الجمعة، 23 أغسطس 2019

عروة بن الزبير ودوره في نشأة وتطور مدرسة المدينة التاريخية



جهاد محمود توفيق أحمد عبدالغفار





عروة بن الزبير


ودوره في نشأة وتطور مدرسة المدينة التاريخية




المقدمة:

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.



أما بعد:

إن علم التاريخ من أهم وأشرف العلوم؛ لذلك دائمًا ما نتذكر قوله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [يوسف: 111].



إن المسلمين هم أول من منهج التاريخ كعلم، ووجهه نحو الشمول، وكانت نظرتهم إِليه كسجل للعبر والمعرفة وحركة الحياة في مسار الزمن نابعة من القرآن الكريم، والسنة المطهرة؛ لذلك لا مفر من العودة إلي المنهج الإسلامي في كتابة التاريخ، بعد انتشار المناهج المنحرفة في عالمنا المعاصر، التي شوهت قضية الفكر التاريخي في حضارة المسلمين، ووضعت في آفاقه غيومًا كالحة أخفت ملامح أصالته وشموليته.



سيكون موضوع البحث عن دور عروة بن الزبير بن العوام في نشأة وتطور مدرسة المدينة التاريخية.



سأعرض في البحث كيف عكف العلماء المسلمون ومنهم عروة بن الزبير؛ على تدوين السيرة النبوية الشريفة وكل ما يتعلق بحياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، حيث إن القرن الأول إلى مطالع القرن الثاني انصب على الاهتمام خاصة، وتحت ضغط المتدينين والحاجة الدينية والسياسية إلى مواضيع محددة من السيرة النبوية، وقد ظهر في هذه الفترة من رجال الطبقة الأولى في مدرسة المدينة التاريخية عروة بن الزبير؛ الذي روى جوانب من السيرة سميت " المغازي" لأنها تهتم بحياة النبي - صلى الله عليه وسلم.



بينما عن خطة البحث فقد كانت كالتالي:

لقد قمت بعد الاستعانة بالله بعمل البحث وقسمته إلى مقدمة وثلاثة مباحث رئيسة ثم خاتمة أوضحت فيها أهم النتائج التي توصلت إليها خلال البحث، ثم ذكرتُ قائمة بالمصادر والمراجع في نهاية البحث.



أما عن تقسيم المباحث الثلاثة فكالتالي:

المبحث الأول: ترجمة عروة بن الزبير بن العوام.

المبحث الثاني: مدرسة المدينة التاريخية.

المبحث الثالث: دور عروة بن الزبير في نشأة وتطور مدرسة المدينة التاريخية.



فأرجو من الله التوفيق، فإن وفقت فذلك من الله ومن فضله وكرمه عليَّ، وأما الثانية فمن نفسي، وبشريتي، وشيطاني، والكمال لله وحده رب العالمين، وصل اللهم وبارك وسلم على خير الخلق محمد - صلى الله عليه وسلم.






المبحث الأول


ترجمة عروة بن الزبير بن العوام


هو أبو عبدالله عُروة بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبدالعُزَّى بن كلاب القرشيّ المدني الفقيه الحافظ، هو أحد فقهاء المدينة السبعة، أبوه الزبير بن العوام أحد الصحابة العشرة المشهود لهم بالجنة، جدته صفية بنت عبدالمطلب أم أبيه الزبير وعمة النبي - صلى الله عليه وسلم.



أمه ذات الناطقين أسماء بنت أبى بكر الصديق - رضي الله عنها - ومن أخوته عبدالله بن الزبير، ومصعب بن الزبير ولكنه أخو عُروة من أبيه، فإنه لم يكن من أم عروة وعبدالله.




ومن أولاد عُروة بن الزبير:

عبد الله وعمر والأسود وأم كلثوم وعائشة.

ولد عُروة بن الزبير في سنة تسع وعشرين (29هـ)، وتوفى سنة 93هـ - في قرية يقال لها فُرْع وهى من ناحية الرَّبذة، بينها وبين المدينة أربع ليالٍ، وهى ذات نخيل ومياه[1].



أصيب عُروة بالأكلة في رجله وهو بالشام عند الوليد بن عبدالملك، فقطعت رجله، والوليد مشغول عنه بمن يحدثه، فلم يتحرك عروة، ولم يشعر الوليد أنها قطعت حتى كويت فوجد رائحة الكي، ولم يترك عُروة ورده تلك الليلة، حتى قدم إلي المدينة فقال: " اللهم إنه كان لي أطراف أربعة فأخذت واحدًا وأبقيت لي ثلاثة، فلكَ الحمد، وأيم الله لئن أخذت لقد أبقيت، ولئن ابتليت لطالما عافيت"[2].



عاش عروة بعد قطع رجله ثماني سنين، ويذكر العتبي أن المسجد الحرام جمع بين عبدالملك بن مروان وعبد الله بن الزبير وأخويه عُروة ومصعب أيام تألفهم بعهد معاوية بن أبى سفيان، فقال بعضهم: هلم فلنتمنه، فقال عبدالله: مُنيتي أن أملك الحرمين وأنال الخلافة، وقال مصعب: مُنيتي أن أملك العراقيين وأجمع بين عقليتي قريش سكينة بنت الحسين وعائشة بنت طلحة، وقال عبدالملك بن مروان: مُنيتي أن أملك الأرض كلها وأخلف معاوية، فقال عروة: لست في شيء مما أنتم فيه، فمُنيتي الزهد في الدنيا والفوز بالجنة في الآخرة، وأن أكون ممن يُروْى عنى هذا العلم، قال: فصرف الدهر من صرفه إلى أن بلغ كل واحد منهم إلى أمله، وكان عبدالملك لذلك يقول: من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى عروة بن الزبير[3].



احتفر عروة بئر عُروة التي بالمدينة، وهى منسوبة إِليه، وليس بالمدينة بئر أعذب من مائها[4].



عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قالت لي عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها ـ: "أبوك والله من الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح"[5].






المبحث الثاني


مدرسة المدينة التاريخية


تعد مدرسة المدينة التاريخية أو مدرسة (الحجاز) من كبرى المدارس التاريخية بل المدرسة الأولى في التاريخ؛ فقد عظم الاهتمام الإسلامي بهذه المدرسة، ولعل السبب في ذلك أن المدينة كانت عاصمة الرسول والخلفاء من بعده - صلى الله عليه وسلم -، ومركز تجمع الصحابة والبلد الأساسي للدين الجديد صاحب الدولة والفتوح، فأكثر كتاب السيرة الأولين كانوا من أهل المدينة؛ لأن أكثر أحداث السيرة من تشريع مدني و مغازِ كان النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها، وكان من حوله أصحابه، وهم أعرف الناس بتلك الأخبار[6].



فعندما جاء الإسلام، وقامت الدولة العربية، ومست الحاجة إلى معرفة سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - العربي وأحواله واستقصاء السنة، توفر رجال على جمع أخبار السيرة وتدوينها، فكان ذلك بد اشتغال العرب في الإسلام بالتاريخ، على أن التاريخ لم يخرج يومئذ عن كونه فرعًا من فروع علم الحديث، فلذلك ارتبطت مدرسة المدينة التاريخية منذ نشأتها بدراسة مغازي - صلى الله عليه وسلم -، ومن ثم يكون اصطلاح مدرسة المغازي مرادفًا لمصطلح المدرسة التاريخية الأولى في المدينة [7].



ومن أشهر رواة مدرسة المدينة التاريخية:

أبان بن عثمان بن عفان (ت105هـ)، عُروة بن الزبير (ت93هـ)، وهب ابن منبه (ت 110هـ)، ثم انتهاء علم السيرة والمغازي إلى رجلين من الموالى هما: محمد ابن إسحاق (ت152هـ)، ومحمد بن عمر الواقدي (ت 207هـ)[8].



ومن الملاحظ أن تسجيل الأحاديث النبوية لم يبدأ إلا في القرن الثاني للهجرة، وقد تأخر هذا التسجيل؛ لنهى النبي عن كتابة أحاديثه في حياته، حتى لا يختلط البعض بينها وبين القرآن، وعنه - صلى الله عليه وسلم - قال: " لا تكتبوا عنى غير القرآن، ومن كتب عنى غير القرآن فليمحه، وحدثوا عنى ولا حرج، ومن كذب عليَّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". ويبدو واضحًا من الحديث النهى عن الكتابة ولكنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عن الرواية[9].



بدأ المسلمون تأريخهم بهجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وقد اهتم أوائل الرواد في مدرسة المدينة التاريخية بجمع وتبويب الأحاديث النبوية، والأخبار المأثورة الواردة في سيرته - صلى الله عليه وسلم - قبل البعثة وبعدها؛ ولذلك كانت المدينة المدرسة التاريخية الأولى للثقافة الإسلامية، والمهد الأول لعلم التاريخ الذي بدأ بالسير والمغازي [10].






المبحث الثالث


دور عروة بن الزبير في نشأة وتطور مدرسة المدينة التاريخية


من العلماء التابعين لمدرسة المدينة التاريخية - عروة بن الزبير - كان من أعلم أهل المدينة، فهو أحد فقهاء المدينة السبعة، فقد نشأ فيها ودرس على شيوخها، ثم أقام في مصر في بداية النصف الثاني من القرن الأول الهجري حيث استقر فيها، وتردد على العواصم الإسلامية فزار دمشق والتقى بعلمائها، وقد نشأ محبًا للعلم زاهدًا في الدنيا[11].



كان عروة ابن الزبير أول من ألف في المغازي، أي كتب حول حياة الرسول وحول أحداث الإسلام وقد أخذ عنه محمد بن إسحاق (ت 152هـ)، والواقدي (ت 207هـ)، والطبري (ت 310هـ)، ومع ذلك لم يصلنا كتاب دونه عروة عن السيرة النبوية، فكل ما وصلنا عنه كتابات كتبها غيره عنه أمثال الواقدي ت207هـ، والطبري ت310هـ[12].



كان لعروة عددٌ من الأعمال التاريخية: فقد سجل بعث رسول الله، ونزول الوحي عليه وهو يتعبد بغار حراء، وذكر وفاة السيدة خديجة بنت خويلد، وذكر هجرة الرسول إلى الحبشة، وسبباختيارها للهجرة، حيث ذكر أنها كانت متجرًا لقريش - أي مألوفة لأهل مكة - وكان بها ملك عادل لا يظلم عنده أحد، وبعض أسماء من هاجر إليها، ومحاولةقريش إرجاع المسلمين المهاجرين إلى الحبشة، وتحدث عن هجرة الرسول من مكة إلى المدينة، وسرية عبدالله بن جحش، ومسألة القتال في الأشهر الحرم، وما نزل في ذلك من القرآن، وغزوة بدر الكبرى 2هـ/624م، وقدتحدث فيها عن دعاء الرسول على المشركين، واختلاف كلمة المشركين، ورغبةبعضهم في العودة، وترك القتال، وبعض أسماء من قتل من المشركين، واستشهد منالمسلمين فيها، وغزة بني قينقاع 2هـ/624م، وغزة بني المصطلق (المُرَيسيع) 6هـ - /627م، وصلح الحديبية 6هـ /628م، وغزوة خيبر 7هـ /628م، وغزوة حنين والطائف 8هـ /630م، ورسل الرسول إلى الملوك، وحجة الوداع، وتجهيزرسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أسامة، ومرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ووفاته في بيت عائشة، وعمره حين توفى، وإشارته إلى فضل أبي بكر، ووصيته بالأنصار قبل موته، كما تناول عصر الخلفاء الراشدين وصولا إلى عصر عبدالملك بن مروان، الذي عرفه عروة في صباه، وكان يجتمع إليه في المسجد الجامع بالمدينة المنورة[13].



وقد كتب عروة إلى عبدالملك بن مروان أخبارًا عن فجر الإسلام، وهذا واضح في روايات الطبري عن عروة، قال: حدثني أبى قال: حدثنا أبان العطار، قال: حدثنا هشام بن عروة، عن عروة، أنه كتب إلى عبدالملك بن مروان: أما بعد، فإنه - يعنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما دعا قومه لما بعثه الله من الهدى والنور الذي أنزل عليه، لم يبعدوا من أول من دعاهم، وكادوا يسمعون له، حتى ذكر طواغيهم، وقدم ناس من الطائف من قريش لهم أموال، أنكروا ذلك عليه، واشتدوا عليه، وكرهوا ما قال لهم، وأغروا به من أطاعهم، فـانصفق عنه عامة الناس (أي بعدوا عنه وتركوه)، فتركوه إلا من حفظه الله منهم، وهم قليل، فمكث بذلك ما قدر الله أن يمكث، ثم ائتمرت، رءوسهم بأن يفتنوا من تبعه عن دين الله من أبنائهم وإخوانهم وقبائلهم......، فقد كان الخليفة عبدالملك بن مروان حريصًا على توجيه أسئلة تاريخية إلى عروة بن الزبير، وكان عروة يجيبه عنها، وخاصة فيما يتصل بسيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - [14].



ولم تقتصر روايات عروة عن حياة الرسول فحسب، إنما امتدت رواياته إلى ما بعد عهد الرسول، فتناول حوادث القادسية، وموقعة اليرموك، وبعض وقائع الشام، كما اهتم أيضًا بأخبار الزبيريين [15].



كانت نشأة عُروة بن الزبير في حجر خالته (السيدة عائشة)، حيث تعلم منها معنى كل آية، ومعنى كل حديث يستفسر منها عنه، حتى أصبح مستودع علم، كما أنه استفاد من علم ابن المسيب الذي كان يكبره بسبع أو ثماني سنوات، فكل الأحاديث التي روتها أمنا عائشة جاءت إِلينا عن طريقه كما روى الحديث عن كثير من الصحابة الكرام أمثال: علي بن أبى طالب، وابن عباس، وأبو أيوب الأنصاري، كما أخذ عنه من التابعين أمثال: قتادة بن دعامة، وزيد بن أسلم، ويحيى بن سعيد الأنصاري[16].



قال محمد بن شهاب الزهري عن عروة: كان عروة بحرًا لا ينزف، وهذا معناه أن معارف عروة شملت الحديث والتفسير والشعر والفقه، إضافة إلى السيرة والمغازي التي لا ينازعه فيها منازع من شيوخ عصره[17].



تعد روايات عروة من المصادر المهمة، حيث وصل إلينا كثير من رواياتعروة التاريخية متناثرة عند ابن هشام في " السيرة "، والواقدي في " المغازي "، وابن سعد في "الطبقات"، والطبري في "تاريخ الرسل والملوك"، وابن الأثير في "أسد الغابة"، والذهبي فيكتابيه "السيرة " " والمغازي "، وابن كثير في "البداية والنهاية"، والسيوطي في " الخصائص"، وقد أخذ عنه الطبري أخبار الردة في روايات قصيرة موجزة[18].



وما أخذه ابن هشام، وابن سعد، والواقدي، والطبري، عن عروة. يكشف منهج عروة التاريخي، وهو كالتالي:

ورغم كثرة الروايات التاريخية عنعروة، إلا أننا لا نستطيع أن نعرف أو نحدد بإيضاح المنهج الذي سلكه في كتابةرواياته أو جمعها؛ لأن هذه الروايات كما ذكرت وردت متناثرة في ثنايا الكتب (كما فعل ذلك الواقدي، والطبري)، إضافة إلى أن المؤرخين الذين حفظوها لنا كانوا في بعض الأحيان لا ينقلونالرواية كاملة، وإنما يأخذون منها ما يحتاجون لدمجه في روايات أخرى لتكوين الفكرة التي يريدون عرضها أو تقديمها.



1- إن روايات عروة كانت بسيطة تخلو من المبالغة وتستمد معلوماتها من مصادر أولية هامة. من عائشة وآل الزبير.



2- تنوع روايات عروة، حيث إنه روى عن سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وامتد رواياته إلى عصر الخلفاء الراشدين، وروى لعبدالملك بن مروان روايات عن فجر الإسلام، وتحدث عن بعض المعارك الشهيرة أمثال: معركة القادسية، ومعركة اليرموك.



3- اهتم بالرواية الشفوية، فقد أخذها عن ثقات الرواة، فقد روى عن عائشة، وأسامة بن زيد، وعبدالله بن عمرو بن العاص، وأبى ذر الغفاري.



4- عناية عروة بالوثائق المكتوبة مثل: رسائل الرسول إلى عبدالله بن جحش، ولعله أضحى بذلك من أوائل الذين وضعوا للسيرة النبوية منهجًا علميًا أصيلا، يعتمد على الوثيقة[19].



5- كان منهج رجال الطبقة الأولى بل رجال الطبقات الثلاث في مدرسة المدينة التاريخية منهجًا واحدًا، وهو الرواية القائمة على الإسناد.



6- كان عروة مثل غيره من الإخباريين يورد الشعر كثيرًا، ويستعين به لا يتحرج من ذلك، ولكنه كان لا يفتى بما لا يعرف، ويمسك عن إبداء رأيه في الحوادث، ويقف عند الحديث والمأثور[20].



7- حياد عروة التام واستقلاليته، فهو لم يشترك في الأحداث السياسية التي عاشتها الأمة الإسلامية في عصره، وكان يعتزل أهل الجور في زمانه، فهذا يضفى أهمية كبرى على كتابات عروة بن الزبير بن العوام[21].



8- كان عروة يربط بين تفسير القرآن والأحداث التاريخية[22].



9- الإيجاز والاختصار على الجانب المهم من الراوية أو الخبر.



10- أنهكان يمهد للحادثة التي يتكلم عنها في مقدمة توضح سببها قبل ذكرتفاصيلها، ومثال ذلك: تمهيده لهجرة المسلمين إلى الحبشة بقوله: " لما دعا - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قومه لما بعثه الله من الهدى والنورالذي أنزل عليه، ولم يبعدوا منه أول ما دعاهم، وكادوا يسمعون له، حتىذكر طواغيتهم، وقدم ناس من الطائف من قريش لهم أموال، أنكروا ذلك عليهواشتدوا عليه... ثم ائتمرت رءوسهم بأن يفتنوا من تبعه عن دين الله منأبنائهم وإخوانهم وقبائلهم، فكانت فتنة شديدة الزلزال على من اتبع رسولالله - صلى الله عليه وسلم - فافتتن من افتتن، وعصم الله منهم من شاء، فلمافعل ذلك بالمسلمين أمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخرجوا إلى أرضالحبشة[23].



11- عند حديثه عن غزوات الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو المعارك الإسلامية كانيقدم مع أحداث الغزوة قائمة بأسماء من شهدها ومن استشهد فيها فيقول مثلاً: ممن شهد بدرًا أبو حذيفة بن عتبة، وثابت بن حسان، وممن شهد أحدًاثعلبة بن ساعدة، وممناستشهد باليمامة بشير بن عبدالله الأنصاري.



12- حرصه على إيراد التواريخ وبدقة تامة فيقول عن نزول الوحي " عرض لهجبريل ليلة السبت وليلة الأحد، ثم أتاه بالرسالة يوم الاثنين لسبع عشرة ليلةخلت من شهر رمضان، ورسول الله ابن أربعين "، ووصفه لمرض ووفاةأبي بكر الصديق " كان أول ما بدأ مرض أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنهاغتسل يوم الاثنين لسبع خلت من جمادى الآخرة، وكان يومًا باردًا فحُمَّخمسة عشر يوماً لا يخرج إلى الصلاة.... وتوفى ليلة الثلاثاء لثمان ليالٍبقين من جُمادى سنة 13هـ، وكانت خلافته سنتين وأربعة أشهر إلا أربع ليالٍ، فتوفي وهو ابن ثلاث وستين سنة.



الخاتمة

الحمد لله الذي أكرمنا بالإسلام، وهدانا للإيمان، وعصمنا من الضلالة وعلمنا بعد الجهالة، وهدانا إلى أقوم الطريق، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وخاتم النبيين، ورحمة الله للعالمين سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -.



وبعد:

لقد استعرضت في هذا البحث دور عروة بن الزبير في نشأة وتطور مدرسة المدينة التاريخية.



وقد توصلت في هذا البحث إلي عدة نتائج ومنها:

♦ لا عجب أن تكون روايات عروة في التاريخ من الراويات الموثوق فيها؛ فهو سليل عائلة كريمة الحسب والنسب والشرف والمقام.


♦ إن مدرسة المدينة المنورة كانت الأم لباقي المدارس التاريخية؛ فهي من كبرى المدارس التاريخية.


♦ كان كتاب السيرة النبوية أغلبهم من المدينة وكانوا من أبناء صحابة الرسول وقد أتاح لهم قربهم من عاصمة الإسلام - بعد مكة - أن يرووا الأحداث كما سمعوها من أقرب الناس إليها - وإن انتقل عنهم هذه الأخبار - على طريق الإسناد كما في رواية الحديث - في الأمصار.


♦ كان عروة واسع المعرفة، محيطا بالسير والمغازي، حتى إنه أول من ألف في هذا الفن.


♦ صبر عروة وتحمله لما وقعت الأكلة في رجله، واحتيج إلي قطعها.


♦ تعدد معارف عروة وكثرتها، حتى قال عنه الزهري: كان عروة بحرًاً لا ينزف.



قائمة المصادر والمراجع:

أولا: المصادر:

1- القرآن الكريم.



2- ابن الأثير ( ت360هـ)، الكامل في التاريخ، تحقيق أبى الفداء عبدالله القاضي، م2، دار الكتب العلمية ( بيروت - لبنان)، الطبعة الأولى 1407هـ - 1987م.



3- الإمام الجوزي، صفة الصفوة، تحقيق: مركز الدراسات والبحوث، مكتبة نزار مصطفى الباز، الطبعة الأولى 1417هـ - 1996م.



4- الخطيب البغدادي (ت 463هـ)، تاريخ بغداد، تحقيق: مصطفى عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية (بيروت - لبنان)، الطبعة الأولى1417هـ 1997م.



5- أبو العباس أحمد بن حسن بن على بن الخطيب (الشهير بابن قنقذ القسنطيني)، الوفيات، تحقيق: عادل نويهض، منشورات دار الأفاق الجديدة بيروت، الطبعة الأولى 1971م.



6- الإمام أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل (ت 164 - 241هـ)، فضائل الصحابة، تحقيق/ وصي الله بن محمد بن عباس، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1403هـ -1983م.



7- ابن حجر العسقلاني (ت 463هـ)، الإصابة في تمييز الصحابة، ج4، المكتبة التجارية الكبرى 1358هـ- 1939م.



8- ابن خلكان (ت 681هـ)، وفيات الأعيان، تحقيق: إحسان عباس، دار صادر بيروت.



9- الذهبي (ت748هـ)، العبر في خبر من غبر، تحقيق: صلاح الدين المنجد، مكتبة التراث العربي (الكويت) 1960م، وتاريخ الإسلام، تحقيق: عمر عبدالسلام تدمري، ج6، دار الكتاب العربي 1423ه - ـ2003م، وسير أعلام النبلاء، ج1، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وحسين الأسد، مؤسسة الرسالة، الطبعة الحادية عشر1417هـ- 1996م.



10- ابن سعد، الطبقات الكبرى، دراسة وتحقيق: محمد عبدالقادر عطا، دار الكتب العلمية (بيروت - لبنان).



11- السيوطي (ت 911هـ)، طبقات الحفاظ، تحقيق: علي محمد المنياوي، مكتبة وهبة، الطبعة الأولى 1393هـ - 1973م.



12- الطبري (310هـ)، تاريخ الرسل والملوك، ج9، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، الطبعة الرابعة.



13- ابن كثير (ت774هـ)، البداية والنهاية، تحقيق: أحمد عبدالوهاب فتيح، ج3، دار الحديث القاهرة - الطبعة الخامسة 1418هـ - 1998م.



14- أبى نعيم بن عبدالله الأصفهاني، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ج2، مطبعة السعادة 1412ه - 1992م.



15- الواقدي (ت 207هـ)، المغازي، تحقيق: مارسدن جونس، ج1، مطبعة جامعة أكسفورد 1966م، وطبعة أخرى باسم مغازي رسول الله، نشرتها جماعة نشر الكتب القديمة، الطبعة الأولى 1367هـ - 1948م.



16- ياقوت الحموي (ت 626هـ)، معجم البلدان، م1، دار صادر بيروت.



ثانيًا: المراجع:

1- أحمد أمين، فجر الإسلام، مكتبة النهضة المصرية، الطبعة الرابعة عشر1987م.



2- أحمد بن محمد الأدنروي، طبقات المفسرين، تحقيق: سليمان بن صالح الخزى، مكتبة العلوم والحكمة، الطبعة الأولى 1417هـ - 1997م.



3- أمين مدنى، التاريخ العربي ومصادره، دار المعارف بمصر1971م.



4- سعد القاضي، مائة من الصحابة وقائدهم محمد - صلى الله عليه وسلم -، ج3، دار غريب للطباعة والنشر2002م.



5- شوقي أبو خليل، أطلس السيرة النبوية، دار الفكر دمشق - سورية، الطبعة الأولى 2002م.



6- شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، دار العلم للملايين.



7- عبدالعزيز عبدالغني إبراهيم، التاريخ تاريخه وتفسيره وكتابته، الدار السودانية للكتب 1420هـ - 1999م.



8- عبدالعليم عبدالرحمن خضر، المسلمون وكتابة التاريخ، المعهد العالمي للفكر الإسلامي، الطبعة الأولى 1414هـ - 1993م.



9- فتحية عبدالفتاح النبراوي، علم التاريخ دراسة في مناهج البحث، دار الأفاق العربية، الطبعة الثانية 1416هـ - 1996م.



10- محمد الغزالي، فقه السيرة، دار الكتب بمصر، الطبعة الأولى 1373هـ.



11- محمد فتح الله كولن، النور الخالد محمد - صلى الله عليه وسلم - مفخرة الإنسانية، ترجمه: أورخان محمد علي، دار النيل للطباعة، الطبعة الخامسة 1430هـ - 2009م.



12- محمود محمد الطناحي، الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنفات وتعريفات العلوم، مكتبة الخانجي بالقاهرة، الطبعة الأولى 1406هـ - 1985م.



13- محمد نصر مهنا وجلال الشايب، التدوين التاريخي ودور المخطوطات السياسية في العالم الإسلامي، دار الفجر للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى 1996م.



14- محمد يوسف الكاندهلوي، حياة الصحابة، مكتبة دار التراث.



15- هرنشو، علم التاريخ، ترجمة عبدالحميد العبادي، سلسلة المعارف العامة، مطبعة لجنة التأليف والترجمة 1937م.



16- وضعها لجنة من أدباء الأقطار العربية، التراجم والسير، دار المعارف.



17- يوسف بن إسماعيل، غزوات الرسول - صلى الله عليه وسلم -، منشورات دار المعارف.



ثالثًا: الرسائل العلمية:

1- عروة بن الزبير فقهيًا، الطالب صلاح عبدالتواب سعداوي؛ إشراف د/ إبراهيم محمد عبدالرحيم، 1424هـ - 2004م (رسالة ماجستير).



رابعًا الدوريات العلمية:

1- عبدالرحيم الحسناوي، تدوين التاريخ عند العرب من البدايات إلى مقدمة ابن خلدون، مجلة الرافد، تصدر عن دائرة الثقافة والإعلام (شبكة النت).



2- يوسف رزين، نشأة علم التاريخ عند العرب، مجلة الحوار المتمدن، العدد4023، 2013م.






[1] ابن خلكان، وفيات الأعيان، م3 ص255، وللمزيد انظر (الإمام الجوزي، صفة الصفوة، ص 153 - 156، أبى العباس أحمد بن حسن علي بن الخطيب، الوفيات، ص89، السيوطي، طبقات الحفاظ، ص 23، الذهبي، أعلام النبلاء، ج1 ص41 - 67، عروة بن الزبير فقهيًا، صلاح عبدالتواب سعداوي، ص14 - 17، ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج5ص136).




[2] الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ص 467 - 468.




[3] مصدر سابق (ابن خلكان) ص 256 - 258، ومحمد فتح الله كولن، النور الخالد محمد - صلى الله عليه وسلم - مفخرة الإنسانية، ص722 - 733.




[4] ياقوت الحموي، معجم البلدان، م1 ص 300 - 301، وللمزيد انظر (ابن خلكان، ص257).




[5] سعد القاضي، مائة من الصحابة وقائدهم - صلى الله عليه وسلم -، ج2 ص125.




[6] شاكر مصطفى، التاريخ العربي والمؤرخون، ص 149، وللمزيد انظر (عبدالعليم عبدالرحمن خضر، المسلمون وكتابة التاريخ، ص83، ورسالة سابقة عروة بن الزبير فقهيًا، ص9.




[7] فتحية النبرواى، علم التاريخ دراسة في مناهج البحث، ص91، و هرنشو، علم التاريخ، ص53.




[8] شاكر مصطفى (مرجع سابق)، ص151 - 152.




[9] عبدالعزيز عبدالغنى إبراهيم، التاريخ تاريخه وتفسيره وكتابته، ص77.




[10] أمين مدنى، التاريخ العربي ومصادره، ج2 ص 174، وللمزيد انظر (محمد نصر مهنا، التدوين التاريخي ودور المخطوطات السياسية في العالم الإسلامي)، ص80.




[11] أحمد أمين، فجر الإسلام، ص175 - 176، وللمزيد انظر (شوقي أبو خليل، أطلس السيرة النبوية، أحمد بن محمد الأدنروي، طبقات المفسرين، ص5، الذهبي، تاريخ الإسلام، ج6 ص424 - 427، والتراجم والسير، ص 30.




[12] أبى نعيم أحمد بن عبدالله الأصفهاني، حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ج2ص 180.




[13] الواقدي، المغازي، ص305 - 307، وللمزيد انظر (ابن كثير، البداية والنهاية، ج3 ص157 - 167، محمد الغزالي، فقه السيرة، ص 219، الطبري، تاريخ الرسل والملوك، 406 - 610، ابن الأثير، الكامل في التاريخ، م2 ص81، يوسف بن إسماعيل النبهاني، غزوات الرسول، ص33، محمود محمد الطناحى، الموجز في مراجع التراجم والبلدان، ص42.




[14] انظر مصدر سابق (الواقدي)، ص20 - 21، وابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج4 ص349.




[15] انظر مرجع سابق (محمد فتح الله كولن)، ص 723.




[16] انظر مرجع سابق (محمد فتح الله كولن)، ص732.




[17] أبى عبدالله محمد بن حنبل، فضائل الصحابة، ج2 ص 733، والذهبي، العبر في خبر من غبر، ج1 ص 111.




[18] عبدالرحمن الحسناوي، تدوين التاريخ العربي من البدايات إلى مقدمة ابن خلدون، مجلة الرافد، صادرة عن دائرة الثقافة والإعلام.




[19] عبدالعزيز عبدالغنى إبراهيم، التاريخ تاريخه وتفسيره وكتابته، ص80.




[20] المرجع السابق نفسه (عبدالعزيز عبدالغنى إبراهيم)، ص 80، وللمزيد انظر (محمد يوسف الكاندهلوي، حياة الصحابة، ج1 ص514، شاكر مصطفى (التاريخ العربي والمؤرخون)، ص152.




[21] انظر (أبى القيم أحمد بن عبدالله الأصفهاني) مصدر سابق، ج2 ص180.




[22] يوسف رزين، نشأة علم التاريخ عند العرب، العدد 4032، 2013م.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زياد علي

زياد علي محمد