التهاب السحايا هو التِهاب حادّ للأغشية الواقية التي تُغطّي الدّماغ والنُّخاع الشوكيّ، والتي تعرف باسم السَّحايا. تَتَعدّد أسباب الالتهاب وتشمل العَدوى الفيروسات أو البكتيريا أو غيرها من الكائنات الدقيقة، وأقل شيوعًا عن طريق بعض الأدوية. قد يكون التهاب السحايا مهدِّدًا للحياة بسبب قربه من الدماغ والحبل الشوكي؛ من هُنا، يُصنَّف التهاب السحايا كحالة طبية طارئة.
الأعراض الأكثر شيوعا في التهاب السحايا هي الصداع وتيبُّس العنق المرتبط بالحمّى، والارتباك أو اضطراب في الوعي، والتقيُّؤ، وعدم تحمُّل الضوء (رُهاب الضوء) أو الأصوات العالية (رُهاب الصوت). أما لدى الأطفال فغالبًا ما تظهر فقط أعراض غير مُحدّدة مثل التهَيُّج والنعاس. إذا تواجد الطفح، قد يشير ذلك إلى سبب معين لالتهاب السحايا. على سبيل المثال، التهاب السحايا الناجم عن بكتيريا المكورات السحائية قد تكون مصحوبة بطفح جلدي مميز.
البزل القطني يُشَخِّص أو يستبعد التهاب السحايا. حيث تُدخَل إبرة في القناة النخاعية لاستخراج عيِّنة من السائل النخاعي، الذي يحيط بالدماغ والنخاع الشوكي. ومن ثم يُفحص السائل النخاعي في مختبر طبي. يشكل العلاج الأولي لالتهاب السحايا الحاد علاج سريع بالمضادات حيوية تعطى فورًا وأحيانا مضادات فيروسات. وقد تُستخدم كذلك الستيروئيدات القشرية لمنع حدوث مضاعفات من الالتهاب الشديد. قد يؤدي التهاب السحايا إلى عواقب وخيمة طويلة الأمد مثل الصمم، والصرع، واستسقاء الرأس والعجز المعرفي، خاصة إذا لم يُعالج بسرعة. يمكن الوقاية ومنع بعض أشكال التهاب السحايا (مثل تلك المرتبطة بالتهابات المكورات السحائية، المستدمية النزلية من النمط ب، المكورات الرئوية أو فيروس النكاف) عن طريق التحصين المناعي (التطعيم). أدى التهاب السحايا في عام 2013 إلى 303000 حالة وفاة - حيث انخفض من 464000 حالة وفاة في العام 1990
مظاهر سريرية
تيبُّس العنق، التهاب السحايا الوبائي في تكساس في سنتي 1911-1912
في البالغين، الأعراض الأكثر شيوعًا لالتهاب السحايا هي صداع شديد والذي يصيب حوالي 90٪ من حالات التهاب السحايا الجرثومي، تليها صلابة قفوية (تيبُّس العنق؛ عدم القدرة على ثني الرقبة إلى الأمام بشكل لافاعل نتيجة لزيادة توترالعضلات وتصلب الرقبة). يتكوّن الثالوث الكلاسيكي من العلامات التشخيصية لالتهاب السحايا من الصلابة القفوية، ارتفاع حرارة مفاجئ، وتغير الحالة العقلية. ومع ذلك، تتواجد ثلاثة العلامات التشخيصيّة سويًا فقط في 44-46٪ من حالات التهاب السحايا الجرثومي. إن لم يتواجد أي من العلامات التشخيصية الثلاث، فالتهاب السحايا الحاد غير مرجح للغاية. وهناك علامات أخرى مرتبطة عادةً مع التهاب السحايا كرُهاب الضوء (عدم تحمل الضوء الساطع) ورهاب الصوت (عدم تحمل الضوضاء الصاخبة). اما عند الأطفال الصغار، ففي كثير من الأحيان لا تظهر الأعراض المذكورة أعلاه، ويمكن أن يكون الطّفل مُتَهَيِّجًا فقط وسريع الانفعال ولا يبدو على ما يرام. وقد يبرز اليافوخ (البقعة الطريّة على قمة رأس الطفل) في الأطفال الرضع حتى سن 6 أشهر. أما الخصائص الأخرى التي تُميِّز التهاب السحايا من الأمراض الأقل خطورة عند الأطفال الصغار هي ألم في الساق، والأطراف الباردة، ولون الجلد غير الطبيعي.
تظهر الصلابة القفوية في 70٪ من حالات التهاب السحايا الجرثومي في البالغين. وتشمل العلامات الأخرى من السحائية وجود علامة كيرنيغ الإيجابية أو علامة برودزنسكي. تُقَيَّم علامة كيرنيغ في شخص مستلق على ظهره، مع ثني الورك والركبة إلى 90 درجة. في شخص مع علامة كيرنيغ إيجابية، يحدّ ويعيق الألم من ثني الركبة اللافاعلي. تحدث علامة برودزنسكي الإيجابية عندما يؤدي ثني العنق إلى انثناء لاإرادي للركبة والورك. على الرغم من الاستخدام الشائع لعلامتي كيرنيغ وبرودزنسكي للكشف عن التهاب السحايا، إلاّ أن حساسية هذين الاختبارين محدودة. ومع ذلك، فكلتا العلامتين نوعيتين بشكل جيد جدًا بالتهاب السحايا ونادرًا ما تحدثان في غيره من الأمراض. يساعد اختبار آخر، والمعروف باسم "مناورة استحداث الهزّة" على تحديد ما إذا كان التهاب السحايا موجود في أولئك الذين يبلغون عن الحمى والصداع. ويُطلب من الشخص تدوير الرأس أفقيا بسرعة؛ إذا كان هذا لا يجعل الصداع أسوأ شدة، فالتهاب السحايا غير مرجح.
يمكن التفريق بين التهاب السحايا الناجم عن السحائية البكتيرية النيسرية (المعروف باسم "التهاب السحايا بالمكورات السحائية") والتهاب السحايا ذي الأسباب الأخرى عن طريق الطفح الحَبَرِيّ الذي ينتشر بسرعة، والذي قد يسبق الأعراض الأخرى. ويتكون الطفح من العديد من البقع الصغيرة ("حَبَرات") غير المنتظمة والأرجوانية أو الحمراء اللون على الجذع والأطراف السفلية، والأغشية المخاطية، المُلتحمة، و (أحيانًا) على راحتي اليدين أو باطن القدمين. يكون الطفح نموذجيًا غير قابل للابيضاض؛ حيث أن الاحمرار لا يختفي عند الضغط عليه بالاصبع أو كوب الزجاج. على الرغم من أن هذا الطفح غير موجود بالضرورة في التهاب السحايا بالمكورات السحائية، فهو مميز نسبيًا لهذا المرض. فإنه، مع ذلك، قد يحدث أحيانا في التهاب السحايا بسبب البكتيريا الأخرى. ومن المؤشرات الأخرى على سبب التهاب السحايا هي العلامات الجلدية في مرض اليد والقدم والفم والحلأ التناسلي، وكلاهما يرتبط مع أشكال مختلفة لالتهاب السحايا الفيروسي.
المُضاعفات المُبَكّرة
شارلوت كليفيرلي- بيسمان أصيبت بالتهاب السحايا الحاد عندما كانت طفلة صغيرة. في حالتها، تطور الطفح الحبري عليها إلى غرغرينا وتم بتر جميع أطرافها. نجت من المرض، وأصبحت عنوانا لحملة التحصين ضد الالتهاب السحائي في نيوزيلندا
قد تحدث مشاكل إضافية في مرحلة مبكرة من المرض. وقد تتطلب هذه المشاكل معالجة خاصّة، وأحيانا تُشير إلى مرض شديد أو تطوُّر أسوأ للمرض. قد تؤدي العدوى إلى انسمام الدم، متلازمة استجابية التهابية جهازية من هبوط لضغط الدم وتسرُّع القلب، وارتفاع أو انخفاض غير طبيعي لدرجة الحرارة، وتسرُّع التنفس. قد يحدث انخفاض شديد في ضغط الدم في مرحلة مبكرة، خصوصًا ولكن ليس حصرًا في التهاب السحايا بالمكورات السحائية؛ قد يؤدي هذا إلى عدم كفاية إمدادات الدم إلى الأعضاء الأخرى. قد يعيق التخثر المنتشر داخل الأوعية الدموية، والتفعيل المفرط لتخثرالدم، تدفق الدم إلى الأعضاء وزيادة متناقضة لخطر النزيف لأنه يستهلك عوامل التخثر ويستنفذها. يمكن أن تحدث غرغرينا في الأطراف في مرض المكورات السحائية. العدوى الشديدة بالسحائيات والمكورات الرئوية قد تؤدي إلى نزيف في الغدد الكظرية، مما يؤدي إلى متلازمة ووترهاوس- فريدريكسن، التي غالبًا ما تكون قاتلة.
قد تنتفخ أنسجة الدماغ، ويرتفع الضغط داخل الجمجمة والدماغ المنتفخ قد ينفتق عبر قاعدة الجمجمة. وقد يلاحظ كذلك من خلال انخفاض مستوى الوعي، وفقدان مُنعَكَس الحدقة للضوء، واتّخاذ وضعيات غير طبيعية. ويمكن كذلك أن يعرقل التهاب أنسجة الدماغ التدفق الطبيعي للسائل النخاعي الشوكي حول الدماغ (الاستسقاء الدماغي). نوبات اختلاجية قد تحدث لأسباب مختلفة. في الأطفال النوبات شائعة في المراحل المبكرة من التهاب السحايا (في 30٪ من الحالات) ولا تشير بالضرورة للسبب الكامن. قد تكون النوبات الاختلاجية بسبب ارتفاع ضغط داخل القحف ومن مناطق الالتهاب في أنسجة الدماغ. نوبات اختلاجية بؤرية (النوبات التي تنطوي على طرف من الأطراف أو جزء من الجسم) أي نوبات جزئية موضّعة، ونوبات ثابتة، ونوبات متأخرة الظهور وتلك التي يصعب السيطرة عليها بالأدوية تشير إلى نتائج أسوأ على المدى الطويل.
قد يؤدي التهاب السحايا إلى اضطرابات في الأعصاب القحفية، وهي مجموعة من الأعصاب التي تنشأ من جذع الدماغ والتي تزوّد الرأس ومنطقة الرقبة والتي من مهامها التحكم بحركة العين، وعضلات الوجه، والسمع. وقد تستمر الأعراض البصرية وفقدان السمع بعد فترة من التهاب السحايا. قد يؤدي كل من التهاب الدماغ وأوعيته الدموية (التهاب الأوعية الدموية في الدماغ)، وكذلك تشكُّل خثرات الدم في الأوردة (الخثار الوريدي الدماغي)، إلى ضعف، وفقدان للحسّ، وحركات أو وظيفة غير طبيعية للجزء من أجزاء الجسم الذي تزوّده عصبيًا المنطقة المصابة من الدماغ.
مُسبّبات المرض
يحدث عادة التهاب السحايا عن طريق العدوى بالكائنات الحية الدقيقة. ومعظم العدوى فيروسية، بعدها تأتي البكتيريا والفطريات والطفيليات تاليًا كمُسبِّب شائع. وقد تحدث أيضًا من أسباب غير معدية. ويشير مصطلح التهاب السحايا العقيم لحالات التهاب السحايا التي لا يمكن إظهار بها عدوى بكتيرية. عادة ما يحدث هذا النوع من التهاب السحايا عن طريق الفيروسات ولكن قد يكون بسبب عدوى بكتيرية والتي سَبَق أن تم علاجها جزئيًا، أو عندما تختفي البكتيريا من السحايا، أو عندما تصيب مسببِّات الأمراض تجاويف مجاورة للسحايا (كالتهاب الجيوب الأنفية). قد يسبّب التهاب شغاف القلب (عدوى تصيب صمامات القلب حيث تنشر تجمعات صغيرة من البكتيريا من خلال مجرى الدم) التهاب السحايا العقيم. قد ينتج كذلك التهاب السحايا العقيم من الإصابة ببكتيريا الملتويات، وهي نوع من البكتيريا تضم اللولبية الشاحبة (التي تسبب مرض الزهري) والبوريليا البرغدورفيرية (التي تسبب مرض لايم). التهاب السحايا يمكن أن يحدث في الملاريا الدماغية أو التهاب السحايا الأميبي، والتهاب السحايا الناتج عن الإصابة بالأميبا كالنيجلرية الدجاجية، المتأتّي من مصادر المياه العذبة.
بكتيريّة
تتفاوت أنواع البكتيريا التي تسبب التهاب السحايا الجرثومي حسب الفئة العمرية للفرد المصاب:
في الأطفال الخدج وحديثي الولادة لحد ثلاثة أشهر من العمر، الجراثيم الأكثر شيوعًا هي العقديات مجموعة ب (الفرعية الثالثة من المجموعة والتي تعيش طبيعيًا عادة في المهبل، وهي عادة من المسبّبات خلال الأسبوع الأول من الحياة) والجراثيم التي تعيش عادة في الجهاز الهضمي مثل الإشيركية القولونية (حاملة للمستضد K1). الليستريا المولدة للوحيدات (نمط مصلي 4ب) التي قد تصيب الأطفال حديثي الولادة وتحدث على شكل أوبئة.
في الأطفال الأكبر سنًا، الجراثيم الشائعة هي النيسرية السحائية (المكوّرات السحائية) والعقدية الرئوية (الأنماط المصلية 6 و 9 و 14 و 18 و 23)، وأما والذين دون سن الخامسة فيُصابون بكثرة بالمستدمية النزلية نوع ب (في البلدان التي لا تقدّم التطعيم).
في البالغين، النيسرية السحائية والمكورات العقدية الرئوية يسبّبان معًا 80٪ من حالات التهاب السحايا الجرثومي. يزداد خطر الإصابة بالليستريا المولدة للوحيدات في الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 50 سنة. وقد خفضت معدلات إدخال لقاح المكورات الرئوية التهاب السحايا بالمكورات الرئوية في كل من الأطفال والبالغين.
تسمح أذيات الجمجمة الرضية حديثة العهد لجراثيم تجويف الأنف أن تدخل الفراغ السحائي. وبالمثل، الأدوات المدخلة في الدماغ والسحايا، مثل التحويلات الدماغية، المصارف خارج البطين، خزّانات أميّة (جهاز قثطرة مثبت على الرأس ويخترق الجمجمة إلى داخل بطينات الدماغ من اختراع جرّاح الأعصاب الباكستاني أيّوب أمية) تزيد من احتمال الإصابة بالتهاب السحايا. في هذه الحالات، هم أكثرعرضة للإصابة بالمكورات العنقودية، والسودوموناس، والجراثيم سلبية الغرام. وترتبط مسبّبات المرض هذه أيضًا بالتهاب السحايا في الأشخاص الذين لديهم ضعف الجهاز المناعي. وجود عدوى في الرأس ومنطقة الرقبة، مثل التهاب الأذن الوسطى أو التهاب الخشاء، يمكن أن يؤدي إلى التهاب السحايا في نسبة صغيرة من الناس. المستفيدون من زراعة قوقعة لفقدان السمع هم أكثر عرضة للخطر لالتهاب السحايا بالمكورات الرئوية.
التهاب السحايا السلي، وهو التهاب السحايا الناجم عن بكتيريا المتفطرة السلية، هو أكثر شيوعًا في الناس من البلدان التي يتوطن فيها مرض السل، ولكن يصيب أيضًا الأشخاص الذين يعانون من مشاكل المناعة، مثل الإيدز.
قد يكون سبب التهاب السحايا الجرثومي المتكرّر هو وجود عيوب تشريحية، إما خلقية أو مكتسبة، أو اضطرابات في الجهاز المناعي. خلل تشريحي يسمح بالاستمرارية بين البيئة الخارجية والجهاز العصبي. السبب الأكثر شيوعًا لالتهاب السحايا المتكررة هو كسر في الجمجمة، وخاصة كسور التي تؤثر على قاعدة الجمجمة أو تمتد نحو الجيوب الأنفية والأهرامات الصخرية (جزء من العظم الصدغي هرمي الشكل مدبب للأسفل في قاعدة الجمجمة بين العظم القفوي والوتدي). ومثل هذه التشوهات التشريحية تتسبب في ما يقرب من 59٪ من حالات التهاب السحايا المتكررة، و 36٪ من حالات العدوى المتكررة هي نتيجة لنقص المناعة (مثل نقص بروتينات جهاز المتممة المسؤول عن الانفعالات المناعية)، و الذي يهيِّئ خاصة إلى التهاب السحايا المتكرر بالمكورات السحائية)، و 5% تنجم عن العدوى المستمرة في المناطق المتاخمة للسحايا.
فيروسيّة
الفيروسات التي تسبب التهاب السحايا تشمل الفيروسات المعوية، وفيروس الحلأ (الهربس) البسيط (عمومًا من النوع 2 الذي ينتج معظم القروح التناسلية؛ النوع الأول هو أقل شيوعًا كمسبّب لالتهاب السحايا)، وفيروس الحماق النطاقي (المعروف عن التسبب بالجديري والهربس النطاقي)، وفيروس النكاف، وفيروس نقص المناعة البشرية، وفيروس التهاب السحايا والمشيميات اللمفاوي. التهاب السحايا مولاريت هو الشكل المتكرّر المزمن من التهاب السحايا الهربسي، يُعتقد أن سببها فيروس الهربس البسيط نوع 2.
فطريّة
وهناك عدد من عوامل الخطر لمرض التهاب السحايا الفطرية، بما في ذلك استخدام الأدوية المُثبطة للمناعة (مثلاً بعد زراعة الأعضاء)، وفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز، وفقدان المناعة المرتبط بالشيخوخة. وهو غير شائع عند من لديهم نظام مناعة طبيعي ولكن قد تحدث مع تلوّث الدواء. الأعراض بداية تكون عادة أكثر تدرُّجًا، مع صداع وحمى يتواجدان على الأقل لبضعة أسابيع قبل التشخيص. والتهاب السحايا الفطرية الأكثر شيوعا هو التهاب السحايا بالمستخفيات بسبب المستخفية المورمة. في أفريقيا، التهاب السحايا بالمستخفيات الآن هو السبب الأكثر شيوعًا لالتهاب السحايا في دراسات متعددة، وتمثل 20-25٪ من الوفيات المرتبطة بالإيدز في أفريقيا. أما غيرها من مسببات الأمراض الفطرية أقل شيوعا التي يمكن أن تسبب التهاب السحايا فتشمل: الكروانية اللدودة، والنوسجة المغمدة، والبُرعُمِيَّة المُلهِبة للجلد، والمُبيَضَّات.
طفيليّة
وغالبا ما يفترض سبب طفيلي عندما يكون هنا غلبة للحمضات (نوع من خلايا الدم البيضاء) في السائل النخاعي الشوكي. الطفيليات الأكثر شيوعا في تورطها هي دودة الأسطوانية الكنتونية، الفغمية المقنفذة، البلهارسيا، فضلا عن الظروف داء الكيسات المذنبة، داء السهميات، baylisascariasis ، جانبية المناسل، وعدد من الإنتانات النادرة وغير الإنتانات.
غيرالمعدية
التهاب السحايا قد يحدث نتيجة لعدة أسباب غير معدية: انتشار السرطان إلى السحايا (التهاب السحايا الورمي أو الخبيث) وبعض الأدوية (مضادات الالتهاب غير الستيرويدية والمضادات الحيوية والغلوبولينات المناعية الوريدية) ويمكن أيضا أن يكون بسبب العديد من الالتهابات اللاإنتانية، مثل الساركويد (التي كانت تسمى آنذاك الغرناوية العصبية )، اضطرابات النسيج الضام مثل الذئبة الحمامية الجهازية، وبعض أشكال التهاب الأوعية الدموية، كمرض بهجت. الكيسة البشرانية والكيسة الجلدانية قد تسببان التهاب السحايا عن طريق تحرير مواد مهيجة في المسافة تحت العنكبوتية. ونادرا قد يسبب الصداع النصفي التهاب السحايا، ولكن عادة ما يتم هذا التشخيص فقط عند نفي الأسباب الأخرى.
آلية المرض
يمكن أن تصاب الأغشية المخية مباشرة بالعدوى ويحدث ذلك للأطفال الصغار المصابين بعدوى وتقيح سائل بالأذن ويمكن أن تحدث أيضا في الكسور الخطيرة في الجمجمة حيث تتلوث الأغشية المخية بالميكروبات من الجو أو من جلد المصاب. التهاب السحايا وتسمم الدم والأمراض الفتاكة التي يمكن أن تقتل في ساعات.
يصاب الإنسان أحيانا في الحالات الشديدة بفقدان السمع وفقدان الوعي ومن ثم الموت. وتحدث العدوى عن طريق استنشاق رذاذ الهواء الملوث بالبكتيريا، حيث تدخل بداية إلى الجهاز التنفسي وتتكاثر، ومن ثم تنتقل عن طريق الدم إلى الجهاز العصبي ،وبالتحديد إلى اغشية الدماغ ،وتفرز السموم هناك ومن الظواهر الملفتة لهذه البكتيريا أنه يسهل امتصاصها بوساطة كريات الدم البيضاء التي تتجمع عند الأغشية الملتهبة وتعيش البكتيريا في المسالك الأنفية والأغشية المخية ومنها تنتشر أثناء الحديث أو السعال.
التشخيص
التصوير و اختبارات الدم
الأعراض الأكثر شيوعا في التهاب السحايا هي الصداع وتيبُّس العنق المرتبط بالحمّى، والارتباك أو اضطراب في الوعي، والتقيُّؤ، وعدم تحمُّل الضوء (رُهاب الضوء) أو الأصوات العالية (رُهاب الصوت). أما لدى الأطفال فغالبًا ما تظهر فقط أعراض غير مُحدّدة مثل التهَيُّج والنعاس. إذا تواجد الطفح، قد يشير ذلك إلى سبب معين لالتهاب السحايا. على سبيل المثال، التهاب السحايا الناجم عن بكتيريا المكورات السحائية قد تكون مصحوبة بطفح جلدي مميز.
البزل القطني يُشَخِّص أو يستبعد التهاب السحايا. حيث تُدخَل إبرة في القناة النخاعية لاستخراج عيِّنة من السائل النخاعي، الذي يحيط بالدماغ والنخاع الشوكي. ومن ثم يُفحص السائل النخاعي في مختبر طبي. يشكل العلاج الأولي لالتهاب السحايا الحاد علاج سريع بالمضادات حيوية تعطى فورًا وأحيانا مضادات فيروسات. وقد تُستخدم كذلك الستيروئيدات القشرية لمنع حدوث مضاعفات من الالتهاب الشديد. قد يؤدي التهاب السحايا إلى عواقب وخيمة طويلة الأمد مثل الصمم، والصرع، واستسقاء الرأس والعجز المعرفي، خاصة إذا لم يُعالج بسرعة. يمكن الوقاية ومنع بعض أشكال التهاب السحايا (مثل تلك المرتبطة بالتهابات المكورات السحائية، المستدمية النزلية من النمط ب، المكورات الرئوية أو فيروس النكاف) عن طريق التحصين المناعي (التطعيم). أدى التهاب السحايا في عام 2013 إلى 303000 حالة وفاة - حيث انخفض من 464000 حالة وفاة في العام 1990
مظاهر سريرية
تيبُّس العنق، التهاب السحايا الوبائي في تكساس في سنتي 1911-1912
في البالغين، الأعراض الأكثر شيوعًا لالتهاب السحايا هي صداع شديد والذي يصيب حوالي 90٪ من حالات التهاب السحايا الجرثومي، تليها صلابة قفوية (تيبُّس العنق؛ عدم القدرة على ثني الرقبة إلى الأمام بشكل لافاعل نتيجة لزيادة توترالعضلات وتصلب الرقبة). يتكوّن الثالوث الكلاسيكي من العلامات التشخيصية لالتهاب السحايا من الصلابة القفوية، ارتفاع حرارة مفاجئ، وتغير الحالة العقلية. ومع ذلك، تتواجد ثلاثة العلامات التشخيصيّة سويًا فقط في 44-46٪ من حالات التهاب السحايا الجرثومي. إن لم يتواجد أي من العلامات التشخيصية الثلاث، فالتهاب السحايا الحاد غير مرجح للغاية. وهناك علامات أخرى مرتبطة عادةً مع التهاب السحايا كرُهاب الضوء (عدم تحمل الضوء الساطع) ورهاب الصوت (عدم تحمل الضوضاء الصاخبة). اما عند الأطفال الصغار، ففي كثير من الأحيان لا تظهر الأعراض المذكورة أعلاه، ويمكن أن يكون الطّفل مُتَهَيِّجًا فقط وسريع الانفعال ولا يبدو على ما يرام. وقد يبرز اليافوخ (البقعة الطريّة على قمة رأس الطفل) في الأطفال الرضع حتى سن 6 أشهر. أما الخصائص الأخرى التي تُميِّز التهاب السحايا من الأمراض الأقل خطورة عند الأطفال الصغار هي ألم في الساق، والأطراف الباردة، ولون الجلد غير الطبيعي.
تظهر الصلابة القفوية في 70٪ من حالات التهاب السحايا الجرثومي في البالغين. وتشمل العلامات الأخرى من السحائية وجود علامة كيرنيغ الإيجابية أو علامة برودزنسكي. تُقَيَّم علامة كيرنيغ في شخص مستلق على ظهره، مع ثني الورك والركبة إلى 90 درجة. في شخص مع علامة كيرنيغ إيجابية، يحدّ ويعيق الألم من ثني الركبة اللافاعلي. تحدث علامة برودزنسكي الإيجابية عندما يؤدي ثني العنق إلى انثناء لاإرادي للركبة والورك. على الرغم من الاستخدام الشائع لعلامتي كيرنيغ وبرودزنسكي للكشف عن التهاب السحايا، إلاّ أن حساسية هذين الاختبارين محدودة. ومع ذلك، فكلتا العلامتين نوعيتين بشكل جيد جدًا بالتهاب السحايا ونادرًا ما تحدثان في غيره من الأمراض. يساعد اختبار آخر، والمعروف باسم "مناورة استحداث الهزّة" على تحديد ما إذا كان التهاب السحايا موجود في أولئك الذين يبلغون عن الحمى والصداع. ويُطلب من الشخص تدوير الرأس أفقيا بسرعة؛ إذا كان هذا لا يجعل الصداع أسوأ شدة، فالتهاب السحايا غير مرجح.
