة صغيرة صخرية غير مأهولة تقع قبالة الشاطئ الجنوبي لمضيق جبل طارق. تبعد الجزيرة مسافة 250 متر عن ساحل المغرب و8 كم عن سبتة و13.5 كم عن البر الإسباني الرئيسي. سيادتها أمر متنازع عليه بين المغرب وإسبانيا وكادت تقود لحادث مسلح بين البلدين في 2002. انتهت الأزمة عندما اتفق البلدان على العودة إلى الوضع السابق الذي كان قائماً قبل دخول القوات المغربية للجزيرة. الجزيرة مهجورة حالياً دون أي علامة على السيادة.
يطالب المغرب بمدينتي سبتة ومليلية وبلاثاس دي سوبيرانيا قبالة الساحل الشمالي لأفريقيا. لا تعترف البرتغال بسيادة إسبانيا على منطقة أولايفينزا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق