الجمعة، 23 أغسطس 2019

الترجمة الكاملة لابن عباس من سير اعلام النبلاء

عبد الله بن عباس البحر حبر الأمة وفقيه العصر وإمام التفسير أبو العباس عبد الله ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس بن عبد المطلب شيبة بن هاشم واسمه عمرو بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر القرشي الهاشمي المكي الأمير رضي الله عنه مولده بشعب بني هاشم قبل عام الهجرة بثلاث سنين صحب النبي صلى الله عليه وسلم نحوا من ثلاثين شهرا وحدث عن بجملة صالحة وعن عمر وعلي ومعاذ ووالده وعبد الرحمن بن عوف وأبي سفيان صخر بن حرب وأبي ذر وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وخلق وقرأ على أبي وزيد قرأ عليه مجاهد وسعيد بن جبير وطائفة روى عنه ابنه علي وابن أخيه عبد الله بن معبد ومواليه عكرمة ومقسم وكريب وأبو معبد نافذ وأنس بن مالك وأبو الطفيل وأبو أمامة بن سهل وأخوه كثير بن العباس وعروة بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله وطاووس وأبو الشعثاء جابر وعلي بن الحسين وسعيد بن جبير ومجاهد بن جبر والقاسم بن محمد وأبو صالح السمان وأبو رجاء العطاردي وأبو العالية وعبيد بن عمير وابنه عبد الله وعطاء بن يسار وإبراهيم بن عبد الله بن معبد وأربدة التميمي صاحب التفسير وأبو صالح باذام وطليق بن قيس الحنفي وعطاء بن أبي رباح والشعبي والحسن وابن سيرين ومحمد بن كعب القرظي وشهر بن حوشب وابن أبي مليكة وعمرو بن دينار وعبيد الله بن أبي يزيد وأبو جمرة نصر بن عمران الضبعي والضاحك بن مزاحم وأبو الزبير المكي وبكر بن عبد الله المزني وحبيب بن أبي ثابت وسعيد بن أبي الحسن وإسماعيل السدي وخلق سواهم وفي التهذيب من الرواة عنه مئتان سوى ثلاثة أنفس وأمه هي أم الفضل لبابة بنت الحارث بن حزن بن بجير الهلالية من هلال بن عامر وله جماعة أولاد أكبرهم العباس وبه كان يكنى وعلي أبو الخلفاء وهو أصغرهم والفضل ومحمد وعبيد الله ولبابة وأسماء وكان وسيما جميلا مديد القامة مهيبا كامل العقل ذكي النفس من رجال الكمال وأولاده الفضل ومحمد وعبيد الله ماتوا ولا عقب لهم ولبابة ولها أولاد وعقب من زوجها علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب وبنته الأخرى أسماء وكانت عند ابن عمها عبد الله بن عبيد الله بن العباس فولدت له حسنا وحسينا انتقل ابن عباس مع أبويه إلى دار الهجرة سنة الفتح وقد أسلم قبل ذلك فإنه صح عنه أنه قال كنت أنا وأمي من المستضعفين أنا من الولدان وأمي من النساء

روى خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس قال مسح النبي صلى الله عليه وسلم رأسي ودعا لي بالحكمة شبيب بن بشر عن عكرمة عن ابن عباس قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المخرج وخرج فإذا تور مغطى قال من صنع هذا فقلت أنا فقال اللهم علمه تأويل القرآن قال ابن شهاب عن عبيد الله عن ابن عباس قال أقبلت على أتان وقد ناهزت الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى

وروى أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال توفي النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر رواه شعبةله وغيره عنه وقال هشيم أخبرنا أبو بشر عن سعيد عنه جمعت المحكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقبض وأنا ابن عشر حجج وقال شعبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن خمس عشرة سنة وأنا ختين قال الواقدي لا خلاف أنه ولد في الشعب وبنو هاشم محصورون فولد قبل خروجهم منه بيسير وذلك قبل الهجرة بثلاث سنين ألا تراه يقول وقد راهقنا الاحتلام وهذا أثبت مما نقله أبو بشر في سنه

قال أحمد بن حنبل فيما رواه ابنه عبد الله عنه حديث أبي بشر عندي واه قد روى أبو إسحاق عن سعيد فقال خمس عشرة وهذا يوافق حديث عبيد الله بن عبد الله قال الزبير بن بكار توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولابن عباس ثلاث عشرة سنة قال أبو سعيد بن يونس غزا ابن عباس إفريقية مع ابن أبي سرح وروى عنه من أهل مصر خمسة عشر نفسا قال أبو عبد الله بن مندة أمه هي أم الفضل أخت أم المؤمنين ميمونة ولد قبل الهجرة بسنتين وكان أبيض طويلا مشربا صفرة جسيما وسيما صبيح الوجه له وفرة يخضب بالحناء دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالحكمة قلت وهو ابن خالة خالد بن الوليد المخزومي سعيد بن سالم حدثناابن جريج قال كنا جلوسا مع عطاء في المسجد الحرام فتذاكرنا ابن عباس فقال عطاء ما رأيت القمر ليلة أربع عشرة إلا ذكرت وجه ابن عباس

إبراهيم بن الحكم بن أبان عن أبيه عن عكرمة قال كان ابن عباس إذا مر في الطريق قلن النساء على الحيطان أمر المسك أم مر ابن عباس الزبير حدثني ساعدة بن عبيد الله المزني عن داود بن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر أن عمر دعا ابن عباس فقربه وكان يقول إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاك يوما فمسح رأسك وتفل في فيك وقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل داود مدني ضعيف حماد بن سلمة وغيره عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن عبد الله قال بت في بيت خالتي ميمونة فوضعت للنبي صلى الله عليه وسلم غسلا فقال من وضع هذا قالوا عبد الله فقال اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين

أخبرنا إسحاق الأسدي أخبرنا ابن خليل أخبرنا اللبان أخبرنا الحداد أخبرنا أبو نعيم حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم حدثنا ابن أبي العوام حدثنا عبد الله بن بكر حدثنا حاتم بن أبي صغيرة عن عمرو بن دينار أن كريبا أخبره عن ابن عباس قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم من اخر الليل فجعلني حذاءه فلما انصرفت قلت وينبغي لأحد أن يصلي حذاءك وأنت رسول الله فدعا الله أن يزيدني فهما وعلما حاتم بن أبي صغيرة عن عمرو بن دينار عن كريب عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له أن يزيده الله فهما وعلما

ورقاء سمعت عبيد الله بن أبي يزيد عن ابن عباس وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءا فقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل وعن ابن عباس دعا لي رسول الله بالحكمة مرتين كوثر بن حكيم واه عن نافع عن ابن عمر مرفوعا إن حبر هذه الأمة ابن عباس تفرد به عنه محمد بن يزيد الرهاوي عبد المؤمن بن خالد عن ابن بريدة عن ابن عباس انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل فقال له جبريل إنه كائن هذا حبر الأمة فاستوص به خيرا حديث منكر تفرد به سعدان بن جعفر عن عبد المؤمن حماد بن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قال كنت مع أبي عند النبي صلى الله عليه وسلم وكان كالمعرض عن أبي فخرجنا من عنده فقال ألم تر ابن عمك كالمعرض عني فقلت إنه كان عنده رجل يناجيه قال أو كان عنده أحد قلت نعم فرجع إليه فقال يا رسول الله هل كان عندك أحد فقال لي هل رأيته يا عبد الله قال نعم قال ذاك جبريل فهو الذي شغلني عنك، أخرجه أحمد في مسنده

المنهال بن بحر حدثنا العلاء بن محمد عن الفضل بن حبيب عن فرات بن السائب عن ميمون بن مهران عن ابن عباس قال مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثياب بيض نقية وهو يناجي دحية بن خليفة الكلبي وهو جبريل وأنا لا أعلم فقال من هذا فقال ابن عمي قال ما أشد وسخ ثيابه أما إن ذريته ستسود بعده ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت من يناجيني قلت نعم قال أما إنه سيذهب بصرك إسناده لين ثور بن زيد الديلي عن موسى بن ميسرة أن العباس بعث ابنه عبد الله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فوجد عنده رجلا فرجع ولم يكلمه فلقي العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فقال أرسلت إليك ابني فوجد عندك رجلا فلم يستطع أن يكلمه فقال يا عم تدري من ذاك الرجل قال لا قال ذاك جبريل لقيني لن يموت ابنك حتى يذهب بصره ويؤتى علما روى سليمان بن بلال والدراوردي عن ثور نحوه وقد رواه محمد ابن زياد الزيادي عن الداراوردي فقال عن أيوب عن موسى بن ميسرة عن بعض ولد العباس فذكره زكريا بن ابي زائدة عن الشعبي دخل العباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ير عنده أحدا فقال له ابنه عبد الله لقد رأيت عنده رجلا فسأل العباس النبي صلى الله عليه وسلم فقال ذاك جبريل هذا مرسل حبان بن علي عن رشدين بن كريب عن أبيه عن ابن عباس قال أتيت خالتي ميمونة فقلت إني أريد أن أبيت الليلة عندكم فقالت وكيف تبيت وإنما الفراش واحد فقلت لا حاجة لي به أفرش إزاري وأما الوساد فأضع رأسي مع رؤوسكما من وراء الوسادة قال فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته ميمونة بما قال ابن اعباس فقال هذا شيخ قريش إسناده ضعيف قرأت على إسحاق بن طارق أخبركم ابن خليل أخبرنا اللبان أخبرنا أبو علي المقرىء أخبرنا أبو نعيم حدثنا حبيب حدثنا عبد الله البغوي حدثنا داود بن عمرو حدثنا نافع بن عمر عن ابن أبي مليكة قال سئل ابن عباس ما بلغ من هم يوسف قال جلس يحل هميانه فصيح به يا يوسف لا تكن كالطير له ريش فإذا زنى قعد ليس له ريش

صالح بن رستم الخزاز عن ابن أبي مليكة صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة فكان إذا نزل قام شطر الليل فسأله أيوب كيف كانت قراءته قال قرأ " وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد " فجعل يرتل ويكثر في ذلك النشيج ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال ابن عباس ذهب الناس وبقي النسناس قيل ما النسناس قال الذين يشبهون الناس وليسوا بالناس ابن طاووس عن ابيه عن ابن عباس قال لي معاوية أنت على ملة علي قلت ولا على ملة عثمان أنا على ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن طاووس قال ما رأيت أحدا أشد تعظيما لحرمات الله من ابن عباس جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم عن عكرمة عن ابن عباس قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار هلم نسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم اليوم كثير فقال واعجبا لك يا ابن عباس أترى الناس يحتاجون إليك وفي الناس من أصحاب النبي عليه السلام من ترى فترك ذلك وأقبلت على المسألة فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل فآتيه وهو قائل فأتوسد ردائي على بابه فتسفي الريح علي التراب فيخرج فيراني فيقول يا ابن عم رسول الله ألا أرسلت إلي فآتيك فأقول أنا أحق أن آتيك فأسألك قال فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس علي فقال هذا الفتى أعقل مني عبد الملك بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير قال كان ناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في إدنائه ابن عباس دونهم قال وكان يسأله فقال عمر أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله فسألهم عن هذه السورة " إذا جاء نصر الله " النصر فقال بعضهم أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجا أن يحمده ويستغفره فقال عمر يا ابن عباس تكلم فقال أعلمه متى يموت أي فهي آتيك من الموت فسبح بحمد ربك واستغفره

وروى نحوه أحمد في مسنده حدثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن ابن عباس قال وجدت عامة علم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا الحي من الأنصار إن كنت لآتي الرجل منهم فيقال هو نائم فلو شئت أن يوقظ لي فأدعه حتى يخرج لأستطيب بذلك قلبه

يزيد بن إبراهيم عن سليمان الأحول عن طاووس عن ابن عباس قال إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إسناده صحيح

ابن عيينة عن أبي بكر الهذلي عن الحسن قال كان ابن عباس من الإسلام بمنزل وكان من القرآن بمنزل وكان يقوم على منبرنا هذا فيقرأ البقرة وآل عمران فيفسرهما آية آية وكان عمر رضي الله عنه إذا ذكره قال ذلك فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول إسرائيل أخبرنا سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال كل القرآن أعلمه إلا ثلاثا الرقيم وغسلين وحنانا يحيى بن يمان عن عبد الملك بن أبي سليمان عن سعيد بن جبير قال قال عمر لابن عباس لقد علمت علما ما علمناه عاصم بن كليب عن أبيه عن ابن عباس قال دعاني عمر مع الأكابر ويقول لي لا تتكلم حتى يتكلموا ثم يسألني ثم يقبل عليهم فيقول ما منعكم أن تأتوني بمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شؤون رأسه معمر عن الزهري قال قال المهاجرون لعمر ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس قال ذاكم فتى الكهول إن له لسانا سؤولا وقلبا عقولا

موسى بن عبيدة عن يعقوب بن زيد قال كان عمر يستشير ابن عباس في الأمر إذا أهمه ويقول غص غواص أبو يحيى الحماني حدثنا عمرو بن ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير قال عمر لا يلومني أحد على حب ابن عباس وعن مجالد عن الشعبي قال قال ابن عباس قال لي أبي يا بني إن عمر يدنيك فاحفظ عني ثلاثا لا تفشين له سرا ولا تغتابن عنده أحدا ولا يجربن عليك كذبا ابن علية حدثنا أيوب عن عكرمة أن عليا حرق ناسا ارتدوا عن الإسلام فبلغ ذلك ابن عباس فقال لم أكن لأحرقهم أنا بالنار إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تعذبوا بعذاب الله وكنت قاتلهم لقوله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه فبلغ ذلك عليا فقال ويح ابن أم الفضل إنه لغواص على الهنات

الواقدي حدثنا أبو بكر بن أبي سبرة عن موسى بن سعد عن عامر ابن سعد بن أبي وقاص سمعت أبي يقول ما رأيت أحدا أحضر فهما ولا ألب لبا ولا أكثر علما ولا أوسع حلما من ابن عباس لقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات فيقول قد جاءت معضلة ثم لا يجاوز قوله وإن حوله لأهل بدر الواقدي حدثنا موسى بن محمد التيمي عن أبيه عن مالك بن أبي عامر سمع طلحة بن عبيد الله يقول لقد أعطي ابن عباس فهما ولقنا وعلما ما كنت أرى عمر يقدم عليه أحدا

الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عبد الله بن مسعود قال لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عشره منا أحد وفي رواية ما عاشره

الأعمش حدثونا أن عبد الله قال ولنعم ترجمان القرآن ابن عباس

الأعمش عن إبراهيم قال قال عبد الله لو أن هذا الغلام أدرك ما أدركنا ما تعلقنا معه بشيء الواقدي حدثنا مخرمة بن بكير عن أبيه عن بسر بن سعيد عن محمد بن أبي بن كعب سمع أباه يقول وكان عنده ابن عباس فقام فقال هذا يكون حبر هذه الأمة أرى عقلا وفهما وقد دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفقهه في الدين وعن عكرمة سمعت معاوية يقول لي مولاك والله أفقه من مات ومن عاش ويروى عن عائشة قالت أعلم من بقي بالحج ابن عباس قلت وقد كان يرى متعة الحج حتما قرأت على إسماعيل بن عبد الرحمن أخبركم عبد الله بن أحمد الفقيه سنة سبع عشرة وست مئة أخبرنا محمد بن عبد الباقي أخبرنا علي ابن محمد بن محمد الأنباري أخبرنا أبو الحسين بن بشران أخبرنا إسماعيل بن محمد أخبرنا أحمد بن منصور حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن علي بن بذيمة عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس قال قدم على عمر رجل فجعل عمر يسأله عن الناس فقال يا أمير المؤمنين قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا فقلت والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة قال فزبرني عمر ثم قال مه فانطلقت إلى منزلي مكتئبا حزينا فقلت قد كنت نزلت من هذا بمنزلة ولا أراني إلا قد سقطت من نفسه فاضطجعت على فراشي حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع فبينا أنا على ذلك قيل لي أجب أمير المؤمنين فخرجت فإذا هو قائم على الباب يتنظرني فأخذ بيدي ثم خلا بي فقال ما الذي كرهت مما قال الرجل انفا قلت يا أمير المؤمنين إن كنت أسأت فإني أستغفر الله وأتوب إليه وأنزل حيث أحببت قال لتخبرني قلت متى ما يسارعوا هذه المسارعة يحتقوا ومتى ما يحتقوا يختصموا ومتى ما اختصموا يختلفوا ومتى ما يختلفوا يقتتلوا قال لله أبوك لقد كنت أكتمها الناس حتى جئت بها ابن سعد أخبرنا أبو بكر بن محمد بن أبي مرة مكي حدثنا نافع بن عمر حدثني عمرو بن دينار أن أهل المدينة كلموا ابن عباس أن يحج بهم فدخل على عثمان فأمره فحج ثم رجع فوجد عثمان قد قتل فقال لعلي إن أنت قمت بهذا الأمر الآن ألزمك الناس دم عثمان إلى يوم القيامة وعن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس أنه قال لعلي لما قال سر فقد وليتك الشام فقال ما هذا برأي ولكن اكتب إلى معاوية فمنه وعده قال لا كان هذا أبدا وعن عكرمة سمعت عبد الله يقول قلت لعلي لا تحكم أبا موسى فإن معه رجلا حذرا مرسا قارحا من الرجال فلزني إلى جنبه فإنه لا يحل عقدة إلا عقدتها ولا يعقد عقدة إلا حللتها قال يا ابن عباس فما أصنع إنما أوتى من أصحابي قد ضعفت نيتهم وكلوا هذا الأشعث يقول لا يكون فيها مضريان أبدا فعذرت عليا الواقدي حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله قال كان ابن عباس قد فات الناس بخصال بعلم ما سبق وفقه فيما احتيج إليه من رأيه وحلم ونسب ونائل وما رأيت أحدا أعلم بما سبقه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه ولا أعلم بما مضى ولا أثقب رأيا فيما احتيج إليه منه ولقد كنا نحضر عنده فيحدثنا العشية كلها في المغازي والعشية كلها في النسب والعشية كلها في الشعر ابن جريج عن طاووس قال ما رأيت أروع من ابن عمر ولا أعلم من ابن عباس وقال مجاهد ما رأيت أحدا قط مثل ابن عباس لقد مات يوم مات وإنه لحبر هذه الأمة

الأعمش عن مجاهد قال كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه ابن أبي نجيح عن مجاهد قال ما سمعت فتيا أحسن من فتيا ابن عباس إلا أن يقول قائل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن طاووس قال أدركت نحوا من خمس مئة من الصحابة إذا ذاكروا ابن عباس فخالفوه فلم يزل يقررهم حتى ينتهوا إلى قوله قال يزيد بن الأصم خرج معاوية حاجا معه ابن عباس فكان لمعاوية موكب ولابن عباس موكب ممن يطلب العلم

الأعمش حدثنا أبو وائل قال خطبنا ابن عباس وهو أمير على الموسم فافتتح سورة النور فجعل يقرأ ويفسر فجعلت أقول ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثل هذا لو سمعته فارس والروم والترك لأسلمت وروى عاصم بن بهدلة عن أبي وائل مثله روى جويبر عن الضحاك قال ما رأيت بيتا أكثر خبزا ولحما من بيت ابن عباس سليم بن أخضر عن سليمان التيمي قال أنبأني من أرسله الحكم ابن أيوب إلى الحسن فسأله من أول من جمع الناس في هذا المسجد يوم عرفة فقال إن أول من جمع ابن عباس وعن مسروق قال كنت إذا رأيت ابن عباس قلت أجمل الناس فإذا نطق قلت أفصح الناس فإذا تحدث قلت أعلم الناس قال القاسم بن محمد ما رأيت في مجلس ابن عباس باطلا قط

قال سفيان بن عيينة لم يدرك مثل ابن عباس في زمانه ولا مثل الشعبي في زمانه ولا مثل الثوري في زمانه أبو عامر الخزاز عن ابن أبي مليكة صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة فكان يصلي ركعتين فإذا نزل قام شطر الليل ويرتل القرآن حرفا حرفا ويكثر في ذلك من النشيج والنحيب معتمر بن سليمان عن شعيب بن درهم عن أبي رجاء قال رأيت ابن عباس وأسفل من عينيه مثل الشراك البالي من البكاء عبد الوهاب الخفاف عن أبي أمية بن يعلى عن سعيد بن أبي سعيد قال كنت عند ابن عباس فجاءه رجل فقال يا ابن عباس كيف صومك قال أصوم الاثنين والخميس قال ولم قال لأن الأعمال ترفع فيهما فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم إسحاق بن سليمان الرازي سمعت أبا سنان عن حبيب بن أبي ثابت أن أبا أيوب الأنصاري أتى معاوية فشكا دينا فلم ير منه ما يحب فقدم البصرة فنزل على ابن عباس ففرغ له بيته وقال لأصنعن بك كما صنعت برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال كم دينك قال عشرون ألفا فأعطاه أربعين ألفا وعشرين مملوكا وكل ما في البيت

وعن الشعبي وغيره أن عليا رضي الله عنه أقام بعد وقعة الجمل بالبصرة خمسين ليلة ثم سار إلى الكوفة واستخلف ابن عباس على البصرة ووجه الأشتر على مقدمته إلى الكوفة فلحقه رجل فقال من استخلف أمير المؤمنين على البصرة قال ابن عمه قال ففيم قتلنا الشيخ أمس بالمدينة قال فلم يزل ابن عباس على البصرة حتى سار إلى صفين فاستخلف أبا الأسود بالبصرة على الصلاة وزيادا على بيت المال قلت وقد كان علي لما بويع قال لابن عباس اذهب على إمرة الشام فقال كلا أقل ما يصنع بي معاوية إن لم يقتلني الحبس ولكن استعمله وبين يديك عزله بعد فلم يقبل منه وكذلك أشار على علي أن لا يولي أبا موسى يوم الحكمين وقال ولني أو فول الأحنف فأراد علي ذلك فغلبوه على رأيه قال أبو عبيدة في تسمية أمراء علي يوم صفين فكان على الميسرة ابن عباس ثم رد بعد إلى ولاية البصرة ومما قال حسان رضي الله عنه فيما بلغنا

إذا ما ابن عباس بدا لك وجهه * رأيت له في كل أقواله فضلا

إذا قال لم يترك مقالا لقائل * بمنتظمات لا ترى بينها فصلا

كفى وشفى ما في النفوس فلم يدع * لذي أرب في القول جدا ولا هزلا

سموت إلى العليا بغير مشقة * فنلت ذراها لا دنيا ولا وغلا

خلفت حليفا للمروءة والندى * بليجا ولم تخلق كهاما ولا خبلا

روى العتبي عن أبيه قال لما سار الحسين إلى الكوفة اجتمع ابن عباس وابن الزبير بمكة فضرب ابن عباس على جيب ابن الزبير وتمثل

يا لك من قنبرة بمعمر * خلا لك الجو فبيضي واصفري

ونقري ما شئت أن تنقري

خلا لك والله يا ابن الزبير الحجاز وذهب الحسين فقال ابن الزبير والله ما ترون إلا أنكم أحق بهذا الأمر من سائر الناس فقال إنما يرى من كان في شك ونحن فعلى يقين لكن أخبرني عن نفسك لم زعمت أنك أحق بهذا الأمر من سائر العرب فقال ابن الزبير لشرفي عليهم قال أيما أشرف أنت أم من شرفت به قال الذي شرفت به زادني شرفا قال وعلت أصواتهما حتى اعترض بينهما رجال من قريش فسكتوهما وعن عكرمة قال كان ابن عباس في العلم بحرا ينشق له الأمر من الأمور وكان النبي صلى الله عليه وسلمقال اللهم ألهمه الحكمة وعلمه التأويل فلما عمي أتاه الناس من أهل الطائف ومعهم علم من علمه أو قال كتب من كتبه فجعلوا يستقرؤونه وجعل يقدم ويؤخر فلما رأى ذلك قال إني قد تلهت من مصيبتي هذه فمن كان عنده علم من علمي فليقرأ علي فإن إقراري له كقراءتي عليه قال فقرؤوا عليه تلهت تحيرت والأصل ولهت كما قيل في وجاه تجاه أبو عوانة عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس أنه لم يكن يدخل الحمام إلا وحده وعليه ثوب صفيق يقول إني أستحي الله أن يراني في الحمام متجردا أبو عوانة عن أبي الجويرية قال رأيت إزار ابن عباس إلى نصف ساقه أو فوق ذلك وعليه قطيفة رومية وهو يصلي رشدين بن كريب عن أبيه قال رأيت ابن عباس يعتم بعمامة سوداء فيرخي شبرا بين كتفيه ومن بين يديه ابن جريج عن عثمان بن أبي سليمان أن ابن عباس كان يتخذ الرداء بألف أبو نعيم حدثنا سلمة بن شابور قال رجل لعطية ما أضيق كمك قال كذا كان كم ابن عباس وابن عمر

مالك بن دينار عن عكرمة كان ابن عباس يلبس الخز ويكره المصمت عن عطية العوفي قال لما وقعت الفتنة بين ابن الزبير وعبد الملك ارتحل ابن عباس ومحمد ابن حنفية بأهلهما حتى نزلوا مكة فبعث ابن الزبير إليهما أن بايعا فأبيا وقالا أنت وشأنك لا نعرض لك ولا لغيرك فأبى وألح عليهما وقال والله لتبايعن أو لأحرقنكم بالنار فبعثا أبا الطفيل عامر بن واثلة إلى شيعتهم بالكوفة فانتدب أربعة آلاف فحملوا السلاح حتى دخلوا مكة ثم كبروا تكبيرة سمعها أهل مكة وانطلق ابن الزبير من المسجد هاربا حتى دخل دار الندوة وقيل بل تعلق بأستار الكعبة وقال أنا عائذ ببيت الله قال ثم ملنا إلى ابن عباس وابن الحنفية قد عمل حول دورهم الحطب ليحرقها فخرجنا بهم حتى نزلنا بهم الطائف ولأبي الطفيل الكناني حين منع ابن الزبير عبد الله بن عباس من الاجتماع بالناس كان يخافه وإنما أخر الناس عن بيعة ابن عباس أن لو شاء الخلافة ذهاب بصره

لا در در الليالي كيف تضحكنا * منها خطوب أعاجيب وتبكينا

ومثل ما تحدث الأيام من غير * في ابن الزبير عن الدنيا تسلينا

كنا نجيء ابن عباس فيقبسنا * فقها ويكسبنا أجرا ويهدينا

ولا يزال عبيد الله مترعة * جفانه مطعما ضيفا ومسكينا

فالبر والدين والدنيا بدارهما * ننال منها الذي نبغي إذا شينا

إن الرسول هو النور الذي كشفت * به عمايات ماضينا وباقينا

ورهطه عصمة في ديننا ولهم * فضل علينا وحق واجب فينا

ففيم تمنعهم منا وتمنعنا * منهم وتؤذيهم فينا وتؤذينا

لن يؤتي الله إنسانا ببغضهم * في الدين عزا ولا في الأرض تمكينا

قال ابن عبد البر في ترجمة ابن عباس هو القائل ما روي عنه من وجوه

إن يأخذ الله من عيني نورهما * ففي لساني وقلبي منهما نور

قلبي وعقلي غير ذي دخل * وفي فمي صارم كالسيف مأثور

قال سالم بن أبي حفصة عن أبي كلثوم أن ابن الحنفية لما دفن ابن عباس قال اليوم مات رباني هذه الأمة ورواه بعضهم فقال عن منذر الثوري بدل أبي كلثوم قال حسين بن واقد المروزي حدثنا أبو الزبير قال لما مات ابن عباس جاء طائر أبيض فدخل في أكفانه رواها الأجلح عن أبي الزبير فزاد فكانوا يرون أنه علمه وروى عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير نحوه وزاد فما رئي بعد يعني الطائر

حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن بجير بن أبي عبيد قال مات ابن عباس بالطائف فلما خرجوا بنعشه جاء طير عظيم أبيض من قبل وج حتى خالط أكفانه ثم لم يروه فكانوا يرون أنه علمه قال ابن حزم في كتاب الإحكام جمع أبو بكر محمد بن موسى ابن يعقوب بن المأمون أحد أئمة الإسلام فتاوى ابن عباس في عشرين كتابا أخبرنا أحمد بن سلامة في كتابه عن ابن كليب أخبرنا ابن بيان أخبرنا ابن مخلد أخبرنا الصفار حدثنا ابن عرفة حدثنا مروان بن شجاع عن سالم الأفطس عن سعيد قال مات ابن عباس بالطائف فجاء طائر لم ير على خلقته فدخل نعشه ثم لم ير خارجا منه فلما دفن تليت هذه الاية على شفير القبر لا يدرى من تلاها " يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية " الفجر رواه بسام الصيرفي عن عبدالله بن يامين وسمى الطائر غرنوقا رواه فرات بن السائب عن ميمون بن مهران شهدت جنازة ابن عباس بنحو من حديث سالم الأفطس فهذه قضية متواترة

قال علي بن المديني توفي ابن عباس سنة ثمان أو سبع وستين وقال الواقدي والهيثم وأبو نعيم سنة ثمان وقيل عاش إحدى وسبعين سنة ومسنده ألف وست مئة وستون حديثا وله من ذلك في الصحيحين خمسة وسبعون وتفرد البخاري له بمئة وعشرين حديثا وتفرد مسلم بتسعة أحاديث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

زياد علي

زياد علي محمد