يمكن التفريق بين التهاب السحايا الناجم عن السحائية البكتيرية النيسرية (المعروف باسم "التهاب السحايا بالمكورات السحائية") والتهاب السحايا ذي الأسباب الأخرى عن طريق الطفح الحَبَرِيّ الذي ينتشر بسرعة، والذي قد يسبق الأعراض الأخرى. ويتكون الطفح من العديد من البقع الصغيرة ("حَبَرات") غير المنتظمة والأرجوانية أو الحمراء اللون على الجذع والأطراف السفلية، والأغشية المخاطية، المُلتحمة، و (أحيانًا) على راحتي اليدين أو باطن القدمين. يكون الطفح نموذجيًا غير قابل للابيضاض؛ حيث أن الاحمرار لا يختفي عند الضغط عليه بالاصبع أو كوب الزجاج. على الرغم من أن هذا الطفح غير موجود بالضرورة في التهاب السحايا بالمكورات السحائية، فهو مميز نسبيًا لهذا المرض. فإنه، مع ذلك، قد يحدث أحيانا في التهاب السحايا بسبب البكتيريا الأخرى. ومن المؤشرات الأخرى على سبب التهاب السحايا هي العلامات الجلدية في مرض اليد والقدم والفم والحلأ التناسلي، وكلاهما يرتبط مع أشكال مختلفة لالتهاب السحايا الفيروسي.
المُضاعفات المُبَكّرة
شارلوت كليفيرلي- بيسمان أصيبت بالتهاب السحايا الحاد عندما كانت طفلة صغيرة. في حالتها، تطور الطفح الحبري عليها إلى غرغرينا وتم بتر جميع أطرافها. نجت من المرض، وأصبحت عنوانا لحملة التحصين ضد الالتهاب السحائي في نيوزيلندا
قد تحدث مشاكل إضافية في مرحلة مبكرة من المرض. وقد تتطلب هذه المشاكل معالجة خاصّة، وأحيانا تُشير إلى مرض شديد أو تطوُّر أسوأ للمرض. قد تؤدي العدوى إلى انسمام الدم، متلازمة استجابية التهابية جهازية من هبوط لضغط الدم وتسرُّع القلب، وارتفاع أو انخفاض غير طبيعي لدرجة الحرارة، وتسرُّع التنفس. قد يحدث انخفاض شديد في ضغط الدم في مرحلة مبكرة، خصوصًا ولكن ليس حصرًا في التهاب السحايا بالمكورات السحائية؛ قد يؤدي هذا إلى عدم كفاية إمدادات الدم إلى الأعضاء الأخرى. قد يعيق التخثر المنتشر داخل الأوعية الدموية، والتفعيل المفرط لتخثرالدم، تدفق الدم إلى الأعضاء وزيادة متناقضة لخطر النزيف لأنه يستهلك عوامل التخثر ويستنفذها. يمكن أن تحدث غرغرينا في الأطراف في مرض المكورات السحائية. العدوى الشديدة بالسحائيات والمكورات الرئوية قد تؤدي إلى نزيف في الغدد الكظرية، مما يؤدي إلى متلازمة ووترهاوس- فريدريكسن، التي غالبًا ما تكون قاتلة.
قد تنتفخ أنسجة الدماغ، ويرتفع الضغط داخل الجمجمة والدماغ المنتفخ قد ينفتق عبر قاعدة الجمجمة. وقد يلاحظ كذلك من خلال انخفاض مستوى الوعي، وفقدان مُنعَكَس الحدقة للضوء، واتّخاذ وضعيات غير طبيعية. ويمكن كذلك أن يعرقل التهاب أنسجة الدماغ التدفق الطبيعي للسائل النخاعي الشوكي حول الدماغ (الاستسقاء الدماغي). نوبات اختلاجية قد تحدث لأسباب مختلفة. في الأطفال النوبات شائعة في المراحل المبكرة من التهاب السحايا (في 30٪ من الحالات) ولا تشير بالضرورة للسبب الكامن. قد تكون النوبات الاختلاجية بسبب ارتفاع ضغط داخل القحف ومن مناطق الالتهاب في أنسجة الدماغ. نوبات اختلاجية بؤرية (النوبات التي تنطوي على طرف من الأطراف أو جزء من الجسم) أي نوبات جزئية موضّعة، ونوبات ثابتة، ونوبات متأخرة الظهور وتلك التي يصعب السيطرة عليها بالأدوية تشير إلى نتائج أسوأ على المدى الطويل.
قد يؤدي التهاب السحايا إلى اضطرابات في الأعصاب القحفية، وهي مجموعة من الأعصاب التي تنشأ من جذع الدماغ والتي تزوّد الرأس ومنطقة الرقبة والتي من مهامها التحكم بحركة العين، وعضلات الوجه، والسمع. وقد تستمر الأعراض البصرية وفقدان السمع بعد فترة من التهاب السحايا. قد يؤدي كل من التهاب الدماغ وأوعيته الدموية (التهاب الأوعية الدموية في الدماغ)، وكذلك تشكُّل خثرات الدم في الأوردة (الخثار الوريدي الدماغي)، إلى ضعف، وفقدان للحسّ، وحركات أو وظيفة غير طبيعية للجزء من أجزاء الجسم الذي تزوّده عصبيًا المنطقة المصابة من الدماغ.
مُسبّبات المرض
يحدث عادة التهاب السحايا عن طريق العدوى بالكائنات الحية الدقيقة. ومعظم العدوى فيروسية، بعدها تأتي البكتيريا والفطريات والطفيليات تاليًا كمُسبِّب شائع. وقد تحدث أيضًا من أسباب غير معدية. ويشير مصطلح التهاب السحايا العقيم لحالات التهاب السحايا التي لا يمكن إظهار بها عدوى بكتيرية. عادة ما يحدث هذا النوع من التهاب السحايا عن طريق الفيروسات ولكن قد يكون بسبب عدوى بكتيرية والتي سَبَق أن تم علاجها جزئيًا، أو عندما تختفي البكتيريا من السحايا، أو عندما تصيب مسببِّات الأمراض تجاويف مجاورة للسحايا (كالتهاب الجيوب الأنفية). قد يسبّب التهاب شغاف القلب (عدوى تصيب صمامات القلب حيث تنشر تجمعات صغيرة من البكتيريا من خلال مجرى الدم) التهاب السحايا العقيم. قد ينتج كذلك التهاب السحايا العقيم من الإصابة ببكتيريا الملتويات، وهي نوع من البكتيريا تضم اللولبية الشاحبة (التي تسبب مرض الزهري) والبوريليا البرغدورفيرية (التي تسبب مرض لايم). التهاب السحايا يمكن أن يحدث في الملاريا الدماغية أو التهاب السحايا الأميبي، والتهاب السحايا الناتج عن الإصابة بالأميبا كالنيجلرية الدجاجية، المتأتّي من مصادر المياه العذبة.
بكتيريّة
تتفاوت أنواع البكتيريا التي تسبب التهاب السحايا الجرثومي حسب الفئة العمرية للفرد المصاب:
في الأطفال الخدج وحديثي الولادة لحد ثلاثة أشهر من العمر، الجراثيم الأكثر شيوعًا هي العقديات مجموعة ب (الفرعية الثالثة من المجموعة والتي تعيش طبيعيًا عادة في المهبل، وهي عادة من المسبّبات خلال الأسبوع الأول من الحياة) والجراثيم التي تعيش عادة في الجهاز الهضمي مثل الإشيركية القولونية (حاملة للمستضد K1). الليستريا المولدة للوحيدات (نمط مصلي 4ب) التي قد تصيب الأطفال حديثي الولادة وتحدث على شكل أوبئة.
في الأطفال الأكبر سنًا، الجراثيم الشائعة هي النيسرية السحائية (المكوّرات السحائية) والعقدية الرئوية (الأنماط المصلية 6 و 9 و 14 و 18 و 23)، وأما والذين دون سن الخامسة فيُصابون بكثرة بالمستدمية النزلية نوع ب (في البلدان التي لا تقدّم التطعيم).
في البالغين، النيسرية السحائية والمكورات العقدية الرئوية يسبّبان معًا 80٪ من حالات التهاب السحايا الجرثومي. يزداد خطر الإصابة بالليستريا المولدة للوحيدات في الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 50 سنة. وقد خفضت معدلات إدخال لقاح المكورات الرئوية التهاب السحايا بالمكورات الرئوية في كل من الأطفال والبالغين.
تسمح أذيات الجمجمة الرضية حديثة العهد لجراثيم تجويف الأنف أن تدخل الفراغ السحائي. وبالمثل، الأدوات المدخلة في الدماغ والسحايا، مثل التحويلات الدماغية، المصارف خارج البطين، خزّانات أميّة (جهاز قثطرة مثبت على الرأس ويخترق الجمجمة إلى داخل بطينات الدماغ من اختراع جرّاح الأعصاب الباكستاني أيّوب أمية) تزيد من احتمال الإصابة بالتهاب السحايا. في هذه الحالات، هم أكثرعرضة للإصابة بالمكورات العنقودية، والسودوموناس، والجراثيم سلبية الغرام. وترتبط مسبّبات المرض هذه أيضًا بالتهاب السحايا في الأشخاص الذين لديهم ضعف الجهاز المناعي. وجود عدوى في الرأس ومنطقة الرقبة، مثل التهاب الأذن الوسطى أو التهاب الخشاء، يمكن أن يؤدي إلى التهاب السحايا في نسبة صغيرة من الناس. المستفيدون من زراعة قوقعة لفقدان السمع هم أكثر عرضة للخطر لالتهاب السحايا بالمكورات الرئوية.
التهاب السحايا السلي، وهو التهاب السحايا الناجم عن بكتيريا المتفطرة السلية، هو أكثر شيوعًا في الناس من البلدان التي يتوطن فيها مرض السل، ولكن يصيب أيضًا الأشخاص الذين يعانون من مشاكل المناعة، مثل الإيدز.
قد يكون سبب التهاب السحايا الجرثومي المتكرّر هو وجود عيوب تشريحية، إما خلقية أو مكتسبة، أو اضطرابات في الجهاز المناعي. خلل تشريحي يسمح بالاستمرارية بين البيئة الخارجية والجهاز العصبي. السبب الأكثر شيوعًا لالتهاب السحايا المتكررة هو كسر في الجمجمة، وخاصة كسور التي تؤثر على قاعدة الجمجمة أو تمتد نحو الجيوب الأنفية والأهرامات الصخرية (جزء من العظم الصدغي هرمي الشكل مدبب للأسفل في قاعدة الجمجمة بين العظم القفوي والوتدي). ومثل هذه التشوهات التشريحية تتسبب في ما يقرب من 59٪ من حالات التهاب السحايا المتكررة، و 36٪ من حالات العدوى المتكررة هي نتيجة لنقص المناعة (مثل نقص بروتينات جهاز المتممة المسؤول عن الانفعالات المناعية)، و الذي يهيِّئ خاصة إلى التهاب السحايا المتكرر بالمكورات السحائية)، و 5% تنجم عن العدوى المستمرة في المناطق المتاخمة للسحايا.
فيروسيّة
الفيروسات التي تسبب التهاب السحايا تشمل الفيروسات المعوية، وفيروس الحلأ (الهربس) البسيط (عمومًا من النوع 2 الذي ينتج معظم القروح التناسلية؛ النوع الأول هو أقل شيوعًا كمسبّب لالتهاب السحايا)، وفيروس الحماق النطاقي (المعروف عن التسبب بالجديري والهربس النطاقي)، وفيروس النكاف، وفيروس نقص المناعة البشرية، وفيروس التهاب السحايا والمشيميات اللمفاوي. التهاب السحايا مولاريت هو الشكل المتكرّر المزمن من التهاب السحايا الهربسي، يُعتقد أن سببها فيروس الهربس البسيط نوع 2.
فطريّة
وهناك عدد من عوامل الخطر لمرض التهاب السحايا الفطرية، بما في ذلك استخدام الأدوية المُثبطة للمناعة (مثلاً بعد زراعة الأعضاء)، وفيروس نقص المناعة البشرية / الإيدز، وفقدان المناعة المرتبط بالشيخوخة. وهو غير شائع عند من لديهم نظام مناعة طبيعي ولكن قد تحدث مع تلوّث الدواء. الأعراض بداية تكون عادة أكثر تدرُّجًا، مع صداع وحمى يتواجدان على الأقل لبضعة أسابيع قبل التشخيص. والتهاب السحايا الفطرية الأكثر شيوعا هو التهاب السحايا بالمستخفيات بسبب المستخفية المورمة. في أفريقيا، التهاب السحايا بالمستخفيات الآن هو السبب الأكثر شيوعًا لالتهاب السحايا في دراسات متعددة، وتمثل 20-25٪ من الوفيات المرتبطة بالإيدز في أفريقيا. أما غيرها من مسببات الأمراض الفطرية أقل شيوعا التي يمكن أن تسبب التهاب السحايا فتشمل: الكروانية اللدودة، والنوسجة المغمدة، والبُرعُمِيَّة المُلهِبة للجلد، والمُبيَضَّات.
طفيليّة
وغالبا ما يفترض سبب طفيلي عندما يكون هنا غلبة للحمضات (نوع من خلايا الدم البيضاء) في السائل النخاعي الشوكي. الطفيليات الأكثر شيوعا في تورطها هي دودة الأسطوانية الكنتونية، الفغمية المقنفذة، البلهارسيا، فضلا عن الظروف داء الكيسات المذنبة، داء السهميات، baylisascariasis ، جانبية المناسل، وعدد من الإنتانات النادرة وغير الإنتانات.
غيرالمعدية
التهاب السحايا قد يحدث نتيجة لعدة أسباب غير معدية: انتشار السرطان إلى السحايا (التهاب السحايا الورمي أو الخبيث) وبعض الأدوية (مضادات الالتهاب غير الستيرويدية والمضادات الحيوية والغلوبولينات المناعية الوريدية) ويمكن أيضا أن يكون بسبب العديد من الالتهابات اللاإنتانية، مثل الساركويد (التي كانت تسمى آنذاك الغرناوية العصبية )، اضطرابات النسيج الضام مثل الذئبة الحمامية الجهازية، وبعض أشكال التهاب الأوعية الدموية، كمرض بهجت. الكيسة البشرانية والكيسة الجلدانية قد تسببان التهاب السحايا عن طريق تحرير مواد مهيجة في المسافة تحت العنكبوتية. ونادرا قد يسبب الصداع النصفي التهاب السحايا، ولكن عادة ما يتم هذا التشخيص فقط عند نفي الأسباب الأخرى.
آلية المرض
يمكن أن تصاب الأغشية المخية مباشرة بالعدوى ويحدث ذلك للأطفال الصغار المصابين بعدوى وتقيح سائل بالأذن ويمكن أن تحدث أيضا في الكسور الخطيرة في الجمجمة حيث تتلوث الأغشية المخية بالميكروبات من الجو أو من جلد المصاب. التهاب السحايا وتسمم الدم والأمراض الفتاكة التي يمكن أن تقتل في ساعات.
يصاب الإنسان أحيانا في الحالات الشديدة بفقدان السمع وفقدان الوعي ومن ثم الموت. وتحدث العدوى عن طريق استنشاق رذاذ الهواء الملوث بالبكتيريا، حيث تدخل بداية إلى الجهاز التنفسي وتتكاثر، ومن ثم تنتقل عن طريق الدم إلى الجهاز العصبي ،وبالتحديد إلى اغشية الدماغ ،وتفرز السموم هناك ومن الظواهر الملفتة لهذه البكتيريا أنه يسهل امتصاصها بوساطة كريات الدم البيضاء التي تتجمع عند الأغشية الملتهبة وتعيش البكتيريا في المسالك الأنفية والأغشية المخية ومنها تنتشر أثناء الحديث أو السعال.
التشخيص
التصوير و اختبارات الدم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق