إسرائيل (بالعبرية: יִשְרָאֵל، يِسْرائيل)، ورسميًا "دولة" إسرائيل (بالعبرية: מְדִינַת יִשְרָאֵל؛ مِدينات يِسْرائيل)، هي دولة تقع في غرب آسيا، وتقع على الساحل الجنوبي الشرقي للبحر الأبيض المتوسط والساحل الشمالي للبحر الأحمر. لها حدود برية مع لبنان من الشمال، وسوريا من الشمال الشرقي، والأردن من الشرق، والأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة من الشرق والغرب، على التوالي، ومصر من الجنوب الغربي. تحتوي البلاد على ميزات متنوعة جغرافيا داخل مساحتها الصغيرة نسبياً. مركز إسرائيل الاقتصادي والتكنولوجي يقع في مدينة تل أبيب، في حين أن مقر حكومتها والعاصمة المعلنة هي القدس، على الرغم من أن سيادة الدولة على القدس لديها اعتراف جزئي فقط.
لدى البلاد دليل على الهجرة المبكرة للبشر من أفريقيا. القبائل الكنعانية مشهورة من الناحية الأثرية منذ العصر البرونزي الأوسط، في حين برزت مملكتي إسرائيل ويهوذا خلال العصر الحديدي. دمرت الإمبراطورية الآشورية الحديثة مملكة إسرائيل في حوالي عام 720 قبل الميلاد. تم غزو مملكة يهوذا في وقت لاحق من قبل الإمبراطوريات البابلية والفارسية والهيلينية وكانت موجودة كمقاطعات يهودية مستقلة. أدّت ثورة المكابيين الناجحة إلى السلالة الحشمونية المستقلة بحلول عام 110 قبل الميلاد، والتي أصبحت في عام 63 قبل الميلاد دولة تابعة للجمهورية الرومانية والتي نصبت لاحقًا سلالة الهيروديين في عام 37 قبل الميلاد، وفي عام 6 م أنشأت مقاطعة يهودا الرومانية. استمرت يهودا كمقاطعة الرومانية إلى أن أدت الثورات اليهودية الفاشلة إلى تدمير واسع النطاق، وإلى طرد السكان اليهود، وإلى إعادة تسمية المنطقة من يهودا إلى سوريا فلسطين. واستمر الوجود اليهودي في المنطقة إلى حد ما عبر القرون. في القرن السابع الميلادي، استولى العرب على الإمبراطورية البيزنطية وظلّت البلاد في قبضة المسلمين حتى الحملة الصليبية الأولى في عام 1099، تلاها الغزو الأيوبي عام 1187. مددت سلطنة المماليك المصرية سيطرتها على بلاد الشام في القرن الثالث عشر حتى هزيمتها من قبل الدولة العثمانية في عام 1517. خلال القرن التاسع عشر، أدت الصحوة الوطنية بين اليهود إلى تأسيس الحركة الصهيونية في الشتات تليها موجات من الهجرة إلى سوريا العثمانية ثم فلسطين الانتدابيّة لاحقًا.
في عام 1947، اعتمدت الأمم المتحدة خطة تقسيم فلسطين توصي بإنشاء دول عربية ويهودية مستقلة والقدس الدولية. وتم قبول الخطة من قبل الوكالة اليهودية، في حين رفضها القادة العرب. في العام التالي، أعلنت الوكالة اليهودية استقلال دولة إسرائيل، وشهدت الحرب العربية-الإسرائيلية اللاحقة عام 1948 قيام إسرائيل على معظم أراضي الإنتداب السابقة، بينما كانت الضفة الغربية وقطاع غزة تحت سيطرة الدول العربية المجاورة. خاضت إسرائيل منذ ذلك الحين عدة حروب مع الدول العربية، ومنذ حرب الأيام الستة عام 1967 احتلت إسرائيل كل من الضفة الغربية ومرتفعات الجولان وقطاع غزة (لا تزال تعتبر محتلة بعد فك الارتباط في عام 2005، على الرغم من أن بعض الخبراء القانونيين يعارضون هذا الإدعاء). ووسّعت قوانينها لتشمل مرتفعات الجولان والقدس الشرقية، ولكن ليس الضفة الغربية. يعد احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية هو أطول احتلال عسكري في العالم في العصر الحديث. لم تسفر الجهود المبذولة لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني عن التوصل إلى اتفاق سلام نهائي. ومع ذلك، تم توقيع معاهدات السلام بين إسرائيل ومصر والأردن.
في قوانينها الأساسية، تُعرّف إسرائيل نفسها كدولة يهودية وديمقراطية ودولة أمة للشعب اليهودي. تتمتع البلاد بديمقراطية ليبرالية (وهي واحدة من اثنتين من الدول فقط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والأخرى هي تونس)، مع نظام برلماني، وتمثيل نسبي، واقتراع عمومي. رئيس الوزراء هو رئيس الحكومة والكنيست هو المجلس التشريعي. اعتبارًا من عام 2019 يبلغ عدد سكانها حوالي 9 ملايين نسمة، إسرائيل هي دولة متقدمة وعضو في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ولديها 31 أو 32 أكبر اقتصاد في العالم بحسب إجمالي الناتج المحلي. تتمتع إسرائيل بأعلى مستويات المعيشة في الشرق الأوسط، وتحتل في المراكز الأولى بين دول العالم من حيث النسبة المئوية للمواطنين الحاصلين على تدريب عسكري، ومن حيث النسبة المئوية للمواطنين الحاصلين على درجة في التعليم العالي، والإنفاق على البحث والتطوير حسب نسبة الناتج المحلي الإجمالي، وسلامة المرأة، ومتوسط العمر المتوقع، والإبداع، والسعادة.
التسمية
بعد الاستقلال في عام 1948، تبنت البلاد رسمياً اسم "دولة إسرائيل" (بالعبرية: מְדִינַת יִשְׂרָאֵל) بعدما تم رفض المقترحات التاريخية والدينية أرض إسرائيل، وصهيون ويهودا. في الأسابيع الأولى من الاستقلال، اختارت الحكومة مصطلح "إسرائيلي" للدلالة على مواطن إسرائيل، مع الإعلان الرسمي الصادر عن وزير الخارجية موشيه شاريت.
تاريخياً استخدمت ألقاب مثل أرض إسرائيل وبنو إسرائيل للإشارة إلى مملكة إسرائيل الموحدة والشعب اليهودي بأسره على التوالي. اسم "إسرائيل" (بالعبرية: יִשְׂרָאֵל؛ باليونانيَّة: Ἰσραήλ) مستمد من التوراة. حيث في هذه العبارات تشير إلى يعقوب، والذي وفقًا للكتاب المقدس العبري، أعطي له الاسم بعد أن صارع بنجاح مع ملاك الرب. وأصبح أبناء يعقوب الإثني عشر أسلاف بني إسرائيل، المعروفين أيضًا باسم قبائل إسرائيل الإثني عشر أو بني إسرائيل. كان يعقوب وأبنائه قد عاشوا في كنعان، لكن أجبرتهم المجاعة على الذهاب إلى مصر لمدة أربعة أجيال، استمرت 430 عامًا، حتى قاد موسى الإسرائيليين للعودة إلى كنعان كما تذكر التفاصيل في "سفر الخروج". أقدم قطعة أثرية معروفة تذكر كلمة "إسرائيل" كمجموعة في لوحة مرنبتاح والتي تعود إلى عصور مصر القديمة، وتاريخها إلى أواخر القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
تُعرف المنطقة أيضًا باسم الأراضي المقدسة، فهي مقدسة لجميع الأديان الإبراهيمية بما في ذلك اليهودية والمسيحية والإسلام والمذهب التوحيدي الدرزي والعقيدة البهائية. تحت حكم الانتداب البريطاني (1920-1948)، كانت المنطقة بأسرها تعرف باسم فلسطين. على مر القرون، كانت المنطقة معروفة من قبل مجموعة متنوعة من الأسماء الأخرى، بما في ذلك كنعان، والسامرة، ويهودا، واليهودية، وسوريا فلسطين وسوريا الجنوبية.
تاريخ
الصهيونية والوطن القومي اليهودي
شهد القرن التاسع عشر ولادة الحركة الصهيونية التي تتمثل أهم أهدافها في إيجاد حل للمسألة اليهودية. بدأ عدد كبير نسبيا من أعضاء الجماعات اليهودية في الهجرة إلى أرض فلسطين في نهاية ذلك القرن. أما مؤسس الحركة الصهيونية العالمية تيودور هرتزل فكان يفاوض السلطات البريطانية في هجرة اليهود إلى بلدان أخرى، من بينها أوغندا وشبه جزيرة سيناء، وكانت الإقتراح الأكثر جدية هو إقامة حكم ذاتي يهودي في أوغندا (كينيا حسب الحدود الحالية) وقد أعلنها وزير المستعمرات البريطاني في أبريل 1903، بعد مذبحة كيشينوف التي تعرض لها اليهود في تلك المدينة، والتي كانت ذروة مطاردة اليهود في الإمبراطورية الروسية آنذاك، مما أدى إلى مهاجرة عدد كبير من يهود شرقي أوروبا إلى غربي أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط. فأرسل المؤتمر الصهيوني العالمي في جلسته السادسة بعثة إلى أوغندا لبحث الاقتراح، أما في الجلسة السابعة (1907) فرفضها لأسباب وطنية وتاريخية ومشيرا إلى التقرير المخيب الذي عرضته البعثة. كانت فلسطين وقتها تحت السيطرة العثمانية، وبشكل أوسع، عندما آلت السلطة للانتداب البريطاني.
في الثاني من نوفمبر 1917، خلال الحرب العالمية الأولى، نشرت الحكومة البريطانية وعد بلفور الذي أكد دعم بريطانيا لطموحات الحركة الصهيونية في إقامة دولة يهودية بفلسطين. وبعد الحرب أقرت عصبة الأمم وعد بلفور كالهدف النهائي لحكم الانتداب البريطاني في فلسطين. ولكن في فترة الثلاثينيات من القرن الـ20 تندمت بريطانيا على وعدها للحركة الصهيونية واقترحت تقسيم فلسطين بين اليهود والعرب حيث يسيطر العرب على أكثرية الأراضي.
بعد المحرقة التي تعرض لها المواطنون اليهود في أوروبا مع أقليات أخرى خلال الحرب العالمية الثانية، وفي العام 1947، شهد العالم قرار تقسيم فلسطين والذي أعطى اليهود المقيمين في فلسطين 55% من الأرض، عندما كانوا يشكّلون 30% من السكان، مؤكدا بضرورة توطين لاجئي المحرقة النازية من اليهود في الأراضي الموعودة للدولة اليهودية حسب قرار تقسيم. وشملت الأراضي المقترحة لليهود الجزء المركزي من الشريط البحري (ما عدا مدينة يافا)، جزءا كبيرا من النقب (ما عدا مدينة بئر السبع)، والجزء الشرقي من الجليل ومرج ابن عامر. رفض العرب قرار التقسيم آنذاك، حيث شن سكان فلسطين هجمات ضد السكان اليهود، هجمات ردت عليها المنظمات الصهيونية العسكرية. فقامت بريطانيا بالانسحاب من فلسطين وإعلان انتهاء الانتداب البريطاني في منتصف ليل الـ15 من مايو 1948.
حرب 1948
في 14 مايو 1948، 8 ساعات قبل انتهاء الانتداب البريطاني، أُعلن رسميا عن قيام "دولة" إسرائيل دون أن تُعلن حدودها بالضبط، وخاضت خمس دول عربية بالإضافة إلى السكان العرب الحرب مع الدولة المنشأة حديثا وكانت محصّلة الحرب أن توسعت إسرائيل على 75% تقريبا من أراضي الانتداب سابقا. بقي 156،000 من العرب داخل إسرائيل (حسب الإحصاء الإسرائيلي الرسمي في 1952) وتشرّد ما يقرب 900،000 (حسب تقديرات منظمة التحرير الفلسطينية) إمّا في مخيمات في الأردن ومصر اللتان ضمّتا الضفة الغربية وقطاع غزة بعد استيلاء اليهود على غالبية فلسطين كما تشردوا في لبنان وغيرها من البلدان العربية بعد أن طردهم اليهود من بيوتهم. في نفس الوقت، تشرّد اليهود من أوروبا جرّاء الحرب العالمية الثانية ومن إيران وأصبحت الدولة اليهودية الحديثة مكانا مرغوبا فيه وازدادت الهجرات اليهودية إلى إسرائيل مما سبب زيادة في عدد السكان اليهود بشكل ملحوظ، فهي تمثل الجهة الثانية لهجرة الجماعات اليهودية بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
ازدادت هجرات أعضاء الجماعات اليهودية في الآونة الأخيرة وخصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفكك جمهورياته. إسرائيل، حالها حال أي بلد آخر تحتوي على مجموعات عرقية مختلفة، والأقلية من هذه العرقيات قد لا تشعر أنها تنتمي انتماءً كلياً للدولة بالرغم من حصولهم على حق المُواطنة في "دولة" إسرائيل. من أشهر هذه العرقيات هم الإسرائيليون من أصل عربي، ويشعر هؤلاء بالانتماء إلى أصولهم العربية. تبقى هذه المشكلة من أحد المشاكل التي تواجه إسرائيل وهي التوفيق بين هوية الدولة اليهودية والعرب المقيمين بها بصورة رسمية وانتماؤهم لهويتهم العربية.
ما بعد حرب 1967
تمخّضت حرب 1967 في العام 1967 عن استيلاء إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزّة وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان إثر احتلالها من الأردن، مصر، وسورية. أعلنت حكومة إسرائيل عن ضم القدس الشرقية والقرى المجاورة لها إلى إسرائيل عند انتهاء الحرب. في باقي المناطق أقامت إسرائيل حكما عسكريا حسب المفروض عليه في القانون الدولي (مع أنها لم تطبق جميع القوانين الدولية المتعلقة بمثل هذه الحالة). رد القادة العرب على إسرائيل بمؤتمر عقد في الخرطوم عرف بمؤتمر اللاءات الثلاثة اعلنوا فيها تبنيهم لمذكرة الوفد الفلسطيني الذي كان برئاسة أحمد الشقيري التي نصت على (لا صلح لا تفاوض لا اعتراف ) وفي عام 1973 تعرضت إسرائيل لهجوم مفاجئ فيما عرف بحرب يوم الغفران من القوات المصرية والسورية ومن نتائج هذه الحرب تحطم أسطورة أن جيش إسرائيل لا يقهر والتي كان يقول بها القادة العسكريون في إسرائيل وانتهت الحرب بتوقيع العديد من الاتفاقيات التي نصت على خلق مناطق لا تسمح لأي قوة دخولها ومناطق أخرى تتواجد فيها القوات وبأعداد محددة وتم التوقيع على اتفاقية فك الاشتباك في 31 مايو 1974 حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا وضفة قناة السويس الشرقية لمصر مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية . تم استبدال الإتفاقية مع مصر بعد مفاوضات طويلة بدأت بزيارة الرئيس المصري أنور السادات عام 1977 م وتم توقيع معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية عام 1979 م وهي أول معاهدة لإسرائيل مع دولة عربية تم بوجب الإتفاقية انسحاب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء وجعل سيناء منطقة منزوعة السلاح مقابل اعتراف مصر الكامل بإسرائيل وفتح سفارات في كلا البلدين وإقامة علاقات تجارية وسياحية كاملة بين البلدين.
في 1981 قرر الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي ضم هضبة الجولان إلى إسرائيل بشكل أحادي الجانب. لا يزال التواجد الإسرائيلي قائماً في جزء من الضفة الغربية بينما انسحبت إسرائيل من سيناء في 1982 وفقا للمعاهدة السلمية مع مصر، ومن قطاع غزة بشكل أحادي الجانب في 2005 (مسلمة السيطرة إلى السلطة الفلسطينية وضبط الحدود الموازي لمصر إلى السلطات المصرية).
التسمية
في التوراة وفي التراث اليهودي يعدّ اسم "إسرائيل" اسم بديل ليعقوب، وتظهر قصة تسمية يعقوب بإسرائيل في سفر التكوين 32:25
وبقيَ يعقوبُ وحدَهُ، فصارَعَهُ رَجلٌ حتى طُلوعِ الفَجرِ. 26 ولمَّا رأَى أنَّه لا يقوى على يعقوبَ في هذا الصِّراعِ، ضرَبَ حُقَ[؟] وِرْكِه فاَنخلَعَ. 27 وقالَ لِيعقوبَ: «طَلَعَ الفجرُ فاَترُكْني!» فقالَ يعقوبُ: «لا أتْرُكُكَ حتى تُبارِكَني». 28 فقالَ الرَّجلُ: «ما اَسمُكَ؟» قالَ: «اَسمي يعقوبُ». 29 فقالَ: «لا يُدعَى اَسمُكَ يعقوبَ بَعدَ الآنَ بل إِسرائيلَ، لأنَّكَ غالَبْتَ اللهَ والنَّاسَ وغلَبْتَ». سفر التكوين
ولفظة إسرائيل مكونة حسب التوراة من كلمتين ساميتين قديمتين هما: "سرى" (بالعبرية: שָׂרָה) بمعني غلب، و"إيل" (بالعبرية: אֵל) أي الإله أو الله. التوراة والتلمود وكذلك مصادر عبرية أخرى تسمى الشعب العبراني أو الشعب اليهودي "بيت إسرائيل" أو "آل إسرائيل" أو "بني إسرائيل"، كثيراً ما يختصرون التعبير فيقولون "إسرائيل" فقط كما رأينا في مأثور التلمود والاسم العبري فلسطين هو "إيرتس يسرائيل" أي "أرض إسرائيل". الآثاريين والمؤرخين يشكك القصة الواردة في التوراة ويعدّونه شرحا مؤخرا لازدواجية التسمية التي مصدرها قديم ويرجع إلى الفترة التي خضعت فيها بلاد الكنعان لسيطرة الفراعنة المصريين. وقد عثر على رسالة فرعونية من القرن الـ14 قبل الميلاد التي يذكر فيها اسم "إسرائيل" كاسم شعب في بلاد الكنعان. طبيعة العلاقة بين ذلك الشعب وبني إسرائيل الذين ظهروا في بلاد الكنعان بفترة لاحقة غير واضحة، ولكن الرسالة الفرعونية تثبت قيام شعب بهذا الاسم حتى قبل عصر التوراة.
وبالرغم من أن تيودور هرتزل زعيم الصهيونية السياسية، ورئيس المؤتمر الصهيوني العالمي الأول الذي عقد في مدينة بازل بسويسرا عام 1897، لم يتردد في تسمية كتابه المتضمن لدعوته هذه "دولة اليهود" فإن هذه الدعوة الصهيونية آثرت عند الكتابة عن فلسطين أن تسميها "أرض إسرائيل"، حرصاً على تأكيد انتماء هذه الأرض إلى أسلافهم الأوائل، أبناء يعقوب، أو "بنو إسرائيل".
قبل إعلان "دولة" إسرائيل تم اقتراح بعض الأسماء لدولة الجديدة، من بينها: يهودا، عيبر، تسيون (أي صهيون)، إيرتس إسرائيل (أي أرض إسرائيل). وقد تم اختيار اسم إسرائيل أو "دولة" إسرائيل للأسباب التالية
النعت "يهودي" يستخدم للإشارة إلى أبناء الديانة اليهودية أو إلى مجموعة عرقية، أما بين مواطني الدولة يوجد أيضا مسلمين، مسيحيين وعلمانيين.
اسم يهودا هو الاسم العبري لجبال الخليل التي كانت ضمن حدود الدولة العربية حسب خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين.
اسم "عيبر" غير معروف لدى الجمهور وكان يشير إلى كتلة سياية يهودية معينة (كتلة يهود علمانيين الذين فضلوا تسميتهم بـ"عبريين" بدلا من "يهود").
يجب التفريق بين "إيرتس إسرائيل" كمصطلح جغرافي واسم الدولة الجديدة.
وقد خلقت هذه التسمية عدة مشاكل أمام المشرعين الصهاينة، حيث انتقلت صفة الإسرائيلي من الشعب (وهي صفة مذكرة في العبرية) إلى الدولة (وهي صفة مؤنثة في العبرية)، وهو الانتقال الذي أدى إلى انطباق هذه الصفة على كل من يقيم داخل إسرائيل من العرب والمسلمين والمسيحيين وأرغم السلطات الإسرائيلية على اعتماد هؤلاء العرب المقيمين فيها في عداد المواطنين الذي يتمتعون بالجنسية الإسرائيلية.
إن ""دولة" إسرائيل" هي اصطلاح سياسي محدد، بينما "أرض إسرائيل" هي اصطلاح جغرافي ف"دولة" إسرائيل يمكن أن تمتد على كل "أرض إسرائيل" أو على جزء من منها، أو حتى على أجزاء ليست تابعة "لأرض إسرائيل" (مثل شرم الشيخ والجولان على سبيل المثال)، و"دولة" إسرائيل هي الإطار الحاسم بالنسبة للمبدأ الصهيوني.
الكيان الصهيوني هي التسمية الرسمية التي تطلقها بعض الحكومات على إسرائيل، وتحمل هذه التسمية في طياتها خطابا يرفض وجود "دولة يهودية" في منطقة الشرق الأوسط، وليس للوجود اليهودي.. من ناحية أخرى ينكر بعض المفكرين وجود تسمية إسرائيل في التناخ إذ يقول شلومو ساند بأنه لم يكن هناك -تاريخياً- مملكة موحدة شملت ما يسمى اليوم "يهودا" أي شمال الضفة الغربية، وإسرائيل القديمة، وبالتالي فإنه لم يظهر أيضاً اسم اقليمي عبري موحد، وهكذا ظل في أسفار التناخ الإسم الفرعوني للمنطقة "أرض كنعان". وقد وعد الإله إبراهيم -بحسب سفر (التكوين 17، 8): "وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان".
جغرافيا
تعدّ الحدود السياسية لإسرائيل واحدة من أكثر الأمور المثيرة للجدل عالميا فهي لم تعلن حدودها الرسمية بالكامل منذ إنشاءها عام 1948. وأجزاء الحدود المتفق عليها بين إسرائيل والدول المجاورة لها هي الحدود مع مصر (التي تمر بين منطقتي سيناء والنقب) ومقطعين من الحدود مع الأردن (في وادي عربة وفي مرج بيسان)، والتي تم تحديدها في أعقاب توقيع معاهدتي السلام. في سنة 2000 طلبت إسرائيل من الأمم المتحدة تحديد الحدود بينها وبين لبنان، وانسحبت قواتها من الجنوب اللبناني حسب التعلبمات الدولية (ما يسمى "الخط الأزرق"). وفي شهر أغسطس 2005 أعلنت إسرائيل "الخط الأخضر[؟]" المحيط بقطاع غزة حدودا لها.
تقع "دولة" إسرائيل في قارّة آسيا في منطقة الشرق الأوسط وتحاذي البحر الأبيض المتوسط. جغرافياً، وتُعدّ إسرائيل من الدول ذات المساحة الصغيرة ويقطنها ما يقرب من 7.88 مليون نسمة. منذ أن نشأت "دولة" إسرائيل وإلى يومنا هذا، كانت إسرائيل طرفاً من أطراف النزاعات الإقليمية وبخاصّة مع مصر وسوريا ولبنان والأردن والفلسطينيين.
لدى البلاد دليل على الهجرة المبكرة للبشر من أفريقيا. القبائل الكنعانية مشهورة من الناحية الأثرية منذ العصر البرونزي الأوسط، في حين برزت مملكتي إسرائيل ويهوذا خلال العصر الحديدي. دمرت الإمبراطورية الآشورية الحديثة مملكة إسرائيل في حوالي عام 720 قبل الميلاد. تم غزو مملكة يهوذا في وقت لاحق من قبل الإمبراطوريات البابلية والفارسية والهيلينية وكانت موجودة كمقاطعات يهودية مستقلة. أدّت ثورة المكابيين الناجحة إلى السلالة الحشمونية المستقلة بحلول عام 110 قبل الميلاد، والتي أصبحت في عام 63 قبل الميلاد دولة تابعة للجمهورية الرومانية والتي نصبت لاحقًا سلالة الهيروديين في عام 37 قبل الميلاد، وفي عام 6 م أنشأت مقاطعة يهودا الرومانية. استمرت يهودا كمقاطعة الرومانية إلى أن أدت الثورات اليهودية الفاشلة إلى تدمير واسع النطاق، وإلى طرد السكان اليهود، وإلى إعادة تسمية المنطقة من يهودا إلى سوريا فلسطين. واستمر الوجود اليهودي في المنطقة إلى حد ما عبر القرون. في القرن السابع الميلادي، استولى العرب على الإمبراطورية البيزنطية وظلّت البلاد في قبضة المسلمين حتى الحملة الصليبية الأولى في عام 1099، تلاها الغزو الأيوبي عام 1187. مددت سلطنة المماليك المصرية سيطرتها على بلاد الشام في القرن الثالث عشر حتى هزيمتها من قبل الدولة العثمانية في عام 1517. خلال القرن التاسع عشر، أدت الصحوة الوطنية بين اليهود إلى تأسيس الحركة الصهيونية في الشتات تليها موجات من الهجرة إلى سوريا العثمانية ثم فلسطين الانتدابيّة لاحقًا.
في عام 1947، اعتمدت الأمم المتحدة خطة تقسيم فلسطين توصي بإنشاء دول عربية ويهودية مستقلة والقدس الدولية. وتم قبول الخطة من قبل الوكالة اليهودية، في حين رفضها القادة العرب. في العام التالي، أعلنت الوكالة اليهودية استقلال دولة إسرائيل، وشهدت الحرب العربية-الإسرائيلية اللاحقة عام 1948 قيام إسرائيل على معظم أراضي الإنتداب السابقة، بينما كانت الضفة الغربية وقطاع غزة تحت سيطرة الدول العربية المجاورة. خاضت إسرائيل منذ ذلك الحين عدة حروب مع الدول العربية، ومنذ حرب الأيام الستة عام 1967 احتلت إسرائيل كل من الضفة الغربية ومرتفعات الجولان وقطاع غزة (لا تزال تعتبر محتلة بعد فك الارتباط في عام 2005، على الرغم من أن بعض الخبراء القانونيين يعارضون هذا الإدعاء). ووسّعت قوانينها لتشمل مرتفعات الجولان والقدس الشرقية، ولكن ليس الضفة الغربية. يعد احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية هو أطول احتلال عسكري في العالم في العصر الحديث. لم تسفر الجهود المبذولة لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني عن التوصل إلى اتفاق سلام نهائي. ومع ذلك، تم توقيع معاهدات السلام بين إسرائيل ومصر والأردن.
في قوانينها الأساسية، تُعرّف إسرائيل نفسها كدولة يهودية وديمقراطية ودولة أمة للشعب اليهودي. تتمتع البلاد بديمقراطية ليبرالية (وهي واحدة من اثنتين من الدول فقط في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والأخرى هي تونس)، مع نظام برلماني، وتمثيل نسبي، واقتراع عمومي. رئيس الوزراء هو رئيس الحكومة والكنيست هو المجلس التشريعي. اعتبارًا من عام 2019 يبلغ عدد سكانها حوالي 9 ملايين نسمة، إسرائيل هي دولة متقدمة وعضو في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، ولديها 31 أو 32 أكبر اقتصاد في العالم بحسب إجمالي الناتج المحلي. تتمتع إسرائيل بأعلى مستويات المعيشة في الشرق الأوسط، وتحتل في المراكز الأولى بين دول العالم من حيث النسبة المئوية للمواطنين الحاصلين على تدريب عسكري، ومن حيث النسبة المئوية للمواطنين الحاصلين على درجة في التعليم العالي، والإنفاق على البحث والتطوير حسب نسبة الناتج المحلي الإجمالي، وسلامة المرأة، ومتوسط العمر المتوقع، والإبداع، والسعادة.
التسمية
بعد الاستقلال في عام 1948، تبنت البلاد رسمياً اسم "دولة إسرائيل" (بالعبرية: מְדִינַת יִשְׂרָאֵל) بعدما تم رفض المقترحات التاريخية والدينية أرض إسرائيل، وصهيون ويهودا. في الأسابيع الأولى من الاستقلال، اختارت الحكومة مصطلح "إسرائيلي" للدلالة على مواطن إسرائيل، مع الإعلان الرسمي الصادر عن وزير الخارجية موشيه شاريت.
تاريخياً استخدمت ألقاب مثل أرض إسرائيل وبنو إسرائيل للإشارة إلى مملكة إسرائيل الموحدة والشعب اليهودي بأسره على التوالي. اسم "إسرائيل" (بالعبرية: יִשְׂרָאֵל؛ باليونانيَّة: Ἰσραήλ) مستمد من التوراة. حيث في هذه العبارات تشير إلى يعقوب، والذي وفقًا للكتاب المقدس العبري، أعطي له الاسم بعد أن صارع بنجاح مع ملاك الرب. وأصبح أبناء يعقوب الإثني عشر أسلاف بني إسرائيل، المعروفين أيضًا باسم قبائل إسرائيل الإثني عشر أو بني إسرائيل. كان يعقوب وأبنائه قد عاشوا في كنعان، لكن أجبرتهم المجاعة على الذهاب إلى مصر لمدة أربعة أجيال، استمرت 430 عامًا، حتى قاد موسى الإسرائيليين للعودة إلى كنعان كما تذكر التفاصيل في "سفر الخروج". أقدم قطعة أثرية معروفة تذكر كلمة "إسرائيل" كمجموعة في لوحة مرنبتاح والتي تعود إلى عصور مصر القديمة، وتاريخها إلى أواخر القرن الثالث عشر قبل الميلاد.
تُعرف المنطقة أيضًا باسم الأراضي المقدسة، فهي مقدسة لجميع الأديان الإبراهيمية بما في ذلك اليهودية والمسيحية والإسلام والمذهب التوحيدي الدرزي والعقيدة البهائية. تحت حكم الانتداب البريطاني (1920-1948)، كانت المنطقة بأسرها تعرف باسم فلسطين. على مر القرون، كانت المنطقة معروفة من قبل مجموعة متنوعة من الأسماء الأخرى، بما في ذلك كنعان، والسامرة، ويهودا، واليهودية، وسوريا فلسطين وسوريا الجنوبية.
تاريخ
الصهيونية والوطن القومي اليهودي
شهد القرن التاسع عشر ولادة الحركة الصهيونية التي تتمثل أهم أهدافها في إيجاد حل للمسألة اليهودية. بدأ عدد كبير نسبيا من أعضاء الجماعات اليهودية في الهجرة إلى أرض فلسطين في نهاية ذلك القرن. أما مؤسس الحركة الصهيونية العالمية تيودور هرتزل فكان يفاوض السلطات البريطانية في هجرة اليهود إلى بلدان أخرى، من بينها أوغندا وشبه جزيرة سيناء، وكانت الإقتراح الأكثر جدية هو إقامة حكم ذاتي يهودي في أوغندا (كينيا حسب الحدود الحالية) وقد أعلنها وزير المستعمرات البريطاني في أبريل 1903، بعد مذبحة كيشينوف التي تعرض لها اليهود في تلك المدينة، والتي كانت ذروة مطاردة اليهود في الإمبراطورية الروسية آنذاك، مما أدى إلى مهاجرة عدد كبير من يهود شرقي أوروبا إلى غربي أوروبا وأمريكا والشرق الأوسط. فأرسل المؤتمر الصهيوني العالمي في جلسته السادسة بعثة إلى أوغندا لبحث الاقتراح، أما في الجلسة السابعة (1907) فرفضها لأسباب وطنية وتاريخية ومشيرا إلى التقرير المخيب الذي عرضته البعثة. كانت فلسطين وقتها تحت السيطرة العثمانية، وبشكل أوسع، عندما آلت السلطة للانتداب البريطاني.
في الثاني من نوفمبر 1917، خلال الحرب العالمية الأولى، نشرت الحكومة البريطانية وعد بلفور الذي أكد دعم بريطانيا لطموحات الحركة الصهيونية في إقامة دولة يهودية بفلسطين. وبعد الحرب أقرت عصبة الأمم وعد بلفور كالهدف النهائي لحكم الانتداب البريطاني في فلسطين. ولكن في فترة الثلاثينيات من القرن الـ20 تندمت بريطانيا على وعدها للحركة الصهيونية واقترحت تقسيم فلسطين بين اليهود والعرب حيث يسيطر العرب على أكثرية الأراضي.
بعد المحرقة التي تعرض لها المواطنون اليهود في أوروبا مع أقليات أخرى خلال الحرب العالمية الثانية، وفي العام 1947، شهد العالم قرار تقسيم فلسطين والذي أعطى اليهود المقيمين في فلسطين 55% من الأرض، عندما كانوا يشكّلون 30% من السكان، مؤكدا بضرورة توطين لاجئي المحرقة النازية من اليهود في الأراضي الموعودة للدولة اليهودية حسب قرار تقسيم. وشملت الأراضي المقترحة لليهود الجزء المركزي من الشريط البحري (ما عدا مدينة يافا)، جزءا كبيرا من النقب (ما عدا مدينة بئر السبع)، والجزء الشرقي من الجليل ومرج ابن عامر. رفض العرب قرار التقسيم آنذاك، حيث شن سكان فلسطين هجمات ضد السكان اليهود، هجمات ردت عليها المنظمات الصهيونية العسكرية. فقامت بريطانيا بالانسحاب من فلسطين وإعلان انتهاء الانتداب البريطاني في منتصف ليل الـ15 من مايو 1948.
حرب 1948
في 14 مايو 1948، 8 ساعات قبل انتهاء الانتداب البريطاني، أُعلن رسميا عن قيام "دولة" إسرائيل دون أن تُعلن حدودها بالضبط، وخاضت خمس دول عربية بالإضافة إلى السكان العرب الحرب مع الدولة المنشأة حديثا وكانت محصّلة الحرب أن توسعت إسرائيل على 75% تقريبا من أراضي الانتداب سابقا. بقي 156،000 من العرب داخل إسرائيل (حسب الإحصاء الإسرائيلي الرسمي في 1952) وتشرّد ما يقرب 900،000 (حسب تقديرات منظمة التحرير الفلسطينية) إمّا في مخيمات في الأردن ومصر اللتان ضمّتا الضفة الغربية وقطاع غزة بعد استيلاء اليهود على غالبية فلسطين كما تشردوا في لبنان وغيرها من البلدان العربية بعد أن طردهم اليهود من بيوتهم. في نفس الوقت، تشرّد اليهود من أوروبا جرّاء الحرب العالمية الثانية ومن إيران وأصبحت الدولة اليهودية الحديثة مكانا مرغوبا فيه وازدادت الهجرات اليهودية إلى إسرائيل مما سبب زيادة في عدد السكان اليهود بشكل ملحوظ، فهي تمثل الجهة الثانية لهجرة الجماعات اليهودية بعد الولايات المتحدة الأمريكية.
ازدادت هجرات أعضاء الجماعات اليهودية في الآونة الأخيرة وخصوصاً بعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتفكك جمهورياته. إسرائيل، حالها حال أي بلد آخر تحتوي على مجموعات عرقية مختلفة، والأقلية من هذه العرقيات قد لا تشعر أنها تنتمي انتماءً كلياً للدولة بالرغم من حصولهم على حق المُواطنة في "دولة" إسرائيل. من أشهر هذه العرقيات هم الإسرائيليون من أصل عربي، ويشعر هؤلاء بالانتماء إلى أصولهم العربية. تبقى هذه المشكلة من أحد المشاكل التي تواجه إسرائيل وهي التوفيق بين هوية الدولة اليهودية والعرب المقيمين بها بصورة رسمية وانتماؤهم لهويتهم العربية.
ما بعد حرب 1967
تمخّضت حرب 1967 في العام 1967 عن استيلاء إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزّة وشبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان إثر احتلالها من الأردن، مصر، وسورية. أعلنت حكومة إسرائيل عن ضم القدس الشرقية والقرى المجاورة لها إلى إسرائيل عند انتهاء الحرب. في باقي المناطق أقامت إسرائيل حكما عسكريا حسب المفروض عليه في القانون الدولي (مع أنها لم تطبق جميع القوانين الدولية المتعلقة بمثل هذه الحالة). رد القادة العرب على إسرائيل بمؤتمر عقد في الخرطوم عرف بمؤتمر اللاءات الثلاثة اعلنوا فيها تبنيهم لمذكرة الوفد الفلسطيني الذي كان برئاسة أحمد الشقيري التي نصت على (لا صلح لا تفاوض لا اعتراف ) وفي عام 1973 تعرضت إسرائيل لهجوم مفاجئ فيما عرف بحرب يوم الغفران من القوات المصرية والسورية ومن نتائج هذه الحرب تحطم أسطورة أن جيش إسرائيل لا يقهر والتي كان يقول بها القادة العسكريون في إسرائيل وانتهت الحرب بتوقيع العديد من الاتفاقيات التي نصت على خلق مناطق لا تسمح لأي قوة دخولها ومناطق أخرى تتواجد فيها القوات وبأعداد محددة وتم التوقيع على اتفاقية فك الاشتباك في 31 مايو 1974 حيث وافقت إسرائيل على إعادة مدينة القنيطرة لسوريا وضفة قناة السويس الشرقية لمصر مقابل إبعاد القوات المصرية والسورية من خط الهدنة وتأسيس قوة خاصة للأمم المتحدة لمراقبة تحقيق الاتفاقية . تم استبدال الإتفاقية مع مصر بعد مفاوضات طويلة بدأت بزيارة الرئيس المصري أنور السادات عام 1977 م وتم توقيع معاهدة السلام الإسرائيلية المصرية عام 1979 م وهي أول معاهدة لإسرائيل مع دولة عربية تم بوجب الإتفاقية انسحاب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء وجعل سيناء منطقة منزوعة السلاح مقابل اعتراف مصر الكامل بإسرائيل وفتح سفارات في كلا البلدين وإقامة علاقات تجارية وسياحية كاملة بين البلدين.
في 1981 قرر الكنيست (البرلمان) الإسرائيلي ضم هضبة الجولان إلى إسرائيل بشكل أحادي الجانب. لا يزال التواجد الإسرائيلي قائماً في جزء من الضفة الغربية بينما انسحبت إسرائيل من سيناء في 1982 وفقا للمعاهدة السلمية مع مصر، ومن قطاع غزة بشكل أحادي الجانب في 2005 (مسلمة السيطرة إلى السلطة الفلسطينية وضبط الحدود الموازي لمصر إلى السلطات المصرية).
التسمية
في التوراة وفي التراث اليهودي يعدّ اسم "إسرائيل" اسم بديل ليعقوب، وتظهر قصة تسمية يعقوب بإسرائيل في سفر التكوين 32:25
وبقيَ يعقوبُ وحدَهُ، فصارَعَهُ رَجلٌ حتى طُلوعِ الفَجرِ. 26 ولمَّا رأَى أنَّه لا يقوى على يعقوبَ في هذا الصِّراعِ، ضرَبَ حُقَ[؟] وِرْكِه فاَنخلَعَ. 27 وقالَ لِيعقوبَ: «طَلَعَ الفجرُ فاَترُكْني!» فقالَ يعقوبُ: «لا أتْرُكُكَ حتى تُبارِكَني». 28 فقالَ الرَّجلُ: «ما اَسمُكَ؟» قالَ: «اَسمي يعقوبُ». 29 فقالَ: «لا يُدعَى اَسمُكَ يعقوبَ بَعدَ الآنَ بل إِسرائيلَ، لأنَّكَ غالَبْتَ اللهَ والنَّاسَ وغلَبْتَ». سفر التكوين
ولفظة إسرائيل مكونة حسب التوراة من كلمتين ساميتين قديمتين هما: "سرى" (بالعبرية: שָׂרָה) بمعني غلب، و"إيل" (بالعبرية: אֵל) أي الإله أو الله. التوراة والتلمود وكذلك مصادر عبرية أخرى تسمى الشعب العبراني أو الشعب اليهودي "بيت إسرائيل" أو "آل إسرائيل" أو "بني إسرائيل"، كثيراً ما يختصرون التعبير فيقولون "إسرائيل" فقط كما رأينا في مأثور التلمود والاسم العبري فلسطين هو "إيرتس يسرائيل" أي "أرض إسرائيل". الآثاريين والمؤرخين يشكك القصة الواردة في التوراة ويعدّونه شرحا مؤخرا لازدواجية التسمية التي مصدرها قديم ويرجع إلى الفترة التي خضعت فيها بلاد الكنعان لسيطرة الفراعنة المصريين. وقد عثر على رسالة فرعونية من القرن الـ14 قبل الميلاد التي يذكر فيها اسم "إسرائيل" كاسم شعب في بلاد الكنعان. طبيعة العلاقة بين ذلك الشعب وبني إسرائيل الذين ظهروا في بلاد الكنعان بفترة لاحقة غير واضحة، ولكن الرسالة الفرعونية تثبت قيام شعب بهذا الاسم حتى قبل عصر التوراة.
وبالرغم من أن تيودور هرتزل زعيم الصهيونية السياسية، ورئيس المؤتمر الصهيوني العالمي الأول الذي عقد في مدينة بازل بسويسرا عام 1897، لم يتردد في تسمية كتابه المتضمن لدعوته هذه "دولة اليهود" فإن هذه الدعوة الصهيونية آثرت عند الكتابة عن فلسطين أن تسميها "أرض إسرائيل"، حرصاً على تأكيد انتماء هذه الأرض إلى أسلافهم الأوائل، أبناء يعقوب، أو "بنو إسرائيل".
قبل إعلان "دولة" إسرائيل تم اقتراح بعض الأسماء لدولة الجديدة، من بينها: يهودا، عيبر، تسيون (أي صهيون)، إيرتس إسرائيل (أي أرض إسرائيل). وقد تم اختيار اسم إسرائيل أو "دولة" إسرائيل للأسباب التالية
النعت "يهودي" يستخدم للإشارة إلى أبناء الديانة اليهودية أو إلى مجموعة عرقية، أما بين مواطني الدولة يوجد أيضا مسلمين، مسيحيين وعلمانيين.
اسم يهودا هو الاسم العبري لجبال الخليل التي كانت ضمن حدود الدولة العربية حسب خطة الأمم المتحدة لتقسيم فلسطين.
اسم "عيبر" غير معروف لدى الجمهور وكان يشير إلى كتلة سياية يهودية معينة (كتلة يهود علمانيين الذين فضلوا تسميتهم بـ"عبريين" بدلا من "يهود").
يجب التفريق بين "إيرتس إسرائيل" كمصطلح جغرافي واسم الدولة الجديدة.
وقد خلقت هذه التسمية عدة مشاكل أمام المشرعين الصهاينة، حيث انتقلت صفة الإسرائيلي من الشعب (وهي صفة مذكرة في العبرية) إلى الدولة (وهي صفة مؤنثة في العبرية)، وهو الانتقال الذي أدى إلى انطباق هذه الصفة على كل من يقيم داخل إسرائيل من العرب والمسلمين والمسيحيين وأرغم السلطات الإسرائيلية على اعتماد هؤلاء العرب المقيمين فيها في عداد المواطنين الذي يتمتعون بالجنسية الإسرائيلية.
إن ""دولة" إسرائيل" هي اصطلاح سياسي محدد، بينما "أرض إسرائيل" هي اصطلاح جغرافي ف"دولة" إسرائيل يمكن أن تمتد على كل "أرض إسرائيل" أو على جزء من منها، أو حتى على أجزاء ليست تابعة "لأرض إسرائيل" (مثل شرم الشيخ والجولان على سبيل المثال)، و"دولة" إسرائيل هي الإطار الحاسم بالنسبة للمبدأ الصهيوني.
الكيان الصهيوني هي التسمية الرسمية التي تطلقها بعض الحكومات على إسرائيل، وتحمل هذه التسمية في طياتها خطابا يرفض وجود "دولة يهودية" في منطقة الشرق الأوسط، وليس للوجود اليهودي.. من ناحية أخرى ينكر بعض المفكرين وجود تسمية إسرائيل في التناخ إذ يقول شلومو ساند بأنه لم يكن هناك -تاريخياً- مملكة موحدة شملت ما يسمى اليوم "يهودا" أي شمال الضفة الغربية، وإسرائيل القديمة، وبالتالي فإنه لم يظهر أيضاً اسم اقليمي عبري موحد، وهكذا ظل في أسفار التناخ الإسم الفرعوني للمنطقة "أرض كنعان". وقد وعد الإله إبراهيم -بحسب سفر (التكوين 17، 8): "وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك كل أرض كنعان".
جغرافيا
تعدّ الحدود السياسية لإسرائيل واحدة من أكثر الأمور المثيرة للجدل عالميا فهي لم تعلن حدودها الرسمية بالكامل منذ إنشاءها عام 1948. وأجزاء الحدود المتفق عليها بين إسرائيل والدول المجاورة لها هي الحدود مع مصر (التي تمر بين منطقتي سيناء والنقب) ومقطعين من الحدود مع الأردن (في وادي عربة وفي مرج بيسان)، والتي تم تحديدها في أعقاب توقيع معاهدتي السلام. في سنة 2000 طلبت إسرائيل من الأمم المتحدة تحديد الحدود بينها وبين لبنان، وانسحبت قواتها من الجنوب اللبناني حسب التعلبمات الدولية (ما يسمى "الخط الأزرق"). وفي شهر أغسطس 2005 أعلنت إسرائيل "الخط الأخضر[؟]" المحيط بقطاع غزة حدودا لها.
تقع "دولة" إسرائيل في قارّة آسيا في منطقة الشرق الأوسط وتحاذي البحر الأبيض المتوسط. جغرافياً، وتُعدّ إسرائيل من الدول ذات المساحة الصغيرة ويقطنها ما يقرب من 7.88 مليون نسمة. منذ أن نشأت "دولة" إسرائيل وإلى يومنا هذا، كانت إسرائيل طرفاً من أطراف النزاعات الإقليمية وبخاصّة مع مصر وسوريا ولبنان والأردن والفلسطينيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق